إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٦

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٦

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٢

١

٢

٣
٤

سورة الكهف

معنى السورة : الكهف : هو الغار في الجبل.. قيل : هو بيت منقور في الجبل وإذا صغر سمّي غارا ومنه غار «حراء» الذي كان النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يتعبد فيه قبل بعثته وبات فيه قبل هجرته إلى المدينة يصحبه أبو بكر الصدّيق ـ رضي الله عنه ـ و «حراء» اسم جبل يقع شمال شرقيّ مكة.. ويعرف كذلك بجبل النور. ويجمع «الكهف» على «كهوف» ومنه قيل : اكتهف الرجل فهو كهف : أي دخله.. وسمّي بذلك لأنه يلجأ إليه كالبيت على الاستعارة.

تسمية السورة : سميّت السورة الشريفة بهذه التسمية والتي احتوت على ستّ آيات وهي تحكي قصة أصحاب الكهف وهم فتية من الشباب المؤمن أو جماعة آمنوا بربّهم وهربوا بدينهم من الاضطهاد فرارا بدينهم من الفتنة فلجأوا إلى كهف قائلين : (رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) وقد مكثوا ـ لبثوا ـ في كهفهم تسعا وثلاثمائة من السنين وضرب الله تعالى على آذانهم : أي أنامهم في الكهف سنين عديدة لا ينتبهون ثم أيقظهم وطلبوا من ربهم رحمته الخاصة وهي «المغفرة» في الآخرة والأمن من الأعداء والرزق في الدنيا وسمّي الجبل والوادي الذي كان فيه الكهف ـ الرقيم ـ وهو اللّوح الحجريّ الذي كتبت عليه أسماؤهم.

فضل قراءة السورة : قال الرسول المصطفى ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : من قرأ سورة «الكهف» من آخرها كانت له نورا من قرنه إلى قدمه.. ومن قرأها كلّها كانت له نورا من الأرض إلى السماء و «قرنه» بمعنى : شعره.. أي من رأسه إلى قدمه أو من قمة رأسه إلى قدمه وعنه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ عند مضجعه : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) كان له من مضجعه نورا أو نور يتلألأ إلى مكة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم وإن كان مضجعه بمكة كان له نور يتلألأ من مضجعه إلى البيت المعمور حشو ذلك النور ـ على جوانبه ـ ملائكة ـ يصلّون عليه حتى يستيقظ والله أعلم». وقيل :

٥

وردت أحاديث صحاح في فضل هذه السورة.. منها : «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال» ومنها : «من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال».

إعراب آياتها

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) (١)

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي) : مبتدأ مرفوع بالضمة. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ. التقدير : الحمد مختصّ لله. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة.

(أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. على عبده : جار ومجرور متعلق بأنزل والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة. الكتاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(وَلَمْ يَجْعَلْ) : الواو عاطفة. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يجعل : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.

(لَهُ عِوَجاً) : جار ومجرور متعلق بيجعل ويجوز أن يكون في موضع مفعول به أول للفعل «يجعل». عوجا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي لم يجعل فيه شيئا من الاعوجاج قط لا باختلال ألفاظه ـ ألفاظ القرآن ـ ولا بتباين في معانيه.

(قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً) (٢)

(قَيِّماً لِيُنْذِرَ) : مفعول به منصوب بفعل مضمر تقديره : جعله قيما وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : مستقيما معتدلا. وهو ليس حالا من

٦

«الكتاب» لأن قوله «ولم يجعل» معطوف على «أنزل» فهو داخل في صلة الموصول فإعرابه حالا يفصله بين الحال وذي الحال ببعض الصلة وتقديره : ولم يجعل له عوجا جعله قيما لأنه إذا نفى عنه العوج فقد أثبت له الاستقامة. اللام حرف جر للتعليل. ينذر : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. والفعل متعدّ إلى مفعولين فاقتصر على أحدهما والمحذوف تقديره الذين كفروا. والجملة الفعلية «ينذر الذين» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر ـ للإنذار ـ في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأنزل.

(بَأْساً شَدِيداً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. شديدا صفة ـ نعت ـ للموصوف «بأسا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ليخوّف به الذين كفروا عذابا شديدا.

(مِنْ لَدُنْهُ) : حرف جر. لدنه : اسم مبني على السكون في محل جر بمن والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة والجار والمجرور متعلق بصفة ثانية للموصوف «بأسا» بتقدير : صادرا من لدنه أي من عنده.

(وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «لينذر» وتعرب مثلها. المؤمنين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته.

(الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ للمؤمنين. يعملون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم بمعنى : الأعمال الصالحة.

