زبدة الأصول - ج ٦

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني

زبدة الأصول - ج ٦

المؤلف:

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: أنوار الهدى
المطبعة: وفا
الطبعة: ٣
ISBN: 964-8812-40-3
ISBN الدورة:
964-8812-39-X

الصفحات: ٤٤١

لخير لي ولكم أبي الله عزوجل لنا في دينه إلا التقية (١) ونحوهما فيما في ذيلهما غيرهما.

الثالثة : رواية الحسين بن مختار عن بعض اصحابه عن أبي عبد الله (ع) أرأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بايهما كنت تأخذ قال قلت كنت آخذ بالاخير فقال لي رحمك الله (٢).

والخبر الاخير ضعيف السند للارسال ، والثاني ضعيف بأبي عمرو الكناني لأنه لم يوثقه احد ، وصاحب الوسائل (٣) في كتاب الأمر بالمعروف في باب التقية ينقل الرواية عن البرقي في المجالس عن ابيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) وهذا السند صحيح ، وان كان يحتمل قويا

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢١٨ باب التقية ح ٧ / الوسائل ج ٢٧ ص ١١٢ باب ٩ من أبواب صفات القاضى ح ٣٣٣٥٠.

(٢) الكافي ج ١ ص ٦٧ باب اختلاف الحديث ح ٨ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٠٩ باب ٩ من أبواب صفات القاضى ح ٣٣٣٤٠.

(٣) ان ما رواه صاحب الوسائل في وجوب التقية عن الكناني ج ١٦ ص ٢٠٦ ح ٢١٣٦٦ وما بعده ثم قال ورواه البرقي في المحاسن إلى أن قال والذي قبله عن ابيه عن محمد بن ابي عمير عن هشام بن سالم .. مثله ، ولعله هو الذي أشار اليه المصنف (دام ظله) وعبر عنه بالصحيح ، الا انه بعد التدقيق تبين ان الحديث خاص في التقية ولا دلالة له عما نحن فيه ويؤكد ذلك بعد مراجعة المحاسن عدم وجود ما يتعلق بما نحن فيه في الباب راجع المحاسن ج ١ ص ٢٥٩ باب التقية ح ٣١١ وح ٣٠٩ الذي أشار اليه صاحب الوسائل (والذي قبله).

٣٠١

سقوط أبي عمرو في هذا السند فهشام ينقل الخبر عن أبي عمرو ، والقرينة عليه تكرار لفظ أبي عمرو في تلك الرواية أيضاً مرتين في كلام الإمام ، وخبر المعلى لا بأس به سندا.

ويمكن ان يقال ان الترجيح بالاحدثية ان ثبت لا ريب في كونه تعبديا محضا ولا يوافقه القواعد العقلائية المرتكزة في باب الطريقية لان كلمات الائمة عليهم‌السلام ناظرة باجمعها إلى الحكم الكلي الواحد النازل على رسول الله (ص) فلا اثر لتقديم بعضها على بعض ، وعليه فلا بدَّ من الاقتصار على مورد الروايات وهو ما علم بصدور الحديثين لاحظ قوله (ع): " لو حدثتك بحديث أو افتيتك بفتيا الخ" (١) ، ونحوه غيره.

وعلى ذلك فالتعدي إلى الظنيين بعد احتمال دخل القطع بالصدور في هذا الحكم بلا وجه ، مع ان مورد الاحاديث هو حضور السامع للحديث إلا حدث مجلس الصدور لاحظ خبر المعلى ، ومع احتمال الخصوصية لاوجه للتعدى.

وكيف كان فالظاهر عدم ارتباطها بترجيح احدى الروايتين على الاخرى مطلقا ، بل إنما هي في مقام بيان انه بعد وصول الثاني عن المعصوم (ع) تكون الوظيفة الفعلية اعم من الحكم الواقعي الأولي أو الثانوي من باب التقية هو

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢١٨ باب التقية ح ٧ / الوسائل ج ٢٧ ص ١١٢ باب ٩ من أبواب صفات القاضى ح ٣٣٣٥٠.

٣٠٢

ما وصل اخيرا ، ولذا في مكاتبة ابن يقطين (١) بعد سوء ظن الخليفة به امره (ع) بالوضوء على النحو الذي يتوضأ المخالفون ، وهو مع علمه بعدم كونه موافقا للمذهب عمل به ثم بعد صلاح حاله عند الخليفة ورفع التهمة عنه امره (ع) بالوضوء الصحيح فهي اجنبية عن ترجيح احدى الروايتين على الاخرى.

