وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام

السيد علي الحسيني الصدر

وصايا الرّسول لزوج البتول عليهم السلام

المؤلف:

السيد علي الحسيني الصدر


الموضوع : الأخلاق
الناشر: دار الامام الرضا عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-92482-1-8
الصفحات: ٦٥٥

٤٦

الخصال ، حدّثنا علي بن أحمد بن موسى رضي‌الله‌عنه قال : حدّثنا حمزة بن القاسم العلوي العبّاسي ، قال حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي الفزاري ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن زيد الزيّات ، قال حدّثنا محمّد بن زياد الأزدي ، عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما‌السلام ، ... قولُ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا قالَ لأميرِ المؤمنين عليه‌السلام :

يا علي ، أوّلُ النَّظْرةِ لَكَ والثانيةُ عليكَ لا لَك ... (١) (٢).

______________________________________________________

(١) فإنّ النظرة الاُولى إلى الأجنبية وإلى من يحرم النظر إليه تكون بالخطأ فلا تستلزم معصية .. وأمّا النظرة الثانية فتكون عمدية وعصيانية فلذلك ورد هذا التحذير عنها .. ويأتي ما هو قريب منها عن معاني الأخبار.

(٢) الخصال ، ص ٣٠٦ ، باب الخمسة ، ح ٨٤. معاني الأخبار ، ص ١٢٧ ، ح ٧ باختلاف يسير.

٣٨١

٤٧

الخصال ، حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد وعبدالله إبني محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام :

نهاني رسولُ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ولا أقول نهاكم ـ عن التختُّمِ بالذَّهبِ (١) ، وعن ثيابِ القَسيّ (٢) ، وعن مياثرِ الأُرجُوان (٣) ، وعن الملاحفِ المُفْدَمة (٤) ، وعن القراءةِ وأنا راكع (٥).

______________________________________________________

(١) والنهي في هذا عامٌ كما تلاحظه في حديث المناهي (١).

(٢) وهي ثياب من كتان مخلوط بحرير ، سمّيت بالقسي إمّا نسبةً إلى قرية قس ، أو أنّ أصلها قَزى نسبةً إلى قَز فأُبدلت الزاء سيناً والقزّ هو الإبريسم.

(٣) المياثر هي المراكب المصنوعة من الديباج ، والأُرجوان بضمّ الهمزة والجيم هي الملوّنة باللون الأحمر والأرجوان هو الأحمر وبالفارسية أرغوان.

(٤) الملاحف جمع ملحفة بكسر الميم وهو ما يلبس فوق سائر اللباس.

والمفدمة بضمّ الميم وسكون الفاء وفتح الدال هي الثياب المشبعة بلون الحمرة.

(٥) الخصال ، ص ٢٨٩ ، باب الخمسة ، ح ٤٨. ومعاني الأخبار ، ص ٣٠١ ، ح ١.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٨٦ ، ص ٣٢٨.

٣٨٢

٤٨

الخصال ، حدّثنا محمّد بن الحسن رضي‌الله‌عنه قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبدالله بن محمّد الحجّال ، عن نصر العطّار ، عمّن رفعه بإسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام :

ثلاثٌ أُقسمُ أنّهنَّ حقّ ، إنّكَ والأوصياءَ من بعدِكَ عُرفاءُ لا يُعرفُ اللّهُ إلاّ بسبيلِ معرفتِكم ، وعرفاءُ لا يدخل الجنّةَ إلاّ مَن عَرَفكُم وعرفتُموه ، وعُرفاءُ لا يدخل النارَ إلاّ من أَنكَركُم وأنكرتُموه (١) (٢).

______________________________________________________

(١) فأمير المؤمنين والأوصياء من بعده هم رجال الأعراف المشار إليهم في قوله تعالى : ( وعَلى الأعْرافِ رِجالٌ يَعرفُونَ كُلاًّ بسيماهُم ) (١). وقد جاء ذلك تفسيراً وحديثاً في مصادر العامّة أيضاً في أحاديث الحاكم الحسكاني ، والثعلبي ، وصاحب المناقب الفاخرة ، والقندوزي التي تلاحظ نصوصها في غاية المرام (٢) ، وإحقاق الحقّ (٣).

(٢) الخصال ، ص ١٥٠ ، باب الثلاثة ، ح ١٨٣.

