زبدة الأصول - ج ٤

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني

زبدة الأصول - ج ٤

المؤلف:

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: أنوار الهدى
المطبعة: وفا
الطبعة: ٣
ISBN: 964-8812-37-3
ISBN الدورة:
964-8812-39-X

الصفحات: ٥١٠

من الاقتحام في الهلكة ونحوها غيرها (١).

وتقريب الاستدلال بها ، ان ظاهر التوقف المطلق السكون وعدم المضي فيكون كناية عن عدم الحركة بارتكاب الفعل.

وأورد على الاستدلال بها بإيرادات.

منها : أنها ضعيفة السند.

وفيه انه لو تم في بعضها لا يتم في جميعها فان فيها الموثق والصحيح.

ومنها : ان التوقف في الحكم الواقعي مسلم عند الفريقين ـ والافتاء بالحكم الظاهري منعا وترخيصا مشترك بينهما والتوقف في العمل لا معنى له.

ويرده ما ذكرناه في تقريب الاستدلال.

ومنها : أنها ظاهرة في الاستحباب.

ويرده ان الاقتحام في الهلكة لا خير فيه أصلاً مع انه جعل علة لوجوب الإرجاء في المقبولة وتمهيد لوجوب طرح المخالف للكتاب في الصحيحة.

ومنها : أنها في مقام المنع عن العمل بالقياس وانه يجب التوقف عن القول إذا لم يكن هناك نص عن المعصوم (ع).

وفيه : انه مخالف لظهورها ولا يلائم مع مورد بعضها كما لا يخفى.

ومنها : ما احتمله قريبا المحقق النائيني (ره) (٢) ، وهو أنها تدل على ان

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٥٠ باب النوادر ح ٩ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٥٤ ح ٣٣٤٦٥.

(٢) فوائد الأصول للنائيني ج ٣ ص ٣٧٤.

٤٠١

الاقتحام في الشبهة ، يوجب وقوع المكلف في المحرمات باعتبار ان من لم يتجنب عن الشبهات ، وعود نفسه على الاقتحام فيها هانت عليه المعصية ، وكان ذلك موجبا لجرأته على فعل المحرمات ، وقد ورد نظير ذلك في المكروهات.

وعليه فهي لا تدل على ان نفس الاقتحام في الشبهة حرام إذا صادف الحرام.

وفيه : مضافا إلى منافاته لظهورها : فإنها ظاهرة في ان فعل الشبهة وترك الوقوف بنفسه اقتحام في الهلكة ، لا انه موجب له ويتبعه لذلك كما لا يخفى : انه لا صارف عن ظهور الأمر في الوجوب حينئذ ومجرد كون الحكمة المذكورة فيها جارية في المكروهات لا يصلح لرفع اليد عن هذا الظهور.

ومنها : ما أفاده المحقق صاحب الدرر (ره) (١) وهو أنا نعلم من الخارج عدم وجوب التوقف في بعض الشبهات كالشبهة الموضوعية ، فيدور الأمر بين تخصيص الموضوع بغيرها ، وبين حمل الهيئة على مطلق الرجحان ، ولا ريب في عدم رجحان الأول ان لم نقل بالعكس.

وفيه : ان بناء القوم حتى هو (قدِّس سره) ، على حمل المطلق على المقيد في هذه الموارد ، وإلا فيجرى هذا الكلام في جميع موارد المطلق والمقيد كما هو واضح.

ومنها : ما أفاده الأستاذ الأعظم (٢) وهو ان الموضوع فيها عنوان الشبهة ، وهي ظاهرة فيما يكون الأمر فيه ملتبسا بقول مطلق ظاهرا وواقعا ، فالشك

__________________

(١) درر الفوائد للحائري ج ٢ ص ٩٤ (وثالثا).

(٢) دراسات في علم الأصول ج ٣ ص ٢٧٧ «الأول : ان الموضوع فيها عنوان الشبهة ..».

٤٠٢

الذي يكون حكمه الظاهري معينا لا يكون شبهة ، ويختص هذه الأخبار بالشبهات قبل الفحص ويظهر من بعضها في نفسه الاختصاص بها.

وفيه : ان الشبهة قد أطلقت في موارد معلومية الوظيفة الظاهرية كما في موثق مسعدة ، حيث أطلقت في موارد الشك في جواز النكاح مع ان الأصل الموضوعي يقتضي الجواز.