٧

(أَنَّ لَهُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «أنّ» المقدم. و «أنّ» وما بعدها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : بأنّ لهم أجرا حسنا والمصدر المؤول متعلق بيبشر.

(أَجْراً حَسَناً) : اسم «أنّ» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. حسنا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «أجرا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً) (٣)

(ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً) : حال من «المؤمنين» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته بمعنى : مقيمين. فيه : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «ماكثين». أبدا : ظرف زمان للتأكيد في المستقبل يدل على الاستمرار منصوب على الظرفية الزمانية وعلامة نصبه الفتحة المنونة متعلق بماكثين على تأويل فعله. التنوين بدل من المضاف إليه المحذوف لأن التقدير : أبد الدهر. والهاء الضمير في «فيه» يعود إلى الثواب الحسن أي الجنة أي مقيمين في نعيم الجنة إلى الأبد.

(وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) (٤)

(وَيُنْذِرَ الَّذِينَ) : الجملة الفعلية معطوفة على جملة «ينذر» في الآية الكريمة الثانية وتعرب مثلها. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية بعده «قالوا..» صلة الموصول لا محل لها.

(قالُوا اتَّخَذَ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة. اتخذ : فعل ماض مبني على الفتح والجملة الفعلية (اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

٨

(اللهُ وَلَداً) : لفظ الجلالة فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. ولدا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً) (٥)

(ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) : الجملة الاسمية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «ولدا» الوارد في الآية الكريمة السابقة. أو للقول المذكور «أي قولهم» «اتّخذ الله ولدا». ما : نافية لا عمل لها. لهم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام. به : جار ومجرور في محل نصب حال من «علم» لأنه متعلق بصفة قدمت عليه والضمير الهاء في «به» يعود على «الولد» أو على «القول». من : حرف جر زائد للتوكيد. علم : اسم مجرور لفظا بمن وعلامة جره الكسرة المنونة مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر.

(وَلا لِآبائِهِمْ) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. لآباء : جار ومجرور في محل رفع لأنه معطوف على متعلق بمرفوع «لهم» و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(كَبُرَتْ كَلِمَةً) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي أي الكلمة بمعنى القول وحكمها حكم بئس لإنشاء الذم. كلمة : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وفي القول الكريم معنى التعجب أي : ما أكبر هذه الكلمة! وهي قولهم : اتخذ الله ولدا.. وقولهم هذا لم يصدر عن علم.

(تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ لكلمة وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي. من أفواه : جار ومجرور متعلق بتخرج و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : كيف يجرءون على النطق بها وإخراجها من أفواههم.

٩

(إِنْ يَقُولُونَ) : نافية غير عاملة بمعنى «ما». يقولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(إِلَّا كَذِباً) : أداة حصر لا عمل لها. كذبا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو يكون صفة لموصوف محذوف اختصارا ولأن ما قبله يفسره. أي ما يقولون إلّا قولا كذبا.

(فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) (٦)

(فَلَعَلَّكَ باخِعٌ) : الفاء استئنافية. لعلّك : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إنّ» الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «لعلّ» باخع : خبر «لعلّ» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى قاتل أو مهلك.

(نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ) : مفعول به منصوب باسم الفاعل «باخع» وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. على آثار : جار ومجرور متعلق بباخع و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا) : حرف شرط جازم. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يؤمنوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «لم يؤمنوا» في محل جزم بإن لأنها فعل الشرط وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه. التقدير : إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أي بهذا القرآن فلا يحزنك ذلك.

(بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) : الباء حرف جر. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بيؤمنوا. الحديث : بدل من اسم الإشارة مجرور مثله وعلامة جره الكسرة. أسفا : مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى لفرط الحزن والأسف : هو المبالغة في الحزن والغضب أو يكون حالا من باخع.

(إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (٧)

١٠

(إِنَّا جَعَلْنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل نصب اسم «إنّ». جعلنا : الجملة الفعلية وما بعدها : في محل رفع خبر «إنّ» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(ما عَلَى الْأَرْضِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. على الأرض : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : يصلح أو استقر أو هو مستقر أو وجد والجملة الفعلية «يصلح على الأرض» صلة الموصول لا محل لها.

(زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ) : مفعول به ثان منصوب بجعلنا وعلامة نصبه الفتحة المنونة. لها : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «زينة» أي من جميع الكائنات. اللام حرف جر للتعليل. نبلو : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى لنختبرهم أو لنمتحنهم والجملة الفعلية «نبلوهم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بجعلنا.

(أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) : الجملة الاسمية في محل نصب بفعل محذوف تقديره : ونظهر. أيّ : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أحسن : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة ولم ينوّن آخره لأنه ممنوع من الصرف صيغة تفضيل ـ أفعل ـ وبوزن الفعل. عملا : تمييز منصوب بالفتحة المنونة.

(وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً) (٨)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على القول الكريم (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً) في الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها و «جاعلون» خبر «إنّ»

١١

مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته و «جرزا» معطوف على «صعيدا» ويعرب مثلها بمعنى : وإنّا جاعلون ما على الأرض من زينة ترابا أي أرضا مستوية لا نبات فيها. واللام في «لجاعلون» لام التوكيد المزحلقة.

(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) (٩)

(أَمْ حَسِبْتَ) : حرف عطف وهي «أم» المنقطعة بمعنى حرف الاضراب «بل» لعدم وقوعها بعد همزة تسوية أو استفهام أي ليست «أم» المتصلة. حسبت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطب والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل.

(أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. أصحاب : اسم «أنّ» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «أنّ» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «حسبت». الكهف : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والرقيم : معطوف على «الكهف» مجرور مثله وعلامة جره الكسرة وهو الغار في الجبل و «الرقيم» اسم الوادي أو الجبل وقيل : هو اسم كلبهم.

(كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أنّ». كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. من آيات : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «عجبا» لأنه متعلق بصفة منه قدمت عليه و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر بالإضافة. عجبا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. ويجوز أن يكون «عجبا» صفة نائبة عن خبر «كان» بتقدير : كانوا آية عجبا عن آية من أعجب آياتنا.

(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) (١٠)

١٢

(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بكانوا. أوى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر بمعنى : أقام أو لجأ. الفتية : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «أوى الفتية» في محل جر بالإضافة. أي أصحاب الكهف الشباب..

(إِلَى الْكَهْفِ) : جار ومجرور متعلق بأوى بمعنى : فرارا بدينهم من الاضطهاد أو الفتنة.

(فَقالُوا رَبَّنا) : الفاء عاطفة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ربّ : منادى مضاف منصوب بأداة نداء محذوفة بتقدير : يا ربنا ـ وعلامة نصبه الفتحة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به وهي فعل تضرع ودعاء بصيغة طلب مبني على حذف آخره ـ حرف العلة.. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول بمعنى : امنحنا. من : حرف جر. لدنك : اسم مبني على السكون في محل جر بمن والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة والجار والمجرور متعلق بآتنا. رحمة : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَهَيِّئْ لَنا) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «آتنا» وتعرب إعراب «آت» وعلامة بناء الفعل السكون. اللام حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بهيئ.

(مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) : جار ومجرور متعلق بهيئ و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. رشدا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى اجعل أمرنا رشدا كلّه.

١٣

(فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) (١١)

(فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ) : الفاء سببية. ضرب : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. على آذان : جار ومجرور متعلق بضربنا و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : فأنمناهم نوما عميقا.

(فِي الْكَهْفِ) : جار ومجرور متعلق بضربنا ويجوز أن يتعلق بحال من ضمير الغائبين بمعنى : أنمناهم وهم في الكهف لا تنبههم فيها الأصوات وحذف مفعول «ضربنا» اختصارا بمعنى ضربنا عليها حجابا من أن تسمع.

(سِنِينَ عَدَداً) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والكلمة جمع «سنة». عددا : أي معدودة : صفة ـ نعت ـ لسنين منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المنونة بمعنى : سنين كثيرة معلومة العدد.

(ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) (١٢)

(ثُمَّ بَعَثْناهُمْ) : حرف عطف. بعث : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(لِنَعْلَمَ أَيُ) : اللام لام التعليل وهي حرف جر. نعلم : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. وقيل : يجوز أن يكون الفعل منصوبا باللام لأنها بمعنى «كي» والجملة الفعلية «نعلم» وما بعدها : صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق ببعثناهم بمعنى أيقظناهم للعلم والجملة الاسمية «أيّ الحزبين أحصى» في محل نصب مفعول «نعلم» أو تكون سادة مسدّ مفعولي «نعلم». أيّ : اسم استفهام مرفوع بالضمة على الابتداء ـ لأنه مبتدأ ـ وهو مضاف.

١٤

(الْحِزْبَيْنِ أَحْصى) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته. أحصى : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر ولم تنون لأن الكلمة ممنوعة من الصرف على وزن ـ أفعل ـ صيغة تفضيل وبوزن الفعل بمعنى : لنعلم أي الحزبين اللذين اختلفا في مدة مكثهم بالكهف أضبط إحصاء. واسم الاستفهام «أي» جاء مرفوعا أي لم ينصب بنعلم لأنه لا يعمل فيه ما قبله بل يعمل فيه ما بعده.

