سعد السّعود

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

سعد السّعود

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات دار الذخائر للمطبوعان
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣١٣

لا ينفع مع إقامة الحجج وهو سم قاتل.

فصل فيما نذكره من مجلد لم يذكر اسم مصنفه أوله عن ابن عباس نذكر منه من رابع سطر من قائمة منه بلفظه ـ (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِ) يأمرون بالحق ـ (وَبِهِ) وبالحق (يَعْدِلُونَ) يعملون وهم الذين من ورائهم الرسل ـ (وَقَطَّعْناهُمُ) وفرقناهم (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) سبطا سبطا تسعة أسباط ونصف سبط من قبل الشرق عند مطلع الشمس خلف الصين على نهر وصل يسمى اردف وسبطين ونصف من جميع العالم.

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من غريب القرآن لشواهد الشعر تأليف عبد الرحمن بن محمد الأزدي من الوجهة الأولة من القائمة الخامسة من الكراس الأول في تأويل (يا أُخْتَ هارُونَ) وكان بينهما قرون بعيدة بلفظه ـ وحدثني سماك بن حارث عن مغيرة بن شعبة أن النبي (ص) بعثه إلى نجران فقالوا ألستم تقرءون (يا أُخْتَ هارُونَ) وبينهما كذا وكذا فذكر ذلك للنبي فقال ألا قلت لهم إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين منهم أقول يعني (ع) أن الأسماء وإن اتفقت في اللفظ فليس كل هارون يكون أخا موسى وإنما كان اسما وافق اسما.

فصل فيما نذكره من تفسير بن جريح من نسخة جيدة من الوجهة الثانية من القائمة الثانية من الكراس الرابع بلفظه ابن ثور عن ابن جريح عن مجاهد (مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) قال مصدقا بعيسى ابن مريم وقال ابن عباس كان يحيى وعيسى ابني خالة وكانت أم يحيى تقول لمريم إني لأجد الذي في بطني يسجد للذي في بطنك فذلك حين تصديقه بعيسى سجوده في بطن أمه فهو أول من صدق بعيسى قال والكلمة عيسى

فصل فيما نذكره من مجلد في تفسير القرآن أوله ـ (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ) نذكر من ثالث عشر سطر من قائمة منه من تفسير (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) بلفظ ما نذكره فقال احتج بعض من يدعي علم التأويل أن الراسخون يعلمونه بإعلام الله إياهم ولذلك وصفهم بالرسوخ في العلم لأن

٢٢١

المسلمين جميعا (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) فما فضل هؤلاء مع قول الله عزوجل ـ (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ) و (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) و (فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ) وما كانت هذه سبيله فليس فيه ما لم يعلم بل المعنى والراسخون في العلم يعلمون أيضا ويقولون بمعنى قائلين ثم أجاب صاحب هذا التفسير ما هذا لفظه قيل له لمن نزل الله عزوجل أثبت شيئا لنفسه ونفاه عن الخلق لجاز أن يشركه فيه أحد لا يراه قال (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ) فاستثناه بقوله (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) وهو دليل على أنهم لم يعلموه من قبل الله عزوجل ـ وقول نبي الله (ص) اتعظوا بأمثاله وآمنوا بمتشابهه دليل على أنهم لم يعلموه من قبله.

يقول علي بن موسى بن طاوس أما احتجاج الأول بقوله (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ) و (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) و (فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ) فلا يطيق منصف أن يدعي أن هذه الآيات يقتضي أن يعلم تأويله كل أحد من عالم أو جاهل ومسلم وكافر ولو كان الأمر في البيان يقتضي معرفة الخلائق كلهم به لأدى إلى أنه لا يسمعه أحد إلا عرف تأويله فلم يبق بدا من أن يكون المراد بهذه الآيات غير الظاهر الذي ادعاه وأن القرآن في نفسه بيان وتبيان ومفصل على علم الله ولكن يحتاج إلى من يعرف ذلك من الله ورسوله وآله.

أقول وأما جواز المفسر بأن فيه ما لا يعلمه إلا الله فما يجحد ذلك إلا جاهل أو مكابر وأما قوله إن الراسخين في العلم علموه من الله دون رسوله وآله فمن أين عرف ذلك وليس في الحديث الضعيف الذي أورده ما يقتضي هذا وكيف يقبل العقل أن يكون الرسول الذي كان القرآن حجة له ومنزلا لأجله لا يعلم منه ما يعلمه بعض أمته هذا غلط عظيم من المدعي لحقيقته

فصل فيما نذكره من كتاب أسباب النزول تأليف علي بن أحمد النيشابوري المعروف بالواحدي من تاسع سطر من وجهة أوله من قائمة منه بلفظه قوله (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) قال السدي قال رسول الله (ص) عرضت على أمتي في صورها كما عرضت على آدم وأعلمت من يؤمن بي ومن يكفر فبلغ المنافقين فاستهزءوا وقالوا أيزعم محمد (ص)

٢٢٢

أنه يعلم من يؤمن به ومن لا يؤمن به ونحن معه ولا يعرفنا فأنزل الله هذه الآية وقال الكلبي قالت قريش تزعم يا محمد أن من خالفك فهو في النار والله عليه غضبان وأن من اتبعك على دينك فهو من أهل الجنة والله عنه راض فأخبرنا بمن يؤمن وبمن لا يؤمن فأنزل الله تعالى هذه الآية.