ومنها : ما أفاده جمع من المحققين (١) وحاصله ان الأمر بالتوقف عُلل بان في تركه احتمال الوقوع في الهلكة ، وظاهرها في نفسها العقاب ، فقد اخذ في المرتبة السابقة على هذا الأمر احتمال العقاب ، وتنجز التكليف ، فلا محالة لا يكون هذا موجبا له ، وإلا لزم تأخر ما هو متقدم فتختص الأخبار بالشبهات التي يحتمل العقاب على ترك التوقف فيها ، بالشبهات قبل الفحص ، والشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي ، واما الشبهات البدوية بعد الفحص فلا يحتمل العقاب فيها فلا تشملها هذه الأخبار.

وأورد عليه بان هذه الجملة ظاهرة في احتمال الهلكة في كل شبهة فتكون واردة في مقام جعل وجوب الاحتياط.

توضيحه : انه كما يمكن إنشاء الحكم بالدلالة المطابقية يمكن إنشاؤه بالدلالة الالتزامية ، بان يخبر عن ترتب العقاب على فعل خاص فانه يستكشف منه حرمته إذ لو لا الحرمة ، لما كان وجه للعقاب على الفعل ، فليكن المقام من هذا القبيل إذ بعد فرض عموم الشبهة لكل شك ، الأخبار بان الوقوف عند

__________________

(١) راجع ما أفاده المحقق العراقي في نهاية الأفكار ج ٣ ص ٢٤٣.

٤٠٣

الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، الدال بالمطابقة على انه في مورد كل شبهة لو كان تكليف يعاقب على مخالفته ومخالفته ، موجبة للوقوع في الهلكة ، يدل بالالتزام على جعل وجوب الاحتياط في كل شبهة.

وفيه : ان دلالة ما تضمن ترتب العقاب على فعل على الحرمة إنما تكون من جهة صون الكلام عن اللغوية فلو فرضنا في مورد عدم لزوم اللغوية لما كان يستكشف الحرمة ، وفي المقام بما انه في بعض موارد الشبهة احتمال العقاب موجود ، والكلام قابل للحمل على تلك الموارد كما هو مورد بعضها ، فلا يلزم اللغوية ، من عدم الالتزام بالحكم فلا كاشف عن جعل وجوب الاحتياط.

وأورد على هذا الجواب بان ظاهر هذه الجملة احتمال الهلكة في مطلق الشبهة ، لا خصوص الشبهة قبل الفحص والمقرونة بالعلم الإجمالي فحيث انه في بعض مواردها ، لا يعقل ذلك بلا جعل وجوب الاحتياط فيستكشف من إطلاقها ذلك.

وأجيب عنه بأجوبة : الأول : ما عن الشيخ الأعظم (ره) (١) وهو ان إيجاب الاحتياط ان كان مقدمة للتحرز عن العقاب ، فهو مستلزم للعقاب على التكليف المجهول وهو قبيح ، وان كان حكما ظاهريا نفسيا فالهلكة مترتبة على مخالفة نفسه لا مخالفة التكليف الواقعي وصريح الأخبار إرادة الهلكة المترتبة على مخالفة الواقع.

وفيه : ان التكليف لا ينحصر بهذين القسمين بل هناك قسم ثالث ، وهو

__________________

(١) فرائد الأصول ج ١ ص ٣٤٤.

٤٠٤

الوجوب الطريقي وهو يوجب تنجز الواقع ويمكن حمل الأخبار عليه.

الثاني : ما أفاده العلمان المحقق الخراساني (١) والأستاذ الأعظم (٢) ، وهو ان إيجاب الاحتياط ان كان واصلا بنفسه ، فلا يعقل ان يكون هذه العلة كاشفة عنه ، وان لم يكن واصلا ، فلا يعقل كونه منجزا للواقع : إذ التكليف غير الواصل لا يكون بيانا ومنجزا.

وفيه : ان المدعى هو كشف إيجاب الاحتياط غير الواصل بنفسه ، فيكون وصوله بهذه الجملة وصول الشيء بوصول معلوله.

الثالث : انه لا مجال في المقام للتمسك بالإطلاق ، وكشف جعل وجوب الاحتياط ، فانه ان كان المولى في مقام جعل وجوب الاحتياط ، وتكون هذه دليلا عليه ، فلا بد من الالتزام بان هذا الوجوب في بعض الموارد إرشادي محض ، لأنه في الشبهات قبل الفحص الذي يكون التكليف منجزا بحكم العقل ، لا معنى لجعل وجوب الاحتياط الطريقي فلا بد من الحمل على الجامع بين الإرشادي والطريقي ، وهذا ليس بأولى واظهر من الالتزام بالاختصاص بالشبهات قبل الفحص وانه ليس في مقام جعل وجوب الاحتياط أصلاً بل الثاني أولى ، ولا اقل من الإجمال وعدم الظهور في الأول.

وفيه : ان لهذه الجملة دلالة مطابقية ، ودلالة التزامية وهي تنجز التكليف عند كل شبهة ، وحيث انه في بعض موارد الشبهة لا يعقل التنجز ما لم يوجب

__________________

(١) كفاية الأصول ص ٣٤٦ بتصرف.

