الإمام الباقر عليه السلام وأثره في التّفسير

الدكتور حكمت عبيد الخفاجي

الإمام الباقر عليه السلام وأثره في التّفسير

المؤلف:

الدكتور حكمت عبيد الخفاجي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البلاغ
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٠

يتبين من هذه النصوص أن الإمام الباقر (عليه‌السلام) كان يستنطق النص القرآني والسنة النبوية ، ويستشعر هديهما إذ أن أكثر ما روي عنه كان متضمنا في الغالب لمعنى مباشر من القرآن الكريم أو معنى غير مباشر من السنة الشريفة وذلك دأبه حتى عند ما يلقي دروسه في العرفان والأخلاق وهذا ما ستبينه المباحث الآتية من هذه الدراسة.

ثالثا : آفات العلم وعلاجها

حدد الإمام الباقر (عليه‌السلام) بنظرة ثاقبة ما يصيب العلم من داء إذا استفحل أضاعه وأنهاه ألا وهو النسيان ، فقد روي أنه قال لكل شيء آفة وآفة العلم النسيان (١).

لم يعين الإمام هذه الآفة من دون أن يضع لها علاجا ، أو عدة أنواع من العلاج يمكن أن يكون في أول الأمر وقاية من هذا الداء الذي يعد في نظر العلماء من أفتك الأمراض التي تصيب العلم.

ومن تلك العلاجات التي وضعها الإمام هي مجالسة العلماء والأتقياء في قوله : لمجلس أجلسه إلى من أثق به أوثق في نفسي من عمل سنة (٢).

وهل يوصي الإمام بغير مجالسة العلماء في هذا النص إذ لا يمكن أن يتصور أنه يثق بغير هذه الشريحة الاجتماعية المرموقة من جهة وتلك المجالسات هي من أنفع العلاجات لمرض النسيان من جهة أخرى.

ودعا الإمام إلى المذاكرة في العلوم بوصفها علاجا آخر لهذا المرض الخطير لأنها تفتح آفاقا واسعة في ميدان المعارف والعلوم فتراه يقول : تذاكر العلم دراسة والدراسة صلاة (٣).

رابعا : آداب المتعلم

ولا بد للذي يروم تحصيل العلم بالتردد على مجالس العلماء أن يتأدب بآداب علمية خاصة يستطيع من خلالها أن يحصل على أكبر قدر ممكن من المعارف والمعلومات ، فوضع الإمام الباقر (عليه‌السلام) برنامجا عمليا لآداب المتعلمين

__________________

(١) حلية الأولياء ، أبو نعيم الأصفهاني ، ٣ / ١٨٣.

(٢) أصول الكافي ، الكليني ، ١ / ٣٤.

(٣) المصدر نفسه ، ١ / ٤١.

٨١

في قوله : إذا جلست إلى عالم فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول ، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن القول ولا تقطع على أحد حديثه (١).

إذن لا بد لطالب العلم من حسن الإنصات لما يسمع من شيخه أو معلمه وإلا فاته الكثير ولم يظفر إلا بالقليل.

ولكن الإمام الباقر (عليه‌السلام) لم يجعل حسن الاستماع هو كل ما يجب أن يفعله المتعلم إزاء العالم بل حث على السؤال من أهل العلم ، ليقينه بأن إثارة الأسئلة في حلقة الدرس يعني الكثير من المناقشة وبالتالي بعني الإفادة للسائل والمسئول في أن واحد ، وهذه المسائل لا تحتاج إلى مزيد توضيح فنراه يقول : العلم خزائن والمفاتيح السؤال ، فاسألوا يرحمكم الله ، فإنه يؤجر في العلم أربعة : السائل والمتكلم والمستمع والمحب لهما (٢).

خامسا : تحذيره من إضاعة العلم

وحذر الإمام الباقر (عليه‌السلام) من إضاعة العلم بالمعنى المحسوس ، وأحد أوجه أضاعته عنده هو كثرة الضحك ، وما كثرته إلا مذهبة لوقار العالم وهيبته فإذا سلب العالم وقاره ذهب علمه فقد قال بهذا الصدد : إياكم وكثرة الضحك ، فإنه يمج العلم مجا (٣).

سادسا : بذل العلم وإشاعته

إذا اكتملت في طالب العلم آدابه وقطع أشواطا في تحصيله وجب عليه بذله ، فدعا الإمام الباقر (عليه‌السلام) إلى بذل العلم وإشاعته بين الناس حتى لا يبقى جاهل في المجتمع قدر الإمكان ، فيوجههم إلى هذا المعنى في قوله : إن الذي تعلم العلم منكم له أجر مثل الذي يعلمه ، وله الفضل عليه ، تعلّموا العلم من حملة العلم ، وعلموه إخوانكم كما علمكم العلماء (٤).

__________________

(١) ناسخ التواريخ ، محمد تقي الكاشاني ، ٢ / ٢٠٥.

(٢) المصدر نفسه والصفحة.

(٣) الطبقات الكبرى ابن سعد ، ٥ / ٣٢٢.

(٤) ناسخ التواريخ ، محمد تقي الكاشاني ، ٢ / ٢٠٥.

٨٢

سابعا : ما يجب تحصيله من العلوم عند الإمام الباقر (عليه‌السلام)

يحدد الإمام الباقر (عليه‌السلام) الطريق الذي يجب على طالب العلم أن يسير عليه في حياته العلمية ، فيرى الإمام أن التفقه في الدين ومعرفة الحلال والحرام هو العلم المطلوب معرفته وتحصيله ، لأن ما من كمال يصل إليه الإنسان إلا به ، فنراه يوجه أنظار طلابه إليه فيقول : الكمال كل الكمال ، التفقه في الدين ، والصبر على النائبة ، وتقدير المعيشة (١).

وذلك لأن التفقه في الدين مما يحفظ توازن الإنسان ويقوم سلوكه ويبعده عن اقتراف أي انحراف عن الدين ، ولأن المحصلة النهائية لكل ما يتعلمه الإنسان أن يربطه بحياته العملية لئلا يكون مذموما بين الناس إذا خالف سلوكه علمه أو العكس ، فنجد الإمام الباقر (عليه‌السلام) يوجه أنظار المتعلمين إلى وجوب تطبيق ما تعلموه وعلموا على واقع حياتهم العملية فيقول : إذا سمعتم العلم فاستعملوه ، ولتتسع قلوبكم ، فان العلم إذا كثر في قلب رجل لا يحتمله قدر الشيطان عليه ، فإذا خاصمكم الشيطان فاقبلوا عليه بما تعرفون ، فان كيد الشيطان كان ضعيفا ، فقال له ابن أبي ليلى : وما الذي نعرفه؟ فقال الإمام خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله (عزوجل) (٢).

ويقترن دائما قبول العمل بالمعرفة ، فمن يعمل من دون معرفة الله والتسليم لأمره ولا للواجب الذي يؤديه فلا أثر أو نفع لعمله ، فقد قال الإمام الباقر (عليه‌السلام) في هذا الصدد : لا يقبل عمل إلا بمعرفة ، ولا معرفة إلا بعمل ومن عرف دلته معرفته على العمل ، ومن لا يعرف فلا عمل له (٣).

