زبدة الأصول - ج ١

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني

زبدة الأصول - ج ١

المؤلف:

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: أنوار الهدى
المطبعة: وفا
الطبعة: ٣
ISBN: 964-8812-34-9
ISBN الدورة:
964-8812-39-X

الصفحات: ٥٤٣

أشخاص ألفاظ جديدة بقدر ألفاظ أي لغة ، أو تعذره ، بل تصور المعاني أيضاً.

الثاني : عدم تسجيل التاريخ ذلك ، ولو كان الواضع شخصا أو أشخاصاً لا محالة كان مسجلا في التاريخ.

وفيهما نظر :

أما الأول ، فلأنه من الممكن أن يكون الواضع جماعة يضعون كل لفظ خاص عند الاحتياج إلى إبراز المعاني المخصوصة في مدَّة من الزمن. ومما يؤكد ذلك ، ما نرى من وضع ألفاظ خاصة للمعاني الحادثة عند الابتلاء إلى إبرازها.

وأما الثاني ، فلان الوضع التدريجي بالنحو المتقدم ، ليس من الأمور المهمة ، والحوادث التاريخية ، كي يتصدى الناس لضبطه.

فالمتحصل أن العلقة الوضعية ليست ذاتية ولا يكون لها منشأ ذاتي.

بيان حقيقة الوضع

وأما الجهة الثانية ، فقد ذهب كثير من المحققين (١) ، إلى أنها حقيقة اعتبارية ، وذكروا في كيفيتها أموراً :

__________________

(١) أمثال المحقق السيد الخوئي في المحاضرات ج ١ ص ٤٠ حيث نسب ذلك إلى كثير من الأعلام والمحققين.

٦١

احدها : ما أفاده المحقق الأصفهاني (١) ، وحاصله : انه كما يكون للأسد مثلا نحوان من الوجود : حقيقي وهو الحيوان المفترس ، واعتباري وهو الرجل الشجاع كذلك يكون للوضع نحوان من الوجود : الحقيقي كوضع العلم على رأس الفرسخ لينتقل من النظر إليه ، أن هذا رأس الفرسخ ، والاعتباري ، بمعنى أن الواضع يعتبر وضع لفظ خاص على معنى مخصوص.

وفيه : انه في باب الوضع الحقيقي لا دلالة حقيقية ، بل هي فيه أيضاً تابعة للجعل والبناء فباب الوضع الخارجي أجنبي عن باب الدلالة ، وان كان قد يتصادقان في مورد واحد كالمثال ، كما انه قد يتصادق الرفع والدلالة ، كما لو بنى المولى على انه كلما عطش يرفع العمامة من رأسه فيكون الرفع دالا على حدوث العطش ، وموجبا لانتقال الذهن إليه ، وعليه فحقيقة الوضع ليست اعتبار مفهوم الوضع على حد الوضع الخارجي ، مع انه ينافي ذلك ما سيصرح به (ره) في مبحث استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، من أن اللفظ ليس علامة للمعنى بل يكون وجودا تنزيليا للمعنى ، وعليه يبنى عدم جواز الاستعمال المذكور.

وقد أورد عليه الأستاذ الأعظم (٢) تارة : بان هذا المعنى أجنبي عن أذهان الواضعين لا سيما الأطفال وأمثالهم الذين يصدر منهم الوضع كثيرا فكيف

__________________

(١) نهاية الدراية ج ١ ص ٢٣.

(٢) في حاشيته على أجود التقريرات ج ١ ص ١٢ حاشية رقم ٣ وهي أول حاشية بعد الفصل الثاني (في جملة من المباحث اللغوية) ، وفي الطبعة الجديدة ج ١ ص ١٨.

٦٢

يمكن صدور الوضع مع كونه أمراً مغفولاً عنه.

وأخرى : بأنه في الوضع الحقيقي ، المكان المخصوص موضوع عليه ، وكونه رأس الفرسخ ، موضوعا له ومدلولا ، وفي المقام الموضوع له والموضوع عليه شيء واحد ، وهو المعنى.

وفيهما نظر :

أما الأول ، فلأنه إن أراد بذلك أن الواضعين لا يتصورون الفرد الحقيقي ، ويكون حقيقة مغفولاً عنها ، فيرد عليه انه لا يعتبر في الاعتباريات تصور الفرد الحقيقي والالتفات إليه حين اعتبار ، ألا ترى أن أهل القرى والصبيان في معاوضاتهم يعتبرون الملكية مع انه لا ينتقل أذهانهم إلى فردها الحقيقي الذي هو من الأعراض الخارجية والمقولات الواقعية؟ وان أراد أنهم لا يتصورون الاعتبار نفسه ، فيرد عليه : انه ما الفرق بين هذا الاعتبار وسائر الاعتبارات كالملكية حيث أنهم يعرفونها ولا يعرفون هذا.