يقول علي بن موسى بن طاوس اعلم أن قول المنافقين إنهم معه ولا يعرفهم جهل وأنه يمكن إن كان يعلمهم ويستر ذلك عنهم وإنما اعتقدوا أن ستر النبي عليهم وحلمه عنهم يدل على أن لا يعلمهم ولو قالوا حقا لعرفوا أنه يتعذر أن يكون أحد إلا وهو يستر بعض ما يعلم من الناس عنهم فهلا كان للنبي (ص) أسوة بسائر الناس وأما الذي ذكره النبي أنه عرضت عليه أمته فلعله يريد أن الله عرضهم عليه والله تعالى قادر على ذلك عند من عرفه ولكن المنافقين جاهلين بالله وبرسوله وعسى أن يسبق إلى خاطر أحد قول الله ـ (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) فيظن أن هذه الآية معارضة للحديث واعلم أنها ليست معارضة لاحتمال أن يكون عرض أمته عليه بعد نزول هذه الآية وأيضا فإن الحديث يضمن أنه عرف من يؤمن به ومن لا يؤمن به واحتمل أن يكون عرف ذلك من الكافرين والمؤمنين وهم الذين يظهرون الإيمان لأن المنافقين شملهم لفظ ظاهر الإيمان بإظهار ذلك وأيضا فلعله يحتمل أن يكون عرف أنهم المنافقون ولم يكن أطلعه الله تعالى على سائر أحوالهم التي هي غير النفاق حتى يكون عالما بهم لعلم الله بهم ولا كان عالما أنه تعالى يعذبهم مرتين ولا أنهم مردوا على النفاق فإن هذه أمور زائدة على العلم بكفرهم أو إيمانهم.

فصل فيما نذكره من مجلدة صغيرة القالب عليها مكتوب برسالة في مدح الأقل وذم الأكثر عن زيد بن علي بن الحسين (ع) نذكر فيها عن الوجهة الثانية من القائمة الثالثة ما معناه أن زيدا دخل الشام فسمع به علماؤها فحضروا لمشاهدته ومناظرته وذكروا له أكثر الناس على خلافه وخلاف ما يعتقده في آبائه من استحقاق الإمامة واحتجوا بالكثرة فاحتج من

٢٢٣

الاستحقاق عليهم بما نذكره بلفظه فحمد الله زيد بن علي وأثنى وصلى على نبيه (ص) ثم تكلم بكلام ما سمعنا قرشيا ولا عربيا أبلغ في موعظة ولا أظهر حجة ولا أفصح لهجة منه ثم قال إنك ذكرت الجماعة وزعمت أنه لم يكن جماعة قط إلا كانوا على الحق والله يقول في كتابه ـ (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ) وقال (فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ) الماضية (يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ) وقال (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) وقال (إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) وقال في الجماعة ـ (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) وقال (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) وقال (أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) وقال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) وقال (إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ) ثم أخرج إلينا كتابا قاله في الجماعة والقلة أقول متضمن الكتاب ضلال أكثر الأمم عن الأنبياء وما ذكره الله تعالى في آل عمران من مدح القليل وذم الكثير وما ذكره في سورة النساء وفي سورة المائدة والأعراف والأنفال وسورة يونس وسورة هود وسورة النحل وسورة بني إسرائيل وسورة الكهف وسورة المؤمنون والسورة التي فيها الشعراء وسورة قصص موسى وسورة العنكبوت وسورة تنزيل السجدة وسورة ذكر الأحزاب وسورة ذكر سبأ وسورة يس وسورة (ص) وسورة المؤمن وسورة الأحقاف وسورة الفتح وسورة الذاريات وسورة اقتربت وسورة الواقعة وسورة الصف وسورة الملك وسورة نون وسورة الحاقة وسورة البقرة وسورة الأنعام وسورة التوبة وسورة يونس وسورة الرعد وسورة إبراهيم وسورة الحجر وسورة الفرقان وسورة النمل وسورة الروم وسورة الزمر وسورة الدخان وسورة الجاثية وسورة الحجرات وسورة الطور وسورة الحديد.

٢٢٤

أقول : وهكذا وجدنا ترتيب السور في الرواية كما ذكرنا ثم قال خالد بن صفوان راوي الحديث ما معناه فخرج السامعون متحيرين نادمين كيف أحوجوه إلى سماع هذه الحجج الباهرة ولم يذكر أنهم رجعوا عن عقائدهم الفاسدة الداثرة وما جاءوا بشيء لدفع ما احتج به زيد ثم فنعوذ بالله من الضلال وحب المنشأ والتقليد الذي يوقع في مثل هذا الهلاك والوبال