(٢) دراسات في علم الأصول ج ٣ ص ٢٧٨ ـ ٢٧٩ / مصباح الأصول ج ٢ ص ٣٠٠.

٤٠٥

الشارع الاحتياط ، فيستكشف جعله في تلك الموارد خاصة.

وبالجملة : ليس المدعى جعل وجوب الاحتياط عند كل شبهة حتى يجري فيه ما ذكر.

والحق في الجواب ان يقال ان نصوص التوقف طائفتان :

الأولى : ما تضمن الأمر بالتوقف بلا تعليل بالعلة المذكورة.

الثانية : ما يكون الأمر فيه معللا بها.

أما الأولى : فيرد على الاستدلال بها : ان الأمر بالتوقف يدور أمره ، بين ان يكون للإرشاد ويؤخذ بإطلاق الشبهة وبين حمله على مطلق الرجحان ، وبين حمله على الجامع بين الإرشادية والطريقية ليكون في موارد تنجز التكليف إرشاديا وفي موارد أخر منجزا ، وبين حمله على الطريقية ، واختصاص الشبهة بالشبهات بعد الفحص ، إذ لا يمكن حمل الأمر على الطريقية مع الأخذ بإطلاق الشبهة إذ فيما تنجز التكليف ، لا معنى لكونه طريقيا ، لان المتنجز لا يتنجز ثانيا ، وحيث ان الاستدلال بها يتوقف على أحد الاحتمالين الأخيرين ، والالتزام بأحدهما ليس أولى ، من الالتزام بأحد الأولين ، بل لا يبعد دعوى أولويتهما فلا يصح الاستدلال بها.

واما الطائفة الثانية فيرد على الاستدلال بها ، ان المراد بالهلكة ليس هو خصوص العقاب الأخروي كيف ، وقد استعمل هذه الجملة في موارد عدم احتمال العقاب ، وعدم لزوم الاحتياط قطعا ، لاحظ موثق مسعدة بن زياد المتقدم ، وفيه قول النبي (ع) لا تجامعوا في النكاح على الشبهة وقفوا عند

٤٠٦

الشبهة ، فان الإمام الصادق (ع) فسّره في الموثق بقوله : إذا بلغك انك قد رضعت من لبنها أو أنها لك محرمة وما أشبه ذلك فان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة.

ولا ريب في ان الاحتراز عن النكاح المفروض ليس بلازم باتفاق الفريقين ، لاصالة عدم تحقق مانع النكاح ، ولكون الشبهة موضوعية ، ولاحظ خبر الزهري المتقدم الذي ذكر فيه هذه العلة تمهيدا لترك رواية الخبر ، غير معلوم الصدور ، أو الدلالة ، ومن البديهي رجحان ذلك لا لزومه.

وعلى الجملة ان الاحتياط في بعض موارد احتمال الهلكة لازم باتفاق الفريقين ، وهو ما إذا احتمل العقاب ، وغير لازم كذلك في موارده الأخر ، وهو ما لو احتمل مفسدة أخرى غير العقاب ، لكون الشبهة حينئذ موضوعية ، لا يجب فيها الاحتياط.

وعليه فلا يستفاد من هذه العلة لزوم الاحتياط بالتقريب المتقدم ، والأمر بالتوقف المعلل بذلك يكون إرشاديا لا محالة لتعليل الأمر بما ذكر فتدبر فانه دقيق.

الاستدلال بأخبار التثليث لوجوب الاحتياط

السابعة : أخبار التثليث المروية عن المعصومين (ع) ففي مقبولة ابن حنظلة عن الإمام الصادق (ع) وإنما الأمور ثلاثة : أمر بيِّن رشده فيتبع وأمر بيِّن غيّه فيجتنب وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله.

٤٠٧

قال رسول الله (ص) حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ، ومن اخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم (١).

وتقريب الاستدلال بها من وجهين.

أحدهما : ان الإمام (ع) بعد ما أوجب طرح الشاذ من حيث وجود ريب فيه لا يوجد في مقابله وهو المشهور استدل بالنبوي ، وهذه قرينة قطعية على إرادة وجوب اجتناب الشبهات المرددة بين الحلال والحرام من النبوي.

ودعوى ان الشاذ من البيّن الغي من حيث الصدور.

مندفعة بان القطع بعدم الصدور يمنع عن التعارض والترجيح ، أضف إليه انه لا معنى حينئذ لتثليث الأمور ، ولا لفرض الراوي كون الخبرين معا مشهورين ، ولا لتقديم الترجيح بالصفات على الترجيح بالشهرة.

