زبدة الأصول - ج ٤

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني

زبدة الأصول - ج ٤

المؤلف:

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: أنوار الهدى
المطبعة: وفا
الطبعة: ٣
ISBN: 964-8812-37-3
ISBN الدورة:
964-8812-39-X

الصفحات: ٥١٠

عنه شرعا ، لا يستلزم عدم المنع عنه مع فرض احتمال المنع عنه.

الثاني : ما محصله ان العقل إنما يحكم بالحظر في تلك المسألة لعدم قابلية المورد للبيان لكونه قبل الشرع والشريعة ، فلا تجرى قاعدة قبح العقاب بلا بيان وهذا بخلاف ، ما هو محل الخلاف المفروض فيه ثبوت الشرع والشريعة ، وقابلية المورد للبيان ، فمع عدم بيان الشارع ، يستقل العقل بقاعدة قبح العقاب بلا بيان.

وفيه : ان استقلال العقل بذلك ، وإحراز عدم العقاب على مخالفة المنع الشرعي على فرض وجوده ، لا ينافى مع الحظر ، والمنع المالكي ، الذي هو بمناط انه بمقتضى قانون المملوكية والعبودية ، لا بد وان يكون جميع أفعال المملوك عن إذن سيده ، لئلا يخرج عن ذى الرقية ، إذ هذا المناط بعينه موجود فيما هو محل الخلاف ، وعدم العقاب لعدم المنع الشرعي ، لا ينافى المنع لجهة أخرى ، فتدبر.

الوجه الثالث :

ان الإقدام على ما لا يؤمن المفسدة فيه كالإقدام على ما يعلم المفسدة فيه.

وهذا الوجه ربما يستدل به للاحتياط فيما هو محل الكلام ، وهو الظاهر من الكفاية (١).

وربما يستدل به للقول بالحظر في مسألة الحظر والإباحة ، كما نسب إلى

__________________

(١) الكفاية ص ٣٤٦ (واما حكم العقل ...)

٤٢١

الشيخين وغيرهما على ما في رسائل الشيخ الأعظم (ره) ٧ (١).

اما الأول : فقد مر في ذيل قاعدة قبح العقاب تقريبه وما يرد عليه.

واما الثاني : فيرد عليه ان المفسدة ان كانت بالغة مرتبة التأثير في الحرمة ، فلا ربط له بتلك المسألة ، إذ هي إنما تكون في فرض خلو الواقعة عن الحكم الشرعي ، وانه هل يستقل العقل بالحظر او الإباحة ، مع إحراز عدم المنع من الشارع ، وان لم تكن بالغة تلك المرتبة ، فلا يكون الإقدام على ما فيه المفسدة فضلا عما يحتمل فيه ذلك منافيا لغرض المولى ليكون خروجا عن ذي الرقية ، وبدونه لا استقلال للعقل على قبح الإقدام المذكور.

ودعوى ان اصل الإقدام من دون إذن المولى خروج عن ذي الرقيَّة لأنه تصرف في ملك المولى بدون إذنه.

مندفعة بان ذلك يرجع إلى الوجه الثاني وهو باطل على ما حقق في محله.

أصالة عدم التذكية

بقي أمور مهمة لا بد من التنبيه عليها.

الأول : ان موضوع البراءة هو الشك وعدم العلم ، وعليه فكل اصل كان رافعا للشك تعبدا يكون مقدما على البراءة الشرعية بالحكومة من غير فرق بين

__________________

(١) فرائد الأصول ص ٣٥٥ عند قوله «ولو تنزلنا عن ذلك فالوقف كما عليه الشيخين».

٤٢٢

الشبهة الموضوعية كما لو شك في انقلاب ما علم خمريته خلا ، فان استصحاب الخمرية يرفع الشك في حرمة شربه الذي هو الموضوع للبراءة ، أم كانت حكمية كما إذا شك في جواز وطء الحائض بعد انقطاع الدم وقبل الاغتسال ، إذ استصحاب الحرمة على القول بجريانه ، يرفع موضوع أصالة البراءة ، وقد عبر المحقق الخراساني تبعا للشيخ عن هذا الأصل ، بالأصل الموضوعي ، باعتبار انه رافع لموضوع أصالة البراءة.

ثم ان جماعة من المحققين منهم الشيخ الأعظم (١) ، وصاحب الكفاية (٢) ، رتبوا على ذلك ، انه لا تجرى أصالة الإباحة والحل ، في حيوان شك في حليته مع الشك في قبوله التذكية ، أو ورود التذكية عليه ، لارتفاع الشك في الحلية باستصحاب عدم التذكية.

وتنقيح القول في ذلك يتوقف على بيان مقدمات.

