زبدة الأصول - ج ٦

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني

زبدة الأصول - ج ٦

المؤلف:

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: أنوار الهدى
المطبعة: وفا
الطبعة: ٣
ISBN: 964-8812-40-3
ISBN الدورة:
964-8812-39-X

الصفحات: ٤٤١

ومنها : خبر محمد بن عبد الله (ع) قلت للرضا كيف نصنع بالخبرين المختلفين فقال (ع) إذا ورد عليكم خبران مختلفان فانظروا إلى ما يخالف منهما العامة فخذوه ، وانظروا إلى ما يوافق اخبارهم فدعوه (١).

ومنها : خبر سماعة عن الإمام الصادق (ع) في حديث خذ بما فيه خلاف العامة (٢).

ومنها : خبر عبيد بن زرارة عنه (ع) ما سمعته منى يشبه قول الناس فيه التقية وما سمعت منى لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه (٣).

وهذه باجمعها متفقة على الترجيح بمخالفة العامة بالسنة مختلفة ـ من مخالفة العامة ـ وما لا يشبه قول الناس ـ ومخالفة القوم ـ والمراد واحد.

والنسبة بينها وبين الطائفة الأولى عموم مطلق فان هذه تدل على الترجيح بمخالفة العامة وان كان الآخر موافقا للكتاب والطائفة الأولى تدل على انه في خصوص ذلك المورد لا تكون المخالفة مع العامة مرجحة فيقيد اطلاقها بها.

الثالثة : ما اقتصر فيه على الترجيح بموافقة الكتاب ، كخبر سدير قال أبو جعفر وابو عبد الله عليهما‌السلام لا تصدق علينا إلا ما وافق كتاب الله وسنة نبيه (ص) (٤).

__________________

(١) الوسائل ج ٢٧ ص ١١٩ باب ٩ من أبواب صفات القاضى ح ٣٣٣٦٧.

(٢) الوسائل ج ٢٧ ص ١٢٢ باب ٩ من أبواب صفات القاضى ح ٣٣٣٧٥.

(٣) الوسائل ج ٢٧ ص ١٢٣ باب ٩ من أبواب صفات القاضى ح ٣٣٣٧٩.

(٤) الوسائل ج ٢٧ ص ١٢٣ باب ٩ من أبواب صفات القاضى ح ٣٣٣٨٠.

٣٢١

ومنها : خبر ابن الجهم عن العبد الصالح (ع) إذا جاءك الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب الله واحاديثنا فان اشبههما فهو حق وان لم يشبههما فهو باطل (١).

وهما متضمنان للترجيح بموافقة الكتاب وساكتان عن الترجيح بمخالفة العامة ، والجمع بينهما وبين ما تقدم ظاهر مما ذكرناه.

واما الشهرة : فقد جعلت مرجحة ، في المقبولة المتقدمة وفي مرفوع زرارة عن الإمام الباقر (ع) في الخبرين المتعارضين ، خذ بما اشتهر بين اصحابك ودع الشاذ النادر قلت يا سيدى انهما مشهوران ماثوران عنكم فقال خذ بما يقول اعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك فقلت انهما معا عدلان مرضيان موثقا ، فقال انظر ما وافق منهما العامة فاتركه وخذ بما خالفهم فان الحق في خلافهم ، قلت ربما كانا موافقين لهم أو مخالفين فكيف اصنع قال (ع) إذا فخذ بما فيه الحائط لدينك واترك ما خالف الاحتياط الحديث (٢).

وفي مرسل الاحتجاج قال وروى عنهم (ع) انهم قالوا إذا اختلف احاديثنا عليكم فخذوا به بما اجتمعت عليه شيعتنا فانه لا ريب فيه (٣).

ولكن المرفوعة ضعيفة السند جدا ، لضعف صاحب الكتاب ، ولرفعها ،

__________________

(١) الوسائل ج ٢٧ ص ١٢٣ باب ٩ من أبواب صفات القاضى ح ٣٣٣٨١.

(٢) مستدرك الوسائل ج ١٧ ص ٣٠٣ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٢١٤١٣.

(٣) الاحتجاج ج ٢ ص ٣٥٨ (احتجاج ابي عبد الله الصادق (ع) في انواع شتى من العلوم الدينية ..) / الوسائل ج ٢٧ ص ١٢٢ باب ٩ من أبواب صفات القاضى ح ٣٣٣٧٦.

٣٢٢

وقيل انه ليس منها عين ولا اثر في كلمات الأصحاب قبل الشيخ الاحسائي وقد ناقش فيها وفي الكتاب المتضمن لها من ليس دأبه الخدشة في سند الروايات كصاحب الحدائق (ره) (١).

والمرسل ضعيف للارسال ، مضافا إلى ان الظاهر كونه اشارة إلى المقبولة ، فالعمدة في الترجيح بها هي المقبولة.

