شبهات حول القرآن وتفنيدها

الدكتور غازي عناية

شبهات حول القرآن وتفنيدها

المؤلف:

الدكتور غازي عناية


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٨

سلاطين الدولة العثمانية ، وغيرهم ، ومبرزا لاهتماماته بثورة الزنج ، وتاريخ القرامطة ، وغيلان الدمشقي؟! وما أسباب هذا النهج المشوه في البحث ، والاهتمام إلّا حقد متكامل ، وعنفوان باطل تمتلئ به قلوب هؤلاء على الإسلام ؛ تشويها لنقائه ، وتمويها لحقائقه ، ونيلا من حكامه ، وطمعا في رضا أساتذتهم ، وعلى رأسهم ساحر العلمانية مصطفى كمال أتاتورك ؛ والذي يسير حسين أحمد أمين على هديه ، وخطاه. وأتاتورك هذا هو الذي يلخص منهجه العلماني في محاربة الإسلام بقوله : «إنّ الأمّة التي تصر على التمسك بأساطير لا أساس لها من الواقع ، من الضعف بل من المستحيل أن تتقدم».

ونحن بدورنا نتساءل بعجاله : أيّة أساطير هذه التي يتكلم عنها عميل الماسونية أتاتورك؟!! أهي تعاليم الإسلام التي أوجدت الأتراك ، وأقام بها عثمان أوّل ، وأقوى دولة تركية على الإطلاق؟!! أهي أحكام الإسلام التي استند إليها سلاطين بني عثمان ـ وعلى رأسهم سليم الأوّل ـ والذي حكم الشرق ، والغرب بها في يوم من الأيام؟!! وسجد لله شكرا على توفيقه له في فتح مصر ، والشام؟!! أليست تعاليم الإسلام هي التي أنجبت محمد الفاتح من بين سلاطين عثمان جعل منها دستوره في تحطيم قوى الظلم ، والطغيان ، وسار على هديها في فتح القسطنطينية ، وجاءت سيرته وفتوحاته تصديقا للسنّة النبوية ، وبأنّ القسطنطينية ستفتح من قبل أحد القواد المسلمين. وذكر الحديث الشريف : نعم الأمير أميرها ، ونعم الجيش كذلك؟!! أليست أنظمة الإسلام التي سار على هديها سلاطين بني عثمان في حكمهم ، وعدلهم ، وجهادهم ، واستشهادهم في سبيل الله ، وعلى رأسهم السلطان محمود الذي نال الشهادة ، وهو يتفقد قتلى إحدى معاركه في المجر؟!! وأخيرا أليست شريعة الإسلام التي تربّى على هداها سلاطين بني عثمان في إخلاصهم وتفانيهم في خدمة الإسلام ، والمسلمين ، ومنهم آخرهم السلطان عبد الحميد الذي يذكر له التاريخ تمسكه ببلد الإسراء والمعراج ، بلد بيت المقدس فلسطين ، وعدم تفريطه بها للصهاينة ، والصليبيين؟!!.

٤٢١

رابعا : إن أصحاب هذه الشبهة من العلمانيين يفترون الكذب على دين الإسلام ، وتاريخه. ويجترون الباطل على الشريعة الإسلامية ، ونقائها. فالعلمانيون ـ وأكثرهم ملحدون ، وإن ادعوا أنّهم مسلمون ـ حاقدون على الإسلام ، أعمت بصائرهم معالم ، وظواهر اقتدائهم الأعمى بنهج أسيادهم مفكري الكفر في المشرق الشيوعي الملحد ، أو الغرب الرأسمالي الكافر. وتتجلى شواهد ضغائنهم على الإسلام جلية واضحة في بحثهم الدءوب عن مخالفات ، وتجاوزات الحكام المسلمين مستندين إليها ، وجاعلين منها مدخلا صالحا يدخلون منه ليبثوا سمومهم ، وقاذوراتهم ، وبأن الشريعة الإسلامية غير صالحة كمنهج للحياة. وهم بذلك كما وصفهم العلامة أبو الحسن الندوي في مؤتمر : «الإسلام والمستشرقون» الذي عقد منذ سنوات في الهند : «بأنّهم أشبه شيء بمفتشي القمامة ؛ لا تقع أعينهم إلّا على القاذورات ، وأكبر همهم هو البحث عنها». وهل يعقل أن تتخذ تجاوزات بعض الحكام على الشريعة حكما قاطعا على عدم صلاحيتها؟!! والأنكى من ذلك أنّهم يتخذون من بعض المخالفات السياسية لبعض الحكام المسلمين سندا قويا للحكم على عدم صلاحية الشريعة الإسلامية للتطبيق. وهم يعلمون تمام العلم أن الشريعة الإسلامية شيء ، وتطبيقها شيء آخر. فقد يحسن تطبيقها ، وقد يسوء. ولكن هذا السوء في التطبيق لا يصلح أن يستند إليه في الحكم على عدم صلاحية هذه الشريعة ، والتي دامت وامتدت حوالي أربعة عشر قرنا. والأغرب من ذلك جرأة العلمانيين في الحكم على الأمور لا يضبطهم ضابط ، ولا يحفزهم حافز إلّا شهوة التتبع لعورات الحقائق الدينية ، والتاريخية. فكبيرهم الفيلسوف العلماني فؤاد زكريا يحكم ، وبكل جرأة ، على الشريعة الإسلامية بقوله : «التطبيق الذي دام ما يقرب من ثلاثة عشر قرنا كان في واقع الأمر نكرانا لأصول الشريعة ، وخروجا عنها». وهو يقول أيضا : «إنّ الخط البياني للحق ، والعدل ، والخير ، قد ازداد هبوطا على مر التاريخ ، وبلغ الحضيض في التجارب المعاصرة لتطبيق الشريعة». ولا عجب أن يصدر مثل هذا الافتراء من أناس أغمضوا عيونهم حتى عن