الأولى : ان الموت وان لم يكن مختصا بزهاق الروح حتف الأنف ، ولكنه ليس عبارة عن زهاق الروح غير المستند إلى سبب شرعي ، بل هو عبارة عن الزهاق المستند إلى غير السبب الشرعي ، كما صرح به في مجمع البحرين ، فهو أمر وجودي لا عدمي. واما التذكية ، فقد وقع الخلاف في أنها ، هل تكون أمرا بسيطا معنويا حاصلا من فرى الأوداج الأربعة بشرائطه ، أم هي عبارة عن نفس الفعل الخارجي مع الشرائط الخاصة ، الوارد على المحل القابل ، بنحو يكون

__________________

(١) فرائد الأصول ج ١ ص ٣٦٢ التنبيه الخامس.

(٢) كفاية الأصول ص ٣٤٨ ـ ٣٤٩.

٤٢٣

قابلية المحل شرطا للتأثير ، أو جزءا للتذكية.

وقد اختار المحقق النائيني (١) الثاني.

واستدل له : باستناد التذكية في الآية الشريفة (إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ)(٢) إلى المكلف فان نسبة التذكية إلى الفاعلين تدل على أنها من فعلهم.

وفيه : انه لا شبهة في أنها من فعلهم ، سواء كانت عبارة عن المسبب ، أو عن نفس الأفعال الخارجية ، غاية الأمر على الأول تكون فعلهم التسبيبي ، وعلى الثاني فعلهم المباشري ، وليس الاستناد ظاهرا في إرادة المعنى المباشري ، دون التسبيبي.

فالصحيح ان يستدل له مضافا إلى ان الظاهر من الأدلة ترتب الحلية والطهارة على نفس الأفعال كقوله (ع) إذا رميت وسميت فانتفع بجلده (٣) انه في جملة من النصوص ورد ان ، ذكاة الجنين ذكاة أمه (٤) ، ولو كانت التذكية اسما للمسبب ، لما صح هذا الإطلاق ، إذ الحاصل لكل منهما فرد من ذلك الأمر المعنوي غير ما هو حاصل للآخر قطعا ، وهذا بخلاف ما إذا كانت اسما لنفس الأفعال الخارجية.

__________________

(١) فوائد الأصول للنائيني ج ٣ ص ٣٨٢.

(٢) الآية ٣ من سورة المائدة.

(٣) التهذيب ج ٩ ص ٧٩ باب الذبائح والأطعمة ح ٧٤ / الوسائل ج ٣ ص ٤٨٩ باب ٤٨ من أبواب النجاسات والأواني والجلود ح ٤٢٥٩ ، وأيضا ج ٢٤ ص ١٨٥ ح ٣٠٣٠٢.

(٤) وسائل الشيعة ج ٢٤ ص ٣٦ ح ٢٩٩٢٤.

٤٢٤

ثم ان ظاهر الإسناد في الآية خروج القابلية عن حقيقتها ، وأنها تكون شرطا للتأثير كما هو واضح.

الثانية : انه وان وقع الخلاف في ان ما يقبل التذكية من الحيوان ، هل هو خصوص ما يحل اكل لحمه ، أو ان كل حيوان يقبل التذكية إلا المسوخ ، أو ان كل حيوان يقبل تلك إلا الحشرات ، أو ان كل حيوان قابل لها إلا نجس العين.

ولكن الأظهر هو الأخير ، اما قبول غير مأكول اللحم لها في الجملة فيشهد له قوله (ع) في ذيل موثق ابن بكير ، وان كان غير ذلك مما قد نهيت عن أكله وحرم عليك أكله فالصلاة في كل شيء منه فاسدة ذكاه الذبح أو لم يذكه ، وقد استدل به صاحب الجواهر (ره) (١) للقول بقبول كل حيوان للتذكية إلا ما خرج بالدليل ، ويشهد لقبول السباع للتذكية موثق سماعة المتقدم عن جلود السباع ينتفع بها قال (ع) إذا رميت وسميت فانتفع بجلده وتمام الكلام في ذلك موكول إلى محله.

المقدمة الثالثة ان موضوع النجاسة هو عنوان الميتة الذي هو أمر وجودي كما يظهر لمن راجع النصوص.

واستدل لكون موضوعها غير المذكى بخبر القاسم الصيقل ، قال كتبت إلى الرضا (ع) إني اعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة فيصيب ثيابي فاصلي فيها فكتب إلى اتخذ ثوبا لصلاتك فكتب إلى أبي جعفر الثاني كنت

__________________

(١) يظهر ذلك من عدّة مواضع في جواهر الكلام : ج ٦ ص ٣٤٩ ، ج ٢٢ ص ٤٠ وج ٣٦ ص ٥٤ وص ١٩٩ ـ ٢٠٠.

