وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام

السيد علي الحسيني الصدر

وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام

المؤلف:

السيد علي الحسيني الصدر


الموضوع : الأخلاق
الناشر: دار الامام الرضا عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-92482-1-8
الصفحات: ٦٥٥

٨٨

بشارة المصطفى ، عن الشيخ أبي محمّد الحسن بن الحسين في الري ، عن عمّه ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمّد بن بابويه ، عن أحمد بن محمّد الشيباني قال : حدّثنا محمّد ابن أبي عبدالله الأسدي الكوفي ، قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن زيد ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن سعد بن طريف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي :

يا علي ، أنتَ إمامُ المسلمينَ ، وأميرُ المؤمنينَ ، وقائدُ الغرِّ المحجَّلينَ وحجّةُ اللّهِ بعدي على الخلقِ أجمعينَ ، وسيّدُ الوصيينَ ، ووَصيُّ سيدُ النبيين.

يا علي ، إنّه عُرِجَ بي إلى السَّماءِ السابعةِ ومنها إلى سِدرةِ المنتهى (١) ...

______________________________________________________

(١) السدرة هي شجرة النبق وسدرة المنتهى شجرة فوق السماء السابعة (١) وفي حديث الإمام الباقر عليه‌السلام : ( إنّما سمّيت سدرة المنتهى لأنّ أعمال أهل الأرض تصعد بها الملائكة الحفظة إلى محلّ السدرة ، والحفظة الكرام البررة دون السدرة يكتبون ما يرفعه إليهم الملائكة من أعمال العباد في الأرض فينتهي بها إلى محلّ السدرة (٢).

__________________

١ ـ مجمع البحرين ، ج ٩ ، ص ١٧٥.

٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٥٨ ، ص ٥١ ، ب ٦ ، ح ١.

٤٤١

ومنها إلى حُجُبِ النّور (٢) وأكرمَني ربّي جَلَّ جلالُه بمناجاتِهِ ، قال لي ، يا محمّد ، قلتُ ، لبيكَ ياربِّ وسَعدَيكَ تباركتَ وتعاليتَ.

قال : إنَّ علياً إمامُ أوليائي ، ونورٌ لمَن أطاعَني ، وهُو الكلمةُ التي ألزمتُها المتّقينَ ، مَنْ أطاعَهُ أطاعني ، ومَن عصاهُ عصاني ، فبشِّرْهُ بذلك.

فقال عليٌّ عليه‌السلام يا رسولَ اللّهِ أبَلَغَ من قَدْري حتّى أنّي اُذكرُ هناكَ.

فقال : نعم ، يا علي فاشكُر رَبّكَ ، فَخَرَّ عليٌّ عليه‌السلام ساجداً شُكراً للّهِ تعالى على ما أنعمَ بهِ عليه (٣).

______________________________________________________

(٢) وهي أنوار عزّه وجلاله وعظمته وكبريائه ، التي تُدهش العقول وتذهب بالأبصار وفي حديث ابن عبّاس ( ... الحجب خمسمائة حجاب ، من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام ... ) (١).

(٣) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى للشيخ الجليل أبي جعفر محمّد بن القاسم الطبري الإمامي ، ص ٣٤.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ١٨ ، ص ٣٣٨ ، ب ٣ ، ح ٤٠.

٤٤٢

٨٩

المحاسن ، عنه ، عن بعض من ذكره ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، إنّ الوضوء قَبلَ الطعامِ وبعدَه شفاءٌ في الجسد ، ويُمْنٌ في الرزق (١) (٢).

______________________________________________________

(١) الُيمن هي البركة ، يقال : تيمّنتُ بالشيء أي تبرّكت به.

والوضوء طهارة قريبة ، ونظافة حقيقية ، فيكون شفاء وبركة وتلاحظ فضل الوضوء وآثاره في بابه الخاص من الأحاديث الشريفة في البحار (١).

(٢) كتاب المحاسن ، ص ٣٥٦ ، ب ٣٠ ، ح ٢٢٢ ، كتاب المآكل.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٨٠ ، ص ٢٢٩ ، ب ٢ ، الأحاديث.

