زبدة الأصول - ج ٣

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني

زبدة الأصول - ج ٣

المؤلف:

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: أنوار الهدى
المطبعة: وفا
الطبعة: ٣
ISBN: 964-8812-36-5
ISBN الدورة:
964-8812-39-X

الصفحات: ٤٨٠

والمفروض وجوده وهو الخاص.

وفيه : ان لازم ذلك ان لا يجوز لاصحاب الائمة عليهم‌السلام التمسك بالعمومات الصادرة عنهم مع احتمال صدور المخصص المنفصل من ذلك الامام أو الامام اللاحق ، وهذا مما ثبت خلافه بالضرورة ، فيستكشف منه ان بناء العقلاء على التمسك بعموم كل ما استقر ظهوره التصديقي فيما قال ما لم يقم حجة أقوى على خلافه ، والخاص لا يكون حجة في الأفراد المشكوك فيها كي يمنع عن حجية العام.

نعم ، إذا كان الخاص مرددا بين المتباينين لا يمكن التمسك به في شيء من الموردين ، للعلم الاجمالي بخروج أحدهما وهو كما يمنع عن جريان الأصول العملية في اطرافه ، كذلك يمنع عن جريان الأصول اللفظية فيها.

التمسك بالعام في الشبهة المصداقية

واما الموضع الثالث : وهو ما إذا شك في خروج مورد عن العام وعدم شموله له ، من ناحية الشبهة الموضوعية ، كما لو (ورد اكرم العلماء إلا المرتكب للكبيرة) وفرضنا الشك في ارتكاب زيد العام للكبيرة وعدمه ، فقد وقع الخلاف فيه في انه ، هل يتمسك بالعام ويحكم بان الفرد المشكوك فيه محكوم بحكم العام ، وفي المثال ، يحكم بوجوب اكرام زيد ، أم لا يجوز التمسك بالعام فيه.

الظاهر انه لا كلام في عدم جواز التمسك به فيما إذا كان المخصص

٣٢١

متصلا ، بلا فرق ، بين ان يكون المخصص المتصل باداة الاستثناء كما في المثال ، أو بغيرها كالوصف أو نحوه كقولنا (اكرم كل عالم تقى) والوجه في ذلك : انه لا ينعقد للعام ظهور إلا فيما علم خروجه عن المخصص ففي المثالين لا ينعقد للعام ظهور إلا في حصة خاصة من العلماء وهي التي لا توجد فيها الارتكاب للكبيرة ، وما علم كونه تقيا ، فمع الشك في الموضوع لا سبيل إلى التمسك بالعام.

واما في المنفصل ، فنسب إلى اكثر القدماء ، بل قيل انه المشهور بينهم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، ونسب ذلك إلى الشهيد الثاني (١) ، حيث نسب إليه الاستدلال : بأن الخنثى إذا ارتد يقتل : بعموم قوله من بدل دينه فاقتلوه خرج منه المرأة ويبقى الباقي داخلا في العموم (٢).

وايضا نسب إلى السيد صاحب العروة (٣) ، ولكن هذه النسبة إلى صاحب العروة إنما استنبطت ، من بعض الفروع الذي ذكرها :

منها : قوله إذا علم كون الدم اقل من الدرهم ، وشك في انه من المستثنيات أم لا يبنى على العفو.

ومنها : قوله إذا شك في انه بقدر الدرهم أو اقل فالاحوط عدم العفو.

ولكن لا يصح هذا الاستنباط إذ مضافا إلى انه يمكن ان يكون حكمه

__________________

(١) نسبه اليه الشيخ الاعظم في مطارح الانظار ص ١٩٢.

(٢) راجع شرح اللمعة ج ٨ ص ٣٠ ـ ٣١ ، وسيأتي بيان ذلك.

(٣) العروة الوثقى ج ١ ص ١٠٣ ـ ١٠٤ ، وفي الطبعة الجديدة ج ١ ص ٢١٧.

٣٢٢

بالعفو في الفرع الأول لاستصحاب عدم كونه من المستثنيات بنحو العدم الازلي ، أو اصالة البراءة عن مانعية هذا الدم للصلاة ، أو غيرهما ، كما ان احتياطه بعدم العفو في الثاني يمكن ان يكون لأجل ان عنوان المخصص عنوان وجودي ، فلا مانع من استصحاب عدمه عند الشك فيه ، ومضافا إلى ان بعض الفروع الذي ذكره في العروة ، لا يلائم هذا المبنى.

منها ما لو شك في مائع انه مطلق أو مضاف ولم يعلم حالته السابقة : فانه حكم بعدم تنجسه بملاقاة النجاسة ان كان بقدر الكر ، مع انه لو جاز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية كان عليه ان يفتى بالنجاسة ، لان مقتضى العمومات ، تنجس كل شيء بالملاقاة إلا الماء الكر ، فمع الشك في المائية يشك في المصداق.