ثانيهما : ان النبوي بنفسه ظاهر في وجوب الاجتناب لقوله فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن اخذ بالشبهات وقع في المحرمات وهلك من حيث لا يعلم ، فانه إخبار عن لازم ترك الشبهة وارتكابها مستتبع لا محالة لحكم إنشائي ، وطلب من الشارع.

وفي خبر جميل بن صالح عن الإمام الصادق (ع) عن آبائه ، قال رسول الله (ص) في كلام طويل : الأمور ثلاثة : أمر

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٦٧ باب اختلاف الحديث ح ١٠ / الفقيه ج ٣ ص ٨ ح ٣٢٣٣ / التهذيب ج ٦ ص ٣٠١ ح ٥٢ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٥٧ ح ٣٣٤٧٢.

٤٠٨

بيِّن لك رشده فاتبعه ، وأمر بيِّن لك غيه فاجتنبه ، وأمر اختلف فيه فرده إلى الله عزوجل (١).

ومرسل الصدوق قال : ان أمير المؤمنين (ع) خطب الناس فقال : في كلام ذكره حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك فمن ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له اترك (٢) ونحوها غيرها.

والجواب عن ذلك على التقريب الثاني الجاري في جميع الأخبار مع اختلاف في الظهور : ان المراد بالحرام في قوله ارتكب المحرمات ، ان كان هو الحرام المتحقق في ضمن المشتبه على تقدير المصادفة ، فيكون المراد الوقوع على هذا التقدير لا مطلقا ومعلوم ان الوقوع في الحرام الواقعي ولو مع عدم البيان ومعذورية المكلف في المخالفة ، لا يلازم العقاب والهلكة الأخروية ، لتطابق الأدلة على عدم العقاب من دون بيان ، فلا محالة يكون المراد من الهلكة اعم من المفسدة الدنيوية والأخروية ، وحيث ان الفريقين ، متفقان على عدم لزوم الاحتياط في جميع موارد ذلك ، لان هذا الاحتمال موجود في الشبهة الموضوعية ، والوجوبية ولا يجب فيهما الاحتياط ، فلا بد وان يحمل على إرادة الرجحان والمطلوبية الملاءمة مع عدم الوجوب ، وان أصر على ظهور الهلكة في العقاب فلا محالة يقيد الشبهات بالشبهات قبل الفحص ، والمقرونة بالعلم الإجمالي.

وان كان المراد بالحرام الحرام المحقق المعلوم ، فلا بد وان يراد بالوقوع

__________________

(١) الفقيه ج ٤ ص ٤٠٠ ح ٥٨٥٨ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٦٢ ح ٣٣٤٩١.

(٢) الفقيه ج ٤ ص ٧٥ باب نوادر الحدود ح ٥١٤٩ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٦١ ح ٣٣٤٩٠ وص ١٧٥ ح ٣٣٥٣١.

٤٠٩

الإشراف وتقريب النفس إلى ارتكاب الحرام ، كما هو الظاهر من مرسل الصدوق ، وعليه فغاية ما يستفاد منه حينئذ ، رجحان الترك ومطلوبية الاحتياط إذ لم يقل أحد بان إشراف النفس إلى الحرام من المحرمات الشرعية كيف ، فان ذلك موجود في ارتكاب المكروه ، إذا كثر كما صرح به في الأخبار ، وفي الشبهات الموضوعية ، فالنبوي على هذا في مقام بيان الصغرى ، والكبرى المطلوبة المسلمة إنما هو رجحان تبعيد النفس من الوقوع في الحرام إرشادا.

والجواب عنه على التقريب الأول ، انه ليس في الخبر ما يشهد بكون الإمام في مقام الاستدلال ، بل الظاهر خصوصا بقرينة ما ذكرناه كونه في مقام التقريب وذكر ما يسهل بملاحظة قبول المطلب.

وأجاب عنه الشيخ (ره) (١) بأنه لا مانع من الاستدلال برجحان ترك المشتبه المردد بين الحلال والحرام للزوم ترك الشاذ من الخبرين في مقام الطريق المترتب على العمل به الخطأ كثيرا ، والأخذ بما ليس طريقا شرعا.

وقرَّ به تلميذه المحقق (٢) بقوله : ان هو إلا نظير الاستدلال بكراهة الصلاة ، في ثوب من لا يتحرز عن النجاسات على عدم جواز الصلاة في الثوب النجس وهو كما ترى ولكن الذي يسهل الخطب أمره (قدِّس سره) بالتأمل.

فالمتحصّل من هذه الأخبار هو رجحان الاحتياط مطلقا ، ويؤيد ذلك الأخبار المساوقة للنبوي الشريف الظاهرة في الاستحباب لقرائن مذكورة فيها ،

__________________

(١) راجع فرائد الأصول ج ١ ص ٣٥١ بتصرف.

