تذكرة الفقهاء - ج ١٠

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ١٠

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: ٤٨٥

وقال الشافعي : إن كانت الثمرة ممّا تحمرّ أو تصفرّ أو تسودّ ، فبدوّ الصلاح أن تحصل فيها هذه الألوان. وإن كانت ممّا تبيضّ فأن تتموّه ، وهو أن يبدو فيه الماء الحلو ويصفرّ لونه. وإن كان ممّا لا يتلوّن ـ كالتفّاح ـ فبأن يحلو ويطيب أكله. وإن كان بطّيخا فأن يقع فيه النضج. وإن كان مثل القثّاء والخيار الذي لا يتغيّر لونه ولا طعمه فبأن يتناهى عظم بعضه وهو وقت أخذه (١).

والنقل على ما ذكرناه ، فهو أولى من الأخذ بالتخمين والاستحسان.

الثالث : الخضر ـ كالقثّاء والباذنجان والبطّيخ والخيار ـ يجوز بيعه‌ بعد انعقاده وظهوره. ولا يشترط أزيد من ذلك من تغيّر لون أو طعم أو غيرهما ، لأنّه مملوك طاهر منتفع به ، فجاز بيعه ، كغيره من المبيعات.

ويجوز بيعها منفردة ومنضمّة إلى أصولها وغير أصولها بشرط القطع والتبقية ومطلقا.

وقال الشافعي : إن كان البيع للثمرة خاصّة قبل بدوّ الصلاح ، وجب شرط القطع ، كما في ثمرة النخل. وإن باع الأصل خاصّة ، صحّ البيع.

وكذا لو باعها منضمّة إلى الثمرة التي لم يبد صلاحها (٢).

وإذا باع البطّيخ وغيره من الخضر بعد بدوّ الصلاح في الجميع أو في بعضه [ جاز ] (٣) مطلقا عندنا.

وقال الشافعي : يجب شرط القطع إن خيف خروج غيره ، لأنّه إذا وجب‌

__________________

(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٩٥ ـ ١٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٢ ، المغني ٤ : ٢٢٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٠١ ـ ٣٠٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٣.

(٣) إضافة يقتضيها السياق.

٣٦١

شرط القطع خوفاً من الجائحة التي الغالب فيها العدم ، فلأن يجب خوفا من الاختلاط الذي الغالب فيه الوجود كان أولى (١).

والجواب : المنع من كون الاختلاط مانعا من البيع ، لإمكان المخلص عنه.

وإن لم يخف اختلاطه بغيره ، صحّ بيعه بشرط القطع وبغير شرطه (٢).

مسألة ١٦٩ : لو أفردت أصول البطّيخ وغيره من الخضر بالبيع بعد ظهور الثمرة عليها ، صحّ البيع‌ ، وكانت الثمرة للبائع ، عملا باستصحاب الملك السالم عن شرط إدخاله في البيع ، سواء كان قد بدا صلاحها أو لا.

ولا يجب اشتراط القطع إذا لم يخف الاختلاط.

ثمّ الحمل الموجود يكون للبائع ، وما يحدث بعده للمشتري ، وبه قال الشافعي (٣).

وإن خيف اختلاط الحملين ، لم يجب شرط (٤) القطع عندنا ، للأصل.

وقال الشافعي : يجب (٥).

ولو باع الأصول قبل خروج الحمل ، فلا يجب اشتراط القطع ، للأصل.

وقال الشافعي : لا بدّ من شرط القطع أو القلع كالزرع (٦).

ولو باع البطّيخ مع أصوله ، لم يجب شرط القطع عندنا ، كالثمرة مع الشجرة.

وقال بعض أصحاب الشافعي : لا بدّ من شرط القطع ، بخلاف الثمرة مع‌

__________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٣.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « اشتراط » بدل « شرط ».

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٣.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٣.

٣٦٢

الشجرة ، لأنّ الشجرة غير معرّضة للجائحة ، بخلاف البطّيخ مع أصله ، فإنّه متعرّض لها. أمّا لو باع البطّيخ وأصله والأرض أيضا ، استغنى عن شرط القطع ، وكان الأرض هنا كالأشجار ثمّ (١).

مسألة ١٧٠ : لو باع الثمرة الظاهرة وما يظهر بعد ذلك ، صحّ البيع عندنا‌ ـ وبه قال مالك (٢) ـ لأصالة الصحّة. ولأنّ المتجدّد هنا كالمتجدّد في الثمرة في السنة الثانية ، فكما يصحّ (٣) بيع الثمرة سنتين صحّ هنا. ولأنّ ذلك يشقّ تمييزه ، فجعل ما لم يظهر تبعا لما يظهر ، كما أنّ ما لم يبد صلاحه تبع لما بدا صلاحه.

ولقول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن شراء النخل والكرم والثمار ثلاث سنين أو أربع سنين : « لا بأس به » (٤) والخضراوات من جملة الثمار.

وقال الشافعي : لا يصحّ البيع ـ وبه قال أبو حنيفة وأحمد ـ لأنّها ثمرة لم تخلق ، فلا يجوز بيعها ، كما لا يجوز بيعها قبل ظهور شي‌ء منها (٥).