وان شئت قلت ان المقصود بالاخذ بالاحدث في هذه الروايات ملاحظة ظهور كلام الإمام (ع) في كون ما يقوله وظيفة السامع الفعلية التي قد تكون واقعية وقد تكون ظاهرية على وفق التقية ، لا ظهور الكلام في مقام بيان الحكم الواقعي.

ومما يؤيد ذلك مضافا إلى ما مر من عدم مناسبة عقلائية للترجيح بالاحدثية ، توجه السائل لهذا الترجيح بنفسه حيث أجاب بأنه يأخذ بالاحدث فانه يكشف عن كون هذا المعنى امراً واضحاً مركوزاً لدى العرف وذلك لا يكون إلا لما ذكرناه ، وايضا يؤيده ما في ذيل خبر الكنانى من قوله (ع) أبي الله إلا ان يعبد سرا.

فيكون مفاد هذه الروايات مفاد خبر أبي عبيدة عن أبي جعفر (ع) قال لي يا زياد ما تقول لو افتينا رجلا ممن يتولانا بشيء من التقية قلت له انت اعلم جعلت فداك ، قال (ع) ان اخذ به فهو خير له واعظم اجرا ، قال وفي رواية أخرى ان اخذ به أجر وان تركه والله اثم (٢). وخبر الخثعمي عن الإمام

__________________

(١) عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٣٣ المسلك الثالث من الاحاديث الذي رواها الشيخ العالم .. ح ١٣٦

(٢) الوسائل ج ٢٧ ص ١٠٧ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٣٥.

٣٠٣

الصادق (ع) من عرف انا لا نقول إلا حقا فليكتف بما يعلم منَّا فإن سمع منَّا خلاف ما يعلم فليعلم ان ذلك دفاع منَّا عنه (١).

ويضاف إلى جميع ما تقدم انه لو سلم كون الروايات في مقام بيان الترجيح بالاحدثية حتى في الظنيين ، يمكن ان يقال : انه يقع التعارض بينها وبين اخبار التخيير والترجيح بمرجحات اخر ، ومع قطع النظر عن وجود الترجيح لتلك الأخبار انه لا بد من تقديمها بحكم هذه النصوص : لان فيها ما هو صادر عن الإمام اللاحق فهو يكون احدث فلا بدَّ من تقديمه.

واما الثانية : فهي رواية واحدة وهي ما رواه الاحسائي في عوالي اللئالى عن العلامة مرفوعا إلى زرارة عن الإمام الباقر (ع) في الخبرين المتعارضين بعد ذكر جملة من المرجحات قال (ع) اذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك الآخر (٢) ولكن الرواية ضعيفة سندا لضعف مؤلف الكتاب ورفعها ، وعمل الأصحاب بها لو كان فإنما هو بالنسبة إلى صدرها المتضمن للترجيح بالشهرة وصفات الراوى لا بالنسبة إلى ذيلها ، وقد مر مرارا انه لا مانع من حجية الخبر في بعض جملاته دون آخر.

مع انه لو سلم حجيتها في جميع جملها فتعارض مع اخبار التخيير ، فان حمل

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٦٥ باب اختلاف الحديث ح ٦ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٠٨ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٣٦.

(٢) عوالي اللآلي ج ٤ ص ١٣٣ ح ٢٢٩ / مستدرك الوسائل ج ١٧ ص ٣٠٣ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٢١٤١٣.

٣٠٤

تلك الأخبار على صورة دوران الأمر بين المحذورين الذي لا يمكن فيه الاحتياط بعيد غايته ، ولا اشكال في تقديم اخبار التخيير.

اخبار التوقف

واما الثالثة : فهي أيضاً على الطوائف ، منها ما دل على التوقف عند الشبهة مطلقا ، كموثق مسعد بن زياد عن جعفر عن ابيه عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي (ص) لا تجامعوا في النكاح على الشبهة ، وقفوا عند الشبهة إلى ان قال فان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة (١) ونحوه غيره.

وهذه النصوص ظاهرة في غير الخبرين المتعارضين ، مع انه لو سلم شمولها لهما ، تكون اعم من اخبار التخيير والترجيح ، فتخصص بها ، لورودها في خصوص الخبرين المتعارضين.

