الإمام الباقر عليه السلام وأثره في التّفسير

الدكتور حكمت عبيد الخفاجي

الإمام الباقر عليه السلام وأثره في التّفسير

المؤلف:

الدكتور حكمت عبيد الخفاجي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البلاغ
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٠

١٩ ـ قال الحافظ المفسر المؤرخ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت : ٧٧٤ ه‍) : هو تابعي جليل ، كبير القدر ، أحد أعلام هذه الأمة علما وعملا وسيادة وشرفا ... سمي الباقر لبقره العلوم واستنباطه الحكم (١).

٢٠ ـ قال الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي (ت : ٩٧٤ ه‍) : أبو جعفر محمد الباقر ، سمي بذلك من بقر الأرض أي شقها وأثار مخبآتها ومكامنها ، فلذلك هو أظهر من مخبآت كنوز المعارف ، وحقائق الأحكام والحكم واللطائف ما لا يخفى إلا على منطمس البصيرة ، أو فاسد الطوية والسريرة (٢).

٢١ ـ قال جمال الدين أحمد بن علي بن عنبة الأصغر (ت : ٨٢٨ ه‍) : كان محمد الباقر واسع العلم ، وافر الحلم ، وجلالة قدره أشهر من أن ينبه عليها (٣).

٢٢ ـ قال محمد بن محمد الجزري (ت : ٨٣٣ ه‍) : محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو جعفر الباقر ، لأنه بقر العلم أي شقه وعرف ظاهره وخفيه ، وكان سيد بني هاشم علما وفضلا وسنة (٤).

٢٣ ـ ونقل شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت : ٨٥٢ ه‍) أقوال العلماء فيه ومنها : قال العجلي : مدني تابعي ، ثقة. وقال ابن البرقي : كان فقيها فاضلا. وذكره النسائي في فقهاء أهل المدينة من التابعين (٥).

٢٤ ـ قال الإمام علي بن محمد بن أحمد المالكي الشهير بابن الصباغ (ت : ٨٥٥ ه‍) : هو باقر العلم وجامعه وشاهره ورافعه ومتفوق دره وراصعه ، صفا قلبه ، وزكا عمله ، وطهرت نفسه ، وشرفت أخلاقه (٦).

__________________

(١) البداية والنهاية ، ابن كثير الدمشقي ، ٩ / ٣٠٩.

(٢) الصواعق المحرقة ، الهيثمي ، ١٢٠.

(٣) عمدة الطالب ، ابن عنبة الأصغر ، ١٨٤.

(٤) غاية النهاية ، ابن الجزري ، ٢ / ٢٠٢.

(٥) تهذيب التهذيب ، العسقلاني ، ٩ / ٣٥٠ ـ ٣٥١.

(٦) الفصول المهمة ، ابن الصباغ المالكي ، ١٩٢.

١٢١

٢٥ ـ قال مؤرخ دمشق شمس الدين محمد بن طولون (ت : ٩٥٣ ه‍) : كان الباقر عالما ، سيدا كبيرا ، وإنما قيل له الباقر لأنه بقر العلم أي توسع فيه (١).

٢٦ ـ قال العالم عبد الرءوف المناوي (ت : ١٠٢٢ ه‍) : محمد الباقر بن علي بن الحسين ، سمي به لأنه بقر العلم أي شقه فعرف أصله وخفيه ، وله من الرسوخ في مقام العارفين ما تكل عنه ألسن الواصفين ، وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف يعجز عن حكايتها الواصف (٢).

٢٧ ـ قال المؤرخ الأديب أبو الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي (ت : ١٠٨٩ ه‍) : أبو جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، كان من فقهاء أهل المدينة ، وقيل له الباقر لأنه بقر العلم أي شقه وعرف أصله وتوسع فيه ، وهو أحد الأئمة الاثني العشر على اعتقاد الإمامية ، قال عبد الله بن عطاء : ما رأيت العلماء أصغر منهم علما عنده ، وله كلام نافع في الحكم والمواعظ (٣).

٢٨ ـ قال الشيخ محمد باقر المجلسي (ت : ١١١١ ه‍) : لم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين من العلوم ما ظهر منه في التفسير والكلام والفتيا والحلال والحرام ... وقد روى عنه معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين ورؤساء فقهاء المسلمين ، فمن الصحابة : جابر بن عبد الله الأنصاري ، ومن التابعين نحو : جابر بن يزيد الجعفي وكيسان السختياني صاحب الصوفية ، ومن الفقهاء نحو : ابن المبارك ، والزهري ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ... ومن المصنفين نحو : الطبري ، والبلاذري ، والخطيب في تواريخهم ، وفي الموطأ وشرف المصطفى وحلية الأولياء ، وسنن أبي داود ، ومسند أبي حنيفة ، وترغيب الأصفهاني ، وبسيط الواحدي وتفسير العياشي ، والزمخشري ، ومعرفة أصول السمعاني وكانوا يقولون : محمد بن علي ، وربما قالوا : محمد الباقر (٤).

__________________

(١) الشذرات الذهبية ، ابن طولون ، ٨١.

(٢) الكواكب الدرية ، المناوي ، ١ / ١٦٤.

(٣) شذرات الذهب ، ابن العماد الحنبلي ، ١ / ١٤٩.

(٤) بحار الأنوار ، المجلسي ، ١١ / ٨٤.

١٢٢

٢٩ ـ قال الحافظ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي (ت : ١٢٩٤ ه‍) : أظهر مكنونات كنوز المعارف وحقائق الأحكام واللطائف ما لا يخفى إلا على منطمس البصيرة أو فاسد الطوية والسريرة ، وهو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه ورافعه بصفاء قلبه وذكاء نفسه وطهر نسبه وشرف خلقه (١).

٣٠ ـ قال صلاح الدين بن خليل بن أيبك الصفدي : كان أحد من جمع العلم والفقه والديانة والثقة والسؤدد ، وكان يصلح للخلافة ، وهو أحد الأئمة الاثني عشر (٢).