فصل فيما نذكره من كتاب قصص القرآن بأسباب نزول آيات القرآن تأليف القيصم بن محمد القيصم النيسابوري نذكر من آخر سطر منه من وجهة أوله بلفظه فصل في ذكر الملكين الحافظين ـ دخل عثمان بن عفان على رسول الله فقال أخبرني عن العبد كم معه من ملك قال ملك على يمينك على حسناتك وواحد على الشمال فإذا عملت حسنة كتبت عشرا وإذا عملت سيئه قال الذي على الشمال للذي على اليمين اكتب قال لعله يستغفر الله ويتوب فإذا قال ثلاثا قال نعم أكتب أراحنا الله منه فلبئس الصديق ما أقل مراقبته لله عزوجل وأقل استحياءه منا يقول الله عزوجل ـ (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) وملكان بين يديك ومن خلفك وملك قابض على ناصيتك فإذا تواضعت لله عزوجل رفعك وإذا تجبرت على الله وضعك الله وفضحك وملكان على شفتيك ليس يحفظون عليك إلا الصلوات على محمد وملك قائم على فيك لا يدع أن تدب الحية في فيك وملك على عينيك فهؤلاء عشرة أملاك على كل آدمي يعد أن ملائكة الليل على ملائكة النهار لأن ملائكة الليل سوى ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي وإبليس بالنهار وولده بالليل قال الله تعالى (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ) الآية وقال عزوجل (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ) الآية. اعلم أن الله عزوجل وكل بكل إنسان ملكين يكتبان عليه الخير والشر ووردت الأخبار بأنه يأتيه ملكان بالنهار وملكان بالليل وذلك قول الله ـ (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) لأنهم يتعاقبون ليلا ونهارا وإن ملكي النهار يأتيانه إذا انفجر الصبح فيكتبان ما يعمله إلى غروب الشمس وفي رواية أنهما يأتيان المؤمن عند حضور صلاة الفجر ـ

٢٢٥

فإذا هبطا صعد الملكان الموكلان بالليل وإذا غربت الشمس نزل إليه الملكان الموكلان بكتابة الليل ويصعدان الملكان الكاتبان بالنهار بديوانه إلى الله فلا يزال ذلك دأبهم إلى وقت حضور أجله فإذا حضر أجله قالا للرجل الصالح جزاك الله من صاحب عنا خيرا فكم من عمل صالح أريتناه وكم من قول حسن استمعناه وكم من مجلس خير أحضرتنا فنحن اليوم على ما تحبه وشفعاء إلى ربك وإن كان عاصيا قالا له جزاك الله من صاحب عنا شرا فلقد كنت تؤذينا فكم من عمل سيئ أريتناه وكم قول سيئ استمعناه ومن مجلس سوء أحضرتناه ونحن لك اليوم على ما تكره وشهيدان عند ربك وفي رواية أنهما إذا أرادا النزول صباحا ومساء ينسخ لهما إسرافيل عمل العبد من اللوح المحفوظ فيعطيهما ذلك فإذا صعدا صباحا ومساء بديوان العبد قابله إسرافيل بالنسخة التي تنسخ لهما حتى يظهر أنه كان كما نسخ منه. وعن ابن مسعود أنه قال الملكان يكتبان أعمال العلانية في ديوان وأعمال السر في ديوان آخر من خيراته وكذلك من سيئاته فعلى هذا القول يكون لكل إنسان في كل يوم وليلة ثمانية دواوين ديوانان لخيراته بالنهار وحسناته وديوانان لسيئات النهار وكذلك ديوانان لحسنات الليل وديوانان لسيئات الليل فأما أربعة دواوين كل يوم وليلة فلا شك فيهما وإن دواوين أهل السعادات توضع في عليين تحت العرش ودواوين أهل الشقاء توضع في سجين في سقف جهنم.

أقول والله لو تهدد لابن آدم بعض ملوك الدنيا أو سمع أن أحدا يتوعده بدون هذه الأهوال لكان قد قصر في سوء الأعمال والأقوال وقبائحه ما الذي يهون عنده تهديد الله ورسوله ورضي بالتهوين والإهمال

فصل فيما نذكره من كتاب الناسخ والمنسوخ تأليف نصر بن علي البغدادي وهو مضاف إلى قصص القرآن للنيسابوري من تفسير سورة عسق من الآية الخامسة بلفظه الخامسة (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) اختلف المفسرون على وجهين فقالت طائفة هي محكمة لم تنسخ بشيء ـ

٢٢٦

واحتجوا عليه بقوله (ص) إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض وقال آخرون بل هي منسوخة بقوله تعالى ـ (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) الآية.

يقول علي بن موسى بن طاوس ليس في الآية الثانية ما يقتضي مخالفة الأولى حتى يقال إنها نسختها وذاك أن المودة في القربى فوائدها وثوابها وثمرتها للذين توادوا بهم فقال الله تعالى للنبي (ص) ما معناه أن الأجر الذي طلبته عن رسالتي وهدايتي من مودة أهل بيتي فهو لكم وفوائده راجعة إليكم وهذا واضح.

أقول إن في هذه الآية القربى إشارة ظاهرة إلى إمامة أئمة أهل بيت النبوة لأنه إذا كان أجر جميع الرسالة وما حصل بها من سعادة الدنيا والآخرة مودة أهل بيته قائمين مقامه في الخلافة فتكون المودة لهم والمعونة على قيامهم كالأجر لجميع ما أتى (ص) به من سعادة ومقاله وفعاله.

