وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام

السيد علي الحسيني الصدر

وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام

المؤلف:

السيد علي الحسيني الصدر


الموضوع : الأخلاق
الناشر: دار الامام الرضا عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-92482-1-8
الصفحات: ٦٥٥

٧٣

أمالي الشيخ الطوسي ، أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد المراغي ، قال : حدّثنا أبو صالح محمّد بن فيض العجلي ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا عبدالعظيم بن عبدالله الحسني رضي‌الله‌عنه قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن موسى ، قال : حدّثني أبي الرضا علي بن موسى قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر بن محمّد قال : حدّثني أبي جعفر قال : حدّثني أبي محمّد بن علي قال : حدّثني أبي علي ابن الحسين قال : حدّثني أبي الحسين بن علي عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : بعثَني رسولُ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الَيمَن فقال وهو يُوصيني :

يا علي ، ما حارَ مَن استخار ، ولا ندمَ مَن استشار.

يا علي ، عليك بالدُلْجَة (١) فإنّ الأرضَ تُطوى باللّيلِ ما لا تُطوى بالنّهار.

يا علي أغْدُ على (٢) اسمِ اللّهِ ،

______________________________________________________

(١) الدُلجة ، بضمّ الدال وفتحها هو السير في الليل ، يقال أدلج إذا سار في الليل ، والإسم الدُلجة.

(٢) من الغدوّ وهو من الوقت ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، مقابل الرّواح وهو من الزوال إلى الليل.

٤٢١

فإنَّ اللّهَ ( تعالى ) بَارَكَ لاُمّتي في بُكورِها (٣) (٤).

______________________________________________________

(٣) أي الصباح المبكّر ، والبُكرة هو وقت الغداة بورك فيها لاُمّة الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أعمالها بهذا الوقت.

والبركة زيادة الخير والنفع والكرم.

قال الشيخ الطريحي : ( في الدعاء ، وأنزل عليَّ من بركاتك أي من خيرك وكرمك ... وبارك على محمّد أي أثبت له وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة ) (١).

(٤) الأمالي ، ص ١٣٦ ، المجلس الخامس ، ح ٣٣ ، المسلسل ٢٢٠.

__________________

١ ـ مجمع البحرين ، ص ٤٤٩.

٤٢٢

٧٤

الأمالي للشيخ الطوسي ، وبالإسناد قال : حدّثنا محمّد بن بكران النقّاش ، عن أحمد بن محمّد الهمداني مولى بني هاشم ، قال : حدّثني عبيد بن حمدون الرواسي ، قال : حدّثنا الحسين بن النضر ، عن أبيه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر الباقر ، عن علي بن الحسين ، عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : فشَكوتُ إلى رسولِ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دَيْناً كانَ عليّ (١) فقال :

يا علي ، قل « اللّهمَّ اغنِني بِحلاَلِكَ عَنْ حَرامِكَ وبفَضْلِكَ عَمَّنْ سِواك » فلو كان عليكَ مِثلُ صُبَير (٢) دَيْناً قَضاهُ اللّهُ عَنك (٣).

______________________________________________________

(١) فرسول الله هو أخوه بل نفسه ، مضافاً إلى كونه رسول الله إليه ، فيكون ملاذه ومورد شكوته ولذلك حسن أن يشكو إليه دَينه.

(٢) جاء في آخر الحديث ، وصبير جبلٌ باليمن ليس باليمن جبل أجلّ ولا أعظم منه.

وفي المعجم ضبطه ، صَبِر على وزن كَتِف ، وقال : إنّه إسم الجبل الشامخ العظيم المُطلّ على قلعةِ ( تعزّ ) فيه عدّة حصون وقرى باليمن (١).

(٣) الأمالي ، ص ٤٣٠ ، المجلس الخامس عشر ، ح ٢٠ ، المسلسل ٩٦٣. وجاء في أمالي الشيخ الصدوق ، ص ٣١٧ ، المجلس الحادي والستّون ، ح ١٠.