٤٢٢

حقائق التاريخ في التجارب والتطبيق ، وساروا على هدي ، بل عمي أسيادهم من دعاة الكفر الصليبي الحاقد ، أو الشيوعي الملحد. ونحن نتعجب من هذا القول!! وهل شريعة يدوم تطبيقها ثلاثة عشر قرنا يحكم عليها ، وبكل بساطة ، أنّها لا تصلح للتطبيق؟!! ولنا التساؤل أيضا : فكيف ، وأنّى لمثل هذه الشريعة هذا الدوام ، والاستمرار ، لو لا أنّها فعلا صالحة ، وناجحة للحياة؟!! ولنا أن نتساءل ما الذي يدوم ، ويضمن استمراريته : الصالح أم الطالح؟!! وهل جميع من حكم بها من الولاة والحكام المسلمين كانوا على درجة كبيرة من الغباء ، فلم يعلموا صلاحها فتجاهلوا تطبيقها؟! أم كانوا على درجة كبيرة من الفسق ، فأساءوا تطبيقها؟!! والجواب : لم يكن هذا ، ولم يكن ذاك ، ولكن هو الصلاح دوما للشريعة ، والدين ، والحاكم بهما ، ولو كره المشركون ، مصداق قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) سورة الصف آية ٩.

والصلاح دائما للدين في حكمه ، وتعاليمه ، وتكاليفه ، وفروضه ، وحدوده ، ولا دين غيره ؛ وليظهره الله على كل دين غيره ، وكفى بالله شهيدا. مصداق قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) سورة الفتح آية ٢٨.

وإننا بدورنا لنؤكد أن ما استند إليه العلمانيون للطعن في الشريعة الإسلامية ، ومنها مقولة فيلسوفهم فؤاد زكريا : «بأنّ الخط البياني للحق ، والعدل ، والخير قد ازداد هبوطا ، وبلغ الحضيض في التجارب المعاصرة لتطبيق الشريعة» لا ، ولم ، ولن تسعفهم أبدا في تأييد شبهتهم ـ سواء بالنسبة لصلاحية الشريعة الإسلامية ، أو عدالة حكامها من المسلمين.

ولا نبالغ في القول : بأنّ معالم الألوهية ، ومظاهر الربانية للشريعة الإسلامية ستظل تسمو بها عن أية شبهة ، حتى ولو سيئ تطبيقها.

ولا نبالغ القول أيضا : إنّ ما صاحب تطبيق الشريعة الإسلامية على

٤٢٣

مر العصور لم يكن أبدا نكرانا لها أو خروجا على أصولها ، حتى وبالنسبة عمن اشتهر بظلمه من الحكام المسلمين : كالحجاج بن يوسف الثقفي. وهو في ظلمه لم يتنكر للشريعة الإسلامية أبدا ، ولو تجاوز في حكمه السياسي تثبيتا للحكم الأموي ، وهذا الحاكم في ظلمه لأشد عدلا من عدل أي حاكم علماني ، أو نصراني ، أو يهودي ، أو شيوعي ملحد. ولا نقول هذا على عواهنه. فشريعتهم وضعية ، فهي تبقى ظالمة ، وشريعتنا إلهية فهي تبقى عادلة. فالحجاج ـ ونحن نقر أنّه قتل عبد الله بن الزبير بن أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين ـ كان من أتقى النّاس ، وقرّاء القرآن ، والبكائين من خشية الله في الليالي الطوال.