فصل فيما نذكره من الجزء الأول من مقدمات علم القرآن تصنيف محمد بن بحر الرهني ذكر في أول كراس منه ما وجده من اختلاف القراءة وما معناه أن كل واحد منهم قبل أن يتحدد القارئ الذي بعده كانوا لا يجيزون إلا قراءته ثم لما جاء القارئ الثاني انتقلوا من ذلك المنع إلى جواز قراءة الثاني وكذلك في قراءاته السبعة فاشتمل كل واحد منهم على إنكار قراءته ثم عادوا إلى خلاف ما أنكروه ثم اقتصروا على هؤلاء السبعة مع أنه قد حصل في علماء المسلمين والقائلين بالقرآن أرجح منهم ومن أن زمان الصحابة ما كان هؤلاء السبعة ولا عددا معلوما للصحابة من الناس يأخذون القرآن عنهم ثم ذكر محمد بن بحر الرهبي أنه وقف على كتاب سهل بن محمد السنجري وقد حمل الهجاء على جميع أهل الكوفة والذي رد عليهم وعتب دينهم قال الرهبي وسمعت أبا حاتم يطري نحو أهل البصرة ويهجو نحو أهل الكوفة قال الرهني ما هذا لفظه قلت ولم يدع أبو حاتم مع ما قاله وهجائه الكوفة وأهلها ذكر تأليف علي بن أبي طالب القرآن وأن النبي ص

٢٢٧

عهد إليه عند وفاته ألا يرتدي برده إلا لجمعة حتى يجمع القرآن فجمعه ثم حكى عن الشعبي على أثر ما ذكره أنه قال كان أعلم الناس بما بين اللوحين علي بن أبي طالب (ص) قال محمد بن بحر الرهني حدثني القرباني قال حدثنا إسحاق بن راهويه عن عيسى بن يونس عن زكريا بن أبي زائدة عن عطية بن أبي سعيد الكوفي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (ص) إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا وإنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض قال محمد بن بحر الرهني وما حدثنا به المطهر قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير عن عبد الله بن موسى عن الركين بن الربيع عن القسم بن حيان عن زيد بن ثابت قال قال رسول الله (ص) إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض قال الرهني في الوجهة الأولة من القائمة الخامسة ما معناه كيف يقبل العقل والنقل أن النبي يجعل القرآن وأهل بيته عوضه وخليفتين من بعده في أمته ولا يكون فيهما كفاية وعوض عن غيرها مما حدث في الأمة وفي القرآن من الاختلاف.

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من كتاب الحذف والإضمار تصنيف أحمد بن ناقة المقري من الوجهة الثانية من عاشر سطر منها بلفظه فصل في قصة أصحاب الكهف (وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ) أي كما حفظنا أحوالهم في طول تلك المدة بعثناهم من تلك الرقدة لأن أحد الأمرين كالآخر في أنه لا يقدر عليه إلا الله تعالى بين الله عزوجل فذلك أنه بعث أصحاب الكهف بعد موتهم الطويل من مرقدهم بعده ليسألوا بعضهم بعضا عن مدة مقامهم لينتهوا بذلك على معرفة الله تعالى ويزدادوا إيمانا إلى إيمانهم.

يقول علي بن موسى بن طاوس قول هذا الشيخ بعث أصحاب الكهف بعد موتهم الطويل لعله غلط من الناسخ أو سهو من المصنف فإنه قد قدم قبل هذا أنه بعثهم من الرقدة والقرآن الشريف يتضمن صريحا بأنه (تَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ) ومن آيات الله تعالى في بقائهم بغير طعام

٢٢٨

ولا شراب ولا تغير الأجساد ولا مرض ولا تأثير الأرض فيهم مع تقلبهم ذات اليمين وذات الشمال لأن كثرة التقليب في مثل تلك المدة إذا لم تكن بقدرة القادر لذاته لا بد أن يؤثر في الأجساد الترابية وهو حجة على منكري البعث وعلى من يدعي أن الطعام أصل في بقاء الأنام وإنما البقاء ممسوك بما يريد القادر لذاته المالك للإنعام.