٣١ ـ قال محمد بن حبان البستي : محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، والد جعفر بن محمد الصادق ، من أفاضل أهل البيت وقرائهم (٣).

٣٢ ـ قال عبد القادر الشيخاني : محمد الباقر كان أشهر أهل زمانه ، وأكملهم فضلا ، وأعظمهم نبلا ، ولم يظهر في زمنه عند أحد من علم الدين والسنن وعلم القرآن والتفسير وفنون الآداب مثل ما ظهر منه (٤).

٣٣ ـ قال التلمساني : محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وهو والد جعفر الصادق يقال له الباقر ، سمي باقرا ، لتبحره في العلم ، وهو الشق والتوسعة ، تابعي ، عدل ، ثقة ، وإمام مشهور (٥).

٣٤ ـ قال الأستاذ محمد فريد وجدي : كان الباقر عالما نبيلا ، وسيدا جليلا ، وسمي الباقر لأنه بقر العلم أي توسع فيه (٦).

٣٥ ـ قال الأستاذ خير الدين الزركلي : أبو جعفر الباقر خامس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ، كان ناسكا عابدا ، له في العلم والتفسير آراء وأقوال ، ولد بالمدينة وتوفي بالحميمة (٧).

__________________

(١) ينابيع المودة ، القندوزي الحنفي ، ٤٣٣.

(٢) الوافي بالوفيات ، الصفدي ، ٤ / ١٠٢.

(٣) مشاهير علماء الأمصار ، البستي ، ٦٢.

(٤) الصراط السوي ، الشيخاني ، ١٩٤.

(٥) شرح الشفا ، الخفاجي ، ١ / ٢٩٢.

(٦) دائرة معارف القرن العشرين ، محمد فريد وجدي ، ٣ / ٥٦٣.

(٧) الأعلام ، الزركلي ، ٣ / ٩٣٢.

١٢٣

٣٦ ـ قال الشيخ محمد أبو زهرة : وكان محمد ابنه ـ أي ابن زين العابدين ـ وريثه في إمامة العلم ، ونبل الهداية ، ولذا كان مقصد العلماء من كل البلاد الإسلامية وما زار أحد المدينة إلا عرج على بيت محمد الباقر يأخذ عنه (١).

٣٧ ـ قال الشيخ أحمد فهمي : الإمام الباقر ، هو خامس الأئمة عند الإمامية وكان (رضي الله عنه) أصدق الناس ، وأحسنهم بهجة ، وأبدعهم لهجة (٢).

اكتفينا بذكر هذه الأقوال لما فيها من كفاية في توضيح مكانة الإمام الباقر (عليه‌السلام) ، وما قال العلماء في حقه ، فهم سجلوا إكبارهم وتقديرهم لشخصيته الفذة بما كشفوه من بعض الجوانب المضيئة من حياته ، ويمكن أن نستخلص مما تقدم ما يلي :

أولا : كان من الرواد الأوائل للحركة العلمية في عصره.

ثانيا : كان على درجة عالية من الورع والحرج في الدين ، ومن العارفين ، مما جعله إمام المتقين والمنيبين (٣).

ثالثا : لم يكن هناك من يضاهيه في الفضل والعلم لتقدمه على علماء عصره ، وأنه كان يفوق إخوته في الفضل والعلم وأبناء عمومته وسائر المنتمين إلى الشجرة العلوية ، كما ورد في الفقرة العاشرة من الشهادات السالفة.

رابعا : سعة علوم الإمام ومعارفه في الفقه والكلام والتفسير والتاريخ والحكم والآداب ، لهذا قال ما قال عنه عمر بن عبد العزيز في الفقرة السابعة من الشهادات السالفة.

* * *

__________________

(١) الإمام الصادق ، محمد أبو زهرة ، ٢٢.

(٢) الإمام زين العابدين ، أحمد فهمي أبو سنة ، ١٨.

(٣) حياة الإمام الباقر ، باقر شريف القرشي ، ١ / ١١٢.

١٢٤

الفصل الثّالث

رواته ومن روى عنهم

ويتضمن :

* المبحث الأول : من روى عنهم

* المصدر الأول : آباؤه (عليهم‌السلام)

* المصدر الثاني : الصحابة (رضي الله عنهم)

* المبحث الثاني : رواة الإمام الباقر (عليه‌السلام)

١٢٥
١٢٦

المبحث الأول

من روى عنهم الإمام

قبل أن نتكلم على من روى عنهم الإمام الباقر (عليه‌السلام) ، يجب أن نوضح مسألة مهمة ترتكز عليها الفصول الآتية من هذه الدراسة ، وهي أن الروايات التي نستدل بها على ما نريد التوصل إليه من حقائق علمية أو نناقشها مدحضين أو مرجحين ، كلها روايات تفسيرية متعلقة بآيات الذكر الحكيم.

وتنقسم روايات الإمام الباقر (عليه‌السلام) عمن روى عنهم إلى قسمين رئيسين :

أولهما : روايته عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) من طريق آبائه (عليهم‌السلام).

ثانيهما : روايته عن بعض الصحابة ؛ أمثال جابر بن عبد الله الأنصاري ، وعمر بن الخطاب ، وابن عباس ، وزيد بن أرقم ، وأبو ذر الغفاري ، وأم سلمة (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين).

وكل ما روي عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) من روايات التي أثرت عنه في عالم التشريع والأحكام وتفسير القرآن هي لا تحكي آراءه الخاصة وإنما هي امتداد لقول الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وفعله ، ولذا ألحقت بالسنة الشريفة ـ عند الإمامية ـ فيكاد يكون من قبيل المسلمات عندهم إذا صح السند وقد انفرد الإمامية بهذا المنهج الروائي. وإن الإمام الباقر (عليه‌السلام) وكما تدل عليه سيرة حياته تتلمذ على آبائه من آل البيت فقد عاش مع جده الحسين ومع أبيه الإمام زين العابدين ولم تعرف له مشيخة غير هذا الذي قلناه ، ولذلك فإن ما آثر عنه من أقوال ـ وكما يصر الإمامية على ذلك أيضا ـ فهي عن آبائه عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، ويدل على ذلك مجموعة من الأحاديث نوردها هنا بأسانيدها :

١٢٧

١ ـ في حديث للإمام الباقر (عليه‌السلام) مع جابر بن يزيد الجعفي قال لجابر : إنا لو كنا نحدثكم برأينا لكنا من الهالكين ، ولكن نحدثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم (١).