والجواب : الفرق ، فإنّ مع الظهور يبقى المعدوم تابعا ، فجاز بيعه ،

__________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٣.

(٢) الموطّأ ٢ : ٦١٩ ذيل الحديث ١٣ ، الاستذكار ١٩ : ١٠٨ ، ٢٨٣٨٧ ، و ١٠٩ ، ٢٨٣٨٩ ، بداية المجتهد ٢ : ١٥٧ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٣٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٩٦ ، حلية العلماء ٤ : ٢١٦ ـ ٢١٨ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٣٩ ، المغني ٤ : ٢٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٢١٩.

(٣) في « ق ، ك‍ » : صحّ.

(٤) الكافي ٥ : ١٧٥ ، ٢ ، الفقيه ٣ : ١٣٢ ، ٥٧٦ ، التهذيب ٧ : ٨٥ ، ٣٦٤ ، الإستبصار ٣ : ٨٧ ، ٢٩٩.

(٥) حلية العلماء ٤ : ٢١٦ ـ ٢١٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٩٦ و ١٩٧ ، الاستذكار ١٩ : ١٠٩ ، ٢٨٣٩٠ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٣٩ ، المغني ٤ : ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٢١٩.

٣٦٣

بخلاف عدم الظهور ، فإنّ العدم يبقى أصلا.

مسألة ١٧١ : ويجوز بيع ما يجزّ جزّة وجزّات‌ ، وكذا ما يخرط خرطة وخرطات ، كلّ ذلك مع ظهور الجزّة الاولى والخرطة الأولى ، سواء بدا صلاحها أو لا ، كالكرّاث والهندباء والنعناع والتوت والحنّاء ، عملا بالأصل السالم عن معارضة المبطل.

ولما رواه ثعلبة بن زيد (١) ، قال : سألت الباقر عليه‌السلام : عن الرطبة تباع قطعتين أو الثلاث قطعات ، فقال : « لا بأس به » قال : فأكثرت السؤال عن أشباه هذا ، فجعل يقول : « لا بأس » (٢).

وعن سماعة قال : سألته عن ورق الشجر هل يصلح شراؤه ثلاث خرطات أو أربع خرطات؟ فقال : « إذا رأيت الورق في شجرة فاشتر ما شئت من خرطة » (٣).

وعن معاوية بن ميسرة قال : سألت الصادق عليه‌السلام : عن بيع النخل سنتين ، قال : « لا بأس به » قلت : فالرطبة نبيعها هذه الجزّة وكذا وكذا جزّة بعدها؟ قال : « لا بأس به » ثمّ قال : « كان أبي يبيع الحنّاء كذا وكذا خرطة » (٤).

تذنيب : من جوّز بيع الثمرة قبل ظهورها عامين‌ يحتمل تجويز بيع الورق من التوت والحنّاء وشبههما خرطتين قبل ظهورها.

أمّا ما يجزّ كالكرّاث قبل ظهوره فالأولى ـ تفريعا على الجواز في‌

__________________

(١) في الكافي : عن ثعلبة عن بريد. وفي التهذيب : ثعلبة بن زيد عن بريد.

(٢) الكافي ٥ : ١٧٤ ( باب بيع الثمار وشرائها ) الحديث ١ ، التهذيب ٧ : ٨٦ ، ٣٦٦.

(٣) الكافي ٥ : ١٧٦ ، ٧ ، التهذيب ٧ : ٨٦ ، ٣٦٧.

(٤) الكافي ٥ : ١٧٧ ، ١١ ، التهذيب ٧ : ٨٦ ، ٣٦٨.

٣٦٤

الثمرة ـ المنع فيه ، لأنّه لا أصل له ظاهرا يرجع إلى معرفة المجزوز تقريبا ، ولا فرع ظاهر له ، بخلاف ورق التوت والحنّاء.

ولو بيع ما يخرط أو يجزّ مع أصله ، صحّ ، سواء بدا صلاحه أو لا.

المطلب الثاني : في الأحكام.

مسألة ١٧٢ : يجوز بيع الزرع قصيلا (١) بشرط القطع وبشرط التبقية ومطلقا‌ ، عملا بالأصل السالم عن المبطل.

فإن شرط القصل أو أطلق واقتضت العادة فيه القصل ، وجب على المشتري قصله ، فإن لم يفعل ، فللبائع قطعه وتركه بالأجرة.

وإن شرط التبقية ، جاز ، ووجب على البائع إبقاؤه إلى كمال حدّه ، للأصل.

وقال الشافعي : لا يجوز بيع الزرع الأخضر إلاّ بشرط القطع (٢).

ولو باعه الزرع مع الأرض ، جاز إجماعا.

وكذا عندنا يجوز بيع البقول دون الأرض بعد ظهورها قبل بدوّ صلاحها وبعده مطلقا وبشرط القطع والتبقية منضمّة إلى الأرض ومنفردة ، عملا بالأصل والعمومات.

وقال الشافعي : لا يجوز بيع البقول في الأرض دون الأرض إلاّ بشرط القطع أو القلع ، سواء كان ممّا يجزّ مرارا أو مرّة واحدة (٣).

