زبدة الأصول - ج ٤

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني

زبدة الأصول - ج ٤

المؤلف:

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: أنوار الهدى
المطبعة: وفا
الطبعة: ٣
ISBN: 964-8812-37-3
ISBN الدورة:
964-8812-39-X

الصفحات: ٥١٠

الموافقة الاحتمالية لكل منهما في صورة التساوي مع انه غير ملتزم بذلك.

وثانيا : بالحل ، بان تقديم محتمل الأهمية في باب التزاحم لم يدل عليه دليل تعبدي كي يدور الحكم مدار صدق التزاحم ويتعب النفس في إثبات صدقه وعدمه ، وإنما يحكم بالتخيير عند التساوي ، ويحكم بالتعيين إذا أحرز أهمية أحدهما ، أو احتمل ذلك في ما لو كان الملاكان تامين ، والمكلف غير قادر على استيفائهما ، فالأمر بهما معا تكليف بما لا يطاق ، فلا بد من سقوط أحد التكليفين أما تعيينا أو تخييرا على اختلاف الموارد.

وفي المقام الملاكان تامان ، والمكلف قادر على امتثالهما ، والتكليف بهما ليس تكليفا بما لا يطاق ، والتنافي إنما يكون بين ما يحكم العقل به لكل منهما من وجوب الموافقة القطعية ، والعقل كما يحكم بوجوب موافقة الأهم يحكم بوجوب موافقة المهم بلا ترجيح لأحدهما على الآخر ، فان الأهمية والمهمية إنما تكونا في حكم الشارع والفرض عدم التنافي بينهما دون ما يحكم به العقل.

وبالجملة ان العقل في جميع موارد الأحكام الفعلية ، من أهم الأحكام كالصلاة ، إلى ما دونها ، يحكم بوجوب الموافقة بملاك واحد.

والتنافي في هذا المقام لا يوجب التنافي في جعل الحكمين ، ولا يسرى إليه كما هو كذلك في باب التزاحم : فان التكليف بهما هناك تكليف بما لا يطاق.

نعم لو كان أحد التكليفين مما أوجب الشارع الاحتياط عند احتمال

٥٠١

وجوده كما في الأبواب الثلاثة (١) ، مثل : ما لو حلف على ذبح شاة له في ليلة معينة واشتبهت الشاة بالنفس المحترمة لظلمة ونحوها ، لا ريب في تقديم حرمة القتل ولا يحكم بالتخيير : والسر فيه انه يقع التزاحم بين إيجاب الاحتياط والتكليف الآخر ويقدم الأول.

هل التخيير في صورة تعدد الواقعة بدوي أو استمراري

تذييل إذا تعددت الواقعة وكان حكم جميع الوقائع متحدا.

كما لو علم بأنه حلف على فعل في كل ليلة جمعة أو على تركه فيها.

فهل التخيير بين تلك الأفراد بدوى ، بمعنى ان ما اختاره في الليلة الأولى ، لا بد وان يختاره في الليالي المتأخرة؟

أم يكون استمراريا ، فله ان يختار في الليلة الثانية خلاف ما اختاره في الأولى؟ كما ذهب إليه المحقق النائيني وجهان.

ومحصل ما أفاده المحقق النائيني (ره) (٢) في وجه كون التخيير استمراريا ، ان كل واقعة لها حكم مستقل مغاير لحكم الوقائع الأخرى ، وقد دار الأمر فيه بين المحذورين فيحكم العقل فيه بالتخيير ولا يترتب عليه محذور ، إذ المحذور المتوهم

__________________

(١) يقصد بالأبواب الثلاثة : الدماء والفروج والأموال ، وهي التي يقدم فيها الاحتياط على ما سواه.

(٢) أجود التقريرات ج ٢ ص ٢٣٥ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٣ ص ٤٠٥.

٥٠٢

ترتبه ، أحد أمرين : أحدهما : انه إذا اختار في الواقعة الثانية خلاف ما اختاره في الأولى ، يحصل له العلم بالمخالفة. ثانيهما : ملاحظة المجموع واقعة واحدة ، فمن تبعيض الوقائع بالنحو المتقدم يلزم مخالفة التكليف ، وكلاهما محل منع.

أما الأول : فلعدم حرمة المخالفة القطعية شرعا ، ليجب الاجتناب والفرار عن حصولها ، ولو بعد ذلك ، فيجب على المكلف عدم إيجاد ما يلزم منه المخالفة القطعية ولو لم يكن التكليف منجزا كما في المقام.

وأما الثاني : فلان كل واقعة موضوع مستقل ، له حكم مختص به كما هو واضح.