فصل فيما نذكره من المجلد الأول من شرح تأويل القرآن وتفسير معانيه تصنيف أبي مسلم محمد بن بحر الأصفهاني من الوجهة الأولة من القائمة الحادية عشرة منه بمعناه من تفسير الحروف المقطعة (الم) اختلف قوم من المفسرين ومؤلفي الكتب في تأويل الحروف في سور القرآن فذكر قوم أنها أسماء للسور وقال قوم إن لكل حرف معنى يخصه وقال قوم إن ذلك لأسماء السور التي هي منها خاصة ليعلم أن كل سورة قبلها انقضت وقال بعضهم إنما المشركون كانوا تواصوا ألا يسمعوا القرآن فجاءت هذه الحروف غريبة في عاداتهم ليسمعوها ويسمعوا ما بعدها وقال الشعبي إنها حروف مقطعة من أسماء الله تعالى إذا جمعت صارت اسما وذكر عن قطرب أنه حكى عن العرب أنها افتتاح للكلام وقال بعض المتكلمين إن الله تعالى علم أنه يكون في هذه الأمة مبتدعين وأنهم يقولون إن القرآن ما هو كلام ولا حروف فجعل الله تعالى هذه الحروف تكذيبا لهم ثم قال أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني في الرد على هؤلاء كلهم ما معناه أنها لو كانت أسماء للسور ما كنا نرى من السور خاليا منها ولا كانت تكون من القرآن وكان المسلمون قد سموها بها قال ومحال أن يكون الله جعلها أسماء للسور ولو كان كذلك لما اختلف المسلمون فيها قال وأما قول من ذكر أنها تقتضي كل حرف معبر بشبهه فلم يرد في ذلك خبر عن النبي مقطوع به ولا في لسان العربية ما يقتضيه قال ولو كان بغير لغة العرب لكان النبي قد فسره لهم ودفع الاختلاف فيه قال ويبطل ذلك قوله تعالى (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) قال ومن قال إنها علامة على أن السور التي قبلها انقضت فما في هذه الحروف ما يقتضي

٢٢٩

ذلك ولا يفهم منه هذا أو يبطله ما ذكره على إبطال أنها أسماء للسور قال وأما من قال إنه من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله فإن الله لم يخبرنا أنه استأثر علينا بشيء من علم المتشابه ثم قد بين لنا في كتابه ما انفرد به من حديث وقت القيامة وعلوم الغيب قال وأما من قال إنها حروف الجمل وإنها أوقات الأشياء تكون فالذي يبطل قوله وينقض مذهبه أن من علم ما هو كائن فقد علم الغيب الذي استأثر الله به وقد أخبر الله أنه لا يطلع على غيبه أحدا وإذا كانت هذه حروف الجمل فقد عرفنا المراد بها قال وتصير الناس عالمين بالغيب قال وإن النبي (ص) وقومه لم يعرفوا حروف الجمل وإنما هي من علوم أهل الكتاب قال ولو كان المراد بها حروف الجمل لدلت على التي لا تختلف الناس فيها قال وأما من ذكر أنها لأجل تواطؤ الكفار ألا يسمعوا القرآن فكيف يخاطبهم بغير العربية والقرآن يتضمن أنه بلسانهم وكان يكون سببا لإعراضهم عن استماع القرآن قال وأما حديث الشعبي وأنها إذا جمعت كانت أسماء الله تعالى فإنما علمنا الله أسماءه لندعوه بها فقال (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) ولم يكن لنا ضربا بذلك إلا ويوضحه قال يفهم من الحروف المقطعة هذا قال وهذا قول مطروح مرذول قال وأما قول قطرب فهي دعوى على العرب بغير برهان وما وجدنا في كلامهم كما قال وأما قول من قال إن الله عرف أنه يكون مبتدعة قال قوم الذين أنكروا الحروف قد أنكروا المؤلف الواضح وقالوا إنها ليس من الله وإن الكلام عندهم صفة من صفات الله فإذا جحدوا مثل هذا فكيف يندفعون بذكر الحروف ثم قال أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني ما معناه والذي عندنا أنه لما كانت حروف المعجم أصل كلام العرب وتحداهم بالقرآن وبسورة مثله أراد أن هذا القرآن من جنس هذه الحروف المقطعة التي يعرفونها ويقدرون على أمثالها فكان عجزكم عن الإتيان بمثل القرآن بسورة منه دليل على أن المنع والتعجيز لكم من الله وأنه حجة رسول الله (ص) قال ومما يدل على تأويله أن كل سورة افتتحت بالحروف التي أنتم تعرفونها بعدها

٢٣٠

إشارة إلى القرآن يعني أنه مؤلف من هذه الحروف التي أنتم تعرفونها وتقدرون عليها ثم سأل نفسه وقال إن قيل لو كان المراد هذا لكان قد اقتصر الله على ذكر الحروف في سورة واحدة أو أقل مما ذكره فقال عادة العرب التكرار عند إيثار إفهام الذي يخاطبونه.

يقول علي بن موسى بن طاوس أما ما ذكره في الرد على الأقاويل فبعضه قريب موافق للعقول وبعضه مخالف للعقول فإن قوله إن الله ما استأثره علينا ثم نعود إلى القرار فإن الله استأثر بعلم يوم القيامة وعلم الغيب وهلا جعل هذا من جملة علم الغيب الذي استأثر به أو من القسم الذي قال الله تعالى فيه ـ (ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) وأما قوله (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً) فالآية فيها استثناء فهلا ذكر الاستثناء بقوله تعالى ـ (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) وغير ذلك من الجواب الذي يطول وأما قوله إنه أراد تنبيه العرب على موضع عجزهم عن الإتيان فهذا لو كان لكانت الصحابة قد عرفته قبله ونقلوه نقلا ظاهرا ومتواترا وكيف يعلم هو ما يكون قد خفي على الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ولم يكشف لهم سيد المرسلين (ص).