__________________

(١) القصل : القطع. والقصيل : ما اقتصل من الزرع أخضر. لسان العرب ١١ : ٥٥٧ و ٥٥٨ « قصل ».

(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٤.

٣٦٥

ولو باع الزرع بعد اشتداد الحبّ ، فهو كما لو باع الثمرة بعد بدوّ الصلاح.

مسألة ١٧٣ : الثمرة إمّا بارزة ، كالتفّاح والكمّثرى والخوخ والمشمش وأشباهه ، فهذا يجوز بيعه بعد ظهوره في شجره وعلى الأرض إجماعا ، لظهوره ومشاهدته. وإمّا غير بارزة بل مستورة بالكمام ، وهو قسمان :

الأوّل : ما يكون كمامه من مصلحته يحفظ رطوبته ويبقى معه ، كالرمّان والجوز واللوز في القشر الثاني ، فهذا يجوز بيعه إجماعا ، لأنّه إذا اخرج من قشره ، سارع إليه الفساد ، فلم يقف بيعه على ذلك. ولا فرق بين أن يباع على شجرة أو مقطوعا على الأرض.

الثاني : ما لا يكون بقاء قشره من مصلحته ، كالجوز واللوز في قشريه ، فإنّه يجوز بيعه عندنا ، سواء قشر من قشره الأعلى أو لا ، وسواء كان مقطوعا على الأرض أو باقيا على الشجرة ـ وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد (١) ـ لأنّه حائل من أصل الخلقة ، فلا يمنع من جواز البيع ، كقشر الرمّان والبيض.

وكذا الباقلاء الأخضر يجوز بيعه وإن لم ينزع عنه القشر الأعلى ، سواء كان رطبا أو يابسا ، وسواء بيع منفردا أو منضمّا ومقطوعا وغير مقطوع ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد (٢) ـ لما تقدّم.

وقال الشافعي : لا يجوز بيع ذلك كلّه إلاّ بعد أن يقشر الجوز واللوز‌

__________________

(١) المغني ٤ : ٢٢٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٤ ، المعونة ٢ : ١٠١١ ، التلقين ٢ : ٣٧٤.

(٢) المغني ٤ : ٢٢٥ ، حلية العلماء ٤ : ٩٩ ـ ١٠٠ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٤.

٣٦٦

وشبههما من القشر الأعلى ، لا على رأس الشجرة ولا على وجه الأرض ، ولا بيع الباقلاء الأخضر حتى ينزع عنه القشر الأعلى (١).

وجوّز أبو العباس بن القاص وأبو سعيد الإصطخري من الشافعيّة بيع الباقلاء الأخضر في القشر الأعلى ، وهو قول الشافعي أيضا ، لأنّه يؤكل رطبا ، وبقاؤه في قشره الأخضر يحفظ رطوبته. وكذا قالا في الجوز واللوز إذا كانا رطبين ، فأمّا إذا يبسا ، فلا يجوز بيعهما في القشر الأعلى (٢).

واحتجّ الشافعي : بأنّ المقصود مستور فيما لا يدّخر عليه وفيما لا مصلحة له فيه ، فلم يجز بيعه ، كالمعادن والحيوان المذبوح قبل سلخه (٣).

والجواب : المنع من اللازم ، فإنّه يجوز عندنا بيع المعادن بشرط المشاهدة ، وبيع الحيوان قبل سلخه إن لم نشترط فيه الوزن.

مسألة ١٧٤ : السنبل يجوز بيعه‌ ، سواء كان حبّه ظاهرا ، كالشعير والسلت ، أو مستورا ، كالحنطة والعدس والسمسم ، قبل بدوّ الصلاح وبعده بشرط القطع والتبقية ومطلقا ـ وبه قال أبو حنيفة ومالك (٤) ـ للأصل والعمومات.

__________________

(١) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٣ ، المجموع ٩ : ٣٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٥ ، منهاج الطالبين : ١٠٧ ، المعونة ٢ : ١٠١١ ، المغني ٤ : ٢٢٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٣ ، حلية العلماء ٤ : ٩٩ ـ ١٠٠ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٦ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧١ ، المجموع ٩ : ٣٠٦ ، منهاج الطالبين : ١٠٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٣ ، المغني ٤ : ٢٢٥.

(٤) الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٦ ، بداية المجتهد ٢ : ١٥٢ ، التلقين ٢ : ٣٧٤ ، المعونة ٢ : ١٠١١.

٣٦٧

وقال الشافعي : إن كان الحبّ ظاهرا ، جاز بيعه مع السنبل بعد الحصاد وقبله ، لظهور المقصود. وإن كان مستورا كالحنطة ، لم يجز بيعه في السنبلة دون السنبلة ، ومع السنبلة قولان :

القديم : الجواز ، لنهيه عليه‌السلام عن بيع الحبّ حتى يشتدّ (١) ، وقد اشتدّ ، فيزول النهي ، وإلاّ انتفت فائدة الغاية.

والجديد : المنع ، لأنّ المقصود مستور بما لا يتعلّق به الصلاح (٢).

