تذكرة الفقهاء - ج ١٠

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ١٠

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: ٤٨٥

وفي الأخرى : لا يصحّ ، لأنّ ما منع من شرائه لم يبح له الشراء وإن زال ملكه ، كالصيد (١).

والفرق : أنّ المحرم لو ملكه لثبت عليه ، بخلاف المتنازع.

د ـ كلّ شراء يستعقب العتق فكالقريب ، كما لو أقرّ كافر بحرّيّة عبد مسلم ثمّ اشتراه من مالكه ، أو قال لغيره : أعتق عبدك المسلم عنّي وعليّ ثمنه ، ففعل. والخلاف كما تقدّم.

هـ ـ يجوز أن يستأجر الكافر مسلما لعمل في ذمّته ، لأنّه دين عليه ، ويتمكّن من تحصيله بغيره.

وآجر بعض الأنصار نفسه من ذمّيّ يستقي له كلّ دلو بتمرة ، وأتى به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم ينكره (٢).

وكذا في الإجارة على العين.

وللشافعي وجهان :

أظهرهما عنده : الصحّة ، إذ لا يستحقّ بالإجارة رقبته بل منفعته بعوض ، وهو في يد نفسه إن كان حرّا ، وفي يد سيّده إن كان عبدا.

والثاني : يبطل ، لما فيه من الاستيلاء والإذلال باستحقاق استعماله (٣).

فإن قلنا بالصحّة ، فهل يؤمر بأن يؤجر من مسلم؟ للشافعي وجهان (٤).

__________________

(١) الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٣ ، المغني ٤ : ٣٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٧.

(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ٨١٨ ، ٢٤٤٨ ، المغني ٤ : ٣٣٢.

(٣) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٨ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤٠٢ ، المجموع ٩ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٨ ، المجموع ٩ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢.

٢١

و ـ في صحّة ارتهان الكافر المسلم وجهان للشافعي (١) ، وسيأتي.

ويجوز إعارته وإيداعه منه.

ز ـ لا يمنع الكافر من استرجاعه بالعيب ، ويتصوّر على وجهين : بأن يبيع مسلما (٢) ـ ورثه أو أسلم في يده ـ بثوب من مسلم ثمّ يجد في الثوب عيبا ـ وهو أظهر وجهي الشافعي (٣) ـ لأنّه قهري كالإرث. والآخر : المنع ، لأنّه مختار ، فتستردّ قيمة العبد ويفرض كالتالف ، فالثوب له ردّه قطعا (٤).

أو بأن يجد مشتري العبد فيه عيبا.

وفيه للشافعي وجهان : المنع ، فإنّه كما يحرم على الكافر تملّك المسلم كذا يحرم على المسلم تمليك الكافر المسلم. والجواز ، إذ لا اختيار للكافر هنا (٥).

ح ـ إذا حصل المسلم في ملك الكافر بإرث أو شراء وقلنا بصحّته ، أو أسلم العبد دون مولاه ، أمره الحاكم بإزالة الملك عنه إمّا ببيع أو عتق أو غيرهما ، ولا يكفي الرهن والإجارة والتزويج والحيلولة.

وفي الكتابة للشافعي وجهان : الأظهر : الاكتفاء ، لقطع السلطنة عنه.

والمنع ، لبقاء ملك الرقبة (٦).

__________________

(١) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٨ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣١٦ ، المجموع ٩ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢.

(٣) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٨ ، الوسيط ٣ : ١٥ ، المجموع ٩ : ٣٥٦ ـ ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢.

(٤) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٨ ، الوسيط ٣ : ١٥ ، المجموع ٩ : ٣٥٦ ـ ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢.

(٥) الوسيط ٣ : ١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٨ ، المجموع ٩ : ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٢.

(٦) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠ ، الوسيط ٣ : ١٦ ، الحاوي الكبير

٢٢

والأقرب عندي : الأوّل في المطلقة ، والثاني في المشروطة.

ط ـ لو أسلمت مستولدة الكافر ، امتنع بيعها‌ على أصحّ قولي الشافعي. وفي أمره بالإعتاق ، له وجهان : الأمر ، لاستحقاقها العتق ، ولا بدّ من دفع الذلّ. والأظهر : المنع ، للإجحاف والتخسير ، فيحال بينهما ، وتستكسب في يد غيره له ، ويؤخذ منه النفقة (١) (٢). وهو عندي حسن.

ي ـ لو امتنع الكافر من إزالة الملك حيث يؤمر ، باعه الحاكم بثمن المثل ، ويكون الثمن للكافر ، فإن لم يجد راغبا ، صبر مع الحيلولة. ولو مات الكافر ، أمر وارثه بما يؤمر مورثه‌

يأ ـ لا يجوز للكافر شراء المصحف‌ ـ وهو أظهر قولي الشافعي (٣) ـ لما فيه من تعظيم الكتاب العزيز. والآخر له : الجواز (٤).

وفي أخبار (٥) الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندي تردّد. وللشافعي وجهان (٦).