__________________

١ ـ معجم البلدان ، ج ٣ ، ص ٣٩٢.

٤٢٣

٧٥

أمالي الشيخ الطوسي ، وبالإسناد قال : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل قال : حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن ابن محبوب ، عن مقاتل بن سليمان ، عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام في حديث تسليم كتاب وصيّة الأنبياء ، يداً بيد من آدم إلى النبيّ الخاتم ثمّ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، وأنتَ تدفعُها إلى وَصيِّك ، ويدفعُها وصيُّكَ إلى أوصيائِكَ من وُلْدِكَ واحداً بعدَ واحد ، حَتّى تُدفَع إلى خَيرِ أهلِ الأرضِ بَعدَك (١). ولتكفُرَنَّ بِكَ الاُمّةُ ، ولتَخْتلِفَنَّ عليكَ إختلافاً شديداً ، الثابتُ عليكَ كالمقيمِ معي ، والشاذُّ عنكَ في النّارِ (٢) ، والنّارُ مَثوى الكافرين (٣).

______________________________________________________

(١) وهو بقيّة الله ، وخاتم الأوصياء ، الإمام المهدي المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

(٢) أي أنّ المنفرد المعتزل عنك ، والذي لم يتبع أمرك وحكمك هو في النار ، يقال : شذّ عنه يشذّ شذوذاً ، إنفرد عنه (١).

(٣) الأمالي ، ص ٤٤٢ ، المجلس الخامس عشر ، ح ٤٨ ، المسلسل ٩٩١. وجاء في أمالي الشيخ الصدوق ، ص ٣٢٩ ، المجلس الثالث والستّون ، ح ٣.

__________________

١ ـ مجمع البحرين ، ص ٢٣٤.

٤٢٤

٧٦

الأمالي للشيخ الطوسي ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن الصلت ، عن أحمد بن محمّد ، قال : حدّثنا الحسن بن علي بن عفّان ، قال : حدّثنا عبدالعزيز بن الخطّاب ، قال : حدّثنا ناصح ، عن زكريا ، عن أنس قال : إتّكأ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على علي عليه‌السلام فقال :

يا علي ، أما تَرضى أن تكونَ أخي وأكونَ أخاكَ ، وتكونَ وَليّي وَوصيّي ووارثي؟

تَدخلُ رابعُ أربعة الجَنَّةَ ، أنا وأنتَ والحسنُ والحسينُ ، وذريّتُنا خَلفَ ظُهورِنا ، ومَنْ تبعنا مِن اُمّتِنا عن أَيمانِهم وشمائِلِهم (١).

قال : بلى يا رسولَ اللّه (٢).

______________________________________________________

(١) فيفوز أتباعهم بالشرف الأسمى ، والسعادة العظمى ، وهي مرافقة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في دخول الجنّة وبشائر فوز شيعتهم بالجنّة متظافرة بين الفريقين كما تلاحظه في غاية المرام (١).

(٢) الأمالي ، ص ٣٣٢ ، المجلس الثاني عشر ، الحديث ٦ ، المسلسل ٦٦٦.

__________________

١ ـ غاية المرام ، ص ٥٧٨.