وأما الثاني : فلأنه لا يعتبر في الوضع الحقيقي كون المدلول والموضوع له غير الموضوع عليه ، بل قد يتحدان ، وأخرى يتعددان.

أما الأول ، فكما في المثال ، حيث أن رأس الفرسخ الذي هو الموضوع له عنوان منطبق على نفس ذلك المكان.

وأما الثاني ، فكوضع العلم على باب البيت للدلالة على انعقاد مجلس خاص في البيت. وعليه فالمعنى موضوع له وموضوع عليه في المقام ، واستغراب إطلاق الموضوع عليه على المعنى ، لعدم شيوع هذا الاستعمال ، لا لعدم كونه

٦٣

كذلك ، فالصحيح في الإيراد ما ذكرناه.

الثاني ، اعتبار كون اللفظ وجودا تنزيليا للمعنى. فيكون وجود اللفظ وجوداً للمعنى في عالم التنزيل.

وفيه : أن نتيجة الوضع ، الانتقال من اللفظ إلى المعنى وكان المعنى هو الملقى إلى المخاطب ويحكم عليه بما يشاء ، لا ترتيب آثار المعنى على اللفظ كي يصح هذا التنزيل.

وان شئت قلت أن التنزيل الادعائي إنما يكون بلحاظ ترتيب آثار المنزَّل عليه على المنزل ومن الواضح انه في باب الوضع ليس كذلك ، إذ الواضع لا يريد بالوضع ترتيب آثار المعنى على اللفظ.

فالتحقيق أن حقيقة الوضع ، ليست إلا ما اختاره جملة من أساطين المحققين ، منهم صاحب تشريح الأصول (١) والأستاذ الأعظم (٢) ، وهو التعهد بذكر اللفظ

__________________

(١) وهو الشيخ علي بن فتح الله النهاوندي له كتاب تشريح الأصول طبع سنة ١٣٢٠ ه‍. ق قال فيه عن الوضع : «إنه عبارة عن تعهد الواضع والتزامه بإرادة المعنى من اللفظ في استعمالاته للفظ بلا قرينة» كما نقله عنه غير واحد من الاعلام.

(٢) قال (قدِّس سره) في حاشيته على أجود التقريرات ص ١٢ ، «إن حقيقة الوضع على ما يساعده الوجدان عبارة عن الالتزام النفسيّ بإبراز المعنى الّذي تعلق قصد المتكلم بتفهيمه بلفظ مخصوص فمتعلق الالتزام والتعهد أمر اختياري وهو المتكلم بلفظ مخصوص عند تعلق القصد بتفهيم معنى خاص والارتباط بينهما إنما ينتزع من هذا الالتزام وهذا المعنى هو الموافق لمعنى الوضع لغة فانه فيها بمعنى الجعل والإقرار» وفي الطبعة الجديدة ج ١ ص ١٨.

٦٤

عند تعلق قصد المتكلم بتفهيم المعنى وإبرازه ، ويكون متعلق هذا الالتزام النفساني أمراً اختياريا ، وهو التكلم بلفظ مخصوص عند إرادة إبراز معنى خاص ، والارتباط لا حقيقة له ، وإنما ينتزع من ذلك.

وهذا المعنى ، مضافا إلى كونه موافقاً لمعنى الوضع لغةً ، وهو الجعل والإقرار ، مما يساعده الوجدان والارتكاز.

وأورد عليه بإيرادات :

الأول : إن حقيقة التعهد المزبور ، هي الإرادة المقومة لتفهيم المعنى باللفظ ، وحيث أنها إرادة مقدمية توصلية فلا يعقل أن تتعلق بما لا يكون مقدمة لتفهيم المعنى إلّا بنفس هذه الإرادة (١).

وفيه : أن المراد بالتعهد المزبور ، هو البناء الكلي على ذكر اللفظ عند إرادة تفهيم المعنى به في مرحلة الاستعمال ، وعليه ، فالتعهد المزبور ، غير متوقف على كون اللفظ مفهما فعلا ، بل يتوقف على كونه لائقا ومستعدا في نفسه لذلك. وذلك الاستعداد ، لا يتوقف على التعهد ، وما يتوقف على كونه مفهما فعلا ،

__________________

(١) هذا الإيراد لم يتضح لنا متبنيه ، ولعل المصنف حفظه المولى ذكره من باب الدفع لا الرفع ، كما فعل المحقق الأصفهاني في نهاية الدراية فقد أورده على نحو الفرض ثم ردّه ومما قال : «ربما يحاول إبطال نظرية التعهد بتوجيه اعتراض الدور إليها بتقريب : إن الإتيان باللفظ ليس مطلوبا نفسيا بل غيريا أي بقصد تفهيم معناه للسامع ، وإرادته كذلك ، فرع كونه موضوعا لذلك ، والمفروض أن وضعه متوقف على قضية شرطية ، هي إرادة إفهام معناه كلما جيء به ، فيلزم الدور بلحاظ الإرادة الاستعماليّة.