مسألة ٧ : يشترط في العاقد انتفاء الحجر عنه‌ ، فلو كان محجورا عليه برقّ أو سفه أو فلس أو مرض مع المحاباة وقصور الثلث على رأي ، بطل ، أو وقف على الإجازة على الخلاف ، وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى في أبوابه.

__________________

: ٣٨٢ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣.

(١) أي : يؤخذ من الكافر نفقة المستولدة.

(٢) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٠ ، الوسيط ٣ : ١٦ ، المجموع ٩ : ٣٥٧ ـ ٣٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٤.

(٣) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧ ، الوسيط ٣ : ١٣ ، حلية العلماء ٤ : ١١٨ ، المهذّب للشيرازي ١ : ٢٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١ ، منهاج الطالبين : ٩٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٣٥ ، المغني ٤ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٤) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧ ، الوسيط ٣ : ١٣ ، حلية العلماء ٤ : ١١٨ ، المهذّب للشيرازي ١ : ٢٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١ ، منهاج الطالبين : ٩٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٣٥ ، المغني ٤ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧ ، المجموع ٩ : ٣٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١.

٢٣

وهل يشترط البصر؟ الأظهر : لا ، فيصحّ بيع الأعمى وشراؤه مع الوصف الرافع للجهالة ، سواء كان ممّا يدرك بالذوق أو الشمّ أو لا. وله خيار الخلف في الصفة ، كالمبصر ، وبه قال أحمد وأبو حنيفة (١).

وللشافعيّة طريقان : أحدهما : أنّه على قولين. والثاني : القطع بالمنع ، لأنّا نثبت خيار الرؤية في بيع الغائب وهنا لا رؤية ، فيكون كبيع الغائب على شرط نفي الخيار (٢).

قال الشافعي : ولو رآه بصيرا ثمّ اشتراه قبل مضيّ زمن يتغيّر فيه ، صحّ (٣).

ولو باع سلما أو أسلم ، فإن عمي بعد ما بلغ سنّ التمييز ، صحّ ، لأنّ الاعتماد في السّلم على الأوصاف وهو يعرفها ، ثمّ يوكّل من يقبض ، ولا يصحّ قبضه بنفسه على أصحّ قوليه ، لأنّه لا يميّز بين المستحقّ وغيره.

وإن عمي قبل سنّ التمييز أو كان أكمه ، فوجهان عنده : عدم الصحّة ، لعدم معرفته بالألوان. وأظهرهما : الجواز ، لأنّه يتخيّل فرقا بين الألوان ويعرف أحوالها بالسماع (٤).

ومنع المزني من تسلّمه (٥).

وقال عبيد الله بن الحسن : يجوز شراؤه ، وإذا أمر إنسانا بالنظر إليه ، لزمه (٦).

__________________

(١) المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢ ، حلية العلماء ٤ : ٩٧ ـ ٩٨ ، المجموع ٩ : ٣٠٢ ـ ٣٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٣٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٥ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٣ : ٧٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٢ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧١ ، المجموع ٩ : ٣٠٢.

(٣) المجموع ٩ : ٣٠٣ ، المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢.

(٤) المجموع ٩ : ٣٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٩.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٣.

(٦) المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢.

٢٤

الفصل الرابع :

العوضان‌

ويشترط فيهما أمور :

الأوّل : الطهارة.

مسألة ٨ : يشترط في المعقود عليه الطهارة الأصليّة ، فلا تضرّ النجاسة العارضة مع قبول التطهير.

ولو باع نجس العين كالخمر والميتة والخنزير ، لم يصحّ إجماعا ، لقوله تعالى ( فَاجْتَنِبُوهُ ) (١) ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ) (٢) والأعيان لا يصحّ تحريمها ، وأقرب مجاز إليها جميع وجوه الانتفاع ، وأعظمها البيع ، فكان حراما.

ولقول جابر : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وهو بمكة ـ يقول : « إنّ الله ورسوله حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام » (٣).

وما عرضت له النجاسة إن قبل التطهير ، صحّ بيعه ، ويجب إعلام المشتري بحاله ، وإن لم يقبله ، كان كنجس العين.

__________________

(١) المائدة : ٩٠.

(٢) المائدة : ٣.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١١٠ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٠٧ ، ١٥٨١ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٩١ ، ١٢٩٧ ، سنن النسائي ٧ : ٣٠٩ ، سنن البيهقي ٦ : ١٢ ، مسند أحمد ٤ : ٢٧٠ ، ١٤٠٦٣.

٢٥

فرع : كما لا يجوز للمسلم مباشرة بيع الخمر‌ فكذا لا يجوز أن يوكّل فيه ذمّيّا ، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وأكثر أهل العلم (١).

وقال أبو حنيفة : يجوز للمسلم أن يوكّل ذمّيّا في بيعها وشرائها (٢).

وهو خطأ ، لما تقدّم. ولأنّه نجس العين ، فيحرم فيه التوكيل ، كالخنزير.

مسألة ٩ : الكلب إن كان عقورا ، حرم بيعه ، عند علمائنا‌ ـ وبه قال الحسن وربيعة وحمّاد والأوزاعي والشافعي وداود وأحمد (٣). وعن أبي حنيفة روايتان (٤). وبعض أصحاب مالك منعه (٥) ـ لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن ثمن الكلب (٦).