٤٢٥

٧٧

أمالي الشيخ الطوسي ، أبو محمّد الفحّام ، قال : حدّثني المنصوري قال : حدّثني عمّ أبي أبو موسى ... ، قال : حدّثني الإمام علي بن محمّد ، قال : حدّثني أبي محمّد بن علي ، قال : حدّثني أبي علي بن موسى الرضا ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي محمّد بن علي ، حدّثني أبي علي ابن الحسين قال : حدّثني أبي الحسين بن علي قال : حدّثني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : قال لي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، خَلقَني اللّهُ تعالى وأنتَ من نُورِ اللّهِ حينَ خَلقَ آدَمَ ، وأفْرَغَ ذلكَ النُّورَ في صُلبِهِ ، فافضى به إِلى عبدِالمطّلب ، ثُمَّ افترقا مِن عبدِالمطّلبِ ، أنا في عبدِاللّهِ وأنتَ في أبي طالب (١) ، لا تَصلحُ النبوّةَ إلاّ لي ، ولا تَصلَحُ الوصيّةُ إلاّ لَكَ ، فمَنْ جَحَد وَصيّتَكَ جَحَدَ نُبوّتي ، ومَن جَحَدَ نُبوّتي أكبَّهُ اللّهُ على منخرَيهِ في النّارِ (٢) (٣).

______________________________________________________

(١) وهذه الخلقة النورية من مسلّمات أحاديث الفريقين ، وقد أحصى أحاديث العامّة بذلك السيّد القاضي نور الله التستري في تسعة وثلاثين حديثاً فلاحظ (١).

(٢) أي على وجهه ، والمنخران ثقبا الأنف.

(٣) الأمالي ، ص ٢٩٤ ، المجلس الحادي عشر ، ح ٢٤ ، المسلسل ٥٧٧.

__________________

١ ـ إحقاق الحقّ ، ج ٥ ، ص ٢٤٢ ، ب ٣ ، وقد بيّنا الأحاديث المتظافرة بذلك في كتابنا شرح زيارة الجامعة الشريفة تحت فقرة ( خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين ).

٤٢٦

٧٨

أمالي الشيخ الطوسي ، أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل ، قال : حدّثنا رجاء بن يحيى أبو الحسين العبرتائي ، قال : حدّثنا يعقوب بن يزيد الأنباري كاتب المنتصر ، قال : حدّثني زياد بن مروان القندي ، عن جرّاح بن مليح أبي وكيع ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث الهمداني ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قالَ رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، ما مِنْ عَبد إلاّ ولَهُ جَوّانيٌّ وبَرّانيّ (١) ـ يعني سريرةٌ وعلانيةٌ ـ فَمنْ أصلَحَ جَوّانيّهُ أصلَحَ اللّهُ عزّوجلّ برَّانيَّه ، ومَن أفسَدَ جَوّانيَّه أفسدَ اللّه برَّانيَّه ، وما مِنْ أحد إلاّ ولهُ صِيتٌ (٢) في أهل السَّماءِ ، وصيتٌ في أهلِ الأرضِ ، فإذا حَسُنَ صيتُه في أهلِ السَّماءِ وُضِعَ ذلكَ لهُ في أهلِ الأرض ، وإذا ساءَ صيتُه في أهلِ السَّماءِ وُضِعَ ذلك له في الأرضِ ، فسألهُ عن صِيته ما هُوَ؟ قال : ذِكْرُه (٣).

______________________________________________________

(١) الجوّاني والبرّاني ، نسبة إلى الجوَّة والبرَّة ، بمعنى الداخل والخارج فيكون مفاده أنّ لكلّ إنسان سريرة وعلانية.

(٢) الصِيت بكسر الصاد هي الذكر والشهرة ويستعمل في ذكر الخير وذكر الشرّ كليهما (١).

(٣) الأمالي ، ص ٤٥٧ ، المجلس السادس عشر ، ح ٢٨ ، المسلسل ١٠٢٢.

__________________

١ ـ مجمع البحرين ، ص ١٤٦.