انه يصرح في العروة وملحقاتها بعدم الجواز ، اما في العروة (١) فقد افاد في كتاب النكاح في مسألة ما إذا اشتبه من يجوز النظر إليه بين من لا يجوز بالشبهة المحصورة ، انه يجب الاجتناب عن الجميع ، وكذا بالنسبة إلى من يجب التستر عنه ومن لا يجب ، وان كانت الشبهة غير محصورة أو بدوية فان شك في كونه مماثلا أو لا اوشك في كونه من المحارم النسبية أو لا ، فالظاهر وجوب الاجتناب ، لان الظاهر من آية الغض ان جواز النظر مشروط بأمر وجودي وهو كونه مماثلا أو من المحارم ، فمع الشك يعمل بمقتضى العموم لا من باب التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية بل لاستفادة شرطية الجواز بالمماثلة أو المحرمية أو نحو ذلك ،

__________________

(١) العروة الوثقى ج ٢ ص ٨٠٥ (مسألة : ٥٠) ، وفي الطبعة الجديدة ج ٥ ص ٤٩١ ـ ٤٩٢.

٣٢٣

فانه دليل على انه ليس من القائلين بالجواز.

واما في الملحقات ففي كتاب القضاء في الفصل الخامس عشر في المسألة ١٣ في التنازع في صحة العقد وفساده في ذيل رد من استدل للصحة بالآيات والاخبار الدالة على حمل فعل المسلم على الصحة ، قال (١) كما لاوجه للتمسك له بالعمومات إذ مع الاغماض عن كون الشبهة مصداقية قد يكون هناك اصل يثبت موضوع المخصص المعلوم كاصالة عدم البلوغ واصالة عدم التعيين ونحوهما.

واما النسبة إلى المشهور فقد افاد المحقق النائيني (ره) (٢) ان مسألة جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وعدمه لم تكن محررة في كلام المشهور ، وإنما نسب إليهم ذلك من جهة ذهابهم إلى الضمان ، فيما إذا دار الأمر بين كون اليد عادية وكونها غير عادية.

فحيث توهم انه لا مدرك لذلك سوى عموم ما دل على ضمان اليد الخارج عنه اليد الامانية غير العادية.

مع انه يمكن ان يكون مدركهم التمسك بالاصل واحراز موضوع الضمان

__________________

(١) تكملة العروة الوثقى ج ٢ ص ١٨٠ (المسألة : ١٣).

(٢) اجود التقريرات ج ١ ص ٤٦١ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ٣٢٤ السطر الأول (فتحقيق الحال فيها هو : ..).

٣٢٤

بضم الوجدان إليه كما يستفاد ذلك من كلمات المحقق الثاني (١) :

بدعوى ان موضوع الضمان مركب من الاستيلاء على مال الغير وعدم رضاه بذلك ، والمفروض ان الاستيلاء على مال الغير محرز بالوجدان وعدم رضاه بذلك محرز بالاصل وبضم الوجدان إلى الاصل يتم الموضوع المركب فيترتب عليه الضمان.

فهذه النسبة أيضاً غير ثابتة.

واما النسبة إلى الشهيد الثاني (٢) فهي أيضاً غير صحيحة لان الظاهر من استدلاله انه يرى الخنثى المشكل صنفا ثالثا غير الرجل والمرأة ، فانه قال خرج عن العموم المرأة وبقي الباقي ولم يقل من علم كونه امرأة.

وبالجملة فلم يثبت قول لقائل بالجواز مطلقا.

__________________

(١) نسبه في أجود التقريرات ج ١ ص ٤٦٢ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ٣٢٥ إلى المحقق الثاني مع عدم الجزم بذلك لقوله «كما ربما يستفاد ذلك من بعض كلمات المحقق الثاني» وعلى أي حال فبعد البحث في كتبه لم نعثر على هذا المعنى له ، والظاهر أن الحق مع المصنف (حفظه المولى) حيث نفى نسبة ثبوت هذا المعنى إلى المحقق الثاني.

(٢) نسب الحكاية عنه الشيخ الاعظم في مطارح الانظار ص ١٩٢ (هداية في الشبهة المصداقية) وأظهر التعجب لما ذهب اليه الشهيد ، ولكن بمراجعة كلام الشهيد ، يظهر جليا صحة ما ذهب اليه المصنف هنا (حفظه المولى) من نفي نسبة تمسك الشهيد بالعام في الشبهة المصداقية ، راجع شرح اللمعة (السيد كلانتر) ج ٨ ص ٣٠ ـ ٣١.

