زبدة الأصول - ج ٤

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني

زبدة الأصول - ج ٤

المؤلف:

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: أنوار الهدى
المطبعة: وفا
الطبعة: ٣
ISBN: 964-8812-37-3
ISBN الدورة:
964-8812-39-X

الصفحات: ٥١٠

وأجاب عنه المحقق الخراساني (١) باجوبة ثلاثة :

الأول انه إذا كانت القضية طبيعية ، فالحكم بوجوب التصديق يسرى إليه سراية حكم الطبيعة إلى افرادها ، بلا محذور لزوم اتحاد الموضوع والحكم ، ومراده من القضية الطبيعية ، ليس هو ما إذا كان الموضوع في القضية ، نفس الطبيعة الكلية من حيث هي كلية كما هو المصطلح عند أهل المعقول. وبعبارة أخرى : الطبيعة بشرط لا ، كقولنا الانسان نوع.

بل المراد هو الطبيعي الاصولي ، بمعنى الطبيعة بشرط الوجود السعي ، والفرق ان الأول يكون الطبيعة ما فيها ينظر وفي الثاني يكون ما بها ينظر ، ويكون آلة ملاحظة الأفراد ، وجعل الحكم لكل ما يصدق عليه انه فرد من الطبيعة.

الثاني : دعوى القطع بتحقق ما هو المناط في سائر الآثار في هذا الأثر أي وجوب التصديق بعد تحققه بهذا الخطاب وان لم يشمله لفظا.

الثالث : عدم القول بالفصل بين هذا الأثر ، وبين سائر الآثار ، في وجوب الترتيب ، لدى الأخبار بموضوع صار اثره الشرعي ، وجوب التصديق ، ولو بنفس الحكم في الآية. وبعبارة أخرى : عدم القول بالفصل بين حجية الخبر بلا واسطة أو مع الواسطة.

وأورد عليه بان المانع ليس مانعا اثباتيا حتى تصح هذه الاجوبة ، بل المانع ثبوتي.

__________________

(١) كفاية الأصول ص ٢٩٧.

٢٢١

والصحيح في الجواب ان يقال ان هذه القضية أي المتضمنة لحجية الخبر الواحد ، كسائر القضايا المتكفلة لبيان الأحكام الشرعية ، إنما تكون على نحو القضية الحقيقية ، فهي بحسب الظاهر جعل لحكم واحد ، ولكن في عالم اللب والواقع جعل لاحكام عديدة حسب ما للخبر من الأفراد ، من غير فرق بين الأفراد الطولية والافراد العرضية.

وعليه فالحكم الثابت لخبر الكليني ، وان كان يوجب تحقق فرد آخر من الخبر ، وهو خبر على بن ابراهيم ، إلا ان الحكم الثابت له ليس شخص هذا الحكم ، حتى يلزم المحذور المذكور بل فرد آخر من الحكم متحد مع هذا سنخا ، فلا يلزم تأخر ما هو متقدم ، مع ان شمول الحكم لخبر الكليني لا يثبت خبر علي بن ابراهيم بل به يحرز تحققه ، لا اصل وجوده فلا مورد لهذا الاشكال.

التقريب الثالث ان المعتبر في شمول دليل الحجية لمورد كونه اثرا شرعيا أو موضوعا ذا اثر شرعي إذ لا يصح التعبد إلا بلحاظ ذلك والا لزم كونه لغوا ، والاخبار مع الواسطة التي يدعى كونها مشمولة لادلة الحجية لا اثر لها سوى وجوب التصديق ، فلا يعقل شمول ادلتها لها.

فان قلت : انه يكفي في الأثر نفس وجوب التصديق وهو بنفسه من الآثار الشرعية.

قلت : ان وجوب التصديق وان كان المجعولات الشرعية ، إلا انه يعتبر في ترتبه على موضوعه كونه ذا اثر شرعي مع قطع النظر عن هذا الحكم ليكون شموله غير لغو.

والجواب : عن ذلك مضافا إلى ما مر أمور :

٢٢٢

الأول : ان هذا الاشكال ان ورد ، كان على مسلك من يرى ان المجعول في باب الطرق والأمارات ، هو تنزيل المؤدى منزلة الواقع ، فان التنزيل لا بد وان يكون بلحاظ الأثر والحكم الشرعي.

واما على المسلك الحق من ان المجعول فيه هو الكاشفية والطريقية ، وجعل ما ليس بعلم علما ، فلا اساس له أصلاً ، فان المجعول نفس الطريقية والكاشفية بلا حاجة إلى كون المؤدى حكما شرعيا أو موضوعا ذا اثر شرعي.