٦٥

هي الإرادة الاستعماليّة التي هي غير هذا البناء الكلي.

الثاني : ما عن المحقق العراقي (ره) (١) من أن التعهد المزبور ، إن كان راجعا إلى النطق باللفظ الخاص الذي هو مرآة للمعنى الخاص عند إرادة ذلك ، فيرد عليه : أن ذلك يتوقف على مرآتية اللفظ للمعنى في رتبة سابقة ، وهي يتوقف على الوضع وبعده يكون التعهد لغوا.

وفيه : أن التعهد المزبور لا يتوقف على المرآتية الفعلية ، بل يتوقف على القابلية لذلك ، والمرآتية الفعلية ، إنما تتحقق بنفس هذا التعهد ، وما يتوقف على المرآتية الفعلية إنما هو الاستعمال.

الثالث : إن التعهد لا بد وان يتعلق بأمر اختياري ، فالواضع متعهد لاستعمال نفس اللفظ المخصوص عند إرادة معنى خاص ، وأما استعمال غيره ، فلا يكون مما تعهده الواضع (٢).

وعليه ، فالأمر يدور بين الالتزام بان من وضع لفظا لمعنى خاص يكون بعد ذلك كل فرد من الأفراد المستعملين له فيه واضعا مستقلا ، وبين كون استعمال

__________________

(١) نهاية الأفكار ج ١ ص ٢٨ وبعد أن تبنى المحقق مسلك الجعل في الجملة أشكل على مسلك التعهد بوجوه وهذا الإيراد منها.

(٢) الظاهر ان هذا الايراد لم ينتبه أحد نعم ذكر السيد الخوئي (قدِّس سره) في المحاضرات ج ١ ص ٤٧ أن المستعمل ليس متعهد بالاصل ، وحلَّ الاشكال هناك ، واما هذه الملازمات التي ذكرها المصنف (حفظه المولى) هنا ، الظاهر انها من باب الدفع لا الرفع ، ولا يتنافى ذلك مع قوله" وأورد عليه" فإن ذلك شايع في الأصول وغيره.

٦٦

غيره مجازا وبغير الوضع ، وكلاهما كما ترى. فيستكشف من ذلك عدم تمامية ذلك.

وفيه : أن العقلاء لهم بناءات عديدة كلية فيما يتوقف رفع احتياجاتهم عليه ، كبنائهم على حجية الظواهر ، واعتبارهم ملكية زيد لشيء خاص بعد شرائه له ، وغير ذلك من الموارد ، والمراد من البناء في هذه الموارد ، ليس أنهم يشكلون مجلسا لذلك ، بل هو أمر ارتكازي للجميع لا يتخطون عنده.

ومن هذه الموارد الوضع ، فإن بناء العقلاء ـ لاحتياجهم إلى إبراز مقاصدهم بالألفاظ ـ يكون على متابعة وضع من له الوضع في هذا التعهد ، وهم أيضاً يتعهدون لذلك تبعاً له ، فكل فرد من الأفراد يكون متعهدا ، ولكن يستند الوضع إلى الجاعل الأول ، لسبقه ، وصيرورة وضعه ، داعيا لوضع غيره.

ويترتب على ما ذكرناه أمران :

أحدهما : إنّ كل مستعمل واضع حقيقة.

ثانيهما : إن العلقة الوضعية ، مختصة بصورة خاصة ، وهي ما إذا قصد المستعمل تفهيم المعنى باللفظ ، وما يرى من انتقال الذهن ، من سماع اللفظ إلى المعنى وان صدر من شخص بلا قصد التفهيم ، أو عنه بلا شعور واختيار ، بل وان صدر من اصطكاك حجر بحجر ، فهو لا ينافي ما ذكرناه ، ولا يكون مستندا إلى العلقة الوضعية ، بل هو من جهة الأنس الحاصل بكثرة الاستعمال أو بغيرها.

ثم إن العلقة تتحقق بالتصريح بإنشائه ، فيقول الواضع قد وضعت اللفظ

٦٧

الفلاني للمعنى الفلاني ، وباستعمال اللفظ في غير ما وضع له ، كما إذا وضع له ، بان يقصد الحكاية عنه ، والدلالة عليه بنفسه ، لا بالقرينة ، ويسمى ذلك بقسميه بالوضع التعييني.

كذلك ربما تتحقق بكثرة استعمال اللفظ في المعنى من شخص واحد أو من أشخاص متعددة ، إلى أن يحصل به الاختصاص والارتباط الخاص ، ويسمى بالوضع التعيّني.