وقال الرضا عليه‌السلام : « ثمن الكلب سحت » (٧).

__________________

(١) المجموع ٩ : ٢٢٧ ، منهاج الطالبين : ٩٤ ، المغني ٤ : ٣٠٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٧.

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ١٤١ ، حلية العلماء ٤ : ٥٨ ، المجموع ٩ : ٢٢٧ ، المغني ٤ : ٣٠٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٧.

(٣) المغني ٤ : ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥ ، حلية العلماء ٤ : ٥٥ ، الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٦٨ ، المجموع ٩ : ٢٢٦ ـ ٢٢٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٧٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦ ، بداية المجتهد ٢ : ١٢٦ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٧٩.

(٤) الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ٥٨ ـ ٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، المغني ٤ : ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، حلية العلماء ٤ : ٥٩ ، المغني ٤ : ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٦) صحيح البخاري ٣ : ٧٨ ، ١١٠ ، ١١١ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٩٨ ، ١٥٦٧ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٣٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٧٥ ، ١٢٧٦ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٧٩ ، ٣٤٨١ ـ ٣٤٨٣ ، سنن النسائي ٧ : ١٨٩ ، سنن البيهقي ٦ : ٦ ، الموطّأ ٢ : ٦٥٦ ، ٦٨ ، المصنّف ـ لابن أبي شيبة ـ ٦ : ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ، ٩٤٨ و ٩٥٠ و ٩٥٢ ، مسند أحمد ٤ : ٢٦٠ ، ١٤٠٠٢ ، و ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ، ١٤٢٤٢ ، و ٣٢٠ ، ١٤٣٨٨.

(٧) الكافي ٥ : ١٢٠ ، ٤ ، تفسير العياشي ١ : ٣٢١ ، ١١١.

٢٦

وقال الصادق عليه‌السلام : « ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت » (١).

أمّا كلب الصيد : فالأقوى عندنا جواز بيعه ـ وبه قال أبو حنيفة ، وبعض أصحاب مالك ، وجابر وعطاء والنخعي (٢) ـ لما روي عن جابر أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنّور إلاّ كلب الصيد (٣).

وعن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله الصادق عليه‌السلام عن ثمن كلب الصيد ، قال : « لا بأس بثمنه ، والآخر لا يحلّ ثمنه » (٤).

ولأنّه يحلّ الانتفاع به ، ويصحّ نقل اليد فيه والوصيّة به.

وقال الشافعي وأحمد والحسن وربيعة وحمّاد والأوزاعي وداود بالتحريم ـ وهو قول لنا ـ لأنّه عليه‌السلام نهى عن ثمن الكلب (٥) ، وهو عامّ.

ولأنّه نجس العين ، فأشبه الخنزير (٦).

ونمنع العموم ، إذ ليس من صيغه ، والنجاسة غير مانعة ، كالدهن النجس ، والخنزير لا ينتفع به ، بخلافه.

فروع :

أ ـ إن سوّغنا بيع كلب الصيد ، صحّ بيع كلب الماشية والزرع‌

__________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٥٦ ، ١٠١٧ ، تفسير العياشي ١ : ٣٢١ ، ١١٤.

(٢) الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٧٩ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٤٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٢٧ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٥ : ٢٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥٨ ، المجموع ٩ : ٢٢٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، المغني ٤ : ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٣) سنن النسائي ٧ : ٣٠٩ ، سنن البيهقي ٦ : ٦.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٥٦ ، ١٠١٦.

(٥) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في الهامش (٦) من ص ٢٦.

(٦) المجموع ٩ : ٢٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦ ، منهاج الطالبين : ٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٧٥ ـ ٣٧٦ ، بداية المجتهد ٢ : ١٢٦ ، المغني ٤ : ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

٢٧

والحائط ، لأنّ المقتضي ـ وهو النفع ـ حاصل هنا.

ب ـ تصحّ إجارة كلب الصيد‌ ـ وبه قال بعض الشافعيّة (١) ـ لأنّها منفعة مباحة فجازت المعاوضة عنها.

ومنع بعضهم والحنابلة ، لأنّه حيوان يحرم بيعه فحرمت إجارته ، كالخنزير ، ولا تضمن منفعته في الغصب فلا يجوز أخذ العوض عنها (٢).

والأصلان ممنوعان ، والخنزير لا منفعة فيه.

ج ـ تصحّ الوصيّة بالكلب الذي يباح (٣) اقتناؤه ، وكذا هبته ، وبه قال بعض الشافعيّة وبعض الحنابلة (٤).

وقال الباقون منهما : لا تصحّ الهبة ، لأنّها تمليك في الحياة ، فأشبهت البيع (٥).

والحكم في الأصل ممنوع.

د ـ يحرم قتل ما يباح اقتناؤه من الكلاب إجماعا ، وعليه الضمان‌

__________________

(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤٠١ ، المجموع ٩ : ٢٣١ ، الوجيز ١ : ٢٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٩٠ ، الوسيط ٤ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٥ : ٣٨٤ ـ ٣٨٥ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٥٣.