٣٢٥

نعم ، لو صح ما نسب إلى العلامة (١) من التمسك بعموم ما دل على وجوب الغض للحكم بعدم جواز النظر إلى من شك في كونه مماثلا كان هو من القائلين به.

وعن الشيخ الأعظم الانصاري (٢) انه قد فصل بين ما كان المخصص لفظيا وما كان لبيا ، فعلى الأول لا يجوز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية ، دون الثاني ، وتبعه المحقق الخراساني (ره) (٣). فالكلام يقع في مقامين :

الأول : فيما إذا كان المخصص لفظيا.

والثاني : ما إذا كان لبيا.

اما المقام الأول : فالاظهر عدم جواز التمسك بالعام ، في الشبهة المصداقية : لأنه قد مر مرارا انه لا يمكن التمسك بأي دليل ما لم يحرز موضوعه ولا يكون حجة بدون ذلك ، ولذا لو شك في مائع انه خمر أو غير خمر لا يجوز التمسك بعموم ما دل على حرمة شرب الخمر ، بل يرجع إلى اصالة البراءة وهذا من الوضوح بمكان ، وعليه ففي المقام ، قبل ورود الخاص كان العام بحسب الظاهر تمام الموضوع للحكم ، وبعد وروده وتقديمه على العام تكون حجية العام مختصة

__________________

(١) راجع تذكرة الفقهاء ج ٢ ص ٥٧٤ من الطبعة القديمة ، (احكام النظر إلى الاجنبية) فربما يظهر لك وجهه حيث قال : «وكذا الغين والمخنّث وهو المشتبه بالنساء ، والشيخ الهِمّ (لغة : الكبير البالي) فالاقرب انهم كالفحل لعموم الآية ..».

(٢) نسبه اليه بعض المتأخرين ، راجع مطارح الانظار ص ١٩٢ ـ ١٩٣ ، فقد يظهر لك وجهه.

(٣) كفاية الاصول ص ٢٢١ ـ ٢٢٢ (وبالجملة العام المخصص بالمنفصل).

٣٢٦

بغير المعنون بعنوان الخاص.

وبعبارة أخرى : يكون عنوان العام جزء الموضوع والجزء الآخر عدم عنوان الخاص ، فكما انه لو شك في صدق عنوان العام ، لا يجوز التمسك بالعموم ، للشك في الموضوع كذلك ، لو شك في عنوان الخاص ، إذ لا فرق بين الشكين في كونهما شكا في الموضوع المانع عن التمسك باصالة العموم.

وقد استدل للجواز بوجوه :

الأول : ان العام حجة فيما لا يزاحمه حجة أقوى ، وعليه ، فحيث ان الخاص لا يكون حجة في الفرد المشكوك فيه فلا مزاحم لحجية العام فيه ، إذ اللاحجة لا يصلح لمزاحمة الحجة.

وفيه : ان الخارج عن تحت العام لا يكون هي الأفراد الخارجية بما هي ، بل الخارج هو العنوان الذي تضمنه دليل الخاص لكن لا مفهومه ، بل واقع ذلك العنوان بلا دخل للخصوصيات الفردية ، ولازم ذلك اختصاص حجية العام بغير مورد ذلك العنوان ، فالفرد المشكوك فيه يكون نسبته إلى العام والخاص على حد سواء ، ولا يكون شيء منهما حجة فيه.

الثاني : قياس المقام بالأفراد المشكوك فيها من حيث اجمال مفهوم الخاص ، فكما ان هناك يتمسك بعموم العام كذلك في المقام.

وفيه : ان هناك حجية الخاص لا تكون في العنوان المشكوك شموله لافراد خاصة بل لفرض الشك في المفهوم واجماله تكون حجة في المقدار المتيقن ، ولا يكون حجة في الزائد ، مثلا لو تردد الفاسق بين كونه موضوعا لخصوص المرتكب للكبيرة ، وشموله

٣٢٧

للمرتكب للصغيرة يكون الخاص ، وهو لا تكرم الفساق حجة في خصوص القسم الأول ، ولا يكون حجة في المرتكب للصغيرة ، فهذا العنوان يكون باقيا تحت اكرم العلماء وهذا بخلاف ما نحن فيه فان الخاص حجة في تمام مدلوله وذلك العنوان يكون خارجا عن تحت العام.

وبعبارة أخرى : ان لازم وجود الخاص الذي هو الكاشف الاقوى اختصاص الحكم المترتب على العام بالأفراد التي لا ينطبق عليها العنوان الذي تضمنه دليل الخاص ، ولا يدور قصر الحكم مدار انطباق عنوان المخصص على الفرد الخارجي ، كي يتوهم عدم قصر الحكم بالنسبة إلى الفرد الذي لا يعلم انطباق الخاص عليه.