اضف إلى ذلك انها تدل على لزوم التوقف عند فقد الحجة وعدم الطريق إلى الواقع ، ومفاد اخبار التخيير ، والترجيح ، إنما هو إثبات حجية احد الخبرين فهي حاكمة عليها.

اضف إليه ما تقدم في مسألة البراءة من تعين حملها على الاستحباب.

__________________

(١) التهذيب ج ٧ ص ٤٧٤ باب من الزيادات في فقه النكاح ح ١١٢ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٥٩ باب ١٢ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٤٧٨.

٣٠٥

ومنها ما دل على التوقف في خصوص الخبرين المتعارضين وهي أربع روايات :

إحداها : مقبولة عمر بن حنظلة الآتية وفي ذيلها قوله (ع) إذا كان ذلك فارجئه حتى تلقى امامك فان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات (١).

ثانيتها : ما رواه الميثمى عن الإمام الرضا (ع) في حديث طويل ، وعليكم بالكف والتثبت والوقوف وانتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا (٢).

ثالثتها : ما رواه سماعة عن الإمام الصادق (ع) قال قلت له يرد علينا حديثان واحد يأمرنا والآخر ينهانا عنه قال (ع) لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله قلت لا بدَّ ان نعمل بواحد منهما قال (ع) خذ بما فيه خلاف العامة (٣).

رابعتها : ما رواه سماعة أيضاً عنه (ع) في رجل جاءه خبران أحدهما يامره

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٦٧ باب اختلاف الحديث ح ١٠ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٠٦ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٣٤.

(٢) عيون أخبار الرضا (ع) ج ٢ ص ٢٠ باب فيما جاء عن الرضا (ع) من الاخبار المنثورة ح ٤٥ / الوسائل ج ٢٧ ص ١١٣ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٥٤.

(٣) الاحتجاج ج ٢ ص ٣٥٧ احتجاج ابي عبد الله الصادق (ع) في أنواع شتى .. / الوسائل ج ٢٧ ص ١٢٢ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٧٥.

٣٠٦

والآخر ينهاه قال (ع) يرجئه حتى يلقى من يخبره فهو في سعة حتى يلقاه (١).

وقد يقال كما في رسائل الشيخ الأعظم (٢) : بأنه يحمل نصوص التوقف على زمان الحضور ، قال فهي محمولة على صورة التمكن من الوصول إلى الإمام (ع) كما يظهر من بعضها.

وأورد عليه المحقق صاحب الدرر (٣) بان مجرد دلالة بعض اخبار التوقف على التمكن من الوصول إلى الإمام (ع) لا يوجب تقييد سائر الأخبار المطلقة لعدم التنافي بين وجوب التوقف مطلقا وبين كون غاية التوقف الوصول إليه فلا وجه للحمل.

ولكن : الظاهر ان نظر الشيخ إلى ان النسبة بين ما دل على التخيير بقول مطلق وبين ما دل على التوقف مطلقا وان كانت هي التباين ، إلا ان النسبة بين ، ما دل على التخيير بقول مطلق وما دل على التوقف في زمان الحضور هو العموم المطلق ، فيقيد إطلاق الأول بالثاني فيختص اخبار التخيير بزمان الغيبة فتكون اخص مطلق من اخبار التوقف بقول مطلق وتنقلب النسبة فيقيد إطلاق ما دل على التوقف ، بما دل على التخيير ، فتكون النتيجة هو التوقف في زمان الحضور والتخيير في زمان الغيبة.

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٦٦ باب اختلاف الحديث ح ٧ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٠٨ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٣٨.

(٢) فرائد الأصول ج ٢ ص ٧٦٣.

(٣) درر الفوائد للحائري اليزدي ج ٢ ص ٢٧٩.

٣٠٧

لا يقال انه من اخبار التخيير ما يكون مختصا بزمان الحضور فيجري في تلك الأخبار مع اخبار التوقف المطلق ما ذكر فيعود التعارض.

فانه يقال : انه ليس في اخبار التخيير ما يختص بزمان الحضور ويكون معتبرا سندا ، مع انه لو كان لا بدَّ من طرحه لعدم العمل.

والجواب عن ما أفاده الشيخ ما سيأتي من عدم القول بانقلاب النسبة.