وقد أورد على القسم الثاني من الوضع ، التعييني : بان الوضع يستدعى لحاظ اللفظ مستقلا ، والاستعمال يستدعي لحاظه فانياً في المعنى.

فالوضع بالاستعمال يلازم لحاظ اللفظ بوجهين وبلحاظين ، واجتماع اللحاظين في واحد شخصي محال (١).

ويرده أن الوضع سواء كان اعتباريا ، أم كان هو الالتزام والتعهد النفساني ، أم تنزيليا ، فهو يكون متحققاً قبل الاستعمال ، واستعمال اللفظ في المعنى ، أو التصريح به يكون مبرزا لذلك ، فدائما يكون الوضع قبل الاستعمال.

مع أن المتكلم لا بد وان يلاحظ اللفظ مستقلا في مقام الاستعمال دائما كي يصح الاستعمال. وإنما يلاحظه السامع المخاطب آلة.

__________________

(١) اما عدم اجتماع اللحاظين في واحد فهذه القاعدة ذكرها الاصوليون في مكان على نحو التسليم ، إلا أنه لم يعلم من أحد منهم انه تبنى تطبيقها على المورد ، الا ما قد يظهر من مطاوي كلمات المحقق العراقي في نهاية الافكار ، ولكنه غير واضح ، فلا يبعد كونه ايضا من باب الدفع لا الرفع.

٦٨

فان حقيقة الاستعمال إلقاء اللفظ إلى المخاطب لينتقل ذهنه من اللفظ إلى المعنى ، ويحمل عليه المتكلم بما أراده ، فاللاحظ آلة ، هو المخاطب دون المتكلم. والمتكلم لا بد وان يلاحظ مستقلا ، فيكون فعل المتكلم من قبيل جعل المرآة ، وسماع المخاطب من قبيل النظر إلى المرآة ليرى نفسه. ومن الواضح أن جاعل المرآة لا ينظر إليها آلة. فتدبر فانه دقيق.

أضف إلى ذلك ، أن الوضع عبارة عن جعل اللفظ بحيث يكون حاكيا ، والاستعمال هو جعله حاكيا فعليا ، وهو لازم لجعله بحيث يكون حاكيا ، فكما انه في الإنشائيات ربما يجعل الشيء بنفسه ، كجعل الوجوب والحرمة ، وتمليك العين في الهبة ، وربما يجعل الشيء بجعل لازمه ، كجعل العقاب على ترك الفعل ، أو الإتيان به ، وتسليط المتهب الذي هو لازم التمليك ، كذلك في الوضع ، يمكن جعله مستقلا ، ويمكن جعله بجعل لازمه وهو جعل اللفظ حاكيا فعليا بالاستعمال.

وأيضاً أورد عليه (١) : بان الاستعمال يتوقف على كون اللفظ مفهما فعلا ، وهو يتوقف على الوضع ، فإذا كان الوضع حاصلاً بالاستعمال ، كما هو المفروض ، يلزم الدور.

وفيه : أن كون اللفظ مفهماً بلا قرينة يتوقف على الوضع ، والاستعمال إنما يتوقف على كونه مفهما ولو مع القرينة فلا دور. فالوضع التعييني بقسميه خالٍ عن الإشكال.

__________________

(١) ذكره السيد الخوئي (قدِّس سره) في المحاضرات ج ١ ص ٤٨ عند قوله : (ربما يتوهم) ، ثم أجاب عنه.

٦٩

وأما الوضع التعيني : فان بلغ فيه الاستعمال إلى حد حصل الارتباط بين اللفظ والمعنى ، بحيث كان ينتقل الذهن إلى المعنى من سماعه ولكن لم يضع احد ذلك اللفظ لذلك المعنى ، لم يتحقق الوضع لعدم التعهد ، والاعتبار ، والتنزيل.

وإن وضع أحدٌ أو جماعة ، وأبرزه ولو بالاستعمال ، فهو يرجع إلى الوضع التعييني.

وبالجملة أن الاستعمال وإن بلغ ما بلغ ، لا يؤثر بوجوده الخارجي في حصول الوضع قهرا ، ما لم يكشف عن جعل المستعمل والتزامه ، ومعه يكون الوضع تعيينا فقط ، فلا وضع تعيني لنا.

أقسام الوضع إمكانا ، ووقوعا

وأما الجهة الثالثة ، فالكلام فيها في موردين :

الأول : في أقسام الوضع إمكاناً.

والثاني : في أقسامه وقوعاً.

أما المورد الأول : فملخص القول فيه ، أن الوضع سواء كان بمعنى التعهد أو الاعتبار أو التنزيل يكون فعلا اختياريا للواضع ، فيتوقف تحققه على تصور اللفظ والمعنى ، وعليه فيقع الكلام في مقامين : أحدهما في المعنى ، وثانيهما في ناحية اللفظ.