ثامنا : تحذيره من المباهاة في طلب العلم

يطالعنا الإمام الباقر (عليه‌السلام) في نص آخر محذرا أشد ما يكون التحذير من المباهاة في طلب العلم ، يحث فيه أهل العلم أن يجهدوا أنفسهم على التقرب به إلى الله تعالى ، وأن يلتمسوا به الدار الآخرة. فطلب العلم عنده ليس للتباهي

__________________

(١) الخصال ، الشيخ الصدوق ، ٢٢٣.

(٢) جامع السعادات ، النراقي ، ١ / ١٠٦+ أصول الكافي ، الكليني ، ١ / ٤٥.

(٣) تحف العقول ، ابن شعبة الحراني ، ٢٩٤.

٨٣

ولا للمماراة ولا ليعرف به الطبقات العليا في المجتمع فالعلم من الله تبارك وتعالى وإليه ، فقد روي عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) أنه قال في هذا المجال : من طلب العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يعرف به وجوه الناس ، فليتبوأ مقعده من النار ، إن الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها (١).

إذن درجة العلماء عند الإمام الباقر (عليه‌السلام) هي رئاسة على الناس ، فإن كانت كذلك ، فيجب على الرئيس أن يتحلى بأخلاق وصفات يبز بها باقي الناس وبها يتفوق عليهم فتكون له فيهم الكلمة المسموعة والأمر المطاع والقدرة الحسنة ، ولهذا السبب وغيره أثرت عن الإمام مجموعة من الروايات تنهي عن الفتيا بغير علم ، منع فيها من دخول الدخلاء في زمر العلماء لتنصيب بعض الناس أنفسهم بدراية منهم أو لجهل في منصب الافتاء وتلك درجة خطيرة حذر الإمام الباقر (عليه‌السلام) من استغلالها من قبل غير المستحقين لها ، وإليك بعض ما أثر عنه من نصوص :

١ ـ قال الإمام أبو جعفر الباقر : من أفتى الناس بغير علم ولا هدى ، لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه (٢).

٢ ـ وقال : ما علمتم فقولوا ، وما لم تعلموا فقولوا الله أعلم ، إن الرجل ينتزع آية من القرآن يخر فيها أبعد ما بين السماء والأرض (٣).

٣ ـ وقال : للعالم إذا سئل عن شيء وهو لا يعلمه أن يقول : الله أعلم ، وليس لغير العالم أن يقول ذلك (٤).

تاسعا : صفات العالم عند الإمام الباقر (عليه‌السلام)

يصف الإمام الباقر (عليه‌السلام) العلماء ويحدد أبرز ما يميز شخصية العالم عن غيره ، موضحا الأطر العامة لتلك الصفات والشمائل التي يجب أن يتحلى بها العلماء ، في مجموعة من النصوص منها :

__________________

(١) جامع السعادات ، النراقي ، ١ / ١٠٦+ أصول الكافي ، الكليني ، ١ / ٤٧.

(٢) المصدر نفسه والصفحة.

(٣) جامع السعادات ، النراقي ، ١ / ١٠٧.

(٤) تحف العقول ، ابن شعبة الحراني ، ٢٩٧.

٨٤

١ ـ قال الإمام أبو جعفر الباقر : لا يكون العبد عالما حتى لا يكون حاسدا لما فوقه ، ولا محقرا لما دونه (١).

وتلك لعمري من أعظم الآفات وأفتك الأمراض ، فما أن يكون الإنسان حاسدا حتى يلقى الناس منه شرورا وآثاما ، فكيف بالعالم العارف فيجب عليه إذا أن يتواضع للناس محتقرا لنفسه بجنب عظمة الله سبحانه وتعالى.

٢ ـ روى الإمام الباقر (عليه‌السلام) عن الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قوله : إذا رأيتم القارئ ـ أي العالم ـ يحب الأغنياء فهو صاحب دنيا ، وإذا رأيتموه يلزم السلطان من غير ضرورة فهو لص (٢).

إن حب العالم للأغنياء إنما هو الطمع في أموالهم وما يستفيد منهم ، وهذا ليس من أخلاق العلماء الذين أمروا أن يرجو ما عند الله ويتقربوا إليه ، ولا يتقربون أو يرجون غيره. أما ملازمة السلطان أو الوقوف على أبوابهم من غير حاجة فينم عن تملق ذلك العالم فيجر على نفسه الويلات وهو في غنى عنها ، وخير ما قيل في هذا الصدد : إذا وقف العلماء على أبواب السلاطين فبئس العلماء وبئس السلاطين ، وإذا وقف السلاطين على أبواب العلماء فنعم العلماء ونعم السلاطين.

ومن هذه الطائفة المتقدمة من أقوال الإمام الباقر (عليه‌السلام) يتضح لنا ما كان يكنه لهم من التبجيل والاحترام على اختلاف مقاصدهم وتباين فروعهم ، فهم عنده سواسية لا يميز واحدا منهم على الآخر ، لا لتشيعه ولا لأي مقصد آخر ، فنراه مثلا يقول لأبان بن تغلب : اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس فإني أحب أن أرى في شيعتي مثلك (٣).

ونراه في الوقت نفسه يقول : يزيدني حبا لقدومي مكة لقاء عمرو بن دينار (٤)(٥).

__________________

(١) الأخبار الموفقيات ، الزبير بن بكار ، ٤٠٠+ تحف العقول ، ابن شعبة الحراني ، ٢٩٨.

(٢) البداية والنهاية ، ابن كثير الدمشقي ، ٩ / ٣١٠+ الإمام الصادق ، الشيخ محمد أبو زهرة ، ٢٤.

(٣) ظ : ص ١٣٦ من الفصل الثالث من الباب الأول من هذه الرسالة.

(٤) الكنى والأسماء ، الدولابي ، ١ / ١٣٥.

(٥) هو عمرو بن دينار ، أبو محمد الجمحي ، مولاهم ، اليمني ، صنعاني ، المكي ، أحد الأعلام ومن الرواة الستة ، وقد وثقه جمهور العلماء مات أول سنة (١٢٦ ه‍). انظر : بعض مصادر ترجمته : الطبقات الكبرى ، ابن سعد ، ٥ / ٣٥٣+ التاريخ الكبير ، البخاري ، ق ٣ / ٢ / ٨+ شذرات الذهب ، ابن العماد الحنبلي ، ١ / ١٧١.

٨٥

فتلك هي إمامة العلم ورئاسته ، فاستحق بهذا الإمام الباقر (عليه‌السلام) أن يكون مقصد أئمة الفقه والحديث ، فما زار أحد منهم المدينة إلا عرج على بيت محمد الباقر (عليه‌السلام) يأخذ عنه (١).

منهم سفيان الثوري وسفيان بن عيينة محدث مكة وأبو حنيفة فقيه العراق.