٤٤٣

٩٠

المحاسن ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم‌السلام قال : كان فيما أوصى بهِ رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً عليه‌السلام أن قال :

يا علي ، كُلِ العَدَسَ فإنّهُ مُباركٌ مُقدّس ، وهو يُرِقّ القَلبَ ، ويُكثرُ الدَّمعةَ ، وإنّه بارَكَ عليهِ سبعونَ نبيّاً (١) (٢).

______________________________________________________

(١) أي دَعَوا له بالبركة ، أو بيّنوا بركته ومنفعته.

(٢) كتاب المحاسن ، ص ٤١٩ ، ب ٨٤ ، كتاب المآكل ، ح ٦٤٠. ومنه البحار ، ج ٦٦ ، ص ٣٥٨ ، ب ٣ ، ح ٥ ، وجاء مضمونه في عيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٤١ ، وتلاحظ أحاديث فوائده في كتاب طبّ الأئمّة عليهم‌السلام للسيّد شُبّر ، باب التداوي بالعدس والحمّص ، ص ٢٠١.

٤٤٤

٩١

المحاسن ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال في وصيّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام :

يا علي ، إذا أكلْتَ فقل ، « بسمِ اللّه » ، وإذا فرغتَ فقُل ، « الحمدُ للّه » ، فإنّ حافظَيكَ لا يَبرحان يكتُبان لكَ الحَسَناتِ حتّى تُبعّدَه عنك (١) (٢).

______________________________________________________

(١) أي حتّى تبعّد الأكل ، وتلاحظ مفصّل أحاديث آداب الأكل وما يتعلّق به في المكارم (١).

(٢) كتاب المحاسن ، ص ٣٦٢ ، ب ٣٥ ، كتاب المآكل ، ح ٢٥٧. وورد في مكارم الأخلاق ، ج ١ ، ص ٣٠٨ ، الفصل الثالث ، ح ١٦ ، المسلسل ٩٨١ ، وفيه ، حتّى تنبذه بدل تبعّده. وفي البحار ، ج ٦٦ ، ص ٣٧١ ، ب ١١ ، ح ١٣.

__________________

١ ـ مكارم الأخلاق ، ج ١ ، ص ٣٠٥.

٤٤٥

٩٢

المحاسن ، عن علي بن الحكم ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام :

يا علي ، إفتتح طعامَك بالملحِ واختْمه بالملحِ ، فإنَّ من افتَتَح طعامَه بالمِلحِ وختَمه بالملحِ رفعَ اللّهُ عنه سبعينَ نوعاً من أنواعِ البلاء أيسرُها الجذام (١) (٢).

______________________________________________________

(١) وفي حديث آخر يليه ، أنّ فيه شفاء من سبعين داء ، منها الجنون ، والجذام والبرص ، ووجع الحلق والأضراس ، ووجع البطن.

وفي حديث آخر إثنتين وسبعين داء ، وقد تقدّم في وصيّة الفقيه المفصّلة المتقدّمة مع بيانه ومصدر عنوانه فراجع وتلاحظ مجموع أحاديث فضل الملح في البحار ، ج ٦٦ ، ص ٣٩٤ ، ب ١٣ ، ويشتمل على سبعة وعشرين حديثاً.

(٢) كتاب المحاسن ، ص ٥٩٣ ، ب ١٩ ، ح ١٠٩.

٤٤٦

٩٣

الجعفريات ، بالسند المتقدّم ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : قال رسولُ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، إشْرَبِ الماءَ قائماً فإنّهُ أقوى لكَ وأَصحّ (١) (٢).

______________________________________________________

(١) هذا المضمون ورد في روايات اُخرى أيضاً مثل حديث السكوني عن أبي عبدالله عليه‌السلام في الوسائل (١).

وفي حديث الصدوق عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، وشرب الماء من قيام بالنهار أدرّ للعرق وأقوى للبدن.

لذلك إستفاد الصدوق قدس‌سره من هذا الحديث مع حديث النهي عن شرب الماء قائماً أنّ النهي محمول على الليل ، فيستحبّ شرب الماء من قيام نهاراً ويكره ليلا كما عنونه المحدّث الحرّ العاملي في الباب المتقدّم ، ونقل عن الصدوق حمل النهي على الليل.