والحجّاج ـ ونحن نعترف أنّه قتل الكثيرين ، وسجنهم في العراق ـ كان قد أصلح رسم القرآن في أحد عشر موضعا ؛ فأصبح أوضح قراءة ، وأيسر فهما. كما ذكر أبو داود في كتابه المصاحف ، وكما ذكر أيضا : أنّ الحجاج أمر بتشكيل ، وتعجيم المصحف.

وكما ذكر أيضا أبو أحمد العسكري في كتابه التصحيف : أن نصر بن عاصم الليثي هو أوّل من نقّط القرآن بأمر من الحجاج بن يوسف الثقفي حين سأله كتابه أن يضعوا علامات على الحروف المتشابه (١).

وكما ذكرت كتب التفاسير وعلوم القرآن أن الحجّاج بن يوسف الثقفي كان أغير النّاس على الدين ، وأشدهم تطبيقا للشريعة الإسلامية ؛ وأكثرهم حرصا على سيادة أحكامها سواء بالنسبة للمسائل المدنية ، أو العسكرية. وحروبه للخوارج تشهد له على جهاده. وقد ذكرت تلك الكتب أيضا أن الحجاج بن يوسف الثقفي من أكثر الحكام خدمة للقرآن الكريم ، وإصلاحا لكتابته ، ورسمه ، وتجزئته ، وتحزيبه ، وتعشيره ، وإحصاء آياته ، وكلماته ، وحروفه. وهي تذكر أنّ سلامة أبا محمد

__________________

(١) ابن خلكان. كتاب : وفيات الأعيان. طبعة ١٣١٠ ه‍ ـ ص ١٢٥.

٤٢٤

الحماني روى : «أن الحجاج بن يوسف الثقفي جمع القرّاء ، والحفّاظ والكتّاب ، فقال : أخبروني عن القرآن كله كم من حرف هو؟! قال : ـ وكنت فيهم ـ فأجمعنا على أن القرآن ثلاثمائة ألف حرف ، وأربعون ألف حرف ، وسبعمائة حرف ، وأربعون حرفا. قال : فأخبروني إلى أي حرف ينتهي نصف القرآن؟! فإذا هو في الكهف في (وَلْيَتَلَطَّفْ) في الفاء. قال : فأخبروني بأثلاثه؟ فإذا الثلث الأوّل ـ رأس مائة من «براءة» ، والثلث الثاني ـ في رأس مائة وواحدة من (طسم) الشعراء ، والثلث الثالث ـ ما بقي من القرآن. قال فأخبروني عن أسباعه؟ فإذا أوّل سبع في «النساء» : (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ) في الدال ، والسبع الثاني في «الأعراف» : (حَبِطَتْ) في التاء. والسبع الثالث في «الرعد» : (أُكُلُها دائِمٌ) في الألف من آخر أكلها ، والسبع الرابع في : «الحج» : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) في الألف ، والسبع الخامس في «الأحزاب». (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ) في الهاء ، والسبع السادس في «الفتح» : (الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ) في الواو ، والسبع السابع ما بقي من القرآن. قال سلام : علمناه في أربعة أشهر. وكان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربعا. فأوّل ربعه ـ خاتمة الأنعام ، والربع الثاني ـ في الكهف (وَلْيَتَلَطَّفْ) ، والربع الثالث ـ خاتمة الزّمر. والرابع ما بقي من القرآن» هذا هو الحجاج بن يوسف الثقفي حجة العلمانيين في شبهتهم ، ولا بينة واحدة لهم على انحرافه عن جادة الشريعة الإسلامية في التطبيق لأحكامها وتعاليمها. وهو أظلم الحكام المسلمين ينصفه العلماء والمفسرون المسلمون ، فيضعون حكمه بين أعدل التطبيقات ؛ ويصنفون تطبيقه للإسلام ـ وهم يقرون بظلمه السياسي ـ من بين أحرص الحكام المسلمين على تطبيق شريعة الإسلام. وهذا هو مستند العلمانيين في انحراف الحكام المسلمين ؛ وهو بانحرافه لم يخرج أبدا عن حكم الإسلام ، إفسادا أو تحريفا ، أو إلغاء ، أو تشويها. فسقطت بذلك شبهة العلمانيين ، وبالنسبة لمستندهم في الظلم. فما بالك ، وأنّى تستقيم إذا تعلق الأمر بالعادلين من الحكام المسلمين ، وهم كثير ، وما أكثرهم. وإسقاطا