(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤٠١ ، المجموع ٩ : ٢٣١ ، الوجيز ١ : ٢٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٩٠ ، الوسيط ٤ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٥ : ٣٨٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٥٣ ، منهاج الطالبين : ١٥٩ ، المغني ٤ : ٣٢٥.

(٣) في الطبعة الحجريّة : مباح.

(٤) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤٥٩ ، المجموع ٩ : ٢٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ١٤١ ـ ١٤٢ ، حلية العلماء ٤ : ٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧ ، المغني ٤ : ٣١٥.

(٥) حلية العلماء ٤ : ٦٠ ، المجموع ٩ : ٢٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧.

٢٨

على ما يأتي ، وبه قال مالك وعطاء (١).

وقال الشافعي وأحمد : لا غرم ، لأنّه يحرم أخذ عوضه ، فلا يجب غرم بإتلافه (٢).

والأصل ممنوع.

أمّا الكلب العقور فيباح قتله إجماعا ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « خمس من الدوابّ كلّهنّ فاسق يقتلن في الحرم : الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور » (٣).

أمّا الكلب الأسود : فإن كان ممّا ينتفع به ، لم يبح قتله ـ خلافا لأحمد (٤) ـ لما تقدّم. وقوله عليه‌السلام : « الكلب الأسود شيطان » (٥) لا يبيح قتله.

ه ـ لا بأس ببيع الهرّ ، عند علمائنا ـ وبه قال ابن عباس والحسن وابن سيرين والحكم وحمّاد والثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي (٦) ـ لقول الصادق عليه‌السلام : « لا بأس بثمن الهرّ » (٧).

__________________

(١) المنتقى ـ للباجي ـ ٥ : ٢٨ ، المجموع ٩ : ٢٢٨ ، المغني ٤ : ٣٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٢) المجموع ٩ : ٢٢٨ ، المغني ٤ : ٣٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٥٧ ، ٧١ ، الموطّأ ١ : ٣٥٧ ، ٩٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٠٩ و ٢١٠ ، المغني ٤ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

(٤) المغني ٤ : ٣٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٣٦٥ ، ٥١٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٠٦ ، ٩٥٢ ، سنن أبي داود ١ : ١٨٧ ، ٧٠٢ ، سنن الترمذي ٢ : ١٦١ ـ ١٦٢ ، ٣٣٨ ، سنن النسائي ٢ : ٦٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٧٤ ، مسند أحمد ٦ : ١٨٤ ، ٢٠٨١٦ ، و ١٨٧ ـ ١٨٨ ، ٢٠٨٣٥.

(٦) المغني ٤ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٢٧ ، الوجيز ١ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٦ ـ ٢٨ ، الوسيط ٣ : ١٩ ، مختصر المزني : ٩٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٨١ و ٣٨٢ ، المجموع ٩ : ٢٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨ ـ ١٩.

(٧) التهذيب ٦ : ٣٥٦ ، ١٠١٧.

٢٩

ولأنّه ينتفع به ، ويحلّ اقتناؤه ، فجاز بيعه كغيره.

وكرهه أبو هريرة وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد وأحمد ، لما روي عن جابر أنّه سئل عن ثمن السنّور ، فقال : زجر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن ذلك (١) (٢).

وهو محمول على غير المملوك ، أو ما لا نفع فيه.

و ـ يجوز اقتناء كلب الصيد والزرع والماشية والحائط ، دون غيره ، لقوله عليه‌السلام : « من اتّخذ كلبا إلاّ كلب ماشية أو صيد أو زرع نقص من أجره كلّ يوم قيراط » (٣).

ولو اقتناه لحفظ البيوت ، فالأقرب : الجواز ـ وهو قول بعض الشافعيّة ، وبعض الحنابلة (٤) ـ لأنّه في معنى الثلاثة.

ومنع منه بعضهم ، لعموم النهي (٥).

ز ـ يجوز تربية الجرو (٦) الصغير لإحدى المنافع المباحة‌ ـ وهو أقوى وجهي الحنابلة (٧) ـ لأنّه قصد لذلك ، فله حكمه ، كما جاز بيع العبد الصغير الذي لا نفع فيه.

والآخر : لا يجوز ، لأنّه ليس أحد المنتفع بها (٨).

ح ـ لو اقتناه للصيد ثمّ ترك الصيد مدّة ، لم يحرم اقتناؤه مدّة تركه. وكذا لو حصد الزرع أو هلكت الماشية أو خرج من البستان إلى أن يصيد أو‌

__________________

(١) صحيح مسلم ٣ : ١١٩٩ ، ١٥٦٩.

(٢) المغني ٤ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠ ، المجموع ٩ : ٢٢٩.

(٣) صحيح مسلم ٣ : ١٢٠٣ ، ٥٨ ، سنن أبي داود ٣ : ١٠٨ ، ٢٨٤٤ ، سنن الترمذي ٤ : ٨٠ ، ١٤٩٠ ، سنن البيهقي ١ : ٢٥١ ، المغني ٤ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

(٤ و ٥) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٦٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٧٩ ـ ٣٨٠ ، المجموع ٩ : ٢٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨ ، المغني ٤ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

(٦) الجِرْوُ : ولد الكلب. القاموس المحيط ٤ : ٣١٢.

