زبدة الأصول - ج ٢

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني

زبدة الأصول - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: أنوار الهدى
المطبعة: وفا
الطبعة: ٣
ISBN: 964-8812-35-7
ISBN الدورة:
964-8812-39-X

الصفحات: ٤٢٦

يمكن تعلق التكليف بغير المقدور كذلك لا يمكن العقاب عليه وبما ان المفروض استحالة الجمع بين المتعلقين فيستحيل العقاب على تركهما معاً ، والثاني ملازم لانكار الترتب وانحصار الامر المولوي بالاهم ، وكون الامر بالمهم ارشادا محضا إلى كونه واجدا للملاك ، لعدم معنى لوجود الامر المولوي الالزامي وعدم ترتب العقاب على مخالفته.

ويرد عليه ، انه خلط بين ان يكون العقاب على ترك الجمع بين الاهم والمهم ، وان يكون العقاب على الجمع في الترك ، بمعنى انه يعاقب على ترك كل منهما في حال ترك الآخر ، والمستحيل هو الأول لانه غير مقدور دون الثاني.

وان شئت قلت ان العقابين ليسا لعدم الجمع بين المتعلقين ، كي يقال انه ممتنع وكذلك ما يستتبعه ، بل على الجمع بين العصيانين وهما مقدوران للمكلف كما تقدم في الجواب عن الوجه المتقدم.

فإن قلت ان الاطاعة والعصيان ترتضعان من ثدى واحد ، وحيث ان المكلف غير قادر على اطاعتين فهو لا يقدر الا على عصيان واحد ، فلا يستحق اكثر من عقاب واحد.

قلت : ان وحدة العصيان وتعدده تابعان لوحدة التكليف وتعدده ، وربما لا يكون هناك في صورة الموافقة الا اطاعة واحدة ولكن في صورة العصيان معاصي عديدة ، كما في الواجب الكفائي فانه في صورة الموافقة يطيع شخص واحد ، ولا يمكن للجميع الاطاعة والامتثال لكنه في صورة ترك الجميع هناك تعدد في العصيان بعدد المكلفين.

وبالجملة بما ان كلا من التكليفين اجنبي عن الآخر ، والمكلف قادر على

٣٢١

امتثاله في فرض توجهه ، فيوجب مخالفته استحقاق العقوبة على ذلك.

الترتب في مقام الجعل

ثم انه ينبغي التنبيه على امور :

التنبيه الأول : المشهور بين الاصحاب صحة الصلاة جهرا في موضع الاخفات ، وبالعكس (١) ، وصحة الصلاة تماما في موضع القصر ، وذهب جماعة إلى صحة الصلاة قصرا في موضع التمام للمقيم عشرة ايام كل ذلك في فرض الجهل عن تقصير ، وايضا التزم المشهور ، بأن الجاهل المقصر في تلك الموارد يستحق العقاب على مخالفة الواقع وتركه.

ومن هنا وقع الاشكال في الجمع بين هاتين الجهتين ، وانه كيف يمكن الحكم بصحة المأتي به خارجا وإجزاؤه عن الواقع وعدم وجوب الاعادة مع بقاء الوقت ، والحكم باستحقاق العقاب.

واجابوا عنه باجوبة :

منها : ما نسب إلى الشيخ الكبير كاشف الغطاء (ره) (٢) من الالتزام

__________________

(١) نسبه المحقق الخوئي (قدِّس سره) في المحاضرات ج ٣ ص ١٦٠ إلى المشهور وفي مصباح الأصول ج ٢ ص ٥٠٦ إلى أنه المتسالم عليه بين الفقهاء.

(٢) نسبه غير واحد اليه منهم المحقق السيد الخوئي في المحاضرات ج ٣ ص ١٦٠ / ونسبه اليه أيضا في أجود التقريرات ج ١ ص ٣١٠ وفي الطبعة الجديد ج ٢ ص ٩١ بتصرف / راجع كشف الغطاء ص ٢٧.

٣٢٢

بالترتب ، بتقريب ان الواجب على المكلف ابتداء هو الصلاة جهرا ، مثلا ، وعلى تقدير تركه وعصيان امره فالواجب هو الاخفات ، أو بالعكس فالصحة تكون لامتثال الامر الثاني ، والعقاب على ترك التكليف الأول وعصيانه.

واورد عليه المحقق النائيني (ره) (١) وغيره بايرادات :

احدها : ان محل الكلام في المقام ما إذا كان التضاد بين المتعلقين اتفاقيا واما إذا كان التضاد دائميا كمثال الجهر والاخفات ، لكان التنافي في مقام الجعل الذي هو الضابط للتعارض لا في مقام المجعول الذي هو الملاك في كونه من باب التزاحم ، وعلى ذلك فيخرج المثال بذلك عن موضوع بحث الترتب لا محالة.

