الإمام الباقر عليه السلام وأثره في التّفسير

الدكتور حكمت عبيد الخفاجي

الإمام الباقر عليه السلام وأثره في التّفسير

المؤلف:

الدكتور حكمت عبيد الخفاجي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البلاغ
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٠

الفصل الرّابع

مصادر الإمام الباقر في

التفسير

ويتضمن :

* المبحث الأول : تفسير القرآن بالقرآن

* المبحث الثاني : منهجه في تفسير القرآن بالسنة النبوية

* المبحث الثالث : رجوعه الى اللغة في التفسير

* المبحث الرابع : استنباط المعاني للآيات

١٨١
١٨٢

المبحث الأول

تفسير القرآن بالقرآن

إن القرآن الكريم بنيان إلهي متكامل ، ونص سماوي مترابط يتوقف بعضه على بعض ويفسر بعضه بعضا ، وإن ثلة من آياته قد لا يتوصل إلى فهمها فهما خالصا إلا بعد الوقوف في موضع آخر من نفس السورة أو في سورة أخرى على معناها باعتباره كتابا مقدسا ، ولقد جاء في القرآن الكريم ما يشير إلى هذه الحقيقة كما في قوله تعالى : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(١) ، وقوله تعالى : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ)(٢).

لذلك قال الشاطبي : إن القرآن كالسورة الواحدة (٣) ، وورد عن ابن عباس (رضي الله عنه) إنه قال : القرآن يشبه بعضه بعضا ويرد بعضه على بعض (٤) ، إذن ففيه المجمل والمبين لذلك المجمل وفيه العام ومخصصه وفيه المطلق ومقيده وفيه الخاص الذي هو قطعي الدلالة غالبا وما كان منه ظنيا فبيانه بالسنة الشريفة ، فعند النظر للقرآن الكريم والتدبر في معانيه نجد أن بعضه يفسر بعضا كما قال العلماء (٥) ، فكان أول ما يجب أن ينتبه إليه المفسر للقرآن الكريم هو الرجوع إلى القرآن نفسه والتأسيس على آياته لكي يصل إلى المعنى المراد ، ويكون قوله أقرب إلى مراد الله تعالى من كلامه فصار بذلك تفسير القرآن بالقرآن أصح الطرق وأنجحها ، يقول الزمخشري : أسد المعاني ما دلّ عليه القرآن (٦) ، وقال ابن تيمية : إن أصح طرق التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن فما أجمل في مكان فإنه قد فسّر في موضع آخر

__________________

(١) النساء / ٨٢.

(٢) الزمر / ٢٣.

(٣) الموافقات ، الشاطبي ، ٣ / ٢٥٤.

(٤) جامع البيان ، الطبري ، ٣ / ٢١٠+ تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير الدمشقي ، ٤ / ٧٦.

(٥) ظ : الكشاف ، الزمخشري ، ٢ / ٤٣٠+ مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ٩٣.

(٦) الكشاف ، الزمخشري ، ٢ / ١٩٣.

١٨٣

وما اختصر في مكان قد بسط في موضع آخر (١) ، فالآية القرآنية تزداد دلالتها وضوحا وتبيانا بالاستعانة بآية أخرى وتظهر دلالتها على المعنى المراد في ربطها بآية تشابهها ، فالقرآن يكاد يكون سلسلة تامة يأخذ بعضه برقاب بعض (٢).

وهذا النوع من التفسير لا يجوز ردّه ويجب الأخذ به لأن الله تعالى أعلم بمراد نفسه من غيره وأصدق الحديث كتاب الله ، وأن أول من نبّه على هذا النوع من التفسير هو الرسول الأعظم (صلى‌الله‌عليه‌وآله) عند تفسيره لقوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ)(٣) وقد سار على هذا المنهج جملة من الصحابة أمثال الإمام علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود رضوان الله عليهم وغيرهم.

وقد كان للإمام الباقر معالم واضحة ودلالات بينة في سلوك هذا المنهج التفسيري الراقي ، وكان اعتماده عليه بارزا في تفسيره للقرآن الكريم ، حتى غدا أهم سمة لمنهجه في التفسير ، وهذه خصيصة لا تتهيأ إلا لمن كان متبحرا بمقاصد الآيات ومعانيها ، ومتميزا بفطنة واسعة في فهمها وإدراك أسبابها ، وكيف لا يتأتى ذلك للإمام الباقر وقد نشأ ودرج في آل البيت ومعدن الرسالة ومهبط الوحي وفيما يأتي تطبيقات لهذا العرض من تفسيره والتي بلغت وفق المنهج الاستقرائي الذي أجريناه (١٨٦ شاهدا) ، أذكر منها :

١ ـ روي بسند صحيح عن سدير الصيرفي قال : سمعت حمران بن أعين سأل أبا جعفر (عليه‌السلام) عن قول الله (عزوجل) : (... بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٤) فقال أبو جعفر : إن الله (عزوجل) ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله ، فابتدع السموات والأرض ولم يكن قبلهن سماوات وأرضون ، أما تسمع قولة تعالى : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ)(٥)(٦).

__________________

(١) مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ٩٣+ التفسير الكبير ، الرازي ، ٢ / ٢٣١.

(٢) ظ : القرآن المجيد ، محمد عزت دروزة ، ٢٠٩ ـ ٢١٠.

(٣) الأنعام / ٨٢.

(٤) البقرة / ١١٧.

(٥) هود / ٧.

