زبدة الأصول - ج ١

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني

زبدة الأصول - ج ١

المؤلف:

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: أنوار الهدى
المطبعة: وفا
الطبعة: ٣
ISBN: 964-8812-34-9
ISBN الدورة:
964-8812-39-X

الصفحات: ٥٤٣

١
٢

٣
٤

مقدمة الطبعة الثانية

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد المتعالي في عز جلاله عن إدراك كنهه أفهام العارفين ، المنزه بكمال ذاته عن مشابهة الأنام ، فلا يبلغ صفته الواصفون ، ولا يحصى نعمائه العادون ، المتفضل بالمنن الجسام فلا يقوم بواجب شكره الحامدون.

وسبحانه حمداً يقربني إلى رضاه ، وأشكره شكراً أستوجب به المزيد من مواهبه وعطاياه ، وأستقيله من خطاياي استقالة عبد معترف بما جناه ، نادم على ما فرط في جنب مولاه ، وأسأله العصمة من الخطأ ، والسداد في القول والعمل.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الكريم الذي لا يخيب من دعاه ولا يقطع أمل من رجاه.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين ، وبيان الدين القويم ، وصلى الله عليه وعلى آله الهداة المهديين وعترته الكرام الطيبين صلاة ترضيهم وتزيد على منتهى رضاهم وتبلغهم غاية مرادهم ونهاية مناهم

٥

وتكون لنا عدّة وذخيرة يوم نلقى الله سبحانه ونلقاهم وسلم تسليما.

والعن من ناصبهم العداء ، وانزلوا بهم وبشيعتهم فنون البلاء ، وجحدوا مراتبهم وانكروا حقهم ، من الأولين والآخرين ودهر الداهرين.

وبعد فإن أولى ما تُنفق في تحصيله كنوز الأعمار ، وتسموا في إطالة النظر بمعالمه الأفكار ، وتعز في استنباطه الرجال هو العلم بالأحكام الشرعية والمسائل الفقهية.

فلعمري إنه المطلب الذي يظفر بالنجاح طالبه ، والمغنم الذي يُبشر بالأرباح كاسبه ، والعلم الذي يعرج بحامله إلى الذروة العليا ، وينال به السعادة في الدار الأخرى.

ولقد بذل علماؤنا السابقون ، وسلفنا الصالحون رضوان الله عليهم أجمعين في تحقيق مباحثه جهدهم ، وأكثروا في تنقيح مسائله كدّهم ، فكم فتحوا فيه مقفلا ببنان أفكارهم ، وكم شرحوا منه مجملا ببيان آثارهم ، وكم صنفوا فيه من كتاب يهدي في ظلم الجهالة إلى سنن الصواب.

فكانت تلك التصانيف عقداً منضداً في جيد المكتبة الاسلامية ، يبهر الناظرين ، فلمعت في سلسلته هذه الدرة البيضاء التي صيغت عن خمس دورات في بحوث الخارج بمدينة قم المقدسة ، ألقاها سماحة آية الله العظمى السيد محمد صادق الحسيني الروحاني دامت بركاته.

فتمخض بيراعه عن زبدتها هذا السفر الجليل الموسوم ب (زبدة الأصول)

وهي دورة كاملة وافية حوت بين دفتيها جلّ الأقوال بعذب البيان لتمحّص

٦

محاكمة بسبر أغوارها تحقيقا وتدقيقا يميط اللثام عن الحق في مسائل هذا العلم.

ولذا كان ينبغي أن تظهر بحلة تليق بها وتُدني للطالبين قطوفها.

فشرعت بمراجعة مطالبها والتعليق عليها تلبية لأمر مؤلفها الفذ ، وهو الذي خُصّ باجتناء رحيق أزهار مدرسة اساطين عصرهم من خرّيتي هذا الفن عنيت بهم :

١ ـ سماحة آية الله العظمى الشيخ كاظم الشيرازي (قدِّس سره).

٢ ـ سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني المعروف ب (كمباني) (قدِّس سره).