__________________

١ ـ سورة الأعراف ، الآية ٤٦.

٢ ـ غاية المرام ، ص ٣٥٣ ، ب ٥٥.

٣ ـ إحقاق الحقّ ، ج ١٣ ، ص ٧٤.

٣٨٣

٤٩

عيون الأخبار ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي ، قال حدّثنا علي بن محمّد بن عيينة قال : حدّثنا دارم بن قبيصة النهشلي ، قال حدّثني علي ابن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، لا يحفظُني فيكَ إلاّ الأتقياءُ الأنقياءُ الأبرارُ الأصفياءُ (١) ، وما هُم في اُمّتي إلاّ كالشَّعرَةِ البيضاءِ في الثّورِ الأسودِ من الليلِ الغابر (٢) (٣).

______________________________________________________

(١) فإنّه يحفظ النبي في وصيّه ، إذ يكرم المرأ في أهل بيته فتلزم المودّة للقربى ، وهذه المودّة ناشئة من التقوى.

(٢) وذلك من حيث القلّة والخفاء.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، ج ٢ ، ص ١٣٢ ، ب ٣٥ ، ح ١٧.

٣٨٤

٥٠

عيون الأخبار ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي ، قال : حدّثنا علي بن محمّد بن عيينة ، قال : حدّثنا الحسين بن محمّد العلوي بالجحفة قال حدّثنا علي بن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال :

خرجَ علينا رسولُ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي يدهِ خاتمٌ فَصّهُ جَزْعٌ (١) يَماني فصلّى بنا ، فلمّا قضى صلاتَه دَفَعه إليّ وقال :

يا علي ، تختّمْ بهِ في يمينِك وصَلّ فيه ، أَوَما علمتَ أنَّ الصلاةَ في الجَزْعِ سبعونَ صلاة ، وأنّه يُسبِّحُ ويَستغفِرُ (٢) وأجرُه لصاحبِه (٣).

______________________________________________________

(١) الجزع بفتح الجيم وسكون الزاء ، خرزٌ يماني فيه بياض وسواد تشبّه به الأعين (١).

وفي الحديث العلوي أنّ التختم بالجزع اليماني يرد كيد مردة الشياطين (٢).

(٢) أي انّ نفس الجزع يسبّح ويستغفر فانّه ما من شيء وفي السماوات والأرض إلاّ ويسبّح بحمده لكن لا نفقه نحن تسبيحهم كما هو صريح القرآن الكريم.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، ج ٢ ، ص ١٣٢ ، ب ٣٥ ، ح ١٨. وجاء في البحار ، ج ٨٣ ، ص ١٨٨.

__________________

١ ـ مجمع البحرين ، ص ٣٧٣.

٢ ـ مكارم الأخلاق ، ج ١ ، ص ٢٣.

٣٨٥

٥١

عيون الأخبار ، بأسناده عن أبيه عن ابن الوليد عن سعد بن عبدالله ، وعبدالله ابن جعفر الحميري ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن الحسن بن الجهم قال سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، من كَرامةِ المؤمنِ على اللّهِ أنّهُ لم يجعلْ لأجَلِهِ وقتاً ، حتّى يَهِمَّ ببائقة (١) فإذا هَمَّ ببائقة قبضهُ إليه (٢) (٣).

______________________________________________________

(١) البائقة هي الداهية والظلم والتعدّي عن الحدّ والهمّ بالبائقة هو قصد إتيانها والعزم عليها مع الإقدام والإقبال على فعلها.

(٢) وهذا يستفاد منه كرامة الله تعالى على المؤمن بطول العمر في الإيمان وانّ العزم على البائقة يقصّر العمر في الإنسان.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، ج ٢ ، ص ٣٦ ، ب ٣١ ، ح ٩٠.