وفيه : انه فيما إذا كان التضاد دائميا بما ان التنافي في مقام الجعل ليس لعدم الملاك ، بل لكون التكليفين المتعلقين بالضدين كذلك موجبا للتكليف بالمحال ، وهو انما يلزم إذا كان كل منهما مطلقا ، واما إذا قيد كل منهما بعدم الاتيان بمتعلق الآخر ، أو قيد احدهما بذلك فلا يلزم التنافي بينهما ، فلا محذور في الالتزام بالترتب ، غاية الامر الترتب انما يكون في مقام الجعل بتقييد جعل احد الحكمين المتعارضين بعصيان الآخر ، والترتب المعنون في كلمات الفقهاء هو الترتب في مقام الفعلية بتقييد فعلية خطاب المهم بعصيان الاهم.

نعم الترتب في مقام الجعل ، كما في المسألتين يمتاز عن الترتب في مقام الفعلية بأمرين :

__________________

(١) أجود التقريرات ج ١ ص ٣١٠ وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ٩١ ـ ٩٥.

٣٢٣

احدهما : ان الترتب في مقام الفعلية لا يحتاج إلى دليل ، بل على فرض امكانه لا بد من البناء على وقوعه كما مر تقريبه ، واما الترتب في مقام الجعل ، فلا يكفي امكانه في وقوعه ، بل لا بدَّ من إقامة الدليل عليه ، ولكن الشيخ الكبير يدعى ان الدليل قد دل على وقوعه في المسألتين ، وهو الروايات الصحيحة الدالة على الصحة بضميمة ما دل على العقاب على مخالفة الواقع.

الثاني : ان المأخوذ في موضوع خطاب المهم في المسألتين هو عدم الاتيان بمتعلق الآخر في حال الجهل لا مطلقا.

الإيراد الثاني : انه يختص الترتب بما إذا كان للواجبين المتضادين ثالث كما تقدم ، ويأتي ولا ثالث لهما في المقام : لان الجهر ، والاخفات من الضدين الذين لا ثالث لهما.

وفيه : ان المأمور به هو القراءة الجهرية ، أو الاخفاتية ، لا الجهر والاخفات في القراءة ، ومن البديهي انهما من الضدين الذين لهما ثالث وهو ترك القراءة.

الإيراد الثالث : ان مورد الخطاب الترتبي هو ما إذا كان خطاب المهم مترتبا على عصيان خطاب الاهم كما في مسألة الصلاة والازالة وهذا لا يمكن في المقام إذ المكلف ان التفت إلى كونه عاصيا للتكليف بالأهم انقلب الموضوع ، وان لم يلتفت إلى ذلك فكيف يعقل ان يكون الحكم المجعول على هذا العنوان محركا للمكلف.

وفيه : انه لم يرد آية ولا رواية دالة على اختصاص الترتب بما إذا قيد الامر بالمهم بعصيان الامر بالأهم ، بل يصح الترتب مع كون المعلق عليه هو مطلق الترك ، وهذا العنوان مما يمكن ان يلتفت إليه الجاهل ولا ينقلب الموضوع.

٣٢٤

لا يقال : انه لا يمكن الالتزام بذلك في المقام إذ لازمه فعلية التكليف بالثاني ، عند ترك الأول حتى في حال العلم وهو مما لم يلتزم به فقيه.

فانه يقال : انه بمقتضى الجمع بين النصوص والفتاوى نلتزم بأن تركه في حال العلم خارج عن الموضوع بل الموضوع غيره كما لا يخفى.

وبما ذكرناه يندفع إيراده الرابع على القول بالترتب في المقام بأن العصيان لخطاب يتوقف على فعلية ذلك الخطاب وتنجزه ، وفى المسألتين لا يكون الخطاب الواقعي منجز الفرض الجهل به.

وبعبارة أخرى : المكلف بالاخفات في الواقع إذا اجهر بالقراءة فإما ان يكون عالما بوجوب الاخفات عليه ، أولاً ، اما الأول ، فهو خارج عن محل الكلام : إذ المفروض فيه توقف صحة الجهر على الجهل بوجوب الاخفات ، واما على الثاني فعصيان وجوب الاخفات وان كان متحققا في الواقع ، الا انه من جهة كون التكليف بالاخفات مجهولا ، لا يكون متنجزا ، فلا محالة يكون العصيان حقيقة بالنسبة إلى الخطاب الطريقي الواصل ، وهو وجوب التعلم ، أو الاحتياط ، عند المصادفة ، دون الخطاب الواقعي المجهول.

والفرق بين هذا الوجه وسابقه ، ان الوجه السابق كان مبناه على فقد العلم بالعصيان وهذا الوجه انما هو لفقد العصيان نفسه.