وهي تدل على انها أول المرجحات لاحدى الروايتين : لأنه بعد ما فرض الراوى تساوى الحكمين في الصفات ، قال (ع) (ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند اصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند اصحابك) فانتقل الإمام من ملاحظة الحاكمين إلى ملاحظة الروايتين اللتين هما مدركا الحكمين وتمام الكلام فيها بالبحث في جهات :

الأولى : هل المراد بالشهرة فيها الشهرة الروائية ، أو الفتوائية ، أو العملية ، والظاهر هو الأولى ، فان الشهرة لوحظت بالنسبة إلى الرواية وظاهر ذلك اضافتها إليها بما هي حكاية عن حديث المعصوم لا بما هي رأى نقل عن المعصوم (ع).

ودعوى ان قوله (ع) فان المجمع عليه لا ريب فيه قرينة على ان المراد

__________________

(١) الحدائق الناضرة ج ١ ص ٩٩ حيث وصف كتاب العوالي وصاحبه بقوله : «وما عليه الكتاب المذكور من نسبة صاحبه إلى التساهل في نقل الاخبار والاهمال وخلط غثها بسمينها وصحيحها بسقيمها كما لا يخفى».

٣٢٣

الشهرة الفتوائية فان الذي لا ريب فيه هو الذي عليه الشهرة الفتوائية ، بحيث كان مقابله الشاذ النادر ، واما نفس الشهرة في الرواية مجردة عن الفتوى ، فهي مورثة للريب ، بل للاطمينان أو اليقين بخلل فيها.

مندفعة : بان الرواية المشهورة من حيث الرواية إذا كانت وحدها وكان فتوى الأصحاب على خلافها يطمئن الإنسان بخلل فيها اما إذا كانت معارضة مع رواية صحيحة سندا وغير مشهورة ، وكان كل منهما مستند جمع من الفقهاء لم يوجب ذلك الريب فيها فضلا عن الاطمينان واليقين بخلل فيها.

الجهة الثانية : قد يقال ان الشهرة الروائية مساوقة مع الاستفاضة والقطع بالصدور ، فهي من مميزات الحجة عن اللاحجة لا من مرجحات احدى الحجتين.

ولكنه يندفع بان الشهرة عبارة عن الظهور والوضوح وهي ذات مراتب مشككة ، أول مرتبة منها جعلت مرجحة ، لا المرتبة الأخيرة المورثة للقطع بالصدور والشاهد بذلك ، فرض الخبرين مشهورين في المقبولة ، وتقديم حكم الحاكم الواجد للصفات على الآخر وان كان مستنده مشهورا بين الأصحاب ، وغير ذلك من القرائن فإذاً لا اشكال في ان الشهرة من المرجحات.

الجهة الثالثة : في النسبة بين المقبولة وسائر الروايات فالظاهر كما مر من انه إذا تكفل خبر لمرجحين والآخر لمرجح واحد منهما يكون الجمع بينهما بتقييد إطلاق الثاني بالاول ، والبناء على ثبوت المرجحين ، فالجمع بين النصوص يقتضي البناء على الترجيح أولا ، بالشهرة ، ثم بموافقة الكتاب ، ثم بمخالفة العامة.

٣٢٤

واما صفات الراوي ، فقد تضمنت المقبولة أي مقبولة ابن حنظلة المتقدمة ، ومرفوعة زرارة المتقدمة أيضاً للترجيح بها.

ولكن المرفوعة قد عرفت انها ضعيفة سندا ، ولا مثبت لاستناد الأصحاب إليها في الالتزام بهذا المرجح بعد ما تقدم من انه لم ينقلها احد قبل الشيخ الاحسائي حتى مثل العلامة (ره).

واما المقبولة فهي وان اعتبر سندها كما مر ، إلا ان الترجيح بها فيها إنما هو لتقديم حكم احد الحاكمين على الآخر لا الترجيح بها لتقديم احدى الروايتين ، لأنه في صدر المقبولة بعد فرض السائل اختلاف الحكمين قال (ع) الحكم ما حكم به اعدلهما الخ وهذا صريح في ان ذلك بصدد بيان المرجح لتقديم حكم احد الحاكمين ويشهد به أيضاً قوله بعد ذلك فقلت فانهما عدلان مرضيان فقال (ع) ينظر إلى ما كان من روايتهم فانه صريح في كونه بعد الترجيح بالصفات بصدد بيان ما هو المرجح لاحدى الروايتين على الاخرى ، ولذلك قلنا انها دالة على ان أول المرجحات الشهرة فيكون مفاد المقبولة بالنسبة إلى الترجيح بالصفات مفاد خبر موسى بن اكيل (١) ، وخبر داود بن

__________________

(١) وسائل الشيعة ج ٢٧ ص ١٢٣ ح ٣٣٣٧٨ قوله : «مُوسَى بْنِ أُكَيْلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) قَالَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخٍ مُنَازَعَةٌ فِي حَقٍّ فَيَتَّفِقَانِ عَلَى رَجُلَيْنِ يَكُونَانِ بَيْنَهُمَا فَحَكَمَا فَاخْتَلَفَا فِيمَا حَكَمَا قَالَ وَكَيْفَ يَخْتَلِفَانِ قُلْتُ حَكَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلَّذِي اخْتَارَهُ الْخَصْمَانِ فَقَالَ يُنْظَرُ إِلَى أَعْدَلِهِمَا وَأَفْقَهِهِمَا فِي دِينِ اللهِ فَيَمْضِي حُكْمُه».