٣٨٦

٥٢

معاني الأخبار ، حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قال حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن إبراهيم بن هاشم ، وأحمد بن محمّد بن عيسى جميعاً ، عن علي ابن الحكم ، عن أبيه ، عن سعد بن طريف الإسكاف ، عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال :

مَن أحبّ أن يخرجَ مِن الدنيا وقد خَلُصَ من الذنوب كما يخلُصُ الذهبُ الذي لا كَدَرَ فيه ، وليس أحدٌ يطالبه بمَظلِمةَ (١) فليقرأ في دَبْر الصلاة الخَمس نسبةَ اللّهِ عزّوجلّ ، قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَد (٢) إثنى عَشر مرّة ، ثمّ يبسطُ يدَيه ويقول :

« اللّهمّ إنّي أسألكَ باسمكَ المكنَونِ المخزونِ الطاهرِ الطُهرِ المباركِ ، وأسألكَ باسمِك العظيمِ ، وسلطانِك القديم ، يا واهبَ العطايا ، يا مُطلقَ الأُسارى ، يا فَكّاكَ الرقابِ من النّار صَلِّ على محمّد وآلِ محمّد ، وفُكَّ رَقَبتي من النارِ ، وأخرِجني من الدنيا آمناً ،

______________________________________________________

(١) المظلمة بفتح الميم وكسر اللام هو ما اُخذ بغير حقّ ، ومثلها الظُلامة والظليمة.

(٢) تسمّى هذه السورة المباركة نسبة الله تعالى ، لأنّها بيّنت انّه جلّ شأنه لم يلد ولم يولد.

٣٨٧

وأدخِلني الجنّةَ سالماً ، واجعَلْ دعائي أوّله فلاحاً ، وأوسطه نجاحاً ، وآخره صلاحاً ، إنّكَ أنتَ علاّمُ الغيوب ».

ثمّ قال عليه‌السلام ، هذا من المَخبّيات (٣) ممّا علّمني رسولُ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأمَرني أن اُعلّمَه الحسنَ والحسين (٤).

______________________________________________________

(٣) من الخبأ بمعنى السرّ والستر أي انّ هذا الدعاء من الأدعية المستورة التي لم تظهر لكلّ أحد لشأنها الرفيع الماثل المستدعى للمحلّ القابل وقد علّمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمير المؤمنين عليه‌السلام وعهد إليه بتعليمه الإمامين الهمامين الحسن والحسين عليهما‌السلام.

(٤) معاني الأخبار للشيخ الثقة الأقدم الصدوق قدس‌سره ، ص ١٣٩ ، باب معنى المخبّيات ، ح ١.

٣٨٨

٥٣

معاني الأخبار ، أبي رحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، قال حدّثنا محمّد بن يونس ، قال حدّثنا حمّاد بن عيسى ، قال حدّثنا جعفر ابن محمّد عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال جابر بن عبدالله ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعلي ابن أبي طالب عليه‌السلام قبل موته بثلاث :

سلامُ اللّهِ عليكَ يا أبا الرَّيحانتَين (١) ، اُوصيكَ بريحانتيَّ مِن الدّنيا ، فعن قليل يَنهدُّ (٢) ركناكَ ، واللّهُ خليفتي عليك.

فلمّا قُبضَ رسولُ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال عليٌ عليه‌السلام ، هذا أحدُ ركنَيَّ الذي قالَ لي رسولُ اللّه.

______________________________________________________

(١) الرّيحان هو النبات طيّب الرائحة ، والريحانة طاقة الريحان ، والريحانتان هما الإمامان السيّدان الحسن والحسين عليهما‌السلام ريحانتا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما ورد في أحاديث العامّة أيضاً مضافاً إلى الخاصّة.

فقد رواه البخاري في صحيحه (١) ، فالحسنان عليهما‌السلام ريحانتا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أي يشمّهما ويقبّلهما وتستريح نفسه إليهما كالرياحين.

(٢) وفي نسخة ينهدم ، وهو من معاني ينهدّ ، ويقال : هدّت المصيبة ركنه يعني

__________________

١ ـ صحيح البخاري ، ج ٥ ، ص ٢٧ ، طبعة المنيرية بمصر.

٣٨٩

فلمّا ماتت فاطمةُ سلاُم اللّه عليها قال عليٌ عليه‌السلام ، هذا الركنُ الثاني الذي قالَ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣).

______________________________________________________

أوهنته.

(٣) معاني الأخبار ، ص ٤٠٣ ، باب نوادر المعاني ، ح ٦٩. وجاء في بحار الأنوار ، ج ٤٣ ، ص ١٧٣ ، ب ٧ ، ح ١٤.