والجواب عنه ما تقدم من عدم اختصاص الترتب باخذ العصيان في موضوع الخطاب بالمهم ، بل اخذ المخالفة للتكليف بالاهم فيه.

اضف إليه ما حقق في محله من ان العقاب ليس على مخالفة الوجوب

٣٢٥

الطريقي الواصل المصادف للواقع ، بل انما هو على مخالفة الواقع ، فانه بعد تنجزه ، بوجوب التعلم ، أو الاحتياط لا محالة يوجب مخالفته العقاب.

واورد الأستاذ (١) على كاشف الغطاء ، بانه وردت الروايات ان الواجب على المكلف في كل يوم خمس صلوات وهي تكفي في إبطال القول بالترتب في المقام.

وفيه : ان الترتب المدعى في المقام انما هو بين وجوب القراءة الجهرية ، ووجوب القراءة الاخفاتية ، في صلاة واحدة ، لا في الصلاتين المشتملة احداهما على الأولى ، والاخرى على الثانية.

الإيراد السادس ان وجوب الصلاة بما انه موسع فلا ينزع عنوان العصيان من تركها في جزء من الوقت ، بل من تركها في مجموع الوقت المضروب لها ، وعليه فلا يعقل تحقق العصيان في أثناء الوقت كي يصير الحكم الثاني فعليا.

والجواب عنه : هو الجواب عن الوجه الثالث الذي أفاده المحقق النائيني (ره) (٢).

ومحصله ان الملاك لامكان الترتب هو كون الواجب المهم في ظرف عدم الاتيان بالأهم وتركه في الخارج مقدورا للمكلف وعليه فلا يكون تعلق الامر به

__________________

(١) دراسات في علم الاصول ج ٣ ص ٤٨٥ ـ ٤٨٦ / الهداية في الاصول ج ٣ ص ٥١٨ / وأجاب (قدِّس سره) بنفس الجواب في مصباح الاصول ج ٢ ص ٥٠٨ بعد ايراد كلام المحقق كاشف الغطاء والردود عليه قال : «والصحيح ان يقال .. الخ».

(٢) اجود التقريرات ج ١ ص ٣١١ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ٩٣ بتصرف.

٣٢٦

على هذا التقدير قبيحا. فالشرط لتعلق الامر بالمهم هو عدم الاتيان بالأهم لا عصيانه ، وعلى هذا بنينا على جريان الترتب في الأوامر الاستحبابية وعدم اختصاصه بالأوامر الإلزامية والتعبير عن ذلك في كلماتهم بالعصيان انما هو للإشارة إلى ما هو شرط في الواقع.

وعلى هذا فلا مانع من الالتزام بالترتب في المسألتين ودفع الإشكال المتقدم به غاية الامر ان الترتب فيهما يحتاج وقوعه إلى الدليل والدليل موجود وهو الروايات ـ ويمكن دفع الإشكال بوجه آخر سيأتي التعرض له.

وقد أجيب عن اصل الإشكال بأجوبة أخر :

منها ما أفاده الشيخ الأعظم (ره) (١) من الالتزام ، تارة بعدم تعلق الامر بالصلاة الاخفاتية مثلا عند الجهل بالحكم ، والعقاب انما يكون على ترك التعلم ، وأخرى بعدم تعلق الامر بالصلاة الجهرية المأتي بها في حال الجهل بل هي مسقطة للواجب ، والمأمور به هو الصلاة الاخفاتية والعقاب يكون على ترك المأمور به.

ولكن يرد على ما أفاده :

أولاً : انه لو سلم كون العقاب على ترك التعلم في موارد المصادفة للواقع

__________________

(١) فقد التزم في الفرائد ج ٢ ص ٥١٢ على أن العقاب على ترك المأمور به لا على ترك التعلم ... الخ ، وفي ص ٥٢٣ من نفس الجزء قال : «نعم يعاقب على عدم ازالة الغفلة كما تقدم استظهاره من صاحب المدارك ومن تبعه. ويحسن مراجعة كلامه بدقة زيادة في الفائدة».

٣٢٧

وان مر عدم تماميته ، لا نسلم ذلك عند عدم المصادفة للواقع لفرض عدم الحكم الواقعي.

وثانياً : ان الظاهر من الروايات كون المأتي به في حالة الجهل مأمورا به وقد اعترف هو (قدِّس سره) بذلك.

ومنها : ما أفاده المحقق الخراساني (١) وقد نقلنا مع ما أورد عليه وما يمكن ان يورد عليه في آخر مسألة البراءة والاشتغال.