وأورد عليه بعض أكابر المحققين (١) بان ما أفاده وان كان تاما إلا انه لا يمكن البناء على استمرارية التخيير من جهة أخرى ، وهي انه من العلم الإجمالي بالإلزام المردد بين الوجوب والحرمة ، والعلم بتساوي الأفراد في الحكم ، يتولد علمان إجماليان آخران : أحدهما : العلم بوجوب الفعل في ليلة الجمعة الأولى ، أو حرمته في الليلة الثانية. ثانيهما : عكس ذلك.

وهذان العلمان وان لم يمكن موافقتهما القطعية إلا انه يمكن مخالفتهما القطعية ، بالفعل في الأولى ، والترك في الثانية أو العكس ، وقد مر ان العلم الإجمالي ينجز بالمقدار الممكن من الموافقة أو المخالفة.

وعليه ، فلا مناص عن كون التخيير بدويا.

__________________

(١) آية الله السيد الخوئي كما نسب إليه في مصباح الأصول ج ٢ ص ٣٣٩.

٥٠٣

ولكن يمكن ان يقال انه في هذين العلمين : تتعارض المخالفة القطعية لكل منهما مع الموافقة القطعية للآخر ، وحيث ان المكلف مضطر إلى أحدهما إذ لو أتى بالفعل في إحدى الليلتين وتركه في الأخرى ، فقد وافق أحد العلمين ، وخالف الآخر ، فوجوب الموافقة القطعية لكل منهما يزاحم المخالفة القطعية للآخر ، فيتساقطان ، فلا اثر لهذين العلمين أيضاً.

فالأظهر ان التخيير استمراري لا بدوي.

* * *

٥٠٤

تم بعونه تعالى

الجزء الرابع

ويليه

الجزء الخامس

وأوله

الفصل الثالث

في اصالة الإحتياط

٥٠٥

فهرس الموضوعات

المقصد السادس................................................................ ٧

في القطع...................................................................... ٧

هل المسائل الأصولية تختص بالمجتهد............................................ ١١

تثليث الأقسام............................................................... ١٦

الكلام في حجية القطع....................................................... ٢٠

النهي عن العمل بالقطع...................................................... ٢٣

الأمر بالإطاعة لا يكون مولويا................................................. ٢٦

الموضع الثاني في التجري....................................................... ٢٩

استحقاق المتجري للعقاب..................................................... ٣١

الفعل المتجري به قبيح........................................................ ٣٧

حرمة الفعل المتجري به وعدمها................................................ ٤٣

تنبيهات.................................................................... ٥٠

الموضع الثالث في القطع الموضوعي............................................. ٥٤

أقسام القطع................................................................ ٥٨

قيام الأمارات والأصول مقام القطع............................................. ٦٠

قيام الأصول مقام القطع...................................................... ٦٤

أخذ القطع بحكم في موضوع نفس الحكم....................................... ٦٨

أخذ القطع بحكم في موضوع ضده............................................. ٧٠

أخذ القطع بالحكم في موضوع حكم مثله....................................... ٧١

أخذ القطع بمرتبة من الحكم في مرتبة أخرى منه................................... ٧٣

٥٠٦

اخذ الظن في موضوع الحكم................................................... ٧٤

حول وجوب موافقة القطع التراما............................................... ٧٩

قطع القطاع................................................................. ٨٥

القطع الحاصل من غير الكتاب والسنة.......................................... ٨٦

الفروع التي توهم فيها المنع عن العمل بالمقطع.................................... ٩٢

الموضع التاسع في العلم الإجمالي................................................ ٩٩

هل العلم الإجمالي منجز للتكليف ، أم لا؟.................................... ١٠٢

جواز الامتثال الإجمالي...................................................... ١٠٩

المقصد السابع............................................................. ١٢٥

في الأمارات المعتبرة شرعا................................................... ١٢٥

إمكان التعبد بالأمارة غير العلمية............................................. ١٢٧

ما توهم لزومه من التعبد بغير العلم من المحاذير................................. ١٣٠

الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري........................................... ١٣٧

ما قبل في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري.................................. ١٤٢

ما يقتضيه الاصل عند الشك في الحجية....................................... ١٥٠

حجية الظواهر............................................................. ١٦٠

عدم اختصاص حجية الظهور بمن قصد افهامه................................. ١٦٣

حجية ظواهر الكتاب....................................................... ١٦٥

لو شك في المراد............................................................ ١٦٩

حجية قول اللغوي.......................................................... ١٧٣

مدرك حجية الإجماع........................................................ ١٧٥

حجية الاجماع المنقول....................................................... ١٧٩

حجية الشهرة الفتوائية وعدمها............................................... ١٨٤

٥٠٧

حجية خير الواحد.......................................................... ١٨٩

أدلة عدم حجية الخبر الواحد والجواب عنها.................................... ١٩٠

أدلة حجية الخبر الواحد ـ آية النبأ............................................. ١٩٥

التنبيه الأول : حجية الخير الواحد في الموضوعات............................... ٢١١