وكان الإمام الباقر (عليه‌السلام) يرشد كل من يجيء إليه ويبين له الحق الذي لا عوج فيه ، فمثلا جرت مناقشة بينه وبين أبي حنيفة ، وكان أبو حنيفة قد اشتهر بالقياس في الفقه حتى تناولته الألسن في الملام وإليك بعض ما جرى بينهم :

قال الإمام الباقر : أنت الذي حولت دين جدي وأحاديثه بالقياس؟

قال أبو حنيفة : اجلس مكانك كما يحق لي ، فإن لك عندي حرمة كحرمة جدك (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في حياته على أصحابه. فجلس ، ثم جثا أبو حنيفة بين يديه ثم قال : إني سائلك عن ثلاث كلمات فأجبني الرجل أضعف أم المرأة؟

قال الإمام الباقر : المرأة أضعف.

قال أبو حنيفة : كم سهم المرأة في الميراث؟

قال الإمام الباقر : للرجل سهمان وللمرأة سهم.

قال أبو حنيفة : هذا علم جدك ، ولو حولت دين جدك لكان ينبغي في القياس أن يكون للرجل سهم وللمرأة سهمان ، لأن المرأة أضعف من الرجل ، ثم الصلاة أفضل أم الصوم؟

قال الإمام الباقر : الصلاة أفضل.

قال أبو حنيفة : هذا قول جدك ، ولو حولت قول جدك لكان أن المرأة إذا طهرت من الحيض أمرتها أن تقضي الصلاة ولا تقضي الصوم ، ثم البول أنجس أم النطفة؟

قال الإمام الباقر : البول أنجس.

__________________

(١) الإمام الصادق ، محمد أبو زهرة ، ٢٢.

٨٦

قال أبو حنيفة : لو كنت حولت دين جدك بالقياس لكنت أمرت أن يغتسل من البول ، ويتوضأ من النطفة ، ولكن معاذ الله أن أحول دين جدك بالقياس.

فقام الإمام الباقر (عليه‌السلام) وعانقه وقبل وجهه (١).

وعلّق الشيخ أبو زهرة على هذه المناقشة بالقول من هذا الخبر تتبين إمامة الباقر (عليه‌السلام) للعلماء ، يحضرهم إليه ويحاسبهم على ما يبلغه عنهم أو يبدر منهم ، وكأنه الرئيس يحاكم مرءوسيه ليحملهم على الجادة ، وهم يقبلون طائعين تلك الرئاسة (٢).

وبهذا ينتهي بنا الحديث عما أثر عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) في فضل العلم وتكريم حملته وما ينبغي أن يتصفوا به من معالي الأخلاق ليكونوا قدوة للأمة ، وعن احترامه وحبه الشديد للعلم والعلماء دون سواهم.

المبحث الثاني

علومه ومعارفه

اتجه الإمام الباقر (عليه‌السلام) لخدمة الإسلام في نشر تعاليمه وأحكامه وبسط علومه وما يتفرع منها ، وتكلم على جميع معارفه ، وألقى دروسه على تلاميذه ورواته في كل جزئيات العلوم الإسلامية فلا يكاد يعرف علما من العلوم إلا وللإمام الباقر (عليه‌السلام) فيه رأي أو قول أو رواية.

وانهال عليه رجال العلم من التابعين يغترفون من علومه ومعارفه ، فحفظ أولئك العلماء للإمام الباقر (عليه‌السلام) منزلته وعرفوا مقامه وما وهبه الله تعالى من علوم هم أحوج ما يكونون إليها.

ويمكننا أن ندرك مدى سعة علوم هذا الإمام الجليل من خلال معرفة جملة ممن تتلمذ عليه أو أخذ عنه أو روى له ، فقد أحصينا في الفصل الثالث من هذا الباب من روى عنه في علوم القرآن والتفسير فقط يقارب عددهم الستين بين من

__________________

(١) الإمام الصادق ، محمد أبو زهرة ، ٢٣.

(٢) المصدر نفسه الصفحة.

٨٧

روى بالواسطة أو مباشرة ، وأكثرهم من أئمة العلماء وكبار التابعين أمثال : أبان بن تغلب وزرارة وحمران ابني أعين ومحمد بن مسلم الطائفي وغيرهم.

وهنا نذكر جملة أخرى من الأعلام الذين أخذوا عنه ، لما ذكره العلماء الذين ترجموا للإمام الباقر ، ومنهم :

١ ـ عمرو بن دينار .. الجمحي ، مولاهم ، أبو محمد الكوفي الأثرم (١).

٢ ـ عبد الرحمن .. ابن عمرو الاوزاعي المتوفى سنة (١٥٧ ه‍) ، أحد رؤساء المذاهب البائدة ، وممن احتج به أصحاب الكتب الستة (٢).

٣ ـ عبد الملك .. ابن عبد العزيز بن جريج الأموي ، مولاهم ، أبو الوليد ، المتوفى سنة (١٥٠ ه‍) ، روى عنه ابن سعيد الأنصاري والسفيانان ، وهو أحد الأعلام ، واحتج بحديثه أصحاب الكتب الستة ، وقال عنه أحمد : كان من أوعية العلم (٣).

٤ ـ يحيى بن كثير .. أبو نصر الطائي ، مولاهم ، اليمامي ، المتوفى سنة (١٢٩ ه‍) ، قال شعبة : هو أحسن من الزهري ، وقال أبو حاتم : ثقة لا يروي إلا عن ثقة (٤) ، وهو من رجال الكتب الستة ، ومن الأعلام المشهورين.

٥ ـ ربيعة الرأي .. أبو عثمان ، ربيعة بن عبد الرحمن بن فروخ التيمي ، المتوفى سنة (١٣٦ ه‍) ، احتج به أصحاب الصحاح ، وهو من كبار شيوخ مالك بن أنس ، ومن تلامذة الإمام الباقر (عليه‌السلام) (٥).

وروى عنه الأوزاعي والثوري وسليمان بن بلال وغيرهم.

٦ ـ عبد الله بن أبي بكر .. ابن عمر بن حزم الأنصاري ، المدني ، المتوفى سنة (١٣٥ ه‍) من رجال الكتب الستة ، ومن شيوخ مالك ، وهشام بن عروة

__________________

(١) راجع ترجمته ومصادره في ص ٤٩ في هذا الفصل.

(٢) الطبقات الكبرى ، ابن سعد ، ٧ / ١٧٥+ الكنى والأسماء ، الدولابي ، ٢ / ٤٣+ تهذيب التهذيب ، العسقلاني ، ٦ / ٢٣٨+ الأعلام ، الزركلي ، ٤ / ٩٤.

(٣) التاريخ الكبير ، البخاري ، ق ٣ / ١ / ٤٢٢+ معرفة علوم الحديث ، الحاكم النيسابوري ، ٢٤١+ تهذيب الأسماء ، النووي ، ٧٨٧.

(٤) طبقات الحفاظ ، الذهبي ، ١ / ١٣١.

(٥) تاريخ الإسلام ، الذهبي ، ٤ / ٢٩٩.