٢ ـ وسئل الإمام الباقر (عليه‌السلام) مرة عن سنده في ذلك فقال : إذا حدثت بالحديث فلم أسنده فسندي فيه أبي زين العابدين عن أبيه الحسين الشهيد عن أبيه علي بن أبي طالب عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (٢).

٣ ـ وورد بهذا اللفظ أيضا عن الإمام الصادق ، فقد روى محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان قالوا : سمعنا أبا عبد الله يقول : حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث الحسين وحديث الحسين حديث الحسن وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وحديث رسول الله قول الله (عزوجل) (٣).

وفي تفسير هذين الحديثين رأيان :

الأول : إن حديث كل إمام من الأئمة هو حديث من سبقه من جهة اللفظ وخصوصيته وبذلك تكون أحاديثهم مسندة غير مرسلة.

والثاني : إن الاتحاد من جهة العلم المندرج فيه من حيث إن علومهم متحدة لأنها من منبع واحد ، وبذلك يكون حكم حديثهم من جهة الإسناد مسندا ، ومن جهة المتن كالرواية بالمعنى.

وقد روي عن محمد بن عيسى بسند صحيح : أن رجلا سأل الإمام الباقر (عليه‌السلام) عن مسألة فأجابه ثم قال له : ما أجبتك فيه من شيء فهو عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) (٤).

__________________

(١) ناسخ التواريخ ، محمد تقي الكاشاني ، ٢ / ٢١٧.

(٢) أعلام الورى ، الطبرسي ، ٢٧٠.

(٣) معرفة علوم الحديث ، الحاكم النيسابوري ، ٥٥+ الشافي ، عبد الحسين المظفر ، ٢ / ١٠٣+ أصول الكافي ، الكليني ، ١ / ٤٣ وقريب منه في حلية الأولياء ، الأصفهاني ، ٣ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.

(٤) الشافي في شرح أصول الكافي ، الشيخ عبد الحسين المظفر ، ٢ / ١٢٨.

١٢٨

وورد عن علي بن إبراهيم عن النوفلي عن السكوني أن الصادق قال : ما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه (١).

وقد ظهر في بعض الكتابات : أن روايات الإمام الباقر (عليه‌السلام) عن جده أمير المؤمنين وجده الحسن وبعض الصحابة والصحابيات عند بعض العلماء من المراسيل لما ورد عن ابن أبي حاتم : محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو جعفر ، أنبأنا محمد بن حموية بن الحسن قال : سمعت أبا طالب ـ يعني أحمد بن حميد ـ يقول : سألت أحمد بن حنبل عن محمد بن علي سمع من أم سلمة؟ قال : لا يصح أنه سمع ، قلت : سمع من عائشة؟ فقال : لا ، ماتت عائشة قبل أم سلمة ، سمعت أبي يقول : أبو جعفر محمد بن علي لم يلق أم سلمة ، قال أبو زرعة : محمد بن علي بن الحسين عن عمر مرسل ، قال أبو زرعة : محمد بن علي الحسين عن علي مرسل ، سمعت أبا زرعة يقول : محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم) لم يدرك عمر ولا أباه عليا (٢).

وهذا مناقش بأن الإمام الباقر (عليه‌السلام) قد كشف عن أسانيد حديثه ، والحديث المكشوف عن أسانيده والمنحصر فيها لا يمكن أن يكون من المراسيل لأن جمهور المحدثين يرون أن المرسل هو ما رفعه التابعي إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) من قول أو فعل سواء كان التابعي صغيرا أو كبيرا (٣).

والحال أن روايات الإمام الباقر (عليه‌السلام) ليست مرفوعة هكذا لما تقدم من الروايات الدالة على سند أقوال الإمام التي تتصل بالنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، هذا إضافة إلى أن مرسل الإمام الباقر (عليه‌السلام) ـ لو سلمنا ـ لا يقل عن مرسل سعيد بن المسيب ، ولا يقل عن مراسيل الحسن البصري ، فقد روي عن يحيى القطان قوله : ما قال الحسن في حديثه قال رسول الله إلا وجدنا له أصلا ، وكذلك قول ابن عدي (٤).

__________________

(١) المصدر نفسه ، ٢ / ١٥٣.

(٢) المراسيل ، ابن أبي حاتم الرازي ، ١١٥+ تهذيب التهذيب ، العسقلاني ، ٩ / ٣٥١.

(٣) البداية في علم الدراية ، الشهيد الثاني ، ٤٧+ المستصفى ، الغزالي ، ١ / ١٦٩ ـ ١٧٠.

(٤) علل الترمذي ، ابن رجب الحنبلي ، ٢٢٢.

١٢٩

وما قاله علي بن المديني : أن مرسلات الحسن صحاح ما قل ما يسقط منها (١).

ولقد كشفت المسألة ، فقد روى محمد بن موسى الخرشي عن محارب عن يونس قال سألت الحسن : يا أبا سعيد إنك تقول قال رسول الله ولم تدركه؟ قال : كل شيء سمعتني أقول قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فهو عن علي (عليه‌السلام) ، غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر عليا (٢).

وهذا يدل على أن مراسيل الحسن أكثرها عن الصحابة.

أما عن مراسيل سعيد بن المسيب ، فقد روى الفضل بن زياد عن أحمد : مراسيل سعيد بن المسيب أصح المراسيل (٣).