٣ ـ سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد علي الكاظمي (قدِّس سره).

٤ ـ سماحة آية الله العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني (قدِّس سره).

٥ ـ سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي (قدِّس سره).

٦ ـ سماحة آية الله العظمى السيد البروجردي (قدس سره).

هؤلاء العظماء الذين هم مفخرة الطائفة الامامية ، وسنام الحوزة العلمية في تاريخنا المعاصر ، ولا غرو في ذلك ان كان من رشحات فيض مُشرّف الغري نميرهم ، فوردوا سلسبيل معارفه ليصدروا ببهجة الرواء وقد ملئوا القرب إلى عقدها ينهلون الظّماءَ.

فكان في طليعة المنتهلين سيدنا المؤلف (مدّ ظله) حيث حظي بأوفى النصيب احاطة بعناية من آلت اليه زعامة الحوزة العلمية عدّة عقود من الزمن ، آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي (ره).

٧

وقد عبّر عن المؤلف بعد مطالعة بعض تقريراته ـ حين كان له من العمر حوالي خمسة عشر سنة (أي سنة ١٣٦٠) ـ : بانه صاحب القريحة الوقادة والفكرة النقادة ... وقال ايضاً : اني لاحظت منه مواقع عديدة وجملاً مفيدة فالفيتها تقريرات سديدة ، تعرب عن الحقائق التي تلقّاها في محاضراتي التي كنت القيتها وتشف الشوارق التي اقتبسها من المباحث التي كنت امليتها ، مما جعله عندي على صغر سنه كبيراً في فنه وكذا في دقة نظره ، وقوة ذهنه ، واستقامة سيره ، وسرعة وصوله فيما حررّه وقرره في مباحث العلمين العظيمين الكبيرين ، علم الفقه واصوله.

وقد تميزت هذه الطبعة الجديدة بعدة امور :

١ ـ تبديل أو اضافة بعض الكلمات في متن الكتاب زيادة في التوضيح ، وتم ذلك بعد مراجعة المؤلف لها (دام ظله).

٢ ـ اصلاح الاخطاء المطبعية مهما امكن.

٣ ـ اعادة ترتيب مقاطع الكتاب وابراز الإشكالات وردها بما يسهل على القارئ الكريم تناول مطلوبه بايسر الطرق.

٤ ـ اعادة ترتيب فهرس الكتاب وابراز الاوامر والمقاصد والفصول والجهات بما يسهل على الباحث الوصول إلى مبتغاه ومطلوبه بسرعة.

٥ ـ اخراج الآيات والروايات والاقوال من مصادرها الاساسية مهما امكن.

٦ ـ كتابة بعض الحواشي التوضيحية بما لا يخل بالاختصار ، مع نقل اقوال بعض العلماء نصاً اذا استدعت الحاجة زيادة في الفائدة ، وبذلك اصبح الكتاب في ستة أجزاء بعد أن كانت أربعة.

ولما لم يذكر سماحته (مد ظله) مقدمة عن علم الأصول كما جرت

٨

العادة واتماما للفائدة اوردت هذه السطور لعلها تعطي الباحث صورة عامة عن سير هذا العلم وضرورته في زمن الغيبة ـ عجل الله فرج صاحبها ـ ولو اجمالاً.

علم الأصول في سطور

إن مباحث علم الأصول هي أهم الأسس لبناء واستنباط الأحكام الشرعية.

ومعرفة الفقه من أسمى الغايات إذ أن العبد بعد الاعتقاد بالله سبحانه وتعالى لا طريق له لإظهار العبودية والالتزام بأوامر المولى عزوجل إلا بمعرفة مسائل الفقه والعمل بها.

ولما كنّا قد بعدنا عن عصر النص واختلطت الأمور وتداخلت المسائل كان لا بد من إيجاد قواعد تكون أشبه بالدليل والميزان في معرفة أحكام الخالق المنّان فكان علم الأصول المتكفل لبيان الأحكام واستخراجها من أدلتها.