أما من ناحية المعنى ، فالأنحاء المتصورة فيها أربعة :

٧٠

الأول : الوضع العام ، والموضوع له العام.

الثاني : الوضع الخاص ، والموضوع له الخاص.

الثالث الوضع العام ، والموضوع له الخاص.

الرابع : الوضع الخاص ، والموضوع له العام ولا إشكال ، ولا كلام في معقولية القسمين الأولين ، بل ووقوعهما.

وإنما الكلام في الأخيرين.

وقبل بيان ما هو المختار فيهما ، ينبغي تقديم مقدمات :

الأولى : انه لا ريب في لزوم تصور ما يوضع له اللفظ قبل الوضع وإلّا لا يعقل الوضع الذي هو من الأفعال الاختيارية بأي معنى كان ، وهذا من البداهة بمكان.

الثانية : لا يعتبر كون الموضوع له متصورا ومعلوما تفصيلا ، بل لو تصوره الواضع إجمالاً كفى في الوضع ، مثلا في الأعلام الشخصية ، تارة يلاحظ الشخص ، الموضوع له بجميع خصوصياته فيضع له لفظا خاصا ، وأخرى يلاحظ بعنوان إجمالي منطبق عليه ، كما لو دقَّ الباب شخص فوضع الواضع لفظا ، خاصا له ، ولاحظه بعنوان من يدق الباب ، الذي هو عنوان إجمالي منطبق على ذلك الشخص. وفي الأنواع ، تارة يلاحظ الطبيعة بمالها من الذاتيات ، فيضع اللفظ لها ، كما لو لاحظ الطبيعة المركبة من الحيوان والناطق ، فوضع لها الإنسان ، وأخرى يلاحظ إجمالاً كما لو لاحظ معروض الضحك ، فوضع له لفظ الإنسان ، وهذا أيضاً بديهي.

٧١

الثالثة : إن العنوان الكلي الملحوظ قبل الوضع ، ربما يكون من العناوين الذاتية ، أو منطبقا عليها ، وبكلمة أخرى يكون جامعا ذاتيا بين الأفراد كالإنسان ، وربما يكون من العناوين الانتزاعية الحاكية عن الخصوصيات إجمالاً ، مثل عنوان فرد الكلي.

إذا عرفت هذه المقدمات فاعلم أن جماعة من الأصحاب التزموا بعدم معقولية الوضع العام والموضوع له الخاص (١) مستندا إلى استلزامه الوضع لما لم يلاحظ ، فان الملحوظ هو الطبيعي ، والموضوع له هو الأفراد.

وجملة من المحققين (٢) التزموا بإمكانه ، مستدلا له بان لحاظ الجامع لحاظ للأفراد إجمالاً ، ولا يعتبر في الوضع أزيَد من ذلك.

وحق القول في المقام ، أن الملحوظ إن كان من قبيل القسم الأول المذكور في المقدمة الثالثة ، لا يعقل الوضع للأفراد ، لعدم حكاية الجامع عنها ، لمغايرته مع الخصوصيات ، فلا وجه لدعوى أنّ لحاظ الجامع ، لحاظ للأفراد بوجه ، فحيث لا تكون الأفراد ملحوظة ، فلا يصح الوضع لها ، كما عرفت في المقدمة الأولى.

وان كان من قبيل القسم الثاني المذكور فيها ، لا استحالة في الوضع للأفراد ، فان العنوان الملحوظ ، حاك إجمالاً عن جميع الخصوصيات ، وقد عرفت في المقدمة الثانية ، كفاية لحاظ الموضوع له إجمالاً في الوضع.

__________________

(١) كصاحب الكفاية ص ١٠ ـ ١١.

(٢) والظاهر انه المشهور بينهم وذكره في القوانين ص ١٠ سطر ٩ ـ ١٠ وعزاه إلى قدماء أهل العربية / وايضا في الفصول ص ١٦.

٧٢

ولعله بما ذكرناه يجمع بين كلمات الأصحاب ، بان يكون نظر الطائفة الأولى إلى القسم الأول ، ونظر الطائفة الثانية إلى القسم الثاني.

وأما الوضع الخاص والموضوع له العام ، فعن المحقق صاحب الدرر (١) إمكانه ، واستدل له ، بأنه إذا تصور الواضع شخصا وجزئيا خارجيا ، فوضع اللفظ للجامع بينه وبين سائر الأفراد ، فان كان عالما تفصيلا بالقدر المشترك بينه وبين سائر الأفراد ، فلا محالة يكون الوضع عاما كالموضوع له ، ولكن إذا لم يعلم به تفصيلا ، وعلم إجمالاً بوجود الجامع كما إذا رأى جسما من بعيد ولم يعلم انه حيوان أو جماد فوضع اللفظ بإزاء ما هو متحد مع هذا الشخص ، لا يكون الوضع إلّا خاصاً ، إذ الموضوع له العام لم يلاحظ إلّا بالوجه ، وهو الجزئي المتصور لفرض عدم تعقل الجامع.