الثاني : انه بناء على الانحلال في القضايا الحقيقية وكون كل فرد من أفراد الموضوع له حكم واحد مستقل ، غير مربوط باحكام الأفراد الأخر ، يكون وجوب التصديق الشامل لخبر على بن ابراهيم مثلا الذي هو اثر له ، وبلحاظه يكون خبر الكليني مشمولا لادلة الحجية ويترتب عليه صدق العادل ، غير ذلك الذي يترتب على خبر الكليني ، فوجوب التصديق لكل خبر إنما يكون بلحاظ فرد آخر من الحكم الثابت للمخبر عنه.

الثالث : انه لم يرد آية ولا رواية دالة على انه يعتبر في شمول دليل الحجية كون المخبر عنه اثرا شرعيا أو موضوعا ذا اثر شرعي ، وإنما يعتبر ذلك للخروج عن اللغوية ، وعليه فإذا فرضنا ترتب اثر شرعي من وجوب شيء أو حرمته أو غيرهما على مجموع الأخبار الواقعة في سلسلة حكاية قول المعصوم (ع) كفى ذلك لصحة التعبد بحجية جميع تلك الأخبار.

التقريب الرابع : ان شمول الدليل لمورد يتوقف على احراز صدق موضوعه عليه ، اما بالوجدان أو بالتعبد ، واخبار الوسائط بما انها غير محرزة بالوجدان كما هو واضح ، ولا بالتعبد إذ ليس هناك دليل يمكن التمسك به لذلك سوى

٢٢٣

التعبد بتصديق العادل الشامل للخبر الأول ، وهو لا يصلح لذلك وإلا لزم حكومة وجوب تصديق العادل على نفسه وهو غير صحيح كما لا يخفى ، فلا تكون مشمولة لادلة الحجية.

وفيه : ان الحكومة على اقسام ثلاثة :

الأول : ان يكون الحاكم بمدلوله اللفظي شارحا للمحكوم ومبينا لما اريد منه ، بلفظ عنيت أو ما شابهه.

الثاني : ان يكون دليل الحاكم متعرضا لدليل المحكوم لا بهذا اللسان ، بل بالتصرف في عقد حمله كلا ضرر (١).

أو في عقد وضعه توسعة ، كقوله (ع) الفقاع خمرة استصغرها الناس (٢) ،

__________________

(١) ملخص الكلام في الحكومة : انها على اربعة اقسام : لأن الدليل الحاكم تارة يكون ناظرا إلى محمول القضية توسعة أو تضيقا ، واخرى يكو ناظرا إلى موضوع القضية توسعة او تضيقا ، وبالتالي يكون الدليل الحاكم مفسّرا ومبينا للمحكوم ، ومثال ذلك قول المولى : «اكرام العلماء واجب» فيأتي الدليل الآخر يقول : «التأديب اكرام» فلو تأملنا هذا الدليل نجده (موسعا للمحمول) ولو قيل «اعطاء المال ليس بإكرام» فإنه مضيق للمحمول ، ولو قيل «الفلاح عالم» فإنه توسعة للموضوع ، ولو قيل «الفاسق ليس بعالم» فإنه تضيقا للموضوع. وما نحن فيه فإن قاعدة لا ضرر ناظرة إلى نفس الاحكام الاولية في ظرف معين فتكون مضيقة لدائرة الحكم فالوجوب الفلاني مع الضرر يرتفع وهكذا بقية الاحكام.

(٢) الفقاع عند العرف ليس بخمر الا أن قول الشارع «الفقاع خمر ..» يصبح موضوع الخمر ببركة الدليل الشرعي أوسع مما كان عليه.

٢٢٤

أو تضييقا نحو لا شك لكثير الشك (١).

الثالث : ان تكون الحكومة في تطبيق الموضوع على فرد اثباتا أو نفيا ، وهذا القسم من الحكومة خلافا للاولين تتصور في دليل واحد : والسر فيه ان الحكومة إنما تكون بين الحكمين ، لابين الدليلين ، فلو فرض انه إذا قال المولى لا تشرب الخمر ، لزم منه تحقق خمر في الخارج تكوينا ، لا محالة تكون تلك الخمر أيضاً مشمولة لذلك ، فإذا امكن ذلك في التكوين ، امكن في التشريع فإذا تحقق شرعا فرد من الخبر من شمول صدق العادل لفرد ترتب عليه فرد آخر ، من صدق العادل ، وهكذا ، ومن هذا القبيل حكومة الاصل السببي على الاصل المسببى ، وتمام الكلام في محله.

الاستدلال بآية النفر لحجية خبر الواحد

الثاني : من ادلة حجية خبر الواحد ، آية النفر.