٣٩٠

٥٤

معاني الأخبار ، حدّثنا أحمد بن عيسى المكتّب ، قال حدّثنا أحمد بن محمّد الورّاق ، قال حدّثني بشر بن سعيد بن قيلويه المعدل بالمرافقة ، قال حدّثنا عبدالجبّار بن كثير التميمي اليماني ، قال سمعت محمّد بن حرب الهلالي أمير المدينة [ عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال : ] قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام :

يا علي ، إنَّ اللّهَ تباركَ وتعالى حَمَّلني ذنوبَ شيعتِك ثمَّ غفرها لي (١) ، وذلك قولُه عزّوجلّ في القرآنِ الحكيم : ( ليَغفِر لَكَ اللّهُ ما تَقدّمَ من ذنبِكَ وما تَأخَّر ) (٢) (٣).

______________________________________________________

(١) وهذا تفضّل على الشيعة ، وكرامة لعلي عليه‌السلام ، ورأفة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهي من النعم الإلهية والسماحة الربّانية التي لا يمكن أداء شكرها وتلاحظ أحاديث تفسيره بذلك في الكنز (١).

(٢) سورة الفتح ، الآية ٢.

(٣) معاني الأخبار ، ص ٣٥٢ ، باب معنى حمل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي عليه‌السلام ، ضمن الحديث رقم ١.

__________________

١ ـ كنز الدقائق ، ج ١٢ ، ص ٢٦٧.

٣٩١

٥٥

معاني الأخبار ، حدّثنا علي بن أحمد بن موسى رضي‌الله‌عنه قال : حدّثنا أحمد بن يحيى ابن زكريا القطّان ، قال حدّثنا محمّد بن العبّاس بن بسام ، قال حدّثني محمّد بن أبي السري ، قال حدّثنا أحمد بن عبدالله بن يونس ، عن سعد بن طريف الكناني ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : قال لي رسولُ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، أتدري ما معنى ليلةِ القَدر؟

فقلت ، لا يا رسولَ اللّه.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إنّ اللّهَ تباركَ وتعالى قَدّر فيها ما هو كائنٌ إلى يومِ القيامةِ ، فكانَ فيما قدّرَ عزّوجلّ ولايتَك وولايةَ الأئمّةَ من وُلدِكَ إلى يومِ القيامة (١) (٢).

______________________________________________________

(١) ويؤيّده أحاديث اُصول الكافي (١) باب شأن إنّا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها المشتمل على أحاديث تسعة ، ومنها الحديث الثالث من الباب عن الإمام الباقر عليه‌السلام قال :

قال الله عزّوجلّ في ليلة القدر : ( فيها يُفْرَقُ كُلُّ أمْر حَكيم ) ... إنّه لتنزل في

__________________

١ ـ اُصول الكافي ، ج ١ ، ص ٢٤٢ ، الأحاديث.

٣٩٢

..................................................................................

______________________________________________________

ليلة القدر إلى وليّ الأمر تفسير الاُمور سنةً سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا ... وممّا قُدّر في هذه الليلة نعمة ولايتهم عليهم‌السلام التي اُخذ عليها العهد.

(٢) معاني الأخبار ، ص ٣١٥ ، باب معنى ليلة القدر ، ح ١.

٣٩٣

٥٦

معاني الأخبار ، حدّثنا أبو عبدالله الحسين بن أحمد بن محمّد بن أحمد الأشناني الدارمي ( الفقيه العدل ببلخ ، قال : أخبرني جدّي ، قال : حدّثنا محمّد بن عمّار ، قال : حدّثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدّثنا حمّاد بن سلمة ، عن محمّد بن إسحاق ، عن محمّد بن إبراهيم التميمي ، عن سلمة ، عن أبي الطفيل ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنّ رسُولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

يا علي ، إنَّ لَكَ كنْزاً في الجَنّة (١) ،

______________________________________________________

(١) أفاد الشيخ الصدوق في معنى الحديث بعد ذكره أنّ الكنز هو مفتاح نعيم الجنّة ، وسمعت بعض المشايخ يذكر أنّ هذا الكنز هو ولده المحسن عليه‌السلام وهو السقط الذي ألقته فاطمة عليها‌السلام لمّا ضغطت بين البابين من قبل الظالمين.