(٦) الشافي في شرح أصول الكافي الشيخ عبد الحسين المظفر ، ٧ / ٢٢٧+ تفسير القرآن ، علي بن إبراهيم القمي ، ١ / ٥٤٥+ مجمع البيان الطبرسي ، ٤ / ٤٤٣+ تفسير نور الثقلين ، العروسي الحويزي ، ١ / ١٠٠.

١٨٤

فقد استطاع الإمام الباقر أن يوصل سائله إلى قناعة بأن الله سبحانه وتعالى قد خلق السموات والأرض بدون مثال سبق مستدلا بآية أخرى من مكان آخر في القرآن الكريم.

٢ ـ روى محمد بن مسعود العياشي بسنده عن محمد بن مسلم الطائفي عن الإمام أبي جعفر الباقر في قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها)(١) قال (عليه‌السلام) : ما حول وما نسيها مثل الغيب الذي لم يكن بعد كقوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)(٢) ، وقال (عليه‌السلام) : ويفعل الله ما يشاء ويحول ما يشاء ، مثل قوم يونس إذ بدا له فرحمهم ، ومثل قوله تعالى : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ)(٣) ، قال : فادركتهم رحمته (٤).

٣ ـ روى الطبرسي في تفسير قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها)(٥) ، أن الإمام الباقر قال : إن أداء الصلاة والزكاة والصوم والحج من الأمانة ، ويكون من جملتها الأمر لولاة الأمر بقسم الصدقات والغنائم وغير ذلك مما يتعلق به حق الرعية ، وقد عظم الله سبحانه أمر الأمانة بقوله : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ)(٦) ، وقوله : (لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ)(٧) ، وقوله : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ)(٨)(٩).

حيث فسّر الإمام الباقر أداء الأمانة بتعظيم جرم الخيانة وتهويله وذكر لتوضيح ذلك آيتين من آيات الذكر الحكيم ، وبين صفة حميدة من صفات بعض أهل الكتاب وهي أداء الأمانة ، وعدّها فضيلة وثّق الله سبحانه وتعالى ذكرها في القرآن الكريم وتسجيلها لأصحابها في آية ثالثة.

__________________

(١) البقرة / ١٠٦.

(٢) الرعد / ٣٩.

(٣) الذاريات / ٥٤.

(٤) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ٥٥.

(٥) النساء / ٥٨.

(٦) غافر / ١٩.

(٧) الانفال / ٣٧.

(٨) آل عمران / ٧٥.

(٩) مجمع البيان ، الطبرسي ، ٣ / ٦٣+ قلائد الدرر ، الشيخ أحمد الجزائري ، ٢ / ٣٠٨.

١٨٥

٤ ـ روى محمد بن مسعود العياشي في تفسير قوله تعالى : (... فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ)(١) بسنده عن حريز قال : قال زرارة ومحمد بن مسلم : قلنا لأبي جعفر (عليه‌السلام) : ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي : قال : إن الله يقول : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر. قالا : قلنا : إنما قال : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) ولم يقل افعلوا فكيف أوجب الله ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ قال : أو ليس قد قال في الصفا والمروة : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما)(٢) ، ألا ترى أن الطواف واجب مفروض لأن الله ذكرهما في كتابه وصنعهما نبيه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وكذلك التقصير في السفر شيء صنعه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وذكره الله في الكتاب (٣).

سنتكلم على هذا الشاهد في مكان آخر من هذه الدراسة ، وخاصة عند الحديث عن تفسير الإمام لبعض الآيات المتعلقة بفقه القرآن ، غير أننا لا نعدم هنا أن نذكر أن الإمام الباقر قد وفق أشد التوفيق في تقريب الصورة من أذهان السائلين من أن هذه الآية مفسرة بآية أخرى تتعلق بوجوب الطواف بين الصفا والمروة فاستنبط هو وجوب التقصير بالسفر من خلال عرض أية التقصير على آية الطواف.

٥ ـ روى جلال الدين السيوطي في تفسيره ، في تفسير قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ)(٤) اخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر محمد بن علي : أن رجلا سأل عليا عن الهدي ما هو؟ قال : من الثمانية الأزواج ، فكأن الرجل شكّ ، فقال علي : تقرأ القرآن؟ فقال الرجل : نعم ، قال : فسمعت الله يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ)(٥) ، قال : نعم ، فقال علي : سمعته يقول : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ

__________________

(١) النساء / ١٠١.

(٢) البقرة / ١٥٨.

(٣) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ٧١+ تفسير القرآن ، علي بن إبراهيم القمي ، ١ / ٤١٠+ الصافي في تفسير القرآن ، الفيض الكاشاني ، ١ / ٣٨٩+ بحار الانوار ، محمد باقر المجلسي ، ١٨ / ٦٩٤.

(٤) المائدة / ٩٥.

(٥) المائدة / ١.

١٨٦

فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ)(١) و (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً)(٢) و (... مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها)(٣) قال : نعم ، قال الإمام : فسمعته يقول : (مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ)(٤) و (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ)(٥) ، قال : نعم ، قال : فسمعته يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) قال الرجل : نعم ، فقال : إن قتلت ظبيا فما عليّ؟ قال علي : هديا بالغ الكعبة ، قال الرجل : نعم ، فقال علي : قد سماه الله بالغ الكعبة كما تسمع (٦).