أمّا الأرز فإنّه كالشعير عنده يجوز بيعه في سنبله ، لأنّه يدّخر في قشره (٣).

وقال بعض الشافعيّة : إنّه كالحنطة (٤).

مسألة ١٧٥ : إذا كان المقصود مستورا في الأرض ، لم يجز بيعه‌ إلاّ بعد قلعه ، كالجزر والثوم والبصل ـ وبه قال الشافعي (٥) ـ للجهالة ، لانتفاء المشاهدة والوصف.

ويجوز بيع أوراقها الظاهرة بشرط القطع والإبقاء ، خلافا للشافعي في الإبقاء (٦).

__________________

(١) سنن أبي داود ٣ : ٢٥٣ ، ٣٣٧١ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠٣ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ١٩.

(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧١ ، المجموع ٩ : ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٩٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٣ ، المجموع ٩ : ٣٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٣ ، المجموع ٩ : ٣٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٦.

(٥) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٧ ـ ٣٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٤ ، المجموع ٩ : ٣٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٦.

(٦) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٧ و ٣٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٤ ، المجموع ٩ : ٣٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٦.

٣٦٨

والشلجم نوعان : منه ما هو مستور لا يجوز بيعه قبل قلعه. ومنه ما يكون ظاهرا ، فيجوز (١) بيعه بشرط القطع والتبقية.

ويجوز أيضا بيع اللوز في قشره الأعلى قبل انعقاد الأسفل ، لأنّه مأكول كلّه كالتفّاح ، عند الشافعي (٢).

وعندنا يجوز مطلقا ، سواء يبس قشره أو لا ، وسواء انعقد الأسفل أو لا.

فروع :

أ ـ اختلف الشافعيّة في المنع من (٣) جميع ما تقدّم قول الشافعي بالمنع فيه‌ هل هو مقطوع به أو مفرّع على قول منع بيع الغائب؟

قال الجويني : أنّه مفرّع عليه ، فلو جوّز بيع الغائب ، صحّ البيع فيها جميعا (٤).

وقيل : إنّ المنع في بيع الجزر في الأرض وما في معناه ليس مبنيّا على بيع الغائب ، لأنّ في بيع الغائب يمكن ردّ المبيع بعد الرؤية بصفته وهنا لا يمكن (٥).

ب ـ على قول الشافعي بالمنع لو باع الجوز‌ ـ مثلا ـ في القشرة العليا مع الشجرة أو باع الحنطة في سنبلها مع الأرض ، فطريقان :

أحدهما : أنّ البيع باطل في الجوز والحبّ ، وفي الشجر والأرض قولا تفريق الصفقة.

__________________

(١) في الطبعة الحجريّة : يجوز.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٤ ، المجموع ٩ : ٣٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٦.

(٣) في « ق ، ك‍ » : « في » بدل « من ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٤ ، المجموع ٩ : ٣٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٦.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٤ ، المجموع ٩ : ٣٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٦.

٣٦٩

وأصحّهما عندهم : القطع بالمنع في الكلّ ، للجهل بأحد المقصودين وتعذّر التوزيع (١).

والأقوى عندنا : الجواز ، والجهالة في بعض أجزاء المبيع غير مضرّة.

ج ـ لو باع أرضا فيها بذر لم يظهر مع البذر ، صحّ عندنا إن كان البذر تابعا. وللشافعي قولان ، هذا أحدهما. والثاني : بطلان البيع في البذر خاصّة. وفي الأرض طريقان سبقا. ومن قال بالصحّة في الأرض لا يذهب إلى التوزيع ، بل يوجب جميع الثمن بناء على أحد القولين فيما لو باع ماله ومال غيره وصحّحنا البيع في ماله وخيّرناه ، أنّه إذا أجاز يجيز بجميع الثمن (٢).

وأمّا على مذهبنا فإذا كان البذر مقصودا ، بطل البيع في الجميع ، للجهالة.

ولو باع البذر وحده ، بطل عندنا وعند كلّ من يوجب العلم في المبيع ، سواء عرف قدر البذر وشاهده قبل رميه أو لا ، لخفاء حاله عند العقد ، وإمكان تجدّد الفساد بعد العقد ، فخالف بيع الغائب بعد المشاهدة ، فإنّ فساده معلوم الوقت.

ولو باع الأرض وحدها ، صحّ البيع ، ووجب عليه الصبر إلى وقت أخذ الزرع. وله الخيار في الفسخ والإمضاء مجّانا إن لم يكن عالما بالحال.

مسألة ١٧٦ : كما يصحّ بيع الثمرة يصحّ بيع أبعاضها على رءوس الأشجار‌ ومقطوعة قبل بدوّ الصلاح وبعده مع شرط القطع والتبقية والإطلاق‌

__________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٤ ، المجموع ٩ : ٣٠٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٦.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٢٠٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٤ ، المجموع ٩ : ٣٠٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٦.

٣٧٠

بشرطين : الإشاعة والعلم بالجزئيّة ـ كالنصف والثلث مثلا ـ في كلّ صورة يصحّ بيع الجميع فيها ، عند علمائنا أجمع.