وقد يقال في الجمع بين اخبار التوقف ، وبين اخبار التخيير :

بأنه يحمل اخبار التوقف على النهي عن تعيين مدلول الخبرين بالمناسبات الظنية فيكون المعنى انه ليس له استكشاف الواقع والحكم بان الواقع كذا كما كان له ذلك لو كان هناك مرجح.

ويحمل اخبار التخيير على الوظيفة في مقام العمل كما أفاده المحدث صاحب الحدائق والمحقق صاحب الدرر.

ولكن يرد عليه انه لا يجري ذلك في جميع اخبار التوقف ، لاحظ قوله (ع) في خبر سماعة لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك بل لا يجري في مقبولة ابن حنظلة فلاحظ وتدبر.

وقد قيل في مقام الجمع بين الطائفتين وجوه اخر ، كحمل اخبار التوقف على الماليات ، أو المتناقضين وحمل اخبار التخيير على غير ذلك ، أو حمل اخبار التخيير على العبادات ، واخبار التوقف على المعاملات أو غير ذلك من الوجوه التي ليس شيء منها من الجمع العرفي المقبول.

والحق ان يقال انه ليس في شيء من اخبار التوقف ما يدل على التوقف في

٣٠٨

زمان الغيبة ، بل كلها مختصة بزمان الحضور والتمكن من السؤال عنه فلا تنفع لزمان الغيبة ولا تعارض اخبار التخيير.

مع انه لو سلم التعارض لا ريب في ان الترجيح مع اخبار التخيير سيما مع اعراض المشهور عن اخبار التوقف حينئذ.

ومنها : ما دل على الرد إلى الائمة عليهم‌السلام ، وهو ما رواه ابن ادريس عن كتاب مسائل الرجال لعلى بن محمد بن على بن عيسى كتب إليه يسأله عن العلم المنقول عن آبائك واجدادك قد اختلف علينا فكيف (ع) العمل به على اختلافه أو الرد عليك فيما اختلف فيه ، فكتب ما علمتم انه قولنا فالزموه وما لم تعلموه فردوه الينا (١).

والجواب عنه أولا انه ضعيف السند لعدم ثبوت وثاقة صاحب الكتاب.

وثانيا : ان الظاهر ولا اقل من المحتمل اختصاصه بزمان الحضور فان قوله فردوه (ع) الينا نظير قوله (ع) في المقبولة فارجه حتى تلقى امامك ، لا انه من قبيل الرد إلى الله ورسوله.

وثالثا : ان ما دل على التخيير في زمان عدم التمكن من الوصول إلى المعصوم (ع) يكون اخص منه فيقيد اطلاقه به ، ففي حال الغيبة ينحصر المرجع عند التعارض باخبار التخيير ، والترجيح.

__________________

(١) بصائر الدرجات ص ٥٢٤ باب في التسليم لآل محمد (ص) فيما جاء عندهم ح ٢٦ / الوسائل ج ٢٧ ص ١١٩ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٦٩.

٣٠٩

اخبار التخيير

واما الرابعة : وهي اخبار التخيير فهي ثمانية :

١ ـ خبر حسن بن جهم عن الإمام الرضا (ع) قال قلت له يجيئنا الاحاديث عنكم مختلفة فقال (ع) ما جاءك عنا فقس على كتاب الله عزوجل واحاديثنا فان كان يشبههما فهو منا وان لم يكن يشبههما فليس منا قلت يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ، ولا نعلم ايهما الحق قال (ع) فإذا لم تعلم فموسع عليك بايهما اخذت (١).

وهذا الخبر يدل على التخيير بعد فقد الموافقة للكتاب التي هي من المرجحات ، لكنه ضعيف السند للارسال.

٢ ـ خبر الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله (ع) إذا سمعت من اصحابك الحديث وكلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم فترد عليه (٢).

وايراد المحقق الأصفهاني (٣) عليه بأنه مختص بصورة التمكن من لقاء الإمام (ع) فلا يعم زمان الغيبة.

يرده ان التوقف يحتمل اختصاصه بزمان الحضور ، واما التخيير فلا يتوهم فيه ذلك بل لو ثبت التخيير في زمان الحضور والتمكن من لقائه (ع) ثبت في

__________________

(١) الوسائل ج ٢٧ ص ١٢١ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٧٣.

(٢) الوسائل ج ٢٧ ص ١٢٢ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٧٤.

(٣) نهاية الدراية ج ٣ ص ٣٧٧.