وقيل إن مراسيله حجة عند الإمام الشافعي ، فقد روى يونس بن عبد الأعلى قال : قال لي الشافعي : ليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع ابن المسيب (٤).

ومراده أن يعتبر بمرسل سعيد بن المسيب.

ولقد كان يحتج العلماء بالمرسل بناء على قصر الأسانيد ، فقد احتج بها سفيان ومالك والأوزاعي ، أما الفقهاء فعندهم إذا عضد المرسل قرائن تدل على أن له أصلا قوي الظن فيحتج به لما أحتف به من القرائن (٥).

وقال الشافعي أيضا في كتاب الرهن الصغير ، وقد قيل له : كيف قبلتم عن ابن المسيب منقطعا ولم تقبلوا من غيره؟ قال : لا يحفظ لابن المسيب منقطعا إلا وجدنا ما يدل على تسديده ولا أثره عن أحد فيما عرفنا عنه إلا عن ثقة معروف ، فمن كان بمثل حاله قبلنا منقطعه (٦).

إذن فكيف يكون الأمر بالنسبة لمرويات الإمام الباقر (عليه‌السلام) إذا سلمنا بفرض انقطاعها ، إذا كان الأمر كذلك بالنسبة للحسن البصري أو عامر الشعبي أو سعيد بن

__________________

(١) المصدر نفسه / ٢٢٧.

(٢) المصدر نفسه والصفحة.

(٣) علل الترمذي ، ابن رجب الحنبلي ، ٢٢٨.

(٤) المراسيل ، ابن أبي حاتم ، ١١٥.

(٥) ظ : التقريب ، النووي ، ١ / ١٦٠.

(٦) الأم ، الشافعي ، ٣ / ١٦٧.

١٣٠

المسيب وهم مع جلالة قدرهم وعظيم منزلتهم قد شهدوا قبل غيرهم بفضل وعلم آل البيت (عليهم‌السلام).

هذا بالنسبة لمعالجة روايات الإمام عن آبائه وعن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، أما بالنسبة لمعالجة رواياته عن بعض الصحابة فإننا نستطيع أن نقول مطمئنين : إن روايته عن بعض الصحابة داخلة في هذا السند فهو مثلا إذا أرسل عن أم سلمة أو عائشة أو عمر (رضي الله عنه) فإنما طريقه إلى ذلك هو أحد آبائه الكرام.

أما أحاديث الإمام الباقر (عليه‌السلام) ورواياته التي يذكر سنده فيها عن آبائه عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فلا داعي لمعالجتها فهي حجة عند الفريقين إن صح طريق سندها إليه. ولذلك صارت روايات آل البيت عند الشيعة الإمامية امتدادا للسنّة النبوية الشريفة. وورد عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) حول كيفية الأخذ بالحديث الوارد عنهم آل البيت قوله عند تفسيره لقوله تعالى : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)(١) ، فقد روى جعفر بن محمد الفزاري بسنده عن جابر بن يزيد الجعفي قال الإمام الباقر (عليه‌السلام) : يا جابر ، إن ورد عليكم حديث من آل محمد فعرفتموه فلانت له قلوبكم فتمسكوا به فإنه الحق المبين ، وما ثقل عليكم فلم تحملوه فردوا علينا ألم تسمع قوله تعالى : (وَلَوْ رَدُّوهُ ...)(٢).

ويوجه هذا الحديث بأن الذي يعمل بأحاديث آل البيت يجب عليه التروي في ذلك والتثبت عند نقل مروياتهم أو عند العمل بها.

ومهما يكن من أمر ، فإن روايات الإمام الباقر (عليه‌السلام) من حيث الإرسال ـ إذا سلمنا به ـ أو الإسناد فهي حجة بلا خلاف على مبنى الإمامية إن صح طريق سندها إليه ، وإلا فتعامل معاملة بقية الأخبار التي فيها الضعيف والموثق والحسن.

وعلى مبنى جمهور العلماء فأرجو أن تعامل روايات الإمام الباقر (عليه‌السلام) التي لا يذكر سنده فيها مثل روايات سعيد بن المسيب والحسن البصري وبهذا ينقسم من روى عنهم الإمام أو مصادر الرواية عنده إلى مصدرين رئيسيين :

__________________

(١) النساء / ٨٣.

(٢) تفسير القرآن الكريم ، فرات الكوفي ، ٣٥.

١٣١

الأول : آباؤه (عليهم‌السلام)

١ ـ علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الهاشمي ، ابن عم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وصهره على ابنته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وأبو السبطين ، وهو أول هاشمي ولد بين هاشميين ، وأول خليفة من بني هاشم ، وهو أول الناس إسلاما في قول كثير من العلماء ، وشهد جميع المشاهد مع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) إلا تبوك فإن رسول الله خلفه على أهله وعلى المدينة ، وإن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) كلما آخى بين المهاجرين ، وبين المهاجرين والأنصار يقول لعلي في كل واحدة منهما : أنت أخي في الدنيا والآخرة ، وأخباره ومناقبه لا تحصى ، استشهد على يد أحد الخوارج في مسجد الكوفة لإحدى عشرة بقيت من شهر رمضان من سنة ٤٠ للهجرة (١).

٢ ـ الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، أبو محمد ، سبط النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله سيدة نساء العالمين ، وهو سيد شباب أهل الجنة وريحانة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وشبيهه وهو رابع أهل الكساء ، ولد في النصف من رمضان سنة ثلاث للهجرة ، وسماه جده رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وأخويه الحسين ومحسن ، وقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وحج الحسن عدة حجات ماشيا وقاسم الله ماله ثلاث مرات وخرج من ماله كله مرتين ، وكان من المبادرين إلى نصرة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) ، وولي الخلافة بعد قتل أبيه وبقي نحو سبعة أشهر خليفة بالعراق وما وراءه من خراسان والحجاز واليمن ، ثم سار إليه معاوية إلى الشام وسار هو إلى معاوية وبعد ذلك أمضى معه الصلح.