ويمكن الجواب بوجه آخر وهو عدم تمامية ما هو المنسوب إلى المشهور من الجمع بين الحكم بالصحة في المسألتين واستحقاق العقاب على ترك الواجب الواقعي : لان الجاهل بوجوب الاخفات مثلا لو صلى إخفاتا وتحقق منه قصد القربة ، فإما ان يحكم بفساد صلاته عند انكشاف الحال؟ أو يحكم بصحتها؟

وعلى الأول فمقتضاه ان الواجب على المكلف تعيينا عند الجهل هو الجهر فلا معنى لاستحقاق العقاب على ترك الاخفات.

ودعوى استحقاقه على ترك التعلم ، قد عرفت ما فيها.

ودعوى الإجماع عليه ، غريبة لعدم كونه من الأحكام الشرعية ، مع انه غير ثابت لخلو كلمات كثير منهم عن ذلك.

وعلى الثاني فلا بد وان يكون الحكم الواقعي هو التخيير بين الجهر والاخفات ، وبديهي اجزاء الاتيان بأحد طرفي التخيير وعدم استحقاق العقاب

__________________

(١) راجع كلامه في كفاية الاصول ص ٣٧٥ (وأما البراءة النقلية).

٣٢٨

على ترك الآخر.

فالمتحصل مما ذكرناه أمران :

الأول : انه يمكن الجواب عن الإشكال بالالتزام بالترتب في مقام الجعل.

الثاني : إنكار استحقاق العقاب فتدبر فانه نافع.

التنبيه الثاني والثالث

التنبيه الثاني : لا فرق في إمكان الترتب ، ووقوعه بين كون شرط الامر بالمهم عصيان الامر بالأهم ، أو ما هو معلول له ، فلو حرمت الإقامة في محل ، فعصى المكلف واقام يتوجه إليه خطاب الصوم ، والصلاة تماما.

فعلى القول بأن قصد الإقامة قاطع للسفر موضوعا ، يكون الامر بالصوم ، والصلاة تماما معلقا على الحضر المعلول لعصيان النهي عن الإقامة ، وقد مر تفصيل القول فيه.

التنبيه الثالث : انه كما يمكن الترتب بين الخطابين من طرف واحد ، يمكن الترتب بينهما من طرفين ، كما في مثل اجلس في المسجد في الساعة الخاصة ان لم تقرأ القرآن ، واقرأ القرآن ان لم تجلس فيه في تلك الساعة ، وما ذكرناه من البرهان لامكانه ، وهو عدم لزوم الطلبين كذلك طلب الجمع بين الضدين وعدم محذور آخر ، يقتضي الإمكان في الترتب من الجانبين.

وبما ذكرناه يظهر التنافي بين كلمات الشيخ الأعظم (ره) حيث انه في آخر مسألة البراءة والاشتغال في جواب الشيخ الكبير المصحح لصحة عمل الجاهل المقصر في مسألتي الجهر والاخفات والقصر والإتمام مع استحقاق العقاب على

٣٢٩

مخالفة الواقع بالالتزام بالترتب ـ يصرح بعدم معقولية الترتب ـ (١)

وفي اول بحث التعادل والترجيح في تعارض الخبرين على القول بالسببية يقول ان مقتضى القاعدة هو التخيير لا التساقط كما في كل واجبين متزاحمين لم تثبت أهمية احدهما (٢) فانه يقرب وجه التخيير بالالتزام بوجوب كل منهما مقيدا بعدم الاتيان بالآخر ، وهذا هو حقيقة الترتب من الجانبين بعد فرض ان الشرط ليس خصوص العصيان بل ترك متعلق الامر الآخر.

التنبيه الرابع : يعتبر في إمكان الترتب القدرة على المهم في ظرف عصيان الامر بالأهم ، اما إذا فرضنا عدم القدرة عليه في ذلك الفرض : لامتناع وجوده كما في المتلازمين في الوجود ، أو لكون وجوده ضروريا كما في الضدين الذين لا ثالث لهما كالحركة والسكون ، فلا يعقل الترتب إذ الامر بالمهم كسائر التكاليف مشروط بالقدرة على متعلقه ، فمع عدمها لا سبيل إلى الامر به.

ومن هنا ينشأ اشكال في المثال المعروف للترتب ، وهو الصلاة والازالة ، إذ بعد الشروع في الصلاة الامر بالإزالة فعلى على الفرض ، ومقتضى هذا الامر إبطال الصلاة ، ومقتضى الامر بها المضي فيها ، والإبطال والمضي في الصلاة ضدان لا ثالث لهما وعلى فرض عدم الإبطال المضي قهري لا اختياري فلا

__________________

(١) فرائد الاصول ج ٢ ص ٥٢٤ (الثاني من قوله ولنختم الكلام في الجاهل العامل قبل الفحص بأمور) عند قوله ونرده انا لا نعقل الترتب في المقامين في معرض رده على المحقق كاشف الغطاء (ره).

(٢) راجع فرائد الاصول ج ٢ ص ٧٦٦ (المقام الأول) وكان قد أشار إلى ذلك ص ٧٤٤.