قال الله عزوجل (فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(٢).

وتقريب الاستدلال بها من وجوه :

__________________

(١) كثير الشك اصدق مصداق للشاك إلا أنه ببركة التعبد الشرعي يصبح كثير الشك خارج موضوعا عن الشك.

(٢) الآية ١٢٢ من سورة التوبة.

٢٢٥

الأول : ان كلمة لعل ، ظاهرة في الترجي الحقيقي اما لكونها موضوعة له كما هو المعروف ، أو لانصرافها إلى كون الداعي إلى استعمالها في معناها الحقيقي ، وهو الترجي الإيقاعي الإنشائي هو ذلك ، وحيث ان الترجي الحقيقي لتقومه بالجهل ، يستحيل في حقه تعالى ، فلا بد وان تحمل على اقرب المجازات والمعاني إليه ، وهو المحبوبية ، فجملة لعلهم يحذرون تدل على محبوبية التحذر ، وهو التحفظ والتجنب العملي ، والاتيان بما اخبر به لو كان واجبا والانتهاء عنه لو كان حراما ، وبعبارة أخرى : تطبيق العمل على ما انذر به ، وإذا ثبت محبوبيته ثبت وجوبه. اما عقلا كما أفاده صاحب المعالم (ع) (١) نظرا إلى ان التعبد بما لا يكون حجة قبيح وبما هو حجة واجب. وبعبارة أخرى : مع وجود المقتضى للعقاب يجب التحذر ، ومع عدمه يستقل العقل بقبح العقاب بلا بيان ، أو شرعا لعدم الفصل واقعا ، فالآية الكريمة تدل على وجوب التحذر عند انذار المنذر ولو لم يفد قوله العلم وهذا معنى حجية الخبر الواحد.

وأورد عليه بايرادات :

١ ـ ان المراد بالنفر النفر إلى الجهاد ، بقرينة صدر الآية الذي هو في الجهاد وسياق سائر الآيات التي تكون قبل هذه الآية ، ومعلوم ان النفر إلى الجهاد ، لا يترتب عليه التفقه ، نعم ربما يترتب عليه بناء على ما قيل ، من ان المراد منه البصيرة في الدين من مشاهدة آيات الله تعالى ، من غلبة المسلمين على اعداء الله وظهور علائم عظمة الله تعالى وسائر ما يتفق في الحرب ، ويخبروا بذلك

__________________

(١) معالم الدين ص ١٧٩.

٢٢٦

المتخلفين فاللام في : " ليتفقهوا في الدين" للعاقبة لا للغاية ، ويكون التفقه والانذار والتحذر من قبيل الفائدة التي قد تترتب وقد لا تترتب لا من قبيل الغاية.

ويرد عليه ان ليتفقهوا بحسب ظاهر اللفظ يكون متعلقا بقوله : " نفر" فيكون النفر للتفقه لا للجهاد وإلا لزم ان يكون متعلقه محذوفا.

توضيح ذلك : ان المفسرين ذكروا في الآية وجوها :

احدها : كون المراد النفر إلى الجهاد فالمراد من التفقه مشاهدة آيات الله ، وظهور اوليائه على اعدائه وما إلى ذلك.

ثانيها : كون المراد النفر إلى الجهاد ، وإرادة تفقه المتخلفين من ليتفقهوا.

ثالثها : كون المراد النفر للتفقه.

والظاهر خصوصا بعد ملاحظة الروايات هو الاخير ، لا بنحو لا يكون مربوطا بما قبل هذه الآية من آيات الجهاد ، بل بتقريب ان صدر الآية ينهى عن نفر المؤمنين كافة ، والمراد منه والله العالم ، ان قصر النفر إلى طائفة وجماعة ، ليس مقابل تخلف الباقين ، بل في مقام المنع عن قصر النفر إلى الجهاد ، نظرا إلى انه كما يكون النفر للجهاد ، مهما كذلك النفر للتفقه ، فليكن نفر جماعة إلى النبي للتفقه ، ونفر الباقين إلى الجهاد ، فصدر الآية ينهى عن نفر الجميع إلى الجهاد ، ويبين ذلك في ذيلها بقوله فلو نفر ... فالنافر ، والمتفقه ، والمنذر جماعة خاصة ، لا ان النافرين غير المتفقهين ، كما هو لازم الوجه الثاني ، ولاكون الآية غير مربوطة بآية الجهاد كما هو مقتضى الوجه الثالث ، ولا ان المراد بالتفقه غير

٢٢٧

تعلم أحكام الدين كما هو مقتضى الوجه الأول.