وان شئت قلت : ان القضية الحقيقية إنما تكون متكفلة لاثبات الحكم على الأفراد المفروض وجودها ، ولا تكون متكفلة ، لتطبيق الموضوع على الأفراد الخارجية بل هو موكول إلى المكلف.

وعليه فلو كانت الشبهة مصداقية لا يكون العام حجة إلا في غير عنوان الخاص ، فكما يكون انطباق الخاص على هذا الفرد مشكوكا فيه ، كذلك انطباق العام عليه مشكوك فيه ، وقد عرفت ان دليل العام لا يتكفل للتطبيق ، فلا يصح التمسك به ، واما في الشبهة المفهومية : فلا يعلم خروج الزائد عن مقدار المعلوم عن تحت العام ، بفرض وجوده واعتبار عدمه في العام ، فلا محالة يكون العام حجة بالقياس إلى تلك الأفراد أي الأفراد المشكوك شمول الخاص لها.

الثالث : قياس الأصول اللفظية بالاصول العملية ، فكما انه لو شك في

٣٢٨

الحلية والحرمة يتمسك بمثل اصالة الحل كذلك : لو شك في اندراج الفرد المشكوك فيه في ما هو المراد من العام يتمسك بمثل اصالة العموم.

وفيه : انه قياس مع الفارق : إذ الأصول العملية ، مجعولة في فرض الشك في الواقع ، وهذا بخلاف الأصول اللفظية ، فانها واقعة في طريق احراز الواقع ، وقد أحرز ان الموضوع للحكم هو العام المعنون بغير عنوان الخاص ، وكون فرد داخلا تحت عنوان العام بعد التخصيص وعدمه اجنبي عما هو مفاد اصالة العموم.

الرابع : ان العام له عموم افرادي ، واطلاق أحوالي ، مثلا ، (اكرم العلماء) بعمومه الافرادى يدل على وجوب اكرام كل فرد ، وباطلاقه الاحوالي يدل على وجوب اكرام كل فرد في جميع حالاته التي تفرض ، ومن جملة حالاته كونه ، معلوم العدالة ، ومعلوم الفسق ، ومشكوك العدالة والفسق ، وبورود المخصص ، ك (لا تكرم الفساق منهم) يعلم خروج معلوم الفسق وشك في خروج مشكوك الفسق والعدالة ، فمقتضى اصالة العموم والاطلاق بقاء المشكوك فيه تحت الحكم.

وفيه : ان المخصص إنما يوجب تخصيص العموم الافرادى ، واختصاص الحكم بغير أفراد الفاسق واقعا ، وهذا يوجب سقوط الإطلاق الاحوالي ، لأنه فرع حجية العام في العموم الافرادى.

الخامس : قاعدة المقتضى والمانع ، بتقريب ان عنوان العام من قبيل المقتضى لثبوت الحكم لكل فرد ، وعنوان الخاص ، إنما هو من قبيل المانع ، فإذا أحرز المقتضى وشك في وجود المانع ، لا بد من الاخذ بالمقتضى بالفتح والبناء على

٣٢٩

ثبوته.

وفيه : انه ان اريد بذلك ما يرجع إلى مقام الإثبات والدلالة ، بدعوى ، ان ظهور العام مقتض للحجية ، والمخصص مانع عنها ، ومع الشك في تطبيق المانع على فرد ، يؤخذ بالمقتضى ، لاوله إلى الشك في وجود مزاحم لما هو حجة عليه في نفسه ، فهو يرجع إلى الوجه الأول الذي عرفت ما فيه ، وان المخصص يوجب قصر حجية العام على غير مورد الخاص.

وان اريد به ما يرجع إلى مقام الثبوت ، بتوهم ان عنوان العام مقتض ، وعنوان الخاص مانع عنه ، فيرد عليه مضافا إلى انه لا دليل على هذه القاعدة من العقل أو الشرع ، انه يمكن ان يكون في الواقع المقتضى قاصرا عن الشمول للافراد التي تنطبق عليها عنوان الخاص ـ وبعبارة أخرى ـ يكون المقتضى في الأفراد التي لا ينطبق عليها عنوان الخاص.

فتحصل : ان الأظهر عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية إذا كان المخصص لفظيا.

واما ما عن التقريرات (١) من الاحتجاج له بالاستصحاب فيما لو عمل بالعام في المشكوك بواسطة القطع باندارجه ثم طرأ الشك فيه ، فهو على فرض جريانه تمسك بالأصل ، لا بالعام.

واما المقام الثاني : وهو ما إذا كان المخصص لبيا ، فقد عرفت ان الشيخ ذهب إلى التمسك بالعام في الشبهة المصداقية فيه مطلقا.

__________________

(١) مطارح الانظار ص ١٩٣.