فصل فيما نذكره من مجلد قالب الربع في تفسير القرآن لم يذكر اسم مصنفه قال في قول الله في تفسير سورة البقرة في السطر الرابع عشر قوله (الم) أي أنا الله أعلم وقال في أول قائمة من تفسير سورة الأعراف في ثالث سطر في قوله (المص) أي أنا الله أفعل.

أقول وهذا غريب مما وقفناه وسمعناه من مقالات المفسرين في تفسير الحروف المقطعة في أول سورة القرآن ولم يذكر حجة ولا شبهة على أن المعنى (الم) أي أنا الله أعلم ولا أن تفسير (المص) أي أنا الله أفعل وليس في ظاهرها ما يقارب ذلك.

فصل فيما نذكره من جزء رابع من معاني القرآن تأليف محمد بن جعفر المروزي من أول سطر منه من الوجهة الثانية إن رسول الله قال لوفد عبد القيس ما فعل قس بن ساعدة قالوا مات يا رسول الله قال (ص) لقد رأيت

٢٣١

منه عجبا رأيته في سوق عكاظ على جمل ينادي الناس حتى إذا اجتمعوا قال أيها الناس استمعوا وعوا من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آت آت ثم ينشد في آخر كلامه :

في السابقين الذاهبين

من القرون لنا بصائر

لما رأيت مواردا للموت

ليس لها معاذر

ورأيت قومي نحوها

تمضي الأكابر والأصاغر

لا يرجع الماضي إلى

ولا من الباقين غابر

أيقنت أني لا محالة

حيث صار القوم صائر

فجعل ترك رجعتهم منسوبا إلى أنفسهم ولم يقل يرجعون لأنه لم يكن يؤمن بالبعث الذي يكون به الرجع مغفولا لأن بعضهم يقول بل كل شيء هو فعل الله فجائز أن يقال رجع ويرجع وكل فعل يكتبه العبد فالوجه واحد يقال رجع ويرجع بفتح الياء وكسر الجيم.

يقول علي بن موسى بن طاوس وهذه الأبيات مشهورة من قس بن ساعدة ولكن النبي ما كان ينشد شعرا وإنما قال لبعض من كان يسمع شعر قس بن ساعدة هل تحفظ شعره فقال نعم فاستنشد ذلك وأما قول المصنف المروزي إن قس بن ساعدة ما كان يقر بالبعث فإنه إن كان قال هذا من طريق هذه الأبيات فمثل هذا المعنى كثير في كلام المقرين بالبعث وأشعارهم على اختلاف الأوقات وقوله إن جعل ترك رجعتهم منسوبا إلى أنفسهم فليس في هذه الأبيات ما تقتضي ما انتهى طعنه إليه ولعل قسا أنشد البيت بضم الياء من يرجع وفتح الجيم وقد استدركه استدراكا ضعيفا بقوله.

أقول والقرآن الشريف قد تضمن نحو هذا مثل قوله تعالى (كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ) وما كان المراد أبدانهم راجعون من جهة أنفسهم وما أدري كيف التبس مثل هذا الأمر المكشوف على من يؤهل نفسه لتفسير القرآن العظيم ونحن نذكر من حديث قس بن ساعدة ما يقتضي أنه كان مقرا بالبعث والنشور وما يدل على معرفته بحكمة وفضل مشهور ذلك ما أخبرني به الشيخ

٢٣٢

الفاضل أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني في مسكني بالجانب الشرقي من بغداد في صفر سنة خمس وثلاثين وستمائة عن الشيخ العالم أبي الفرج علي بن السعيد الراوندي عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبي عن جدي أبي جعفر محمد بن أبي الحسين الحسن الطوسي عن شيخة المفيد محمد بن محمد بن النعمان عن شيخه السعيد أبي جعفر محمد بن بابويه من كتاب كمال الدين وتمام النعمة في الغيبة قال أخبرني أبي قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال بينا رسول الله (ص) ذات يوم بفناء الكعبة يوم افتتح مكة إذ أقبل إليه وفد فسلموا عليه فقال رسول الله من القوم قالوا وفد بكر بن وائل قال (ص) فهل عندكم علم من خبر قس بن ساعدة الأيادي قالوا بلى يا رسول الله قال فما فعل قالوا مات فقال رسول الله الحمد لله رب الموت ورب الحياة ـ (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) كأني أنظر إلى قس بن ساعدة الأيادي وهو بسوق عكاظ على جمل له أحمر وهو يخطب الناس ويقول أيها الناس اجتمعوا فإذا اجتمعتم فأنصتوا فإذا أنصتم فاسمعوا فإذا سمعتم فعوا فإذا وعيتم فاحفظوا فإذا حفظتم فاصدقوا ألا إنه من عاش مات ومن مات فات ومن فات فليس بآت إن في السماء خبرا وإن في الأرض غبرا سقف مرفوع ومهاد موضوع ونجوم تمور وبحار ماء تفور يحلف قس ما هذا بلعب وإن من وراء هذا لعجبا ما لي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون أرضوا فأقاموا أم تركوا فناموا يحلف قس يمينا غير كاذبة أن لله دينا هو خير من الدين الذي أنتم عليه قال رسول الله رحم الله قسا يحشر يوم القيامة أمة واحدة ثم قال هل فيكم أحد يحسن من شعره شيئا فقال بعضهم نعم سمعته يقول :