فهو العلم الذي يتمكن من خلاله الفقيه من التوصل إلى معرفة الأحكام الإلهية والتكاليف الشرعية سواء كانت عباديّة ، أو معاملية ، اقتصادية ، أو نظاما عائليا ، أو قانونا جزائيا أو غير ذلك ، من كل ما يتعلق بأفعال العباد وأنظمة البلاد.

وبعبارة أخرى بكل ما يتعلق بتنظيم حياة الفرد والأسرة والمجتمع.

وأول من فتح باب هذا العلم وفتق مسائله الإمامان محمد الباقر وجعفر

٩

الصادق فانهما قد أمليا على جماعة من تلامذتهما قواعد ومسائل هذا العلم.

وقد جمعها المتأخرون فيما بعد في كتب مستقلة ككتاب" أصول آل الرسول" للسيد هاشم بن زين العابدين الموسوي الخونساري الاصفهاني.

" والفصول المهمة في أصول الأئمة" لمحمد بن الحسن بن علي بن الحر العاملي.

" والأصول الأصلية" للسيد عبد الله بن محمد رضا الشبري الحسيني النجفي (١).

وأول من أفرد بعض مباحث هذا العلم وصنف فيه تلميذ الإمام الصادق هشام بن الحكم الكوفي وكان أيضاً من أصحاب الإمام الكاظم حيث صنف كتاب الألفاظ ومباحثها (٢) ، وكان له مصنفات عديدة في علم الكلام ، والجدل ، والحديث ، وتوفي سنة ١٩٩ ه‍. ق ببغداد.

ثم اتى بعده يونس بن عبد الرحمن الذي رأى الإمام الصادق ولم يروي عنه ، وروى عن الامامين الكاظم والرضا ، وكان الإمام الرضا يشير اليه في العلم والفتيا ، وقد كان ليونس تصانيف كثيرة في الحديث ، والفقه ، والكلام ، واما تصنيفه في علم الأصول فقد كان له كتاب (علل الحديث) او (اختلاف الحديث). وقد وصفه النجاشي انه كان وجها في

__________________

(١) راجع اعيان الشيعة ومستدركاته عند الحديث عن اسماء المؤلفين رضوان الله عليهم / تأسيس الشيعة ص ٣١٠.

(٢) الشيعة وفنون الإسلام ص ٧٨.

١٠

اصحابنا متقدماً عظيم المنزلة ... الخ. وغيرهما.

وكان أصحاب الأئمة والعلماء يعملون بهذا العلم بقدر حاجتهم اليه وان كانت قليلة لقربهم من النص.

وممن عمل بهذا العلم عقيب زمن الغيبة عجل الله فرجه الشريف أستاذ الشيخ المفيد أبو علي محمد بن أحمد بن الجنيد الإسكافي صاحب" تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة" ، وكان معاصرا للشيخ الكليني وقد قيل في وفاته أنها كانت سنة ٣٨١ في الري ، وفي العدّة للشيخ الطوسي أنه توفي قبل سنة ٣٧٧ للهجرة (١).

وكان قد عمل قبل الإسكافي في هذا الفن ابن أبي عقيل صاحب كتاب" المتمسك بحبل آل الرسول"

إلا أن أول من صنف في هذا العلم من غير الشيعة محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة ٢٠٤ ه‍ كتاب (الرسالة) وشرحه جمع من علماء الشافعية.

ولما كان كتابه هو اول كتاب بهذه الشمولية في علم الأصول اذ الذين سبقوه لم تكن كتبهم جامعة لمعظم مباحث الأصول عدّه البعض كالفخر الرازي انه المؤسس لهذا العلم!

وفي هذه الدعوى كلام لا يسع المجال لذكرها ، وفي غير مورد من مقدمات علم الأصول فند العلماء اعلى الله مقامهم تفاصيل هذه الدعوى وأوضحوا

__________________

(١) العدّة ج ١ ص ١٢٧ الطبعة الجديدة.