٤٢٥

لشبهات العلمانيين في عدم صلاحية الشريعة الإسلامية استنادا إلى حكم الظلم الحجّاجي ، يورد الدكتور يوسف القرضاوي في إحدى محاضراته على مسامع طلاب وطالبات جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية في قسنطينة في سبتمبر سنة ١٩٨٩ م رواية تؤكد تقوى الحجاج ، وخشيته من الله تعالى ، فهو يذكر عنه أنّه اعتقل رجلا وأدخله السجن ، ثمّ أوتي به ، فقال له : ما الذي جاء بك إلى السجن؟!! قال : أخذني ولاتك. قال له : وفيم أخذوك؟! قال : جنى جان من عرض العشيرة ـ أي من أقاربه في العشيرة ـ فبحثوا عن الجاني ، فلم يجدوه ، فأخذوني بدله. فقال الحجاج : أما سمعت قول الشاعر :

جانيك من يجني عليك

وقد تعدي الصّحاح مبارك الجرب

أي أن قريبك الجاني هو الذي جنى عليك ، كمثل الإبل الجرباء تعدي بالمرض الإبل الصحاح. وقال الحجاج : أما سمعت قول الشاعر أيضا :

ولربّ مأخوذ بذنب عشيرة

ونجا المقارف صاحب الذّنب

وكأن الحجاج يريد أن يبرئ نفسه من ظلم هذا الرجل. فقال الرجل إنّي سمعت الله يقول شيئا آخر. فقال الحجاج : وما ذا يقول؟؟ قال الرجل : إنّه يقول على لسان يوسف عند ما عرض عليه إخوته أن يأخذ أحدهم بدلا من أخيهم «بنيامين» أصغرهم الذي وجد المتاع المسروق في رحله : (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) سورة يوسف آية ٧٨ ـ ٧٩.

وما سمع الحجاج الآيتين ، وقوله تعالى : (إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) حتى صرخ قائلا : أطلقوا سراح الرجل ، لقد صدق الله وكذب الشاعر.

خامسا : إنّ أصحاب هذه الشبهة من العلمانيين يتنكرون لأبسط

٤٢٦

قواعد الحقيقة ، ودلالتها في حكمهم على تباشير الصحوة الإسلامية. وهم ينكرون أن يكون اتساع المطالبة بتطبيق الشريعة حجة لصالحها ؛ وهم يبررون ذلك الاتساع بنقص الوعي لدي الجماهير. فأستاذهم دكتور فؤاد زكريا يقول في مقدمة كتابه : «الوهم والحقيقة» وبالحرف الواحد : «إنّ الدعوة إلى تطبيق الشريعة ـ التي تعلو أصواتها في الآونة الراهنة ـ ترتكز بلا شك على قاعدة جماهيرية واسعة ، وكثير من أنصارها يتخذون من سعة الانتشار هذه حجة لصالحها ؛ ويستدلون على صحة اتجاههم من كثرة أشياعهم وأنصارهم». وهو يقول أيضا مبررا هذا الانتشار الواسع : «إنّ الانتشار الواسع للاتجاهات الإسلامية بشكلها الراهن إنّما هو مظهر صارخ من مظاهر نقص الوعي لدي الجماهير». وهو يعلق إيجابية ، وفعالية ، وحجية سعة المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية على تحقيق النضج الكامل عند الأفراد. فهو يقول بالحرف الواحد : «وفي رأيي أن اتساع القاعدة الجماهيرية التي تنادي بمبدإ معين لا يمكن أن يكون مقياسا لنجاح هذا المبدأ إلّا في حالة واحدة فقط ، هي التي يكون فيها وعي هذه الجماهير ناضجا كل النضج». وهكذا ، يحكم ، ويحلل ، ويبرر العلمانيون مؤشرات الصحوة الإسلامية بعقليات مقفلة ، وذهنيات منحرفة ، وضلالات زائفة ، فلنا أن نناقشهم قليلا.

١ ـ أي منطق عقلاني واع تنطلقون منه ، وتحكمون ، وتقررون أن سعة انتشار المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية لا يصلح أن يكون حجة لصالحها؟!! وهل عدم ، أو ضيق ، أو قلة المطالبة هو الحجة الصالحة لذلك؟!! إن عقولنا لا تستطيع أن تعي مثل هذا المنطق بالنسبة لمثل أنواع هذا التحليل والتبرير. ولنا التساؤل هنا : أليست شرائع الاشتراكية والرأسمالية تتخذ من مبدأ سعة المطالبة ـ والذي تسميه الأغلبية أو الأكثرية ـ معيارا للحكم على صلاحية السياسة ، أو أهلية الحزب للحكم ، والتي تستند دوما إلى اتساع القاعدة العريضة للجماهير؟!! ألا تتخذ سعة القاعدة العريضة للجماهير في إضرابهم ، ومظاهراتهم ، واحتجاجاتهم معيارا سليما لا يمكن تجاهله في الحكم على الأنظمة ، والسياسات ،

٤٢٧

والخطط القومية ، والقرارات والأحكام؟!! ولما ذا عند ما يتعلق الأمر بالدعوة الإسلامية ، أو تطبيق الشريعة الإسلامية ينتفي هذا المعيار ، وتصبح السعة ضيقا وحجة على عدم الصلاحية ، وليس لها؟!!.