٣١٠

زمان الغيبة بالاولوية.

لكنه أيضاً كالأول ضعيف للارسال.

٣ ـ مكاتبة عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن (ع) اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبد الله (ع) في ركعتي الفجر في السفر فروى بعضهم ان صلهما في المحمل ، وروى بعضهم لا تصلهما إلا على الارض فاعلمني كيف تصنع انت لاقتدى بك في ذلك ، فوقع (ع) موسع عليك بأية عملت (١).

وتقريب الاستدلال بها واضح.

ولكن يرد عليها ان الظاهر منها بيان الحكم الواقعي وانه هو التخيير ، لا التخيير بين الحجتين إذ السائل إنما سأل عن الحكم الواقعي وظاهر الجواب ، مضافا إلى لزوم تطابقه مع السؤال هو بيان الحكم الواقعي لأنه المناسب لحال الإمام وعليه فلا ربط لها بمحل الكلام.

اضف إليه ان موردها مما فيه الجمع العرفي فان موردها التعارض بين ما يأمر بالصلاة على الارض الظاهر في وجوبه ، وبين ما يرخص في الصلاة على المحمل لورود الأمر به مقام توهم الحظر ، فيكون ظاهرا في الجواز ، والجمع العرفي بينهما يقتضي البناء على جواز الصلاة على المحمل واولوية الصلاة على الارض ، فمن الحكم بالتخيير فيها ، لا يمكن استفادة التخيير في موارد التعارض المستقر.

__________________

(١) التهذيب ج ٣ ص ٢٢٨ باب الصلاة في السفر .. ح ٩٢ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٢٢ باب ١٥ من أبواب القبلة كتاب الصلاة ح ٣٣٣٧٧.

٣١١

مع ان موردها المستحبات المبنى امرها على التخفيف والسهولة فلا يستلزم التخيير في الالزاميات.

٤ ـ مكاتبة الحميرى بتوسط الحسين بن روح إلى الحجة ارواحنا فداه سألني بعض الفقهاء عن المصلي إذا قام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة هل يجب عليه ان يكبر فان بعض أصحابنا قال لا يجب عليه التكبير ويجزيه ان يقول بحول الله وقوته اقوم واقعد؟

فكتب في الجواب ان فيه حديثين اما أحدهما فانه إذا انتقل من حالة إلى أخرى فعليه التكبير واما الآخر فانه روى إذا رفع رأسه من السجدة الثانية ذكر ثم جلس ثم قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير وكذلك التشهد الأول يجري هذا المجرى وبايهما اخذت من باب التسليم كان صوابا (١).

وتقريب الاستدلال بها واضح ، خصوصا بقرينة قوله اخذت من باب التسليم ، فانه ظاهر ، في التخيير في الاخذ ، والتعبد بإحدى الحجتين.

ولكن يرد عليها أولا انها غير نقى السند لأنه يحتمل ان المكاتبة كانت باملاء الحسين بن روح وبخط احمد بن ابراهيم النوبختى واحمد مجهول فان كان واسطة في النقل عن الحسين فالخبر ساقط عن الحجية.

نعم ، لو كان احمد مجرد مستنسخ للرواية وان الراوى هو الحميرى وهو يشهد باملاء الحسين بن روح يكون الخبر معتبرا ، والتردد يكفى في السقوط عن الحجية.

__________________

(١) الوسائل ج ٦ ص ٣٦٢ باب ١٣ من أبواب السجود ح ٨١٩٢ وج ٢٧ ص ١٢١ ح ٣٣٣٧٢

٣١٢

وثانيا : ان السائل سأل عن الحكم الواقعي ، واما الجواب ، فبقرينة التطابق مع السؤال ، وبقرينة ظهور كلام الإمام (ع) في بيان الحكم الواقعي في نفسه ، يكون في مقام بيان ذلك لا التخيير في العمل باحد الخبرين وطرح الآخر.

وثالثا : ان مورده الخبرين المقطوعى الصدور لان الإمام (ع) ـ يقول ان فيه حديثين المناسب مع كونهما ثابتين عن آبائه عليهم‌السلام فلا يمكن التعدي إلى مظنوني الصدور.