٤٢٧

٧٩

أمالي الشيخ الطوسي ، أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل ، قال : حدّثنا أحمد بن عبيدالله ... قال : حدّثنا علي بن محمّد بن سليمان ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا محمّد ابن جعفر بن محمّد ، قال : حدّثنا معتّب مولانا ، قال : حدّثني عمر بن علي ... ، قال : سمعت محمّد بن أبي عبيدالله بن محمّد بن عمّار بن ياسر يحدّث عن أبيه ، عن جدّه ... ، قال : سمعت أبا ذرّ جندب بن جنادة يقول : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخذاً بيد علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال له :

يا علي ، أنتَ أخي وصَفيّي ووَصيّي ووَزيري وأَميني ، مكانُك منِّي في حياتي وبعدَ مَوتي كمكانِ هارونَ من مُوسى ، إلاّ أنَّه لا نَبيَّ معي ، من ماتَ وهُو يُحبُّكَ خَتَم اللّهُ عزّوجلَّ لهُ بالأمنِ والإيمانِ ، ومَن ماتَ وهُو يُبغضُكَ لمْ يكُنْ لهُ في الإسلامِ نَصيب (١) (٢).

______________________________________________________

(١) ورد نصّ هذا الحديث تماماً في الينابيع أيضاً (١).

وهذا أحد أحاديث المنزلة المتّفق عليها تواتراً بين الفريقين.

فقد رويت من طرق الخاصّة في أحاديث سبعين ، ومن طرق العامّة في أحاديث مائة تلاحظها مجموعة في غاية المرام (٢).

(٢) الأمالي ، ص ٥٤٤ ، المجلس العشرون ، ح ٣ ، المسلسل ١١٦٧.

__________________

١ ـ ينابيع المودّة ، ص ١٢٤ ، ط استانبول.

٢ ـ غاية المرام ، ص ١٠٩ ـ ١٥٢ ، ب ٢٠ ـ ٢١.

٤٢٨

٨٠

أمالي الشيخ الطوسي ، أخبرنا محمّد بن محمّد ، قال : أخبرني المظفّر بن محمّد قال : أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن أبي الثلج ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن موسى الهاشمي ، قال : حدّثنا محمّد بن عبدالله الزراري ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي زكريا الموصلي ، عن جابر ، عن أبي جعفر عن أبيه عن جدّه عليهم‌السلام أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعلي عليه‌السلام :

أنتَ الّذي احتَجَّ اللّهُ بكَ في إبتدائِه الخَلْق ، حيثُ أقامَهُم أشْباحاً (١) فقال لهُم ، ألستُ بربِّكم (٢)؟ قالُوا ، بَلى ، قال : ومحمّدٌ رسولي؟ قالوا ، بَلى ، قال : وعليُّ بن أبي طالب وَصيّي (٣)؟

______________________________________________________

(١) الأشباح جمع شَبَح بالتحريك هو الشخص كما في المجمع (١).

(٢) إشارة إلى قوله تعالى : ( وإِذْ أخَذَ ربُّكَ مِن بني آدَمَ مِن ظُهورِهِم ذُرَّيتَهم وأَشَهدَهُم على أنفسِهِم ألسْتُ بِرَبِّكُم قالُوا بَلى شَهِدْنا أنْ تقُولُوا يَومَ القِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلين ) (٢).

(٣) وهذا هو أخذ الميثاق المعروف في عالم الذرّ وإبتداء الخلقة ، حيث أخذ الله

__________________

١ ـ مجمع البحرين ، ص ١٨٠.

٢ ـ سورة الأعراف ، الآية ١٧٢.

٤٢٩

فأبى الخَلقُ جَميعاً إلاّ إستكباراً وعُتواً مِن ولايتِك إلاّ نَفرٌ قليل ، وهُم أَقلُّ القَليل ، وهُم أصحابُ اليَمين (٤).

______________________________________________________

تعالى العهد من الجميع بربوبّيته الجليلة ، ورسالة نبيّه الأمين ، ووصاية أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فمنهم من صدّق ووفى ، ومنهم من أبى وعتا ، ثمّ أنسى الله الخلق ذلك الموقف ليعملوا في هذه الدنيا بإختيارهم ما يوجب السعادة أو الشقاوة.

وعالم الميثاق هذا متّفق عليه في أحاديث الفريقين.