٦ ـ روى العياشي بسنده في تفسير قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا)(٧) ، عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر الباقر ، قال ، قلت له : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا) قال (عليه‌السلام) : اخرج الله من ظهر أدم ذريته إلى يوم القيامة فخرجوا وهم كالذر ، فعرفهم نفسه ، وأراهم نفسه ، ولو لا ذلك ما عرف أحد ربه وذلك قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ)(٨)(٩)).

بين الإمام الباقر في تفسيره لهذه الآية أن الله سبحانه وتعالى قد أخذ ميثاقا من بني آدم بعبادته وعدم الاشراك به وهم ذر في الظهور ـ أي منذ الخلق الأول ـ بآية أخرى من القرآن الكريم واستطاع بذلك أن يفسر الآيتين الواحدة بالاخرى.

__________________

(١) الحج / ٢٨.

(٢) الانعام / ١٤٢.

(٣) الحج / ٢٨.

(٤) الانعام / ١٤٣.

(٥) الانعام / ١٤٤.

(٦) الدر المنثور ، السيوطي ، ٢ / ٣٣٠.

(٧) الاعراف / ١٧٢.

(٨) لقمان / ٢٥.

(٩) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ٢ / ٤٠+ تفسير القرآن علي بن إبراهيم القمي ، ٢ / ٥٠+ بحار الانوار ، محمد باقر المجلسي ، ٣ / ٧١.

١٨٧

٧ ـ روى علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ)(١) عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا جعفر (عليه‌السلام) عن قوله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) قال الإمام : تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغوا من الحساب ، قال الله : (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ)(٢)(٣).

حيث أقنع الإمام الباقر سائله عن تفسير هذه الآية بالآية الثانية ، من أن الناس يوم الحساب تحتاج أجسادهم إلى الغذاء ولا يمنعهم من ذلك هول ذلك اليوم ورهبته.

ويؤيد هذا التفسير مناظرة جرت بين الإمام الباقر والأبرش الكلبي أبي مجاشع بن الوليد من أنه قال للإمام : بلغني أنك قلت في تفسير قوله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) أنها تبدّل خبزة ، فقال أبو جعفر (عليه‌السلام) : صدقوا ، تبدّل الأرض خبزة نقية في الموقف يأكلون منها فضحك الأبرش وقال : أما لهم شغل بما هم فيه عن أكل الخبز؟ فقال (عليه‌السلام) : ويحك ، أي المنزلتين هم أشد شغلا وأسوأ حالا إذ هم في الموقف أو في النار يعذبون؟ فقال : لا ، في النار ، فقال الإمام الباقر : ويحك ، إن الله يقول : (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ* فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ* فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ* فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ)(٤) ، قال : فسكت (٥).

٨ ـ ونجد الإمام الباقر يقرن الآيات التي تتناول موضوعا واحدا مما يعد منهجا للتفسير الموضوعي للقرآن الكريم ، روى العياشي باسناده عن ليث بن سليم عن

__________________

(١) إبراهيم / ٤٨.

(٢) الانبياء / ٨.

(٣) تفسير القرآن ، علي بن إبراهيم القمي ، ٢ / ٢٢٣+ الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٩ / ٣٨٢+ تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ٢ / ٢٣٧+ بحار الأنوار ، محمد باقر المجلسي ، ٣ / ٢٢١.

(٤) الواقعة / ٥٢ ـ ٥٥.

(٥) مجمع البيان ، الطبرسي ، ٦ / ٣٢٤+ البرهان في تفسير القرآن ، علي بن إبراهيم القمي ، ٢ / ٣٢٣+ بحار الانوار ، محمد باقر المجلسي ، ٣ / ٢٢١. وقد ذكرنا في مكان آخر أنه جرت مناظرة تشبهها مع هشام بن عبد الملك استدل الإمام فيها بآيات غيرها.

١٨٨

أبي جعفر (عليه‌السلام) عند ما ذكرت قصة موسى عنده فقال : شكى موسى إلى ربه الجوع في ثلاثة مواضع ، في قوله تعالى : (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً)(١) ، وفي قوله تعالى : (لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)(٢) ، وفي قوله تعالى : (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)(٣)(٤).

٩ ـ روى محمد بن يعقوب الكليني باسناده عن زرارة وحمران ابني أعين في حديث للإمام الباقر يجمع فيه الآيات القرآنية ليصل إلى المعنى المراد منها ، من ذلك قوله (عليه‌السلام) : ونزل بالمدينة (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٥) ، قال : فبرأه الله مما كان مقيما على الفرية من أن يسمى بالايمان ، قال الله (عزوجل) : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ)(٦) ، وجعله منافقا فقال الله (إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٧) ، وجعله الله من أولياء ابليس فقال : (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)(٨) وجعله ملعونا فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)(٩) ، وليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب ، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال الله (عزوجل) : (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً)(١٠)(١١).

__________________

(١) الكهف / ٦٢.

(٢) الكهف / ٧٧.

(٣) القصص / ٢٤.

(٤) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ٢ / ٣٣٠+ تفسير القرآن ، القمي ، ٢ / ٤٧٦+ بحار الأنوار ، المجلسي ، / ٢٩٦.

(٥) النور / ٤.

(٦) السجدة / ١٨.

(٧) التوبة / ٦٧.

(٨) الكهف / ٥٠.

(٩) النور ٢٣ ـ ٢٤.

(١٠) الاسراء / ٧١.

