وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام

السيد علي الحسيني الصدر

وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام

المؤلف:

السيد علي الحسيني الصدر


الموضوع : الأخلاق
الناشر: دار الامام الرضا عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-92482-1-8
الصفحات: ٦٥٥

١٣٨

كشف الريبة ، في رسالة الإمام الصادق عليه‌السلام للنجاشي ، حدّثني أبي عن آبائه عن علي عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن قال يوماً :

يا علي ، لا تناظِرْ رجلا حتّى تنظرَ في سَريرتِه (١).

فإنْ كانتْ سَريرتُهُ حَسَنةً فإنّ اللّه عزَّوجْلّ لمْ يكنْ ليخُذلَ وليَّهُ (٢).

وإن كانَت سريرتُه رديَّةً فقد يكفيهِ مَساويه (٣) فلَو جَهدتَ أنْ تعملَ بهِ أكثرَ ممّا عَمِلهُ من معاصي اللّهِ عزَّوجَلّ ما قَدَرْتَ عليه (٤).

______________________________________________________

(١) أي تتعرّف على باطنه ، بواسطة معرفة أحواله وحالاته ومقالته وسيرته.

(٢) فتحسن المناظرة معه ، حيث يقع الكلام الحقّ معه مورد القبول لقابلية حسن السريرة.

(٣) فلا تحسن المناظرة معه ، لعدم قبوله الحقّ بسبب سوء سريرته.

(٤) جاءت رسالة الإمام الصادق عليه‌السلام هذه في كتاب كشف الريبة للشهيد الثاني (١) ، وذكرها المحدّث الحرّ العاملي في الوسائل (٢) وهي الرسالة الجامعة المعروفة بالرسالة الذهبية.

__________________

١ ـ كشف الريبة ، ص ٩٤.

٢ ـ وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، ص ١٥٠ ، ب ٤٩ ، ح ١.

٥٢١

١٣٩

غوالي اللئالي ، بالأسناد المذكورة في مقدّمة كتابه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال :

يا علي ، أنتَ والطّاهرونَ مِن ذرّيتِكَ مَن أنكَرَ واحِداً منكُم فَقدَ أنَكَرني (١) (٢).

______________________________________________________

(١) ورد هذا العهد في طرق غير الخاصة أيضاً ففي الينابيع : ( يا علي ، من قتلك فقد قتلني ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، ومن سبّك فقد سبّني ، لأنّك منّي كنفسي ، روحك من روحي ، وطينتك من طينتي ، وأنّ الله تبارك وتعالى خلقني وخلقك من نوره وإصطفاني وإصطفاك ، فاختارني للنبوّة وإختارك للإمامة ، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوّتي ... ) (١).

وفي حديث الخوارزمي : ( من عرف حقّ علي ذكا وطاب ، ومن أنكر حقّه لُعن وخاب ) (٢).

وفي حديث الحافظ ابن أبي الفوارس كما حكاه في الإحقاق ( ومن أنكر حقّه كفر وخاب ) (٣) (٤).

__________________

١ ـ ينابيع المودّة ، ص ٥٢.

٢ ـ المناقب ، ص ٢٥٢.

٣ ـ الأربعين ، ص ٢٧.

٤ ـ إحقاق الحقّ ، ج ٤ ، ص ١٤٤.

٥٢٢

..................................................................................

______________________________________________________

وقد عقد العلاّمة المجلسي باباً في أحاديث من أنكر واحد منهم فقد أنكر الجميع ، وحديث انّ من أنكر واحداً منهم فقد أنكر النبي ، ومن أنكر النبي فقد أنكر الله تعالى فلاحظ (١).

(٢) غوالي اللئالي ، ج ٤ ، ص ٨٥ ، ح ٩٧.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٢٣ ، ص ٩٥ ، ب ٩٥ ، الأحاديث.

٥٢٣

١٤٠

مكارم الأخلاق ، في وصيّة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمير المؤمنين عليه‌السلام :

يا علي ، عليكَ بالسواكِ وإن استطعتَ أنْ لا تُقلّ منهُ فافعَلْ ، فإنَّ كلَّ صَلاة تُصلّيها بالسواكِ تَفْضُلُ على الَّتي تصلّيها بغيرِ سواك أربعينَ يوماً (١) (٢).