(٢) بحر الفوائد ج ٢ ص ٤٢.

٤١٠

كالعلوي المتقدم وخبر النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله (ص) يقول ان لكل ملك حمى وان حمى الله حلاله وحرامه والمشتبهات بين ذلك كما لو ان راعيا رعى إلى جانب الحمى لم يثبت غنمه ان تقع في وسطه فدعوا المشتبهات (١) وبمضمونه روايات أخر (٢).

الاستدلال بأخبار الاحتياط لوجوب الاحتياط

الثامنة : الأخبار الآمرة بالاحتياط ، كقوله (ع) في صحيح ابن الحجاج الوارد في رجلين أصابا صيدا وهما محرمان وقد سأله عن ان على كل منهما جزاء أو عليهما جزاء واحد ـ إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا فعليكم بالاحتياط حتى تسألوا عنه وتعلموا (٣).

وقوله (ع) في موثق عبد الله بن وضاح الذي كتبه في جواب السؤال عن وقت المغرب والإفطار أرى لك ان تنتظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة

__________________

(١) وسائل الشيعة ج ٢٧ ص ١٦٧ باب وجوب التوقف والاحتياط في القضاء .... ح ٣٣٥٠٨.

(٢) راجع روايات الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي لا سيما قبل الحديث المذكور وبعده.

(٣) الكافي ج ٤ ص ٣٩١ باب القوم يجتمعون على الصيد ... ح ١ / التهذيب ج ٥ ص ٤٦٦ باب من الزيادات في فقه الحج ح ٢٧٧ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٥٤ ح ٣٣٤٦٤.

٤١١

لدينك (١)

وقول أمير المؤمنين (ع) في خبر داود بن القاسم الجعفري عن الإمام الرضا (ع) لكميل بن زياد : أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت (٢).

وقول الإمام الصادق (ع) في خبر عنوان البصري : وخذ بالاحتياط في جميع أمورك ما تجد إليه سبيلا (٣).

والنبوي دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (٤) ونحوها غيرها.

ويمكن الجواب عن هذا الوجه بوجوه :

الأول : ما ذكرناه في أخبار التوقف غير المعللة.

الثاني : انه يمكن ان يقال بعد عدم إمكان حمل الأمر بالاحتياط على النفسية ـ وتردد الأمر ـ بين حمله على الطريقية ، أو الإرشادية لا تعين لأحد الاحتمالين ، ولا شاهد يعين كونه طريقيا ، بل لا يبعد في المقام دعوى وجود الشاهد على الإرشادية وهو حسن الاحتياط عقلا.

الثالث : انه لا ريب في ان الاحتياط في الشبهات الوجوبية والموضوعية غير واجب بل حسن ، ومن المستبعد جدا ـ الالتزام بتخصيص ـ أخوك دينك

__________________

(١) التهذيب ج ٢ ص ١٦٧ ح ٣٣٥٠٨ / الوسائل ج ٢٧ ص ١٦٦ باب ١٢ من أبواب صفات القاضي ح ٣٣٥٠٥.

(٢) وسائل الشيعة ج ٢٧ ص ١٦٧ ح ٣٣٥٠٩.

(٣) وسائل الشيعة ج ٢٧ ص ١٦٧ ح ٣٣٥٢٤.

(٤) وسائل الشيعة ج ٢٧ ص ١٦٧ ح ٣٣٥٠٦ وص ١٧٠ ح ٣٣٥١٧ وص ١٧٣ ح ٣٣٥٢٦.

٤١٢

فاحتط لدينك فيتعين البناء على انه للطلب المشترك بين الوجوب والاستحباب ، أو للإرشاد.

أضف إلى ذلك ، ان المشار إليه في صحيح ابن الحجاج اما نفس واقعة الصيد أو السؤال عن حكمها ، وعلى الأول يكون المورد من موارد دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطين ، فلا ربط له بما نحن فيه ، مع ان الشبهة الوجوبية لا يجب الاحتياط فيها ان كان الشبهة بدوية باتفاق الفريقين ، مع ان ظاهر الخبر التمكن من استعلام حكم الواقعة بالسؤال والتعلم فلا ربط له بما هو محل الكلام ، وهو الشبهة بعد الفحص.

وبذلك يظهر انه على الثاني كان المراد من الاحتياط فيه الاحتياط عن الإفتاء حتى بالاحتياط ، أو الإفتاء بالاحتياط ، لا يكون مربوطا بالمقام مع إمكان التعلم ، واما موثق ابن وضاح ، فظاهره لزوم الاحتياط مع كون الشبهة موضوعية لاحتمال عدم استتار القرص : إذ لو كانت الشبهة حكمية كان عليه بيان الحكم لا الأمر بالاحتياط ، ومن المعلوم ان الانتظار مع الشك في الاستتار واجب بحكم الاستصحاب ، وعليه فهو أجنبي عما هو محل الكلام.