٣٣٠

واختار المحقق الخراساني (١) التفصيل بين ما إذا كان المخصص واضحا بمثابة صح للمتكلم ان يتكل عليه في مقام التخاطب ، كما إذا كان من الأحكام الضرورية العقلية ، فهو حينئذ كالمتصل ، فلا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لأنه حينئذ يكون كالقرينة المتصلة الموجبة لصرف الكلام عن العموم إلى الخصوص ، وبين ما إذا لم يكن كذلك كما إذا كان حكما نظريا موقوفا ثبوته على مقدمات أو اجماع فيجوز.

وقد ذكر في وجه الجواز والفرق بينه وبين المخصص اللفظي وجوها :

احدها : انه إذا ورد عام ، كقولنا (اكرم كل عالم) ورود من الشارع مخصص لفظي كقولنا (لا تكرم الفساق منهم) تكون الحجة الملقاة من المولى إلى عبده اثنتين ، احداهما العام ، والاخرى الخاص ، والخاص إنما يوجب رفع اليد عن حجية العام بمقدار مدلوله ، فالفرد المشكوك فيه يكون نسبته اليهما على حد سواء ، فلا يصح الاخذ باحداهما دون الاخرى ، واما في المخصص اللبِّي فالحجة الملقاة من المولى حجة واحدة ، لا بد من اتباعها وعدم رفع اليد عنها إلا بمقدار القطع الحاصل من تلك المقدمات ، ومعلوم ان القطع بالعنوان لا يسرى إلى المصاديق المشكوك فيها فهي مما يعلم عدم كونها موضوعا للحجية فبالنسبة إليها ليس في البين حجة على خلاف العام واقعا ، فلا يجوز رفع اليد عن العام لأنه بلا وجه.

وفيه : اولا : انه على هذا الوجه لا مورد للفرق بين ما هو كالمتصل وغيره ،

__________________

(١) كفاية الاصول ص ٢٢٢ بتصرف.

٣٣١

إذ في القسم الأول أيضاً يجرى هذا البرهان بعينه ، وبه يحرز عدم كون المشكوك فيه من أفراد الحجة على خلاف العام ، فلا وجه لدعوى عدم انعقاد ظهور للعام في العموم.

وثانيا : انه (قدِّس سره) سيصرح في مبحث الاستصحاب بسراية العلم إلى الخارج ، وعليه ، فلو كان العلم متعلقا بعنوان واحتمل انطباق ذلك العنوان على الفرد الخارجي ، يحتمل كونه موضوعا للعلم مثلا ، لو علم بحرمة اكرام الفاسق ، واحتمل كون زيد فاسقا يحتمل كونه موضوعا لما علم حرمة اكرامه ، وعلى ذلك فلا فرق بين المخصص اللفظي واللبى.

وثالثا : ان المخصص اللبِّي كاللفظى يوجب تقييد المراد الواقعي ، وعدم كون الموضوع الواقعي هو العام بما هو بل مقيدا بقيد خاص ، ففي الأفراد المشكوك فيها ، وان كان عدم حجية الخاص معلوما ، إلا ان دخولها في موضوع ما هو حجة من مفاد العام غير معلوم ، فلا يمكن التمسك به.

ثانيها (١) : ان الفرق بين الموردين يظهر من عدم صحة مؤاخذة المولى ، إذا ورد (اكرم جيراني) ثم قال (لا تكرم اعدائي من جيراني) لو لم يكرم واحدا من جيرانه لاحتمال عداوته ، وهذا بخلاف ما إذا لم يرد الخاص بل علم من الخارج انه لا يريد اكرام اعدائه من جيرانه ، وشككنا في عداوة بعض جيرانه ولم يكرمه فانه يستحق المؤاخذة حينئذ على ترك اكرامه.

ويرد عليه ان ذلك دعوى لا شاهد لها ، بل بنظر العقلاء الذي هو المعيار

__________________

(١) كفاية الاصول ص ٢٢٢ ـ ٢٢٣.

٣٣٢

في هذا الباب ، لا فرق بين الموردين أصلاً.

ثالثها : ما ذكره بقوله" وبالجملة كان بناء العقلاء على حجيتها بالنسبة إلى المشتبه هاهنا بخلافه هناك" (١).

وهذه أيضاً دعوى بلا بينة ولا شاهد.

رابعها (٢) : ما ذكره في التقريرات ، ومنها اخذ المحقق الخراساني ، وذكره في آخر كلامه ، وحاصله ان الرجوع إلى العام فيما إذا كان المخصص لبيا ، يوجب رفع الشك عن المصداق المشتبه للخاص ، فيقال في مثل (لعن الله بني امية قاطبة) (٣) ان فلانا وان شك في ايمانه يجوز لعنه ، لمكان العموم وكل من جاز لعنه لا يكون مؤمنا فينتج انه ليس بمؤمن.