ويؤيّده الحديث الآخر : ( شرب الماء من قيام بالنهار يمرىء الطعام ، وشرب الماء بالليل من قيام يورث الماء الأصفر ).

(٢) الجعفريات ، ص ١٦١. وعنه المستدرك ، ج ١٧ ، ص ١١ ، ب ٧ ، ح ١ ، المسلسل ٢٠٥٩٤. وهكذا ورد في المستدرك ولعلّ الأصحّ : ( وتسميته أمان من الداء ).

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ، ج ١٧ ، ص ١٩١ ، ب ٧ ، الأحاديث ١ و ٢ و ٧.

٤٤٧

٩٤

الجعفريات ، بإسناده عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال :

تفقّدتُ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيرَ مرّة وهو إذا شَرِبَ تنفّسَ ثلاثاً ، مع كلِّ واحدة منها تسميةٌ إذا شَرِبَ وتَحميدٌ إذا انقطَع (١) ، فسألتُه عن ذلك فقال : يا علي شكرُ اللّهِ تعالى بالحمد وتسمية من الداء (٢).

______________________________________________________

(١) أي إذا إنقطع عن شرب الماء.

(٢) الجعفريات ، ص ١٦١. وعنه المستدرك ، ج ١٧ ، ص ١١ ، ب ٧ ، ح ١ ، المسلسل ٢٠٥٩٤. وهكذا ورد في المستدرك ولعلّ الأصحّ : ( وتسميته أمان من الداء ) وتلاحظ مجموع أحاديث فضل التسمية والتحميد في كتاب المآكل من المحاسن ، الباب ٣٤ ـ ٣٥.

٤٤٨

٩٥

الجعفريات ، بإسناده عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال :

أخذ رسولُ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيَدي فقال :

يا علي ، التسبيحُ نصفُ الميزان (١) ، والحمدُ للّهِ يملأ الميزانَ ، واللّهُ أكبرُ يملأ بينَ السماءِ والأرضِ ، والوضوءُ نصفُ الإيمان (٢) ، والصَّومُ نصفُ الصبر (٣) (٤).

______________________________________________________

(١) أي أنّ تسبيح الله تعالى ، وقول سبحان الله ، من حيث الثواب يملأ نصف ميزان الحسنات ، فانّه تنزيه.

وكذلك ثواب الحمد يملأ الميزان ، فإنّه شكرٌ يوجب الزيادة ( لَئِنْ شَكَرتُمْ لأزيدَنّكُم ) (١).

وكذلك ثواب التكبير يملأ ما بين السماء والأرض فإنّه تعظيم وثوابه عظيم.

(٢) حيث إنّه طهور وهو من الإيمان وتكمّله الصلاة المشروطة بالطهارة.

(٣) فإنّ الصوم ملازم للصبر ، بل عبّر عنه بالصبر ، فمن صام فقد أحرز نصف حقيقة الصبر ، ويكون نصفه الآخر هي العبادات والأعمال الاُخرى.

__________________

١ ـ سورة إبراهيم عليه‌السلام ، الآية ٧.

٤٤٩

..................................................................................

______________________________________________________

وقد فسّر الصبر بالصوم قوله تعالى : ( واستَعينُوا بالصَّبْر ) (١) ، ففي الحديث عن الإمام أبي الحسن الكاظم عليه‌السلام ، « إذا نزلت بالرجل الشدّة أو النازلة فليصم ، فانّ الله يقول : ( واستعينُوا بالصَّبرِ والصَّلاة ) » (٢).

(٤) الجعفريات للشيخ الثقة محمّد بن محمّد الأشعث أبي علي الكوفي ، ص ١٦٩ ، من النسخة المطبوعة مع قرب الإسناد ، وعنها المستدرك ، ج ٥ ، ص ٣٢٥ ، ب ٢٨ ، ح ١ ، المسلسل ٥٩٩٩.

__________________

١ ـ سورة البقرة ، الآية ٤٥.

٢ ـ تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ٤٣ ، ح ٤١.