فتحصل ان شيئا من هذا الطوائف الثمان لا تدل على وجوب الاحتياط في الشبهة البدوية بعد الفحص.

ثم انه لو سلم دلالة الأخبار على لزوم الاحتياط في الشبهة التحريمية يقع الكلام في الجمع بينها وبين ما دل من الأخبار على جريان البراءة فيها.

وملخص القول في ذلك ان أخبار البراءة من جهة كونها أخص من جهتين من تلك الأخبار لا بد من تقديمها.

٤١٣

الأولى : اختصاصها بالشبهات بعد الفحص اما بنفسها أو للإجماع وحكم العقل الذين هما بحكم المخصص المتصل المانع عن انعقاد الظهور في العموم.

ودعوى اختصاص أخبار التوقف والاحتياط أيضاً بالشبهات بعد الفحص لوجوب الاحتياط في غيرها مع قطع النظر عنها.

مندفعة بان وجوبه في الشبهات قبل الفحص لا يمنع عن كونها جعلا لإيجاب الاحتياط في جميع الموارد على ما هو مقتضى إطلاقها.

الثانية : ان من جملة أخبار البراءة ما هو مختص بالشبهات التحريمية ، كحديث ، كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهى ، فتقدم أخبار البراءة على أخبار الاحتياط للاخصية.

واما دعوى حكومة أخبار الاحتياط على أخبار البراءة ، فقد تقدم تقريبها ودفعها عند الاستدلال بنصوص البراءة.

أضف إلى ذلك كله ان الاستصحاب الذي قربناه يكون حاكما على أدلة الاحتياط والتوقف.

الاستدلال بحكم العقل لوجوب الاحتياط

الثالث : مما استدل به لوجوب الاحتياط حكم العقل ، وتقريبه بوجوه :

أحدها : انه لا ريب في وجود العلم الإجمالي بوجود واجبات ومحرمات في الشريعة المقدسة ومقتضى هذا العلم الإجمالي لزوم فعل كل ما احتمل وجوبه وترك كل ما احتمل حرمته ، غاية الأمر ثبت بدليل آخر عدم وجوب الاحتياط

٤١٤

في الشبهات الوجوبية والموضوعية وتكون الشبهات التحريمية الحكمية باقية تحت ما يقتضيه العلم الإجمالي.

وأجيب عن هذا بأجوبة :

الأول : ما أفاده المحقق الخراساني (١) وحاصله بعد النقض والإبرام ، ان العلم الإجمالي كما ينحل حقيقة بالعلم التفصيلي والشك البدوي ، كذلك ينحل حكما بقيام الحجة التي حقيقتها المنجزية والمعذورية على أحد الأطراف ، إذا كان بمقدار ينطبق عليه المعلوم بالإجمال ، إذ حقيقة جعل الحجية على هذا ، جعل المنجزية إذا كان الواقع في مورد الحجة والمعذرية إذا كان في الطرف الآخر ، ففي الحقيقة يصرف تنجز الواقع الثابت بالعلم ، إلى ما إذا كان في ذاك الطرف ويعذر إذا كان في سائر الأطراف ، ونظير المقام قيام الأمارة على كون أحد الإناءين المعلوم كون أحدهما الذي هو إناء زيد نجسا اناء زيد.

وفيه : ان لسان الحجة القائمة في بعض الأطراف ، ان كان كون الواقع المعلوم بالإجمال في هذا ، الذي كون لازمه عدم كونه في سائر الأطراف ، كما هو الشأن في المثال فإنها كما تدل على ان هذا إناء زيد تدل بالالتزام على عدم كون الآخر إنائه ، تم ما ذكر ، وكان من قبيل جعل البدل ، واما إذا لم يكن كذلك كما هو الصحيح ، فان الحجة إنما تدل على ثبوت الحكم في مؤداها بلا عنوان ولا علامة غير المنافي لثبوته في سائر الأطراف ، فلا تكون الحجة صارفة للتنجز وموجبة للعذر إذا كان هناك حكم في سائر الأطراف.

__________________

(١) كفاية الأصول ص ١٤٦.

٤١٥

الثاني : ما أفاده الشيخ الأعظم (ره) (١) وهو منع تعلق تكليف غير القادر على تحصيل العلم ، إلا بما أدى إليه الطرق ، فلا يكون ما شك في تحريمه مما هو مكلف به فعلا على تقدير حرمته واقعا.