__________________

(١) انظر مصادر ترجمته : أسد الغابة في معرفة الصحابة ، ابن الأثير ، ٤ / ١٦ ـ ٤١+ شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ، ١ / ٤ ـ ١٣+ الإصابة في تمييز الصحابة ، العسقلاني ، ٢ / ٣٦٠ وغيرها.

١٣٢

توفي بالمدينة سنة إحدى وخمسين للهجرة ، وكان سبب موته أو وفاته أن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس سقته السم ، ولم ترض بنو أمية أن يدفن مع جده رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فدفن في بقيع الغرقد (١).

٣ ـ الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، أبو عبد الله ريحانة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وشبيهه من الصدر إلى أسفل ، ولما ولد أذن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في أذنه ، وهو سيد شباب أهل الجنة وخامس أهل الكساء ، وسيد الشهداء ، أمه فاطمة الزهراء ، ولد سنة ست للهجرة ، روى عن جده رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فقد تقدم في ذكر أخيه الإمام الحسن أحاديث مشتركة بينهما فلا حاجة إلى إعادة متونها ، وقصة ثورته على الحكم الأموي واستشهاده في معركة الطف مشهور.

وكان الإمام الحسين (عليه‌السلام) فاضلا ، كثير الصوم والصلاة والحج والصدقة وأفعال الخير جميعها ، ومناقبه وفضائله لا تحصى ، وقد استشهد يوم عاشوراء سنة إحدى وستين هجرية ، وعن يوم استشهاده وما حصل فيه راجع تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني وما أورده من روايات عن الثقاة في ذلك (٢).

٤ ـ علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، أبو محمد ، روى ابن سعد (٣) عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) أنه كان يكنى أبا الحسين ، وأمه شهربانويه بنت يزد جرد وهو آخر ملوك فارس واسمها سلافة (٤) ، هو والقاسم بن محمد بن أبي بكر (رضي الله عنه) ابنا خالة.

ولد الإمام الراهب الساجد ، الراغب ، قدوة الزاهدين في المدينة لتسع خلون من شعبان سنة ثمان وثلاثين وقيل سبعة وثلاثين وقيل ستة وثلاثين للهجرة ، وهو الإمام الرابع عند الإمامية الاثني عشرية ، وقد أجمع العلماء على فضله وعلمه وعبادته فهو

__________________

(١) انظر مصادر ترجمته : أسد الغابة ، ابن الأثير ، ٢ / ٩ ـ ١٥+ تهذيب الكمال ، المزي ، ٥ / ٤٤٣+ تهذيب التهذيب ، العسقلاني ، ٢ / ٢٩٥ ـ ٣٠٠+ الأعلام ، الزركلي ، ٢ / ٩٥ وغيرها.

(٢) انظر مصادر ترجمته : أسد الغابة ، ابن الأثير ، ٢ / ١٨ ـ ٢٣+ تهذيب التهذيب العسقلاني ، ٢ / ٣٤٥ ـ ٣٥٦+ الإصابة العسقلاني ، ١ / ٣٠٠ وغيرها.

(٣) الطبقات الكبرى ، ابن سعد ، ٣ / ٢١٠.

(٤) وفيات الأعيان ، ابن خلكان ، ٤ / ١٢١+ الكامل في الأدب ، المبرد ، ٢ / ١٦١.

١٣٣

نهاره صائم ، وليله قائم ، أعبد أهل زمانه وأزهدهم ، وكان إذا قام للصلاة تغير لونه ، وإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقا ، توفي مسموما في ملك الوليد بن عبد الملك وكان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء لكثرة من مات فيها منهم ، وكانت وفاته في المدينة يوم السبت إحدى عشرة بقيت من المحرم سنة ٩٤ للهجرة (١).

٥ ـ محمد بن الحنفية المدني ، أبو القاسم ، محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي ، ولد سنة إحدى وعشرين للهجرة ، وتوفي سنة ثلاث وسبعين لها ، من أفاضل أهل البيت ، ثقة ، عالم ، من الثانية ، أخرج له أصحاب الكتب الستة (٢).

الثاني : الصحابة (رضوان الله عليهم)

١ ـ أبو ذر الغفاري ، جندب بن جنادة ، وقيل جندب بن السكن ، وقيل بريد بن جنادة من أصحاب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وفيه قال رسول الله : ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء على ذي لهجة اصدق من أبي ذر ، وهو سادس أو سابع من اسلم في مكة ، وهاجر إلى المدينة ، وقصة نفيه إلى الربذة مشهورة توفي (رضي الله عنه) سنة اثنتين وثلاثين للهجرة ، روى له الستة (٣).

٢ ـ أبو سعيد الخدري ، سعد بن مالك بن سنان الأنصاري الخزرجي (ت : ٧٤ ه‍) ، من أعلام أصحاب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ومن الحفاظ المكثرين ، روى له الستة (٤).

٣ ـ أم سلمة ، أم المؤمنين ، بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، القريشية ، المخزومية ، من المهاجرات إلى الحبشة ، وهي آخر من مات من نساء النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، ماتت زمن يزيد (٥).

__________________

(١) تهذيب التهذيب العسقلاني ، ١٢ / ٢٣٢+ بصائر الدرجات ، الصفار ، ٢ / ١٣٢.

(٢) انظر مصادر ترجمته : تهذيب التهذيب العسقلاني ، ٩ / ٣٥٤ ـ ٣٥٥+ مشاهير علماء الأمصار ، البستي ، ٦٢+ الأعلام الزركلي ، ٦ / ٢٧٠ وغيرها.

(٣) انظر مصادر ترجمته : حلية الأولياء ، الأصفهاني ، ١ / ١٥٦+ صفوة الصفوة ، ابن الجوزي ، ١ / ٣٨+ تهذيب التهذيب العسقلاني ، ١٢ / ٩٠+ الخلاصة ، العلامة الحلي ، ٣٦.