(١١) الشافي في شرح أصول الكافي ، الشيخ عبد الحسين المظفر ، ٦ / ١٢٢+ الصافي في تفسير القرآن ، الفيض الكاشاني ، ٢ / ١٥٥.

١٨٩

إن الإمام الباقر استنادا إلى آية ثم نظائرها اشتق وانتزع صفات من يرمي المحصنات ، مكتشفا أنه ليس مؤمنا بآية وهو فاسق بآية أخرى وهو من أولياء ابليس بثالثة وهو ملعون بآية رابعة ، وبذلك يتبين أن الإمام قد أسهم في إرساء أصول تفسير القرآن بالقرآن بجمع النظائر إلى بعضها للوصول إلى إكمال التصور القرآني الشامل حول موضوع واحد.

١٠ ـ روى علي بن إبراهيم القمي بسنده عن زرارة وحمران أن الإمام الباقر قال في تفسير قوله تعالى : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ)(١) ، قال : ذكر الله لأهل الصلاة أكبر من ذكرهم إياه ، ألا ترى أنه يقول : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)(٢)(٣).

من هذه الشواهد المجتزئة مما أحصيناه يتبين أنّ الإمام الباقر قد وكد القوانين التفسيرية الآتية :

أ ـ إن الأصل الأول في تفسير القرآن بالقرآن يعتمد في الرجوع إلى آياته ذاتها.

ب ـ يجب جمع الآيات القرآنية إلى نظائرها وضم بعضها إلى بعض حتى يتوصل إلى فهم دقيق للمراد القرآني.

ج ـ إذا أردنا الحصول على تصور قرآني شامل لموضوع معين يجب مراعاة التصور القرآني أولا وبعدها ضم المعاني القرآنية المشتملة على افراد الموضوع الواحد بعضها إلى بعض.

د ـ السير وفق هذا المنهج لهو أعلى يقينية من الموارد الاخرى.

وبذلك يكون الإمام الباقر قد شارك في وضع مجموعة من القواعد والتي كونت مع غيرها من الموارد أصولا للتفسير ، سار عليها المتأخرون بعده ممن فسروا القرآن الكريم في الرجوع إلى القرآن ذاته.

__________________

(١) العنكبوت / ٤٥.

(٢) البقرة / ١٥٢.

(٣) تفسير القرآن ، القمي ٢ / ١٤٧+ الصافي في تفسير القرآن ، الفيض الكاشاني ٢ / ٢٨٩ ..

١٩٠

المبحث الثاني

منهجه في تفسير القرآن بالسنة النبوية الشريفة

اتفق علماء المسلمين ـ من مفسرين وغيرهم ـ على أن آيات التشريع الواردة في القرآن الكريم محصورة بنحو خمسمائة آية فيها المطلق الذي قيد في السنة أو المجمل الذي فصل بها مما يجعل معرفة جميع الأحكام الكثيرة من تلك الآيات القليلة أمرا ليس ميسورا ، بل ممتنعا ما لم يكن بتوسط السنة (١) ، ومن وظائف تلك السنة هو التفسير ، ومن المؤكد أن للتفسير مكانة عظمى ولمكانته تلك كان من الضروري أن يقوم بمهمة تبليغه للناس الرسول الكريم (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أمين الله على تبليغ كتابه ووحيه ، والذي كان أول من مارس التفسير وعلّمه للناس (٢) ، وأدى وظيفته في بيان القرآن الكريم أتم أداء واكمله ، امتثالا لأمر الله سبحانه بقوله : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(٣) ، فقام النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بهذا البيان بقوله وفعله وتقريره ، يقول ابن ابي حاتم : فكان رسول الله هو المبين عن الله أمره ، وعن كتابه معاني ما خوطب به الناس ، وما أراد الله (عزوجل) به وعنى فيه (٤).

ولو استثنينا تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة من المصادر المأثورة سنجد اتساع الخلاف بين المسلمين بشأن حجية ما جاء عن غير هذين المصدرين من التفسير ، لذا كان لزاما على المفسر للقرآن الكريم أن ينطلق أولا من تفسير القرآن بالقرآن لأنه كما تقدم من أرقى أنواع التفسير ، وبعد استفراغ جهده عليه أن ينتقل الى المأثور عن الرسول الكريم (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فما جاء منه مفسرا للكتاب وبسند صحيح أخذ به لأنه أحق أن يتبع ولا مناص للعدول عنه ، ذلك (لأن الله تعالى كما أنزل الكتاب على رسوله أمره بتوضيح المراد منه كي يتم التبليغ وتقوم الحجة

__________________

(١) قواعد الحديث ، الغريفي ، ١٠.

(٢) ظ : دراسات في التفسير ورجاله ، أبو اليقظان الجبوري ، ٧٥+ من روائع القرآن ، البوطي ، ٨٥.

(٣) النحل / ٤٤.

(٤) تقدمة المعرفة ، ابن أبي حاتم الرازي ، ١ / ٢.

١٩١

لله تعالى على خلقه) (١) ، وهناك الكثير من الآيات التي تثبت هذه الحقيقة وتؤكدها منها قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(٢) ، وقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(٣) ، وقوله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(٤) ، وكقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)(٥) وغيرها من الآيات التي جاءت لتؤكد هذا المعنى وترسي دعائمه ، وقد أكد الرسول الكريم (صلى‌الله‌عليه‌وآله) هذا المعنى وأصله ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : ألا أني أوتيت القرآن ومثله معه (٦) ، ومعناه كما قال أبو سليمان الخطابي : يحتمل وجهين من التأويل ، أحدهما : أن معناه أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثلما أوتي من الظاهر المتلو ، والثاني : أنه أوتي الكتاب وحيا يتلى ، وأوتي من البيان مثله ، أي : أذن له أن يبين ما في الكتاب ، فيعم ويخص ، ويزيد عليه ويشرع ما ليس في الكتاب فيكون في وجوب العمل به ولزوم قبوله كالظاهر المتلو من القرآن (٧).