______________________________________________________

(١) فصلاة واحدة مع السواك تعادل صلوات أربعين يوماً بغير سواك.

وقد تقدّمت فوائد السواك في وصيّة الفقيه المتقدّمة.

وفي الحديث الثامن من المصدر المتقدّم روي عن الإمام الكاظم عليه‌السلام قوله ، « لا يستغني شيعتنا عن أربع ، عن خُمْرة يصلّي عليها ، وخاتم يتختّم به ، وسواك يستاك به ، وسبحة من طين قبر الحسين عليه‌السلام فيها ثلاث وثلاثون حبّة ، متى قلّبها ذاكراً لله كتب الله له بكلّ حبّة أربعين حسنة ، وإذا قلّبها ساهياً يعبث بها كتب الله له عشرين حسنة ». الخمرة ، هي السجّادة الصغيرة التي تُعْمل من سعف النخل.

(٢) مكارم الأخلاق ، ج ١ ، ص ١١٨ ، ح ٢٤ ، المسلسل ٢٨٠. وعنه المستدرك ، ج ١ ، ص ٣٦٥ ، ب ٣ ، ح ١ ، المسلسل ٨٦٨.

٥٢٤

١٤١

مكارم الأخلاق ، عن علي عليه‌السلام قال : قال رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، كُلِ الثُّومَ ، فلولا أنّي أُناجي المَلَك لأكلتُه (١) (٢).

______________________________________________________

(١) وفي الحديث الذي جاء قبله في المكارم حكى عن كتاب الفردوس ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، « كلوا الثوم وتداووا به ، فإنّ فيه شفاء من سبعين داء » وجاء ذكر أحاديثه في البحار (١) والوسائل (٢) راجعها إذا أردت التفصيل.

وجاء ذكر خواصه وفوائده في القرابادين (٣) ، وفي المعتمد (٤) فلاحظ.

(٢) مكارم الأخلاق ، ج ١ ، ص ٣٩٤ ، ح ٤ ، المسلسل ١٣٣٦. وعنه المستدرك ، ج ١٦ ، ص ٤٣٢ ، ب ١٠٠ ، ح ٣ ، المسلسل ٢٠٤٦٢.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٦٦ ، ص ٢٤٦ ، ب ٢٠ ، الأحاديث.

٢ ـ وسائل الشيعة ، ج ١٧ ، ص ١٧٠ ، ب ١٢٨ ، الأحاديث.

٣ ـ القرابادين ، ص ١٤٧.

٤ ـ المعتمد ، ص ٦٠.

٥٢٥

١٤٢

تفسير فرات الكوفي ، حدّثنا جعفر بن أحمد بن يوسف ، عن علي بن بزرج الحنّاط ، عن علي بن حسّان ، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال :

نزل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله تعالى ( قُلْ لا أسألُكُم علَيهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ فِي القُربى ) (١).

ثمّ إنّ جبرئيلَ أتاهُ فقال يا محمّد إنّكَ قد قضيتَ نبوّتك ، واستكملتَ أيّامك (٢) ، فاجعل الاسمَ الأكبر ، وميراثَ العلم ، وآثارَ علمِ النبوّةِ ، عند علي ، فإنّي (٣) لا أتركُ الأرضَ إلاّ وفيها عالمٌ تُعرفُ به طاعتي ، وتُعرفُ (٤) به ولايتي ، ويكونُ حجّةً لمن وُلد فيما بين قَبض (٥) النبيّ إلى خروج النبيّ الآخَر.

فأوصى إليهِ بالاسمِ ، وميراثِ العلم ، وآثارِ علمِ النبوّة ، وأوصى إليهِ بألفِ باب يُفتحُ لكلِّ باب ألفُ باب وكلِّ كلمة ألف كلمة ،

______________________________________________________

(١) سورة الشورى ، الآية ٢٣.