(٧ و ٨) المغني ٤ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

٣٠

يزرع آخر أو يشتري ثمرة أخرى.

ط ـ لو اقتنى كلب الصيد من لا يصيد ، جاز‌ ـ وهو أحد وجهي الحنابلة (١) ـ لاستثنائه عليه‌السلام كلب الصيد (٢).

والآخر : المنع ، لأنّه اقتناه لغير حاجة ، فأشبه غيره ، إذ معنى كلب الصيد كلب يصيد (٣). والمراد بالقوّة.

مسألة ١٠ : لا يجوز بيع السرجين النجس إجماعا منّا‌ ـ وبه قال مالك والشافعي وأحمد (٤) ـ للإجماع على نجاسته ، فيحرم بيعه ، كالميتة.

وقال أبو حنيفة : يجوز ، لأنّ أهل الأمصار يبايعونه لزروعهم من غير نكير ، فكان إجماعا (٥).

ونمنع إجماع العلماء ، ولا عبرة بغيرهم. ولأنّه رجيع نجس ، فلم يصحّ بيعه ، كرجيع الآدمي.

أمّا غير النجس : فيحتمل عندي جواز بيعه.

مسألة ١١ : لا يجوز بيع جلد الميتة قبل الدباغ إجماعا منّا‌ ، وبه قال أحمد (٦).

__________________

(١) المغني ٤ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

(٢) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في الهامش (٣) من ص ٣٠.

(٣) المغني ٤ : ٣٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

(٤) المغني ٤ : ٣٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦ ، المجموع ٩ : ٢٣٠ ، الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، حلية العلماء ٤ : ٥٥ ـ ٥٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٦.

(٥) المجموع ٩ : ٢٣٠ ، حلية العلماء ٤ : ٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٨٣ ، المغني ٤ : ٣٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦.

(٦) المغني ٤ : ٣٢٩.

٣١

وقال أبو حنيفة : يجوز (١).

أمّا بعد الدباغ : فكذلك عندنا ، لأنّه لا يطهر به ، خلافا للجمهور ، وقد تقدّم (٢) ذلك.

أمّا عظام الميتة : فيجوز بيعها ما لم تكن من نجس العين ، كالكلب والخنزير ، ولهذا جاز بيع عظام الفيل.

ولبن الشاة الميتة حرام لا يصحّ بيعه.

وعلى قول الشيخ (٣) يجوز بيعه.

فروع :

أ ـ لحم المذكّى ممّا لا يؤكل لحمه لا يصحّ بيعه ، لعدم الانتفاع به في غير الأكل المحرّم. ولو فرض له نفع ما ، فكذلك ، لعدم اعتباره في نظر الشرع.

ب ـ لا يصحّ بيع الترياق ، لأنّه يحرم تناوله ، لاشتماله على الخمر ولحوم الحيّات. ولا يحلّ التداوي به إلاّ مع خوف التلف. وكذا سمّ الأفاعي لا يحلّ بيعه (٤).

أمّا السمّ من الحشائش : فإن كان لا ينتفع به أو كان يقتل قليله ، لم يجز بيعه ، لعدم نفعه. وإن أمكن التداوي بيسيره ، جاز بيعه.

ج ـ الأليات المقطوعة من الشاة الميتة أو الحيّة لا يحلّ بيعها‌

__________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤ ، المجموع ٩ : ٢٣١ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٨٣.

(٢) في ج ٢ ص ٢٣٢ ، المسألة ٣٢٨.

(٣) النهاية : ٥٨٥.

(٤) في « ق ، ك » والطبعة الجحريّة : بيعها. والصحيح ما أثبتناه.

٣٢

ولا الاستصباح بدهنها مطلقا.

أمّا الدهن النجس بملاقاة النجاسة له فيجوز بيعه لفائدة الاستصباح به تحت السماء خاصّة.

وللشافعي قولان :

أحدهما : لا يجوز تطهيره ، فلا يصحّ بيعه ، وبه قال مالك وأحمد (١).

والثاني : يجوز تطهيره ، ففي بيعه عنده وجهان (٢).

وفي جواز الاستصباح قولان ، والأظهر عنده : جوازه ومنع بيعه (٣).

والدهن النجس بذاته ـ كودك (٤) الميتة ـ لا يجوز بيعه عنده (٥) قولا واحدا. وفي الاستصباح وجهان (٦).

ويجوز هبة الدهن النجس والصدقة به والوصيّة به ، وكذا الكلب الجائز بيعه.

وبعض الشافعيّة منع من الهبة والصدقة خاصّة (٧).

مسألة ١٢ : يجوز بيع كلّ ما فيه منفعة‌ ، لأنّ الملك سبب لإطلاق‌

__________________

(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٦٨ ، المجموع ٩ : ٢٣٦ و ٢٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤ ـ ٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٧.

(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٦٨ ، المجموع ٩ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ، الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤ ـ ٢٥ ، حلية العلماء ٤ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٧.