٤٢٥

كتبت إلى أبيك بكذا وكذا فصعب على ذلك فصرت اعملها من جلود الحمر الوحشية الذكية فكتب إلى كل أعمال البر بالصبر يرحمك الله فان كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا باس (١)

بدعوى ان جملته الأخيرة تدل بالمفهوم على ان غير المذكى فيه باس ، ومعلوم ان المراد بالبأس النجاسة.

وفيه : ان السائل حيث فرض عمله من شيئين أحدهما من جلود الحمر الميتة ثانيهما من جلود الحمر الوحشية الذكية ، فأجابه (ع) انه ان كان من القسم الثاني لا بأس ، فمفهومه ثبوت البأس لو كان من القسم الأول.

وبعبارة أخرى : ان الإمام (ع) في مقام بيان حكم كلا العملين ، والشاهد على ذلك تقييده (ع) بقوله وحشيا ، مع انه لا ريب في عدم مدخلية الوحشية في الحكم ، وعليه فغاية ما يثبت بهذا الخبر ثبوت البأس وهو النجاسة في الميتة دون غير المذكى.

إذا عرفت هذه المقدمات ، فاعلم ان الشبهة ، تارة تكون موضوعية ، وأخرى تكون حكمية ، اما الأولى ففيها صور :

إحداها : ان يعلم بقبول الحيوان للتذكية ووقوع التذكية عليه ، ويشك في حلية لحمه وحرمته من جهة الشك في انه من القسم الذي يحل اكل لحمه بعد التذكية ، أو من غيره كما لو اشتبه الموجود الخارجي وتردد الأمر بين ان يكون ،

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ٤٠٧ ح ١٦ / التهذيب ج ٢ ص ٣٥٨ ح ١٥ / وسائل الشيعة ج ٣ ص ٤٦٢ ح ٤١٨١ ، وأيضا ح ٤٢٥٨.

٤٢٦

غنما أو أرنبا ، مع قبول كليهما للتذكية ، ففي مثل هذه الصورة تجرى أصالة الإباحة.

فان كان كلام الشهيد الذي نقله الشيخ الأعظم (ره) (١) ، من ان الأصل في اللحوم الحرمة شاملا لهذه الصورة.

فغير تام : لما عرفت من أصالة الإباحة.

ودعوى انه يستصحب حرمة أكل لحمه الثابت في حال الحياة فيثبت به حرمة لحمه.

مندفعة : بعدم ثبوت حرمة أكل الحيوان الحي ، وفي الجواهر (٢) دعوى الشهرة على جوازا كل السمك وبلعه حيا ، مع ، انه لو سلم الحرمة فإنما موضوعها ، لحم حيوان حي ، أو القطعة المبانة منه ، وهذان العنوانان يرتفعان بالموت فلو ثبتت الحرمة يكون موضوعها شيئا آخر فلا يجري الاستصحاب.

ثانيتها : ما إذا شك في التذكية لأجل احتمال عروض المانع مع قبوله في نفسه للتذكية ، ووقوعها كما لو شك في صيرورة الغنم موطوءة ، وفي هذه الصورة أيضاً لا تجرى أصالة عدم التذكية ، بل تجرى أصالة عدم عروض المانع الحاكم عليها ويثبت الحلية والتذكية ، ولو كان كلام الشهيد شاملا لهذا الصورة لا يكون تاما.

ثالثتها : ما لو شك في ذلك من جهة الشك في ان الحيوان المذبوح من ما

__________________

(١) فرائد الأصول ج ١ ص ٣٦٣ (التنبيه الخامس).

(٢) جواهر الكلام ج ٣٦ ص ١٧٠.

٤٢٧

يقبل التذكية كالشاة ، أو مما لا يقبل ، أو من جهة تردد الجلد بين ان يكون من الحيوان المذبوح في الخارج المعلوم كونه كلبا ، أو من الآخر الواقع عليه الذبح الجامع للشرائط المعلوم كونه غنما ، وفي هذه الصورة بناء على وجود دليل عام يدل على قبول كل حيوان للتذكية ، إلا ما خرج بالدليل كما تقدم منا وجريان استصحاب العدم الأزلي حتى في العناوين الذاتية كما حققناه في محله يحكم بالطهارة ، لاستصحاب عدم تحقق العنوان الذي خرج فيثبت انه حيوان لا يكون معنونا بعنوان الخاص ، فيشمله العموم.

ودعوى عدم تمامية ذلك في القسم الثاني لعدم كون حيوان في الخارج مشكوك كلبيته كي يجري الأصل فيه ، ويحكم بعدم كونه كلبا.

مندفعة بان ما يكون هذا جلده بهذا العنوان يشك في انه كلب أو غنم ومقتضى الأصل عدم كونه كلبا.