وقال بعض الشافعيّة : لا يصحّ البيع قبل بدوّ الصلاح ، لأنّ البيع يفتقر إلى شرط القطع ، ولا يمكن قطع النصف إلاّ بقطع الجميع ، فيتضرّر البائع بنقصان غير المبيع (١).

والجواب : المنع من اشتراط القطع ، وقد تقدّم.

سلّمنا ، لكن لا يلزم ثبوته ، لإمكان قسمة الثمار على رءوس الأشجار.

سلّمنا ، لكن هذا الضرر أدخله البائع على نفسه ، كما لو باع ثمرة تفتقر إلى سقي يضرّ بالأصل.

فروع :

أ ـ لو باع نصف الثمرة مع نصف النخل ، صحّ إجماعا ، وكانت الثمرة تابعة عند المانعين (٢) من البيع قبل بدوّ الصلاح.

ب ـ لو كانت الثمرة لإنسان والشجرة لآخر ، فباع صاحب الثمرة نصف ثمرته من صاحب الشجرة ، صحّ عندنا مطلقا على ما تقدّم.

وللشافعي وجهان بناء على الخلاف في اشتراط القطع هنا (٣).

ج ـ لو كانت الأشجار والثمار مشتركة بين رجلين ، فاشترى أحدهما نصيب صاحبه من الثمرة ، جاز عندنا.

ومنع الشافعي من الجواز (٤).

ولو اشترى نصيب صاحبه من الثمرة بنصيبه من الشجرة ، جاز عندنا.

__________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٤.

٣٧١

ومنع الشافعي من جوازه مطلقا ، وجوّزه بشرط القطع ، لأنّ جملة الثمار تصير لمشتري الثمرة ، وجملة الأشجار للآخر ، وعلى مشتري الثمرة قطع الكلّ ، لأنّه بهذه المقابلة (١) الزم قطع النصف المشتري بالشرط ، والزم تفريغ الأشجار لصاحبها ، وبيع الشجرة على أن يفرغها المشتري جائز (٢).

وكذا لو كانت الأشجار لأحدهما والثمرة بينهما ، فاشترى صاحب الشجرة نصيب صاحبه من الثمرة بنصف الشجرة ، جاز مطلقا عندنا ، وبشرط القطع عند الشافعي (٣).

مسألة ١٧٧ : يجوز للبائع أن يستثني جزءا مشاعا ـ كالثلث وشبهه‌ ـ إجماعا ، لأنّه لا يؤدّي إلى جهالة المستثنى منه.

وكذا يجوز أن يستثني نخلات بعينها إجماعا ، وأن يستثني عذقا معيّنا مشخّصا من أعذاق النخلة الواحدة ، ولا يجوز أن يستثني نخلة غير معيّنة ولا عذقا غير مشخّص إجماعا ، ولا الأجود ولا الأردأ ، لأنّ الاستثناء غير معلوم ، فصار المبيع مجهولا.

وهل يجوز استثناء أرطال معلومة وإمداد معلومة؟ ذهب علماؤنا إلى جوازه ـ وبه قال مالك (٤) ـ لأنّه استثنى معلوما ، فأشبه ما لو استثنى جزءا مشاعا.

ولقول الصادق عليه‌السلام وقد سأله ربعي : إنّ لي نخلا بالبصرة فأبيعه واسمّي الثمن وأستثني الكرّ من التمر أو أكثر ، قال : « لا بأس » (٥).

__________________

(١) في المصدر : « المعاملة » بدل « المقابلة ».

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٤.

(٤) بداية المجتهد ٢ : ١٦٤ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٤ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ، حلية العلماء ٤ : ٢٢٢ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٦ ، المغني ٤ : ٢٣١ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٤.

(٥) الكافي ٥ : ١٧٥ ، ٤ ، التهذيب ٧ : ٨٥ ، ٣٦٥ ، الاستبصار ٣ : ٨٧ ـ ٨٨ ، ٣٠٠.

٣٧٢

وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل : لا يجوز ، لأنّ النبيّ عليه‌السلام نهى عن بيع السنين وعن الثنيا (١). ولأنّ المبيع معلوم بالمشاهدة لا بالقدر ، فالاستثناء منه يغيّر حكم المشاهدة ، لأنّه (٢) لا يدري كم يبقى في حكم المشاهدة منه فلم يجز (٣).

والجواب : المراد بالنهي : الثنيا المجهولة ، لجواز استثناء الجزء المشاع والنخلة المعلومة إجماعا. والعلم بالمشاهدة حاصل مع الاستثناء وعدمه ، وجهالة القدر حاصلة فيهما معا ، فلا وجه للتخصيص.

فروع :

أ ـ إذا استثنى جزءا مشاعا أو أرطالا معيّنة فتلف من الثمرة شي‌ء ، سقط من الثنيا بحسابه.

أمّا في الجزء المشاع : فظاهر.

وأمّا في الأرطال المعلومة : فيؤخذ منه بالحزر والتخمين ، فيقال : هل ذهب ثلث الثمرة أو نصفها؟ فيذهب من الثنيا بقدر تلك النسبة.