ويرده ، انه إذا ورد عام مثل (لعن الله بنى امية قاطبة) فتارة يعلم ان في بنى امية مؤمنين ، وأخرى يشك في ذلك ، وما أفاده يتم في الفرض الثاني ، ومحل الكلام هو الفرض الأول الذي يعلم بعدم بقاء العام على ظهوره في العموم ، وورد التخصيص عليه ، غاية الأمر انه مردد بين الأقل والأكثر. فتدبر.

ثم ان المحقق النائيني (٤) اختار تفصيلا آخر فيما إذا كان المخصص لبيا ، وهو

__________________

(١) كفاية الاصول المقطع الاخير من ص ٢٢٢.

(٢) كفاية الاصول ص ٢٢٣.

(٣) كامل الزيارات ص ١٧٦ الباب الحادي والسبعون (ثواب من زار الحسين (ع) يوم عاشوراء) ، ح ٨.

(٤) أجود التقريرات ج ١ ص ٤٧٥ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ٣٤٣ (والتحقيق ان يقال).

٣٣٣

ان ما يسمى بالمخصص العقلي أي المخصص غير اللفظي ، ان كان بمعنى ما يوجب تقييد موضوع الحكم وتضييقه نظير تقييد الرجل في قوله : (فانظروا إلى رجل قد روى حديثنا) (١) الخ ، بكونه عادلا لقيام الإجماع على ذلك ، فحاله حال المخصص اللفظي.

واما إذا كان بمعنى ادراك العقل ما هو ملاك حكم الشارع ، غير الصالح لتقييد الموضوع ، إذ الملاك هو ما يترتب على الفعل المتأخر عن الحكم المتأخر عن وجود الموضوع ، كما في قوله (ع) (لعن الله بني امية قاطبة) مع حكم العقل بان ملاك لعنهم إنما هو بغضهم لاهل البيت عليهم‌السلام ، فالمؤمن منهم على تقدير وجوده كخالد بن سعيد (٢) لا يشمله اللعن المزبور ، فيجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، وذلك ، لان احراز كون الملاك في جميع أفراد العام إنما هو من وظائف المولى إذ لا يصح له القاء العام إلا مع احراز ذلك.

ولو فرض العلم بعدم وجود الملاك في بعض الأفراد لا بد من حمل كلام الشارع الاقدس على انه لم يبينه لمصلحة هناك اقتضت ذلك.

واما إذا شك في وجود الملاك وعدمه فنفس العموم يصلح لان يكون كاشفا

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٦٧ ح ١٠ / ج ٧ ص ٤١٢ ح ٥ / التهذيب ج ٦ ص ٢١٨ و ٣٠١ ح ٦ و ٥٢ / الوسائل ج ١ ص ٣٤ ح ٥١ / ج ٢٧ ص ١٣٦٣٣٤١٦ / ج ٢٧ ص ٣٠٠ ح ٣٣٧٩٥.

(٢) خالد بن سعيد الاموي ممن توقف مع سلمان والمقداد وعمار ومالك بن نويرة وغيرهم في بيعة ابي بكر واحتجوا عليه بيوم الغدير / الصواعق المهرقة للششتري ص ٦٩.

٣٣٤

عن وجوده في الفرد المشكوك فيه إذ مع عدم احرازه وجود الملاك في المشكوك فيه لما كان يلقى كلامه بنحو يشمله.

وفيه : انه إذا أحرز العقل عدم وجود الملاك في فرد ، فلا محالة يكون ذلك من جهة اشتماله على خصوصية أو فقده الخصوصية الموجودة في ساير الأفراد ، وإلا فلا يعقل احراز عدم الملاك فيه.

وحينئذٍ ان كانت تلك الخصوصية معلومة تكون هي في الصورة الأولى وعدمها في الثانية قيدا للعام ، فحال هذا القسم حال القسم الأول إذا شك في وجود تلك الخصوصية في فرد ، وان لم تكن معلومة وكانت مرددة بين أمور يكون المقام من قبيل دوران امر الخاص بين المتباينين.

تذييل في استصحاب العدم الازلي

وقد اختلف المحققون في انه ، هل يمكن احراز دخول الفرد المشتبه في أفراد العام باجراء الاصل في العدم الازلي بعد عدم إمكان التمسك بعموم العام بالاضافة إليه أم لا؟

فذهب المحقق الخراساني (ره) (١) إلى القول الأول وتبعه جماعة.

__________________

(١) كما هو ظاهر كلامه في اصالة عدم الانتساب إلى قريش لو شك انها قرشية أو لا ، راجع كفاية الاصول ص ٢٢٣ (ايقاظ).

