تذكرة الفقهاء - ج ١٠

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ١٠

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: ٤٨٥

البائع ، بل يكون للعبد ، فيكون المشتري يملك عليه (١).

د ـ إن قلنا : إنّ العبد يملك ، فإنّه يملك ملكا ناقصا لا تتعلّق به الزكاة ، وحينئذ تسقط ، أمّا عن العبد : فلعدم تماميّة الملك ، كالمكاتب.

وأمّا عن السيّد : فلأنّه ملك الغير. وإن نفينا الملك ، فالزكاة على السيّد ، لتماميّة الملك في حقّه.

ولو ملّكه جارية ، جاز له وطؤها على التقديرين ، لجواز الإباحة ، فالتمليك لا يقصر عنها وإن نفيناه لتضمّنه إيّاها.

وإذا وجب عليه كفّارة ، فإن قلنا : يملك ، كفّر بالمال ، وإلاّ بالصيام ، ولا يدخل في البيع وإن قلنا : إنّ العبد يملك ، لما تقدّم من الأحاديث.

هـ ـ لو اشترى عبدا له مال وقلنا بملكيّة العبد‌ فاشترطه المبتاع فانتزعه المبتاع من العبد فأتلفه (٢) ثمّ وجد بالعبد عيبا ، لم يكن له الردّ ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لأنّ العبد يكثر قيمته إذا كان له مال ، وبتلف المال نقصت قيمته ، فلم يجز ردّه ناقصا.

وقال داود : يردّ العبد وحده ، لأنّ ما انتزعه لم يدخل في البيع (٤).

وهو غلط ، لنقص القيمة كما قلناه.

و ـ لو اشترى عبدا مأذونا له في التجارة وقد ركبته الديون ولم يعلم المشتري ، لم يثبت له الخيار ، لأنّ الديون تتعلّق بالمولى. وإن قلنا : تتعلّق‌

__________________

(١) انظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٧ ، وروضة الطالبين ٣ : ٢٠٣.

(٢) في « ق ، ك‍ » : وأتلفه.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٢٧٧ ، وحكاه عنه أيضا الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ١٢٥ ، المسألة ٢١٠.

(٤) المحلّى ٨ : ٤٢٢ ، المغني ٤ : ٢٧٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢٣ ـ ٣٢٤ ، وحكاه عنه أيضا الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ١٢٥ ، المسألة ٢١٠.

٣٢١

بالعبد ، فلا تتعلّق برقبته بل بذمّته ، وذلك غير ضائر للمشتري ، فلا يكون عيبا في حقّه ، وبه قال الشافعي (١).

وقال مالك : يثبت له الخيار (٢).

وقال أبو حنيفة : البيع باطل. وبناه على أصله من تعلّق الديون برقبته (٣).

ز ـ لو قال العبد لغيره : اشترني ولك عليّ كذا ، لم يلزمه شي‌ء ، سواء كان للمملوك مال حين قوله أولا ، وسواء شرط المبتاع المال أو لا ، وسواء قلنا : العبد يملك أو لا ، وسواء قلنا : المال يدخل في الشراء مع علم البائع أو لا ، لأنّ المولى لا يثبت له على عبده شيئا.

وللشيخ قول آخر : إنّه يجب عليه الدفع إن كان له شي‌ء في تلك الحال ، وإلاّ فلا (٤).

وقد روي عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال له غلام : إنّي كنت قلت لمولاي : بعني بسبعمائة درهم ولك عليّ ثلاثمائة درهم ، فقال الصادق عليه‌السلام : « إن كان لك يوم شرطت أن تعطيه [ شي‌ء ] (٥) فعليك أن تعطيه ، وإن لم يكن لك يومئذ شي‌ء فليس عليك شي‌ء » (٦).

مسألة ١٤٢ : لو دفع إنسان إلى عبد غيره مأذونا له في التجارة مالا ليشتري نسمة‌ ويعتقها ويحجّ عنه بالباقي ، فاشترى المأذون أباه ودفع إليه بقيّة المال للحجّ فحجّ به ، ثمّ اختلف مولى المأذون وورثة الدافع ومولى‌

__________________

(١) حلية العلماء ٤ : ٢٧٣.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٢٧٣.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٢٧٣.

(٤) النهاية : ٤١٢.

(٥) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٦) الكافي ٥ : ٢١٩ ، ١ ، التهذيب ٧ : ٧٤ ، ٣١٦.

٣٢٢

الأب ، فكلّ منهم يقول : اشتري بمالي ، قال الشيخ : يردّ الأب إلى مواليه يكون رقّا كما كان ، ثمّ أيّ الفريقين الباقيين أقام البيّنة بما ادّعاه ، حكم له به (١) ، لما رواه ابن أشيم عن الباقر عليه‌السلام في عبد لقوم مأذون له في التجارة دفع إليه رجل ألف درهم ، فقال : اشتر بها نسمة وأعتقها عنّي وحجّ بالباقي ، ثمّ مات صاحب الألف ، فانطلق العبد فاشترى أباه فأعتقه عن الميّت ودفع إليه الباقي يحجّ عن الميّت ، فحجّ عنه ، فبلغ ذلك موالي أبيه وورثة الميّت جميعا فاختصموا جميعا في الألف ، فقال موالي معتق العبد : إنّما اشتريت أباك بمالنا. وقال الورثة : إنّما اشتريت أباك بمالنا. وقال موالي العبد : إنّما اشتريت أباك بمالنا ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : « أمّا الحجّة فقد مضت بما فيها لا تردّ ، وأمّا المعتق فهو ردّ في الرقّ لموالي أبيه ، وأيّ الفريقين أقاموا البيّنة أنّه اشترى أباه من أموالهم كان لهم رقّا » (٢).