٣٢٥

الحصين (١) المتضمنين لترجيح حكم احد القاضيين بها الذين لم يحتمل احد دلالتهما على الترجيح بها لتقديم احدى الروايتين على الاخرى.

وقد نسب إلى المحقق النائيني (ره) (٢) انه وان جعلت الصفات فيها مرجحة للاخذ بحكم احد الحاكمين ، إلا انه يمكن ان يستفاد منها من باب تنقيح المناط كونها مرجحة لاحدى الروايتين على الاخرى لأنه لما كان منشأ اختلاف الحكمين هو اختلاف الروايتين ، فيستفاد من ذلك ان المناط في ترجيح احد الحكمين على الآخر بالصفات ، لكون مثل هذه الصفات مرجحة لمنشإ الحكم ، وهو الرواية.

ويرد عليه انه مع عدم إحراز المناط كيف يحكم بالتعدي ، مع ان الافقهية التي جعلت مرجحة ، لا دخل لها في نقل الحديث أصلاً ، وإنما تناسب ترجيح الحاكم من حيث هو ، ومن الغريب انه (قدِّس سره) بعد اسطر يصرح بان أول المرجحات الشهرة لا الصفات لانها جعلت في المقبولة أول المرجحات.

فالمتحصّل انحصار المرجح بالشهرة ـ وموافقة الكتاب ـ ومخالفة العامة ، مرتبة.

__________________

(١) وسائل الشيعة ج ٢٧ ص ١١٣ ح ٣٣٣٥٣ قوله : «عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (ع) فِي رَجُلَيْنِ اتَّفَقَا عَلَى عَدْلَيْنِ جَعَلَاهُمَا بَيْنَهُمَا فِي حُكْمٍ وَقَعَ بَيْنَهُمَا فِيهِ خِلَافٌ فَرَضِيَا بِالْعَدْلَيْنِ فَاخْتَلَفَ الْعَدْلَانِ بَيْنَهُمَا عَنْ قَوْلِ أَيِّهِمَا يَمْضِي الْحُكْمُ قَالَ يُنْظَرُ إِلَى أَفْقَهِهِمَا وَأَعْلَمِهِمَا بِأَحَادِيثِنَا وَأَوْرَعِهِمَا فَيُنْفَذُ حُكْمُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى الْآخَرِ.

(٢) فوائد الأصول للنائيني ج ٤ ص ٧٨٤.

٣٢٦

فان قيل : انه في المقبولة بعد فرض السائل موافقتهما معا للعامة قال (ع) ينظر إلى ما هم إليه اميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر ، فهذا مرجح آخر لم يتعرض له الأصحاب.

قلنا : الظاهر انه توسعة في المخالفة المجعولة مرجحة كما هو واضح.

ايرادات نصوص الترجيح ونقدها

ثم ان توضيح ما اخترناه وبيناه ، إنما يكون بذكر ما أورد على اخبار الترجيح من الايرادات ، والجواب عنها ، وهي ثمانية.

الأول : ما يختص بمرجحية مخالفة العامة ، وحاصله ان اكثر رواياتها مروية عن رسالة القطب ، وقال الفاضل النراقي (١) " انها غير ثابتة من القطب ثبوتا شائعا فلا حجية فيما ينقل عنها" ، فيبقى من رواياتها المقبولة ، وخبر سماعة ، والثاني ضعيف بالارسال ، فينحصر المدرك في المقبولة ، وحكى عن المحقق (٢) في رد الترجيح بها انه لا يثبت مسألة علمية برواية رويت عن الصادق (ع).

__________________

(١) كما حكاه عنه المحقق الاصفهاني في نهاية الدراية ج ٣ ص ٣٧٣.

(٢) قال المحقق الحلي في كتابه معارج الأصول ص ١٥٦ : «قال الشيخ ره : إذا تساوت الروايتان في العدالة والعدد عمل بأبعدهما من قول العامة ، والظاهر أن احتجاجه في ذلك برواية رويت عن الصادق (ع) وهو إثبات لمسألة علمية بخبر واحد ، وما يخفى عليك ما فيه.