ويرد عليه : انه قد مرَّ في المقدمة الثانية ، أنه لا يعتبر في صحة الوضع سوى لحاظ الموضوع له ، ولو بعنوان مهمل حاك عنه ، وعليه فكما انه في الفرض الأول يكون تصور الخاص موجبا لتصور العام ، فيكون الوضع كالموضوع له عاما ، كذلك في الفرض الثاني ، يكون تصور الخاص موجبا لتصور عنوان عام مهمل منطبق على الموضوع له ، وهو الكلي المشترك بين الشبح وغيره ، فانه بنفسه من العناوين العامة ، ولحاظ الخاص أوجب لحاظه وتصوره والانتقال إليه ، فلا محالة يكون الوضع عاما.

__________________

(١) درر الفوائد ج ١ ص ٥ في حديثه عن أقسام الوضع إلّا أنه عاد وذكر في ص ٦ أنه على تقدير إمكانه كما مر فهو غير ثابت.

٧٣

فالأقوى عدم معقولية هذا القسم ، بل دائما يوجب تصور الخاص تصور العام.

هذا كله في ناحية المعنى.

وأما من ناحية اللفظ ، فالواضع حين إرادة الوضع ، أما أن يلاحظ اللفظ بمادته وهيئته كما في أسماء الأجناس ، وأعلام الأشخاص ، وأما أن يلاحظ المادة ، كما في مواد المشتقات ، وأما أن يلاحظ الهيئة ، كما في هيئاتها ، وهيئات الجمل الناقصة والتامة.

فالوضع في الأول والثاني شخصي ، أي لاحظ الواضع شخص اللفظ بوحدته الطبيعية ، وشخصيته الذاتية التي امتاز بها في حد ذاته عما عداها ، وفي الثالث نوعي ، أي لاحظ الواضع اللفظ بجامع عنواني ، كهيئة الفاعل.

وأما المورد الثاني ، وهو مرحلة الإثبات والوقوع ، فلا إشكال في وقوع الوضع العام والموضوع له العام ، كوضع أسماء الأجناس ، كما لا شبهة في وقوع الوضع الخاص والموضوع له الخاص ، كوضع الأعلام الشخصية.

وأما الوضع العام والموضوع له الخاص الذي مر انه ممكن ، فقد وقع الخلاف في وقوعه ، فذهب جماعة إلى أنّ وضع الحروف وما يشبهها منه ، وأنكره جماعة منهم المحقق الخراساني.

في المعنى الحرفي

وتنقيح القول في المقام ، يتوقف أولاً على تحقيق المعاني الحرفية ، ومفاهيم

٧٤

الأدوات ، ثم التكلم في أن الموضوع له فيهما كوضعهما عام أو انه خاص؟ فالكلام في مقامين :

الأول : في تحقيق المعاني الحرفية ، ومفاهيم الأدوات ، وبيان المراد من عدم استقلالها. وليعلم انه يترتب على البحث عن حقيقة المعنى الحرفي ثمرات مهمة :

منها : في الواجب المشروط ، حيث انه لو قلنا : انه جزئي ، أو آلي مغفولا عنه ، لا يعقل رجوع القيد إلى الهيئة ، إذ كونه مغفولاً عنه ، ينافي لحاظه مقيدا وكذلك الجزئية ، لا تلائم التقييد ، ولأجل ذلك أنكر الشيخ الأعظم (١) الواجب المشروط.

ومنها : في مفهوم الشرط ، إذ لو كان المعنى الحرفي آليا مغفولاً عنه لا يعقل رجوع القيد إلى مفاد الهيئة ، كما انه لو كان جزئيا ، لا بد من إنكار مفهوم الشرط فيما إذا كان الوجوب مستفادا من الهيئة ، لان انتفاء الحكم الجزئي بانتفاء شرطه عقلي لا ربط له بالمفهوم ، بل الدلالة على المفهوم تتوقف على كون المعلق على الشرط سنخ الحكم.

ولذلك فصَّل الشيخ ، بين ما كان الحكم في الجزاء ، مستفادا من المادة كقوله

__________________

(١) راجع الفصول الغروية ص ٧٩ بعد قوله تمهيد مقال لتوضيح الحال ، عند قوله وينقسم باعتبار آخر إلى ما يتعلق وجوبه بالمكلف ... الخ.