وابن أشيم ضعيف ، فلا يعوّل على روايته ، على أنّا نحمل الرواية على إنكار موالي الأب البيع ، وحينئذ يقدّم قوله ، ثمّ أيّ الفريقين أقام البيّنة على دعواه حكم له بها. وعلى ظاهر الرواية ينبغي أن يدفع الأب إلى مولى الابن المأذون ، لأنّ ما في يد المملوك لمولاه.

ولو أقام كلّ من الثلاثة بيّنة على دعواه ، فإنّ رجّحنا بيّنة ذي اليد ، فالحكم كما تقدّم من دفع الأب إلى مولى المأذون. وإن رجّحنا بيّنة الخارج ، فالأقرب : ترجيح بيّنة الدافع ، عملا بمقتضى صحّة البيع ، فهو معتضد بالأصل.

__________________

(١) النهاية : ٤١٤.

(٢) الكافي ٧ : ٦٢ ، ٢٠ ، التهذيب ٧ : ٢٣٤ ـ ٢٣٥ ، ١٠٢٣ ، و ٩ : ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ، ٩٤٥ بتفاوت في بعض الألفاظ.

٣٢٣

ويحتمل تقديم بيّنة مولى الأب ، لادّعائه ما ينافي الأصل ، وهو الفساد.

مسألة ١٤٣ : إذا كان مملوكان لشخصين مأذونان لهما في التجارة‌ اشترى كلّ منهما الآخر من مالكه لمولاه ، فإن سبق عقد أحدهما ، صحّ عقده ، وبطل عقد الآخر ، لأنّ للمأذون الشراء لمولاه والعبد قابل للنقل بالابتياع ، فلا مانع للمقتضي عن مقتضاه ، ولمّا انتقل العبد إلى مولى الأوّل بطل الإذن من مولاه له ، فلم يصادف العقد أهلا يصدر عنه على الوجه المعتبر شرعا ، فكان عقده لاغيا.

وإن اقترن العقدان في وقت واحد ، بطلا ، لأنّ حالة شراء كلّ واحد منهما لصاحبه هي حالة بطلان الإذن من صاحبه له.

وقال الشيخ في النهاية : يقرع بينهما ، فمن خرج اسمه كان البيع له ، ويكون الآخر مملوكه.

ثمّ قال : وقد روي أنّه إذا اتّفق أن يكون العقدان في حالة واحدة ، كانا باطلين. والأحوط ما قدّمناه (١).

ويؤيّد ما اخترناه نحن من البطلان مع الاتّفاق زمانا : رواية أبي خديجة عن الصادق عليه‌السلام في رجلين مملوكين مفوّض إليهما يشتريان ويبيعان بأموالهما وكان بينهما كلام فخرج هذا ويعدو إلى مولى هذا ، وهذا إلى مولى هذا ، وهما في القوّة سواء ، فاشترى هذا من مولى هذا العبد ، وذهب هذا فاشترى هذا من مولى العبد الآخر فانصرفا إلى مكانهما فتشبّث كلّ واحد منهما بصاحبه وقال له : أنت عبدي قد اشتريتك من سيّدك. قال :

__________________

(١) النهاية : ٤١٢.

٣٢٤

« يحكم بينهما من حيث افترقا ، يذرع الطريق فأيّهما كان أقرب فهو الذي سبق الذي هو أبعد ، وإن كانا سواء فهما ردّ على مواليهما ، جاءا سواء وافترقا سواء إلاّ أن يكون أحدهما سبق صاحبه ، فالسابق هو له إن شاء باع وإن شاء أمسك ، وليس له أن يضرّ به » (١).

ثم قال الشيخ في التهذيب عقيب هذه الرواية : وفي رواية أخرى : « إذا كانت المسافة سواء يقرع بينهما فأيّهما وقعت القرعة به كان عبدا للآخر » (٢).

فروع :

أ ـ حكم الإمام عليه‌السلام بذرع الطريق بناء على الغالب والعادة ، فإنّ كلّ واحد منهما يجدّ فيما يرومه ، لدلالة قول الراوي : ذهب كلّ منهما يعدو إلى مولى الآخر. والتقدير أنّهما متساويان في القوّة ، والأصل عدم المانع ، فبالضرورة يكون من كانت مسافته أقلّ أسبق في العقد من الآخر ، ومع التساوي في المسافة يحكم بالاقتران ، للظنّ الغالب به ، فإن فرض تقدّم أحدهما ، صحّ عقده ، وإلاّ بطلا ، لما تقدّم.

ب ـ الرواية بالقرعة لم نقف عليها ، لكنّ الشيخ رحمه‌الله ذكر هذا الإطلاق في النهاية والتهذيب (٣).