وفيه : ان مجرد نصب الطرق لا يفيد ان الشارع لم يرد من الواقع إلا ما ساعد عليه الطرق ، بل غاية ما يفيد لزوم العمل على طبقها وعليه فالتكاليف الواقعية المعلومة إجمالا تنجز بالعلم للقدرة على امتثالها ، فلا وجه لدعوى عدم كون التكليف في الموارد المشكوك فيها فعليا.

الثالث : ما أفاده الشيخ (ره) (٢) أيضاً ، وهو انه إذا ثبت بدليل آخر وجوب الاجتناب عن جملة من أطراف العلم ، ولو كان ذلك الدليل لاحقا اقتصر في الاجتناب على ذلك المقدار ، لاحتمال كون المعلوم بالإجمال ، هو هذا المقدار المعلوم حرمته تفصيلا ، فأصالة الحل في البعض الآخر غير معارضة بالمثل وما نحن فيه من هذا القبيل.

وفيه : ان الدليل المزبور ، لو كان سابقا على العلم الإجمالي ، كان ما ذكر متينا ، واما إذا كان لاحقا ، فهو لا يكون قابلا لرفع اثر العلم بعد ما لم يصر موجبا لانحلاله وتمام الكلام في محله.

الرابع : ان العلم بوجود الأحكام ينحل بالعلم الإجمالي ، بوجودها في موارد الأمارات ، أو الأخبار ـ توضيحه ـ ان لنا علوما ثلاثة :

__________________

(١) فرائد الأصول ج ١ ص ٣٥٤.

(٢) فرائد الأصول ج ١ ص ٣٥٤ بتصرف.

٤١٦

الأول : العلم الإجمالي بثبوت أحكام في الشريعة المقدسة.

الثاني : العلم الإجمالي بوجود الأحكام في موارد الأمارات من خبر الواحد وغيره.

الثالث : العلم الإجمالي بوجود الأحكام في خصوص الأخبار ، للعلم بعدم مخالفة جميعها للواقع بل جملة منها مصادفة للواقع قطعا ، فحينئذ يمكن ان يدعى ان المعلوم بالإجمال من الأحكام الذي يكون ثابتا في خصوص الأخبار أو في الأمارات إنما يكون بمقدار المعلوم بالإجمال ثبوته في الشريعة فلا ريب في الانحلال.

الخامس : ان العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي يتوقف تنجيزه على بقائه ، فكما ان العلم التفصيلي لو انقلب إلى الشك الساري ، يسقط عن التنجيز كذلك العلم الإجمالي ، وانقلابه إليه وانعدامه ، إنما يكون بتبدل القضية المتيقنة الشرطية المانعة الخلو مثلا لو علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين يكون هناك قضايا ثلاث قضية متيقنة وقضيتان مشكوكتان ، وهي العلم بنجاسة أحدهما على سبيل منع الخلو ، والشك في نجاسة كل منهما.

وبعبارة أخرى : الشك في انطباق المعلوم على كل من الطرفين ، وهذا هو حقيقة العلم الإجمالي ، وانعدامه إنما يتحقق بعدم الشك في انطباق المعلوم ولو في طرف من الطرفين ، كما لو علم بنجاسة أحدهما بعينه فانه يتبدل ذلك إلى العلم بنجاسة أحدهما المعين ، والشك في نجاسة الآخر ، ولا شك في نجاسة المعلوم بالتفصيل ، وهذا من قبيل الشك الساري بالنسبة إلى العلم التفصيلي ، ولا يكون ذلك من باب عدم العلم بقاء حتى ينتقض بما لو خرج أحدهما عن

٤١٧

محل الابتلاء ، بل من باب عدمه بقاء حتى في الحدوث.

وعلى ذلك ، نقول ، في الأمارات بناء على جعل الطريقية الانحلال الحكمي واضح ، إذ الأمارة وان لم تكن علما تفصيلا حتى يوجب الانحلال الحقيقي لكنها تكون علما تعبديا ، فكما ان العلم الحقيقي يوجب الانحلال كذلك العلم التعبدي.

وبالجملة : بعد اعطاء الشارع صفة الطريقية للإمارة تكون الأمارة علما في حكم الشارع فتوجب انحلال العلم الإجمالي وينعدم الترديد الذي به قوام العلم الإجمالي تعبدا.

واما بناء على جعل المنجزية كما هو مسلك المحقق الخراساني أو جعل الحكم الظاهري ، والالتزام بالسببية بالنحو المعقول فعن المحقق النائيني (١) القول بان الانحلال في غاية الصعوبة ، بل لا ينحل ويكون الإشكال باقيا بحاله : إذ على مسلك جعل التنجيز ، الأمارة توجب تنجز الحكم لو كان في ذاك الطرف ، وهذا ليس اثرا زائدا على العلم الإجمالي ، لأنه موجب أيضاً ، وعلى مسلك جعل الحكم الظاهري غاية مفاد الأمارة حدوث حكم ظاهري في مؤداها ، ولا توجب تمييز القضية المتيقنة عن المشكوك فيها فالعلم باق بحاله.