٤٥٠

٩٦

الجعفريات ، أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمّد ، حدّثني موسى ، قال حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه علي بن الحسين عن أبيه عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي إيّاكَ واللّؤم (١) فإنَّ اللّؤمُ كفرٌ والكفر في النار ، وعليكَ بالبِرّ وبالسرّ والكَرَم فإنَّ السرَّ والكَرَم (٢) يذيبُ الخطايا كما تذيبُ الشمسُ الجليدَ (٣) ، إنّ اللّهَ تعالى يقول : أنا اللّهُ لا إلهَ إلاّ أنا ، وعزّتي وجَلالي ، لا يدخلُ جَنّتي لئيم (٤).

______________________________________________________

(١) لؤْم الرجل وهو لئيم أي دني الأصل شحيح النفس ، فاللؤم هو الشحّ والبُخل ، ولاحظ أحاديث ذمّ الشحّ والبخل في بابه (١).

(٢) في المستدرك ( فإنّ البرّ والسرّ والكرم ).

(٣) الجليد هو الثلج والماء الجامد بسبب البرد.

(٤) الجعفريات ، ص ١٥١. وعنه المستدرك ، ج ٧ ، ص ٢٨ ، ب ٥ ، ح ٧ ، المسلسل ٧٥٥٨.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٣ ، ص ٢٩٩ ، ب ١٣٦ ، الأحاديث.

٤٥١

٩٧

الجعفريات ، أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمّد ، حدّثني موسى ، قال : حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين عليهم‌السلام أنّ رسولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعثَ مع علي عليه‌السلام ثلاثينَ فَرَساً في غزاةِ السَلاسل (١) فقال :

يا علي ، أتلو عليكَ آيةً في نفقةِ الخيل : ( الذّينَ يُنفقُونَ أموالَهُم باللَّيلِ والنَّهارِ سِرّاً وعَلانيَةً ) (٢).

______________________________________________________

(١) غزوة ذات السلاسل بفتح السين الاُولى كما هو المشهور ، وضبطه الجزري في النهاية بضمّ السين الاُولى (١) ، وهي الغزوة التي وقعت بوادي الرمل ، الذي يبعد عن المدينة المنوّرة بخمس مراحل وشُدّ بعض الأعداء فيه بالسلاسل (٢) ، نزلت عندها سورة العاديات حين بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً عليه‌السلام إلى ذات السلاسل (٣).

(٢) سورة البقرة ، الآية ٢٧٤.

__________________

١ ـ سفينة البحار ، ج ٤ ، ص ٢١٩.

٢ ـ منتهى الآمال ، ج ١ ، ص ٨١.

٣ ـ مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٥٢٨.

٤٥٢

يا علي ، هي النفقةُ على الخَيلِ يُنفقَ الرّجلُ سرّاً وعلانيَة (٣) (٤).

______________________________________________________

(٣) وورد هذا المضمون في حديث الراوندي طيّب الله مثواه (١) ، وجاء نظيره في حديث الدعائم أنّ رسولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « يا علي ، النفقة على الخير المرتبطة في سبيل الله هي النفقة التي قال الله عزّوجلّ : ( الّذينَ يُنفِقُونَ أموالَهُم باللّيلِ والنَّهارِ سِرّاً وعَلانيَة ) » (٢).

(٤) الجعفريات ، ص ٨٦. وعنه المستدرك ، ج ٨ ، ص ٢٥٣ ، ب ٢ ، ح ١ ، المسلسل٩٣٧٧.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٢١ ، ص ٦٧ ، ب ٢٥ ، ح ١.

٢ ـ دعائم الإسلام ، ج ١ ، ص ٣٤٤.

٤٥٣

٩٨

الجعفريات ، أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمّد ، حدّثني موسى ، قال : حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام قال : لمّا بعثني رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى اليمنِ قال :

يا علي ، لا تُقاتلَنَّ أحداً حتّى تدعُوهُ إلى الإسلامِ ، واللّهِ لئن يَهدِيَنَّ اللّهُ على يديَك رجلا خيرٌ لك ممّا طَلَعتْ عليهِ الشَّمسُ وغَرُبَت ، وَلكَ وِلاهُ (١) يا علي (٢).