واعلم إنّ إسقاط سيّدنا المحسن عليه‌السلام أمر ثابت بأحاديث الفريقين المعتبرة فقد ورد من الخاصّة في أصل سليم بن قيس الهلالي (١) ، بل قال شيخ الطائفة الطوسي (٢) ، « ورواية الشيعة مستفيضة به لا يختلفون في ذلك ».

وورد من العامّة في إثبات الوصيّة للمسعودي (٣) ،

__________________

١ ـ كتاب سليم بن قيس الهلالي ، ج ٢ ، ص ٥٨٨.

٢ ـ التلخيص ، ج ٣ ، ص ١٥٦.

٣ ـ إثبات الوصيّة ، ص ١٢٣.

٣٩٤

وأنتَ ذُو قرنَيها (٢) ولا تُتبعَ النَّظرةَ بالنّظرةِ في الصَّلاةِ ، فانَّ لكَ الاُولى وليست لكَ الآخرة [ الأخيرة ] (٣).

______________________________________________________

والملل والنحل (١) ، والوافي بالوفيات (٢) ، ولسان الميزان (٣) ، فهو أوّلُ شهيد من العترة الطاهرة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فيكون أوّل من يُحكم له وينتقم من قاتليه يوم القيامة كما تلاحظه من حديث الإمام الصادق عليه‌السلام (٤).

(٢) أي قرني الجنّة اللّذين يُزيّن بهما الجنّة وهما الحسن والحسين عليهما‌السلام ، أو صاحب قرني الدنيا أي أنت الحجّة على شرق الأرض وغربها ، أو أنت ذو قرنين هذه الاُمّة تضرب على رأسك ضربتين يوم الخندق وليلة التاسع عشر من شهر رمضان ، أو ذو قرنين الجنّة كذي القرنين الذي مُلّك مشارق الأرض ومغاربها ، وجميع هذه المعاني محتملة في هذه الفقرة من الحديث والله العالم.

(٣) معاني الأخبار ، ص ٢٠٥ ، باب معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ح ١.

__________________

١ ـ الملل والنحل ، ص ٨٣.

٢ ـ الوافي بالوفيات ، ج ٥ ، ص ٣٤٧.

٣ ـ لسان الميزان ، ج ١ ، ص ٢٦١.

٤ ـ بحار الأنوار ، ج ٢٨ ، ص ٦٤ ، ب ٢ ، ح ٢٤.

٣٩٥

٥٧

معاني الأخبار ، حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن تاتانه ، قال حدّثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن زياد النهدي ، عن عبدالله بن صالح ، عن زيد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، من أحبَّني وأحبَّكَ وأحبَّ الأئمّةَ من وُلدِكَ فليَحمدِ اللّهَ على طِيبِ مولِدِهِ ، فإنَّه لا يحبُّنا إلاّ مَنْ طابَتْ ولادتُه ، ولا يبغضُنا إلاّ مَن خَبُثَتْ ولادتُه (١) (٢).

______________________________________________________

(١) وقد روى هذا في كتب العامّة أيضاً كما في حديث القندوزي عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الينابيع (١) ، بل تظافر نقله منهم كابن الأثير في النهاية ، والصديقي في المجمع ، والعبدي في الغريبين ، والعلوي في مودّة القربى وغيرهم (٢).

كما تواتر الحديث به من طرق الخاصّة فيما تلاحظه في ثلاثين حديثاً في البحار (٣).

(٢) معاني الأخبار ، ص ١٦١ ، باب معنى أوّل النعم ، ح ٣. وعلل الشرائع ، ص ١٤١ ، ب ١٢٠ ، ح ٣.

__________________

١ ـ ينابيع المودّة ، ص ١٣٣.

٢ ـ إحقاق الحقّ ، ج ٩ ، ص ٤١٥ ، في الهامش. وج ١٨ ، ص ٥٣٢.

٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٢٧ ، ص ١٤٥ ، ب ٥ ، الأحاديث.

٣٩٦

٥٨

الأمالي للشيخ المفيد قال : أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلّبي ، قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن الحسين البغدادي. قال حدّثنا الحسين بن عمر المقري ، عن علي ابن الأزهر ، عن علي بن صالح المكّي ، عن محمّد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه عليه‌السلام قال :

لمّا نزلَت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إِذا جاءَ نصرُ اللّهِ والفَتْح ) قال لي ، يا علي ، إنّه قد جاء نصرُ اللّهِ والفتحِ ، فإذا رأيتَ النّاسَ يدخُلونَ في دينِ اللّهِ أفواجاً فسبِّحْ بحمدِ ربِّك واستغفرهُ إنّهُ كانَ توّاباً.