٢ ـ أي دليل تستندون إليه في قولكم : إن اتساع القاعدة العريضة للإسلاميين ينقصها الوعي؟!! وإن انتشارها الواسع بالشكل الراهن مظهر صارخ من مظاهر نقص الوعي لدي الجماهير؟!! وهذا افتراء كاذب لا يؤيده دليل ، ولا يشهد له واقع. فالعلمانيون يعلمون ، وفيلسوفهم فؤاد زكريا يعلم ، أنّ جماهير الدعوة إلى الإسلام هذه الأيام نخبة شباب ، وصفوة رجال الأمّة العربية ، والإسلامية وعيا ، وعلما ؛ وأكثرهم نضجا ، فكرا ؛ وسياسة ؛ وأغلبهم ينتمون إلى فئات العلم ، والثقافة في الجامعات والمعاهد ، والمدارس ، وكثير منهم ينتسبون إلى جمعيات ، ونقابات ومؤسسات يتعلمون فيها شتى أنواع العلوم ، والمصارف ، والثقافات ، ويتدربون فيها على فهم مشاكل الحياة ؛ ومعظمهم يشاركون في ملتقيات فكرية ، وندوات علمية ، يناقشون فيها شتى أنواع الثقافات ، في السياسة ، والاجتماع ، والاقتصاد.

ومن يعنيهم العلمانيون بنقص الوعي هم الأقلية القليلة ، والشاذة ؛ والشاذ لا يؤخذ به كمعيار في الحكم على الأمور.

٣ ـ إنّه لثالثة الأثافي أن يتناسى العلمانيون أنّ الأكثرية الإسلامية هي أكثرية مبدئية روحية قبل أن تكون أكثرية عددية زمنية. إنّها أكثرية دين نهلت من معينه تعاليم الألوهية ، والربانية في العبادة والتوحيد.

ومن عقيدته تعاليم التوحيد في الإيمان ، والاقتداء ؛ ومن شريعته تعاليم التطبيق ، والعمل بالأحكام. ومن نظامه المنهجية في التعلم ، والدعوة إلى العلم. ومن دستوره تعاليم الإخلاص ، والإتقان في العمل. إنّ أكثرية المطالبين اليوم بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية هم خريجو المساجد بيوت الله في أرضه ، يسارعون إلى حفظ قرآن ربهم ، وتطبيق أحكامه ، وفهم علومه ، وتنفيذ علومه ، وتدارس موضوعاته ، والتحلي

٤٢٨

بفضائله وأخلاقه ؛ فتسودهم روح الإخاء والمودة في العلم ، وحب الخير ، والتعاون والإحسان ، وإسداء المشورة ، والنصح في الله ، ولله يعايشون الناس ، ويشاركونهم همومهم ومشاكلهم ، وأحزانهم وأفراحهم ، ويتدارسون معهم مشاكلهم الحياتية ، والدينية. فكيف يوصف هؤلاء أو من أوتي منهم مثل هذه الفضائل بالجهالة ، ونقص الوعي؟!! تلك الجهالة أحرى أن تتصف بها جماهير الأحزاب ، والحركات العلمانية في كثير من البلدان الاشتراكية والرأسمالية المتقدمة منها ، والمتخلفة. والأخرى أن يتهم بنقص الوعي جماهير اللامبدأ ، جماهير المصالح والمنافع ، جماهير العلمانية الدنيوية ، لا جماهير الدينية الروحية ، المبدئية الإسلامية.

٤ ـ إنّ علمانية دكتور فؤاد زكريا تتناقض مع نفسها. فهو يهاجم جماهير المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية ، ويتهمها بالعقم ؛ ثم يعترف بإنجازاتها. فهو يقول في رده على دكتور حسن حنفي : «وتبقى بعد هذا كله نقطة جوهرية ينبغي أن نلتمس فيها العذر لأي كاتب يتعاطف مع هذه الاتجاهات ؛ ذلك لأنّ الشباب المنتمي إلى هذه الجماعات المتطرفة هو وحده الذي استطاع أن ينجز شيئا بغض النظر عن دوافعه في هذا الإنجاز. وهو الذي تمكن من إزالة الجمود الذي بدا ، وكأنه استقرّ ، وسوف يستمر سنوات طويلة ؛ وهو الذي ألقى في البركة الآسنة حجرا ضخما حرك مياهها ، وأحدث فيها دوامات قد تتحول يوما إلى أمواج وعواصف عاتية. وفي مقابل ذلك ، فإن التقدميين ، والديمقراطيين ، والعلمانيين لم يكن لهم دور في هذا التحريك المفاجئ للأحداث ، بل كان يبدو في الوقت الذي حدثت المفاجأة ، أنّهم وصلوا إلى طريق مسدود لا مخرج منه» (١).