والظاهر أنّ القرعة لاستخراج الواقع أوّلا مع علم المتقدّم واشتباه تعيينه ، أو مع الشكّ في التقدّم وعدمه ، أمّا مع الاقتران فلا وجه للقرعة.

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٧٢ ـ ٧٣ ، ٣١٠.

(٢) التهذيب ٧ : ٧٣ ، ٣١١.

(٣) النهاية : ٤١٢ ، التهذيب ٧ : ٧٣ ، ٣١١.

٣٢٥

ج ـ لو قلنا بصحّة وكالة السيّد لعبده في الشراء‌ فاتّفق أن وكّل كلّ واحد منهما مملوكه في شراء الآخر له ، صحّ العقدان معا إن لم تبطل الوكالة مع الانتقال.

د ـ لا نريد بالبطلان في الموضع الذي حكمنا به هنا وقوع العقدين فاسدين ، بل أن يكون العقدان هنا بمنزلة عقد الفضولي إن أجازه الموليان ، صحّا معا ، وإلاّ فلا. ولو أجازه أحدهما خاصّة ، صحّ عقده خاصّة.

هـ ـ لو اشترى كلّ منهما الآخر لنفسه بإذن مولاه‌ وقلنا : إنّ العبد يملك ما يملكه مولاه ، فإن اقترنا ، بطلا. وان سبق أحدهما ، فهو المالك للآخر (١).

مسألة ١٤٤ : لو اشترى من غيره جارية ثمّ ظهر أنّها سرقت من أرض الصلح‌ ، قال الشيخ رحمه‌الله : يردّها المشتري على البائع أو ورثته ويسترجع الثمن. ولو لم يخلف وارثا ، استسعيت الجارية في ثمنها (٢) ، لما رواه مسكين السمّان ، قال : سألت الصادق عليه‌السلام : عن رجل اشترى جارية سرقت من أرض الصلح ، قال : « فليردّها على الذي اشتراها منه ، ولا يقربها إن قدر عليه لو كان موسرا » قلت : جعلت فداك فإنّه قد مات ومات عقبه ، قال : « فليستسعها » (٣).

ولأنّه بيع باطل ، لظهور الملكيّة لغير البائع.

والردّ على البائع ، لاحتمال أن يكون السارق غيره وقد حصلت في يده ، فتدفع إليه على سبيل الأمانة إلى أن يحضر مالكها ويسترجع الثمن منه.

__________________

(١) الفرعان « د ، ه‍ » لم يردا في « ك‍ ».

(٢) النهاية : ٤١٤.

(٣) التهذيب ٧ : ٨٣ ، ٣٥٥ ، وفيه : « .. أو كان موسرا .. ».

٣٢٦

وبالجملة ، فهذه الرواية مشكلة.

والمعتمد هنا : أنّ المشتري يدفع الجارية إلى الحاكم ليجتهد في ردّها على مالكها الذي سرقت منه ، ولا شي‌ء للمشتري مع تلف البائع من غير تركة. ولا تستسعى الجارية ، لأنّه تصرّف في مال الغير بغير إذنه.

وقيل : تكون بمنزلة اللقطة (١).

مسألة ١٤٥ : لو اشترى عبدا موصوفا في الذمّة فدفع البائع إليه عبدين‌ ليختار واحدا منهما فأبق أحدهما من يد المشتري ، قال الشيخ رحمه‌الله : يردّ المشتري إلى البائع العبد الباقي ، ويسترجع نصف الثمن ، ويطلب الآبق ، فإن وجده ، اختار حينئذ ، وردّ النصف الذي قبضه من البائع إليه. وإن لم يجده ، كان العبد الباقي بينهما (٢) ، لما رواه السكوني عن الصادق عليه‌السلام في رجل اشترى من رجل عبدا وكان عنده عبدان وقال للمشتري : اذهب بهما فاختر أحدهما وردّ الآخر وقد قبض المال ، فذهب بهما المشتري فأبق أحدهما من عنده ، قال « ليردّ الذي عنده منهما ويقبض نصف الثمن ممّا أعطى من البيّع ، ويذهب في طلب الغلام ، فإن وجده اختار أيّهما شاء وردّ النصف الذي أخذ ، وإن لم يجده كان العبد بينهما ، نصف للبائع ونصف للمبتاع » (٣).

والرواية ضعيفة السند. ومثل هذه الرواية رواها محمّد بن مسلم عن الباقر (٤) عليه‌السلام.

__________________

(١) القائل به هو ابن إدريس في السرائر ٢ : ٣٥٦.

(٢) النهاية : ٤١١.

(٣) التهذيب ٧ : ٨٢ ـ ٨٣ ، ٣٥٤.

(٤) الكافي ٥ : ٢١٧ ، ١ ، الفقيه ٣ : ٨٨ ، ٣٣٠.

٣٢٧

والمعتمد : أنّ التالف مضمون على المشتري بقيمته ، لأنّه كالمقبوض بالسوم ، وله المطالبة بالعبد الثابت في ذمّة البائع بالبيع.

فرع : لو اشترى عبدا من عبدين ، لم يصحّ ، للجهالة.