إذن لقد قام الرسول الكريم (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بمهمة ما أنيط إليه من مسئولية التبيين المكلف بها وفق منطوق ما تقدم من آيات ، وكان بيانه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) مما فهمه من القرآن الكريم ، قال سعيد بن جبير (ت : ٧٥ ه‍) : ما بلغني حديث عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) على وجهه ، ألا وجدت مصداقه في كتاب الله (٨).

* المطلب الأول : اختلاف العلماء في المقدار الذي فسره الرسول :

هذا وقد اختلف علماء المسلمين ـ بعد اتفاقهم على أن الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بيّن القرآن الكريم ـ في مقدار هذا البيان ، أهو شامل لجميع ما ورد في سور القرآن

__________________

(١) علوم القرآن المنتقى ، فرج توفيق الوليد وفاضل شاكر النعيمي ، ٢٤١.

(٢) النحل / ٤٤.

(٣) الشورى / ٥٢.

(٤) الحشر / ٧.

(٥) النجم / ٣ ـ ٤.

(٦) سنن أبي داود ، ٤ / ٢١٠+ سنن ابن ماجة ، ١ / ٦.

(٧) معالم السنن ، الخطابي ، ٧ / ٧.

(٨) توجيه النظر ، الجزائري ، ٤١١.

١٩٢

وآياته أم مقتصر على طائفة منها ، ولهم في ذلك ثلاثة آراء سنعرضها بادلتها ونختار ما نراه راجحا من بينها أو من غيرها مع مبررات ذلك الاختيار من جهة والعدول عن باقي الآراء من جهة أخرى.

الرأي الأول :

يقول بعض العلماء : إن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بيّن لأصحابه معاني القرآن الكريم كما بين لهم الفاظه ، ومفاد هذا القول أن تفسير الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله) شامل لسور القرآن وآياته جميعا ، فقد قال ابن تيمية : يجب أن يعلم أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بيّن لأصحابه معاني القرآن كما بيّن لهم ألفاظه فقوله تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) يتناول هذا وهذا ـ المعاني والالفاظ ـ (١) ، وقد استدلوا بادلة كثيرة نوجزها بما يلي :

قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(٢) ، قالوا : والتبيين هنا يتناول معاني القرآن والفاظه (٣).

روي عن الصحابة أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، فتعلموا القرآن والعلم والعمل جميعا (٤).

وقالوا أيضا : إن العادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من الفنون كالطب والحساب ولا يشرحونه ، فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم وبه غايتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم (٥). وغيرها من الأدلة (٦).

الرأي الثاني :

وهو خلاف الأول ، ومؤداه أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لم يبيّن لأصحابه إلا القليل من المعاني والألفاظ القرآنية ، ويمثل هذا الرأي بعض العلماء منهم الخوئي ـ على ما حكاه السيوطي ـ والسيوطي أيضا (٧) ، ومن أدلتهم عليه ما يأتي :

__________________

(١) مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ٣٥ ـ ٣٦+ الجامع لاحكام القرآن ، القرطبي ، ١ / ٣٩.

(٢) النحل / ٤٤.

(٣) مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ٣٥+ الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ٢٠٢.

(٤) مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ٣٥+ الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ٢٠٢.

(٥) مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ٣٥+ الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ٢٠٢.

(٦) ظ : الرسالة ، الشافعي ، ٧٣+ مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ٣٥+ رفع الملام ، ابن تيمية ، ٩٤.

(٧) الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ١٩٧.

١٩٣

١ ـ روى الطبري بسنده عن أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها أنها قالت :

ما كان النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) يفسر شيئا من القرآن إلا آيا تعدّ علّمهنّ إياه جبرئيل (١).

٢ ـ إن الله تعالى لم يأمر النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بالتنصيص على مراده (عزوجل) في جميع الآيات ، وذلك لحكمة بالغة هي أن يتدبر المسلمون ما في هذا الآيات الكريمة ويتفكروا فيها (٢).

تخصيص بعض الصحابة رضوان الله تعالى عليهم بدعاء الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لهم بالفقه والعلم كدعائه لابن عباس رضي الله عنه بقوله : اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل (٣) ، يلزم عدم بيانه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كل معاني القرآن ، وإلا تساوى الصحابة في معرفة معاني الكتاب العزيز ، ولما كان لهذا التخصيص من فائدة (٤).

الرأي الثالث :

لقد سلك أصحاب هذا الرأي حدا وسطا بين القولين السابقين مدعين أن الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لم يبيّن كل المعاني القرآنية المباركة ولم يقتصر بيانه (صلى‌الله‌عليه‌وآله) على عدد قليل جدا من الآيات ، وإنما فسّر الكثير منها ، ويمثل أصحاب هذا الرأي جملة من المحدثين الذين كتبوا بعلم التفسير لعدم نهوض أدلة الرأيين السابقين لديهم (٥).