وتلاحظ أحاديث الخاصّة في كتب الأخبار (١) ، وكتب التفاسير (٢) ، في تفسير هذه الآية المباركة.

كما تلاحظ أحاديث العامّة في إحقاق الحقّ (٣) ، نقلا عن الگنجي الشافعي في كفاية الطالب ، والذهبي في ميزان الإعتدال ، والعسقلاني في لسان الميزان ، وابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه‌السلام من تاريخ دمشق.

(٤) الأمالي ، ص ٢٣٢ ، المجلس التاسع ، ح ٤ ، المسلسل ٤١٢.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٥ ، ص ٢٢٥.

٢ ـ تفسير البرهان ، ج ١ ، ص ٣٧٤.

٣ ـ إحقاق الحقّ ، ج ٧ ، ص ٢٨٣ ، وج ١٧ ، ص ٣٣٦.

٤٣٠

٨١

أمالي الشيخ الطوسي ، جماعة ، عن أبي المفضّل ، قال : حدّثنا عبدالرزّاق بن سليمان بن غالب الأزدي بأرتاح ، قال : حدّثني الفضل بن المفضّل بن قيس بن رمانة الأشعري ... عن الرضا علي بن موسى قال : حدّثني أبي عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام أنّ رسولَ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعَثَ عليّاً إلى الَيمن فقالَ لهُ وهُو يُوصيهِ :

يا علي ، اُوصيكَ بالدُّعاءِ فإنَّ معهُ الإجابةِ ، وبالشُكرِ فإنَّ معَهُ المَزيد ، وأنهاكَ من أنْ تُخَفِّرَ عَهْداً (١) ، وتُغَيِّر عليهِ ، وأنهاكَ عن المَكرِ فإنَّهُ لا يَحيقُ المَكرُ السَّيِىءُ إلاّ بأهلِهِ ، وأنهاكَ عن البَغْيِ (٢) ، فإنَّهُ مَن بُغيَ عليهِ ليَنْصُرنَّهُ اللّه (٣).

______________________________________________________

(١) أي تنقض العهد ، يقال خفّر الرجل بالتشديد أي غدر به ، وخفّر العهد أي نقضه.

(٢) البغي هو الظلم والفساد ، وأصل البغي الحسد ، ثمّ سمّى الظلم بغياً لأنّ الحاسد ظالم (١).

(٣) الأمالي ، ص ٥٩٧ ، المجلس السادس والعشرون ، ح ١٣ ، المسلسل ١٢٣٩. وعنه البحار ، ج ٢١ ، ص ٣٦١ ، ب ٣٤ ، ح ٤.

__________________

١ ـ مجمع البحرين ، ص ١١.

٤٣١

٨٢

الإختصاص ، روى الشيخ الأعظم المفيد حديث السقيفة ، عن أبي محمّد ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن جدّه ، جاء فيه ، قال علي عليه‌السلام :

أمَرني رسولُ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنْ لا أخرُجَ بعدَهُ مِن بَيتي ، حتّى أُؤلِّفَ الكتابَ فإنّهُ في جَرائدِ النَّخلِ وأكتافِ الإبِل ... (١) (٢).

______________________________________________________

(١) وقد جمعه عليه‌السلام كما أنزله الله تعالى ، وبما أوصاه الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واتّفقت في ذلك روايات الفريقين.

ففي مناقب آل أبي طالب للشيخ الجليل ابن شهر آشوب (١) انّ في أخبار أهل البيت عليهم‌السلام أنّه آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه إلاّ للصلاة حتّى يؤلِّف القرآن ويجمعه ، فانقطع عنهم مدّة إلى أن جمعه.

وأورد ذلك الحسكاني (٢) ، والمتّقي الهندي (٣) ، وابن سعد (٤) ، والقندوزي الحنفي (٥) ، وأبو نعيم (٦).

(٢) الإختصاص لفخر الشيعة الشيخ المفيد أعلى الله مقامه ، ص ١٨٦.