(٢) في المصدر ، وأسلبتك أيّامك ، وأثبتنا ما هنا وما يليه من البحار لأجوديته في النظر.

(٣) في المصدر ، وإنّي.

(٤) في المصدر ، ويعرف في كلا الموضعين.

(٥) في المصدر ، فيما تربّص.

٥٢٦

ومات (٦) يومَ الإثنين ، وقال :

يا علي ، لا تخرجْ ثَلاثةَ أيّام حتّى تُؤلّفَ كتابَ اللّهِ كي لا يزيدَ فيهِ الشيطانُ شيئاً ولا ينقُصَ منهُ شيئاً ، فإنّكَ في ضِدّ سُنّةِ وَصيِّ سُليمان عليه الصلاة والسلام (٧).

فلمْ يَضَعْ عليٌ عليه‌السلام رداءَهُ على ظَهرِهِ حتّى جَمَعَ القرآنَ ، فلم يَزِدْ فيهِ الشّيطانُ شيئاً ولم يَنقُصْ منهُ شيئاً (٨).

______________________________________________________

(٦) في المصدر ، ومرض.

(٧) أفاد العلاّمة المجلسي قدس‌سره هنا انّه إشارة إلى ما فعل إبليس بعد موت النبي سليمان من كتابة إبليس السحر وجعله تحت سرير النبي سليمان ، حتّى يُلبّس الأمر على الناس ويوهمهم أنّ ما فعله النبي سليمان كان من السحر لا من النبوّة.

وقد جاء هذا في حديث ابن أبي عمير فيما حَدَثَ بعد موت سليمان عليه‌السلام : ( وضع إبليس السحر وكتبه في كتاب ، ثمّ طواه وكتب على ظهره ، هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم ، من أراد كذا وكذا فليفعل كذا وكذا ، ثمّ دفنه تحت السرير ، ثمّ إستثاره لهم فقرؤوه فقال الكافرون ، ما كان سليمان يغلبنا إلاّ بهذا ، وقال المؤمنون ، بل هو عبدالله ونبيّه ، فقال جلّ ذكره : ( واتّبَعُوا ما تَتلُوا الشَّياطينُ على مُلْكِ سُلَيمانَ وما كَفَرَ سُلَيمانُ ولكِنَّ الشَّياطينَ كفرُوا يُعَلّموُنَ النّاسَ السِّحر ) (١) (٢).

(٨) تفسير القرآن الكريم للشيخ الجليل فرات بن إبراهيم الكوفي من أعلام الغيبة الصغرى ، ص ٣٩٨ ، ح ٢٠ ، في سورة الشورى ، المسلسل ٥٣٠. وعنه مع إختلاف يسير بحار الأنوار ، ج ٢٣ ، ص ٢٤٩ ، ب ١٣ ، ح ٢٣.

__________________

١ ـ سورة البقرة ، الآية ١٠٢.

٢ ـ بحار الأنوار ، ج ١٤ ، ص ١٣٨ ، ب ١١ ، ح ٣.

٥٢٧

١٤٣

تفسير فرات الكوفي ، عن محمّد بن عيسى الدهقان ، معنعناً ، عن أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعلي :

يا علي أبْشِرْ وبَشِّرْ فليس على شيعتِك كَربٌ (١) [ حَسْرةٌ ] عندَ الموتِ ، ولا وَحشةٌ في القُبور ، ولا حُزنٌ يَومَ النشورِ ، ولَكَأنّي بهم يَخرجُونَ من جَدَثِ القبور ، يَنفُضُونَ التّرابَ عن رُؤوسِهم ولحاهُم ، يقولون : « الحَمْدُ للّهِ الّذي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ إنَّ ربَّنا لَغَفُورٌ شَكُور * الّذي أَحَلَّنا دارَ المُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فيها نَصَبٌ ولا يَمَسُّنا فيها لُغُوب » (٢) (٣).

______________________________________________________

(١) الكرب والكُربة هو الغم ، فشيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام في ساعة الموت الذي هو وقت رهيب لا كرب لهم ، بل هو مسرورون لأنّهم هم الفائزون.