ولكن الأظهر هو الانحلال حتى على هذين المسلكين أيضاً ، إذ لو كان تنجيز الأمارات وثبوت الحكم بها بعد تنجيز العلم الإجمالي ، بان كان تنجيزها

__________________

(١) راجع أجود التقريرات ج ٢ ص ١٩٢ ـ ١٩٣ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٣ ص ٣٣٥ ـ ٣٣٦ ، لا سيما عند قوله : «نعم لو بنينا على أن المجعول في باب الطرق هو المنجزية ...» بتصرف.

٤١٨

متوقفا على الوصول وقبله كان العلم الإجمالي منجزا ، كان ما أفاده وجيها.

ولكن لا يتوقف ذلك على الوصول ، بل يكفي بيان الشارع ووجود الأمارات في الكتب المعتبرة التي بأيدينا ، إذ التكاليف المحتملة تنجز بذلك ، ولذا بنينا على عدم جريان قبح العقاب بلا بيان في الشبهات قبل الفحص لاحتمال البيان ووجود الأمارة في الكتب المعتبرة ، فالأمارات بوجوداتها الواقعية المدوَّنة في الكتب توجب التنجيز أو تثبت الحكم الظاهري على اختلاف المسلكين.

وعليه ففي أول البلوغ الذي يعلم بوجود أحكام يعلم أيضاً بوجود أمارات منجزة أو مثبتة للحكم الظاهري بذلك المقدار ، ويكونان متقارنين ، ومثل هذا العلم الإجمالي لا يكون منجزا من الأول ، إذ التكليف لو كان في أحد أطراف العلم منجزا قبل العلم أو مقارنا معه ، أو محكوما بحكم آخر كذلك ، والجامع عدم جريان الأصل النافي في ذلك الطرف ، كما لو علم بنجاسة أحد الإناءين وقبله أو مقارنا معه علم تفصيلا بنجاسة أحدهما المعين ، أو كانت نجاسته موردا للاستصحاب فيجري الأصل في الطرف الآخر ، بلا معارض وبيان السر في ذلك موكول إلى محله.

وعليه ففي المقام بما انه لا يجري الأصل النافي في جملة من الموارد وهي موارد قيام الأمارات يجري الأصل النافي في الأطراف الأخر بلا معارض.

فتحصل ان العلم الإجمالي لا يمنع من جريان الأصل ، والغريب ان عين هذا البرهان يقتضي عدم جريان الأصل في الشبهة الوجوبية ، مع ان الإخباريين قائلون بجريانه فيها ، ولعلهم لم يستندوا في المقام إلى هذا الوجه.

٤١٩

الوجه الثاني من تقريب حكم العقل :

هو ما ذكره بعضهم (١) من استقلال العقل بالحظر في الأفعال غير الضرورية قبل الشرع ، ولا اقل من الوقف ، إذ هو في مقام العمل مثل الحظر فيعمل به ، حتى يثبت من الشرع الإباحة ، ولم يرد الإباحة فيما لا نص فيه ، وما دل على الإباحة على تقدير تسليم دلالته معارض بما ورد من الأمر بالتوقف والاحتياط فالمرجع هو الأصل.

ويرد عليه ، أولا : ان الأصل في الأشياء قبل الشرع هو الإباحة دون الحظر كما ذهب إليه الأكثر.

وثانيا : انه قد مر ثبوت الترخيص فيما لا نص فيه ، وعدم معارضته بما دل على التوقف أو الاحتياط.

وأجاب عنه المحقق الخراساني (ره) (٢) بجوابين آخرين وتبعه غيره.

أحدهما : انه لاوجه للاستدلال بما هو محل الخلاف والإشكال ، وإلا لصح الاستدلال على البراءة بما قيل من كون تلك الأفعال على الإباحة.

وفيه : ان مناط الحظر وهو عدم ثبوت الإذن موجود فيما هو محل الخلاف ، واما مناط الإباحة فليس كذلك ، فان عدم المنع عن فعل علم عدم ورود المنع

__________________

(١) ذكره في الكفاية ص ٣٤٧ (وربما استدل بما قيل ..) والظاهر انه للشيخ الأعظم في فرائد الأصول ج ١ ص ٣٥٥ وهو الوجه الثاني من وجوه تقرير الدليل العقلي على الاحتياط وقد نسبه إلى طائفة من الإمامية.

(٢) كفاية الأصول ص ٣٤٨.

٤٢٠