٧٥

عليه‌السلامإذا زالت الشمس وجبت الصلاة (١) ، وما كان مستفادا من الهيئة ، مثل إن جاءك زيد فأكرمه ، حيث التزم بدلالة القضية الشرطية على المفهوم في الأول دون الثاني ، بملاك أن الحكم في الأول كلي وفي الثاني جزئي. وكيف كان فقد اختلفوا في حقيقة المعنى الحرفي على أقوال :

منها : أن الحروف لم توضع لمعنى أصلاً ، بل وضعت لان تكون قرينة على كيفية إرادة مدخولها ، نظير الإعراب ، مثلا وضعت لفظة" في" لان تكون قرينة على ملاحظة الدار لا بما هو موجود عيني خارجي ، بل بما هو موجود أيني وظرف مكان لشيء آخر ، حيث أن الدار يلاحظ بنحوين : تارة بما أن لها وجود خارجي ، فيقال : دار زيد كذا ، وأخرى بما أن لها وجود أيني أي ظرف مكان لشيء آخر ، فكلمة" في" وضعت لتدل على أن الدار في قولنا : ضربت زيدا في الدار ، لوحظت بنحو الأينية لا العينية ، كما أن الرفع ، مثلا قرينة على أن ما اتصل به من الاسم الواقع بعد الفعل ، كقولنا : ضرب زيد ، هو الصادر عنه الفعل ، بلا دلالة على معنى خاص ، وهذا القول منسوب إلى المحقق الرضي (٢).

__________________

(١) هذا اللفظ منقول بالمعنى وليس هو نص الرواية حسب الظاهر ، فالروايات الواردة في الكتب الأربعة والمتواترة ، (لسانها إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر ، أو وقت الظهرين ، أو وقت الظهر والعصر) وفي روايات أخرى إذا غابت الشمس فقد حل الإفطار ووجبت الصلاة.

(٢) وهو كما في طبقات أعلام الشيعة ج ٣ ص ١٥٥ محمد بن الحسن الاسترآبادي الشيخ رضي الدين نجم الأئمة النجفي النحوي المتوفى سنة ٦٨٦ ه‍ ق ، صاحب الشرح الكبير المعروف بشرح الرضي على الكافية في النحو لابن الحاجب.

٧٦

ومنها : ما يقابل هذا القول تمام التقابل ، وهو انه لا فرق بين معاني الحروف ومعاني الأسماء في عالم المفهومية ، وإنما الفرق بينهما ، إنما يكون فيما هو خارج عن حريم المعنى والمستعمل فيه ، وهو الاستقلالية والآلية اللتان هما من قيود الوضع ، ومميزاته على ما ستعرف توضيحه ، من دون أن تكونا دخيلتين في الموضوع له.

فالمعنى في حد ذاته لا يتصف بالاستقلال ولا بعدمه وإنما نشأ من اشتراط الواضع ، وهما من توابع الاستعمال وشئونه ، واختار هذا القول المحقق

__________________

ولما نسب غير واحد له القول المذكور أعلاه والقول الآتي ومنهم المحقق النائيني في أجود التقريرات ج ١ ص ١٤ ، ولم ينقلوا نص عبارته ، نقلتها من مصدرها إتماماً للفائدة.

قال في شرح الكافية ص ١٠ شطر ١٠ في معرض الحديث عن المعنى الحرفي (فمعنى" من" ومعنى لفظ" الابتداء" سواء ، إلا أن الفرق بينهما أن لفظ الابتداء ليس مدلوله مضمون لفظ آخر ، بل مدلوله معناه الذي في نفسه مطابقة ، ومعنى" من" مضمون لفظ آخر ينضاف ذلك المضمون إلى معنى ذلك اللفظ الأصلي ، فلهذا جاز الأخبار عن لفظ" الابتداء" نحو الابتداء خير من الانتهاء ولم يجز الأخبار عن" من" لان الابتداء الذي هو مدلولها في لفظ آخر ، فكيف يخبر عن لفظ ليس معناه فيه ، بل في لفظ غيره ، وإنما يخبر عن الشيء باعتبار المعنى الذي في نفسه مطابقة.

ثم قال : فالحرف وحده لا معنى له أصلا إذ هو كالعَلَم المنصوب بجنب شيء ليدل على أن في ذلك الشيء فائدة ما ، فإذا أُفرد عنه ذلك الشيء بقي غير دال على معنى أصلا.

إلا أن السكاكي لم يرتضيه مطلقا واعتبره باطلا كما في حاشية الحاشية ص ١٠ رقم ٦.

٧٧

الخراساني (١) ، ونسب إلى المحقق الرضي أيضاً (٢).

ومنها : أن الحروف لها معان في قبال المعاني الاسمية ، وهي في حد كونها معان ، أي في عالم التجرد العقلاني معان غير مستقلة ، بخلاف المعاني الاسمية فإنها معان مستقلة ، فكما أن الجوهر في وجوده لا يحتاج إلى موضوع بخلاف العرض ، مع أنهما في حد ذاتهما وكونهما معاني لا يحتاجان إلى موضوع ، فكذلك المفاهيم الاسمية في عالم التجرد العقلاني بجواهرها وأعراضها ، معاني مستقلة ، عكس المعاني الحرفية.