أمّا لو استثنى مائة رطل ـ مثلا ـ من الثمرة وممّا (٤) يتخلّف منها ، احتمل بطلان البيع.

ب ـ لو استثنى نخلات بعينها أو عذقا معيّنا من نخلة‌ فذهب بعض‌

__________________

(١) سنن البيهقي ٥ : ٣٠٤ ، مسند أحمد ٤ : ٣٣٨ ، ١٤٥٠٤.

(٢) في « ق ، ك‍ » والطبعة الحجريّة : فالاستثناء منه بغير حكم المشاهدة ولأنّه.

والصحيح ما أثبتناه من المغني والشرح الكبير.

(٣) الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٦ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٠ ، الام ٣ : ٨٤ ، حلية العلماء ٤ : ٢٢٢ ، المغني ٤ : ٢٣١ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٤.

(٤) في « ق » : وما.

٣٧٣

الثمرة ، فإن كان من الثنيا ، سقط التالف. وإن كان التالف غير المستثنى ، كان المستثنى للبائع.

ج ـ لو قال : بعتك من هذه الصبرة قفيزا إلاّ مكّوكا ، صحّ البيع ، لأنّ القفيز معلوم القدر ، والمكّوك أيضا معلوم ، فكان الباقي معلوما. هذا إذا علم وجود القفيز في الصبرة.

مسألة ١٧٨ : لو باع الثمرة قبل بدوّ الصلاح على شرط القطع‌ ومطلقا عندنا ، أو باع لقطة واحدة من القثّاء والبطّيخ وشبههما ثمّ تجدّد في النخل ثمرة أخرى أو في أصول الخضر ، كان المتجدّد للبائع تبعا للأصل إذا لم يشترطه المشتري.

فإنّ تميّزت ، فلا بحث. وإن اختلطت بغيرها بحيث لا تتميّز ، فإمّا أن يكون بعد القبض أو قبله.

فإن كان بعد القبض ، كان المشتري شريكا للبائع ، فإن علم القدر دون العين ، أخذ كلّ منهما من الثمرة بقدر الذي له من الجملة. فإن لم يعلم القدر ولا العين ، اصطلحا ، كما لو وقع طعام شخص على طعام غيره ولم يعلما قدرهما.

وإن كان قبل القبض ، تخيّر المشتري بين الفسخ والإمضاء ، للتعيّب في يد البائع ، فإن فسخ ، أخذ الثمن الذي دفعه. وإن أمضى البيع ، كان شريكا : إن علما مقدار ما لكلّ منهما ، أخذ القدر الذي له. وإن جهلاه ، اصطلحا. وحكم ما إذا لم يتميّز البعض حكم ما إذا لم يتميّز الجميع.

وأمّا عند الشافعي : إذا امتزجت الأولى بالثانية ولم تتميّزا ، فقولان :

أحدهما : فسخ البيع ـ قاله في الإملاء ـ لتعذّر التسليم جملة ، فانفسخ البيع ، كما لو تلف المبيع قبل القبض.

٣٧٤

والثاني : أنّه لا ينفسخ البيع ، فإن سلّم البائع الجميع إلى المشتري ، أجبر المشتري على قبوله ، ومضى البيع. وإن امتنع ، فسخ البيع ـ وبه قال المزني ـ لأنّ المبيع زاد ، وذلك لا يوجب بطلان العقد ، كما لو طالت الشجرة أو بلغت الثمرة (١).

والفرق ظاهر ، لأنّ الزيادة في الطول والبلوغ زيادة في عين المبيع فيرجع في الحقيقة إلى زيادة صفة ، فوجب عليه قبولها ، بخلاف الامتزاج ، فإنّه يتضمّن زيادة العين ، فلا يجب قبولها ، كما لو باع ثوبا فاختلط الثوب بآخر فدفعهما البائع ، لم يجب على المشتري قبولهما ، ولا يجبر البائع على تسليمهما ، بخلاف طول الغصن وبلوغ الثمرة ، فإنّه يجب على البائع تسليم الأصل والزيادة.

فروع :

أ ـ لو باع ما يعلم امتزاجه قبل إدراك الأوّل وعدم امتيازه ، فإن شرط القطع ، صحّ البيع قطعا ، سواء أهمل حتى امتزج أو لا. وان لم يشترطه ، فإن قلنا ببطلان البيع على تقدير الامتزاج ، احتمل البطلان هنا حذرا من الاختلاط. والصحّة ، لأنّ الثمرة الآن لا موجب لفسخ البيع فيها ، والمزج مترقّب الحصول ، فلا يؤثّر في البيع السابق.

وللشافعي وجهان ، أحدهما : الأوّل. والثاني : أنّ البيع يقع موقوفا ، فإن سمح البائع بدفع المتجدّد إلى المشتري تبيّنّا صحّة البيع. وإن لم يدفع ،

__________________

(١) مختصر المزني : ٧٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٧٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٨ ـ ٢٨٩ ، حلية العلماء ٤ : ٢١٩ ـ ٢٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥١ ، و ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢١.

٣٧٥

يظهر عدم انعقاده من أصله (١).