(٤) انظر مصادر ترجمته : تهذيب التهذيب العسقلاني ، ٣ / ٤٧٩ ـ ٤٨٠+ أسد الغابة ، ابن الأثير ، ٢ / ٢٨٩+ المعجم الكبير ، الطبراني ، ١٣ / ١٧٧.

(٥) انظر مصادر ترجمتها : أسد الغابة ، ابن الأثير ، ٥ / ٥٨٨+ سفينة البحار ، عباس القمي ، ١ / ٦٤٢ ـ ٦٤٣.

١٣٤

٤ ـ أنس بن مالك بن النضر ، النجاري ، الخزرجي ، أبو حمزة الأنصاري (ت : ٩٢ ه‍) صاحب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وخادمه ، ومن المكثرين من الرواية عنه ، روى له الستة ، وهو آخر من مات من الصحابة في البصرة (١).

٥ ـ جابر بن عبد الله بن عمرو الأنصاري ، الخزرجي ، شهد العقبة مع أبيه ، وشهد تسع عشرة غزوة مع النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، وكان أحد المكثرين في الرواية عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، وله حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم ، مات سنة (٧٣ ه‍) وقيل غيرها ، توفي وله من العمر ٩٣ سنة (٢).

٦ ـ عائشة بنت أبي بكر الصديق ، زوج رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، ومن أمهات المؤمنين المكثرات في الرواية عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، روى لها الستة (٣).

٧ ـ عبد الله بن عباس بن عبد المطلب (ت : ٦٨ ه‍) ، ابن عم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وصحبه ، ولد قبل الهجرة ودعا له النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) بالعلم والحكمة ، وكان يلقب بحبر الأمة وترجمان القرآن ، غزا إفريقيا وولاه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب البصرة ، مات بالطائف وعمره سبعون سنة (٤).

٨ ـ عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي ، العدوي ، ابن الخليفة الراشد الثاني ، وشارك بالخندق وما بعدها ، وكان من المكثرين للرواية عن الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، وكان مكثرا للعبادة زاهدا ، متتبعا لآثار النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) مات سنة (٧٢ ه‍) وقيل (٧٤ ه‍) (٥).

٩ ـ عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح القرشي العدوي ، أبو حفص ، الخليفة الثاني ، كان من اشراف قريش ، وكان إسلامه عزا ظهر به

__________________

(١) انظر مصادر ترجمته : الإصابة ، العسقلاني ، ١ / ٧١ ـ ٧٢+ الاستيعاب ، ابن عبد البر ، ١ / ٧١+ تهذيب التهذيب العسقلاني ، ١ / ٧٣+ الأعلام الزركلي ، ٢ / ٢٤ ـ ٢٥.

(٢) انظر مصادر ترجمته : تهذيب الكمال ، المزي ، ٤ / ٤٤٣+ تهذيب التهذيب ، العسقلاني ، ٢ / ٤٣+ تنقيح المقال ، المامقاني ، ١ / ١٩٩ ـ ٢٠٠+ معجم رجال الحديث ، الخوئي ، ٤ / ١٥.

(٣) انظر مصادر ترجمتها : أسد الغابة ، ابن الأثير ، ٥ / ١١٣+ تهذيب التهذيب العسقلاني ، ١٢ / ٢٣٢.

(٤) انظر مصادر ترجمته : الإصابة العسقلاني ، ٢ / ٣٣٠+ تهذيب الكمال ، المزي ، ١٥ / ١٥٤+ الجرح والتعديل ، ابن أبي حاتم ، ٥ / ١٩٦+ الأعلام ، الزركلي ، ٤ / ٩٥.

(٥) انظر مصادر ترجمته : تهذيب الكمال ، المزي ، ١٥ / ٢٣٢+ تذكرة الحفاظ ، الذهبي ، ١ / ٣٧+ الإصابة ، العسقلاني ، ٢ / ٤٣٧+ الأعلام ، الزركلي ، ٤ / ١٨٠.

١٣٥

الإسلام ، سار بالناس في خلافته سيرة حسنة ، وفتح الله له الفتوح ، وكان قويا في دين الله ، وأخباره ومناقبه لا تحصى ، استشهد سنة (٢٢ ه‍) (١).

المبحث الثاني

رواة الإمام الباقر (عليه‌السلام)

أن ثمرة هذا البحث قدمناها لاعتمد من كان أغلب أئمة العلم في الجرح والتعديل على توثيقه واعامل رواياته على هذا الاساس ، أما المختلف فيه فالاحظ الاغلب وإلا فمن اجمع العلماء على تضعيفه أو كان الاغلب على ذلك من الفريقين اخضعت روايته لمعايير نقد المتن ، ولقد أخذ عن الإمام الباقر (عليه‌السلام) وروى عنه عدد كبير من التابعين واتباعهم ، وقد اوصل أحد الباحثين المعصارين من روى عنه إلى (٤٨٢) رجل في مختلف العلوم القرآنية والتفسيرية والحديثية والفقهية (٢). وقد اخترت منهم من روى عنه فقط في علوم القرآن والتفسير دون من روى فيما هو غير ذلك وهم :

١ ـ أبان بن تغلب

ابن رباح ، أبو سعيد البكري ، الجريري ، مولى بني جرير بن عبادة بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكاشة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل (٣).

ولد بالكوفة ، وكان من ابرز علماء عصره ، روى عن الإمام علي بن الحسين وأبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق ، قال له الإمام الباقر : اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس فإني أحب أن أرى في شيعتي مثلك (٤).

__________________

(١) انظر مصادر ترجمته : الاستيعاب ، ابن عبد البر ، ٢ / ٢٥٨+ تذكرة الحفاظ ، الذهبي ، ١ / ٥+ الإصابة العسقلاني ، ٢ / ٥١٨.

(٢) ظ : حياة الإمام الباقر (عليه‌السلام) باقر شريف القرشي ، ٢ / ١٩١ ـ ٣٨٢.