فلاحظ ما لهم من مزيد البشائر ، وفريد الفضائل في كتاب : ( بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ).

(٢) سورة فاطر ، الآية ٣٤ ـ ٣٥.

(٣) تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي ، ص ٣٤٨ ، ح ٤٧٥. عنه بحار الأنوار ، ج ٧ ، ص ١٩٨ ، ب ٨ ، ح ٧٣.

٥٢٨

١٤٤

كنز جامع الفوائد ، شيخ الطائفة ، بإسناده عن إبراهيم بن النخعي ، عن ابن عبّاس قال : دخلتُ على أمير المؤمنين عليه‌السلام فقلت ، يا أبا الحسن أخبرني بما أوصى إليك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قال : سأخبُركُم ، إنّ الله اصطفى لكُم الدّينَ وارتضاهُ ، وأتَمّ نعمتَه عليكُم ، وكنتُم أحقَّ بها وأهلها ، وإنّ الله أوحى إلى نبيّه أنْ يُوصي إليّ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، إحْفَظْ وَصيَّتي ، وارْعِ ذِمامي (١) ، وأوفِ بِعَهدي ، وأَنْجِزْ عِداتي (٢) ، واقضِ دَيني ، وأحْي سُنّتي ، وادعُ إلى مِلّتي ، لأنَّ اللّهَ تعالى اصطفاني واختارني ، فذكرتُ دعوةَ أخي موسى فقلتُ ، اللّهُمَّ اجعلْ لي وَزيراً من أهلي كما جَعَلتَ هارونَ مِن موسى ، فأوحى اللّهُ عزَّوجلَّ إليَّ ، إنّ عليّاً وزيرُك وناصرُك والخليفةُ من بعدِك. ثمّ ،

يا علي (٣) ، أنتَ من أئمّةِ الهُدى وأولادي منكَ ، فأنتُم قادةُ الهُدى والتُقى ، والشَّجَرةُ التي أنا أصلُها ، وأنتُم فرعُها ،

______________________________________________________

(١) جمع ذمّة وهو العهد ، ورعايته هو حفظه.

(٢) جمع عِدَة وهو وعد الخير ، وانجازها هو قضاؤها.

(٣) في نسخة ، ثمّ قال يا علي.

٥٢٩

فمَن تَمسَّكَ بها فقد نجا ومَن تخلَّفَ عنها فقد هَلَكَ وهوى ، وأنتُم الّذينَ أوجبَ اللّهُ تعالى مودَّتَكُم وولايتَكُم ، والّذين ذَكَرهُمُ اللّهُ في كتابِه ووصفَهُم لعبادِهِ فقالَ عزَّوجَلَّ مِن قائل ( إنَّ اللّهَ اصطفَى آدمَ ونُوحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عِمرانَ عَلى العالَمينَ * ذُرّيةً بعضُها مِن بَعض وَاللّهُ سَميعٌ عَليم ) (٤).

فأنتم صفوةُ اللّهِ من آدَم ونُوح وآلَ إبراهيمَ وآلَ عِمرانَ ، وأنتم الأسرةُ من إسماعيلَ ، والعِترةُ الهاديةُ مِن محمّد صلّى اللّهُ عليهِ وعليهِم (٥).

______________________________________________________

(٤) سورة آل عمران ، الآية ٣٣ ـ ٣٤.

(٥) كنز جامع الفوائد للشيخ عالم بن سيف النجفي الحلّي ، ص ٥٠. وعنه البحار ، ج ٢٣ ، ص ٢٢١ ، ب ١٢.

٥٣٠

١٤٥

العياشي في تفسيره ، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أحدهما عليهما‌السلام يقول : إنّ علياً عليه‌السلام أقبلَ على الناس فقال : أَيّةُ آية في كتابِ اللّهِ أرجى عنَدكُم؟

فقال بعضُهم : ( إنَّ اللّهَ لا يَغفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغفرُ ما دُونَ ذلِكَ لمَنْ يَشاء ) (١) قال : حسنة وليست إيّاها.