٣٣٥

والمحقق النائيني (١) إلى الثاني وتبعه جماعة آخرون.

وليعلم ان محل الكلام في المقام ما إذا كان المخصص ذات عنوان وجودي وموجبا لتقييد موضوع العام ، كالمخصص المنفصل كما لو قال (اكرم العلماء) وقال بدليل منفصل (لا تكرم فساقهم) أو كالاستثناء من المتصل نظير (اكرم العلماء إلا الفساق منهم) أو (المرأة تحيض إلى خمسين ، إلا القرشية) واما إذا كان متصلا بالكلام على وجه التوصيف كما لو قال (اكرم العلماء العدول أو غير الفساق) أو (المرأة غير القرشية تحيض إلى خمسين) أو ما شاكل فهو خارج عن محل الكلام ، فانه لا اصل يحرز به حال الفرد المشتبه ، إلا إذا كان لنفس القيد حالة سابقة عدما أو وجودا مع وجود الموضوع.

وقد استدل المحقق الخراساني (٢) لما اختاره : بأنه في محل الكلام ، يكون الباقي تحت العام غير معنون بعنوان خاص ، بل بكل عنوان لم يكن ذاك بعنوان الخاص ، فيمكن احراز المشتبه منه بالاصل الموضوعي في غالب الموارد ، وبه يحكم عليه بحكم العام ، مثلا إذا شك في ان امرأة تكون قرشية أو غيرها فلا اصل يحرز به انها قرشية أو غيرها لأنه ليس زمان تكون المرأة موجودة وعلم اتصافها باحدهما ثم شك فيه.

__________________

(١) أجود التقريرات ج ١ ص ٤٧٤ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ٣٤٠ ـ ٣٤١. عند مناقشته للمحقق الآخوند في عدم صحة التمسك باصالة عدم الانتساب إلى قريش (الثالث : ان عدوله من اجراء اصالة العدم ..).

(٢) كفاية الاصول ص ٢٢٣ (ايقاظ).

٣٣٦

إلا ان اصالة عدم تحقق الانتساب بينها وبين القريش تجدي في تنقيح انها ممن لا تحيض إلا إلى خمسين ، لان المرأة التي لا يكون بينها وبين القريش انتساب أيضاً باقية تحت ما دل على ان المرأة إنما ترى الحمرة إلى خمسين ، والخارج عن تحته هي القرشية.

فملخص ما يدعيه ان مثل التخصيص المزبور ، إنما يوجب تعنون الموضوع في العام بعدم كونه متصفا بذلك الوصف الذي اخذ في المخصص ، بمعنى اعتبار عدم اتصاف العام بالوصف الوجودي المأخوذ في ناحية الخاص ، وهذا هو المراد من قوله بل بكل عنوان لم يكن ذاك بعنوان الخاص ، أي كل عنوان وجودي أو عدمي فرض تحققه في طرف العام ، فهو لا ينافي ثبوت الحكم له ، إلا العنوان المأخوذ في الخاص ، ولا يضر وجوده ولا عدمه.

وليس مراده دخل كل عنوان في الحكم ، وعليه فيجرى استصحاب عدم تحقق الوصف والعنوان المأخوذ في الخاص ، وفي المثال استصحاب عدم القرشية المتحقق قبل تولد تلك المرأة في الخارج ويثبت به انها غير متصفة بالقرشية فتكون باقية تحت دليل العام الدال على ان المرأة تحيض إلى خمسين عاما ، لان الموضوع في العام الباقي تحته مركب من أمرين ، كونها مرأة ، وعدم انتسابها إلى قريش ، والأول محرز بالوجدان ، والثاني بالاصل فبضم أحدهما إلى الآخر ، يتم الموضوع.

وأورد عليه :

تارة : بان المخصص المنفصل المذكور يوجب تعنون العام بعنوان خاص

٣٣٧

وجودي مضاد لعنوان الخاص ، وهو المنسوب إلى الشيخ الأعظم (١).

وأخرى بان الباقي تحت العام بعد التخصيص حسب ظهور دليله هي المرأة التي لا تكون قرشية على نحو مفاد ليس الناقصة ، فالتمسك باستصحاب العدم ان كان المراد استصحاب العدم النعتي ، فهو لا يجرى لعدم الحالة السابقة ، وان كان المراد العدم المحمولي فهو وان كان يجرى فيه الاصل إلا انه لا يثبت به العدم النعتي الذي هو المأخوذ في الموضوع إلا على القول بالاصل المثبت كما عن المحقق النائيني (ره) (٢).

وثالثة : بان العام لا يتعنون من جهة التخصيص ويكون التخصيص نظير موت فرد من أفراد الموضوع فانه وان اوجب قصر الحكم بالباقي إلا انه لا يوجب تعنونه بعنوان آخر زائدا عما كان عليه.