نقد الادلة ومناقشتها :

وفي مناقشة أدلة أصحاب الرأي الأول نقول :

مناقشة الدليل الأول :

المعروف عن الصحابة في ذلك العهد أنهم أئمة اللسان وأمة البيان ، امتازوا بفصاحتهم وبلاغتهم وتذوقهم الأساليب اللغوية الرفيعة ، فكانوا قادرين على فهم ما يتلى عليهم من الآيات البينات إلا ما أشكل عليهم فهمه ، وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنه قوله : التفسير على أربعة أوجه ، وجه تعرفه العرب من كلامها ،

__________________

(١) جامع البيان ، الطبري ، ١ / ٣٧.

(٢) الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ١٩٧.

(٣) مسند الإمام أحمد ، شرح أحمد محمد شاكر ، ٤ / ١٢٧.

(٤) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ١ / ٢٣+ التفسير والمفسرون ، الذهبي ، ١ / ٥١.

(٥) التفسير والمفسرون ، الذهبي ، ١ / ٤٩ ـ ٥٤.

١٩٤

وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله (١). ولكل من هذه الأوجه مصاديق كثيرة في آيات القرآن الكريم لذا كان من البديهي أن لا يتناول البيان المأمور به النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) هذه الأوجه الأربعة ، فمثلا في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ)(٢) فمعنى الآية وأمثالها كثير مما لا يلتبس فهمه على أحد من الصحابة ، بل لا يعذر أحد بجهالته لأنه معلوم بالضرورة ، وكذلك الحال مع كثير من الأوامر والنواهي الواردة في القرآن الكريم كقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(٣) أو كقوله تعالى : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)(٤) وغيرها ، فمثل هذه الآيات مفهومة للجميع مما يخرجها عن البيان المراد من وظيفة رسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله).

مناقشة الدليل الثاني :

أما ما روي عن الصحابة من أنهم تعلموا القرآن والعمل به جميعا من النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فيردّه اختلاف مناهجهم في التفسير أيضا ، بل اختلافهم في تفسير النص الواحد (٥). وليس كلهم ممن كان يسأل النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ويستفهمه عن معاني القرآن الكريم ، روي أن الإمام علي بن أبي طالب قال : وليس كل أصحاب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان يسأله عن الشيء فيفهم ، وكان منهم من لا يسأله ولا يستفهمه حتى أنهم كانوا ليحبون أن يجيء الاعرابي والطاري فيسأل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) حتى يسمعوا (٦).

مناقشة الدليل الثالث :

يكفي في ردّه أن عدم مساءلة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لا تعني تهاون الصحابة رضي الله عنهم في حق القرآن الكريم ، فمعاصرتهم لنزول الوحي وقربهم من الرسول

__________________

(١) جامع البيان ، الطبري ، ١ / ٣٤+ مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ١١٥.

(٢) الفيل / ١ ـ ٢.

(٣) البقرة / ١٨٣.

(٤) النساء / ١١.

(٥) انظر مثلا : تفسير جامع البيان للطبري ستجد أنه أورد اختلافات كثيرة عن الصحابة في تفسير النص وهو منهج التزم به في تفسيره ، وانظر كذلك غيره من التفاسير.

(٦) أصول الكافي ، محمد بن يعقوب الكليني ، ١ / ٦٤.

١٩٥

الكريم (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وتمكنهم من اللغة التي نزل فيها القرآن كل ذلك يستدعي معرفتهم باسباب النزول وملابسات النص واطلاعهم على قرائن الاحوال مما يمكن القول بأنهم ـ مع شغفهم ـ بالقرآن الكريم وتفانيهم من أجل اعلاء كلمة الله كانوا يقتصرون في السؤال على ما يشكل عليهم فهمه من معاني القرآن الكريم.

مناقشة أدلة الرأي الثاني :

مناقشة الدليل الأول :

ويمكن مناقشة هذا الدليل بأن الرواية الواردة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قد ضعف الطبري سندها فهي لا يعتد بها (١) ، والرواية نفسها معارضة بطرق صحيحة أخرى ، فقد جاء عن الإمام علي بن أبي طالب قوله : سلوني ، فو الله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ، وسلوني عن كتاب الله والله ما من آية إلا وأنا أعلم ، بليل نزلت أم بنهار ، وفي سهل أم في جبل (٢). ثم بين مصدر علمه فقال : إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا مسئولا (٣). ومقتضى ذلك أن يكون الإمام علي قد سأل الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله) عن القرآن بأكثر مما ورد في الرواية المستدل بها.

مناقشة الدليل الثاني :

أما هذا الدليل المتكئ على حكمة التدبر والتفكر فهو لا يلزم منه البيان القليل من النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لأن الأمر محصور بالمشكل والغريب وما لا يفهم من القرآن ، ولو كان القرآن كله على هذا النمط لبينه الرسول الكريم (صلى‌الله‌عليه‌وآله) قطعا ، وليس فيه على أن ما فسره وبينه الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله) من التفسير كان قليلا جدا (٤).

مناقشة الدليل الثالث :

أما دليل الدعاء لابن عباس فهو وإن دلّ على أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لم يفسر القرآن جميعا إلا أنه لا يدلّ على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فسّر القليل منه (٥).

__________________

(١) جامع البيان ، الطبري ، ١ / ٣٩.

(٢) الطبقات الكبرى ، ابن سعد ، ٢ / ٢٣٨+ الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ١ / ٣٥+ الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ٢٣٣.