واما لو بنينا على عدم العموم ، فان بنينا على ان التذكية عبارة عن الأفعال الخاصة عن خصوصية في المحل كما اخترناه يجري استصحاب ، عدم الخصوصية ، ويحكم بعدم التذكية لانتفاء المركب بانتفاء شرطه أو جزئه ، هذا بناء على جريان استصحاب العدم الأزلي ، واما بناء على عدمه فلا يجري أصالة عدم التذكية لعدم الحالة السابقة لجزئها أو شرطها ، والمجموع من حيث المجموع ليس شيئا آخر وراء الأجزاء كي يجري الأصل فيه وعليه فيتعين الرجوع إلى أصالة الإباحة والطهارة.

٤٢٨

وبما ذكرناه ظهر ان ما أفاده المحقق الخراساني (١) من جريان أصالة عدم التذكية مع بنائه على كون التذكية عبارة عن الأفعال الخاصة ، يكون مراده بها أصالة عدم الخصوصية ، لبنائه على جريان استصحاب العدم الأزلي لا أصالة عدم المجموع.

وان بنينا على ان التذكية عبارة عن الأمر التوليدي المسبب عن الأفعال الخاصة عن خصوصية في المحل ، يجري أصالة عدم التذكية ويحكم بعدمها.

ثم انه في مورد جريان أصالة عدم التذكية يترتب عليها ، عدم جواز الصلاة ، وحرمة أكل لحمه : لأنهما من آثار عدم التذكية ولا يترتب عليها النجاسة فإنها كما عرفت مترتبة على الميتة ، والموت أمر وجودي كما تقدم ، لا يثبت بأصالة عدم التذكية ، ففيها يرجع إلى أصالة الطهارة ، فالالتزام بان الأصل في اللحوم الحرمة والطهارة ، متين على هذا ، ولا يرد عليه إشكال أصلاً.

رابعتها : ان يكون الشك من جهة احتمال عدم وقوع التذكية عليه خارجا ، أو قطعنا يكون الحيوان المعين الواقع عليه الذبح مذكى ، والآخر المعين ميتة ، وشك في ان الجلد من أيهما اخذ ، وفي هذه الصورة أيضاً تجرى أصالة عدم التذكية ويترتب عليها الحرمة ، وفي النجاسة يرجع إلى أصالة الطهارة ، فالأصل هو الحرمة والطهارة.

فعلى هذا : الجلود التي يؤتى بها من بلاد الإفرنج ، ويعلم بان يد المسلم يد عمياء ومع ذلك يحتمل التذكية تكون محكومة بالطهارة.

__________________

(١) كفاية الأصول ص ٣٤٩.

٤٢٩

اما الثانية : أي صورة كون الشبهة حكمية ، فلها أيضاً صور.

الأولى : ان يعلم بقبوله للتذكية ويشك في حليته وحرمته وفي هذه الصورة تجرى أصالة الحل ويحكم بالحلية ، ولا تجرى أصالة الحرمة الثابتة في حال الحياة لما تقدم ، في الصورة الأولى من صور الشبهة الموضوعية.

الثانية : ما لو شك في قبوله للتذكية من جهة احتمال عروض المانع ، كما لو شك في ان شرب لبن الخنزيرة مرة واحدة يمنع عن قبوله للتذكية أم لا؟ وفي هذه الصورة يجري استصحاب بقاء القابلية ، فان كانت التذكية عبارة عن الأفعال الخاصة عن خصوصية في المحل فقد أحرز بعضها بالوجدان وبعضها بالأصل ، ولو كانت أمرا بسيطا حاصلا من الأفعال ، فحيث انه يكون بحكم الشارع ، وتكون من الأحكام الوضعية وموضوعها الأفعال الخاصة مع القابلية ، فقد أحرز ، بعض الموضوع بالوجدان ، وبعضه بالأصل ، ويترتب عليه التذكية ، ويكون هذا الأصل حاكما على أصالة عدم التذكية.

الثالثة : ما لو شك في القابلية ابتداء كما لو تولد حيوان من طاهر ونجس ، ولم يتبعهما في الاسم ، فعلى المختار من وجود عموم دال على قبول كل حيوان للتذكية يتمسك به ويحكم بها ، واما بناء على عدمه ، فان كانت التذكية أمرا بسيطا معنويا يجري أصالة عدم التذكية ، وان كانت عبارة عن الأفعال الخاصة مع قابلية المحل يجري استصحاب عدم القابلية بناء على جريان الأصل في العدم الأزلي ، وإلا فلا ، وعلى التقديرين لا يجري استصحاب عدم المجموع لما تقدم من عدم كونه بما هو مركب موضوع الحكم بل ذوات الأجزاء تكون موضوعا ، ولا استصحاب عدم تحقق السبب ، لان السبب هو ذوات الأجزاء ، وعنوان السببية مضافا إلى كونه عبارة عن الحكم ، لا يكون دخيلا في الموضوع ، وقد عرفت انه لا يترتب على أصالة عدم

٤٣٠

التذكية النجاسة.