__________________

١ ـ مناقب ابن شهر آشوب ، ج ٢ ، ص ٤٢.

٢ ـ شواهد التنزيل ، ص ٢٦.

٣ ـ كنز العمّال ، ج ١٥ ، ص ١١٢.

٤ ـ الطبقات الكبرى ، ج ٢ ، ص ٣٣٨.

٥ ـ ينابيع المودّة ، ص ٢٨٧.

٦ ـ حلية الأولياء ، ج ١ ، ص ٦٧.

٤٣٢

٨٣

الإختصاص ، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن علوان ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال :

... إنّي سمعتُ رسولَ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

يا علي ، واللّهِ لَلفَقرُ أسرَعُ إلى محبّينا مِنَ السَّيلِ إلى بَطنِ الوادي (١) (٢).

______________________________________________________

(١) وذلك ليؤجرهم بالصبر عليه ، ويجازيهم بمرارة الدنيا حلاوة الآخرة ، ويثيبهم بالتحمّل في الدنيا الفانية نعيم الدار الباقية لذلك كان الفقر شعار الصالحين ، فقد يكون المؤمن فقيراً عن المال المستهان مع كونه غنيّاً لقوّة الإيمان ، ومدّخراً لخيرات الجنان. فلاحظ أحاديث البحار (١).

(٢) الإختصاص ، ص ٣١١.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٢ ، ص ١ ، ب ٩٤ ، الأحاديث التسعون.

٤٣٣

٨٤

الإختصاص ، أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن عبدالله بن المغيرة الخزاز ، عن أبي حفص العبدي ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمعته يقول :

يا علي ، ما بَعَثَ اللّهُ نبيّاً إلاّ وقَدْ دَعاهُ إلى وِلايتِكَ ، طائِعاً أو كارِهاً (١) (٢).

______________________________________________________

(١) وفي حديث البحار عن الإمام الكاظم عليه‌السلام أنّه قال : ( ولاية عليّ مكتوبة في صحف جميع الأنبياء ، ولن يبعث الله رسولا إلاّ بنبوّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصيّة عليّ ) (١).

وفي ينابيع المودّة للقندوزي جاء الحديث القدسي ( وعُرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين ) (٢).

وفي توضيح الدلائل لشهاب الدين الشافعي ( انّ ولاية علي بن أبي طالب عرضت على إبراهيم الخليل فقال : اللهمّ اجعله من ذرّيتي ، ففعل الله ذلك ) (٣).

(٢) الإختصاص ، ص ٣٤٣.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٣٨ ، ص ٤٦.

٢ ـ ينابيع المودّة ، ج ٣ ، ص ١٦٠ ، ط العرفان ـ بيروت.

٣ ـ توضيح الدلائل ، ص ١٦٤.

٤٣٤

٨٥

بشارة المصطفى ، أخبرنا الشيخ أبو محمّد الحسن بن الحسين بن الحسين بن الحسين بن علي بن بابويه ( بالري سنة عشرة وخمسمائة ) ، عن عمّه محمّد بن الحسن عن أبيه الحسن بن الحسين ، عن عمّه الشيخ السعيد أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمهم الله تعالى ، قال : حدّثنا محمّد بن أحمد الشيباني ، قال : حدّثنا محمّد بن جعفر الكوفي الأسدي ، قال : حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي ، قال : حدّثنا عبدالله بن أحمد ، قال : حدّثنا القاسم بن سليمان ، عن ثابت بن أبي صفية ، عن سعد بن غلابة ، عن أبي سعيد عقيصا عن سيّد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب عن سيّد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، أنتَ أخي وأنا أخُوكَ أنا المُصطفى للنبوّةِ وأنتَ المُجتبى للإمامةِ ، وأنا صاحبُ التّنزيلِ وأنتَ صاحبُ التأويلِ (١) ، وأنا وأنتَ أبوا هذهِ الاُمّةِ.