ثم إن أصحاب هذا القول ، اختلفوا في بيان الخصوصية المميزة لكل منهما عن الآخِر على أقوال ، وستمر وما هو الحق منها.

وأما القول الأول فيرد عليه ـ مضافا إلى ما ستعرف عند ذكر البرهان على ما نختاره في المعنى الحرفي ـ انه لا ريب في أن الجملة مفيدة لمعنى غير معاني مفرداتها من الأسماء ، مثلا" زيد في الدار" مفيد لظرفية الدار لزيد ، وهي غير معنى زيد ودار وحيث أنها غير مأخوذة في مفهوم الدار وليس شيء آخر في الكلام غير كلمة" في" يدل عليها ، فيتعين أن يكون الدال عليها كلمة" في" والقياس على علامات الإعراب وان كان صحيحا إلّا انه نلتزم في المقيس عليه

__________________

(١) الكفاية ص ١٠ ـ ١١ قال : وأما الوضع العام والموضوع له الخاص فقد توهم وضع الحروف وما الحق بها من الأسماء ... والتحقيق أن حال المستعمل فيه والموضوع له فيها حالهما في الأسماء.

(٢) الناسب له المحقق النائيني في أجود التقريرات راجع الحاشية السابقة يظهر كلامه جلياً.

٧٨

أيضاً بذلك كما سيمر عليك.

وأما القول الثاني ، فيرد عليه إن لازم ذلك جواز استعمال كل من الحرف والاسم في موضع الآخَر ، مع انه لا ريب في كونه من أفحش الأغلاط ، لاحظ ما إذا استعملت مكان سرت من البصرة ، سير ، ابتداء ، بصرة.

وهذا الأشكال ذكره المحقق الخراساني (ره).

مختار المحقق الخراساني ونقده (١)

بقوله : إن قلت : على هذا لم يبق فرق بين الاسم والحرف في المعنى ، ولزم كون مثل كلمة" من" ولفظ" الابتداء" مترادفين صح استعمال كل منهما في موضع الآخَر ، وهكذا سائر الحروف مع الأسماء الموضوعة لمعانيها ، وهو باطل بالضرورة كما هو واضح.

وأجاب عنه بقوله : قلت : الفرق بينهما ، إنما هو في اختصاص كل منهما بوضع ، حيث انه وضع الاسم ليراد منه معناه هو وفي نفسه ، والحرف ليراد منه معناه لا كذلك ، بل بما هو حالة لغيره ، كما مرت الإشارة إليه غير مرة ، فالاختلاف بين الاسم والحرف في الوضع يكون موجبا لعدم جواز استعمال أحدهما في موضع الآخر ، وان اتفقا في ما له الوضع ، وقد عرفت بما لا مزيد عليه ، إن نحو إرادة المعنى لا يكاد يمكن أن يكون من خصوصياته ومقوماته. انتهى

__________________

(١) كفاية الأصول ص ١٢.

٧٩

وقد وقع الخلاف بين الأكابر في بيان المراد مما أفاده.

وقد أفاد المحقق النائيني (١) : بان مرجع هذا القول في الحقيقة إلى أن كلا من لفظ" من" ولفظ" الابتداء" موضوع للمعنى الجامع بين ما يستقل بالمفهومية وما لا يستقل ، فكان كل منهما في حد نفسه يجوز استعماله في مقام الآخَر ، إلّا أنّ الواضع لم يجز ذلك ، ووضع لفظة من لان تستعمل فيما لا يستقل ، وبأن يكون قائما بغيره ، ولفظة الابتداء لان تستعمل فيما يستقل ، وما يكون قائما بذاته ، فكأنه شرط من قبل الواضع مأخوذ في ناحية الاستعمال من دون أن يكون مأخوذا في حقيقة المعنى.

أقول ليس مراد المحقق الخراساني ما أفاده ، كما ستعرف عند بيان مراده ، ولكن لو سلم كون ذلك مراده ، أو لا اقل من كونه مراد بعض آخر من الأعاظم.

يرد عليه : انه إذا كان المعنى الحرفي والاسمي واحدا ، ولم يقيد الموضوع له في كل منهما بقيد غير ما يكون الآخر مقيدا به ، ولم يضيق العلقة الوضعية ، يلزم منه جواز استعمال أحدهما في موضع الآخر ، فان شرط الواضع لان يستعمل كل منهما في المعنى المشترك في حالة خاصة ، بما انه لا يكون راجعا إلى الموضوع ، ولا الموضوع له ، ولا الوضع ، لا يكون لازم الاتّباع.

__________________

(١) فوائد الأصول ج ١ ص ٣٣. وما يظهر في اجود التقريرات ج ١ ص ١٤ وفي الطبعة الجديدة ج ١ ص ٢٢ (الأول).

٨٠