وهذا المعنى يساعده الاعتبار مع التحفظ على ظواهر الفاظ الآية : إذ النافرين إلى الجهاد إذا رجعوا كان ينذرهم النبي (ص) ولم يكن حاجة إلى انذار المتخلفين ، وعلى الجملة الظاهر ان المراد بالآية ان النفر للتفقه كالنفر إلى الجهاد واجب على المسلمين كفائيا فليس لهم ان ينفروا باجمعهم إلى الجهاد ، بل ينفر طائفة له وطائفة للتفقه ، ولو بان يتخلفوا عند النبي (ص) ويتعلموا منه مسائل الحلال والحرام ، وقد فسرت الآية في جملة من الروايات بالنفر للتفقه (١).

٢ ـ ما عن المحقق العراقي (٢) وهو ان مثل ادوات الترجي ، والاستفهام ، والتمنى ونحوها موضوعة لمعانيها الايقاعية الانشائية التي يوقعها المتكلم ، والمستحيل في حقه تعالى هو وجود صفة الترجي حقيقة لا انشائه.

وفيه : ان الظاهر منه كون الداعي لانشاء الترجي ، هو وجود هذه الصفة حقيقة في نفس المتكلم لاصالة تطابق المراد الاستعمالى مع المراد الجدى ، فإذا استحال ذلك في حقه تعالى لا بد من البناء على ان الداعي اقرب المعاني إليه وهو محبوبية التحذر كما اشار إليه المحقق الخراساني في الكفاية (٣).

__________________

(١) كما في رواية علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله (ع) قال : «تفقهوا في الدين فإن من لم بتفقه منكم في الدين فهو أعرابي إن الله يقول في كتابه وذكر الآية» وغيرها ، راجع الكافي ج ١ ص ٣١ باب فرض العلم.

(٢) نهاية الأفكار ج ٣ ١٢٦.

(٣) كفاية الأصول ص ٢٩٨.

٢٢٨

٣ ـ ما ذكره المحقق الخراساني (١) وتبعه صاحب الدرر (٢) قال في الكفاية ان التحذر لرجاء ادراك الواقع وعدم الوقوع في محذور مخالفته من فوت المصلحة أو الوقوع في المفسدة حسن وليس بواجب فيما لم يكن هناك حجة على التكليف ولم يثبت هاهنا عدم الفصل غايته عدم القول بالفصل انتهى.

ويمكن الجواب عنه بوجهين :

الأول : ان التحذر المطلوب في الآية ان اريد به التحذر في صورة احتمال المصادفة للواقع كان ما ذكر تاما ، ولكن الظاهر منها هو مطلوبية التحذر استنادا إلى قول المنذر.

وعليه فان كان قوله حجة لزم لزوم التحذر ، وإلا لم يحسن ذلك.

وبعبارة أخرى : ان الظاهر كون ما يتحذر منه هو ما انذر به واتحادهما. والمنذر به إنما هو مخالفة التكليف بما انها موجبة للعقاب ، فلا محالة يكون التحذر المحبوب هو التحذر من العقاب ، واحتمال العقاب الذي يحسن الحذر منه ملازم لحجية قول المنذر ، ومعها يجب التحذر فتدبر فانه دقيق.

الثاني : ان مقتضى إطلاق الآية محبوبية التحذر حتى لو احتمل وجدانا ثبوت ضد ما انذر به كما لو اخبر المنذر بوجوب المحتمل حرمته واقعا فحينئذ لو كان قول المنذر حجة حسن التحذر ، ووجب ، وإلا لم يحسن لفرض تساوى الاحتمالين.

__________________

(١) كفاية الأصول ص ٢٩٨ ـ ٢٩٩.

(٢) درر الفوائد ج ٢ ص ٥٥.

٢٢٩

فالاولى في مقام الجواب عن هذا الاستدلال ان يقال ان مبنى ذلك كون كلمة" لعل" موضوعة للترجي المساوق لكلمة" اميد" في الفارسية.

لكن التدبر في موارد استعمالها في القرآن الكريم ، والادعية المأثورة عن المعصومين (ع) وكلمات أهل العرف يوجب عدم كونه موضوعا لها لاحظ قوله تعالى (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)(١) وقوله عز من قائل (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ)(٢) وقول الإمام السجاد (ع) في دعاء ابى حمزة (٣) ، لعلك عن بابك طردتني وعن خدمتك نحيتني أو لعلك رأيتني مستخفا بحقك فأقصيتني إلى آخر ما في ذلك الدعاء من استعمال هذه الكلمة التي من المعلوم عدم ملائمتها مع اظهار الرجاء.

وقول أهل العرف ، لعل الشدة نازلة وغير ذلك من الموارد التي لا شك في عدم التجوز فيها.