يا علي ، أنتَ وصيّي وخليفتي ووزيري ووارثي وأبو وُلدي ، شيعتُك شيعتي ، وأنصارُكَ أنصاري ، وأولياؤُكَ أوليائي ، وأعداؤُك أعدائي.

يا علي ، أنتَ صاحبي على الحوضِ غَداً ،

______________________________________________________

(١) أي تنزيل القرآن الكريم وتأويله.

٤٣٥

وأنتَ صاحبي في المَقامِ المحمُود ، وأنتَ صاحبُ لوائي في الآخرةِ كما إنّكَ صاحبُ لوائي في الدُنيا ، لقد سَعَدَ من تَوَلاّكَ ، وشَقِيَ من عاداكَ.

وإنّ الملائكةَ لتتقرّبُ إلى اللّهِ تقدَّسَ ذكرُه بمحبّتِك وولايتِك ، واللّه إِنَّ أهلَ مَودّتِكَ في السّماءِ لأكثرُ منهُم في الأرضِ.

يا علي ، أنتَ أمينُ اُمّتي ، وحجّةُ اللّهِ عليها بَعدي ، قولُكَ قولي ، وأمرُكَ أمري ، وطاعتُكَ طاعتي ، وزجرُكَ زجري (٢) ، ونهيُكَ نهيي ، ومعصيتُكَ معصيتي ، وحزبُك حزبي ، وحزبي حزبُ اللّه ( وَمَنْ يَتَولَّ اللّهَ وَرسُولَهُ والذّينَ آمنُوا فإنَّ حِزبَ اللّهِ هُمُ الغالبُون ) (٣) (٤).

______________________________________________________

(٢) الزجر هو المنع عن الشيء.

(٣) سورة المائدة ، الآية ٥٦.

(٤) بشارة المصطفى ، ص ٥٥.

٤٣٦

٨٦

بشارة المصطفى ، أخبرنا الشيخ الأمين أبو عبدالله محمّد بن أحمد بن شهريان الخازن بقراءتي عليه ( بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام في ذي القعدة سنة إثنى عشر وخمسمائة ) ، قال : حدّثنا الشيخ أبو صالح عبد الرحمن بن يعقوب الحنفي الصندلي ( قدم علينا حاجّاً من نيشابور ) ، قال : حدّثني والدي أبو يوسف يعقوب بن طاهر ، قال : حدّثني أحمد بن إسحاق القاضي ، قال : حدّثنا أحمد ابن عبدالله بن سابور الدقيقي ، قال : حدّثنا عبيد بن هاشم ، قال : حدّثنا إسماعيل بن جعفر ، قال حدّثنا العلا بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عبدالله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، لو أَنَّ عبداً عَبَدَ اللّهَ مثلَ ما قامَ نوح في قَومِهِ ، وكانَ لهُ مثلُ أُحُد ذهباً فأنفقُه في سبيلِ اللّهِ ، ومُدّ في عُمْرِهِ حتّى حجَّ حجّة ، ثمَّ قُتلَ بين الصَّفا والمروةِ ، ثمَّ لم يُوالِكَ يا علي لم يَشُمْ رائحةَ الجنّةِ ولم يَدخلْها ، أما عَلمتَ يا علي أنّ حبَّكَ حَسَنةٌ لا يَضرُّ معها سَيّئة (١) ، وبُغضُكَ سَيّئةٌ لا ينفعُ معها طاعة.

______________________________________________________

(١) بل يوفّق معها للتوبة ، بل هي من الحسنات التي يذهبن بالسيّئات ، بل هي أساس الدين ، والركن الرصين الذي يحفظ الدين بحفظه.

٤٣٧

يا علي ، لو نَثَرتُ الدرَّ على المنافق ما أحبَّك ، ولو ضربتُ خيشومَ (٢) المؤمن ما أبغضَك لأنَّ حبَّك إيمانٌ وبُغضُك نفاق ، ولا يحبُّكَ إلاّ مؤمنٌ تقي ، ولا يُبغضكَ إلاّ مُنافقٌ شَقيّ (٣).