مسألة ١٤٦ : يجب على البائع للجارية استبراؤها قبل بيعها‌ ـ إذا كان يطؤها ـ بخمسة وأربعين يوما إن كانت من ذوات الحيض ولم تر الدم. ولو رأت الدم ، استبرأها بحيضة. ولو كانت صغيرة أو يائسة أو حاملا أو حائضا ، فلا استبراء.

وكذا يجب على المشتري استبراؤها بعد شرائها قبل وطئها لو جهل حالها ، لئلاّ تختلط الأنساب.

وهذا الاستبراء بمنزلة العدّة في الحرّة.

ولو أخبره البائع الثقة باستبرائها ، صدّقه ، ولم يجب عليه الاستبراء ، تنزيلا لإخبار المسلم على الصدق.

ولو كانت الجارية لامرأة فاشتراها منها ، لم يجب عليه الاستبراء ، إذ لا يتحقّق اختلاط النسب هنا.

ولو اشترى أمة حاملا ، لم يجز له وطؤها قبلا قبل مضيّ أربعة أشهر وعشرة أيّام ، إلاّ أن تضع ، فإن وطئها ، عزل عنها استحبابا. وإن (١) لم يعزل ، كره له بيع ولدها. ويستحبّ له أن يعزل له من ميراثه قسطا.

تنبيه : أطلق علماؤنا كراهة وطئ الأمة الحامل بعد مضيّ أربعة أشهر وعشرة أيّام. وعندي في ذلك إشكال.

__________________

(١) في « ق ، ك‍ » : فإن.

٣٢٨

والتحقيق فيه أن نقول : هذا الحمل إن كان من زنا ، لم تكن له حرمة ، وجاز وطؤها قبل أربعة أشهر وعشرة أيّام وبعدها. وإن كان عن وطئ مباح أو جهل الحال فيه ، فالأقوى : المنع من الوطء حتى تضع.

مسألة ١٤٧ : يكره وطؤ المولودة من الزنا بالملك والعقد معا‌ ، لأنّه قد ورد كراهة الحجّ والتزويج من ثمنها فالنكاح لها أبلغ في الكراهة.

روى أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام ، قال : قلت له : تكون لي المملوكة من الزنا أحجّ من ثمنها وأتزوّج؟ فقال : « لا تحجّ ولا تتزوّج منه » (١).

وعن أبي خديجة عن الصادق عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : « لا يطيب ولد الزنا أبدا ، ولا يطيب ثمنه ، والممزيز (٢) لا يطيب إلى سبعة آباء » فقيل : وأيّ شي‌ء الممزيز (٣)؟ قال : « الرجل يكسب مالا من غير حلّه فيتزوّج أو يتسرّى فيولد له فذلك الولد هو الممزيز (٤) » (٥).

إذا ثبت هذا ، فإن خالف ووطئ ، فلا يطلب الولد منها.

مسألة ١٤٨ : يكره للرجل إذا اشترى مملوكا أن يريه ثمنه في الميزان. ويستحبّ له تغيير اسمه ، وأن يطعمه شيئا من الحلاوة ، وأن يتصدّق عنه بأربعة دراهم ، لما رواه زرارة قال : كنت عند الصادق عليه‌السلام ، فدخل عليه رجل ومعه ابن له ، فقال له الصادق عليه‌السلام : « ما تجارة ابنك؟ » فقال : التنخّس ، فقال له الصادق عليه‌السلام : « لا تشتر سبيا ولا غبيّا (٦) ، فإذا اشتريت رأسا فلا ترين ثمنه في كفّة الميزان ، فما من رأس يرى ثمنه في كفّة الميزان‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٢٢٦ ، ٨ ، التهذيب ٧ : ٧٨ ، ٣٣٢ ، الإستبصار ٣ : ١٠٥ ، ٣٦٨.

(٢) في الطبعة الحجريّة : الممزير. وفي الكافي : الممراز.

(٣) في الطبعة الحجريّة : الممزير. وفي الكافي : الممراز.

(٤) في الطبعة الحجريّة : الممزير. وفي الكافي : الممراز.

(٥) الكافي : « ٥ : ٢٢٥ ، ٦ ، التهذيب ٧ : ٧٨ ، ٣٣٣.

(٦) في الكافي : « ولا عيبا ».

٣٢٩

فأفلح ، وإذا اشتريت رأسا فغيّر اسمه وأطعمه شيئا حلوا إذا ملكته ، وتصدّق عنه بأربعة دراهم » (١).

وقال الصادق عليه‌السلام : « من نظر إلى ثمنه وهو يوزن لم يفلح » (٢).

مسألة ١٤٩ : قد بيّنّا أنّه يجب الاستبراء في شراء الإماء‌ ، وستأتي تتمّته في باب العدد إن شاء الله تعالى.

إذا ثبت هذا ، فإذا باع الجارية وسلّم المشتري إلى الثمن ، وجب عليه تسليم الجارية في مدّة الاستبراء إلى المشتري ، سواء كانت جميلة أو قبيحة ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة (٣).

وقال مالك : إن كانت جميلة ، لا يسلّمها ، وإنّما يضعها على يدي عدل حتى تستبرأ. وإن كانت قبيحة أجبر على تسليمها ، لأنّ الجميلة يلحقه فيها التهمة فمنع منها (٤).

وليس بجيّد ، لأنّ الظاهر العدالة والسلامة ، فلا يسقط حقّه من القبض بالتهمة.