______________________________________________________

(١) أي تكون أنت وليُّه ومولاهُ كما كنتَ مرشده وهاديه فتكون الهداية والدعوة إلى الإسلام قبل المقاتلة.

فان حصلت الهداية كان الخير الأعظم ، وكان الولاء لمولى المؤمنين عليه‌السلام.

(٢) الجعفريات ، ص ٧٧. عنه المستدرك ، ج ١١ ، ص ٣٠ ، ب ٩ ، ح ١ ، المسلسل ١٢٣٥٧.

٤٥٤

٩٩

الجعفريات ، أخبرنا عبدالله ، أخبرنا محمّد حدّثني موسى قال : حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه أنّ علياً عليه‌السلام اشتكى عينيَه فعادَهُ رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإذا علي عليه‌السلام يصيحُ فقال لهُ النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجَزَعاً أم وَجَعاً؟ فقال علي عليه‌السلام ، ما وجعتُ وَجَعاً قطُّ أشقّ (١) منه. فقال :

يا علي ، إنَّ مَلَكَ الموتِ إذا نزلَ لقبضِ روحِ الفاجر نزلَ معه بسَفّود (٢) من نار ، فنزعِ روحَه فتصيحُ جهنّمُ ، فاستوى عليٌّ عليه‌السلام جالساً ، فقال : يا رسولَ اللّهِ هل يصيبُ ذلكَ أحداً من اُمّتِك؟ فقال : نعم ، حاكمٌ جائر ، وآكلُ مالِ اليتيمِ ، وشاهدُ الزّور (٣) (٤).

______________________________________________________

(١) في المستدرك ( أشدّ ).

(٢) سَفُّود بفتح السين وتشديد الفاء على وزن تنّور هي الحديدة التي يشوى بها اللحم ، المعروف بالصيخ (١).

(٣) الزور هو الكذب والباطل ، مأخوذ من التزوير بمعنى التحريف.

(٤) الجعفريات ، ص ١٤٦. وعنه المستدرك ، ج ١٧ ، ص ٣٥٦ ، ح ١ ، المسلسل ٢١٥٦٩. وورد مع إختلاف يسير بطريق الشيخ في التهذيب ، ج ٦ ، ص ٢٢٤ ، ب ٨٧ ، ح ٢٧ ، المسلسل ٥٣٧. والوسائل ، ج ١٨ ، ص ١٦٦ ، ب ١٢ ، ح ١.

__________________

١ ـ مجمع البحرين ، ص ٢١٠.

٤٥٥

١٠٠

إرشاد القلوب ، في مرفوعة الشيخ المفيد إلى أنس بن مالك قال : كنت أنا وأبو ذرّ وسلمان وزيد بن أرقم عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ دخل الحسن والحسين عليهما‌السلام فقبّلهما رسول الله ، وقام أبو ذرّ فانكبّ عليهما وقبَّل أيديهما ثمّ رجع فقعد معنا فقلنا له ، سِرٌّ يا أبا ذرّ ، أنت رجل شيخ من أصحاب رسول الله تقوم إلى صبيين من بني هاشم فتنكبّ عليهما وتقبّل أيديهما؟

فقال : نعم لو سمعتم ما سمعت فيهما من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لفعلتم لهما أكثر ممّا فعلت أنا ، فقلت ، وما سمعت يا أبا ذرّ ، قال : سمعته يقول لعلي عليه‌السلام ولهما :

يا علي ، واللّهِ لو أنّ رجلا صلّى وصامَ حتّى يصيرُ كالشنِّ البالي ـ أي القربة الخَلِقَة ـ إذاً ما نفَعْتُه صلاتُه ولا صومُه إلاّ بحبِّكم.

يا علي ، من تَوسّلَ إلى اللّهِ جلَّ شأنُه بحبِّكم ، فحقّ على اللّهِ ان لا يردَّهُ.

يا علي ، من أحبّكم وتمسّكَ بكُم فقد تَمسّكَ بالعُروةِ الوثقى.