سادسا : إنّ أصحاب هذه الشبهة من العلمانيين ، يجانبون الصواب ، ويجافون الحقيقة عند ما يدّعون أن تطبيق الإسلام يتعارض مع واقع تعدد

__________________

(١) د. يوسف القرضاوي ـ الإسلام والعلمانية. ص ٩٢.

٤٢٩

الأديان ، وأن العلمانية هي الكفيلة بضبط الطائفية الدينية. وقولهم هذا لا يسعفه دليل ، ولا يشهد له واقع.

١ ـ إنّ شبهة التعارض هذه تنتفي إذا علمنا أنّ التعددية المقصودة هنا هي التعددية المحلية ، وليس التعددية الدولية. فتعدد الديانات داخل المجتمع الإسلامي المعنيّة. ومن ثم فمن الطبيعي جدا أن يسود دين هذا المجتمع دين الأغلبية ، وأصحاب الديانات ـ وهي الأقلية ـ يقرون هذا المبدأ.

٢ ـ إنّ شبهة التعارض هذه تنتفي إذا علمنا أن التعددية المقصودة هنا هي التعددية غير المتجانسة ، إذ ليس كلها سماوية ربانية. ومن الطبيعي أن يسود الدين السماوي ، والدين الإلهي ، دين الإسلام ، وفي مجتمع إسلامي. فالديانات الأخرى : يهودية ، أو نصرانية ، أو هندوسية ، أو بوذية ، أو وثنية ليست سماوية إلهية ، وإن لم يعترف أصحابها بذلك. فنحن ما زلنا نتكلم عن تطبيق الإسلام في أرض الإسلام. فليس من المنطق أن تنافس هذه الديانات البشرية ديانة الإسلام السماوية ، وفي سيادته على مجتمعه ، إذ لا مجال للمنافسة والتعارض بينها.

٣ ـ إنّ شبهة التعارض هذه تنتفي إذا علمنا أنّ التعددية المقصودة هنا هي التعددية غير المتكافئة. فعدالة دين الإسلام تسمو شواهدها على معالم ظلم الأديان الأخرى. فلا مجال للمقارنة بين عدالة الإسلام ، وبين جور الأديان.

٤ ـ إن شبهة التعارض هذه تنتفي إذا علمنا أنّ التعددية المقصودة هنا هي التعددية غير المتنافسة. فالإسلام في سيادته ، وتطبيق شريعته داخل المجتمع الإسلامي ، لا يعني بالضرورة أنّه منافس للأديان الأخرى في اعتناقها ، أو العمل بأحكامها من قبل أهلها ومعتنقيها. فالحرية الدينية مكفولة للجميع ؛ وأهل الذمة في المجتمعات الإسلامية لا ينافسهم أحد ، ولا يجبرهم أحد على عدم التمسك بديانتهم ؛ ولا يمنعهم أحد أن يمارسوا شعائرهم الدينية ؛ ولا يحرمهم أحد أن يطبقوا فرائض دينهم ،

٤٣٠

وأن يعملوا بأحكامه ، وتكاليفه. فلا تنافس ، ولا تضاد ، ولا تصادم ؛ فكل يطبق شريعته ؛ وكل يعمل بأحكام دينه. فكيف إذن يمكن أن يكون هناك تعارض بين المسلمين ، والذميين في الحياة ، أو بين الإسلام ، والديانات الأخرى في التطبيق؟!! فكل له مجاله ، وكل له دائرته.

٥ ـ إن شواهد التجارب التاريخية تسعفنا ، وتسعف كل من تحرى الحقيقة بعيدا عن الحقد ، والكفر ، والعناد ، أنّه ـ وبسبب فضائل الإسلام في شواهد ألوهيته ، وسماويته ، ومعالم فضائله ، ومكارمه ، وأخلاقه ، وتسامحه ـ ساد الوئام بين شرائح المجتمعات الإسلامية من مسلمين ، وغير مسلمين ، وساد التسامح بين دين الإسلام ، وبين الديانات الأخرى. وبحيث يمكننا القول : ألّا تعارض البتة بين تطبيق الإسلام ، وبين واقع التعددية للأديان ، وطيلة عهود الدولة الإسلامية ، وتجارب التاريخ ، وشواهده تشهد على ذلك.