فما ذكره الشهيد والمحقق الثانيان (١) فيما لو تولد حيوان من طاهر ونجس لم يتبعهما في الاسم وليس له مماثل ان الأصل فيه الحرمة والطهارة.

متين بناء على عدم وجود عموم دال على قبول كل حيوان للتذكية ، اما الحرمة فلاصالة عدم التذكية ، أو عدم القابلية ، واما الطهارة فلأصالتها.

وإيراد الشيخ الأعظم (ره) (٢) بان وجه الحكم بالحرمة إن كان أصالة عدم التذكية ، فلا بد من الالتزام بالنجاسة. غير تام.

لا يقال انه بناء على كون الميتة أمرا وجوديا كما يجري أصالة عدم التذكية ويترتب عليها الحرمة ، يجري أصالة عدم الموت ، ويترتب عليها الطهارة فتتعارضان وتتساقطان ، فيرجع إلى أصالة الحل والطهارة ، فلا وجه للحكم بالطهارة والحرمة كما أفاده المحقق النراقي (ره) (٣).

__________________

(١) كما حكاه عنهما الشيخ الأعظم في الفرائد ج ١ ص ٣٦٢.

(٢) فرائد الأصول ج ١ ص ٣٦٢ ـ ٣٦٣ بتصرف.

(٣) عوائد الأيام ، العائدة ٥٩ ص ٦١٠ ط. مكتب الاعلام الاسلامي ـ قم : فبعد أن التزم ببقاء الطهارة حتى يعلم الموت حتف الانف ، عدل عن ذلك واعتبر التلازم بين التذكية والطهارة فقال : «ولكن الانصاف أنه يخلو عن جدل واعتساف ، لأن الظاهر أنه انعقد الاجماع القطعي على أن التذكية المبقية للطهارة المانعة عن حصول النجاسة المخرجة للمذكى عن مصداق الميتة هي التي اعتبرها الشارع ورتب عليها تلك الآثار» إلى أن قال : «ومع عدمه يكون المورد ميتة ومعها يكون نجسا».

٤٣١

فانه يقال : انه سيأتي في محله ان العلم الإجمالي بمخالفة أحد الاصلين للواقع ، لا يمنع من جريانهما ما لم يلزم منهما المخالفة العملية لتكليف لزومي ، كما في المقام فانه لا مانع من جريانهما معا ويحكم بالحرمة لاصالة عدم التذكية والطهارة ، وعدم النجاسة ، لاصالة عدم الموت.

ثم ان الوجه في ذكر هذا التنبيه في المقام ، ان صاحب الحدائق (١) ، أورد على الأصوليين وتعجب منهم حيث انهم يحكمون بحرمة اللحم المشكوك تمسكا بأصالة عدم التذكية ، مع انهم يقولون بعدم جريان الأصل مع وجود الدليل ، والدليل على الحل موجود في المقام ، وهو قوله (ع) كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه (٢).

ويرد على ما أفاده ان الدليل الذي يكون مقدما على الأصل ، هو الدليل على الحكم الواقعي ، والدليل الذي ذكره الذي هو من أدلة البراءة دليل على الحكم الظاهري المأخوذ في موضوعه الشكر المرتفع تعبدا مع أصالة عدم التذكية ، ولذلك يقدم عليه.

جريان الاحتياط في العبادات

التنبيه الثاني : لا إشكال في جريان الاحتياط ، في الواجبات التوصلية ،

__________________

(١) الحدائق الناضرة ج ٥ ص ٥٢٦ (الخامس).

(٢) وسائل الشيعة ج ١٧ ص ٨٧ باب عدم جواز الإنفاق من كسب الحرام ... ح ٢٢٠٥٠.

٤٣٢

وكذلك في العبادات إذا أحرز الرجحان وتردد بين ان يكون واجبا أو مندوبا ، لإمكان الاحتياط بداعي أمره الواقعي ، والإشكال فيه من ناحية قصد الوجه ، وقد مرّ دفعه في أوائل هذا الجزء (١).

وإنما الكلام والإشكال في جريان الاحتياط في العبادات ، إذا لم يحرز محبوبية العمل ودار الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب ، ومنشأ الإشكال ان الاحتياط عبارة عن الإتيان بكل ما يحتمل دخله في المأمور به على فرض الأمر به على وجه يحصل العلم بعد الاحتياط بتحقق ما احتاط فيه بجميع قيوده.

ومن جملة الشرائط المعتبرة قصد أمرها والتقرب به ، وحينئذٍ ان أتى به بداعي الأمر كان تشريعا محرما ، وان أتى به بغير ذلك الداعي ، فلم يأت بالمأمور به قطعا وللقوم في الجواب عن هذه الشبهة مسالك.