قال : ثمّ قامَ أبو ذرّ وخَرج ، فتقدَّمْنا إلى رسولِ اللّهِ فقلنا ، أخبَرَنا أبو ذرّ عنكَ بكَيت وكَيت ، فقال : صدقَ أبو ذرّ ، وصدقَ واللّهِ أبو ذرّ ، ما أظلَّتِ الخضراءُ ولا أقلَّتِ الغبراءُ (١) على ذي لَهجة أَصدَق من أبي ذرّ ،

______________________________________________________

(١) أي ما أظلَّت السماء ولا حملت الأرض إذ تسمّى السماء بالخضراء لأنّها تعطي الخضرة في لونها ، وكذلك تسمّى الأرض بالغبراء لأنّها تعطي الغُبرة في لونها.

٤٥٦

ثمّ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، خلقني اللّهُ تباركَ وتعالى وأهلَ بيتي من نور واحد قبل أن يخلقَ آدمُ عليه‌السلام بسبعةِ آلافِ عام ، ثمّ نقَلنا إلى صُلبِ آدمَ عليه‌السلام ثمّ نقَلنا من صُلبِه إلى أصلابِ الطاهرينَ إلى أرحامِ الطاهراتِ ، فقلنا ، يا رسولَ اللّهِ فأينَ كُنتم وعلى أي مثال كنتم ، قال : أشباحاً من نُور (٢) تحتَ العرشِ نسبّحُ اللّهَ تعالى ونقدّسُه ونمجّدُه (٣).

______________________________________________________

(٢) أي أبدانٌ نورانية بل أرواح ، فقد خلقهم الله تعالى أنواراً ، وجعلهم بعرشه محدقين ، وقد تظافرت وتواترت الأحاديث الشريفة في خلقتهم النورانية فلاحظ (١).

(٣) إرشاد القلوب ، ص ٤١٥.

__________________

١ ـ اُصول الكافي ، ج ١ ، ص ٣٨٩ ، باب خلق أبدان الأئمّة وأرواحهم وقلوبهم عليهم‌السلام. وبحار الأنوار ، ج ٢٥ ، ص ١ ، باب ١ ، المشتمل على ٤٦ حديثاً.

٤٥٧

١٠١

إرشاد القلوب ، جاء في حديث حذيفة بن اليمان أنّه :

أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خادمةً لاُمّ سلمة فقال : اجمعي لي هؤلاء يعني نسائه فجمعتُهنّ له في منزل اُمّ سلمة ، فقال لهنّ ، اسمعن ما أقول لكُنّ :

وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال لهنّ ، هذا أخي ووصيي ووارثي والقائم فيكُنَّ وفي الاُمّة من بعدي ، فأَطِعْنَه فيما يأمركُنَّ به ، ولا تعصينه فتهلكن لمعصيته. ثمّ قال :

يا علي ، اُوصيكَ بهنَّ فأمسِكْهنَّ ما أطعنَ اللّهَ وأطعْنَكَ ، وأنفِقْ عليهنَّ من مالكَ ، وامُرهُنَّ بأمركَ ، وانهنَّ عمّا يُريبك ، وخلِّ سبيلهنَّ إن عصينَك ، فقال علي عليه‌السلام ، يا رسولَ اللّهِ إنّهُنَّ نساء ، وفيهن الوهن وضعفُ الرأي ، فقال : ارفقْ بهنَّ ما كان الرفُق أمْثَل.

فمن عصاكَ منهنَّ فطلّقْها طلاقاً يَبْرأ اللّهُ ورسولُهُ منها (١).

______________________________________________________

(١) وهذا من مختصاته صلوات الله عليه وآله.

وقد روي حتّى من طرق العامّة أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل طلاق نسائه إلى علي عليه‌السلام فيما رواه أبو الدرعل ، المرادي وصالح مولى التومة عن عائشة (١).

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٣٨ ، ص ٧٤.

٤٥٨

..................................................................................