التنبيه الثاني : تنويع الحديث إلى الأنواع الأربعة................................. ٢١٤

التنبيه الثالث :............................................................ ٢١٦

شمول أدلة الحجية للأخبار مع الواسطة........................................ ٢١٩

الاستدلال بآية النفر لحجية خبر الواحد....................................... ٢٢٥

آية الكتمان............................................................... ٢٣٨

الاستدلال بآية الذكر لحجية خبر الواحد...................................... ٢٤٠

الاستدلال بآية الإذن لحجية خبر الواحد...................................... ٢٤٢

النصوص الدالة على حجية خبر الواحد....................................... ٢٤٦

تقرير الإجماع على حجية خبر الواحد......................................... ٢٤٩

تقرير بناء العقلاء على حجية خبر الواحد...................................... ٢٥٢

الوجوه العقلية التي اقيمت على حجية الخبر.................................... ٢٥٨

أدلة حجية مطلق الظن...................................................... ٢٦٧

الدليل الثاني من ادلة حجية مطلق الظن....................................... ٢٧٦

حول دليل الانسداد........................................................ ٢٨٠

المقصد الثامن.............................................................. ٢٩٤

الأصول العملية............................................................. ٢٩٤

أقسام المسائل الأصولية..................................................... ٢٩٦

انحصار الأصول العملية في اربعة.............................................. ٢٩٨

الفرق بين هذه المسالة ومسالة الحظر والاباحة.................................. ٣٠٢

٥٠٨

الفصل الأول : البراءة....................................................... ٣٠٧

الآية الاولى من الآيات التي استدل بها للبراءة................................... ٣٠٧

الآية الثانية التي استدل بها للبراءة............................................. ٣١٢

الآية الثالثة التي استدل بها للبراءة............................................. ٣١٤

الآية الرابعة التي استدل بها للبراءة............................................. ٣١٦

الآية الخامسة التي استدل بها للبراءة........................................... ٣١٧

الاستدلال للبراءة بحديث الرفع............................................... ٣١٩

ما يستفاد من جملة ما لا يعلمون............................................. ٣٢٩

عموم الحديث للشبهة الحكمية والموضوعية..................................... ٣٣١

في جريان البراءة في الأحكام غير الالزامية وعدمه................................ ٣٤٠

عنوان الخطأ والنسيان من العناوين المرفوعة..................................... ٣٤١

الاكراه والاضطرار.......................................................... ٣٥٠

الحسد والطيرة و............................................................ ٣٥٣

الاستدلال للبراءة بحديث الحجب............................................ ٣٥٥

الاستدلال على البراءة بروايات الحل........................................... ٣٥٨

عدم اختصاص الموئق بالشبهة الموضوعية....................................... ٣٦٣

الاستدلال بحديث الناس في سعة............................................. ٣٦٨

الاستدلال برواية الإطلاق................................................... ٣٧١

الاستدلال للبراءة بحديث الاحتجاج.......................................... ٣٧٨

الاستدلال للبراءة بالإجماع................................................... ٣٨٢

الاستدلال بحكم العقل...................................................... ٣٨٣

الاستدلال على البراءة بالاستصحاب......................................... ٣٨٩

٥٠٩

الاستدلال بالآيات للزوم الاحتياط........................................... ٣٩٥

الأخبار التي استدل بها للزوم الاحتياط........................................ ٣٩٨

الاستدلال بأخبار التوقف لوجوب الاحتياط................................... ٤٠٠

الاستدلال بأخبار التثليث لوجوب الاحتياط................................... ٤٠٧

الاستدلال بأخبار الاحتياط لوجوب الاحتياط.................................. ٤١١

الاستدلال بحكم العقل لوجوب الاحتياط...................................... ٤١٤

أصالة عدم التذكية......................................................... ٤٢٢

جريان الاحتياط في العبادات................................................. ٤٣٢

قاعدة التسامح في ادلة السنن................................................ ٤٤٠

تتميم في بيان أمور......................................................... ٤٤٧

ثمرة هذا البحث............................................................ ٤٦٢

جريان البراءة في الشبهة التحريمية الموضوعية.................................... ٤٦٤

الفصل الثاني : أصالة التخيير................................................. ٤٧٤

دوران الأمر بين المحذورين.................................................... ٤٧٤

دوران الأمر بين التعيين والتخيير.............................................. ٤٨٨

لو كان أحدهما تعبديا مع وحدة الواقعة........................................ ٤٩١

دوران الأمر بين المحذورين في العبادات الضمنية................................. ٤٩٣

دوران الأمر بين الوجوب والحرمة مع تعدد الواقعة................................ ٤٩٧

حكم ما لو احتمل أهمية أحد الالزامين........................................ ٤٩٩

هل التخيير في صورة تعدد الواقعة بدوي أو استمراري............................ ٥٠٢

فهرس الموضوعات.......................................................... ٥٠٦

٥١٠