٣٣٠

يجري الترتب في هذا المثال.

وفيه أولاً : ان المأمور به الاهم ليس هو إبطال الصلاة بل المتعلق هو ذات المبطل وهي الإزالة وهي مع الصلاة من الضدين الذي لهما ثالث.

وثانياً : انه لو سلم ان الاهم ، هو الإبطال ، لكن ليس هو مطلق الإبطال ، بل الحصة منه التوأمة مع الإزالة ، وهي مع الإزالة من الضدين الذين لهما ثالث كما لا يخفى.

الترتب في المشروط بالقدرة شرعا

التنبيه الخامس : ان الترتب إمكانا ووقوعا ، يختص بما إذا كان الخطاب بالمهم غير مشروط بالقدرة شرعا ، وإلا كما في الامر بالوضوء إذا زاحمه واجب اهم ، بأن كان له مقدار من الماء يكفي للوضوء أو حفظ نفس محترمة ، فلا يمكن تصحيحه بالترتب إذ نفس ذلك التكليف يكون معجزا شرعيا ، ويوجب صيرورته غير قادر شرعا ، لا امتثاله.

وبعبارة أخرى : نفس خطاب الاهم موجب لإعدام موضوع المهم فانه بنفسه يوجب صيرورته غير واجد الذي هو موضوع لوجوب التيمم ويرفع الوجدان الذي جعل موضوعا لوجوب الوضوء من غير فرق بين صورة الامتثال والعصيان.

وعليه فبما ان فعلية الحكم تتوقف على فعلية موضوعه فلا محالة يستحيل

٣٣١

فعلية الحكم في فرض وجود الرافع لموضوعه ، فلا يعقل فعليته في ظرف العصيان ولا يكون الوضوء ذا ملاك حينئذ لاختصاص الملاك بصورة الوجدان ، فلا يصح إتيان الوضوء بداعي الامر ولا بداعي الملاك في صورة المزاحمة ، وان عصى المكلف ذلك التكليف.

وبالجملة بعد اخذ القدرة والوجدان في موضوع حكم ، يكون نفس التكليف الشرعي في مورد المزاحمة رافعا لموضوع ذلك الحكم لكونه معجزا شرعيا ، فلا سبيل إلى الالتزام بالترتب فيه ، وهذا بخلاف سائر الموارد التي عرفت ان امتثال المزاحم رافع للموضوع ، لا التكليف نفسه.

وقد حكي (١) عن صاحب الفصول (ره) (٢) انه لو انحصر ماء الوضوء فيما يكون في الآنية المغصوبة ، أو الذهب ، أو الفضة على نحو يحرم عليه الاغتراف منه للوضوء ، ولم يغترف ما يكفيه للوضوء دفعة واحدة ، بل كان بنائه على الاغتراف تدريجا فاغترف ما يكفيه لغسل الوجه فقط ، انه لا مانع من صحة وضوئه حينئذ بالامر الترتبي فانه يكون واجدا للماء بعد ما كان يعصى في الغرفة الثانية ، والثالثة التي يتم بها الغسلات الثلاث للوضوء ، فيكون امره بالوضوء نظير امره بالصلاة ، إذا كان مما يستمر عصيانه للإزالة إلى آخر الصلاة

__________________

(١) نقل الحكاية عنه غير واحد منهم المحقق النائيني (قدِّس سره) في فوائد الاصول ج ١ ص ٣٧٨.

(٢) راجع الفصول ص ٨٠ (تمهيد مقال لتوضيح حال) عند قوله : «وتظهر الثمرة في وجوب المقدمات التي يؤتى بها قبلها ...» إلى ان قال : «ويظهر أيضا فيما لو كانت المقدمة المحرمة مما يعتبر حصولها في أثناء التشاغل بالواجب كالاغتراف من الآنية المغصوبة في الطهارة الحدثية مع الانحصار ... الخ».

٣٣٢

إذ المصحح للامر بالصلاة انما كان من جهة حصول القدرة على كل جزء منها حال وجوده لمكان عصيان الامر بالإزالة في ذلك وتعقبه بالعصيان بالنسبة إلى الأجزاء اللاحقة.

وفى الوضوء يأتي هذا البيان أيضا إذ القدرة على كل غسلة من غسلات الوضوء تكون حاصلة عند حصول الغسلة لمكان العصيان بالتصرف في الآنية المغصوبة والعصيان في الغرفة الأولى لغسل الوجه يتعقبه العصيان في الغرفة الثانية والثالثة لغسل اليدين فيجرى في الوضوء الامر الترتبي كجريانه في الصلاة.