______________________________________________________

وجاء في الحديث المروي عن الإمام الباقر عليه‌السلام انّه ، « لمّا كان يوم الجمل وقد رشق هودج عائشة بالنبل ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والله ما أراني إلاّ مطلّقها ، فأنشد الله رجلا سمع من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : يا علي ، أمر نسائي بيدك من بعدي ، لما قام فشهد؟ فقال :

فقام ثلاثة عشر رجلا فيهم بدريان فشهدوا ، أنّهم سمعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام ، يا علي ، أمر نسائي بيدك من بعدي ، قال : فبكت عائشة عند ذلك حتّى سمعوا بكاءها ، فقال علي عليه‌السلام ، لقد أنبأني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنبأ فقال : إنّ الله تعالى يمدّك يا علي يوم الجمل بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين » (١).

ومعنى تطليقهنّ بعد وفاة النبي هو إسقاطهنّ من شرف الاُمومة ، مضافاً إلى تبري الله ورسوله منهنّ كما يستفاد من أسئلة سعد بن عبدالله الأشعري القمّي من مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه.

ففي حديث الشيخ الصدوق ، عن محمّد بن علي بن محمّد النوفلي ، عن الوشاء ، عن أحمد بن طاهر القمّي ، عن الشيباني ، عن أحمد بن مسرور ، عن سعد بن عبدالله القمّي ، قال : سألت الحجّة القائم عليه‌السلام ...

قلت ، فأخبرني يابن مولاي عن معنى الطلاق الذي فوّض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكمه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام؟

قال : إنّ الله ( تقدّس إسمه ) عظّم شأن نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخصّهنّ بشرف الاُمّهات ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يا أبا الحسن إنّ هذا الشرف باق لهنّ ما دُمْن لله

__________________

١ ـ الإحتجاج ، ج ١ ، ص ٢٤٠.

٤٥٩

قال : كلُّ نساءِ النبيّ قد صَمَتْن فما يَقُلْنَ شيئاً ، فتكلَّمَتْ عائشة فقالت ، يا رسولَ اللّه ما كنّا لتأمرنا بشَيء فنخالفَه إلى ما سواه ، فقال لها ، بلى قد خالفتِ أمْري أشدَّ خلاف وأيْمُ اللّه لتخالفين قولي هذا ، ولتعصينَّهُ بعدي ، ولتخرجينَ من البيتِ الذي أُخلُفكِ فيه ، متبرّجةً فيه قد حَفَّ بكِ فئاتٌ من الناسِ ، فتخالفينَهُ ظالمةً له ، عاصيةً لربّكِ ، ولتنبحنَّك في طريقك كلابُ الحَوْأبِ (٢) ألا إنّ ذلكَ كائن ، ثمَّ قال : قُمْنَ فانصرِفنَ إلى منازلكُنّ ، فقُمنَ فانصَرَفْن (٣).

______________________________________________________

على الطاعة ، فأيّتهنّ عصت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج ، وأسقطها من شرف اُمومة المؤمنين ... (١).

(٢) الحوأب بفتح الحاء وسكون الواو وهمزة مفتوحة موضع في طريق البصرة محاذي البصرة ... موضع بئر نبحت كلابه على عائشة (٢).

(٣) إرشاد القلوب ، ص ٣٣٧ ، وتلاحظ نهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عائشة عن الخروج وإعلامها بنبح كلاب الحوأب إيّاها ، وخروج الفساد منها في طرق العامّة المتظافرة مجموعةً في السبعة من السلف ، ص ١٧٣.

وتلاحظ أحاديث تأنيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها على ذلك من أحاديث العامّة مجموعة في هامش تلخيص الشافي ، ج ٢ ، ص ١٣٣.

ومن المناسب ملاحظة إستدلال الشيخ الطوسي قدس‌سره على كفر من حارب أمير المؤمنين عليه‌السلام إستدلالا بإجماع الفرقة المحقّة ، وبحديث « حربك يا علي حربي وسلمك يا علي سلمي » المتّفق عليه بين الفريقين (٣).

__________________

١ ـ إكمال الدين ، ص ٤٥٩ ، ب ٤٣ ، ح ٢١.

٢ ـ معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ٣١٤.

٣ ـ تلخيص الشافي ، ج ٤ ، ص ١٣١.

٤٦٠