فقال بعضهم : ( يا عِبادِيَ الّذينَ أسْرَفُوا عَلى أنفسِهِمْ لا تَقنَطُوا مِن رَحْمةِ اللّه ) (٢) قال : حسنة وليست إيّاها.

وقال بعضهم : ( والّذينَ إذا فَعَلُوا فاحِشَةً أو ظَلَمُوا أنفُسَهُمْ ذَكرُوا اللّهَ فَاستَغفَرُوا لِذنُوبِهِم ) (٣) قال : حسنة وليست إيّاها. قال : ثمَّ أحجَمَ الناس (٤) فقال : ما لكُم يا معشرَ المسلمين؟ قالوا ، لا والله ما عندَنا شيءٌ.

______________________________________________________

(١) سورة النساء ، الآية ٤٨.

(٢) سورة الزمر ، الآية ٥٣. وفي البحار وردت هذه مع آية اُخرى وهي قوله تعالى : ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءً أوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَستَغفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غُفُوراً رَحيماً ) (١).

(٣) سورة آل عمران ، الآية ١٣٥.

(٤) أي كَفّوا عن الكلام وسكتوا.

__________________

١ ـ سورة النساء ، الآية ١١٠.

٥٣١

قال : سمعتُ رسولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : أرجى آية في كتابِ الله ( وأَقِمِ الصَّلاةَ طرفَيِ النَّهارِ وزُلَفاً مِنَ اللَّيلِ ) (٥) وقرأ الآية كلّها (٦). وقال :

يا علي ، والّذي بَعَثَني بالحَقِّ بَشيراً ونَذيراً أنَّ أحدَكُم لَيقُومُ إلى وُضوئِه فتَساقَطُ عن جَوارحِهِ الذّنوبُ ، فإذا استقبَلَ [ اللّهَ ] بوجهِهِ وقلبهِ لم ينَفتلْ عن صلاتِهِ (٧) وعليهِ من ذنوبِه شَيء كما ولدتُهُ اُمّهُ ، فإنْ أصابَ شَيئاً بينَ الصَّلاتَينِ كانَ لهُ مِثلُ ذلكَ حتّى عدّ الصلواتِ الخَمس. ثمّ قال :

يا علي ، إنّما مَنزلةُ الصَّلواتِ الخَمْسِ لاُمّتي كنَهر جار على بابِ أحدِكم ، فما ظَنَّ أحدِكُم لو كانَ في جَسَدِه دَرَنٌ ثُمَّ اغتَسلَ في ذلكَ النَّهر خَمسِ مَرّات في اليوم ، أكانَ يَبقى في جسدِه دَرَن؟ فكذلك واللّهِ الصَّلواتِ الخَمس لأُمّتي (٨) (٩).

______________________________________________________

(٥) سورة هود ، الآية ١١٤.

(٦) وهي قوله عزّ إسمه : ( إنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيّئاتِ ذلكَ ذِكرى للذّاكِرين ).

(٧) أي لم ينصرف عنها.

(٨) فالصلاة أفضل ما يتقرّب العباد به إلى ربّهم بعد المعرفة ، وهي عمود الدين والقُربان إلى ربّ العالمين.

(٩) تفسير العياشي ، ج ٢ ، ص ١٦١ ، ح ٧٤. وعنه بحار الأنوار ، ج ٨٢ ، ص ٢٢٠ ، ب ١ ، ح ٤١. وتفسير البرهان ، ج ١ ، ص ٤٩٢. ومجمع البيان ، ج ٥ ، ص ٢٠١. والمستدرك ، ج ٣ ، ص ٣٩ ، ب ١٠ ، ح ٢ ، المسلسل ٢٩٦٥.

٥٣٢

١٤٦

فلاح السائل ، في العهد الذي ينبغي أن يعهده المؤمن عند موته ، وأوصى بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً عليه‌السلام وقال له :

( تَعَلَّمْها أنتَ وعَلِّمها أهلَ بيتِكَ وشيعتَكَ ، عَلَّمَنيها جَبرئيل ).