(لِما لَبِثُوا أَمَداً) : اللام حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأحصى. لبثوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أمدا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجملة الفعلية «لبثوا» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : لبثوه. ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام بمعنى : لطول المدة التي مكثوها هناك ـ أي مدة بقائهم نياما في الكهف.

(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) (١٣)

(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ) : ضمير منفصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ للتفخيم والتعظيم مبني على الضم في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية «نقصّ» وما بعدها في محل رفع خبر «نحن». نقصّ : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. عليك : جار ومجرور متعلق بنقصّ.

(نَبَأَهُمْ بِالْحَقِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. بالحق : جار ومجرور متعلق بحال من «النبأ» التقدير : ملتبسا بالحق أو يكون متعلقا بحال من ضمير «نقص» أو من ضمير المخاطب بمعنى : ومعك الحق.

١٥

(إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «إنّ». فتية : خبر «إنّ» مرفوع بالضمة المنونة.

(آمَنُوا بِرَبِّهِمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لفتية. وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. برب : جار ومجرور متعلق بآمنوا و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَزِدْناهُمْ هُدىً) : الواو استئنافية. زدنا : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. هدى : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر قبل تنوينها ونون آخر الكلمة لأنها اسم مقصور نكرة ثلاثي أي هدى بالتوفيق.

(وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) (١٤)

(وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) : الواو عاطفة. ربط : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. على قلوب : جار ومجرور متعلق بربطنا و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : قوّينا قلوبهم بالصبر.

(إِذْ قامُوا فَقالُوا) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بربطنا. قاموا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. فقالوا : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على «قاموا» وتعرب إعرابها والجملة الفعلية «قاموا» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد إذ.

١٦

(رَبُّنا رَبُ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ربّ : مبتدأ مرفوع بالضمة و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. ربّ : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.

(السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها ويجوز أن يكون «ربّ» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. فتكون الجملة الاسمية «هو رب السموات والأرض» في محل رفع خبر المبتدأ «ربّنا».

(لَنْ نَدْعُوَا) : حرف نفي ونصب واستقبال. ندعو : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن بمعنى : لن نعبد.

(مِنْ دُونِهِ إِلهاً) : جار ومجرور متعلق بحال من «إلها» والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة. إلها : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(لَقَدْ قُلْنا) : اللام واقعة في جواب شرط مقدر أي لو قلنا بوجود شركاء له لنكون قد قلنا. قد : حرف تحقيق. قلنا : تعرب إعراب «ربطنا» والجملة الفعلية «لقد قلنا» جواب شرط «لو» غير جازم لا محل لها.

(إِذاً شَطَطاً) : حرف جواب ومجازاة لا محل له. شططا : نائب عن مفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف.. التقدير : قولا شططا بمعنى : ذا شطط أي مجاوزا الحدّ في البعد عن الحق والصواب. أو يكون مفعول «قلنا» منصوبا بالفتحة.

(هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) (١٥)

(هؤُلاءِ قَوْمُنَا) : الهاء للتنبيه. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. قوم : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بالإضافة أو يكون «قومنا» خبر مبتدأ محذوف بتقدير : «هم» والجملة الاسمية «هم قومنا» في محل رفع خبر

١٧

المبتدأ الأول «هؤلاء» والأوجه : إعراب «قومنا» عطف بيان من «هؤلاء» والجملة الفعلية «اتخذوا» في محل رفع خبر «هؤلاء».

(اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من دونه : جار ومجرور متعلق بحال من «آلهة» والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة و «آلهة» مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ) : حرف تحضيض بمعنى «هلّا» لا محل لها. يأتون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. عليهم : جار ومجرور متعلق بيأتون و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام.

(بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ) : جار ومجرور متعلق بيأتون. بيّن : صفة ـ نعت ـ لسلطان مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى على عبادتهم ببرهان واضح فحذف المضاف «عبادة» وأوصل حرف الجر «على» بضمير الغائبين «هم» فصار : عليهم. والقول الكريم تبكيت لهم ـ تعنيف وتقريع ـ لأن الإتيان بالبرهان محال.

(فَمَنْ أَظْلَمُ) : الفاء استئنافية. من : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أظلم : خبر «من» مرفوع بالضمة ولم ينوّن آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ ومن وزن الفعل.

(مِمَّنِ افْتَرى) : مكونة من «من» حرف جر و «من» اسم موصول مبني على السكون حرك بالكسر لالتقاء الساكنين في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بأظلم. افترى : الجملة الفعلية وما بعدها صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو.