ورابعا : ان بين الحديثين يمكن الجمع العرفي ، اما لكونهما من قبيل العام والخاص المطلق ، واما من جهة كونهما من قبيل الظاهر والنص : إذ الحديث الأول عام ، والثاني مختص بحالة خاصة ، وايضا ، الأول ظاهر في اللزوم ، والثاني صريح في جواز الترك ، فلا يمكن التعدي إلى التعارض المستقر ، بل يتعين حمله على ارادة الترخيص الواقعي ولو كان خلاف الظاهر.

وخامسا : ان موردها أيضاً المستحبات ، فلا وجه للتعدى إلى الالزاميات.

٥ ـ مرفوع زرارة المتقدم ، وفي آخره إذاً فتخير (١) ولكن عرفت انه ضعيف السند.

٦ ـ ما في ديباجة الكافي حيث قال لقوله (ع) بايهما اخذتم من باب التسليم وسعكم (٢). ولكنه مرسل.

__________________

(١) عوالي اللآلي ج ٤ ص ١٣٣ الجملة الثانية في الاحاديث المتعلقة في العلم .. ح ٢٢٩ / مستدرك الوسائل ج ١٧ ص ٣٠٣ باب ٩ من ابواب صفات القاضي ح ٢١٤١٣.

(٢) الوسائل ج ٢٧ ص ١١٢ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٥٢.

٣١٣

٧ ـ وكذا السابع وهو ما في الكافي أيضاً وفي رواية أخرى بايهما اخذت من باب التسليم وسعك (١).

٨ ـ خبر الميثمي عن الإمام الرضا (في حديث طويل وفي ذيله بعد فقد بعض المرجحات ، وبايهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والاتباع (٢).

ولكن مورده الحكم غير الالزامي فلا وجه للتعدي كما مر.

فإذاً ليس في الأخبار ما يمكن الاستدلال به للتخيير بقول مطلق.

اخبار الترجيح

واما الخامسة : وهي النصوص الدالة على الترجيح بمزايا مخصوصة ، فالمرجحات المنصوص عليها في الأخبار عبارة ، عن موافقة الكتاب ، ومخالفة العامة ، والشهرة ، وصفات الراوي.

اما الاولان : فالنصوص الواردة فيهما كثيرة ، وهي طوائف :

الأولى : ما تضمن الترجيح بهما مرتبا.

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٦٦ باب اختلاف الحديث ح ٧ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٠٨ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٣٩.

(٢) عيون أخبار الرضا (ع) ج ٢ ص ٢٠ باب فيما جاء عن الرضا (ع) من الاخبار المنثورة ح ٤٥ / الوسائل ج ٢٧ ص ١١٣ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٥٤.

٣١٤

منها : ما رواه سعيد بن هبة الله الراوندي في رسالته التي الفها في احوال احاديث أصحابنا واثبات صحتها عن محمد وعلى ابني على بن عبد الصمد عن ابيهما عن أبي البركات على بن الحسين عن أبي جعفر ابن بابويه عن ابيه عن سعد بن عبد الله عن ايوب بن نوح عن محمد بن أبي عمير عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال الصادق (ع) إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فردوه فان لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على اخبار العامة فما وافق اخبارهم فذروه وما خالف اخبارهم فخذوه (١) والكلام فيه في جهتين :

الأولى : في سنده ، وأورد عليه بإيرادات :

١ ـ من المستبعد وجود كتاب للراوندي في احوال الرجال لان ، ابن شهرآشوب ، ومنتجب الدين تلميذاه ، قد ترجماه في كتاب ، معالم العلماء ، والفهرست ولم يذكرا هذه الرسالة في عداد مؤلفاته ، ولذلك قيل انه يمكن ان يكون هذه الرسالة للسيد الراوندي المعاصر للقطب.

وفيه : أولا انهما لم يذكرا في عداد مؤلفاته ، كتاب قصص الانبياء الذي ينقله صاحب الوسائل مع كتاب الخرائج والجرائح عن الراوندي ، وصرح ابن طاووس في مهج الدعوات بأنه له ، فليكن هذه الرسالة نظير تلك الكتب ولم يطلعا عليها.

مع ان كلا منهما يذكر بعض ما لم يذكره الآخر ، مثلا يذكر ابن شهر

__________________

(١) الوسائل ج ٢٧ ص ١١٨ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٦٢.

٣١٥

آشوب ان للراوندي كتابا في اولاد العسكريين ، ولم ينقله منتجب الدين كما ان منتجب الدين ، يذكر ان له شرح النهج لم ينقله ابن شهرآشوب.