وذكر العهد مسنداً إلى الإمام أبي عبدالله الصادق عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

( إذا حضَرتْهُ الوفاةُ واجتَمَع الناسُ إليهِ قال :

اللّهُمَّ فاطرَ السمواتِ والأرضِ ، عالمَ الغيبِ والشَّهادةِ الرحمنَ الرحيمَ ، إنّي أعهدُ إليكَ في دارِ الدّنيا أنّي أشهدُ أنْ لا إلَه إلاّ أنتَ وحدَكَ لا شريكَ لكَ ، وأنَّ محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبدُكَ ورسولُكَ ، وأنَّ السّاعةَ آتيةٌ لا ريبَ فيها ، وأنّكَ تَبعثُ مَن في القُبورِ ، وأنّ الحسابَ حقٌّ ، وأنَّ الجنّةَ حَقٌ ، وما وَعَد اللّهُ فيها من النّعيمِ من المَأكَلِ والمَشربِ والنّكاحِ حقٌّ ، وأنَّ النارَ حَقٌ ، وأنّ الإيمانَ حَقٌّ ، وأنَّ الدّينَ كما وَصفْتَ ، وأنَّ الإسلامَ كما شَرَعْتَ ، وأنَّ القولَ كما قُلتَ ، وأنَّ القُرآنَ كما أنزلتَ ، وأنّك أنتَ اللّهُ الحقُّ المبين.

وإنّي أعهدُ إليكَ في دارِ الدُّنيا أنّي رضيتُ بِكَ رَبّاً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبيّاً ، وبعليّ إماماً ، وبالقرآنِ كتاباً ، وأنَّ أهلَ بيتِ نبيّكَ

٥٣٣

عليه وعليهم السلامُ أئمّة.

اللّهُمَّ أنتَ ثقتي عندَ شِدّتي ، ورَجائي عندَ كُربَتي ، وعُدَّتي عندَ الاُمورِ التي تَنزلُ بي ، وأنتَ وَليّي في نعمتي ، وإلهي وإلهُ آبائي ، صَلِّ على محمّد وآلِ محمّد ولا تكِلْني إلى نَفْسي طَرْفَةَ عَين أبَداً ، وآنِسْ في القبرِ وَحشتي ، واجعلْ لي عندَكَ عَهداً يومَ ألقاكَ مَنشُوراً ) (١) (٢).

______________________________________________________

(١) رواه عن هارون بن موسى ، عن عبدالعزيز بن يحيى الجلودي ، عن أحمد بن عمّار ، عن زكريا بن يحيى الساجي ، عن مالك بن خالد الأسدي ، عن الحسن بن إبراهيم عن الإمام أبي عبدالله جعفر بن محمّد عليه‌السلام.

(٢) فلاح السائل للسيّد الجليل رضي الدين علي بن طاووس ، ص ٦٦ ـ ٦٧ ، وجاء في مصباح المتهجّد لشيخ الطائفة الطوسي ، ص ١٥ ، وأضاف بعد ذكره ذلك قوله : ( فهذا عهد الميّت يوم يوصي بحاجته ، والوصيّة حقٌ على كلّ مسلم.

قال أبو عبدالله عليه‌السلام ، وتصديق هذا في سورة مريم قول الله تبارك وتعالى : ( لا يَمْلِكُونَ الشّفاعةَ إلاّ مَن إتّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْدا ) (١) وهذا هو العهد ).

__________________

١ ـ سورة مريم ، الآية ٨٧.

٥٣٤

١٤٧

فلاح السائل ، روى عن علي بن الحسين الجوّاني ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن إبراهيم ، عن سلمة بن سليمان السراوي ، عن عتيق بن أحمد ، عن عمر بن سعد الجرجاني ، عن عثمان بن محمّد ، عن داود بن سليمان ، عن عمر بن سعيد الزهري ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال :

قلنا لرسُولِ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندَ وفاتِه ، يا رسولَ اللّهِ أوصِنا.