(٣) الطبقات الكبرى ، ابن سعد ، ، ٢ / ٢٣٢+ حلية الأولياء ، الاصفهاني ، ١ / ٩٥.

(٤) التفسير والمفسرون ، الذهبي ١ / ٥٣.

(٥) المصدر نفسه والصفحة.

١٩٦

الرأي الراجح :

والراجح في المسألة هو أنه لو تصفحنا ما كتب وما موجود في السنة النبوية المشرفة مستعرضين ما جاء من تفسير القرآن الكريم عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) لوجدنا الكثير من ذلك ، ولأيقنّا أن الذي فسره الرسول الكريم (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وبينه ليس بنادر كما يظنه البعض ، وفي نفس الوقت لا نستطيع أن نقول بأنه قد فسر كل القرآن الكريم ، بل أن الذي لم يرد له تفسير قد يكون هو الأكثر ، أما أنه قد فسر جملة كبيرة من الآيات فهذه كتب الصحاح والسنن والمسانيد تشهد بذلك ، فهي مشحونة بأحاديث مرفوعة الى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) أو ما في حكمها زيادة عما ورد من أحاديث كثيرة تبين ما ورد من عموم في آية أو أجمال في أخرى وإن لم تقترن مباشرة بتفسير الآيات.

فمثلا أورد البخاري في صحيحه أحاديث تفسيرية كثيرة قال ابن حجر بعد استقصائها : اشتمل كتاب التفسير على خمسمائة حديث وثمانية وأربعين حديثا والبقية معلقة وفي معناها المكرر من ذلك فيه وفيما مضى اربعمائة وثمانية وأربعون حديثا (١) ، وأورد السيوطي كذلك في آخر كتابه جملة من الأحاديث التفسيرية المرفوعة (٢) ، وقد بين ضعف بعضها.

أما لما ذا لم يفسر القرآن كله ، وترك بعضه بدون بيان ، لأنه أمر طبيعي آنذاك لفهم العرب للغة القرآن وأسلوبه من جهة وإن سؤال الصحابة رضوان الله عليهم كان يتعلق فيما قد خفي عليهم من الأسباب التي ذكرناها من جهة أخرى وأما ما سوى ذلك فهو كتاب بلسان عربي مبين.

فهناك مئات من الآيات المتعلقة بقصص الأمم الماضية لم تفسر لكونها واضحة المعنى ، بينة المقصد ، وبما أن تلك القصص لما كانت غالبا لا تتعلق بالحلال والحرام فلم يكن الصحابة ليشغلوا أنفسهم بها بل كانوا يأخذون موضع العبرة منها فقط ، ولا يدققون في كل ما ورد فيها ، بل كانت غايتهم موجهة لمعرفة

__________________

(١) فتح الباري ، ابن حجر العسقلاني ، ١ / ٦٠٤.

(٢) الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ١٩١ ـ ٢٠٥.

١٩٧

الحلال والحرام ، أي فيما ثبت أنه عملي ، وواقعي وكما ثبت عنهم أنهم (كانوا يكرهون الكلام فيما ليس تحته عمل) (١).

وهناك أيضا مئات الآيات الكونية لم تفسر ولم يسأل عنها الصحابة لكونها واضحة المعنى وذلك لأن (الآيات الكونية والآفاقية مجال للنظر والتفكير والتدبر ، ويختلف تناولها والاستفادة منها بتغاير العقول والفهوم ، وتتطور بتطور الازمان والاجيال ، فمن ثم كان موقف القرآن منها موقف الداعي الى التفكير والتدبر والملاحظة والتجربة ، والاستفادة بما أودعه الله فيها من أسرار وسنن) (٢).

وما جاء في القرآن الكريم من آيات متشابهات وبيان حكمة التشريعات القرآنية وبيان وجوه اعجاز القرآن والتعمق في أسرار الاسلوب القرآني لم يبين منها شيء (٣) ، فلهذا كله نستطيع أن نقول : أن بيان الرسول الكريم (صلى‌الله‌عليه‌وآله) المعاني القرآنية كان بحسب الحاجة في ذلك الوقت ولاولئك القوم ، فلم يكونوا بحاجة الى تفسير ما يتلى عليهم مما هم بحقيقته عارفون ، هذا من جهة وأن الصحابة أحيانا يسألون بعضهم بعضا عن المعاني القرآنية وكان فيهم فطاحلة التفسير وجهابذته كالإمام علي وأبي بن كعب وعبد الله بن عباس وغيرهم من جهة أخرى.

وقد التزم الإمام الباقر بتفسير القرآن الكريم بالسنة النبوية الصحيحة الصدور التزاما دقيقا ، وكان متمسكا بسنة جده رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) اعتقادا وسلوكا ، وكانت عنده لها من القدسية ما جعله معها مؤرخا مختصا بسيرة جده (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، ويجدر بنا أن نذكر هنا من أن عدد ما روى الإمام الباقر من روايات تفسيرية في هذا المجال بعد أن أجرينا عليها استقراء شاملا من كتب الحديث والتفسير عند الفريقين وصلت إلى (١٢٨) رواية ، سأعرض لنماذج منها مصنفا طرق اعتماده على السنة في تفسير القرآن على طريقين الأول : بالتصريح بأنها

__________________

(١) الشفا ، القاضي عياض ، ٤ / ٤٣٥+ روح المعاني ، الآلوسي ، ٣ / ٤٧.