ويبطل أيضا بأنّه مبيع لا خيار فيه ، فإذا نقد الثمن ، وجب تسليمه ، كسائر المبتاعات (٥).

إذا تقرّر هذا ، فإن اتّفقا على وضعها على يد عدل ، فإن قبضها‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٢١٢ ، ١٤ ، التهذيب ٧ : ٧٠ ـ ٧١ ، ٣٠٢.

(٢) الكافي ٥ : ٢١٢ ، ١٥ ، التهذيب ٧ : ٧١ ، ٣٠٣.

(٣) الامّ ٣ : ٨٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٧٦ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٤٧٩ ، المغني ٤ : ٢٩٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٣ ـ ١٢٤.

(٤) الحاوي الكبير ٥ : ٢٧٦ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٤٧٩ ، حلية العلماء ٧ : ٣٦٤ ، المغني ٤ : ٢٩٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٤.

(٥) في « ق ، ك‍ » : البياعات.

٣٣٠

المشتري وسلّمها إلى العدل ، فهي من ضمانه. وإن سلّمها البائع ، كانت من ضمانه ، لأنّ التسليم لم يحصل للمشتري ولا لوكيله ، وليس العدل نائبا عنه في القبض.

فإن اشتراها بشرط أن يضعها البائع على يد عدل ، كان الشرط والبيع صحيحين ، عملا بقوله عليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم » (١).

ولأنّه شرط سائغ مرغوب فيه ، فوجب أن يكون مباحا.

وقال الشافعي : يفسد الشرط والعقد معا ، لأنّ العقد على المعيّن لا يجوز فيه شرط التأخير (٢). وهو ممنوع.

تذنيب : ليس للمشتري بعد شرائه الجارية شراء مطلقا أن يطلب من البائع كفيلا‌ بالثمن أو ببدن البائع لو خرجت حاملا ، لأنّه لم يشترط الكفيل في العقد ، فلا تلزمه إقامته بعده ، كما لو باع بثمن مؤجّل ثمّ طلب منه كفيلا أو رهنا فامتنع البائع ، إذ لو سلّم إليه الثمن ثمّ طلب منه كفيلا على عهدة الثمن ، لم يكن له ذلك.

مسألة ١٥٠ : لا يجوز التفرقة بين الامّ وولدها في البيع‌ ـ وبه قال الشافعي وأبو حنيفة (٣) ـ لما رواه العامّة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : « لا توله والدة بولدها » (٤).

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٧١ ، ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ ، ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٢) انظر : الامّ ٣ : ٨٧.

(٣) الوجيز ١ : ١٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٢ ـ ١٣٣ ، الوسيط ٣ : ٦٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٢ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٢ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٨ ، المغني ١٠ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٨.

(٤) أورد نصّه الرافعي في العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٢ ، وفي سنن البيهقي ٨ : ٥ ، وغريب الحديث ـ للهروي ـ ٣ : ٦٥ والكامل ـ لابن عدي ـ ٦ : ٢٤١٢ : « لا توله والدة عن ولدها ».

٣٣١

وعن أبي أيّوب عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « من فرّق بين والدة وولدها فرّق الله بينه وبين أحبّته يوم القيامة » (١).

ومن طريق الخاصّة : ما رواه سماعة قال : سألته عن أخوين مملوكين هل يفرّق بينهما ، وعن المرأة وولدها؟ فقال : « لا ، هو حرام إلاّ أن يريدوا ذلك » (٢).

وفي الحسن عن هشام بن الحكم عن الصادق عليه‌السلام ، قال : اشتريت له جارية من الكوفة ، قال : فذهبت لتقوم في بعض الحاجة فقالت : يا أمّاه ، فقال لها أبو عبد الله عليه‌السلام : « ألك أمّ؟ » قالت : نعم ، فأمر بها فردّت ، فقال : « ما آمنت لو حبستها أن أرى في ولدي ما أكره » (٣).

وفي الحسن عن معاوية بن عمّار قال : سمعت الصادق عليه‌السلام يقول : « أتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسبي من اليمن ، فلمّا بلغوا الجحفة نفدت نفقاتهم فباعوا جارية من السبي كانت أمّها معهم ، فلمّا قدموا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمع بكاءها ، فقال : ما هذه؟ قالوا : يا رسول الله احتجنا إلى نفقة فبعنا ابنتها ، فبعث بثمنها فاتي بها وقال : بيعوهما جميعا أو أمسكوهما جميعا » (٤).

وفي الصحيح عن ابن سنان ، قال الصادق عليه‌السلام في الرجل يشتري‌

__________________

(١) سنن الترمذي ٣ : ٥٨٠ ، ١٢٨٣ ، و ٤ : ١٣٤ ، ١٥٦٦ ، سنن الدار قطني ٣ : ٦٧ ، ٢٥٦ ، سنن البيهقي ٩ : ١٢٦ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٥٥ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ٤ : ١٨٢ ، ٤٠٨٠ ، مسند أحمد ٦ : ٥٧٥ ، ٢٣٠٠٢.

(٢) الكافي ٥ : ٢١٨ ـ ٢١٩ ، ٢ ، الفقيه ٣ : ١٣٧ ، ٦٠٠ ، التهذيب ٧ : ٧٣ ، ٣١٢.