(٣) المجموع ٩ : ٢٣٧ ، الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٥ ، حلية العلماء ٤ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٧.

(٥) المجموع ٩ : ٢٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٧.

(٦) المجموع ٩ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٥ ، وانظر المجموع ٩ : ٢٣٩.

٣٣

التصرّف ، والمنفعة المباحة كما يجوز استيفاؤها يجوز أخذ العوض عنها ، فيباح لغيره بذل ماله فيها توصّلا إليها ودفعا للحاجة بها ، كسائر ما أبيح بيعه.

وسواء اجمع على طهارته ، كالثياب والعقار وبهيمة الأنعام والخيل والصيود ، أو مختلفا في نجاسته ، كالبغل والحمار وسباع البهائم وجوارح الطير ، الصالحة للصيد ، كالفهد والصقر والبازي والشاهين والعقاب ، والطير المقصود صوته ، كالهزار والبلبل. وهذا هو الأقوى عندي ، وبه قال الشافعي وأحمد (١).

وقال بعض علمائنا : يحرم بيع السباع كلّها إلاّ الهرّ ، والمسوخ ، برّيّة كانت ، كالقرد والدبّ ، أو بحريّة ، كالضفادع والسلاحف والطافي ، والجوارح كلّها طائرة كانت ، كالبازي ، أو ماشية ، كالفهد (٢).

وقال أبو بكر بن عبد العزيز وابن أبي موسى : لا يجوز بيع الصقر والفهد ونحو هذا ، لأنّها نجسة ، فأشبهت الكلب (٣).

والنجاسة ممنوعة.

مسألة ١٣ : الفقّاع عندنا نجس إجماعا ، فلا يجوز بيعه ولا شراؤه ، لأنّه كالخمر على ما تقدّم (٤) ، خلافا للجمهور (٥) كافّة. وكذا النبيذ ، خلافا لبعض الجمهور (٦).

__________________

(١) المجموع ٩ : ٢٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٦ ـ ٢٨ ، روضة الطالبين ١٨ ـ ١٩ ، المغني ٤ : ٣٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٤.

(٢) المحقّق في شرائع الإسلام ٢ : ٩ ـ ١٠.

(٣) المغني ٤ : ٣٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠.

(٤) تقدّم في ج ١ ص ٦٥ ( الفرع الثالث ).

(٥) المغني ١٠ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٣٣٩ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٤ : ١١١ ، بدائع الصنائع ٥ : ١١٧.

(٦) العزيز شرح الوجيز ١ : ٢٨ ، المجموع ٢ : ٥٦٤.

٣٤

والدم كلّه نجس ، فلا يصحّ بيعه. وكذا ما ليس بنجس منه ، كدم غير ذي النفس السائلة ، لاستخباثه.

وكذا يحرم بيع أبوال وأرواث ما لا يؤكل لحمه.

وقيل (١) : في الأبوال كلّها إلاّ بول الإبل ، لفائدة الاستشفاء به.

والمتولّد بين نجس العين وطاهرها يتبع الاسم.

الشرط الثاني : المنفعة.

مسألة ١٤ : لا يجوز بيع ما لا منفعة فيه‌ ، لأنّه ليس مالا ، فلا يؤخذ في مقابلته المال ، كالحبّة والحبّتين من الحنطة ، ولا نظر إلى ظهور الانتفاع إذا انضمّ إليها أمثالها ، ولا إلى أنّها قد توضع في الفخّ (٢) أو تبذر. ولا فرق بين زمان الرخص والغلاء. ومع هذا فلا يجوز أخذ حبّة من صبرة الغير ، فإن أخذت ، وجب الردّ ، فإن تلفت ، فلا ضمان ، لأنّه لا ماليّة لها.

وهذا كلّه للشافعي أيضا ، وفي وجه آخر له : جواز بيعها وثبوت مثلها في الذمّة (٣). وليس بجيّد.

مسألة ١٥ : لا يجوز بيع ما لا ينتفع به من الحيوانات‌ ، كالخفّاش والعقارب والحيّات وبنات وردان والجعلان والقنافذ واليرابيع ، لخسّتها ، وعدم التفات نظر الشرع إلى مثلها في التقويم ، ولا تثبت الملكيّة لأحد عليها ، ولا اعتبار بما يورد في الخواصّ من منافعها ، فإنّها مع ذلك لا تعدّ مالا. وكذا عند الشافعي (٤).

__________________

(١) كما في شرائع الإسلام ٢ : ٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٦ ، المجموع ٩ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨.

(٤) الوجيز ١ : ١٣٣ ـ ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨ ، المجموع ٩ : ٢٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩ ، منهاج الطالبين : ٩٤.

٣٥

وفي السباع التي لا تصلح للصيد عنده وجهان ، لمنفعة جلودها (١).

أمّا العلق : ففي بيعه لمنفعة امتصاص الدم إشكال.

وأظهر وجهي الشافعي وأحمد : الجواز (٢).

وكذا ديدان القزّ تترك في الشصّ (٣) فيصاد بها السمك (٤).