١١

بطلانها.

ولعل أول من كتب كتاباً متكاملاً عند الشيعة في هذا العلم الشيخ المفيد المتوفى سنة ٤١٣ ه‍ سماه (التذكرة بأصول الفقه) ، وبذلك يكون قد تأخرت كتابة علم الأصول عند الشيعة عن الشافعية ما يقرب من ٢٠٠ عام.

والظاهر أن السبب في هذا التأخير أن الشيعة لم يروا حاجة إلى هذا التصنيف مع وجود النص بوجود المعصومين خلافا لمخالفيهم الذين يعتقدون انقطاع النص من حين استشهاد النبي الأكرم (ص).

ثم كتب بعد الشيخ المفيد تلميذة السيد المرتضى المتوفى سنة ٤٣٦ كتاب" الذريعة إلى أصول الشيعة" وناقش فيه آراء السنة مناقشة جادة وقوية.

وبعده تلميذه الشيخ الطوسي المتوفى عام ٤٦٠ ه‍ كتاب" عدَّة الأصول" ولم يحدث تطورا في هذا العلم إلى عهد العلامة الحلي حيث أبدع في هذا العلم وألف كتباً كثيرة أهمها :

" نهاية الوصول في علم الأصول"

" تهذيب الوصول في علم الأصول"

" مبادئ الوصول في علم الأصول"

وممن أتى بعد العلامة الحلي عمد إلى شرح كتبة ومنهم ضياء الدين الأعرجي في كتابة" منية اللبيب" وعميد الدين الأعرجي في كتابه" شرح التهذيب" وهو من أعلام القرن الثامن للهجري.

وجمع بين هذين الكتابين وأضاف عليهما بعض تحقيقاته الشهيد الأول في

١٢

كتاب سماه" جامع البين".

وبعد مدرسه العلامة بقيت الحوزة العلمية بصورة عامة تحت ظل الاخباريين حتى أواسط القرن الثاني عشر ، حيث استطاع العالم العظيم من خلال فكره الثاقب الوحيد البهبهاني المتوفى عام ١٢٠٥ ه‍ إعادة الطريقة الأصولية إلى الحوزات العلمية.

وهنا نذكر بايجاز أهم الفوارق بين المدرسة الاخبارية والاصولية :

١ ـ ذهب الاخباريون إلى عدم جريان البراءة في الشبهات الحكمية التحريميّة.

بينما يذهب الاصوليون إلى جريانها سواء في الشبهات الحكمية الوجوبية او التحريمية بالدليل العقلي والنقلي ، الا عن بعض المتأخرين من الاصولين حيث التزم بعد جريان البراءة العقلية دون الشرعية.

٢ ـ نفى الاخباريون حجية الاجماع مطلقا ، بين يرى الاصوليون صحت التمسك بالاجماع المحصل الكاشف عن رأي المعصوم ...

٣ ـ يرى الأخباريون قطعية صدور كل ما ورد في الكتب الاربعة من الروايات اجمالا ، لاهتمام اصحابها بتدوين ما يصح العمل به ، فالفقيه يصح له التمسك بروايات هذه الكتب دون البحث عن اسانيدها.

بينما يقسم الاصوليون الروايات بما في ذلك روايات الكتب الاربعة إلى اربعة اقسام : الصحيح ، والحسن ، والموثق ، والضعيف ، وبعضهم يقسمها إلى اكثر من ذلك الا انهم لا ياخذون بالاخير وبعضهم لا يأخذ ايضا بالموثق في

١٣

الجملة.

٤ ـ توقف الاخباريون عن العمل بالكتاب العزيز ما لم يرد فيه بيان وايضاح من الروايات لوجود المخصص والمقيد ، والنهي عن تفسير القرآن بالرأي.