٨٨

والسفيانيين وغيرهم. قال النسائي : ثقة ، ثبت ، وقال مالك بن أنس : إنه رجل صدق ، كثير الحديث. وقال ابن سعد : ثقة ، كثير الحديث (١).

٧ ـ حجاج .. ابن ارطاة شراحيل ، النخعي ، الكوفي ، القاضي ، المتوفى سنة (١٤٥ ه‍) ، روى عنه شعبة وهشيم والحمادان والثوري ويزيد بن هارون ، وأخرج له مسلم في صحيحه ، والبخاري في الأدب المفرد ، والأربعة.

قال ابن عينة : سمعت ابن أبي نجيح يقول : ما جاءنا منكم مثله. وقال الثوري : عليكم به فإنه ما بقي أحد أعرف بما يخرج من رأسه منه. وقال العجلي : كان فقيها وكان أحد مفتي الكوفي (٢).

وغيرهم كثير أمثال : أبي حنيفة النعمان المتوفى (١٥٠ ه‍) وقد جاءت رواياته عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) وولده الإمام الصادق في كتب مناقبه وجامع مسانيده ، ومنهم أسلم المنقري المتوفى سنة (١٤٢ ه‍) ومحمد بن إسحاق بن يسار المتوفى سنة (١٥١ ه‍) صاحب المغازي (٣).

وما أخذ هذه الثلة المباركة من العلماء عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) الأخير دليل على اعترافهم بفضله وسعة علومه من جهة وإن الإمام كان معتزلا عن المعترك السياسي لا يخوض فيه من قريب أو بعيد من جهة أخرى ، فوجه كل طاقاته وجهوده نحو العلم وحده متفرغا له ، فرفع مناره وأقام صرحه و (عاش مكرما متفرغا للعلم في عزلته بالمدينة وكان الناس يأتونه فيسألونه عما يشاءون) (٤).

وقد تناول الإمام الباقر (عليه‌السلام) عدة علوم في بحوثه التي ألقاها على تلامذته والعلماء الذين يقصدونه من الأمصار الإسلامية الأخرى في المسجد النبوي الشريف غالبا أو فناء داره نادرا ، ومن تلك العلوم التي اهتم بها الإمام الباقر (عليه‌السلام).

__________________

(١) تهذيب التهذيب ، العسقلاني ، ٥ / ١٦٤+ تاريخ الإسلام ، الذهبي ، ٥ / ٣٦٤.

(٢) المصدر نفسه ، ٢ / ١٩٦.

(٣) تذكرة الحفاظ ، الذهبي ، ١ / ١٦٣.

(٤) عقيدة الشيعة ، روايت م. رونلدس ، ١٢٣.

٨٩

أولا : الحديث الشريف

أولى الإمام الباقر (عليه‌السلام) المزيد من اهتمامه في الحديث الوارد عن جده رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وعن آبائه الطاهرين ، فهو المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم وله من الأهمية البالغة في الشريعة الإسلامية فهو يتولى تخصيص عمومات الكتاب أو تقييد مطلقاته وبيان ناسخه من منسوخه ، كما يعرض لأحكام فقهية في العبادات والمعاملات وإعطاء القواعد الكلية التي يتمسك بها الفقهاء لاستنباطهم للحكم الشرعي ، فلذلك عنى به الإمام الباقر (عليه‌السلام) وتبناه بصورة إيجابية ، وقد حمل عنه الرواة تلك الأحاديث.

واهتم الإمام الباقر (عليه‌السلام) بفهم الحديث الشريف والوقوف على معطياته ، وجعل المقياس في فضل الراوي هو فهمه ومعرفته لمضامينه ، فقد روى عنه الإمام الصادق (عليه‌السلام) إنه قال : اعرف منازل الشيعة على قدر رواياتهم ومعرفتهم ، فإن المعرفة هي الدراية للحديث ، وبالدراية للرواية يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان (١).

ويكاد لا يخلو مصدر من المصادر الحديثية عند الفريقين من روايات للإمام الباقر (عليه‌السلام) ، فقد احتج به وصحح حديثه البخاري (٢) ، ومسلم (٣) ، وأصحاب السنن ، والبيهقي (٤) والطبراني (٥) ، ناهيك عن المصادر الحديثية عند الإمامية فقد زخرت بمروياته.

وقد عرضنا في الفصل الثالث من هذا الباب بشيء من التفصيل لموقف العلماء من روايات الإمام الباقر (عليه‌السلام) المرسلة عن جده رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وكذلك بالنسبة لرواياته عن بعض الصحابة ، وقدمنا ما رأيناه معالجة ـ والله أعلم ـ لتلك المواقف والتقريب بينها في شأن تلك المرويات.

__________________

(١) ناسخ التواريخ ، محمد تقي الكاشاني ، ٢ / ٢١٩.

(٢) ظ : للتفاصيل : الصحيح ، البخاري ، ١ / ٥٥ ، ١ / ٧٢ باب الغسل بالصاع ونحوه ، ١ / ٧٣ ، ٣ / ١٣٧ ، ٣ / ٢١٣ ، ٥ / ١٧٣ وغيرها كنماذج.

(٣) ظ : للتفاصيل : الصحيح ، الإمام مسلم ، ١ / ٢ ، ٥ / ٢٣٣ ، ٦ / ١٤٧ ، ١٥٣ ، ١٦٦ ، ٨ / ١٣٣ ، ٨ / ١٩٤ ، ٩ / ٩ وغيرها كنماذج.

(٤) ظ : للتفاصيل : السنن الكبرى ، البيهقي ، ٣ / ٤١٠ ، ٤١١ كتاب الجنائز ، ٦ / ٣٧ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ١٤٠ ، ١٨٣ ، ٧ / ١٣٩ باب الوكالة في النكاح ، ٧ / ٣٤٦ ، ٣٥١ ، ٨ / ٢٦ ، ٩ / ٣٠٢ ، ٣٠٤ وغيرها كنماذج.

(٥) ظ : للتفاصيل : المعجم الكبير ، الطبراني ، ١٠ / ٣٧١ ، ٣٢٢ ، ٢٣ / ٤٠٩ وغيرها كنماذج.

٩٠

ثانيا : علم الفقه

يمثل فقه الإمام الباقر (عليه‌السلام) امتدادا طبيعيا لفقه جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه‌السلام) وكل الذي أخذ عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) وابنه الإمام الصادق من بعده كونه في محصلته النهائية فقها أثرى عالم التشريع الإسلامي سمي فيما بعد بفقه آل البيت.

ولقد تهيأت الظروف للإمام الباقر (عليه‌السلام) بما لم تتهيأ لغيره من أئمة آل البيت وذلك ما رافق في سنيه من بوادر النقمة على الحكم الأموي وظهور النواة لثورة العباسيين عليهم مما جعل أولئك الحكام لم يعيروا اهتماما لما يقوم به الإمام الباقر (عليه‌السلام) من نشر فقه أهل البيت بعد أن مضى على المسلمين أكثر من قرن من الزمن لا عهد لهم بفقه يختص بآل البيت.