فقال : أُوصيكُم برَكعتينِ حينَ المغربِ والعِشاءِ الآخرةِ ، تَقرءُ في الاُولى الحَمد وإذا زُلزِلَتِ الأرضُ زِلزالَها ثلاث عشرةَ مَرَّة ، وفي الثانيةِ الحَمد وقُلْ هُوَ اللّهُ أحَدْ خمس عشَرةَ مرَّة.

فإنّهُ مَن فَعَل ذلِكَ في كُلِّ شَهْر كانَ مِنَ المتّقين ، فإنْ فَعَل ذلكَ في كلِّ سَنة كُتِبَ مِنَ المُحسِنينَ ، فإنْ فَعَل ذلكَ في كلِّ جُمُعَة مَرَّة كُتِبَ مِنَ المُصلّينَ ، فإنْ فَعَل ذلكَ في كلِّ ليلة زاحمَني في الجنّة (١) ، وَلم يُحصِ ثوابَه إلاّ اللّهُ ربُّ العالمينَ جَلَّ وتعالى (٢).

______________________________________________________

(١) فيحصل له من القرب والدرجات أنّه يعاشر النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الجنّة ، وهذه غاية المُنى وأسنى الدرجات العُلى.

(٢) فلاح السائل ، ص ٢٤٦.

٥٣٥

١٤٨

المحدّث النوري في المستدرك ، في توقيع الإمام العسكري عليه‌السلام إلى علي بن بابويه ، وعليكَ بصَلاةِ اللَّيلِ فإنَّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصى علياً عليه‌السلام فقال :

يا علي ، عليكَ بصَلاةِ اللَّيلِ (١) ، ومَن استَخفَّ بصلاةِ اللَّيلِ فليسَ مِنّا ، فاعمَلْ بوصيّتي ، وآمُر جميعَ شيعتي حتّى يعمَلُوا عليه ... (٢).

______________________________________________________

(١) لاحظ لتفصيل بيان الأحاديث الشريفة في صلاة الليل الوصية رقم ١١٧.

(٢) المستدرك ، ج ٣ ، ص ٦٤ ، ب ٢١ ، ح ٣ ، المسلسل ٣٠٣٣. وقد نقله المحدّث النوري قدس‌سره عن الطبرسي في الإحتجاج.

إلاّ أنّ نسخة الإحتجاج المطبوعة التي بأيديها خالية عن هذا التوقيع فيما لاحظنا. غير أنّ هذا التوقيع محكي عن الطبرسي في الإحتجاج في ترجمة حياة الشيخ الجليل علي بن بابويه والد الشيخ الصدوق الذي حظى بتوقيع المعصوم عليه‌السلام وتشرّف بمكاتبته له ، ويسعد النظر بمشاهدة هذا التوقيع الأزهر في خاتمة المستدرك ، ج ٣ ، ص ٥٢٧.

ولاحظ روضات الجنّات ، ج ٤ ، ص ٢٧٣. ولؤلؤة البحرين ، ص ٣٨٤. ومجالس المؤمنين ، ج ١ ، ص ٤٥٣.

٥٣٦

١٤٩

في المستدرك ، عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام قال : تصدّقتُ بدينار يوماً ، فقال رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، أما عَلِمْتَ أنّ صَدَقةَ المؤمنِ لا تخرجُ مِن يدِهِ حتّى تَفَكُ عنها لَحى (١) سبعينَ شيطاناً (٢) (٣).

______________________________________________________

(١) اللحى ، عظم الحنك ، واللحيان هما العظمان اللذان تنبت اللحية على بشرتهما.

(٢) وفي آخر الحديث في الدعائم : ( فإذا تصدّق أحدكم فأعطى بيمينه فليُخفها عن شماله ). ويحسن ملاحظة أحاديث فضل الصدقة وأقسامها وأحكامها مجموعة في سفينة البحار ، ج ٥ ، ص ٧٩ ـ ص ٨٨ ، وتقدّم منّا شيءٌ من البيان في وصيّة الفقيه الاُولى تحت عنوان ( يا علي ، الصدقة تردّ القضاء الذي قد أُبرم إبراماً ).