في الذاهبين الأولين

من القرون لنا بصائر

لما رأيت مواردا للقوم

ليس لها مصادر

ورأيت قومي نحوها

تمضي الأكابر والأصاغر

٢٣٣

لا يرجع الماضي إلي

ولا من الباقين غابر

أيقنت أني لا محالة

حيث صار القوم صائر

وبإسنادنا الذي ذكرناه عن أبي جعفر محمد بن بابويه قال حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن إسماعيل الضحاك قال أخبرنا محمد بن زكريا قال حدثنا عبد الله بن الضحاك عن هشام عن أبيه أن وفدا من أياد قدموا على رسول الله (ص) فسألهم عن حكم قس بن ساعدة فقالوا قال قس بن ساعدة في جدوث ـ

يا ناعي الموت والأموات في جدث

عليهم من بقايا بزهم خرق

دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم

كما ينبه من نوماته العمق

منهم عراة ومنهم في ثيابهم

منها الجديد ومنها الأزرق الخلق

مطر ونبات وآباء وأمهات وذاهب وآت وآيات في أثر آيات وأموات بعد أموات ضوء وظلام وليل وأيام وفقير وغني وسعيد وشقي ومحسن ومسيء أين الأرباب الفعلة ليصلحن كل عامل عمله بل هو الله واحد ليس بمولود أراد وأبدى وإليه المآب غدا أما بعد يا معشر أياد أين ثمود وعاد وأين الآباء والأجداد أين الحسن الذي لم يشكر والقبيح الذي لم ينقم كلا ورب الكعبة ليعودن ما بدأ ولئن ذهب يوم ليعودن يوم.

أقول : وقال أبو جعفر بن بابويه هو قس بن ساعدة بن خالف بن زهر بن أياد بن نزار من أول من آمن بالبعث من أهل الجاهلية وأول من توكأ على عصا ويقال إنه عاش ستمائة سنة وكان يعرف النبي باسمه ونسبه ويبشر الناس بخروجه وكان يستعمل التقية ويأمر بها في خلال ما يعظ به الناس. وبالإسناد الذي قدمناه إلى أبي جعفر بن بابويه قال حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن إسماعيل قال أخبرنا محمد بن زكريا بن دينار قال حدثني مهدي بن سابق عن عبد الله بن عباس عن أبيه قال جمع قس بن ساعدة ولده فقال المعافى تكفيه البقلة وترويه المذقة ومن عيرك شيئا ففيه مثله ومن ظلمك وجد من يظلمه ـ

٢٣٤

متى عدلت على نفسك عدل عليك من فوقك وإذا نهيت عن شيء فابدأ بنفسك ولا تجمع ما لا تأكل ولا تأكل ما لا تحتاج إليه وإذا ادخرت فلا يكونن ذخرك إلا فعلك وكن عف العيلة مشترك الغنى تسد قومك ولا تشاورن مشغولا وإن كان حازما ولا جائعا وإن كان فهما ولا مذعورا وإن كان ناصحا ولا تضعن في عنقك طوقا لا يمكنك نزعه إلا بشق نفسك وإذا خاصمت فاعدل وإذا قلت فاقصد ولا تستودعن أحدا دينك وإن قربت قرابته فإنك إن فعلت ذلك لم تزل وجلا وكان المستودع بالخيار في الوفاء بالعهد وكنت له عبدا ما بقيت فإن خنا عليك كنت أولى بذلك وإن وفى كان الممدوح دونك عليك بالصدقة فإنها تكفر الخطيئة قال وكان قس بن ساعدة لا يستودع دينه أحدا بل كان يتكلم بما يخفى معناه على العوام ولا تدركه إلا الخواص.

يقول علي بن طاوس قوله في الحديث السالف أين الحسن الذي لا يشكر والقبيح الذي لم ينقم لعل معناه أنه رأى أعمالا حسنة مات أصحابها قبل المكافأة عليها وأفعالا قبيحة مات فاعلوها قبل العقاب عليها فقال هذا يقتضي بحكم العقل والعدل أن بعد الموت بعثا يجازى كل فاعل بفعله وقوله في الحديث الآنف لا تستودع دينك فلعله لا تستودع سرك ويكون في الدين من جملة أسراره وهذه الأحاديث دالة على إقرار قس بن ساعدة بالبعث والحساب والحكم الهادي إلى الصواب

فصل فيما نذكره من الجزء الأول مما نزل من القرآن في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) رواية أبي أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد الجلودي في المجلد تصانيف لغيره من أول وجهة منه من سابع سطر منها بلفظه حدثنا أحمد بن أبان حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي حدثنا إسماعيل بن أبان عن يحيى بن سلمة عن زيد بن الحرث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال لقد نزلت في علي (ع) ثمانون آية صفوا في كتاب الله ما شركه فيها أحد من هذه الأمة.