(٣) الكافي ٥ : ٢١٩ ، ٣ ، التهذيب ٧ : ٧٣ ، ٣١٣.

(٤) الكافي ٥ : ٢١٨ ، ١ ، الفقيه ٣ : ١٣٧ ، ٥٩٩ ، التهذيب ٧ : ٧٣ ، ٣١٤.

٣٣٢

الغلام أو (١) الجارية وله الأخ أو الأخت أو أمّ بمصر من الأمصار ، قال : « لا يخرجه من مصر إلى مصر آخر إن كان صغيرا ولا تشتره ، وإن كانت له أمّ فطابت نفسها ونفسه فاشتره إن شئت » (٢).

ولاشتماله على ضرر كلّ من الامّ والولد ، فيكون منفيّا بقوله تعالى : ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٣) وبقوله عليه‌السلام : « لا ضرر ولا إضرار » (٤).

فروع :

أ ـ إنّما يتحقّق المنع مع حاجة الولد إلى الأمّ ، فلو استغنى عنها ، زال المنع ، لأصالة الإباحة السالم عن معارضة الضرر الحاصل بالتفريق.

ب ـ لو فرّق بينهما بالبيع ، لم يصحّ عندنا‌ ـ وبه قال الشافعي (٥) ـ لما تقدّم من الأحاديث الدالّة على الردّ.

وقال أبو حنيفة : يصحّ ، لأنّ المنع لا يعود إلى المبيع وإنّما يعود إلى الضرر اللاحق بهما ، فلا يمنع صحّة البيع ، كالبيع وقت النداء (٦).

__________________

(١) في « ق ، ك‍ » والطبعة الحجريّة : « و» بدل « أو ». وما أثبتناه من المصادر.

(٢) الكافي ٥ : ٢١٩ ، ٥ ، الفقيه ٣ : ١٤٠ ، ٦١٦ ، التهذيب ٧ : ٦٧ ـ ٦٨ ، ٢٩٠.

(٣) الحج : ٧٨.

(٤) سنن الدار قطني ٤ : ٢٢٨ ، ٨٥ ، مسند أحمد ١ : ٥١٥ ، ٢٨٦٢.

(٥) الوجيز ١ : ١٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، الوسيط ٣ : ٦٩ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٣ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٣٢ ، المغني ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠.

(٦) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٦٢ ، ١٢٤٢ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٣٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤١ ـ ٤٢ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٥٤ ، المغني ٤ : ٣٣٣ ، و ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٣ ، المعونة ٢ : ١٠٧١.

٣٣٣

وهو خطأ ، لأنّ النهي عنه لمعنى في البيع ، وهو حصول الضرر بالتفرقة. ولأنّ التسليم تفريق محرّم ، فيكون كالمتعذّر ، إذ لا فرق بين العجز الحسّي والشرعي.

ج ـ لو رضي كلّ من الولد والامّ بالتفريق ، صحّ التفريق ، لعدم المقتضي للمنع. ولحديث ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام ، وقد سبق (١).

د ـ الضابط في غاية التحريم الاستغناء ، فمتى حصل استغناء الطفل عن الامّ ، جاز التفريق ، وإلاّ فلا.

ويحصل الاستغناء ببلوغ سبع سنين.

وقيل : بالاستغناء عن الرضاع (٢).

والمشهور : الأوّل ، لأنّه سنّ التمييز ، فيستغنى عن التعهّد والحضانة ، وهو أحد قولي الشافعي (٣).

ويقرب منه قول مالك حيث جعل التحريم ممتدّا إلى وقت سقوط الأسنان (٤).

__________________

(١) في ص ٣٣٣.

(٢) كما في شرائع الإسلام ٢ : ٥٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣ ، المجموع ٩ : ٣٦١ ، المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٦٣ ، بداية المجتهد ٢ : ١٦٨ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥.

(٤) بداية المجتهد ٢ : ١٦٨ ، المعونة ٢ : ١٠٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩.

٣٣٤

وقال في الآخر : حدّه البلوغ (١). وبه قال أبو حنيفة (٢) ، لما رواه عبادة بن الصامت أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « لا يفرّق بين الامّ وولدها » قيل : إلى متى؟ قال : « حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية » (٣).

هـ ـ قال بعض (٤) علمائنا بكراهة التفريق لا بتحريمه ، والمشهور : التحريم.

وهذا الخلاف إنّما هو إذا كان التفريق بعد سقي الأمّ ولدها اللّبأ ، فأمّا قبله فلا يجوز قطعا ، لأنّه يسبّب إلى إهلاك الولد.

و ـ يكره التفريق بعد البلوغ‌ ـ وبه قال الشافعي (٥) ـ لما فيه من التوحّش بانفراد كلّ منهما عن صاحبه.

والتقييد بالصغر في حديث (٦) ابن سنان ، للتحريم لا الكراهة.

ولو فرّق مع البلوغ بالبيع أو الهبة ، صحّا ـ وبه قال الشافعي (٧) ـ لوجود المقتضي السالم عن معارضة النهي ، لاختصاصه بالصغر.

وقال أحمد : يبطل البيع والهبة (٨). وليس بمعتمد.

__________________

(١) الوسيط ٣ : ٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، المجموع ٩ : ٣٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣ ، المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩.