(٣) المستدرك ، ج ٧ ، ص ١٥٦ ، ب ١ ، ح ١٢ ، المسلسل ٧٩٠٠. نقله عن الدعائم ، لكن في دعائم الإسلام ، ج ١ ، ص ٢٤١ ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : يا علي ....

٥٣٧

١٥٠

ناسخ التواريخ ، روى أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجّه علياً عليه‌السلام في بعض الوجوه ، فقال له في بعض ما أوصاه :

( يا علي ، قَد بعثُتكَ وأنا بِكَ ضَنينٌ (١) ، فلا تَدَعَنَّ حَقّاً لِغَد (٢) ، فإنَّ لكلِّ يَوم ما فيهِ ، وأبرُزْ للنّاس (٣) ، وقَدِّم الوَضيعَ على الشَّريفِ (٤) ، والضَّعيفَ على القويّ ، والنساءَ قبلَ الرّجالِ ، ولا تُدخِلَنَّ أحداً يَغلِبُكَ على أمرِكَ ، وشاوِرِ القرآنَ فإنّهُ إمامُك ) (٥).

______________________________________________________

(١) من الظنّ يعني البخل ، أي أبخل عن إرسالك ، وذلك لحبّه له وملازمته إيّاه وعزّته عنده.

(٢) لمطلوبية الإسراع في أداء الحقوق.

(٣) أي لا تحتجب عنهم بل إظهر لهم ، وبذلك يكون الوالي مطّلعاً على حاجات الناس ، ويمكن للناس الوصول إلى الوالي في إحتياجاتهم.

(٤) حتّى لا يُغدَر حقّ الوضيع ، ولا يُغلب على أمره.

(٥) ناسخ التواريخ للمؤرّخ الشهير سپهر كما حكى عنه في كلمة الرسول الأعظم ، ص ١٥١.

هذا تمام الكلام في ما لزم شرحه في المقام من وصايا سيّد الأنام لإمام المتّقين وأمير المؤمنين

علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما وآلهما إلى يوم الدين والحمد لله تعالى أوّلا وآخراً.

٥٣٨

الفهارس العامّة للكتاب

١ ـ فهرس مصادر الكتاب

٢ ـ فهرس محتويات الكتاب

٣ ـ فهرس الأماكن

٤ ـ فهرس الكتب

٥ ـ فهرس الوقائع والأيّام

٦ ـ فهرس الموضوعات

٧ ـ فهرس مصادر الكتاب

٨ ـ فهرس محتويات الكتاب

٥٣٩

فهرس الآيات

سورة البقرة (٢)

(٢٧) الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض اُولئك هم الخاسرون ......... ٢٢

(٣٧) فتلقّى آدم من ربّه كلمات ......... ٢٤٣

(٤٥) واستعينوا بالصبر والصلاة ......... ٤٥٠

(١٠٢) واتّبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلّمون الناس السحر ......... ٥٢٧

(١٢٥) وعهدنا إلى إبراهيم ......... ١٠

(١٢٩) ربّنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلّمهم الكتاب والحكمة ويزكّيهم إنّك أنت العزيز الحكيم ......... ١٠٥

(١٣٢) ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيّ إنّ الله إصطفى لكم الدين فلا تموتنّ إلاّ وأنت مسلمون ......... ٩

(١٥٦) إنّا لله وإنّا إليه راجعون ......... ٢١٤

(٢٠٧) ومن الناس من يشري نفسه إبتغاءِ مرضات الله والله رؤوف بالعباد ......... ٤٠٥

(٢٢٣) ولا تجعلوا الله عرضةً لأيمانكم ......... ٢٤٩

(٢٥٥) الله لا إله إلاّ هو الحي القيّوم ( إلى قوله ) وهو العلي العظيم ......... ٣٣٨ و ٣٣٩ و ٤٨٨

(٢٥٧) هم فيها خالدون ......... ٣٣٩

(٢٦٤) يا أيّها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى ......... ٥٠٨

(٢٧٣) يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفّف ......... ٥٠٧

(٢٧٤) الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرّاً وعلانية ......... ٤٥٢ و ٤٥٣

٥٤٠