فالظاهر ان كلمة لعل وضعت لتستعمل في موارد احتمال الوقوع سواء أكان مرجوا أم لا.

الوجه الثاني : من وجوه الاستدلال بالآية الشريفة لحجية خبر الواحد ، ان الغاية للانذار الواجب ، الذي هو غاية للنفر الواجب ، بمقتضى لو لا

__________________

(١) الآية ٦ من سورة الكهف.

(٢) الآية ١٢ من سورة هود.

(٣) الاقبال لابن طاوس ص ٧١ (فصل : فيما يذكر من أدعية تتكرر كل ليلة منه وقت السحر) وفي غيره من كتب الادعية في أعمال السحر من شهر رمضان المبارك.

٢٣٠

التحضيضية ، إنما هو التحذر أي التجنب في مقام العمل : لان الظاهر من كلمة لعل في جميع موارد استعمالها ، كون ما بعدها علة غائية لما قبلها ، وغاية الواجب إذا كان امرا اختياريا واجبة : لان ظاهر الكلام كون حكم ما جعل علة غائية حكم ما قبلها من وجوب ، أو استحباب.

وان شئت فقل ان الغاية التي اوجبت ايجاب امر ، لا محالة تكون واجبة إذا كانت اختيارية.

وأورد عليه بايرادات خمسة :

الأول : ما ذكره الشيخ الأعظم (١) وتبعه المحقق الخراساني (٢) وغيره ، وهو ان الآية مسوقة لبيان وجوب التفقه والانذار ، لا لبيان وجوب الحذر ، وإنما ذكر الحذر باعتبار كونه فائدة من فوائد التفقه ، والانذار ، فلا إطلاق لها بالنسبة إلى وجوب الحذر ، لان أول مقدمات الحكمة كون المتكلم في مقام البيان من الجهة التي يراد التمسك بالإطلاق بالنسبة إليها ، ومع عدم الإطلاق لا بد من الاقتصار على القدر المتيقن ، وهو ما إذا حصل العلم بمطابقة قول المنذر للواقع.

وفيه ، أولا : انه لو شك في كون المتكلم في مقام البيان مقتضى السيرة العقلائية هو البناء على كونه في مقام البيان ، وقد اعترف المحقق الخراساني بذلك في محله.

وثانيا : ان ظاهر الآية الكريمة بقرينة قوله تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ

__________________

(١) فرائد الأصول ج ١ ص ١٢٨.

(٢) كفاية الأصول ص ٢٩٩.

٢٣١

كَآفَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ)(١) ، وقد بين ذلك بقوله فلولا نفر الخ ، كونها واردة لبيان وظيفة جميع المسلمين ، وانه يجب على طائفة منهم التفقه والانذار ، وعلى الباقين التحذر ، فكما انه تكون الآية مطلقة بالنسبة إلى وظيفة المنذرين وانه يجب عليهم الانذار ، افاد قولهم العلم ، أم لم يفد كذلك بكون مطلقة بالنسبة إلى وظيفة المنذرين بالفتح ، وانه يجب عليهم التحذر في كل مورد يجب الانذار لكونه غاية له.

وثالثا : ان ظاهر الآية ترتب وجوب الحذر على الانذار ، فلو اختص وجوب الحذر بصورة حصول العلم كان ذلك مستلزما لالغاء عنوان الانذار إذ التحذر حينئذ تكون للعلم لا للانذار غاية الأمر يكون الانذار من مقدمات حصول العلم.

ورابعا : ان لازم ذلك حمل إطلاق الآية على الفرد النادر إذ ظاهر الآية الشريفة ، بقرينة تقابل الجمع بالجمع ، هو انذار كل واحد من الطائفة ، بعضا من قومه ، كما هو مقتضى طبع الحال ، لا انذار مجموع الطائفة مجموع القوم ، وعليه فإفادة انذاره العلم في غاية الندرة.

وخامسا : انه يستكشف إطلاق وجوب التحذر من إطلاق وجوب الانذار ، لان الانذار واجب على كل احد ، سواء افاد قوله العلم ، أم لم يفد ومع انحصار فائدة الانذار في التحذر ، يكون التحذر واجبا مطلقا ، وإلا يلزم اللغوية احيانا ، كما ان غاية وجوب الانذار لو كان هو التحذر ، فوجوب الانذار لتلك الغاية ،

__________________

(١) الآية ١٢٢ من سورة التوبة.

٢٣٢

لو كان مطلقا ، لا محالة يكشف عن إطلاق وجوب الغاية المترتبة عليه ، لاستحالة إطلاق أحدهما ، واشتراط الآخر كما هو واضح.