(٢) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٦٢ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩.

(٣) سنن الدار قطني ٣ : ٦٨ ، ٢٥٨ ، سنن البيهقي ٩ : ١٢٨ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٢.

(٤) كالشيخ الطوسي في النهاية : ٥٤٦ ، والمحقّق الحلّي في المختصر النافع : ١٣٢ ، وشرائع الإسلام ٢ : ٥٩.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣ ، المجموع ٩ : ٣٦١.

(٦) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٣٣٣ ، الهامش (٢).

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣.

٣٣٥

ز ـ الأقوى كراهة التفريق بين الأخوين وبين الولد والأب أو الجدّ في البيع ، وليس محرّما ـ وبه قال الشافعي (١) ـ عملا بالأصل. ولأنّ القرابة بينهما لا تمنع القصاص فلا تمنع التفرقة في البيع ، كابن (٢) العمّ عندهم (٣).

وفي قول آخر له : إنّ التفريق بين الولد والجدّة والأب وسائر المحارم كالأمّ في تحريم التفريق (٤).

وقال أبو حنيفة : يحرم التفريق بين الأخوين ، لأنّه رحم ذو محرم من النسب ، فأشبه الولد (٥).

والجواب : الفرق بجواز القصاص هنا دون الأوّل عندهم.

ح ـ يجوز التفريق بين البهيمة وولدها بعد استغنائه عن اللبن وقبله‌ إن كان ممّا يقع عليه الذكاة (٦) أو كان له ما يموّنه من غير لبن امّه.

ومنع بعض الشافعيّة من التفريق قبل الاستغناء ، قياسا على الآدمي (٧). والحرمة فارقة بينهما.

ط ـ كما لا يجوز التفريق بالبيع كذا لا يجوز بالقسمة والهبة وغيرها‌

__________________

(١) حلية العلماء ٤ : ١٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢١ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٦ ، المجموع ٩ : ٣٦١.

(٢) في بدائع الصنائع والمغني : كابني.

(٣) المغني ٤ : ٣٣٣ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤١ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٩.

(٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢١ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٦ ، المجموع ٩ : ٣٦١ و ٣٦٢.

(٥) تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤١ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٥٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٤.

(٦) في « ق ، ك‍ » والطبعة الحجريّة : الزكاة. والصحيح ما أثبتناه.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، المجموع ٩ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٤.

٣٣٦

من العقود الناقلة للعين ، بخلاف نقل المنافع ، فله أن يؤجر الامّ من شخص وولدها من آخر ، إلاّ أن يستوعب المدّة الممنوع من التفرقة فيها ، فإنّ الأقوى المنع من التفريق حسّا بحيث لا يجتمعان إلاّ نادرا.

ي ـ لا يحرم التفريق بالعتق ، فلو أعتق الأمّ دون ولدها أو بالعكس ، فلا بأس. ولا في الوصيّة ، فلعلّ الموت يكون بعد انقضاء زمان التحريم.

فإن اتّفق قبله ، فإشكال.

يأ ـ لو لم تحصل التفرقة الحسّيّة ، فالأقوى جواز البيع ، كمن يبيع الولد ويشترط استخدامه مدّة المنع. وكذا لو باعه على من لا يفارق البائع والامّ بل يلازمهما.

يب ـ في الردّ بالعيب إشكال ، أقربه : المنع ، لحصول التفريق فيه ، فلو اشترى الجارية والولد ثمّ تفاسخا البيع في أحدهما أو ردّه بعيب فيه ، منع ، لما فيه من التفريق.

وقال بعض الشافعيّة : يجوز (١).

أمّا الرهن : ففي التفريق بينهما به إشكال ، أقربه : الجواز ، لكن ليس للمرتهن البيع ولا للراهن إلاّ مع الآخر.

يج ـ لا بأس بالتفريق بالسفر ، لعدم المقتضي للمنع ، وأصالة الإباحة.

يد ـ لو كانت الامّ رقيقة والولد حرّا وبالعكس ، لم يمنع من بيع الرقيق ، لثبوت التفريق قبل البيع ، فلا يحدث البيع تفريقا ، لاستحالة تحصيل الحاصل.

__________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، المجموع ٩ : ٣٦٠.

٣٣٧

مسألة ١٥١ : يجوز لمن يشتري الأمة أن ينظر إلى وجهها ومحاسنها‌ وأن يمسّها بيده ويقلبها ـ إلاّ العورة ، فلا يجوز له النظر إليها ـ للحاجة الداعية إلى ذلك ، فوجب أن يكون مشروعا لينتفي الغرر.

ولما رواه أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يعترض الأمة ليشتريها ، قال : « لا بأس بأن ينظر إلى محاسنها ويمسّها ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي له النظر إليه » (١).

ولا يجوز ذلك لمن لا يريد الشراء إلاّ في الوجه ، لقول الصادق عليه‌السلام : « لا أحبّ للرجل أن يقلب جارية إلاّ جارية يريد شراءها » (٢).

وسأله حبيب بن معلى الخثعمي : إنّي اعترضت جواري بالمدينة فأمذيت ، قال : « أمّا لمن يريد أن يشتري فليس به بأس ، وأمّا لمن لا يريد أن يشتري فإنّي أكرهه » (٣).