واورد عليه المحقق النائيني (ره) (١) مبتنيا على ما ذكرناه في هذا التنبيه ، بانه فرق بين باب الوضوء وباب الصلاة إذ الصلاة لا يعتبر فيها ازيد من القدرة العقلية على اجزائها المفروض حصولها باستمرار عصيان الإزالة ، فلا مانع من الامر الترتبي فيها ، واما في الوضوء فالقدرة المعتبرة فيه انما تكون شرعية ومما لها دخل في الملاك ، ولا قدرة شرعية على الوضوء بعد ما كان موقوفا على التصرف في الآنية المفروضة ولا ملاك له حينئذ فيكون غسل الوجه بالغرفة الأولى لغوا لا اثر له فلا يجري في الوضوء الامر الترتبي.

أقول : ما أفاده صاحب الفصول خلافا للمشهور بين الأصحاب ، من بطلان الوضوء في الفرض تام ، وإيراد المحقق النائيني (ره) عليه غير صحيح.

وذلك لأنه وان كان لا ريب في اعتبار القدرة شرعا في وجوب الوضوء ،

__________________

(١) فوائد الاصول ج ١ ص ٣٧٩ (الأمر الرابع)

٣٣٣

ولازمه عدم الملاك له مع عدم القدرة بخلاف موارد دخل القدرة عقلا ، الا ان المعتبر هو القدرة في ظرف العمل والامتثال ، ولذلك لا شبهة في انه لو فرض تجدد القدرة التكوينية بعد كل غسلة للغسلة اللاحقة لها ، كما لو كان عنده من الماء ما يكفي لغسل وجهه وشرع في الوضوء رجاءً لنزول المطر ، ونزل بعد غسل الوجه وغسل يديه به ، أو كان عنده ثلج يذوب شيئا فشيئا ولم يكن عنده إناء ليجمعه فيه ، يجب عليه الوضوء ولا ينتقل وظيفته إلى التيمم.

وإذا انضم إلى ذلك أمران :

احدهما : ان الشرط المتأخر ممكن ، فلا مانع من كون القدرة حين الغسلة الأخيرة شرطا لوجوب الوضوء من اول غسل الوجه.

ثانيهما : إمكان الترتب ، يستنتج من ذلك صحة الوضوء بالماء المأخوذ من ذلك الإناء بالاغتراف لان المكلف بعد اغترافه الماء يقدر على الوضوء بمقدار غسل الوجه ، وبما انه بأن على ارتكاب المحرم ثانيا وثالثا إلى ان يتم الوضوء يعلم بطرو التمكن والقدرة عليه من غسل سائر الاعضاء ، وعليه فلا مانع من الالتزام بثبوت الامر به مترتبا على عصيانه.

واولى من ذلك صورة عدم انحصار الماء في الأواني المزبورة إذ يصح الوضوء بالاغتراف من الأواني حتى على القول باعتبار القدرة الفعلية على الغسلات الثلاث ، وعدم كفاية القدرة التدريجية لفرض ان المكلف متمكن من الطهارة المائية بالفعل وحتى على القول باستحالة الترتب إذ غاية ما هناك انه بسوء اختياره قد ارتكب فعلا محرما ، ولا يضر ذلك بصحة وضوئه بعد ما كان الماء الموجود في يده مباحا.

٣٣٤

وأيضا أولى من ذلك صورة تمكن المكلف من تفريغ الماء في ظرف آخر إذ يصح الوضوء حينئذ بالاغتراف على جميع هذه المباني ، نعم ، الوضوء من تلك الأواني بنحو الارتماس إذا صدق عليه التصرف فيها ، أو بصب الماء منها على الاعضاء بحيث كان غسل الاعضاء متحدا وجودا مع التصرف فيها يكون فاسدا ، لان المحرم لا يمكن ان يكون مصداقا للمأمور به ، وحيث ان الوضوء بنفسه محرم فيمتنع ان ينطبق الواجب عليه.

فقد انقدح حكم جميع صور الوضوء من تلك الأواني.

كما انه ظهر بطلان ما عن المشهور من بطلان الوضوء في صورة انحصار الماء فيها ، ولم يفرغ الماء من الإناء دفعة وكان الوضوء بالاغتراف منها تدريجا ، وان ما أفاده صاحب الفصول (ره) من الصحة هو الأظهر.

والغريب ما أفاده السيد الفقيه الطباطبائي (قدِّس سره) (١) قال إذا انحصر ماء الوضوء أو الغسل في إحدى الآنيتين ، فإن أمكن تفريغه في ظرف آخر وجب ، والا سقط وجوب الوضوء أو الغسل ووجب التيمم وان توضأ أو اغتسل فيها بطل ... سواء اخذ الماء منهما بيده أو صب على محل الوضوء بهما أو ارتمس فيهما ، وان كان له ماء آخر أو امكن التفريغ في ظرف آخر ، ومع ذلك توضأ أو اغتسل منهما فالاقوى أيضا البطلان.