(٢) اسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ، محمد أبو شهبة ، ٧١+ ظ : تطور التفسير ، د. محسن عبد الحميد ، ١٩.

(٣) تطور التفسير ، د. محسن عبد الحميد ، ١٨ ـ ٢٠.

١٩٨

سنة قولية والثاني اعتماده في تفسير القرآن الكريم على السيرة النبوية ، وقد راعيت في كل ذلك تسلسل ورود السور والآيات في المصحف.

* المطلب الثاني : تفسير آيات من القرآن بأسلوب التصريح بقول النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله):

واليك نماذج منها :

١ ـ أخرج السيوطي عن أبي عبد الله جعفر محمد عن أبيه أبي جعفر الباقر عن آبائه في تفسير قوله تعالى : (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ)(١) ، قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : إن الله لما خلق الدنيا لم يخلق فيها ذهبا ولا فضة فلما أن أهبط آدم وحواء أنزل معهما ذهبا وفضة فسلكه ينابيع في الأرض منفعة لأولادهما من بعدهما وجعل ذلك صداق آدم حواء ، فلا ينبغي لأحد أن يتزوج إلا بصداق (٢).

ولم أجد عند تتبع هذه الرواية ـ في حدود ما استطعت تتبعه ـ ما يوافقها ولو بالمعنى من طريق الإمامية ، ومقتضى قوله تعالى : (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(٣) ، نحكم على هذه الرواية بالضعف لأن آدم لم يتزوجها في الأرض بل في الجنة قبل الهبوط.

٢ ـ أخرج العياشي بسند صحيح عن عبد الله بن عطاء المكي عن الإمام أبي جعفر الباقر عن آبائه عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في تفسير قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ ...)(٤) ، قال الإمام الباقر : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) إنما كان لبث آدم وحواء في الجنة حتى خرجا منها سبع ساعات من أيام الدنيا حتى أكلا من الشجرة فاهبطهما الله إلى الأرض من يومهما ذلك ، قال : فحاج آدم ربه فقال : يا رب أرأيتك أن تخلقني كنت قدّرت عليّ هذا الذنب وكلما صرت وأنا صائر إليه أو هذا الشيء فعلته أنا من قبل أن تقدّره عليّ ، غلبت عليّ شقوتي ، فكان ذلك

__________________

(١) البقرة / ٣٦.

(٢) الدر المنثور ، السيوطي ، ١ / ٥٦.

(٣) البقرة ، ٣٥.

(٤) البقرة ، ٣٥.

١٩٩

مني وفعلي لا منك ولا من فعلك؟ فقال له : يا آدم أنا خلقتك وعلمتك إني أسكنك وزوجك الجنة بنعمتي وما جعلت فيك من قوتي ، قويت بجوارحك على معصيتي ولم تغب عن عيني ، ولم يخل علمي من فعلك ولا مما أنت فاعله ، قال آدم : يا رب الحجة لك عليّ ، قال : فحين خلقتك وصورتك ونفخت فيك من روحي وأسجدت لك ملائكتي ونوهت باسمك في سمواتي وابتدأتك بكرامتي واسكنتك جنتي ولم أفعل ذلك إلا برضا مني عليك ، ابتليتك بذلك من غير أن يكون عملت لي عملا تستوجب به عندي ما فعلت بك ، قال آدم : يا رب الخير منك والشر مني ، قال الله : يا آدم ، أنا الله الكريم خلقت الخير قبل الشر ، وخلقت رحمتي قبل غضبي ، وقدمت بكرامتي قبل هواني ، وقدمت باحتجاجي قبل عذابي ، يا آدم ألم أنهك من الشجرة وأخبرك أن الشيطان عدو لك ولزوجك؟ واحذر كما قبل أن تصيرا الى الجنة واعلمكما أنكما إن أكلتما من الشجرة لكنتما ظالمين لأنفسكما ، عاصين لي ، يا آدم لا يجاورني في جنتي ظالم عاصي لي (١)

٣ ـ روى محمد بن يعقوب الكليني بسنده عن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام أبي جعفر الباقر في تفسير قوله تعالى : (... وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ)(٢) ، قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : من كتم شهادة أو شهد بها ليهدر بها دم امرئ مسلم أو ليزوي مال امرئ مسلم أتى يوم القيامة ولوجهه ظلم مد البصر وفي وجهه كدوح تعرفه الخلائق باسمه ونسبه (٣).

٤ ـ روى محمد بن يعقوب أيضا بسنده عن سلام بن المستنير قال : قال أبو جعفر الباقر في تفسير قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(٤) : أما أن أصحاب محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله) قالوا : يا رسول الله نخاف علينا من النفاق ،

__________________

(١) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ٣٥ ـ ٣٦+ تفسير القرآن ، علي بن إبراهيم القمي ، ١ / ١٦٠+ بحار الأنوار ، المجلسي ، ٧ / ٧٢+ الميزان في تفسير القرآن ، محمد حسين الطباطبائي ، ١ / ١٤٧ فيه رواية الصدوق عن مشيخته عن الإمام الباقر.

(٢) البقرة / ٢٨٣.

(٣) فروع الكافي ، محمد بن يعقوب الكليني ، ٥ / ٧٦+ من لا يحضره الفقيه ، الشيخ الصدوق ، ٢ / ٥٦+ تفسير نور الثقلين ، العروسي الحويزي ، ١ / ٢٥٠ ـ ٢٥١.

(٤) البقرة / ٢٢٢.

٢٠٠