٢ ـ التشكيك في وجود طريق لصاحب الوسائل إلى هذه الرسالة ، لأنه لم يذكر طريقه إليها في الوسائل.

وفيه : انه ينقل في خاتمة الوسائل (١) طريقه إلى كتاب الخرائج والجرائح ، وكتاب قصص الانبياء ثم يقول ونروي باقي الكتب بالطرق السابقة.

٣ ـ ان طريق صاحب الوسائل إنما هو عن العلامة فكيف لا نجد من هذا الخبر عين ولا اثر في كلمات العلامة ومشايخه ، كما يظهر لمن راجع كتبهم الأصولية.

وفيه : ان العلامة ومشايخه لم يذكروا اكثر روايات الباب.

٤ ـ ان محمدا وعليا الواقعان في السند ليسا ابنا علي ، وإنما هما ابنا عبد الصمد ، إذ من البعيد جدا ان ينقل القطب الراوندي المتقدم على ابن شهرآشوب طبقة ، عن اولاد علي الذي هو من مشايخ ابن شهرآشوب ، وعليه فابوهما الذي ينقلان عنه هو عبد الصمد ، وهو لم يوثق.

وفيه : ان الذي من مشايخ ابن شهرآشوب ، هو علي بن عبد الصمد ، وهو ابن محمد ، أو علي ، أو حسين ابناء علي بن عبد الصمد الأول ، الجد الاعلى للاسرة ، ومن ينقل عنه القطب هو محمد ، وعلي ابنا عبد الصمد الأول فتدبر.

__________________

(١) راجع خاتمة الوسائل ج ٣٠ ص ١٨٤ (الطريق السادس والثلاثون).

٣١٦

٥ ـ ان أبا البركات لم يوثقه احد غير صاحب الوسائل ، وتوثيقه مع هذا البعد الزماني الممتد بينهما ، وهو قرب سبعمائة عام لا محالة لا يكون عن حس فلا يفيد.

وفيه : أولا ان صاحب رياض (١) العلماء قال في حقه الإمام الزاهد ، وهذا التعبير فوق حد التوثيق.

وثانيا : ان توثيق صاحب الوسائل يكفي : لان التوثيق دائما يكون عن غير حس ، فالرواية صحيحة سندا.

الثانية : في دلالتها ، ومحصل القول ان الخبر مشتمل على مرجحين طوليين ، الأول الموافقة والمخالفة للكتاب ، ومع فقده فالمخالفة للعامة ، والجمود على نفس الخبر يقتضي البناء على ان المرجح هو موافقة احد الخبرين للكتاب ، ومخالفة الآخر معه ، فلا يكفي مجرد المخالفة للكتاب في ترجيح الآخر عليه ولكن الظاهر كفاية ذلك بالتعدي ، والفهم العرفي بعد عدم مجيء جميع التفاصيل وجزئيات الأحكام الشرعية في الكتاب.

__________________

(١) راجع عيون أخبار الرضا (ع) ج ٢ ص ١١ هامش رقم ١ من طبعة مؤسسة الاعلمي ، بيروت حيث نقل من بعض النسخ الخطية العتيقة القديمة للصدوق قوله : «... حدثنا السيد الامام الزاهد ابو البركات الجوري رضي الله عنه» / وفي خاتمة المستدرك للمحدث النوري ج ٣ ص ٦٥ نقل عن رياض العلماء قوله : «رأيت في صدر اسناد بعض النسخ العتيقة من كتاب عيون اخبار الرضا (ع) للصدوق هكذا ...» إلى ان قال : «حدثني السيد الامام الزاهد ابو البركات الخوزي رضي الله عنه».

٣١٧

فيكون المراد من الموافقة عدم المخالفة.

واما المخالفة للعامة ، فالجمود على نص الخبر يقتضي البناء على ان الميزان الموافقة والمخالفة لاخبارهم ، ولكن الحق التعدي إلى الموافقة والمخالفة مع فتاويهم وان كانت على اساس غير الأخبار لعدم الخصوصية للأخبار وللنصوص الأخر.

ومنها : مقبولة ابن حنظلة عن الإمام الصادق (ع) في رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة ، فانه (ع) بعد ما ينهاهم عن التحاكم إلى السلطان وامرهم بالتحاكم إلى المجتهدين وانه لا يجوز رد ما حكموا به ، قال قلت فان كان كل رجل يختار رجلا من أصحابنا فرضيا ان يكونا الناظرين في حقهما فاختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم قال (ع) الحكم ما حكم به اعدلهما وافقهما واصدقهما في الحديث واورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر قلت فانهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر قال (ع) ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين اصحابك فيؤخذ به من حكمهما ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند اصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه.