ونحن هنا لسنا بصدد الحديث عن مميزات هذا الفقه أو نشوئه وبداياته أو مقارنته مع فقه باقي العلماء بقدر حديثنا عن جهود الإمام الباقر (عليه‌السلام) في هذا الباب.

فقد جهد الإمام الباقر (عليه‌السلام) وولده الصادق على نشر الفقه الإسلامي كغيرهم من أعلام هذه الأمة في وقت كان المجتمع الإسلامي غارقا في الأحداث السياسية ، فقام الإمام الباقر (عليه‌السلام) بالدور البناء في نشر الفقه الإسلامي وبيان أحكام الشريعة التي قدم من خلالها هذا الإمام الجليل خدمة عظيمة للإسلام والمسلمين ، فحفلت موسوعات الفقه الإمامي خاصة مثل الحدائق الناظرة وجواهر الكلام ومستمسك العروة الوثقى وغيرها بالروايات الكثيرة التي أثرت عنه ، وإليها يرجع فقهاء الإمامية في استنباطهم للأحكام الشرعية وفي إصدارهم للفتوى.

وليس من المستطاع لي أو لغيري تدوين كل ما أثر عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه‌السلام) من المسائل الفقهية ، فإن ذلك يتطلب كتابة بحث أكاديمي منفرد ، فلذلك آثرت أن أعقد مبحثا مستقلا عن تفسيره لآيات الأحكام ما دام تفسيرها يتعلق ببعض ما سجل للإمام الباقر (عليه‌السلام) من فقه امتاز به عن غيره من الفقهاء في عصره والعصور التي تلته ، وكذلك بالنسبة لعلم الكلام وجهود الإمام فيه بتوجيه أنظار الأمة الإسلامية إلى خطر الخوض بهذه القضايا على الرغم من أنه لم يترك مبحثا من مباحثه إلا وخاض فيه كما بيناه في مبحث مستقل أيضا.

٩١

ثالثا : علم أصول الفقه

إن علماء الإسلام عنوا عناية خاصة بعلم أصول الفقه ، وخاضوا غمار أبحاثه وأجهدوا قرائحهم في فسيح مجالاته إلى أن حددوا معالمه ، وسوروه بما يميزه من غيره ، وجعلوه أمرا قائما بذاته ، وغرضهم في ذلك الوصول إلى مقاصد المشرع الحكيم ، ومرامي شريعته الغراء ، وأوجه دلالة ألفاظ الكتاب الكريم وسنة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) على المعاني المقصودة (١). لأن الاجتهاد عندهم يتوقف عليه فإنه لا يكون المجتهد قد حصل على ملكة الاجتهاد حتى يجتهد في بحوث هذا العلم (٢).

وكان أول من ألف في هذا العلم ـ ووصلنا تأليفه ـ هو الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المتوفى (٢٠٤ ه‍) حيث ألف رسالته فيه (٣) ، وذلك استجابة لطلب الحافظ عبد الرحمن بن المهدي البصري المتوفى سنة (١٩٨ ه‍) (٤).

وعن بدايات هذا العلم يقول عبد الوهاب خلاف : بدأ صغيرا كما يوجد كل مولود أول نشأته ثم تدرج في النمو ... بدأ منثورا مفرقا في خلال أحكام الفقه ، لأن كل مجتهد من الأئمة الأربعة وغيرهم كان يشير إلى دليل حكمه ووجه استدلاله به (٥).

ونحن نتكلم هنا على مشاركة الإمام الباقر (عليه‌السلام) فيمن شارك من العلماء آنذاك في جعل ولادة هذا العلم ولادة طبيعية ناجحة ، فقد أرسى الإمام بعض قواعده من خلال الأحكام الفقهية التي أفتى بها وتنطوي على كثير من الأحكام الأصولية التي عرفت فيما بعد بالقواعد ، يقول أحد الباحثين المحدثين : إن أول من فتح بابه ـ أي باب علم الأصول ـ وفتق مسائله هو باقر العلوم الإمام أبو

__________________

(١) ظ : التعارض والترجيح ، عبد اللطيف البرزنجي ، ٦.

(٢) كفاية الأصول ، الخراساني ، ٢ / ١٢٦.

(٣) أصول الفقه ، محمد الخضري بك ، ٤٦+ مقدمة الرسالة ، الشافعي ، ٥ ـ ١٤.

(٤) هو الحافظ ، الإمام ، العلم ، المقدم في الحديث والفقه ، قال الشافعي : ما رأيت له نظيرا في الدنيا ، ولد سنة (١٣٥ ه‍) ومات سنة (١٩٨ ه‍). ظ : الأعلام ، الزركلي ، ٤ / ١١٥+ مقدمتي الرسالة والأحكام ، الإمام الشافعي ، ٥ ـ ١٤.

(٥) علم أصول الفقه ، عبد الوهاب خلاف ، ١٧.

٩٢

جعفر محمد بن علي وبعده ابنه أبو عبد الله الصادق وقد أمليا فيه على جماعة من تلامذتهما قواعده ومسائله (١).

والحق أن تلك الاملاءات لم تصل إلينا ولكن المتأخرين من علماء الإمامية لملموا أشتاتها ورتبوها على مباحثه على شكل روايات موثقة ، مسندة متصلة الإسناد بأئمة آل البيت.

وفيما يلي بعض القواعد الأصولية التي أثرت عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) وشارك في تأسيسها أو نقلها عن آبائه الطاهرين والتي يرجع إليه الفقهاء عند عدم النص على الحكم الشرعي ، وإن كان الكثير منها قواعد فقهية غير أن علماء الأصول ذكروها في مؤلفاتهم توضيحا لبعض قواعد هذا العلم.

أولا : الاستصحاب

يعد الاستصحاب أحد الأصول الأربعة التي يرجع إليها الشاك في مقام ، وهو في اللغة بمعنى طلب الصحبة ، والصحبة بمعنى المعاشرة يقال : استصحبه ، أي دعاه إلى الصحبة ، وهو يفيد أيضا معنى الملازمة يقال : استصحبه أي لازمه (٢) ، ويقال : استصحبت في سفر الكتاب أو الرفيق ، أي جعلته مصاحبا لي (٣).

وفي مصطلح الأصوليين عرف الاستصحاب بتعريفات كثيرة ، نشأت كثرتها من محاولة بعضهم تعريف الاستصحاب وفق مبناه في اعتباره أمارة كاشفة عن الواقع ، أو اعتباره أصلا عمليا ، دون أن يكون له دور الكشف عن الواقع (٤). ولذلك كله فقد عرف بتعريفات كثيرة (٥) ، أهمها ـ نسبيا ـ هو الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شك في بقائه (٦).

__________________

(١) الشيعة وفنون الإسلام ، حسن الصدر ، ٩٥.

(٢) ظ : القاموس المحيط ، الفيروزآبادي ، ١ / ٩١+ لسان العرب ، ابن منظور ، ٢ / ٨.