بينما يفصل الاصوليون بين ظواهر القرآن فيجوز العمل بها بعد اليأس عن المخصص ويعتبرون ان الظواهر ليست من التفسير بالرأي المنهي عنه دون ما ليس بظاهر ... الخ

اما مدرسة الوحيد البهبهاني فقد أنتجت الكثير من العلماء الذين كتبوا وألفوا في الأصول ومن أهم تلك التأليفات :

القوانين لأبي القاسم بن الحسن الجيلاني المعروف بالميرزا القمِّي.

وهداية المسترشدين لمحمد تقي بن محمد رحيم الأصفهاني.

والفصول الغروية لمحمد حسين بن محمد رحيم الأصفهاني.

ومفاتيح الأصول للسيد المجاهد السيد محمد الطباطبائي.

والضوابط للسيد إبراهيم القزويني.

ثم جاءت مدرسة الشيخ الأعظم الأنصاري التي رفعت علم الأصول إلى القمة ، وكانت من أبحاثه فرائد الأصول التي سيطرت على مدارس الأصول الشيعية فضلا عن السنية.

وأعطت الباحث آفاقا واسعة في هذا المجال ، وخرجت المئات من فطاحل

١٤

العلماء الذي كان من أبرزهم الآخوند الخراساني الذي ألف كتاب كفاية الأصول بعد حاشيته على الفرائد فكان ولا زال من ابرز كتب التدريس في الحوزات العلمية.

ولا زال هذا العلم في نمو واتساع بفضل جهود الأفذاذ من علمائنا الأعلام. وقد برز في هذا الميدان بعد المحقق صاحب الكفاية عدّة من الاعلام على مستوى الدراسات والبحوث العليا ، والتجديد والتطوير لهذا العلم.

ومن ابرز هؤلاء : المحقق الميرزا حسين النائيني (قدِّس سره) (١٢٧٧ ـ ١٣٥٥ ه‍)

والمحقق الشيخ محمد حسين الاصفهاني المعروف ب (الكُمباني) (قدِّس سره) (١٢٩٦ ـ ١٣٦١ ه‍)

والمحقق الشيخ ضياء الدين العراقي (قدِّس سره) (المتوفى ١٣٦١ ه‍)

والمحقق آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي (قدِّس سره) وهو من أبرز تلامذة المحقق النائيني ، وقد علق على تقريرات استاذه ، ثم القى بحوثه لسنوات عديدة في الحوزة العلمية في النجف الاشرف ، وكانت له زعامتها (ره) لعقود من الزمن.

وقد برز من بين فضلاء درسه نخبة من الاعلام الذين انتهلوا من معين علمه ليصبحوا منارات يهتدي بها المهتدون ويلتمسوا من نورها العلم والمعرفة فكان السيد آية الله العظمى محمد صادق الروحاني الاسبق في التدريس والاستنباط والتأليف في شتى المجالات : سواء الفقهية منها كتأليفه موسوعة (فقه الصادق ٢٦ جزء) ، ومنهاج الفقاهة في ٦ اجزاء وغيرهما.

أو الأصولية حيث كان له الدور البارز في اغناء الحوزة العلمية بقم المقدسة

١٥

بتدريس بحوث علم الأصول ، والتأليف أيضا فكانت زبدة الأصول دورة كاملة في هذا الفن من مباحث الالفاظ إلى الأصول العملية ، والتعادل والتراجيح.

وقد تعرض في هذه الدورة بصورة اساسية إلى مناقشة عدّة من الاعلام المتقدمين منهم والمتأخرين ممن دارت عليه رحى هذا العلم نقضاً أو تأييدا بالدليل والبرهان.

وأسأل الله تعالى أن يمن عليَّ بالمزيد من فهم هذا الفن والعمل بقواعده بعد أن وفقني للحضور عند عدّة من الاساطين فقدس الله أرواح الماضين وحفظ الباقين.

وقد تُوّجت تلك الألطاف بالتعرف على عدّة من العظماء ومن حسن ثقتهم حظيت باهتمامهم فنسأل الله أن نوفق لنكون عند حسن ظنهم.