ب ـ لو باع بشرط القطع أو التبقية مع ندور الاختلاط فحصل الاختلاط ، فقد قلنا : إن كان قبل القبض ، كان للمشتري الفسخ ، ولا يبطل البيع. وإن كان بعده ، لم ينفسخ.

وللشافعيّة قولان قبل القبض :

أحدهما : الفسخ ، لتعذّر تسليم المبيع قبل القبض (٢). وهو ممنوع.

والثاني : عدم الفسخ ، لبقاء عين المبيع ، وإمكان إمضاء البيع ، فيثبت للمشتري الخيار (٣).

وقال بعضهم : لا خيار له ، وإنّه لا فرق بين المزج قبل القبض وبعده (٤).

ثمّ إن قال البائع : أسمح بترك المتجدّدة ، ففي سقوط خيار المشتري وجهان :

أصحّهما عندهم : السقوط ، كما في الإعراض عن نعل الدابّة المردودة بالعيب.

والثاني : عدمه ، لما في قبوله من المنّة (٥). وهو الوجه عندي.

ولو باع الثمرة قبل بدوّ الصلاح بشرط القطع ثمّ لم يتّفق القطع حتى امتزجا ، جرى القولان في الفسخ. وكذا لو باع حنطة فانثال عليها مثلها قبل القبض ، أو المائعات (٦).

ولو اختلط الثوب بأمثاله أو الشاة المبيعة بأمثالها ، قال بعضهم : ينفسخ البيع قطعا ، لأنّه يورث الاشتباه ، وأنّه مانع من صحّة البيع لو فرض‌

__________________

(١ ـ ٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢١.

٣٧٦

في الابتداء ، وفي الحنطة غايته ما يلزم الإشاعة ، وهي غير مانعة (١).

وفيه وجه : أنّه لا ينفسخ ، لإمكان تسليمه بتسليم الجميع (٢).

ولو باع جزّة من القتّ والكرّاث وشبههما من المجزوزات بشرط القطع ولم يقطعها حتى طالت وتعذّر التميّز ، جرى القولان (٣).

ومنهم من قطع بعدم الفسخ هنا ، تشبيها لطولها بكبر الثمرة وسمن الحيوان (٤).

وفرّق الأوّلون : بأنّ الزيادة في الطلع وسمن الحيوان من نماء الطلع والحيوان ، الذي هو ملك المشتري ، فلهذا كانت له ، بخلاف طول القتّ والكرّاث ، لأنّها حدثت من الأصول التي هي ملك البائع ، فكانت له ، فيجي‌ء القولان ، لحصول المزج وعدم التميّز (٥).

ج ـ لو حصل الامتزاج بعد القبض ، لم يبطل البيع عندنا ، وقد سبق (٦).

وللشافعيّة طريقان :

القطع بعدم الفسخ ـ وهو اختيار المزني ـ كالحنطة إذا امتزجت بأخرى.

والثاني : أنّه على القولين في الممتزج قبل القبض ، بخلاف مسألة الحنطة ، لأنّ هناك قد تمّ التسليم وانقطعت العلائق بينهما ، وفي الثمار لا تنقطع ، لأنّ البائع يدخل الحائط للسقي وغيره (٧).

__________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢١ ـ ٢٢٢.

(٢ ـ ٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٢.

(٥) انظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ٢٢٢.

(٦) في ص ٣٧٤.

(٧) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٢.

٣٧٧

د ـ كلّ موضع قلنا بعدم الفسخ إن تصالحا واتّفقا على شي‌ء ، فلا بحث. وإن تحاكما ، قدّم قول صاحب اليد في قدر حقّ الآخر. وهذا ظاهر في الحنطة وشبهها.

أمّا في الثمار فمن هو صاحب اليد؟ للشافعيّة وجهان بناء على الجائحة من ضمان البائع أو المشتري؟ (١).

ولهم وجه ثالث : أنّها في يدهما جميعا (٢).

والوجه أن نقول : إن كان البائع سلّم الثمرة بتسليم الأصل ، فهي في يد المشتري. وإن كانت الأصول في يد البائع والثمرة في يد المشتري ، فهما صاحبا يد. أمّا في صورة الحنطة فصاحب اليد هو المشتري ، فالقول قوله في قدر حقّ البائع. فإن كان المشتري قد أودع البائع الحنطة بعد القبض ثمّ حصل الاختلاط ، فالقول قول البائع في قدر حقّ المشتري.

مسألة ١٧٩ : لو باع شجرة عليها ثمرة ، فالثمرة للبائع‌ إلاّ في طلع النخل غير المؤبّر على ما يأتي ، فإنّه للمشتري. أمّا ثمرة النخل المؤبّرة أو ثمرة غير النخل مطلقا فهي للبائع.

فإن كانت الشجرة تثمر في السنة مرّتين ويغلب عليها التلاحق ، صحّ البيع عندنا على ما تقدّم ، ولا يخفى الحكم السابق عندنا.

وقال الشافعي : لا يصحّ البيع إلاّ بشرط أن يقطع البائع ثمرته عند خوف الاختلاط (٣). ويجي‌ء خلافهم السابق فيما إذا كان المبيع الثمرة (٤).