الإيراد الثاني ما أفاده الشيخ الأعظم (١) أيضاً ، وهو : ان الانذار هو الابلاغ مع التخويف ، والتحذر هو التخوف الحاصل عقيب هذا التخويف ، ومن المعلوم ان التخويف لا يجب إلا على الوعاظ في مقام الايعاد على الامور التي يعلمها المخاطبون بحكمها ، وعلى المرشدين في مقام ارشاد الجاهلين ، ومن المعلوم ان تصديق الحاكى ، فيما يحكيه من لفظ الخبر خارج عن الامرين ، وخبره ان اشتمل على التخويف ، لا يجب على المجتهد العمل به فان فهمه ليس حجة عليه ، وهذا بخلاف المجتهد بالنسبة إلى مقلديه كما لا يخفى.

وفيه : ان قوله تعالى ليتفقهوا في الدين قرينة على ارادة بيان الأحكام من ، ولينذروا لا سيما مع ملاحة ايجاب النفر كما لا يخفى.

وعليه فلا بد وان يحمل الانذار على الانذار الضمني وهو كما يكون بالافتاء بوجوب شيء أو حرمته كذلك يكون بالاخبار باحدهما كما لا يخفى ، فلا وجه لدعوى اختصاص الآية الشريفة بالوعاظ أو المفتين.

الإيراد الثالث ان التفقه اخذ عنوانا في الآية فالموضوع هو الفقيه فهي تدل على حجية انذار الفقيه لا انذار كل راو.

وفيه : ان الفقه في اللغة هو الفهم لا الاستنباط فالمراد بها هو ، تعلم الأحكام الشرعية ، ويؤيده بل يشهد له ، ملاحظة نزول الآية ، أضف إليه ان

__________________

(١) فرائد الأصول ج ١ ص ١٣٠.

٢٣٣

الموضوع هو المتفقه ، لا الفقيه ، ومن الواضح انه يصدق على الراوى ، مع ان الاستنباط في صدر الاسلام لم يكن إلا بسماع الحديث وتحمله ، وفهمه معناه الظاهر ، ولم يكن بهذه الصعوبة ، فالرواة في صدر الاسلام ، كانوا فقهاء ، فيما يروون ، فالآية تدل على حجية روايتهم ، وإذا ثبت ذلك في روايتهم ثبت في رواية غيرهم ، لعدم القول بالفصل.

فتأمل فانه إذا دلت الآية على حجية قول الفقيه بما هو فقيه على نحو دخل هذا العنوان لا محالة تدل على حجيته لمقلديه ، وعدم الفصل إنما يثبت حجية رأى الفقيه في هذه الأزمنة ، لا حجية الخبر ، ومجرد سهولة الفقاهة في الصدر الأول لا يصلح لذلك.

الرابع : ما أفاده الشيخ الأعظم (ره) (١) أيضاً وحاصله : ان التفقه الواجب ، هو معرفة الامور الواقعية من الدين ، فالانذار الواجب هو الانذار بهذه الامور المتفقه فيها ، فالحذر لا يجب إلا عقيب الانذار بها ، فإذا لم يحذر المنذر بالفتح ، ان الانذار هل وقع بتلك الامور أم بغيرها تعمدا أو خطاء لم يجب التحذر ، فينحصر وجوب التحذر بما إذا علم المنذر صدق المنذر ، بالكسر.

وفيه : ان اللازم هو الانذار بما علم إذا المأمور به هو الانذار بما تفقه أي تعلم من الأحكام لا الانذار بالحكم الواقعي ، وهو لا يقتضي ان يكون الانذار مفيدا للعلم ليتقيد به الانذار ، فيتقيد به التحذر ـ نعم ـ لا بد وان يحرز انه انذار بما علم ، ويحرز ذلك ، باحراز انه متحرز عن الكذب ، بضميمة أصالة

__________________

(١) فرائد الأصول ج ١ ص ١٢٩.

٢٣٤

عدم الغفلة التي هي من الأصول العقلائية كما لا يخفى.

واما ما عن المحقق النائيني (ره) (١) من الجواب عن ذلك ، بان نفس الآية تدل على ان ما انذر به المنذر يكون من الأحكام لان قول المنذر إذا جعل طريقا إليها ، يجب اتباع قوله ، والبناء على انه هو الواقع ، فالآية بنفسها تدل على ان ما انذر به المنذر يكون من الأحكام الواقعية.

ففيه ان اساس الإيراد إنما هو تقييد الموضوع ، أي الانذار بكون المنذر به من الدين ، وهذا القيد لا يحرز بشمول دليل الحكم ، ـ وبعبارة أخرى ـ إذا تم الموضوع وصار الانذار حجة يتم ما ذكر ولكن المستشكل من جهة انه يدعى تقييد الموضوع يدعى عدم شمول الدليل للانذار ما لم يحرز كونه انذارا بالاحكام الواقعية ، فالحق ما ذكرناه.