والأقرب عندي : المنع ـ وهو أحد الوجهين لهما (٥) ـ لندور الانتفاع ، فأشبه ما لا منفعة فيه ، إذ كلّ شي‌ء فله نفع ما.

ومنع الشافعي من بيع الحمار الزّمن (٦).

وليس بجيّد ، للانتفاع بجلده.

مسألة ١٦ : ما أسقط الشارع منفعته لا نفع له‌ ، فيحرم بيعه ، كآلات الملاهي ، مثل العود والزمر ، وهياكل العبادة ، المبتدعة ، كالصليب والصنم ، وآلات القمار ، كالنرد والشطرنج إن كان رضاضها (٧) لا يعدّ مالا ، وبه قال الشافعي (٨).

وإن عدّ مالا ، فالأقوى عندي : الجواز مع زوال الصفة المحرّمة.

__________________

(١) الوجيز ١ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨ و ٢٩ ، المجموع ٩ : ٢٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩.

(٢) الوسيط ٣ : ٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩ ، المجموع ٩ : ٢٤١ و ٢٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠ ، المغني ٤ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩ ، حلية العلماء ٤ : ٧٢ ، المجموع ٩ : ٢٤٨ ، المغني ٤ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩ ، المجموع ٩ : ٢٤١ ، المغني ٤ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٠.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٩ ـ ٣٠ ، المجموع ٩ : ٢٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠ ، المجموع ٩ : ٢٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠.

٣٦

وللشافعي ثلاثة أوجه : الجواز مطلقا ، لما يتوقّع في المآل. والفرق بين المتّخذة من الخشب ونحوه والمتّخذة من الجواهر النفيسة. والمنع ـ وهو أظهرها ـ لأنّها آلات المعصية لا يقصد بها سواها (١).

أمّا الجارية المغنّية إذا بيعت بأكثر ممّا يرغب فيها لو لا الغناء : فالوجه : التحريم ـ وبه قال أحمد والشافعي في أحد الوجوه (٢) ـ لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا يجوز بيع المغنّيات ولا أثمانهنّ ولا كسبهنّ » (٣).

وسئل الصادق عليه‌السلام عن بيع جواري (٤) المغنّيات ، فقال : « شراؤهنّ وبيعهنّ حرام ، وتعليمهنّ كفر ، واستماعهنّ نفاق » (٥).

ولأنّه بذل للمعصية.

والثاني : يبطل إن قصد الغناء ، وإلاّ فلا.

والثالث ـ وهو القياس ـ : يصحّ (٦).

ولو بيعت على أنّها ساذجة ، صحّ.

مسألة ١٧ : يصحّ بيع الماء المملوك ، لأنّه طاهر ينتفع به لكن يكره‌ ، وسيأتي.

__________________

(١) الوسيط ٣ : ٢٠ ـ ٢١ ، وفيه الأظهر هو التفصيل. العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠ ، المجموع ٩ : ٢٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠.

(٢) المغني ٤ : ٣٠٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٦ ـ ٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠ ، المجموع ٩ : ٢٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠.

(٣) أورد نصّه ابنا قدامة في المغني ٤ : ٣٠٧ ، والشرح الكبير ٤ : ٤٧ ، وفي سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٣ ، ٢١٦٨ ما بمعناه.

(٤) في الكافي والتهذيب : الجواري.

(٥) الكافي ٥ : ١٢٠ ، ٥ ، التهذيب ٦ : ٣٥٦ ، ١٠١٨ ، الاستبصار ٣ : ٦١ ، ٢٠١.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠ ، المجموع ٩ : ٢٥٤.

٣٧

وهل يجوز بيعه على طرف النهر أو بيع التراب والحجارة حيث يعمّ وجودها؟ للشافعي وجهان : الجواز ـ وبه نقول ـ لظهور منفعته. والمنع ، لأنّه سفه (١).

وكذا يجوز بيع كلّ ما يعمّ وجوده وهو مملوك ينتفع به.

مسألة ١٨ : يجوز بيع لبن الآدميّات عندنا‌ ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لأنّه طاهر ينتفع به ، كلبن الشاة. ولجواز أخذ العوض عليه في إجارة الظئر.

وقال أبو حنيفة ومالك : لا يجوز ـ وعن أحمد روايتان كالمذهبين ـ وهو وجه للشافعيّة ، لأنّه مائع خارج من آدميّ ، فأشبه العرق. ولأنّه من آدميّ ، فأشبه سائر أجزائه (٣).

والفرق : عدم نفع العرق ، ولهذا لا يباع عرق الشاة ويباع لبنها ، وسائر أجزاء الآدميّ يجوز بيعها ، كالعبد والأمّة ، وإنّما حرم في الحرّ ، لانتفاء المالك ، وحرم بيع المقطوع من العبد ، لعدم المنفعة.

مسألة ١٩ : يجوز بيع العبد الموصى بخدمته دائما‌ ، والبستان الموصى بنفعه مؤبّدا ، لفائدة الإعتاق والإرهان وجميع فوائدهما لو أسقط الموصى له حقّه ، ولا يجوز بيع ما لا نفع فيه ، كرطوبات الإنسان وفضلاته ،

__________________

(١) الوجيز ١ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٠ ـ ٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١ ، منهاج الطالبين : ٩٤ ، المجموع ٩ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦.