فانه لا يمكن الموافقة على ما افاده بوجه ، ولا يمكن ان يذكر لما افاده وجه ، سوى دعوى صدق التصرف في الإناء على الوضوء منها ولو بالاغتراف ، فيكون

__________________

(١) العروة الوثقى ج ١ ص ١٢١ مسألة ١٤ (فصل في حكم الأواني) مطبعة إسماعيليان ١٤١٢ ه‍.

٣٣٥

منهيا عنه فلا يمكن ان يقع مصداقا للمأمور به ، فلا مناص عن البناء على البطلان في جميع الفروض.

وهو توهم غير صحيح إذ الوضوء منها بالاغتراف لا ينطبق عليه العنوان المنهي عنه إذ المأمور به هو صب الماء على الوجه واليدين وهو ليس تصرفا فيها والمنهي عنه هو اخذ الماء من تلك الأواني ومع تعدد الوجود والفرض عدم سراية الحكم من متعلقه إلى مقارناته ولوازمه الاتفاقية لاوجه لاعمال قاعدة اجتماع الامر والنهي ، بل المتعين الرجوع إلى قاعدة باب التزاحم.

التنبيه السادس :

افاد المحقق النائيني (ره) (١) انه إذا كان خطاب الاهم استمراريا فقد يكون العلم به قبل الشروع في امتثال خطاب المهم ، وقد يكون بعد الشروع فيه ، وان كان قبل الشروع فتدور صحة خطاب المهم ابتداء واستدامة مدار القول بالترتب ، وان كان بعده وكان الواجب مما لا يحرم قطعه فكذلك ، واما ان كان مما يحرم قطعه كما إذا علم بتنجس المسجد بعد الشروع في الصلاة الفريضة ، فلا يتوقف بقاء خطاب المهم على القول بالترتب إذ إزالة النجاسة انما كانت اهم من الصلاة لأجل فوريتها وسعة وقت الصلاة فإذا شرع فيها وحرم قطعها على الفرض لم يبق موجب لتقدم خطاب الازالة على خطابها فلا يتحقق حينئذ عصيان خطاب الازالة ليكون الامر بإتمام الصلاة متوقفا على جواز الترتب فالأمر بإتمامها يكون متقدما على الخطاب الازالة لا محالة.

__________________

(١) أجود التقريرات ج ١ ص ٣١٦ (تتميم) وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ٩٩.

٣٣٦

ولكن يرد عليه ما حققناه في محله من انه لا دليل على حرمة قطع الصلاة سوى الإجماع والمتيقن منه غير المقام.

أضف إليه انه لو سلم لدليل حرمة القطع اطلاق شامل للمقام وكان لدليل وجوب الازالة أيضا اطلاق وقعت المزاحمة بينهما فيحكم بالتخيير ، ولاوجه لما في تقريرات المحقق الكاظمي (١) من ان امتثال الامر بالإزالة انما يكون على القول بالترتب.

نعم إذا كان لدليل حرمة القطع اطلاق ، ولم يكن دليل وجوب الازالة مطلقا. تم ما افاده.

بيان حقيقة التزاحم

ثم ان المحقق النائيني (ره) ذكر للتزاحم أقساما (٢) ، وجعل كل قسم عنوانا لمسألة وبحث فيها عن جريان الترتب فيه وعدمه ، ونحن نتبعه في ذلك.

وتنقيح القول بالبحث في جهات :

الأولى : في بيان حقيقة التزاحم.

الثانية : في بيان أقسامه.

__________________

(١) راجع فوائد الاصول ج ١ ص ٣٨٢ (المسألة الثانية) بتصرف.

(٢) وقد جعلها ستة ، راجع أجود التقريرات ج ١ ص ٣١٧ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ١٠٢.

٣٣٧

الثالثة : فيما تقتضيه القاعدة في باب التزاحم وبيان مرجحات ذلك الباب.

الرابعة : في البحث عن جريان الترتب وعدمه.

واما بيان حقيقة التعارض ، وما تقتضيه القاعدة فيه ، ومرجحات باب التعارض فموكول إلى باب التعادل والترجيح.

كما ان البحث في انه في موارد عدم القدرة على إتيان جميع اجزاء المركب الاعتباري المأمور به ، ولزوم ترك بعضها غير المعين هل المحكَّم هو قواعد باب التزاحم كما هو المشهور ، أم يتعين إعمال قواعد باب التعارض ، موكول إلى كتاب الصلاة ، وقد أشبعنا الكلام فيه في الجزء الرابع من كتابنا فقه الصادق (١) ، وكيف كان فالبحث في المقام في جهات :

الجهة الأولى : في بيان حقيقة التزاحم ، أقول : التزاحم على نوعين :

النوع الأول : التزاحم بين الملاكات بأن يكون في فعل مقدار من المصلحة يقتضي ايجابه ، ومقدار من المفسدة يقتضي تحريمه ، أو مقدار من المصلحة يقتضي استحبابه ومقدار من المفسدة يقتضي كراهته ، أو كانت مصلحة في فعل ، ومصلحة أخرى في فعل آخر مضاد له ، أو كانت المصلحتان في فعلين متضادين بحيث لم يمكن استيفائهما معا ، وهكذا.