مسألة ١٥٢ : لو اشترى جارية فوطئها ثمّ ظهر استحقاقها لغير البائع مع جهل المشتري‌ ، فإن كانت بكرا ، غرم عشر قيمتها لصاحبها ، ودفعها إليه.

وإن كانت ثيّبا ، كان عليه نصف العشر ، لقول الصادق عليه‌السلام في رجل تزوّج امرأة حرّة فوجدها أمة دلّست نفسها ، إلى أن قال : « ولمواليها عليه عشر قيمة ثمنها إن كانت بكرا ، وإن كانت ثيّبا فنصف عشر قيمتها بما استحلّ من فرجها » (٤).

ولأنّه تصرّف في مال الغير بغير إذنه ، وانتفع بما له عوض ، فوجب‌

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٧٥ ، ٣٢١.

(٢) التهذيب ٧ : ٢٣٦ ، ١٠٣٠.

(٣) التهذيب ٧ : ٢٣٦ ، ١٠٢٩.

(٤) الكافي ٥ : ٤٠٤ ، ١ ، التهذيب ٧ : ٣٤٩ ، ١٤٢٦ ، الاستبصار ٣ : ٢١٦ ـ ٢١٧ ، ٧٨٧.

٣٣٨

الرجوع عليه به.

وقال الشافعي : يجب مهر المثل (١).

وهو ممنوع ، إذ لا عقد نكاح هنا.

فإن أولدها المشتري الجاهل بالغصبيّة ، فالولد لا حق به ، لموضع الشبهة ، وهو حرّ ، لأنّه اعتقد أنّه ملكها بالشراء ، وعليه قيمته لمولاه يوم سقط حيّا ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لأنّه أتلف على مولاها رقّه باعتقاده أنّها ملكه.

ولا يقوّم حملا لعدم إمكان تقويم الحمل ، فيقوّم في أوّل حالة انفصاله ، لأنّها أوّل حالة إمكان تقويمه. ولأنّ ذلك هو وقت الحيلولة بينه وبين سيّده.

ولقول الصادق عليه‌السلام : « وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه » قلت : فإن لم يكن لأبيه ما يأخذ ابنه به؟ قال : « يسعى أبوه في ثمنه حتى يؤدّيه ويأخذ ولده » قلت : فإن أبى الأب السعي في ثمن ابنه؟

قال : « فعلى الإمام أن يفديه ، ولا يملك ولد حرّ » (٣).

وقال أبو حنيفة : يقوّم يوم المطالبة ، لأنّ ولد المغصوبة لا يضمنه إلاّ بالبيع (٤).

وقد بيّنّا أنّه يحدث مضمونا ، فيقوّم حال إتلافه.

__________________

(١) الوجيز ١ : ٢١٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٧٠ ـ ٤٧٢ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٣١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٤٦.

(٢) مختصر المزني : ١١٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٣ ، الوجيز ١ : ٢١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٧٣ ، روضة الطالبين ٤ : ١٤٩.

(٣) التهذيب ٧ : ٣٥٠ ، ١٤٢٩ ، الإستبصار ٣ : ٢١٧ ـ ٢١٨ ، ٧٩٠.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ١٥٣.

٣٣٩

ولو انفصل الولد ميّتا ، لم تجب قيمته ، لأنّا لا نعلم حياته قبل ذلك. ولأنّه لم يحل بينه وبينه ، وإنّما يجب التقويم لأجل الحيلولة.

إذا ثبت هذا ، فإنّ المشتري إن كان عالما بالغصبيّة ، فالولد رقّ لمولاه ، ولا يرجع بالثمن على البائع ولا بما غرمه.

ويحتمل عندي رجوعه بالثمن إن (١) كان باقيا ، أمّا إذا تلف فلا.

وإن كان جاهلا ، فإنّه يرجع بالثمن الذي دفعه وبما غرمه ممّا لا نفع في مقابلته ، كقيمة الولد.

وهل يرجع بما حصل له في مقابلته نفع ، كأجرة الخدمة والسكنى والعقر؟ إشكال ينشأ من إباحة البائع له بغير عوض ، ومن استيفاء عوضه.

وتفصيل هذا أن يقال : إن علم المشتري بالغصب ، لم يرجع ، لأنّه قد أباح البائع إتلاف ماله بغير عوض ، وبه قال الشافعي (٢).

والتحقيق ما قلناه من الرجوع مع قيام العين لا مع التلف.

وأمّا إذا لم يعلم المشتري بالغصب ، فعلى ثلاثة أضرب.

ضرب : لا يرجع به عليه قولا واحدا ، وهو قيمتها إن تلفت في يده ، أو أرش البكارة إن تلفت في يده ، أو بدل جزء منها إن تلف في يده ، لأنّ المشتري دخل مع الغاصب على أن يكون ضامنا لذلك بالثمن ، فإذا ضمنه ، لم يرجع به ، وبه قال الشافعي (٣).

وضرب : يرجع به قولا واحدا ، وهو ما إذا ولدت في يده منه ورجع‌

__________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « إذا » بدل « إن ».

(٢) الوسيط ٣ : ٤١٩ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٨٠.

(٣) الوسيط ٣ : ٤١٩ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٨٠ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٣١٦ ـ ٣١٧.

٣٤٠