٣٢٧

وفيه : أولا ما تقدم من حجية رواية تلك الرسالة ، وان الوجوه المذكورة لعدم حجيتها فاسدة.

وثانيا ان الخبر إذا كان حجة خصوصا مع عمل الأصحاب به وتلقيهم اياه بالقبول يثبت به مسألة أصولية ، كما يثبت به حكم فرعي خاص ، وإنما لا يعتمد على مثله في العقائد المطلوب فيها العلم.

الثاني : ما أفاده المحقق العراقي (ره) في المقالات (١) ، وهو ان المرفوعة ضعيفة السند والمقبولة مخالفة للاجماع ، إذ ظاهرها ، انه عند تساوى الحكمين في الصفات يرجعان إلى المستند ويجتهدان في استفادة الحكم من المستند ، وهو خلاف الإجماع المدعى في المستند ، على انه عند تساويهما يكون الاختيار بيد المدعى.

واجيب عنه بان المقبولة محمولة على قاضى التحكيم.

ويرده : ان قاضي التحكيم عبارة عن القاضي الواجد لجميع الشرائط حتى الاجتهاد غير انه لا يكون منصوبا ، ولذلك قال الشهيد الثاني في المسالك (٢) انه مختص بزمان الحضور ولا معنى له في زمان الغيبة فانه ان لم يكن مجتهدا لا يكون قاضيا ولو للتحكيم ، وان كان مجتهدا فهو منصوب وحيث ان صدر المقبولة في

__________________

(١) مقالات الأصول ج ٢ ص ٤٧٣ ـ ٤٧٤ (حكم التعارض بالنظر إلى الاخبار العلاجية) بتصرف.

(٢) راجع مسالك الافهام ج ٥ ص ٢٥٦ عند قوله : «ومنها : تولية الامام غيره في القضاء ... وانما قيدنا تولية القضاء بالامام او نائبه ...».

٣٢٨

مقام نصب المجتهد قاضيا وحاكما فلا يمكن حمل ذيلها على قاضي التحكيم.

والحق ان يجاب عنه بان كون الاختيار بيد المدعى إنما يكون مدركه الإجماع ، والمتيقن منه الشبهة الموضوعية ، واما في مورد الشبهة الحكمية كما في مورد المقبولة فلا دليل عليه.

مع ، ان المقبولة قابلة للحمل على صورة التداعي ، اضف إلى ذلك ، ان المفروض في المقبولة كون تعيين الحاكمين مع رضايتهما معا ، لا بأن يختار كل منهما غير ما يختاره الآخر فلاحظها.

ويمكن ان يقال انه لما كان منشأ النزاع في موردها الشبهة في حكم المسألة كما لا يخفى ، وهي لا ترتفع بالحكومة ، امرهما (ع) بالنظر في أدلة الواقعة ، واستفادة حكمها منها كي يرتفع النزاع.

الثالث : ما أفاده المحقق اليزدي (ره) (١) وهو ان الترجيحات المذكورة في المقبولة والمرفوعة غير موافقة الكتاب ، ومخالفة العامة ، كالشهرة ، وصفات الراوى ، فيمكن ان يقال بعدم دلالتهما على الترجيح بما ذكر في صورة التعارض : إذ صفات الراوى المذكورة في المقبولة ، فهي في مقام تقديم حكم احد الحكمين في مقام رفع الخصومة.

واما في المرفوعة ، فان الظاهر بقرينة سؤال السائل بعد ذلك هما عدلان مرضيان ، انه ليس المراد من الاعدل من كان هذا الوصف فيه اكثر واشد بعد

__________________

(١) درر الفوائد للحائري اليزدي ج ٢ ص ٢٩١ عند قوله : «فتلخص من جميع ما ذكرنا أن الترجيح بموافقة الكتاب لازم ثم بمخالفة القوم ، واما الترجيحات الأخر المذكورة .. الخ».

٣٢٩

اشتراكهما في اصل الصفة ، بل المراد منها من كان عادلا ، فهو من قبيل أولو الارحام ، وحاصله يرجع إلى وجوب الاخذ بخبر العادل لكونه حجة وطرح الآخر لكونه غير حجة.

واما الشهرة فالظاهر بقرينة التعليل في المقبولة ، بان المجمع عليه لا ريب فيه : ان الترجيح بها ليس من الترجيحات الظنية التي تعبدنا الشارع بها ، بل تقديم المشهور ، إنما يكون من جهة انه مقطوع به وان غيره مقطوع الخلاف.

ويتوجه عليه : ما أفاده في الترجيح بالصفات بالنسبة إلى المقبولة ، تام كما بيناه.

واما بالنسبة إلى المرفوعة ، فغير تام : إذ استعمال هذه الجملة وإرادة تساويهما من حيث العدالة شائع ، ولذا ترى في المقبولة انه قال انهما عدلان مرضيان لا يفضل أحدهما على صاحبه ، فهي لا تصلح ان تكون قرينة لصرف ظهور الاعدل والأوثق وإرادة الوثاقة والعدالة منهما.