يا علي ، إنَّ اللّهَ قد كتَبَ على المؤمنينَ الجهادَ في الفتنَةِ من بعدي كما كتبَ عليهم جهادُ المشركينَ معي (١) ، فقلتُ ، يا رسولَ اللّهِ وما الفتنَةُ التي كتب علينا فيها الجهاد؟ قال فتنةُ قوم يشهدونَ أنْ لا إلهَ إلاّ اللّهُ وأنّي رسولُ اللّهِ [ وهم ] مخالفونَ لسنّتي وطاعنونَ في دينِي (٢). فقلتُ ، فعَلامَ نقاتُلهم يا رسولَ اللّهِ وهُم يشهدُونَ أنْ لا إلَه إلاّ اللّهُ

______________________________________________________

(١) فيجب عليهم الجهاد مع أهل الفتنة ، كما كان يجب عليهم الجهاد مع أهل الشرك.

(٢) إشارة إلى فتنة الناكثين والقاسطين والمارقين ، في حرب الجمل وصفّين

٣٩٧

وأنّكَ رسولُ اللّهِ؟ فقال : على إحداثِهم في دينِهم ، وفراقِهم لأمري ، واستحلالِهم دماءَ عترتي (٣).

قال : فقلتُ ، يا رسولَ اللّهِ! إنّكَ كنتَ وعدتَني الشّهادةَ ، فسَلِ اللّهَ تعالى أن يعجِّلَها [ لي ] فقالَ : أجَلْ ، قد كنتُ وعدتُك الشهادةَ ، فكيفِ صبرُك إذا خُضبَتْ هذهِ من هذا ـ وأومأ إلى رأسي ولحيتي ـ؟ فقلتُ ، يا رسولَ اللّهِ أمّا إذا بَيّنتَ لي ما بيّنتَ فليسَ بموطنِ صبر ، [ و ] لكنّه موطنُ بُشْرى وشُكر (٤) فقالَ : أَجَلْ ، فأَعدّ للخصومَةِ (٥) ،

______________________________________________________

والنهروان.

(٣) فتكون المقاتلة معهم لأجل إبداعهم وإرتدادهم وبغيهم ، فانّهم خارجون على الإمام المعصوم عليه‌السلام والخروج عليه بغي بشهادة قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عمّار ، تقتله الفئة الباغية (١).

وقتال أهل البغي واجب بالأدلّة العلمية كما تلاحظها في الجواهر (٢).

ودليل كفرهم متظافر كما تلاحظه في البحار (٣).

(٤) فإنّ مقاتلته عليه‌السلام مع الأعداء جهاد في سبيل الله ، وشهادته كرامة من الله ، وقد تقدّمت هذه الفقرة في وصيّة خطبة نهج البلاغة أيضاً.

(٥) أي إستعدّ وأعدّ الحجّة للخصومة مع هؤلاء الذين سيحدثون في الدين ، ويفارقون أمر النبي الأمين ، ويستحلّون دماء العترة الطاهرة.

__________________

١ ـ هذا الحديث الشريف مروي عند الفريقين فلاحظ البحار ، ج ٢٢ ، ص ٣٣٤ ، ب ١٠ ، ح ٤٨. والمناقب للخوارزمي ، ص ١٩١.

٢ ـ جواهر الكلام ، ج ٢١ ، ص ٣٢٤.

٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٣٢ ، ص ٣١٩ ، ب ٨ ، الأحاديث.

٣٩٨

فإنّكَ مُخاصِمُ أُمّتي. قلتُ ، يا رسولَ اللّهِ أرشِدْني الفُلْجَ (٦)! قال : إذا رأيتَ قوماً قد عَدلوا عنِ الهُدى إلى الضَّلالِ فخاصِمْهُم ، فإنَّ الهُدى من اللّهِ ، والضلالِ من الشيطان.