وبديهي ان الامر في هذه الموارد بيد المولى ، وعليه ان يلاحظ الملاكات

__________________

(١) فقه الصادق ج ٤ ص ٦٥ (الموضع السادس) وأيضاً ص ٣٧٧ (دوران الأمر بين الامور المعتبرة في الصلاة).

٣٣٨

ويقدم ما هو الاهم والأقوى ويجعل الحكم على طبقه ، ولا ربط لذلك بالعبد بشيء فإن وظيفته امتثال أوامر المولى والخروج عن عهدة الأحكام من دون ملاحظة جهات المصالح والمفاسد ، بل لو زعم ان المولى قد اشتبه عليه الامر كما قد يتفق ذلك في الموالى العرفية فجعل الوجوب مثلا مع انه لا مصلحة فيه ، لم يكن له بمقتضى العبودية مخالفة ذلك الامر.

أضف إلى ذلك انه ليس للعبد طريق إلى إحراز جهات المصالح والمفاسد في متعلقات الأحكام الشرعية مع قطع النظر عن ثبوتها ، وهذا النوع من التزاحم غير مربوط بنا ولا يكون في مقابل التعارض.

النوع الثاني : تزاحم الأحكام بعضها مع بعض ، في مقام الامتثال والفعلية ومنشؤه عدم قدرة المكلف على امتثال كلا التكليفين معا.

وبعبارة أخرى : مورد هذا التزاحم ما إذا لم يكن بين جعل الحكمين معا على موضوعيهما الذي يكون بنحو القضية الحقيقية بلا تعرض لحال موضوعه وجودا وعدما ، تمانع وتناف كما في جعل وجوب انقاذ الغريق ، وحرمة التصرف في مال الغير ، في ما لو توقف الأول على الثاني ، بل التنافي والتمانع انما هو في مرتبة فعلية الاحكام وزمن امتثالهما.

توضيح ذلك : انه قد مر مرارا ان لكل حكم مرتبتين :

الأولى مرتبة الجعل والإنشاء ، وهي جعله لموضوعه على نحو القضية الحقيقية من دون تعرض له لحال موضوعه.

الثانية : مرتبة الفعلية وهي تتحقق بفعلية موضوعه في الخارج ، وعلى هذا

٣٣٩

فحيث انه من شرائط التكليف القدرة على امتثاله فيلزم من عدم القدرة عدم الفعلية ، وعليه فإذا ورد حكمان ، فإن لم يمكن اجتماع الملاكين كما في موارد اجتماع الامر والنهي على القول بالامتناع ، أو علم من الخارج عدم احد الحكمين ، أو كان الحكمان مما لا يتمكن المكلف من امتثالهما معا أبدا كما في الامر بالضدين خصوصا إذا كانا مما لا ثالث لهما ، لا محالة يقع التنافي بينهما في مقام الجعل ، فهو داخل في باب التعارض.

وان كان بحيث لم يكن هناك تناف في مقام الجعل كما في وجوب انقاذ الغريق وحرمة التصرف في مال الغير ، وكما في الصلاة مع الازالة ، ضرورة ان هذا المقدار من التنافي الاتفاقي بالنسبة إلى شخص ما لا يمنع من جعلهما على نحو القضية الحقيقية إذ المانع المتوهم ليس الا عدم القدرة على امتثالهما معا فيكون جعلهما لغوا ومن الواضح انه لا يوجب ذلك باعتبار كونه تنافيا اتفاقيا ، والموجب له انما هو التنافي الدائمي بالنسبة إلى جميع المكلفين كما هو الحال في الضدين حيث انه لا يمكن للشارع ايجابهما بنحو الإطلاق معا ، فانه لغو محض ، وصدوره من الحكيم محال ، بل التنافي انما يكون في مرتبة الفعلية لان فعلية كل من الحكمين المتزاحمين تأبى عن فعلية الآخر لاستحالة فعلية كليهما معا ، إذ القدرة الواحدة لا تفي الا بإعمالها في احدهما ولا تكفي للجمع بينهما في مقام الاتيان والامتثال فلا محالة كان اختيار كل منهما موجبا للعجز عن الآخر فينتفي الحكم الآخر بانتفاء قيده وهو القدرة على القول باشتراطها من دون ان يوجب ذلك تصرفا في دليله.

وعلى الجملة ان باب التعارض انما هو فيما لو كان تمانع وتناف بين جعل

٣٤٠