______________________________________________________

(٢) الخيشوم أقصى الأنف ، ومنهم من يطلقه على الأنف ، وعن الصدوق رحمه‌الله الخيشوم ، الحاجز بين المنخرين كما تقدّم (١).

(٣) بشارة المصطفى ، ص ٩٤.

وقد جاء في أحاديث العامّة بطرق كثيرة فيما ذكره السمهودي في الأشراف ، والهروي في الأربعين ، والمتّقي في كنز العمّال ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ، وغيرهم ممّن أحصاهم في إحقاق الحقّ ، ج ١٧ ، ص ١٩٩ ، ب ١٤٠ ، الأحاديث.

__________________

١ ـ مجمع البحرين ، ص ٥١٤.

٤٣٨

٨٧

بشارة المصطفى ، أخبرنا الشيخ أبو محمّد الحسن بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن عن أبيه الحسن ، عن عمّه محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمهم‌الله ، قال : حدّثنا أحمد ابن الحسن القطان ، قال : حدّثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، قال : حدّثني هارون بن إسحاق الهمداني ، قال : حدّثني عبيدة بن سليمان ، قال : حدّثنا كامل بن العلا ، قال : حدّثنا حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير ، عن عبدالله بن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام :

يا علي ، أنتَ صاحبُ حَوضي ، وصاحبُ لوائي ، ومنجزُ عِداتي ، وحبِيبُ قَلبي ، ووارثُ علمي ، وأنتَ مستَودعُ مَواريثِ الأنبياء (١) ، وأنتَ أمينُ اللّهِ في أرضِهِ ، وأنتَ حجَّةُ اللّهِ على رعيّتِه ، وأنتَ ركنُ الإيمانِ ، وأنتَ مصباحُ الدُّجى ، وأنتَ منارُ الهُدى ،

______________________________________________________

(١) أي مستودع ما ورّثه الأنبياء الكرام من كتبهم السماوية المقدّسة ، وآثارهم الشريفة النفيسة ، ومناقبهم الخاصة الفاضلة ، وآيات نبوّتهم مثل عصا موسى ، وحجره الذي إنفجرت منه إثنتى عشرة عيناً ، وطشته الذي كان يقرّب فيه القرابين فتأكله النار ، وخاتم سليمان ، وقميص يوسف ، وتابوت بني إسرائيل الذي فيه السكينة والعلم والحكمة ، ومختّصات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغير ذلك وقد جمعنا ذكرها بمصادرها في شرح الزيارة الجامعة المباركة.

٤٣٩

وأنتَ العَلَمُ المرفوعِ لأهلِ الدنيا ، مَن تَبعِكَ نجا ومن تخلّفَ عنكَ هَلَك ، وأنتَ الطريقُ الواضحُ وأنتَ الصراطُ المستقيم ، وأنتَ قائدُ الغُرّ المحجَّلينَ ، وأنتَ يَعسوبُ المؤمنين (٢) ، وأنتَ مولى مَنْ أنا مولاهُ وأنا مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة ، لا يُحبّكَ إلاّ طاهرُ الولادة ، وما عَرَج بي ربّي إلى السَّماءِ قَطّ وكلّمَني ربّي إلاّ قالَ يا محمّد اقرءْ عليّاً منّي السَلامَ ، وعرّفْهُ أنّه إمامُ أوليائي ، ونورُ أهلِ طاعتي ، فهنيئاً لكَ هذِه الكَرامة (٣).

______________________________________________________

(٢) اليعسوب هو أمير النحل وكبيرهم وسيّدهم ، يضرب به المثل للسيّد الكبير المقدّم المتّبع الذي يلوذ به الناس.

(٣) بشارة المصطفى ، ص ٥٤.

٤٤٠