(٣) الطبقات الكبرى ، ابن سعد ، ٦ / ٣٦٠+ الفهرست ، الشيخ الطوسي ، ١٧+ الخلاصة ، العلامة الحلي ، ٢١.

(٤) معجم الأدباء ، ياقوت الحموي ، ١ / ١٠٨+ شعب المقال ، النراقي ، ٣١+ معجم رجال الحديث ، الخوئي ، ١ / ٢١ ـ ٢٢.

١٣٦

وكان أبان مقدما في كل فن من العلوم ، في القرآن والفقه والحديث والأدب واللغة والنحو وله قراءة مفردة (١).

أما عن وثاقته ، فقد قال العجلي : ثقة (٢) ، وقال الذهبي : وثقه أحمد ويحيى وأبو حاتم والنسائي وابن عدي ابن عجلان والحاكم وابن سعد وغيرهم من العلماء ، وقال الذهبي أيضا : شيعي جلد ، ولكنه صدوق (٣).

وله مصنفات كثيرة (٤) ، وذكر ابن حجر العسقلاني إلى أن سنة وفاته كانت (٢٤١ ه‍) (٥) ، وفيه نظر لما اجمع العلماء عليه من أن وفاته كانت سنة (١٤١ ه‍) (٦).

٢ ـ أبان بن أبي عياش

فيروز ، أبو إسماعيل ، مولى عبد القيس (٧) ، البصري ، عدّه الشيخ الطوسي من أصحاب الإمام السجاد والباقر والصادق ووصفه بأنه تابعي ، روى عن أنس بن مالك (٨).

أما عن وثاقته ، فقد ضعفه جمع من العلماء ، قال ابن الغضائري : أبان بن أبي عياش ضعيف لا يلتفت إليه (٩) ، وقال يزيد بن هارون : قال شعبة : ردائي وحماري في المساكين صدقة أن لم يكن ابن أبي عياش يكذب في الحديث (١٠) ، وقال شعبة أيضا : لأن اشرب من بول حماري أحب الي من أن أقول حدثني أبان (١١).

__________________

(١) ميزان الاعتدال ، الذهبي ، ١ / ٥+ تنقيح المقال ، المامقاني ، ١ / ٣.

(٢) تهذيب الكمال ، المزي ١ / ١١٢+ تهذيب التهذيب ، العسقلاني ، ١ / ٩٣+ غاية النهاية ، ابن الجزري ، ١ / ٤.

(٣) ميزان الاعتدال ، الذهبي ، ١ / ٥.

(٤) الفهرست ، ابن النديم ، ٢٧٦+ معجم رجال الحديث ، الخوئي ، ١ / ٢٣.

(٥) تهذيب التهذيب ، العسقلاني ، ١ / ٩٣.

(٦) تهذيب الكمال ، المزي ، ١ / ٦٢+ ميزان الاعتدال ، الذهبي ، ١ / ٥.

(٧) الطبقات الكبرى ، ابن سعد ، ٦ / ٣٦٠+ الفهرست الطوسي ، ١٨+ شذرات الذهب ، ابن العماد الحنبلي ، ١ / ٢١٠+ تنقيح المقال ، المامقاني ، ١ / ٣.

(٨) الرجال ، الطوسي ، ١٠٦.

(٩) ظ : معجم رجال الحديث ، الخوئي ، ١ / ١٧.

(١٠) تهذيب الكمال ، المزي ، ١ / ٩٦+ تهذيب التهذيب ، ابن حجر العسقلاني ، ١ / ٩٩

(١١) تهذيب التهذيب ، العسقلاني ، ١ / ٩٩.

١٣٧

وكذلك ضعفه الشيخ الطوسي والخوئي (١) ، فهو إذن ضعيف لاجماع العلماء على تضعيفه ، فلا يعتد برواياته ، توفي سنة (١٣٨ ه‍) وقيل غير ذلك (٢).

٣ ـ إبراهيم بن أبي البلاد

واسم أبي البلاد يحيى بن سليم الغطفاني (٣) ، أبو إسماعيل (٤) ، وقيل مولى ابن سليمان من بني عبد الله بن غطفان (٥) ، روى عن عدّة من أئمة آل البيت ، وهم الإمام الباقر والصادق والكاظم والرضا وعمر دهرا (٦).

أما عن وثاقته ، فللإمام الرضا رسالة أثنى فيها عليه ، وقال العلامة الحلي : ثقة ، اعمل على روايته (٧) وقال ابن حجر العسقلاني : كان ثقة ، قارئ ، فقيها وعمر دهرا طويلا. كاتبه علي بن موسى الرضا برسالة ، روى عنه ابناه يحيى ومحمد ومحمد بن سهل بن اليسع وآخرون (٨) ، فهو ثقة ، لقول أغلب العلماء بتوثيقه ، ويعتد بروايته.

٤ ـ إبراهيم بن عمر

اليماني ، الصنعاني ، روى عن الإمام الباقر والإمام أبي عبد الله الصادق (عليهم‌السلام) (٩).

أما عن وثاقته ، فقد وثقه العلماء ، فقال النجاشي : إنه شيخ من أصحابنا ثقة (١٠) ، وقال العلامة الحلي : والأرجح عندي قبول روايته (١١) ، ووثقه كذلك الخوئي في معجمه بقوله : الرجل يعتمد على روايته لتوثيق النجاشي له ولوقوعه

__________________

(١) الرجال ، الطوسي ، ١٠٦+ معجم رجال الحديث ، الخوئي ، ١ / ١٧.

(٢) ميزان الاعتدال ، الذهبي ، ١ / ١٤.

(٣) لسان الميزان ، العسقلاني ، ١ / ٤١+ الخلاصة ، العلامة الحلي ، ٣.

(٤) المصدر نفسه والصفحة ، + الرجال البرقي ، ١٨.

(٥) الرجال النجاشي ، ١٨+ الخلاصة ، العلامة الحلي ، ٤.