٦ ـ إنّ ما يستند إليه العلمانيون من تجارب بعض الدول ذات الطوائف الدينية المتعددة كلبنان ، والهند ، هو حجة عليهم ، وليس حجة لهم.

فإننا نقول ، وبكل ثقة : إنّ مثل هذه البلدان عاشت التجربة الإسلامية طوال عدة قرون ؛ وساد الوئام بين جميع طوائفها من مسلمين وفرقهم ؛ ومن يهود وفرقهم ؛ ونصارى وفرقهم ؛ وهندوس وفرقهم ؛ وبوذيين وفرقهم ؛ وبين المسلمين جميعهم ، وبين غير المسلمين جميعهم.

وعاش الجميع ينعمون برحابة الإسلام في سماحته وتسامحه ، وفي رحاب الإسلام بعدله ، وعدالته ، فلم يشك أحد ، ولم يخرج أحد ، ولم يتعصب أحد ، ولم يقتتل أحد.

ولا نبالغ في القول : بأنّ ما تتصف به بعض البلدان الآن مثل لبنان والهند من ظهور شواهد التعصب الديني ، ومعالم الاقتتال الطائفي سواء بين المسلمين أنفسهم ، أو بين المسلمين وغيرهم ، إن هو إلّا بسبب غياب

٤٣١

الإسلام عن التطبيق. فلا الديانات الأخرى حلت مشاكلهم ؛ ولا العلمانية الكافرة منعت الاقتتال بينهم ؛ ولا الاشتراكية أو الرأسمالية ضبطت التعصب الديني عندهم. وإنّي لأنعي على فيلسوف العلمانية في مصر فؤاد زكريا كيف لم يع هذه التجربة التاريخية لحكم الإسلام في مصر ، وكيف عاش المسلمون مع الأقباط النصارى على خير وئام ، وطيلة قرون عديدة. وكيف دبّ الخلاف بينهم في هذا القرن في غياب التطبيق للشريعة الإسلامية ؛ وعند ما أخذت نظم الحكم في مصر بالعلمانية ، وساهمت في أحداث الفتن بين طوائف المجتمع المصري من مسلمين وأقباط. والأنكى من ذلك أن يفاخر أصحاب هذه النظم بفصل الدين عن الدولة ، وتطبيق العلمانية. ففي ندوة عقدت في إسرائيل في ١٩ ـ ١٢ ـ ١٩٨٠ م قال دكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر للإسرائيليين مفتخرا بعلمانيته : «أودّ أن أطمئنكم أننا في مصر نفرق بين الدين ، والقومية ، ولا نقبل أبدا أن تكون قيادتنا السياسية مرتكزة إلى معتقداتنا الدينية».

فيقول : وهو بذلك يكرس سياسة سيده فرعون مصر أنور السادات حيث أشعلت علمانية حكمه أقذر أنواع الصدامات الدموية بين المسلمين والأقباط في مصر ، والتي انطلقت من حي الزاوية الحمراء في تلك الفترة والتي راح ضحيتها العديد من الطرفين.

ونقول : وما أن انتهى مصطفى خليل من كلامه حتى وقف البروفسور اليهودي «دافيد» يرد عليه مهينا له قائلا : إنّكم أيّها المصريون أحرار في أن تفصلوا بين الدين ، والسياسة ، ولكنني أحب أن أقول لكم : «إننا في إسرائيل نرفض أن نقول : إنّ اليهودية مجرد دين فقط. بل إننا نؤكد لكم أن اليهودية هي دين ، وشعب ، ووطن». ثم قال البروفسور اليهودي «تفي يافوت» : أود أن أقول للدكتور مصطفى خليل : إنّه يكون على خطأ كبير إذا أصر على التفريق بين الدين ، والقومية. وإننا نرفض أن يعتبرنا الدكتور خليل مجرد أصحاب دين لا قومية له. فنحن نعتبر اليهودية ديننا ، وشعبنا ، ووطننا. وأحب أن أذكر الدكتور خليل بأنّ الشرق

٤٣٢

الأوسط كان موطن الديانات السماوية ؛ المسيحية ، والإسلامية ، واليهودية ، ولم يكن موطن قوميات. أمّا القومية : فقد كانت من ابتكار الأوروبيين الذين أزعجهم انتشار الحروب الدينية في أوروبا ، فابتكروا الفكرة القومية ؛ للتخفيف من حدة الصراع الديني في أوروبا. ومن خلال هذا الشعار ـ شعار القومية ـ حاولوا الانتقام من شعوب الشرق الأوسط ، فباعوا ابتكارهم إلى شعوب الشرق الأوسط. وهكذا أصبحت حياة الشباب في الشرق الأوسط تتوه في الحروب القومية (١).