(٣) مصادر التشريع الإسلامي ، عبد الوهاب خلاف ، ١٢٧.

(٤) مصباح الأصول ، محمد سرور البهبودي ، ٥ ـ ٦.

(٥) ظ : إرشاد الفحول ، الشوكاني ، ٢٠+ كشف الأسرار ، عبد العزيز البخاري ، ٣ / ٣٧٧+ أصول الفقه ، الشيخ المظفر ، ٣ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨+ مفتاح الوصول ، أحمد البهادلي ، ١ / ٢١٧.

(٦) كفاية الأصول ، الخراساني ، ٢ / ٢٧٣.

٩٣

وقد اختلف العلماء في حجيته على أقوال ، هي عند ـ الإمامية ـ فقط بلغت حدا يصعب حصره ، فكيف لو أضفنا إليها أقوال غيرهم (١) ، ولذلك سأقتصر على ذكر ثلاثة أقوال فقط :

١ ـ وهو القول بحجية الاستصحاب مطلقا ، أي التمسك في حالة الشك ببقاء ما يتعلق به اليقين ، وقد ذهب إلى هذا الرأي ـ كما يقول ابن الحاجب ـ أكثر العلماء ، ومنهم المالكية والحنابلة والشافعية (٢).

كما ذهب إليه ـ كما يقول صاحب المعالم ـ أكثر الإمامية (٣).

وذهب إليه أيضا ـ فيما يقول أبو الحسين البصري ـ قوم من أهل الظاهر وغيرهم (٤) ، وقد صرح بذلك منهم ابن حزم الأندلسي (٥).

٢ ـ عدم حجية الاستصحاب مطلقا ، وينسب هذا الرأي إلى أكثر الحنفية والمتكلمين (٦) ، وقد صرح به أبو الحسين البصري (٧) ، كما نسب إلى السيد المرتضى من الإمامية (٨).

٣ ـ إن الاستصحاب حجة دافعة لا حجة ثابتة ، أي إنه حجة لدفع ما يخالف الأمر الثابت بالاستصحاب ، وليس هو حجة على إثبات أمر لم يقم دليل على ثبوته ، وهذا التفصيل منسوب لأكثر المتأخرين من علماء الحنفية (٩).

وقد استدل أصحاب كل قول إلى ما ذهبوا إليه بأدلة يرى كل منهم بأنها وجيهة في معناها صحيحة في مبناها ، غير إننا لا نذكرها ، بل الذي يهمنا أن نذكر مشاركة الإمام الباقر (عليه‌السلام) فيما ورد عنهم في تدعيم أدلة أصحاب القول الأول

__________________

(١) ظ : أصول الفقه ، الشيخ المظفر ، ٣ / ٤.

(٢) ظ : شرح المختصر ، القاضي العضد الإيجي ، ٢ / ٢٨٤+ إرشاد الفحول ، الشوكاني ، ٢٢.

(٣) معالم الدين ، ابن الشهيد الثاني ، ١٨.

(٤) المعتمد ، أبو الحسين المعتزلي ، ١ / ٨٨٤.

(٥) الأحكام في أصول الأحكام ، ابن حزم ، ٥ / ٢.

(٦) الأحكام في أصول الأحكام ، الآمدي ، ٣ / ١٨١+ إرشاد الفحول ، الشوكاني ، ٢٣٧.

(٧) المعتمد ، أبو الحسين البصري ، ١ / ٨٨٤ ـ ٨٨٥.

(٨) معالم الدين ، ابن الشهيد الثاني ، ٢١٨.

(٩) ظ : سلم الوصول ، الشيخ عمر عبد الله ، ٣٠٧+ كشف الأسرار ، عبد العزيز البخاري ، ٣ / ٣٧٨+ التلويح على التوضيح ، التفتازاني ، ٢ / ١٠٢.

٩٤

وهو حجية الاستصحاب مطلقا ، بعد ما استدلوا بأدلة من العقل والإجماع ووجوب العمل بالظن وبتلك الأخبار التي وردت عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) ، وإليك بعضا منها :

١ ـ ما رواه زرارة بن أعين في الصحيح (١) أنه قال : قلت له ـ أي للإمام الباقر (عليه‌السلام) ـ الرجل ينام وهو على وضوء ، أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ فقال : يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والأذن ، فإذا نامت العين والأذن والقلب وجب الوضوء. قلت : فإن حرك في (على) جنبه شيء وهو لا (لم) يعلم به؟ قال : لا ، حتى يستيقن أنه قد نام ، حتى يجيء من ذلك أثر بين ، وإلا فإنه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض (تنقض) اليقين أبدا بالشك ، ولكن (وإنما) ينقضه (تنقضه) بيقين آخر (٢).

٢ ـ رواية زرارة أيضا المتضمنة أحكام شكوك الصلاة قال : سألت الإمام أبا جعفر الباقر (عليه‌السلام) : من لم يدر في أربع هو أو في اثنتين وقد أحرز الاثنتين؟ قال : يركع بركعتين وأربع سجدات ـ وهو قائم ـ بفاتحة الكتاب ويتشهد ، ولا شيء عليه ، وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث ، قام فأضاف إليها أخرى ولا شيء عليه ، ولا ينقض اليقين بالشك ، ولا يدخل الشك باليقين ، ولا يخلط أحدهما بالآخر ، ولكنه ينقض الشك باليقين ، ويتم على القين فيبني عليه ولا يعتد بالشك في حال من الحالات (٣).

وهناك أخبار كثيرة عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) ذكرت في أبواب الشك في الصلاة ، مذكورة في الموسوعات الفقهية الإمامية تلتقي مع هذين الخبرين في أعلاه بمجموعها على مدلول هو (عدم نقض اليقين بالشك) ، فإن عدم دلالة

__________________

(١) كفاية الأصول ، الخراساني ، ٢ / ٢٨٢+ أصول الفقه ، الشيخ المظفر ، ٣ / ٢٩٦+ فرائد الأصول ، الشيخ مرتضى الأنصاري ، ٣٢٩.

(٢) التهذيب ، الشيخ الطوسي ، ١ / ١١٧+ الاستبصار ، الشيخ الطوسي ، ١ / ١٦+ وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ١ / ١٧٤.

(٣) الخصال ، الشيخ الصدوق ، ١ / ١٦٠+ وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ١ / ١٧٥ ـ ١٧٦+ أصول الفقه ، الشيخ المظفر ، ٣ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨.

٩٥

بعضها بصراحة على الاستصحاب غير ضائرة بعد أن كان البعض الآخر صريحا بالدلالة عليه لتعاضد هذه الأخبار المروية عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) ، فيكون بهذا قد أرسى قواعد هذا الأصل العملي وكانت الروايات المنقولة عنه أدلة استفادها بعض القائلين بحجية الاستصحاب مطلقا.

ثانيا : علاج التعارض

التعارض لغة : كالتجاذب والتقاتل والتشاور وأمثالها من صيغ التفاعل التي لا تتحقق بطرف واحد (١).