واما الشهرة فليس المراد منها في المقبولة المشتهر بين الشيعة رواية وفتوى وعملا ، الذي يطمئن ، بل يقطع بكون مضمونه هو الحكم الواقعي ، وإلا لم يصح ، قوله فان كان الخبران عنكم مشهورين ، ولا الرجوع إلى صفات الحاكم قبل ملاحظة الشهرة ، ولا الحكم بالرجوع مع شهرتهما إلى المرجحات الأخر.

بل المراد منها لهذه القرائن ، ولظهور الخبر في نفسه ، ولما ستعرف ، هي الشهرة رواية وهي لو اوجبت شيئا ، فهي الاطمئنان بالصدور ، لا الاطمئنان من جميع الجهات كي يكون الخبر مما لا ريب فيه بقول مطلق من جميع الجهات ، بل هو حينئذ لا ريب فيه بقول مطلق من جهة ، وهذا لا يلازم الاطمئنان ، ولا الظن

٣٣٠

بعدم صدور المعارض ، ولذا ترى فرض الشهرة في المتعارضين ، فتكون من المرجحات الظنية.

وبذلك ظهر ان مراد الشيخ الأعظم (ره) (١) من ان المراد من نفى الريب فيه عدم الريب فيه بالاضافة إلى الآخر ، عدم الريب فيه بقول مطلق من جهة الصدور خاصة لا من جميع الجهات ، فلا يرد عليه الركاكة.

الرابع : ان النصوص المتضمنة للترجيح جملة منها ضعيفة السند ، وجملة منها وان كانت معتبرة إلا ان الظاهر اختصاصها بزمان الحضور والتمكن من لقائه (ع) ولا تشمل زمان الغيبة.

وفيه : أولا : ان التوقف يحتمل اختصاصه بزمان الحضور ، لامكان السؤال ، ولكن الترجيح لا يحتمل فيه ذلك ، ولا فرق فيه بين الزمانين ، بل العلل المذكورة فيها ـ مثل ـ فان المجمع عليه لا ريب ، وان الرشد في خلافهم تشهد بعدم الاختصاص كما لا يخفى.

وثانيا : ان جملة من النصوص مطلقة ليس فيها ما يتوهم الاختصاص ، وبعضها وان كان مذيلا بقوله فارجه حتى تلقى امامك ، ولكن هذا القيد ذكر لخصوص التوقف ، واما ما قبله من المرجحات فلم يذكر فيها هذا القيد ، ومعلوم انه لو ذكر مطلقات وذكر في الاخير منها قيد يرجع ذلك إلى الاخير

__________________

(١) فرائد الأصول ج ٢ ص ٧٨١ قوله : «ومنها تعليله (ع) الاخذ بالمشهور» إلى ان قال : «فالمراد بنفي الريب نفيه بالاضافة إلى الشاذ ، ومعناه ان الريب المحتمل في الشاذ غير محتمل فيه ..».

٣٣١

دون الجميع ، وقد مر في مباحث العام والخاص ان الجمل المتعقبة بالاستثناء يكون ذلك استثناء عن الجملة الأخيرة فراجع.

الخامس : ما هو مختص بالمقبولة : وهو ان المقبولة واردة في القاضيين الذين حكم كل منهما بخلاف الآخر ، ومن المعلوم انه لا معنى للتخيير في ذلك الباب ، لعدم قطع الخصومة والنزاع به ، فلا محيص عن الترجيح ، ولذا في آخره حكم بالتوقف ، فلا يصح التعدي عن موردها إلى الخبرين المتعارضين الذين لا مانع فيهما من الالتزام بالتخيير.

وفيه : ان صدر الرواية في مقام بيان ما يرجح به احد القاضيين ويعمل بحكمه ويترك الآخر ، وبعد ما فرضهما الراوى متساويين في الصفات المرجحة ، امر (ع) بالرجوع إلى مستندهما أي الرواية فاخذ في بيان ما يرجح به احدى الروايتين على الاخرى ، وذكر الشهرة أول تلك المرجحات.

لا يقال ان الشهرة المذكورة فيها من مرجحات احد الحكمين الذي حكم بهما القاضيان ، لا من مرجحات الرواية ، لأنه (ع) فرع على ما إذا كان أحدهما مشهورا بقوله فيؤخذ به من حكمهما.

فانه يقال ان عبارة الرسائل (١) وان كانت كما ذكر ، ولكن ما في كتب

__________________

(١) ذكر الشيخ الأعظم هذا المقطع من الرواية في الفرائد ج ٢ ص ٧٧٢ وعبارته مطابقه لما رواه الاحتجاج والمستدرك والبحار ، واما ما ذكره المصنف (دام ظله) فهي عبارة المشايخ الثلاثة في الكافي والفقيه والتهذيب ومثلهم الوسائل والعوالي (فيؤخذ به من حكمنا) والظاهر التعويل على ما رواه المشايخ الثلاثة وهذا واضح.