ثمّ إذا تبايعا بهذا الشرط ولم يتّفق القطع حتى حصل الاختلاط أو كانت الشجرة ممّا يندر فيها التلاحق فاتّفق ذلك ، فعندنا يبقى شريكا‌

__________________

(١ ـ ٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٢.

٣٧٨

ويصطلحان.

ونقل المزني عن الشافعي قولين في الانفساخ (١).

ولأصحاب الشافعي طريقان : فعن بعضهم : القطع بعدم الانفساخ ، وتخطئة المزني في نقله ، لأنّ الاختلاط وتعذّر التسليم لم يوجد في المبيع ، بخلاف ما إذا كان المبيع الثمار (٢).

وأثبت الأكثرون القولين وقالوا : الاختلاط وإن لم يوجد في المبيع لكنّه وجد في المقصود بالعقد ، وهو الثمرة الحادثة ، فإنّها مقصود المشتري من الشراء للأصول ، فجاز أن يجعل كالمبيع. فإن قلنا بعدم الانفساخ ، فإن سمح البائع بترك الثمرة القديمة ، أجبر المشتري على القبول. وان رضي المشتري بترك الثمرة الحادثة ، اجبر البائع على القبول ، وأقرّ العقد (٣).

ويحتمل أن يجي‌ء في الإجبار على القبول للشافعيّة خلاف.

وإن استمرّا على النزاع ، قال المثبتون للقولين : يفسخ العقد بينهما ، كما لو كان المبيع الثمرة.

وقال القاطعون : لا فسخ ، بل إن كانت الثمرة والشجرة في يد البائع ، فالقول قوله في قدر ما يستحقّه المشتري مع يمينه. وإن كانتا في يد المشتري ، فالقول قوله في قدر ما يستحقّه البائع ، وهو الذي يقتضيه القياس ، لأنّ الفسخ لا يفيد رفع النزاع ، لبقاء الثمرة الحادثة للمشتري.

قالوا : ولو قلنا بالفسخ ، استردّ المشتري الثمن وردّ الشجرة مع جميع الثمار (٤).

__________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٣ ، وانظر : روضة الطالبين ٣ : ٢٢٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٣ ـ ٣٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٢٢ ـ ٢٢٣.

٣٧٩

مسألة ١٨٠ : إذا ضمّ ما يملكه من الثمرة إلى غيره مملوكة لغيره وباعهما في عقد واحد‌ ، فإن كان المشتري عالما ، لزم البيع في نصيب البائع بحصّته من الثمن ، وكان نصيب غيره موقوفا إن أجاز ، لزم البيع ، وإن لم يجز ، بطل في نصيبه خاصّة ، ولا خيار للمشتري هنا. وإن كان جاهلا ، تخيّر مطلقا ، سواء أجاز المالك أو لا ، لتفاوت الأغراض في الغرماء.

ويحتمل عدم الخيار فيما لو أجاز المالك ، وثبوته لو لم يجز ، لتبعّض الصفقة عليه.

ولو باع الثمرة بأجمعها وفيها الزكاة ، فإن كان المشتري عالما وشرط البائع عليه نصيب الفقراء ، صحّ البيع. وكذا لو لم يشترط وضمن البائع حصّة الفقراء. ولو لم يضمن البائع ولا شرط الزكاة ، بطل البيع في نصيب الفقراء ، ولزمه في نصيب المالك.

وإن كان جاهلا ، تخيّر بين أخذ حصّة المالك بحصّته من الثمن أو يردّ.

وللشافعي قولان :

أحدهما : أنّه يتخيّر المشتري بين أخذ حصّة المالك بحصّته من الثمن وبين الردّ.

والثاني : أنّه يتخيّر المشتري بين أخذ حصّة المالك بجميع الثمن أو يردّ (١).

مسألة ١٨١ : إذا باع الثمرة واحتاجت إلى السقي ليزيد نماؤها‌ ، وجب على البائع تمكينه من ذلك ، لنهيه عليه‌السلام عن الضرر (٢). فإن كان سقيها يضرّ‌

__________________

(١) انظر : العزيز شرح الوجيز ٣ : ٤٤ و ٤٥ ، و ٤ : ١٤٦ ، والحاوي الكبير ٥ : ٢٠٥.

(٢) الكافي ٥ : ٢٨٠ ، ٤ ، و ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ، ٢ ، و ٢٩٤ ، ٨ ، الفقيه ٣ : ٤٥ ، ١٥٤ ، و ١٤٧ ، ٦٤٨ ، التهذيب ٧ : ١٤٦ ـ ١٤٧ ، ٦٥١ ، و ١٦٤ ، ٧٢٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٨٤ ، ٢٣٤٠ و ٢٣٤١ ، سنن الدار قطني ٣ : ٧٧ ، ٢٨٨ ، سنن البيهقي ٦ : ٦٩ و ٧٠ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٥٧ ـ ٥٨ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ٢ : ٨٦ ، ١٣٨٧ ، مسند أحمد ١ : ٥١٥ ، ٢٨٦٢ ، و ٦ : ٤٤٦ ـ ٤٤٧ ، ٢٢٢٧٢.

٣٨٠