(عَلَى اللهِ كَذِباً) : جار ومجرور متعلق بافترى. كذبا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

١٨

(وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً) (١٦)

(وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ) : الواو استئنافية. إذ : اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره : واذكروا وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين. اعتزلتم : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور والواو لإشباع الميم و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.

(وَما يَعْبُدُونَ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب معطوف على ضمير الغائبين «هم». يعبدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «يعبدون» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : وما يعبدونهم من الآلهة ما عدا الله سبحانه أو تكون «ما» مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب التقدير : ومعبوديهم ما عدا الله جلّت قدرته بمعنى ولأجل أنكم أيها الشباب تجنبتم قومكم ومعبوديهم سوى الله.

(إِلَّا اللهَ) : أداة استثناء بمعنى «ما عدا» الله لفظ الجلالة : مستثنى بإلّا منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة وهو استثناء متصل على ما روي أنّهم كانوا يقرّون بالخالق ويشركون معه أو يكون استثناء منقطعا. وقيل : هو كلام معترض إخبار من الله تعالى عن الفئة أنّهم لم يعبدوا غير الله ولو لا هذا الاستثناء لكان المراد بالقول تجنب الفتية قومهم وما يعبدون كان الله سبحانه داخلا في جملة المطلوب ـ اعتزالهم ـ تجنبهم وليس هذا من الأدب في شيء فجاء الاستثناء لأنهم كانوا يعبدون الله أيضا.

(فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ) : الفاء استئنافية أو واقعة في جواب الطلب. ائووا : فعل أمر مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في

١٩

محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى فألجئوا. إلى الكهف : جار ومجرور متعلق بائووا.

(يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب ـ الأمر ـ وعلامة جزمه سكون آخره. لكم : جار ومجرور متعلق بينشر والميم علامة جمع الذكور بمعنى : يبسط لكم ربكم من الرزق. ربكم : فاعل مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور.

(مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ) : جار ومجرور متعلق بينشر والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة. ويهيّئ لكم : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «ينشر لكم» وتعرب مثلها بمعنى : شيئا من رحمته.

(مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً) : جار ومجرور متعلق بيهيئ. الكاف ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. مرفقا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى ما تنتفعون به.

** (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة السادسة و «أسفا» مصدر الفعل «أسف ـ يأسف ـ أسفا» من باب «تعب» أو «طرب» بمعنى حزن وتلهّف وأسف على الشيء : أي غضب عليه وهو مثل «غضب» وزنا ومعنى. و «الأسف» يأتي اسما ومصدرا وهو الحزن الشديد أو أشد الحزن والغضب والفعل «أسف» فعل مجرد ويأتي الفعل المزيد «تأسّف» بمعنى الثلاثي أيضا بمعنى : تلهّف وأنا أسيف على ما أصابكم من مصاب ـ هو فعيل بمعنى فاعل ـ و «أسف» بكسر السين : اسم فاعل أيضا ـ فعل ـ بمعنى فاعل وقد وردت هذه الصيغة في خطبة يوسف بن عمر : اتقوا الله ـ عباد الله ـ فكم من مؤمّل أملا لا يبلغه وجامع مالا لا يأكله ـ ومانع ما سوف يتركه.. ولعلّه من باطل جمعه.. ومن حقّ منعه أصابه حراما وأورثه عدوا فاحتمل إصره ـ أي ذنبه ـ وباء بوزره وورد على ربّه أسفا لاهفا قد خسر الدنيا والآخرة. أمّا الحرف المشبّه بالفعل «لعلّ» الوارد في بداية الآية الآية الكريمة المذكورة فهو يفيد الترجي.. والرجاء هو طلب شيء ممكن الحصول عليه خلاف الحرف الآخر «ليت» الذي يفيد التمني. والتمني هو طلب شيء لا يمكن حصوله كقول الشاعر : ألا ليت الشباب يعود يوما.. والحرف «لعلّ» هو طلب ما فيه طمع ويختص بالممكن فلا نقول : لعلّ الشباب يعود يوما. أمّا قول «فرعون» في الآية الكريمة السادسة والثلاثين من سورة «غافر» (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) أي الطرق والوسائل.. فلجهله متخيّلا أنّه يبلغها. وورد «لعلّ» في القرآن الكريم متضمّنا ترجّي العباد من خالقهم أو من بعضهم بعضا.. كما أنّه تضمن معنى الإشفاق عليهم من قبل خالقهم أو تضمّن معنى التعليل لإنقاذهم من الهلاك ولإبعادهم عن الآثام التي تقودهم إلى الهاوية.

٢٠