٣٣٢

الحديث هكذا ، فيؤخذ به من حكمنا.

وبما ذكرناه تنحل العويصة التي اشكلت على الشيخ الأعظم (ره) (١) ، وهي ان ظاهر الرواية تقديم الترجيح بصفات الراوى على الشهرة ، مع ان بناء الأصحاب على تقديم الترجيح بالشهرة ، على الترجيح بالصفات : لما عرفت من ان أول مرجحات الرواية فيها هي الشهرة ، والصفات مرجحات حكم الحكمين.

فان قيل فما منشأ الترجيح بالصفات بعد الشهرة الذي عليه بناء الأصحاب.

قلنا ان وجهه مرفوعة زرارة المنجبرة بعمل الأصحاب على ما توهم.

فان قيل فلم لم يذكر الصفات في المقبولة.

قلنا لعل وجهه ان الروايتين المفروضتين في المقبولة راويهما القاضيان وقد فرض تساويهما في الصفات.

السادس : انه لو قيدنا اخبار التخيير باخبار الترجيح لا يبقى لاخبار التخيير إلا موارد نادرة ، وحملها عليها مستهجن فان في اكثر الموارد ، اما ان يكون أحدهما مشهورا ، أو مخالفا للعامة ، أو موافقا للكتاب ، أو في رواية صفة من الصفات المرجحة ، وفرض التساوي في غاية الندرة ، سيما إذا تعدينا عن المرجحات المنصوصة إلى كل ما يوجب اقربية أحدهما إلى الواقع.

__________________

(١) فرائد الأصول ج ٢ ص ٧٧٢ ـ ٧٧٣.

٣٣٣

وفيه : أولا : ان هذا لو تم فإنما هو على مسلك من يرى الترتيب بين المرجحات ، واما من كان مثل المحقق الخراساني ويرى انه لا ترتيب ، بينها ، ففرض التساوى كثير ، كما لو فرضنا ان أحدهما مشهور والآخر مخالف للعامة ، أو موافق للكتاب ، وهكذا فمثل المحقق الخراساني (١) لا حق له ان يعترض بذلك.

وثانيا : ان استكشاف كون احد الخبرين مشهورا ، أو مخالفا للعامة ، أو كون راويه واجدا للصفات في هذا الزمان سهل ، ولم يكن كذلك في أول الأمر لتشتت الرواة والفقهاء ، وعدم الوسائل التي يظهر بواسطتها فتاويهم واقوال العامة كانت مختلفة ، وتشخيص صفات الرواة كان صعبا.

لا يقال ان المرجح واقع الشهرة ومخالفة العامة ، لاما استكشفه المكلف.

فانه يقال المكلف موظف بالترجيح بما ظهر له ومع عدمه أي عدم تشخيص وجود المرجح وظيفته التخيير فتدبر.

السابع : ما في الكفاية (٢) ان مخالفة الكتاب ، وموافقة العامة ليستا من المرجحات ، بل من مميزات الحجة عن اللاحجة : لان ما خالف الكتاب بنفسه ليس بحجة ، لما دل من النصوص على انه باطل ، زخرف ، لم نقله ، وكذا الخبر الموافق للقوم ، لان أصالة عدم صدوره تقية بملاحظة الخبر المخالف لهم ، مع

__________________

(١) راجع كفاية الأصول ص ٤٥٣ ـ ٤٥٤ قوله : «انه لاوجه لمراعاة الترتيب بين المرجحات لو قيل بالتعدي ... الخ».

(٢) كفاية الأصول ص ٤٤٤ ـ ٤٤٥.

٣٣٤

الوثوق بصدوره لو لا القطع به غير جارية للوثوق حينئذ بصدوره كذلك.

وفيه : ما سيجيء من ان مورد اخبار العرض على الكتاب وسقوط ما خالفه عن الحجية هو صورة المخالفة بنحو التباين ، وفي ذلك المورد ذكر هذه التعبيرات.

واما المخالفة في اخبار الترجيح ، فموردها العموم المطلق ، والعموم من وجه ، على كلام ، وليس فيها هذه التعبيرات.

وعلى الجملة المخالفة المرجحة ، غير المخالفة المميزة ، كما ستعرف ، والتعبيرات المشار إليها واردة في الثانية دون الأولى ، والظاهر ان ذلك سهو من قلمه الشريف.

الثامن : ما ذكره المحقق الخراساني (١) بقوله ، انه لو لا التوفيق بذلك لزم التقييد أيضاً في اخبار المرجحات وهي آبية عنه كيف يمكن تقييد مثل ما خالف قول ربنا لم نقله ، أو زخرف ، أو باطل الخ.