ومنهم سماحة السيد المؤلف مد ظله الذي كان المرشد والمشجع والموجه في خوض هذا المضمار.

وقد أولاني ثقة عالية لمراجعة كتابه" زبدة الأصول" والتعليق عليه فجزاه الله كلّ خير.

ورجائي من إخواني المؤمنين المعذرة عن كلّ تقصير أو اشتباه فالعصمة لأهلها ...

ولا تنسونا من صالح الدعاء

مكتب سماحة آية الله العظمى الروحانى

١٦

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على ما أولانا من رد الفروع إلى الأصول ، والتفقه في الدين وتهذيب مباني الأحكام الشرعية بالبحث في المسائل الأصولية ، واستخراج زبدتها ، وأفضل صلواته وأكمل تحياته على صاحب الشريعة الخالدة الكفيلة بإسعاد المجتمع ومعالجة مشاكله ، وعلى آله العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه ، لا سيّما بقية الله في الأرضين ، الإمام الثاني عشر ، الإمام المهدي أرواح من سواه فداه.

وبعد فهذه زبدة الأصول جاد بها الفكر من خلال إلقاء المحاضرات في المسائل الأصولية على جماعة من الأفاضل في خمس دورات ، وكنت أدوِّن ما القيه فلما تم تأليف الكتاب رأيت الأولى إخراجه إلى عالم الظهور.

وحيث انه من النواميس المطردة إهداء المؤلفات إلى كبير من أكابر الدهر ولا أجد اكبر من الإمام المهدى روحي فداه (عج) ، فلذلك ارفع بكلتا يديَّ لأهدى هذا الكتاب إلى رفيع قدس الإمام ، موقناً أني لست ممن يقوى على إنفاق بضاعته في مثل هذه السوق الغالية غير أني أقول سيدي بما أنَّ هذا الذي بين يديَّ مسائل يستنبط منها الأحكام الشرعية المأثورة عنك وعن آبائك الطاهرين ، فمنَّ عليَّ بقبول هذه البضاعة المزجاة وثبتها في ديوان الحسنات ، ليكون ذخرا لي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

١٧

وقد رتبت كتابي هذا على مقدمة ومقاصد وخاتمة

المقدمة : وفيها ستة عشر أمراً :

الأمر الأول : في ثبوت المبادئ الأحكامية لعلم الأصول وعدمه.

الأمر الثاني : في لزوم الموضوع للعلم وعدمه.

الأمر الثالث : في لزوم البحث عن العوارض الذاتية لموضوع العلم وعدمه.

الأمر الرابع : فيما به تمايز العلوم.

الأمر الخامس : في موضوع علم الأصول.

الأمر السادس : في تعريف علم الأصول.

الأمر السابع : في الوضع.

الأمر الثامن : في استعمال اللفظ في المعنى المجازى.

الأمر التاسع : في استعمال اللفظ في نوعه ، ومثله ، وصنفه ، وشخصه.

الأمر العاشر : في تبعية الدلالة للارادة.

الأمر الحادي عشر : في وضع المركبات.

الأمر الثاني عشر : في علامات الحقيقة والمجاز.

١٨

الأمر الثالث عشر : في الحقيقة الشرعية والكلام فيها في جهات.

الأمر الرابع عشر : في الصحيح والاعم.

الأمر الخامس عشر : في الاشتراك.

الأمر السادس عشر : في المشتق.

المقاصد : وهي ثمانية :

المقصد الأول : الأوامر

المقصد الثاني : النواهي

المقصد الثالث : المفاهيم

المقصد الرابع : العام والخاص

المقصد الخامس : المطلق والمقيد

المقصد السادس : القطع وأقسامه وأحكامه

المقصد السابع : الامارات

المقصد الثامن : الأصول العملية

وفي كل مقصد من هذه المقاصد فصول ومباحث.

وخاتمة : في التعادل والترجيح.

١٩

مقدمة

علم الأصول

وفيها

ستة عشر أمراً

٢٠