الأول : انه يستكشف الأمر بالاحتياط من حسن الاحتياط عقلا بقاعدة الملازمة ، أو من جهة ترتب الثواب عليه ، فيأتي بالعمل بداعي ذلك الأمر الاحتياطي.

الثاني : ان الأمر بالاحتياط الذي ورد في الأخبار أمر مولوي نفسي ، وهو يكفي في العبادية.

الثالث : ان الاحتياط في العبادات أمر ممكن بلا احتياج إلى أمر آخر ، فالكلام يقع في موارد ثلاثة :

__________________

(١) راجع ص ١١٣ من هذا المجلد.

٤٣٣

أما الأول : فيرد عليه ان حكم العقل بحسن الاحتياط إنما يكون بيانا للكبرى وجاريا على نحو القضية الحقيقية المتضمنة لثبوت الحكم على تقدير وجود الموضوع ، ولا تعرض له لبيان الموضوع ، فهو لا يصلح ان يكون مبينا للموضوع وسببا لإمكان الاحتياط.

وبالجملة على فرض عدم إمكان الاحتياط في العبادات لا مورد لحكم العقل بحسنه ، ولا يفيد ما دل على ترتب الثواب عليه.

وان شئت قلت انه لو ثبت الملازمة بين حكم العقل بحسن الاحتياط والامر به شرعا بما انه حينئذ يتوقف الأمر على موضوعه توقف العارض على معروضه ، فلا يعقل ان يكون من مبادئ ثبوته فلا أمر به.

واما المورد الثاني : فملخص القول فيه ان محتملاته بعد عدم كون الأمر به طريقيا كما مر ثلاثة :

الأول : كونه إرشادا إلى عدم الوقوع في المفاسد الواقعية ، وعدم فوت المصالح ، نظير أمر الطبيب ونهيه.

الثاني : كونه إرشادا إلى حسن الاحتياط والانقياد عقلا.

الثالث : كونه أمرا مولويا نفسيا.

فان قيل انه يحتمل كونه طريقيا استحبابا.

اجبنا عنه بأنا لا نتصور معنى معقولا للطريقية ، التي هي عبارة عن الحكم بداعي تنجيز الواقع ، غير اللزوم.

٤٣٤

وقد اختار جماعة منهم المحقق الخراساني (١) ، والمحقق النائيني (٢) الثاني ، وعللوه بأنه كالأمر بالإطاعة ، وحاصله ان نفس البرهان المقتضى لعدم كون الأمر بالإطاعة ، مولويا ، يقتضي عدم كون هذا الأمر مولويا.

واوضحه المحقق النائيني (٣) : بما حاصله : ان الأحكام العقلية الواقعة في سلسلة علل الأحكام ، وملاكاتها ، كحكم العقل بحسن الإحسان ، وقبح الظلم ، تكون مستتبعة للأحكام الشرعية المولوية ، واما الواقعة في سلسلة معاليل الأحكام وفي مرحلة الامتثال ، كحكم العقل بلزوم الإطاعة ، فلا تكون مستتبعة لها ، ولو كان هناك حكم ، كان إرشاديا ، إذ الحكم الشرعي في نفسه لو لا الحكم العقلي بالامتثال لا يكون باعثا وزاجرا ، فمقام الامتثال ، لا معنى لورود الحكم الشرعي فيه ، والمقام من قبيل الثاني لأنه إنما يكون لأجل ادراك الواقع فيكون واقعا في مرحلة الامتثال غاية الأمر كونه امتثالا احتماليا.

وأورد عليه الأستاذ الأعظم (٤) بما حاصله ان وجه كون الأمر بالإطاعة إرشاديا ليس مجرد وقوعه في مرحة الامتثال ، بل الوجه ان الأمر المولوي ولو لم يكن متناهيا لا يكون محركا للعبد ، ما لم يكن له إلزام من ناحية العقل ، فلا بد وان ينتهي الأمر المولوي في مقام المحركية إلى إلزام من العقل ، فلا مناص من

__________________

(١) كفاية الأصول ص ٣٤٥ ـ ٣٤٦.

(٢) فوائد الأصول للنائيني ج ٣ ص ٣٧٤.

(٣) فوائد الأصول للنائيني ج ٣ ص ٣٧٤ / اجود التقريرات ج ٢ ص ١٣٥ ـ ١٣٦ وفي الطبعة الجديدة ج ٣ ص ٢٣٧.

(٤) مصباح الأصول ج ٢ ص ٣١٧ / دراسات في علم الأصول ج ٣ ص ٢٩٩ ـ ٣٠٠.