الخامس : ان الإمام (ع) طبق الآية الشريفة على أصول العقائد ، كصحيح يعقوب بن شعيب عن الإمام الصادق (ع) قال : قلت له إذا حدث على الإمام حدث كيف يصنع الناس؟ قال (ع) : اين قول الله عزوجل فلولا نفر الخ (٢). ونحوه غيره ، ولا ريب في ان اللازم في الأصول العلم فلا تدل الآية على حجية الخبر غير المفيد للعلم.

وفيه : أولا : ان هذه الآية الشريفة تدل على كفاية الخبر الواحد في العقائد وإنما يقيد اطلاقها بالنسبة إليها بواسطة دليل خارجي.

__________________

(١) فوائد الأصول للنائيني ج ٣ ص ١٨٨.

(٢) أصول الكافي ج ١ ص ٣٧٨ ح ١.

٢٣٥

وثانيا : ان هذه الأخبار بما انها اخبار آحاد لا تصلح لان يرفع اليد لاجلها عن ظهور الآية الشريفة في حجية الخبر الواحد ، فانه يجري فيها ما ذكرناه في خبر السيد في آية النبأ فراجع.

وثالثا : ان الآية الشريفة متكفلة لبيان أحكام ـ وهي ـ وجوب النفر والتفقه ووجوب الانذار ، ووجوب التحذر ، والذى طبقه الامام على أصول العقائد إنما هو الحكم الأول ولا ربط للحكم الثاني به.

ورابعا : انها اخبار آحاد لا يصح الاستدلال بها لعدم حجية خبر الواحد.

والحق ان يورد على هذا الوجه بأنه كون كلمة لعل ظاهرة في كون ما بعدها غاية لما قبلها غير ثابت ، بل في كثير من الموارد ـ كقولنا ـ لا تهن الفقير علك ان تركع يوما والدهر قد رفعه ـ والامثلة المتقدمة من الآيات والروايات ، ليست كذلك ، وبالجملة بعد كون كلمة لعل للتشكيك والترديد لا مورد لهذا الوجه.

الوجه الثالث : ان الانذار بمقتضى الآية واجب ، للأمر به ، ولجعله غاية للنفر الواجب كما هو قضية كلمة لو لا التحضيضية ، فيجب التحذر وان لم يفد قول المنذر العلم ، وإلا لغى وجوبه.

وفيه : انه لا ينحصر فائدة الانذار في خصوص التحذر ، بل يتصور له فائدة أخرى ، وهي انشاء الحق وظهوره بكثرة انذار المنذرين ، كما أفاده المحقق

٢٣٦

الخراساني (ره) في الحاشية (١).

وان شئت قلت انه إذا كانت الغاية الاقصى هو التحذر بعد حصول العلم يكون كل انذار جزءا مما يترتب عليه الغاية فيكون الغاية المترقبة منه تأثيره في الغاية الاقصى بهذا المقدار ، وهذه الغاية مترتبة مطلقا فتدبر.

ومع ذلك كله يمكن الاستدلال بالآية الكريمة لحجية خبر الواحد ، بتقريب ان كلمة لعل وضعت لجعل مدخولها واقعا موقع الاحتمال ، فحاصل الآية ايجاب الانذار لاحتمال تأثيره في التحذر نظرا إلى اقتضاء الانذار للتحذر ، ومن الواضح ان ذلك يلازم حجية الخبر ، وإلا يقطع بعدم العقاب ، وعلى هذا تكون الآية كاشفة عن حجية خبر الواحد السابقة على نزول الآية ويكون مسوقة على نحو تكون حجية الخبر مفروغا عنها ، وعليه تكون الآية كاشفة عن حجية الخبر مطلقا ، وان وجوب الحذر عند الانذار إنما هو من باب تطبيق الكبرى الكلية على بعض المصاديق.

__________________

(١) وقد اشار (قدِّس سره) في متن الكفاية إلى ذلك ص ٢٩٩ بقوله : «الوجه الثاني والثالث بعدم انحصار فائدة الانذار بايجاب التحذر» إلى أن قال : «ولعل وجوبه كان مشروطا بما إذا أفاد العلم لو لم نقل بكونه مشروطا به» / درر الفوائد للآخوند ص ١١٩ ـ ١٢٠ ط. وزارة الارشاد الاسلامي.

٢٣٧

آية الكتمان

الثالث : مما استدل به لحجية خبر الواحد آية الكتمان وهي قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)(١).