ومن المعاني الاستعمالية للتعارض : التمانع بين شيئين أو أكثر ، أصله الاعتراض بمعنى المنع ، يقال : اعترض البناء في الطريق ، إذا منع السابلة من سلوكه (٢).

أما عند الأصوليين فقد عرف ب : التمانع بين الأدلة الشرعية مطلقا ، بحيث يقتضي أحدهما عدم ما يقتضيه الآخر (٣).

ووضع الأصوليون عند جميع المذاهب الإسلامية شروطا للتعارض وأركانا ، والمجال الذي يمكن جعله من المتعارض وكيفية رفعه إن وجد مما هو مفصل في محله من مؤلفاتهم. وقد درس الأستاذ عبد اللطيف البرزنجي (رحمه‌الله) التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية برسالة مستقلة استوفى فيها جميع جوانب الموضوع ، موضحا موقف العلماء جميعا من هذا المبحث الأصولي المهم (٤).

وما تطرقنا لهذا الموضوع الأصولي إلا بالقدر الذي نستوضح فيه جهود الإمام الباقر (عليه‌السلام) ومدى مشاركته بل تأسيسه للمفهوم الأصولي مدار

__________________

(١) مفتاح الوصول ، أحمد البهادلي ، ٢ / ٢٩٦.

(٢) القاموس المحيط ، الفيروزآبادي ، ٢ / ٣٣٥ ، وقلت : من معانية الاستعمالية ، لأن هذا المعنى مما لحق بالأصل كما يبدو من تتبع موارد هذه الكلمة ، انظرها في القاموس ، ٢ / ٣٣٣ ـ ٣٣٦.

(٣) ظ : التقرير والتحبير ، محمد بن محمد أمير الحاج ، ٣ / ٢٧٦+ التلويح على التوضيح التفتازاني ، ٢ / ١٠٢+ المعتمد ، أبو الحسين البصري ، ٢ / ٨٥٦+ القوانين المحكمة ، الميرزا أبو القاسم القمي ، ٢ / ٢٧٦.

(٤) التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية ، عبد اللطيف عبد العزيز البرزنجي ، ط ١ ، مطبعة العاني ، بغداد ، ١٣٩٧ ه‍ ـ ١٩٧٧ م.

٩٦

البحث ، وأيّا كان فقد وردت كثير من الروايات والنصوص التي توهم التعارض سواء كانت عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أو عن أئمة آل البيت (عليهم‌السلام) ، فوضع الإمام الباقر (عليه‌السلام) بعض المرجحات مما يعد برنامجا عمليا للأصوليين في هذا المجال ، وهي :

١ ـ الترجيح بسند الرواية

أي كثرة رواة أحد المتعارضين دون الآخر ، بحيث يحصل من كثرتهم اشتهار الرواية بينهم ، فمع اشتهار أحد المتعارضين يرجح على فاقد الشهرة ، إذ العدد الأكثر أبعد عن الخطأ من الأقل (١) ، فيؤخذ بالمشهور ويطرح الشاذ النادر.

فقد روى زرارة بن أعين قال : سألت أبا جعفر الباقر (عليه‌السلام) : فقلت : جعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ؟ فقال الإمام أبو جعفر : يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر (٢).

ويعضد هذه الرواية ما روي عن أبي عبد الله الصادق (عليه‌السلام) قال : ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكمنا به ، المجمع عليه من أصحابك ، فيؤخذ به من حكمهما ، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه لا ريب فيه دائما (٣).

ولهذا فإن الشهرة في الرواية ـ والتي أرسى قواعدها الإمام الباقر (عليه‌السلام) ـ قد قام الإجماع على الترجيح بها (٤).

٢ ـ رجحان صفات رواة أحد المتعارضين على صفات رواة الآخر

قد عمم بعض الأصوليين الترجيح بصفات الرواة ليشمل كل وصف يغلب معه ظن الصدق (كالثقة والفطنة والورع والعلم والضبط) بل رجح بعضهم

__________________

(١) معالم الدين ، ابن الشهيد الثاني ، ٢٤٣+ المستصفى ، أبو حامد الغزالي ، ٢ / ٣٩٢+ فرائد الأصول ، الشيخ الأنصاري ، ٤٤٣.

(٢) غوالي اللئالي ، أبو جمهور الاحسائي ٢٦٣.

(٣) التهذيب ، الشيخ الطوسي ، ٢ / ٣٠١+ من لا يحضره الفقيه ، الشيخ الصدوق ، ٣ / ٥+ الاحتجاج ، الطبرسي ، ٢ / ١٩٤+ وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ١٨ / ٧٥ ـ ٧٦.

(٤) أصول الفقه ، الشيخ المظفر ، ٤ / ٢٥٥.

٩٧

بالضابط والأضبط والعالم والأعلم (١) وناقش بعضهم الترجيح بالأعلمية والأفقهية ، وخص الترجيح بهما بالقضاء والفتيا (٢) ويبدو أن الترجيح بصفات الرواة ـ في الجملة ـ مما اتفقت عليه أقوال الأصوليين (٣) وأثر في الترجيح بصفات الراوي عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه‌السلام) ما رواه زرارة بن أعين أيضا بعد افتراض تساوي الخبرين بالشهرة أن الإمام الباقر (عليه‌السلام) قال : خذ بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك (٤).

دلّت هذه الرواية على أن عدالة الراوي ووثاقته من موجبات الترجيح لأحد الخبرين المتعارضين على الآخر.

٣ ـ الترجيح بموافقة الكتاب والسنة الشريفة

ويقصد بهذا موافقة دلالة أحد المتعارضين لدلالة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة دون الآخر (٥) ، وقد وردت عدة روايات عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) جعل المقياس فيها لعلاج التعارض هو عرض الخبرين المتعارضين على الكتاب والسنة فإن اتفق أحدهما مع منطوقهما يؤخذ به ويطرح الآخر ، وإليك بعضا من تلك الروايات :

١ ـ قال الإمام أبو جعفر الباقر (عليه‌السلام) لبعض أصحابه : لا تصدّقن علينا إلا ما وافق كتاب الله وسنة نبيه (٦).

٢ ـ وقال أيضا : إذا جاءكم عنا حديث فوجدتم عليه شاهدا من كتاب الله فخذوا به ، وإلا فقفوا عنده ، ثم ردّوه إلينا حتى يستبين لكم (٧).

__________________

(١) معالم الدين ، ابن الشهيد الثاني ، ٢٤٣.

(٢) علم أصول الفقه ، محمد جواد مغنية ، ٤٤٣+ أصول الأحكام ، حمد عبيد الكبيسي ، ٣٥١+ مسلم الثبوت ، البهاري ، ٢ / ٢٠٤.

(٣) علم أصول الفقه ، محمد جواد مغنية ، ٤٤٣+ أصول الأحكام ، حمد عبيد الكبيسي ، ٣٥١+ مسلم الثبوت ، البهاري ، ٢ / ٢٠٤.