وفيه : ان نصوص الترجيح ليس فيها ما يأبى عن التقييد ، وما ذكره من الجملات الثلاث غير مربوطة بنصوص الترجيح ، وإنما هي في نصوص العرض على الكتاب وموردها المخالفة بنحو التباين كما سيمر عليك ، مع ان المذكور في نصوص الترجيح الموافقة للكتاب ولم يذكر فيها المخالفة.

فالمتحصّل ان شيئا من ما أورد على نصوص الترجيح لا يرد عليها ، وهي

__________________

(١) كفاية الأصول ص ٤٤٥.

٣٣٥

اخص من اخبار التخيير لو كان لدليله المعتبر إطلاق ، فيقيد اطلاقها بهذه النصوص.

وان أول المرجحات ، الشهرة ، ثم موافقة الكتاب ، ثم مخالفة العامة بمالها من المعنى الوسيع الشامل لما وافق ميل حكامهم ، ومع عدم شيء من المرجحات يحكم بالتخيير للأصل الأولى ولنصوصه التي عرفت ان المتيقن منها فقد المرجحات.

بيان المراد من موافقة الكتاب

ثم انه لا بد من بيان أمور :

الأمر الأول : ان موافقة الكتاب ، هي مقابلة للمخالفة ، فهل المراد بالمخالفة ، هي المخالفة ثبوتا ، أو اثباتا؟ ثم هل المراد بها ، المخالفة بنحو التباين أو بنحو العموم من وجه ، أو العموم المطلق؟

ثم انه في اخبار العرض على الكتاب جعلت المخالفة للكتاب من مميزات الحجة عن اللاحجة ، فهل المراد بالمخالفة في نصوص الترجيح هو ما أريد منها في نصوص العرض ، كما عن المحقق الخراساني (١) حيث قال ان نصوص الترجيح ونصوص العرض على الكتاب تفرغان عن لسان واحد ، أم أريد منها غيره؟

__________________

(١) كفاية الأصول ص ٤٥٩ ـ ٤٦٠ بتصرف.

٣٣٦

وقد يقال ان اخبار العرض على الكتاب ، وعدم صدور المخالف للكتاب عنهم عليهم‌السلام محمولة على المخالفة ثبوتا ، بمعنى ان ما يصدر منهم لا يخالف الكتاب واقعا ، بل يوافقه اما ، لارادة المؤول من الكتاب ، أو من الخبر ، نسبه المحقق الأصفهاني (١) إلى المحقق الخراساني في مباحث الالفاظ.

وفيه : انه لو تم فيما تضمن قولهم (ع) ، لا نقول ما خالف قول ربنا ، وما شاكل ، لا يتم فيما امر فيه بالعرض على الكتاب ، وطرح ما خالفه كما هو واضح ، فان المراد منها مخالفة ما يدل عليه الخبر لمدلول الكتاب على ما يفهمه العارض منهما إذ هو القابل للعرض.

وقد يقال كما عن المحقق الخراساني في الكفاية (٢) ان المراد بالمخالفة في نصوص الباب واخبار العرض شيء واحد ، فتدلان جميعا على عدم صدور المخالف عنهم ولو كان وحده ، فتكون المخالفة من مميزات الحجة عن اللاحجة ، لا من مرجحات احدى الحجتين على الاخرى.

وفيه : بعد فرض انه في المقبولة ، ورد الأمر بطرح المخالف بعد فرض كونهما مشهورين وإلا فلو كان المخالف مشهورا لم يكن مطروحا ، بل كان يجب العمل به ، يظهر ان المخالف للكتاب لا يكون ساقطا عن الحجية مطلقا.

وايضا نعلم صدور ما خالف ظاهر الكتاب عنهم (ع) عليهم‌السلام ، بل اغلب التفاسير الواردة عنهم التي لا يساعدها ظاهر الكتاب كذلك.

__________________

(١) نهاية الدراية ج ٣ ص ٣٧٢ (واما موافقة الكتاب).

(٢) كفاية الأصول ص ٤٤٤ ـ ٤٤٥ بتصرف.

٣٣٧

وايضا نعلم ان ما خالف الكتاب بالعموم ، صادر قطعا عنهم فيظهر من جميع ذلك انهما لا تفرغان من لسان واحد.

وحق القول في المقام ان المخالفة للكتاب تتصور على وجوه ثلاثة ، المخالفة بالتباين ، والمخالفة بالعموم المطلق ، والمخالفة بالعموم من وجه.

اما الأول : فله صورتان ، احداهما : ما إذا كان الخبر مخالفا لنص الكتاب فهي التي وردت الأخبار على ان الخبر المتصف بها ليس بحجة أو زخرف ، أو باطل ، أو لم نقله أو ما شاكل ، فهذه الصورة هي مورد اخبار العرض ولا تشملها نصوص الترجيح.