وتقريب الاستدلال بها ان ظاهر الآية الشريفة لأجل لعن الكاتمين ، هو حرمة الكتمان ووجوب الاظهار ، وحيث لا فائدة للاظهار سوى القبول لزم ذلك وجوب القبول مطلقا ، نظير ما ذكرناه في آية النفر.

ونظير ما استدلوا لحجية اخبار المرأة عن كونها حاملا بقوله تعالى (وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَ)(٢).

وأجاب عن الاستدلال بها الشيخ الأعظم (٣) بجوابين الذين اوردهما على الاستدلال بآية النفر :

من عدم اطلاقها بالنسبة إلى صورة عدم حصول العلم ، لعدم كونها في مقام البيان من هذه الجهة.

ومن دلالتها على وجوب الأخبار بالحكم الواقعي ، فيجب القبول مع

__________________

(١) الآية ١٥٩ من سورة البقرة.

(٢) الآية ٢٢٨ من سورة البقرة.

(٣) فرائد الأصول ج ١ ص ١٣٢ ، وارجع تفصيل الإيراد إلى ما ذكره في آية النفر.

٢٣٨

احراز انه اظهار لما انزل ، فمع الشك يكون الشك في الموضوع فلا يجب القبول.

وأورد عليه المحقق الخراساني (١) ، بان الملازمة لو سلمت تنافي الوجهين ، وحاصله انه مع حكم العقل بالملازمة لا معنى للايراد بما يرجع إلى مقام الإثبات.

ولكن الظاهر ان مراد الشيخ الأعظم : انه ان كان الاظهار ملازما عاديا لعدم حصول العلم كما في كتمان المرأة ما في بطنها ، لان طريق احراز ما في الارحام منحصر في اخبارهن واخبار المرأة مما لا يفيد العلم غالبا ، كان الاستدلال متينا ، وإلا كما في المقام الذي يكون الموضوع لحرمة الكتمان عاما استغراقيا بمعنى حرمة الكتمان على كل احد ، ويكون الغاية القصوى والغرض الاقصى ، هو العمل عن علم فيكون اظهار كل واحد وعدم كتمانه مؤثرا في حصول هذا الغرض ، ويترتب على اظهار كل واحد تلك القابلية والاستعداد فيخرج عن اللغوية.

وان شئت قلت ان ظهور الحق وحصول العلم إنما يكون حكمة لحرمة الكتمان والحكمة الداعية للتكليف لا يلزم ان تكون سارية في جميع الموارد.

ولكن الذي يرد على الاستدلال ان الآية اجنبية عن المقام لان الكتمان إنما هو في مقابل ابقاء الواضح ، والظاهر على حاله لاما يقابل الايضاح والاظهار ، ويؤيده ان موردها ما كان فيه مقتضى القبول لو لا الكتمان لقوله تعالى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب ، مع : ان فائدة عدم الكتمان لا تنحصر في القبول

__________________

(١) كفاية الأصول ص ٣٠٠.

٢٣٩

تعبدا ، بل يمكن ان يكون هي اظهار الحق وإفشاءه ، ويشهد له ملاحظة مورد نزول الآية وهي اما نزلت في مقام الرد على اليهود حيث انهم اخفوا علامات النبي (ص) التي رأوها في التوراة ، أو أهل السنة ، والمراد بالبينات حينئذ علامات ولاية الإمام على (ع) فلا تدل الآية على وجوب القبول تعبدا.

الاستدلال بآية الذكر لحجية خبر الواحد

الرابع : آية الذكر ، وهي قوله تعالى (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)(١). وتقريب الاستدلال بها ما في آية الكتمان.

وأورد عليه بايرادات :

الأول ما ذكره الشيخ الأعظم (ره) (٢) وهو ان الراوى بما هو راو ، لا يصدق عليه أهل الذكر ، وإنما يصدق هذا العنوان على العالم ، فالآية لو تمت دلالتها ، لدلت على جواز التقليد لا حجية الخبر.

وردّه المحقق الخراساني (٣) بان كثيرا من الرواة يصدق عليهم أهل الذكر ، كزرارة ومحمد بن مسلم ويصدق على السؤال عنهم السؤال عن أهل الذكر ، ولو كان السائل من اضرابهم ، فإذا وجب قبول روايتهم في مقام الجواب بمقتضى هذه الآية ، وجب قبول رواية غيرهم من العدول مطلقا ، لعدم القول

__________________

(١) الآية ٤٣ من سورة النحل.

(٢) فرائد الأصول ج ١ ص ١٣٣ : «وثالثا : ... فينحصر مدلول الآية في التقليد».

(٣) كفاية الأصول ص ٣٠٠.

٢٤٠