٤٣٥

جعل الأمر الوارد في مورده إرشادا إلى ذلك ، وهذا بخلاف الأمر بالاحتياط ، إذ العقل بما انه لا يستقل بلزوم الاحتياط ، فلا مانع من ان يأمر به المولى مولويا حرصا على ادراك الواقع.

ويتوجه عليه : انه قد مر في أول هذا الجزء (١) ما في هذه الكلمات ، وعرفت ان وجه كون الأمر بالإطاعة ارشاديا ارتباط الموضوع بنفسه بالمولى ، وان كلما يترقب من الآثار للحكم المولوي ، من الثواب على الموافقة والعقاب على المخالفة ، والتقرب بإتيان المأمور به إلى الله تعالى ، تكون مترتبة على الموضوع ، فلا يترتب على الأمر بالإطاعة اثر فيكون لغوا ، وهذا البرهان في بادي النظر جار في المقام ، فلا يكون امره مولويا.

نعم يمكن تصوير كونه مولويا بالتقريب الذي أفاده المحقق النائيني (٢) في آخر كلامه ، قال : انه يمكن ان لا يكون الأمر بالاحتياط ناشئا عن مصلحة ادراك الواقع ، بل يكون ناشئا عن مصلحة في نفس الاحتياط كحصول قوة للنفس باعثة على ترك المعاصي وعلى الطاعات وحصول التقوى للانسان ، وإلى هذا المعنى اشار (ع) بقوله من ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له اترك ، فيكون الأمر بالاحتياط بهذا الملاك ، وهو ملاك واقع في سلسلة علل الأحكام فيكون الأمر الناشئ عنه مولويا.

ثم ان الشيخ الأعظم بعد اختياره عدم إمكان الاحتياط في العبادات

__________________

(١) راجع المقام الرابع (الأمر بالإطاعة لا يكون مولويا) من هذا المجلد ص ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) دراسات في علم الأصول ج ٣ ص ٢٩٩.

٤٣٦

بلحاظ الأوامر المتعلقة بها على ما ستعرف في المورد الثالث.

أفاد (١) انه يمكن تصحيح الاحتياط في العبادات بالامر بالاحتياط في الأخبار ، بدعوى ان ذلك الأمر مولوى نفسي ، ومتعلق بذات الفعل العبادي ولا يكون في طول الأمر الواقعي ، فالمكلف يأتي بالعمل الذي يحتمل كونه مامورا به بالامر التعبدى ، بداعي ذلك الأمر الجزمى بالاحتياط ، وهذا يكفي في العبادية.

وتوضيح ذلك إنما يكون ببيان أمور :

١ ـ ان الأمر ليس على قسمين ، تعبدي ، وتوصلى ، بل الفرق بين القسمين ، إنما يكون في المتعلق ، حيث انه ربما يؤخذ في المتعلق قصد القربة فالواجب تعبدي ، وربما لا يؤخذ فيه ذلك فالواجب توصلي ، ومعنى الاحتياط في جميع الموارد واحد ، وهو اتيان المتعلق بجميع ما يعتبر فيه.

٢ ـ انه قد تقدم ان المأخوذ في المتعلق في التعبديات ، هو اضافة الفعل إلى

__________________

(١) راجع فرائد الأصول ، حيث قوى ـ الشيخ الاعظم في التنبيه الثاني من المطلب الثاني في دوران حكم الفعل بين الوجوب وغير الحرمة من الاحكام ـ حسن الاحتياط في العبادات ، ج ١ ص ٣٨١ ـ ٣٨٢ ، وفي بحث دوران الامر بين المتباينين ذكر أن الالتزام بالاحتياط في العبادات موجب للتشريع المحرم بناء على اعتبار قصد القربة إلا أنه لم يلتزم بذلك بقوله : «ان مقتضى النظر الدقيق خلاف هذا البناء وان الامر المقدمي ... لا يوجب موافقته التقرب ولا يصير منشأ لصيرورة الشيء من العبادات ... الخ» ج ٢ ص ٤٤٨ ـ ٤٤٩.

٤٣٧

المولى بأي اضافة كانت ، ولا يعتبر فيها الإضافة إليه بقصد امره المعين ، فلو كان عمل عبادة وصالحا للاستناد إلى الله تعالى ، وإضافة العبد إليه في مقام العمل من غير قصد امره ، بل تخيل وجود امر آخر وإضافة إليه بتلك الإضافة صح ووقع عبادة.

٣ ـ ان الأمر بالاحتياط في العبادات متعلق بذات الفعل المضاف إلى المولى سبحانه.