__________________

(١) د. يوسف القرضاوي : الإسلام والعلمانية ـ ص ١٩٦.

٤٣٣
٤٣٤

خاتمة الكتاب

لقد أوضحت لنا هذه الدراسة أصالة قرآننا قرآن ربنا ، معجزة رسولنا إلى أبد الآبدين ، وكيف تتحطم دوما على صخرته في الإعجاز كل محاولات الهدم ، والدس ، والطعن ، والنيل من فضائله ، وهداياته ، وأحكامه ، وتطبيقاته. وأنّه الكتاب الرباني الوحيد الذي تتلاشى أمامه بدع الضالين ، وشبهات الحاقدين ، سواء حول وحيه ، أو جمعه ، أو كتابته ، أو تواتره ، أو مكيه ومدنيه ، أو سبعة أحرفه ، أو محكمه ومتشابهه ، أو نسخه ، أو ترجمته ، أو إعجازه ، أو تطبيقه ، أو صلاحيته.

وهكذا أبانت لنا هذه الدراسة صموده بإعجازه أمام شبهات الباطل من أهل الكفر من صليبيين ، ويهود ، ومجوس ، وشيوعيين ، وملحدين ، ووجوديين ، وبوذيين ، ووثنيين. فما من شبهة كفر إلّا وقد فنّدها ، وما من حجة إلحاد إلّا أبطلها ، وما من دسيسة حقد إلّا رد كيدها ، وما من تفاهة علم إلّا سخر منها ، وما من دعوى كذب إلّا كشفها ، وما من سند علماني إلّا أبطله وأفحمه. وهكذا مكر أولئك يبور.

ولقد أثبتت هذه الدراسة إعجاز قرآن ربنا في عقيدة التوحيد ،

٤٣٥

وسلامة التطبيق ، وصلاحية التنفيذ ، وفعالية العمل بأحكامه. وبحيث يبقى مؤصلا لحقائق وجوده ، وحكم الإله في إنزاله كقرآن دين ، وكتاب دولة ، ومنهاج سياسة ، ودستور مجتمع ، ونظام حكم وأسلوب عمل ، ومنهاج اقتصاد ، وأداة اجتماع ، وطريقة حياة. وما أحيط به من شبهات لم يكن عمل فكر بقدر ما كان معالم حقد وحسد ، ومظاهر طعن ، وقذف لا تصمد لأصالته البتة. وبحيث يمكننا القول : بأنّ هذه الدراسة لم تكن في حقيقتها دفاعا عن القرآن أعظم كتاب ، بقدر ما كانت كشفا لصلاحيته وإعجازه ، وبحيث يبقى دوما قرآن دين ودنيا ، تتحطم عند صرحه جميع محاولات الفصل بينه وبين الدولة ، أو بينه وبين السياسة ، أو بينه وبين أركان الإسلام ، ومنها الزكاة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

وبه نستعين

٤٣٦

فهرس

مقدمة الكتاب................................................................... ٩

الباب الأول

شبهات حول الوحي بالقرآن، وتفنيدها............................................ ٢١

الباب الثاني

شبهات حول جمع القرآن، وتفنیدها............................................... ٤١

الباب الثالث

شبهات حول كتابة القرآن ورسمه، وتفنيدها......................................... ٦٣

الباب الرابع

شبهات حول تواتر القرآن، وتفنيدها.............................................. ٧١

٤٣٧

الباب الخامس

شبهات حول المكي والمدني من القرآن، وتفنيدها.................................... ٧٧

الباب السادس

شبهات حول نزول القرآن على سبعة أحرف، وتفنيدها............................. ١٢٩

الباب السابع

شبهات حول المتشابة في القرآن، وتفنيدها........................................ ١٤٣

الباب الثامن

شبهات حول النسخ في القرآن، وتفنيدها......................................... ١٥٥

الباب التاسع

شبهات حول ترجمة القرآن، وتفنيدها............................................ ١٦٣

الباب العاشر

شبهات حول إعجاز القرآن، وأسلوبه، وتفنيدها................................... ١٨٩

الباب الحادي عشر

شبهات حول تطبيق القرآن، وتفنيدها............................................ ٣٢٥

الباب الثاني عشر

شبهات حول صلاحية القرآن، وتفنيدها......................................... ٤٠٥

خاتمة الكتاب................................................................ ٤٣٥

٤٣٨