ثانيتهما : ما إذا كان مخالفا لظاهر الكتاب ، مثلا ظاهر الكتاب وجوب قضاء الصوم للمريض والمسافر ، فإذا ورد خبر صريح في عدم الوجوب غير معارض بخبر آخر ، ففي هذه الصورة لا اشكال في العمل به وحمل الكتاب على الاستحباب ، فلو عارضه خبر آخر صريح في الوجوب ، يدخلان في الأخبار العلاجية ويقدم الخبر الثاني لموافقة الكتاب.

والظاهر ان نظر الأصحاب حيث قالوا انه في صورة كون النسبة هو التباين يسقط المخالف عن الحجية وهو المتيقن من اخبار العرض إلى الصورة الأولى.

واما الثاني : فحيث ان المأخوذ في اخبار العرض على الكتاب هي المخالفة ، وهي لا تصدق على المخالفة بنحو العموم والخصوص المطلق ، لان الخاص يكون قرينة على العام ، فاخبار العرض لا تشمله ، مضافا ، إلى القطع بصدور الخبر المتصف بها عن المعصوم فان اكثر المخصصات لعمومات الكتاب

٣٣٨

إنما هي صادرة عن المعصومين (ع) فلا توقف في عدم شمولها لها ، واما في نصوص الترجيح فالمأخوذ هو الموافقة للكتاب وإنما ذكرت المخالفة في بعض تلك النصوص عقيب الموافقة وهي شاملة للفرض ، فالمخالف للكتاب بهذا النحو مشمول للأخبار العلاجية.

وبذلك ظهر ما في كلام المحقق النائيني (ره) (١) حيث قال : ان نصوص الترجيح والتخيير أيضاً لا تشمله لعدم صدق المخالفة.

كما انه ظهر ما في كلام المحقق الخراساني (٢) المدعي ان نصوص الترجيح ونصوص العرض على الكتاب تفرغان عن لسان واحد.

واما الثالث : وهي المخالفة بالعموم من وجه فلا ريب في صدق المخالفة عليها ، إلا ان الظاهر عدم شمول اخبار العرض لها : فان مخالفته حينئذ إنما تكون لظاهر الكتاب عموما ، وصدور مثل هذا المخالف عنهم (ع) غير عزيز ، بل اغلب التفاسير الواردة عنهم (ع) التي لا يساعدها ظاهر الكتاب من هذا القبيل ، فلا يعمها ما دل على ان المخالف زخرف أو باطل أو لم نقله ، فتكون مشمولة للأخبار العلاجية.

فتحصل ان الاقوى كون موارد المخالفة بالعموم المطلق ، والمخالفة بالعموم من وجه وصورة واحدة من المخالفة بالتباين مشمولة للأخبار العلاجية ، وصورة واحدة من المخالفة بالتباين مشمولة لاخبار العرض.

__________________

(١) فوائد الأصول للنائيني ج ٤ ص ٧٩١.

(٢) كفاية الأصول ص ٤٥٩ ـ ٤٦٠.

٣٣٩

بيان المراد من الشهرة ، ومخالفة العامة

الأمر الثاني : في الشهرة ، وهي على اقسام :

١ ـ الشهرة الروائية. ٢ ـ الشهرة العملية. ٣ ـ الشهرة الفتوائية.

اما الشهرة الروائية وهي اشتهار الرواية بين الرواة ، وارباب الكتب الحديثية بان ينقلها كثير منهم ، فلا اشكال في الترجيح بها ، لما عرفت من انه الظاهر من المقبولة وغيرها.

واما الشهرة العملية وهي عبارة عن استناد المشهور إلى رواية في الفتوى وعملهم بها ، فهي من مميزات الحجة عن اللاحجة ، لما مر في مبحث حجية الخبر الواحد ، ان عمل المشهور برواية واستنادهم إليها في مقام يوجب جبر ضعفها لو كانت ضعيفة ، كما ان اعراض الأصحاب عن رواية ، هي بمرأى منهم ومنظر يوجب وهنها وان كانت صحيحة ، وعليه فالرواية المشهورة بهذا المعنى حجة ، والرواية المعارضة لها ساقطة عن الحجية ، فهي من مميزات الحجة عن اللاحجة.

واما الشهرة الفتوائية ، وهي عبارة عن اشتهار الفتوى على طبق مضمون الرواية مع عدم إحراز استنادهم في الفتوى إلى تلك الرواية ، بان كانت الفتوى مطابقة للقاعدة أو الأصل العملي واحتمل استنادهم إليها لا إلى الرواية.

فالظاهر عدم كونها مرجحة ، ولا جابرة لضعف السند ، اما عدم كونها جابرة فواضح ، واما عدم كونها مرجحة فلما مر من ان العمدة في مرجحيتها

٣٤٠