(٦) لسان الميزان ، العسقلاني ، ١ / ٤١.

(٧) الخلاصة ، العلامة الحلي ، ٤+ معجم رجال الحديث ، الخوئي ، ١ / ٥٨.

(٨) غاية النهاية ، ابن الجزري ، ٢ / ٣٧٣+ لسان الميزان ، العسقلاني ، ١ / ٤١.

(٩) الرجال ، النجاشي ، ١٦+ الرجال ، الطوسي ، ١٠٣+ معالم العلماء ، ابن شهرآشوب ، ٥.

(١٠) الرجال ، النجاشي ، ١٦.

(١١) الخلاصة ، العلامة الحلي ، ٦.

١٣٨

في إسناد تفسير القمي (١) ، ووثقه كذلك المامقاني في قوله : ... إنّ من تتبع كلمات العلامة في الخلاصة وغيره ، والنجاشي ظهر له أنهما يقبلان قوله ويعتمدان عليه (٢) ، وضعفه ابن الغضائري ونقل تضعيفه الخوئي (٣) ، وهذا التضعيف لا يلتفت إليه لأمرين ظاهرين :

الأول : عدم العثور على طريق صحيح للكتاب وهو رجال ابن الغضائري.

الثاني : لكثرة ما فيه من تضعيف للرجال وهذا غير مقبول من جهة وإذا وثق النجاشي ـ عند علماء الرجال من الإمامية ـ فكفى ، وأكد ولا تفحص ، ويأتي بالمرحلة الثانية توثيق الشيخ الطوسي من جهة أخرى.

ولم أجد له ترجمة في حدود ما اطلعت عليه من كتب الرجال وعلماء الجرح والتعديل عند الجمهور ، وله كتاب ذكره ابن النديم (٤) ، إذن الرجل ثقة ، لأن أغلب العلماء قالوا بوثاقته.

٥ ـ إبراهيم بن نعيم

الكناني ، يكنى بأبي الصباح ، من أعلام أصحاب الإمام الباقر (٥) ، أما عن وثاقته ، فقد روى الكشي : أن الإمام الباقر قال له : أنت ميزان ، فقال له : جعلت فداك ، أن الميزان ربما كان فيه عين ، قال : أنت ميزان لا عين فيه (٦).

وقال الشيخ المفيد : إنه من الفقهاء والأعلام والرؤساء ، المأخوذ عنهم الحلال والحرام ، الذين لا مطعن عليهم ولا طريق لذمهم (٧).

ولم أجد له ترجمة في كتب الرجال ـ في حدود ما اطلعت عليه ـ عند الجمهور ، فلذلك اعتمد في توثيقه وتعديله على توثيق وتعديل علماء الرجال من الإمامية.

__________________

(١) معجم رجال الحديث ، الخوئي ، ١ / ١٢٨.

(٢) تنقيح المقال ، المامقاني ، ١ / ٢٨.

(٣) ظ : معجم رجال الحديث ، الخوئي ، ١ / ١٢٨.

(٤) الفهرست ، ابن النديم ، ٢٧٥.

(٥) معرفة الرجال ، الكشي ، ٢٢٤+ الرجال الطوسي ، ١٠٢+ الخلاصة ، العلامة الحلي ، ٢٧٠.

(٦) معرفة الرجال ، الكشي ، ٢٢٥.

(٧) الرسالة العددية ، الشيخ المفيد ، ٥٦.

١٣٩

٦ ـ إسماعيل بن جابر الجعفي

قال النجاشي : إن إسماعيل بن جابر الجعفي روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما‌السلام) ، وهو الذي روى حديث الآذان (١).

وهو ابن جابر بن يزيد الجعفي (٢) ، له كتاب (٣).

أما عن وثاقته ، فقد وثقه الشيخ الطوسي قائلا : إسماعيل بن جابر الكوفي ، ثقة ، ممدوح ، له أصول رواها عنه صفوان بن يحيى (٤) ، ووثقه كذلك العلامة الحلي بقوله : إسماعيل بن جابر الجعفي ، ثقة ، ممدوح ، وحديثه اعتمد عليه (٥) وكذلك وثقه ابن حجر بقوله : وقال علي بن الحكم عنه من نجباء أصحاب الإمام الباقر ، وروى عن الصادق والكاظم (رضي الله عنهما) (٦) ووثقه أيضا المحقق الخوئي للأدلة المرجحة لوثاقته المذكورة في كتب الرجال (٧) ، فهو ثقة يعتد بروايته لإجماع علماء الرجال وأئمة الجرح والتعديل على ذلك ، أما روايته عن الإمام الباقر والصادق (عليهم‌السلام) فقد بلغت مائة رواية (٨).

٧ ـ إسماعيل بن عبد الرحمن

ابن أبي كريمة السدي ، نسبة إلى سدة مسجد الكوفة ، لبيعه المقانع والخمر فيها ، سميت سدة لبقائها من الطاق المسدود (٩).

وهو تارة من أصحاب السجاد وأخرى من أصحاب الباقر وثالثة من أصحاب الصادق ، المعروف بأبي محمد القرشي ، المفسر ، الكوفي (١٠).

__________________

(١) الرجال ، النجاشي ، ٢٦.

(٢) لسان الميزان ، العسقلاني ، ١ / ١٩٧.

(٣) الفهرست ، ابن النديم ، ٢٧٦.

(٤) الرجال ، الطوسي ، ١٠٥+ تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال ، الموحد الابطحي ، ١ / ١٢٠.

(٥) الخلاصة ، العلامة الحلي ، ٨.

(٦) لسان الميزان ، العسقلاني ، ١ / ٣٩٧.

(٧) معجم رجال الحديث ، الخوئي ، ٣ / ١٣١.

(٨) ظ : المصدر نفسه والصفحة.

(٩) الرجال ، الطوسي ، ١٠٤.

(١٠) تنقيح المقال ، المامقاني ، ١ / ١٣٦.

١٤٠