(٢) الوسيط ٣ : ٢٠ ، الوجيز ١ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١ ، حلية العلماء ٤ : ٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١ ، المجموع ٩ : ٢٥٤ ، المغني ٤ : ٣٣٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٤٥.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣١ ، المجموع ٩ : ٢٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١ ، المغني ٤ : ٣٣٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤ ، الوسيط ٣ : ٢٠.

٣٨

كشعره وظفره ، عدا اللبن على ما تقدّم (١).

الشرط الثالث : الملك.

فلا يصحّ بيع المباحات وما يشترك فيه المسلمون قبل حيازته ، مثل : الكلإ ، والماء ، والحطب قبل حيازتها إجماعا.

ولو كانت في ملكه ، فالوجه : أنّها له ـ وسيأتي ـ فيصحّ بيعها.

وعن أحمد روايتان (٢).

فإن قلنا بالصحّة فباع الأرض ، لم يدخل الكلأ ولا الماء إلاّ أن ينصّ عليهما ، لأنّهما (٣) بمنزلة الزرع.

وكذا لا يصحّ بيع السمك قبل اصطياده ، ولا الوحش قبل الاستيلاء عليه.

مسألة ٢٠ : لا يصحّ بيع الأرض الخراجيّة‌ ، لأنّها ملك المسلمين قاطبة لا يتخصّص بها أحد. نعم ، يصحّ بيعها تبعا لآثار المتصرّف.

وفي بيع بيوت مكة إشكال ، المرويّ : المنع ـ وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري وأبو عبيد (٤) ، وكرهه إسحاق (٥) ـ لقوله عليه‌السلام في مكة : « لا تباع رباعها ولا تكرى بيوتها » (٦).

__________________

(١) في المسألة السابقة (١٨).

(٢) المغني ٤ : ٣٣٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٤.

(٣) في « ق ، ك » : لأنه.

(٤) بدائع الصنائع ٥ : ١٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٥٥ ، المجموع ٩ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٤ : ٦٩ ـ ٧٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٨٥ ، الوسيط ٧ : ٤٢ ، المغني ٤ : ٣٣٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٢.

(٥) المغني ٤ : ٣٣٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٢.

(٦) نقله ابنا قدامة في المغني ٤ : ٣٣٠ ، والشرح الكبير ٤ : ٢٢ عن الأثرم. ونحوه في سنن البيهقي ٦ : ٣٥.

٣٩

ولأنّها فتحت عنوة ، لقوله عليه‌السلام : « إنّ الله حبس عن مكة الفيل وسلّط عليها رسوله والمؤمنين ، وأنّها لم تحلّ لأحد قبلي ولا تحلّ لأحد بعدي ، وإنّما أحلّت لي ساعة من نهار » (١).

وفي قول لنا : الجواز ـ وبه قال طاوس وعمرو بن دينار والشافعي وابن المنذر ، وعن أحمد روايتان (٢) ـ لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا قيل له : أين تنزل غدا؟ قال : « وهل ترك لنا عقيل من رباع (٣)؟ » (٤) يعني أنّ عقيلا باع رباع أبي طالب ، لأنّه ورثه دون إخوته ، ولو كانت غير مملوكة لما أثّر بيع عقيل شيئا. وباع جماعة من الصحابة منازلهم ولم ينكر عليهم. ونزل سفيان بعض رباع مكة فهرب ولم يعطهم اجرة ، فأدركوه فأخذوها منه (٥).

فروع :

أ ـ الخلاف في غير مواضع النسك ، أمّا بقاع المناسك ـ كبقاع السعي‌

__________________

(١) صحيح البخاري ١ : ٣٩ ، و ٩ : ٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٨٨ و ٩٨٩ ، ٤٤٧ و ٤٤٨ ، سنن أبي داود ٢ : ٢١٢ ، ٢٠١٧ ، سنن البيهقي ٨ : ٥٢ ، مسند أحمد ٢ : ٤٧٢ ، ٧٢٠١ بتفاوت ، ونصّه في المغني ٤ : ٣٣٠ ، والشرح الكبير ٤ : ٢٣.

(٢) المغني ٤ : ٣٣٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٢ ـ ٢٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٦٩ ، المجموع ٩ : ٢٤٨ ، الوسيط ٧ : ٤٢ ، الوجيز ٢ : ١٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٥٥ ـ ٤٥٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٦٩ ، حلية العلماء ٤ : ٦٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٨٥ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٤٦ ، التفسير الكبير ٢٣ : ٢٤ ، الجامع لأحكام القرآن ١٢ : ٣٣.

(٣) الرَّبْعُ : الدار بعينها حيث كانت. وجمعها : رِباع ورُبوع وأرباع وأربُع. الصحاح ٣ : ١٢١١ « ربع ».

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٨١ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٨٤ ، ١٣٥١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩١٢ ، ٢٧٣٠ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٦٠٢.

(٥) المغني ٤ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٣.

٤٠