يا علي ، إنَّ الهُدى هو اتّباعُ أمرِ اللّهِ دُونَ الهَوى والرأي ؛ وكأنَّكَ بقوم قد تأوّلُوا القرآن ، وأخذُوا بالشبهَاتِ ، واستحلُّوا الخمرَ بالنّبيذِ ، والبَخْسَ بالزكاةِ (٧) ، والسُّحْتَ بالهَديَّة (٨). قلتُ ، يا رسولَ اللّهِ فما هُم إذا فعلُوا ذلك ، أَهُم أهلُ ردّة أم أهلُ فِتنة؟ قال هُم أهلُ فتنة ، يعمهُون فيها (٩) إلى أنْ يُدرِكَهُم العدلُ ، فقلتُ ، يا رسولَ اللّهِ العدلُ منّا أم من غيرنا؟ فقال : بل مِنّا ، بنا يفتحُ اللّهُ وبنا يختِم (١٠) وبنا ألَّفَ اللّهُ بينَ القلوبِ بعدَ الشِّركِ وبنَا يؤلُّف اللّهُ بينَ القلوبِ بعدَ الفتنةِ ، فقلتُ ، الحمدُ للّهِ على ما وَهَبَ لنا من فضلِه (١١).

______________________________________________________

(٦) أي أرشدني إلى الظفر والغلبة وظهور الحجّة ، من قولك فلج القوم أي غلبهم ، والإسم ، الفُلج بضمّ الفاء وسكون اللام.

(٧) لعلّه بمعنى إستحلال البخس في الميزان والتنقيص فيه بدعوى تداركه وجبرانه بإعطاء الزكاة والصدقة.

(٨) أي يستحلّون الرشوة المحرّمة أشدّ الحرمة ويأخذونها باسم الهديّة.

(٩) أي يتردّدون ويتحيرون في الفتنة.

(١٠) إشارة إلى قيام دولة عدل الإمام المهدي أرواحنا فداه ، فبه يملأ الله تعالى الأرض قسطاً وعدلا ، بعد ما مُلئت ظلماً وجوراً ، وبه ترتفع الفتنة ويكون الدين كلّه لله عزّ شأنه.

(١١) الأمالي ، ص ٢٨٨ ، المجلس الرابع والثلاثون ، ح ٧. وجاء في أمالي الشيخ الطوسي قدس‌سره ، ص ٦٥ ، المجلس الثالث ، ح ٥ ، مسلسل ٩٦.

٣٩٩

٥٩

الأمالي للشيخ المفيد ، قال أخبرني أبو الحسن علي بن محمّد الكاتب ، قال : أخبرنا الحسن بن علي الزعفراني ، قال : أخبرنا إبراهيم بن محمّد الثقفي ، قال : حدّثني عثمان بن أبي شيبة ، عن عمرو بن ميمون ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم‌السلام قال : قال أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام على منبرِ الكوفة :

أيّها الناسُ إنّه كانَ لي مِن رسولِ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشرُ خِصال هُنَّ أحبُّ إليَّ ممّا طَلَعَت عليه الشمسُّ ، قال لي رسولُ اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا علي ، أنتَ أخي في الدُّنيا والآخرةِ ، وأنتَ أقربُ الخلائقِ إليَّ يومَ القيامةِ في الموقفِ بينَ يَدي الجبّار ، ومنزلُكَ في الجنّةِ مُواجهٌ منزلي كما يتواجَهُ منازلُ الإخوانِ في اللّهِ عزّوجلّ ، وأنتَ الوارثُ منّي ، وأنتَ الوصيُّ من بَعدي في عِداتي وأمري ، وأنتَ الحافظُ لي في أهلي عندَ غَيبتي ، وأنتَ الإمامُ لاُمّتي ، والقائمُ بالقسطِ في رعيّتي ، وأنتَ وَليّي ووليّي وليُّ اللّه ، وعدوُّك عدوّي وعدوّي عدوُّ اللّه (١) (٢).

______________________________________________________

(١) وهذه المضامين الشريفة واردة من طرق الفريقين ، وأحاديثهما الكثيرة كما تلاحظها في كتاب الإمامة من البحار ، وفي مجلّدات الإحقاق ، وفي غاية المرام.

(٢) الأمالي ، ص ١٧٤ ، المجلس الثاني والعشرون ، ح ٤. وورد في أمالي الشيخ الطوسي ، ص ١٩٣ ، المجلس السابع ، ح ٣١ ، المسلسل ٣٢٩.

٤٠٠