إلى ان قال : قلت فان كان الخبر ان عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم قال (ع) ينظر ما كان حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به ويترك ما خالف الكتاب والسنة ووافق العامة ، قلت جعلت فداك أرأيت ان كان الفقيهان عرف حكمه من الكتاب والسنة فوجدنا احد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا بأي الخبرين يؤخذ قال (ع) ما خالف العامة ففيه الرشاد

٣١٨

الحديث (١).

والظاهر اعتبار سندها لتنصيص الشهيد الثاني في الدراية (٢) بوثاقة ابن حنظلة ، قال انا قد حققنا توثيقه من محل آخر ، وليس منشأه ما أفاده صاحبا المعالم والمدارك (٣) ، من ارادته من محل آخر ، خبر يزيد بن خليفة المتضمن لقول الإمام (ع) إذاً لا يكذب علينا (٤) لما صرح به صاحب المعالم (٥) باني قد وجدت بخطه في حاشية الروضة انه كتب أولا من خبر آخر ، ثم ضرب عليه ، وكتب من محل آخر ، وللخبر.

ولتلقي الأصحاب اياها بالقبول حتى اشتهر بالمقبولة ، وهي أيضاً تدل على الترجيح ، بموافقة الكتاب ومخالفة العامة.

فان قيل ، انه في المقبولة جعل موافقة الكتاب ومخالفة العامة مرجحا واحدا ، وفي عرض واحد فكيف يلتزم بالترتيب بينهما.

قلنا انه حيث جعل مخالفة العامة مرجحا مستقلا بعد ما فرض الراوي

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٦٧ باب اختلاف الحديث ح ١٠ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٠٦ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٣٣٤.

(٢) الرعاية في علم الدراية ج ٢ ص ١٣١.

(٣) وقد رواها السيد العاملي في المدارك عن يزيد بن خليفة ج ٣ ص ٦٧.

(٤) الكافي ج ٣ ص ٢٧٦ باب وقت المغرب والعشاء الآخرة ح ٦ / الوسائل ج ٤ ص ١٥٦ باب ١٠ من أبواب مواقيت الصلاة ح ٤٧٩٠.

(٥) في كتابه منتقى الجمان ج ١ ص ١٩ ، الناشر جامع المدرسين ـ قم.

٣١٩

موافقتهما معا للكتاب يعلم من ذلك ان مجموع الامرين ليسا مرجحا واحدا.

فيدور الأمر ، بين ان يكون كل واحد منهما مرجحا مستقلا في عرض واحد. وبين ان يكون موافقة الكتاب حشوا بلا اثر. وبين ان يكون عطف مخالفة العامة على موافقة الكتاب حشوا جيء ، به لبيان الترجيح بمخالفة العامة بعد ذلك واشعارا بان آراء العامة كثيرا ما تكون مخالفة للكتاب.

ويؤيد الاحتمال الاخير ان السائل سكت عن السؤال عن حكم ما إذا كان أحدهما موافقا للكتاب غير مخالف للعامة ، وعما يكون بالعكس ، مع انه كان بصدد استيعاب الشقوق فيعلم انه فهم الطولية من كلام الإمام (ع).

ولو تنزلنا عن ذلك وسلمنا الاجمال يبين بصحيح القطب الصريح في الترتيب.

الثانية : ما اقتصر فيها على الترجيح بمخالفة العامة.

منها : خبر الحسن بن الجهم عن العبد الصالح (ع) في حديث فقلت فيروى عن أبي عبد الله (ع) شيء ويروى عنه خلافه فبايهما نأخذ فقال (ع) خذ بما خالف القوم وما وافق القوم فاجتنبه (١).

ومنها خبر الحسين بن السرى قال أبو عبد الله (ع) إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم (٢).

__________________

(١) الوسائل ج ٢٧ ص ١١٨ باب ٩ من أبواب صفات القاضى ح ٣٣٣٦٤.

(٢) الوسائل ج ٢٧ ص ١١٨ باب ٩ من أبواب صفات القاضى ح ٣٣٣٦٣.

٣٢٠