إذا تبين هذه الامور ، يظهر انه لو أتى بعمل خاص يحتمل كونه مامورا به ، بداعي الأمر الاحتياطى الاستحبابى فقد تحقق الاحتياط ، فانه على الفرض أتى بالعمل مضافا إلى الله تعالى ، فحال الأمر الاحتياطي ، حال الأمر النذرى ، فكما انه لو نذر ان يصلى صلاة الليل ، وغفل عن امرها النفسي وقصد الأمر النذرى في صلاته ، لا اشكال في سقوط الأمر بصلاة الليل وامتثاله ، للاتيان بها مضافا إلى الله تعالى فكذلك في المقام.

وهذا الوجه متين ، اما على القول بعدم إمكان الاحتياط في العبادة بلحاظ امرها الواقعي على فرض وجوده ، فواضح ، واما بناء على المختار من امكانه كما ستعرف ، فلما مر نقله من المحقق النائيني (ره) من ان الأمر بالاحتياط يمكن ان يكون مولويا ، وحيث ان ظاهر الأمر كونه مولويا ، فيؤخذ بما هو ظاهر الأخبار من كون الاحتياط مستحبا نفسيا.

ويترتب عليه ، انه يتجه الفتوى باستحباب العمل الذي يحتمل كونه مامورا به بالامر الواقعي ، وان لم يعلم المقلد كون ذلك الفعل مما شك في كونها عبادة ، ولم يأت به بداعي احتمال المطلوبية ، بل قصد الأمر الجزمى.

٤٣٨

واما المورد الثالث : وهو إمكان الاحتياط في العبادات بلا احتياج إلى امر آخر وعدمه ، فقد قوى جماعة منهم الشيخ الأعظم (ره) (١) العدم ، وعللوه ، بتوقف العبادة على قصد القربة ، المتوقف على العلم بالامر ، إذ مع الجهل به لو أتى بها بقصد الأمر فهو تشريع محرم ، ولو أتى بها بدون قصد الأمر ، فلم يأت بالمأمور به قطعا.

وفيه : انه بناء على أي مسلك من المسالك ، فيما هو المناط في عبادية العبادة ، من كون اعتبار قصد القربة في المتعلق ، بالامر الأول ، أو الأمر الثاني ، أو حكم العقل ، لا ريب في ان قصد القربة المعتبر ، ليس عبارة عن قصد الأمر الجزمي ، بل هو عبارة عن اضافة الفعل إلى الله تعالى ، وحيث ان هذا المعنى يتحقق فيما لو أتى بما يحتمل ان يكون مأمورا به ، برجاء المطلوبية ، بل هذه الإضافة من أقوى الاضافات ، ولا يلزم منه التشريع ، فامكان الاحتياط ظاهر لا سترة عليه.

وان شئت فقل ان مدرك اعتبار قصد القربة كان ، هو حكم العقل ، أو النص المتضمن لاعتبار النية الصالحة ، أو الإجماع ، لا دليل على اعتبار ازيد من اضافة الفعل إلى الله سبحانه ، وهذا يتحقق فيما لو أتى به برجاء المطلوبية ، فلا اشكال في إمكان الاحتياط في العبادة ، بلا احتياج إلى امر آخر.

__________________

(١) المصدر السابق.

٤٣٩

قاعدة التسامح في ادلة السنن

التنبيه الثالث : إذا كان منشأ احتمال الوجوب ، أو الاستحباب خبرا ضعيفا ، يمكن ان يقال باستحباب ذلك الفعل بلا حاجة إلى اخبار الاحتياط ، لورود جملة من الأخبار دالة على استحباب فعل دل خبر ضعيف على ترتب الثواب عليه ، لاحظ صحيح هشام عن الإمام الصادق (ع) : من بلغه عن النبي (ص) شيء من الثواب فعمله كان اجر ذلك له وان كان رسول الله (ص) لم يقله (١). وعن البحار ان هذا الخبر من المشهورات رواه العامة والخاصة باسانيد.

وخبر محمد بن مروان عن الإمام الباقر (ع) من بلغه ثواب من الله على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه وان لم يكن الحديث كما بلغه (٢) ونحوهما غيرهما ولا مورد للبحث في سند هذه النصوص لان منها ما هو صحيح ، إنما المهم البحث فيما يستفاد منها.

وملخص القول فيه ان المحتمل فيه وجوه :

الأول : ان يكون مفادها مجرد الأخبار عن فضل الله سبحانه من غير نظر إلى حال العمل وانه على أي وجه يقع.

وبعبارة أخرى : تكون ناظرة إلى حال العمل بعد الوقوع وانه إذا بلغ عن

__________________

(١) الوسائل ج ١ ص ٨١ باب ١٨ من ابواب مقدمة العبادات ح ١٨٢.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٨٧ باب من بلغه ثواب من الله على عمل .. ح ٢ / الوسائل ج ١ ص ٨٢ باب ١٨ من ابواب مقدمة العبادات ح ١٨٨.

٤٤٠