(٤) تهذيب التهذيب ، الطوسي ، ٢ / ٣٠١+ من لا يحضره الفقيه ، الشيخ الصدوق ، ٣ / ٥+ وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ١٨ / ٧٦+ أصول الفقه ، الشيخ المظفر ، ٤ / ٢٤١.

(٥) مفتاح الأصول ، أحمد البهادلي ، ٢ / ٣١٦.

(٦) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ٩+ الكافي الكليني ، ١ / ٨٩.

(٧) الكافي ، الكليني ، ٢ / ٢٢٢+ وسائل الشيعة الحر العاملي ، ١٨ / ٨٠.

٩٨

ونكتفي بهذا القدر للاستدلال على ما قدمناه من أن الإمام الباقر (عليه‌السلام) قد شارك مشاركة فاعلة في تأسيس علم أصول الفقه وإرساء بعض قواعده ليتبين مدى سعة العلوم التي اضطلع بحملها ونشرها هذا الإمام الجليل.

رابعا : علم السيرة :

لم يكن الإمام الباقر (عليه‌السلام) ليترك هذا العلم وهو البحث في سيرة جده رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بدون أن يخوض غماره ويدلو بدلوه فيه ، ويكفيه مشاركة أن محمد بن إسحاق بن يسار الذي كتب عنه ابن هشام السيرة النبوية كان من تلامذة الإمام الباقر (عليه‌السلام) ورواته ، يقول ابن قتيبة (ت : ٢٧٦ ه‍) : كان محمد ـ يعني ابن إسحاق ـ أتى أبا جعفر محمد بن علي فكتب له المغازي فسمع منه أهل الكوفة ذلك (١).

ويكفي من أراد أن يكشف عن مدى اهتمام الإمام الباقر (عليه‌السلام) بالسيرة أن يطلع على كتاب السيرة النبوية لابن هشام (٢) ، وكتاب السير والمغازي للواقدي (٣) ، ليطلع على ما كان للإمام الباقر (عليه‌السلام) من أثر في تدوين السيرة النبوية وروايتها.

خامسا : مشاركة الإمام الباقر (عليه‌السلام) في تعريب العملة في دار الإسلام

من المفاخر العربية الإسلامية التي اضطلع بها رجال هذه الأمة تحريرهم للنقد العربي الإسلامي من التبعية الأجنبية ، ولعلها أكبر مفخرة سجلها لهم التاريخ ، فقد كان العرب يتعاملون بالنقود الرومية والفارسية حتى ظهر الإسلام ، وافتتحوا البلدان وأسسوا الدولة الإسلامية المترامية الأطراف ، ففطن بعض الخلفاء إلى وجوب التمدن الحضاري وكان من أولى موجباته وأسسه التحرر بالعملة الإسلامية من التبعية ، وجعلها مستقلة بذاتها تماما وكانت هناك محاولات لعل أقدمها محاولة الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في سنة

__________________

(١) المعارف ، ابن قتيبة ، ٢١٥.

(٢) ظ : للتفاصيل : السيرة النبوية ، ابن هشام ، ١ / ٢٣٨ ، ٢ / ٣٣٢ ، ٤ / ١٤٠ ، ١٩٠ ، ٣١٣ وغيرها كنماذج.

(٣) ظ : للتفاصيل : السير والمغازي ، الواقدي ، ٢ / ١٠٨ ، ١٠٩ ، ٥ / ٢٤٥ ، ٢٤٩ وغيرها كنماذج.

٩٩

(١٨ ه‍) فقد زاد على نقش الكسروية للدراهم (الحمد لله ، محمد رسول الله) وفي بعضها (لا إله إلا هو) وتلتها محاولات أخرى ذكرت في كتب التاريخ (١).

غير أن هذه المسكوكات لم تكن تعتبر رسمية في الدولة الإسلامية ، أي باعتبار منع التداول بغيرها منعا باتا بل ظل الأمر هكذا ، جريا في التعامل بالمسكوكات والعملات الرومية والفارسية ، وبعد مجيء الدولة الأموية واتساع الرقعة الإسلامية اتساعا مطردا وظهور ثقافات واقتصاديات غير إسلامية حاولت التغلغل في الحياة الإسلامية ، انتبه لذلك الخلفاء الأمويون وخاصة عبد الملك بن مروان (ت : ٨٦ ه‍) فقاد حركة تعريبية واسعة ، ساعده فيها خالد بن يزيد بن معاوية (ت : ٩٠ ه‍) (٢) واكتشفنا ذلك من خلال ترجمة حياته ، فأراد عبد الملك تغيير طراز القراطيس من الرومية إلى العربية ومن ثم تحرير النقد العربي الإسلامي فتم له ذلك سنة (٧٦ ه‍).

وقد اختلفت أقوال العلماء فيمن أشار عليه على ثلاث روايات وهي :

الرواية الأولى :

روى الكسائي (ت : ١٨٩ ه‍) (٣) ما ملخصه : أن هارون الرشيد حدثه : أن عبد الملك بن مروان أراد تغيير الطراز من الرومية إلى العربية فشق ذلك

__________________

(١) تاريخ التمدن الإسلامي ، جرجي زيدان ، ١ / ١١١.

(٢) هو خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي ، كان صغيرا حين توفي اخوه معاوية بن يزيد فتولى الخلافة مروان بن الحكم ، وتزوج أم خالد ليخمله ، ويقال : إنه أحب صنعة الكيمياء فأمر بإحضار جماعة من فلاسفة اليونان ممن كان ينزل مصر ، وقد تفصح بالعربية وأمرهم بنقل الكتب من اللسان القبطي واليوناني إلى العربي ، قال الجاحظ : خالد بن يزيد خطيب ، شاعر ، وفصيح جامع ، جيد الرأي ، وهو أول من ترجم كتب النجوم والطب والكيمياء ، (ت : ٩٠ ه‍). انظر مصادر ترجمته : الفهرست ، ابن النديم ، ٢٤٢+ البيان والتبيين ، الجاحظ ، ١ / ١٧٨+ وفيات الأعيان ، ابن خلكان ، ١ / ١٦٨+ تاريخ دمشق ، ابن عساكر ، ٥ / ١٦+ تاريخ ابن الوردي ، ١ / ١٧٩.

(٣) هو علي بن حمزة بن عبد الله الاسدي بن الولاء الكوفي ، أبو الحسن الكسائي ، ولد في إحدى قرى الكوفة ، وتعلم في الكوفة وتنقل في البادية ثم سكن بغداد واتصل بالرشيد وكان يؤدب ولديه الأمين والمأمون ، وكان اثيرا عند الرشيد حتى أخرجه من طبقة المؤدبين إلى طبقة الجلساء والمؤانسين (ت : ١٨٩ ه‍) له تصانيف. انظر مصادر ترجمته : تاريخ بغداد ، الخطيب البغدادي ، ١١ / ٤٠٣+ وفيات الأعيان ، ابن خلكان ، ١ / ٣٣٠+ غاية النهاية ، ابن الجزري ، ١ / ٣٥٠.

١٠٠