ومع ذلك فاستصحاب العدم إنما يصلح لرفع حكم الخاص لا لاثبات

__________________

(١) مطارح الانظار ص ١٩٣ (هداية في الشبهة المصداقية) الا ان الشيخ الاعظم لم يلتزم ذلك ، راجع قوله : «ويمكن أن يحتج للخصم تارة بالاستصحاب فيما لو عمل بالعام في المشكوك بواسطة القطع باندراجه ثم طرأ الشك فيه ، وفيه أن ذلك بعد الإغماض عن كونه رجوعا عن التمسك بالعام إلى التعويل على الاستصحاب وعدم نهوضه للشكوك البدوية مما لا يجدي لارتفاع الحكم بعد ارتفاع القطع لكونه دائرا مداره كما نبهنا على عدم جريان الاستصحاب في أمثال المقام في محله».

(٢) اجود التقريرات ج ١ ص ٤٦٥ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ٣٢٩ (ويرد عليه ان الباقي ..).

٣٣٨

حكم العام كما عن المحقق العراقي (ره) (١).

وتنقيح القول في المقام بنحو يثبت صحة ما أفاده المحقق الخراساني (ره) من جريان الاصل في العدم الازلي الذي يترتب عليه ثمرات عديدة ، وعدم ورود شيء من ما اوردوه عليه يتوقف على بيان مقدمات.

المقدمة الأولى : ان الوجود والعدم.

تارة يضافان إلى الماهية ويقال انها موجودة أو معدومة.

وبعبارة أخرى : ان الماهية متأصلة كانت كالجواهر والاعراض أم غيرها ، لا تخلو من ان تكون موجودة أو معدومة ولا ثالث ، وإلا لزم ارتفاع النقيضين ، فكما يقال في الجوهر انه اما موجود أو معدوم كذلك يقال في العرض كالبياض انه اما موجود أو معدوم ، ويعبر عن هذين بالوجود والعدم المحمولين ، وبمفادي كان وليس التامتين وهما ثبوت الشيء وسلبه.

وأخرى يلاحظ وجود العرض بالاضافة إلى معروضه وموضوعه لا إلى ماهيته ، أو عدمه بالاضافة إليه ، ويعبر عنهما بمفادي كان الناقصة وليس الناقصة ، والوجود والعدم النعتيين ، وهما ثبوت شيء لشيء ونفيه عنه ، وهذان أي الوجود والعدم كذلك ، يحتاجان في تحققهما إلى وجود موضوع خارجي في الخارج ولا يعقل تحققهما بدونه ، ويكونان من هذه الناحية كالعدم والملكة ، فكما ان عدم الملكة يحتاج إلى محل قابل للاتصاف بالملكة ، كذلك العدم النعتي.

__________________

(١) راجع نهاية الافكار ج ٢ ص ٥١٩ بتصرف.

٣٣٩

وعلى الجملة ان الوجود والعدم النعتيين لا يعقل تحققهما بدون الموضوع الخارجي ، ولذلك قالوا ان ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له ، ومن هنا يمكن ارتفاعهما بارتفاع موضوعهما من دون ان يلزم ارتفاع النقيضين ، وهذا بخلاف الوجود والعدم المحمولين حيث انه لا يمكن ارتفاعهما معا فانه من ارتفاع النقيضين.

فالمتحصّل ان الوجود والعدم النعتيين ، يحتاجان في تحققهما إلى موضوع خارجي ، والعدم الثابت قبل تحقق الموضوع غير هذا العدم.

المقدمة الثانية : ان الموضوع أو المتعلق ان كان مركبا من أمور متعددة.

فتارة يكون مركبا من جوهرين ، أو عرضين ، أو جوهر وعرض ثابت ، ولو في غير ذلك الجوهر.

وأخرى يكون مركبا من العرض ومحله.

وثالثة يكون مركبا من المعروض ، وعدم العرض.

ففي القسم الأول : يكون الدخيل هو ذوات اجزاء المركب ، أي كل واحد من تلك الأمور المأخوذة ، وبعبارة أخرى : الوجودات التوأمة بلا دخل لعنوان آخر من قبيل عنوان اجتماعهما في الوجود ، وغير ذلك في الموضوع أو المتعلق.

ولذا إذا كان بعضها محرزا بالوجدان ، والآخر مستصحبا يترتب عليه الاثر ، كما لو فرضنا ان موضوع وجوب الاكرام ، هو العالم في يوم الجمعة ، فلو أحرز كون اليوم يوم الجمعة ، واستصحب عالمية زيد التي هي متيقنة سابقا ومشكوك فيها لاحقا يترتب عليه الاثر وهو وجوب الاكرام.

٣٤٠