٢٣٥

فصل فيما نذكره من هذا المجلد من رابع سطر من بقية أحاديث أبي القسم عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الموصلي بلفظه أخبرنا محمد بن علي أخبرنا أبو جعفر بن عبد الجبار عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى (ع) قال كان أبو الحسن في دار عائشة فتحول منها بعياله فقلت له جعلت فداك أتحولت من دار أبيك فقال إني أحببت أن أوسع على عيال أبي إنهم كانوا في ضيق وأحببت أن أوسع عليهم حتى يعلم أني وسعت على عياله فقلت جعلت فداك هذا للإمام خاصة قال وللمؤمنين ما من مؤمن إلا وهو يلم بأهله كل جمعة فإن رأى خيرا حمد الله عزوجل وإن رأى غير ذلك استغفر واسترجع.

أقول هذا الحديث يقتضي أن أرواح المؤمنين بعد وفاتهم بإذن الله تعالى لها أن تشاهد أهلها ويكون ذلك من جملة كراماتهم

فصل فيما نذكره من أواخر هذه الأحاديث بلفظه من السطر العاشر ـ حدثنا محمد بن جعفر البزاز عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن أرومة القمي عن الحسين بن موسى بن جعفر قال رأيت في يد أبي جعفر محمد بن علي الرضا خاتم فضة ناحل فقلت مثلك يلبس مثل هذا قال (ع) هذا خاتم سليمان بن داود.

أقول هذا تصديق ما روي أن النبي وارث جميع الأنبياء والمرسلين فيكون قد انتقل إليه ذخائر أسرارهم من رب العالمين ولا يقال فهلا كان لمولانا محمد بن علي الجواد من ظهور آثار سليمان في تلك الحال ما كان لسليمان لأن الذخائر وصلت إلى النبي (ص) ما لزم من ذلك ظهور أسرار الخاتم على يد النبي لأن الله تعالى يظهر بذلك بحسب مصالح عباده

فصل فيما نذكره من هذا المجلد من الجزء الذي فيه من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وفاطمة والحسن والحسين رواية أبي بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله البزاز الشافعي من ثالث سطر من طريق المخالفين برجالهم بلفظ ما وجدناه ـ حدثنا عبد الله بن محمد بن ياسين قال حدثنا

٢٣٦

محمد بن كندة قال حدثنا عبد الله بن موسى عن أسباط بن عرق قال حدثني سعيد بن كرد قال كنت مع مولاي يوم الجمل مع اللواء فأقبل فارس فقال يا أمير المؤمنين قالت عائشة سلوه من هو قيل له من أنت قال أنا عمار بن ياسر قالت قولوا له ما تريد قال أنشدك بالله الذي أخرج الكتاب على نبيه رسول الله في بيتك أتعلمين أن رسول الله جعل عليا وصيه على أهله قالت اللهم نعم قال وجاء فوارس أربعة فهتف رجل منهم قالت عائشة وهذا ابن أبي طالب ورب الكعبة سلوه ما تريد قال أنشدك بالله الذي أنزل الكتاب على رسول الله في بيتك أتعلمين أن رسول الله جعلني وصيه على أهله قالت اللهم نعم.

يقول علي بن موسى بن طاوس إذا كان علي وصيا على أهله وهم أهل المباهلة وأهل التطهير والثقل الذي لا يفارق القرآن وأعز المخلوقين على رسول الله فما العذر في ترك من ارتضاه رسول الله لنفسه وخاصته ألا يرضاه لمن هو دونهم من رعيته وأمته

فصل فيما نذكره من هذا المجلد من كتاب تجزية القرآن تلخيص أبي الحسين أحمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله المنادي بخط مصنفه وهي نسخة عتيقة من رجال الجمهور نذكره بلفظ سياق ما جاء عن علي (ع) وابن عمر وسلمان في قسمة الأخرى وحديث عن أبي عمر حفص بن عمر الدوري قال حدثني ابن عمارة حمزة بن القاسم الأحول عن ابن حمزة بن حبيب الزيات عن عمرو بن مرة قال ذكروا أن هذه أسباع علي بن أبي طالب (ع) السبع الأول البقرة والكهف والحجر والرعد وحم السجدة والتغابن والجمعة واقتربت الساعة ون والقلم وهل أتى على الإنسان والقيمة والبروج والغاشية والليل والقارعة وويل لكل همزة والسبع الثاني آل عمران والصف والنمل والقصص وحم المؤمن والحديد والممتحنة والنجم والطور والمزمل وإذا الشمس كورت والعاديات وأ رأيت وقل يا أيها الكافرون والفلق والسبع الثالث النساء والشعراء والأحزاب والحج

٢٣٧

والزخرف والحشر وأ لم سجدة والملك والمجادلة والذاريات والمطففين وإذا السماء انشقت ولم يكن والتين والعصر وإذا جاء نصر الله والسبع الرابع المائدة والنحل وطه والنور والأنفال والعنكبوت والدخان والتحريم والرحمن والحاقة واقرأ باسم ربك والضحى وأ لم نشرح وإذا زلزلت وقل أعوذ برب الناس والسبع الخامس الأنعام ويوسف وقد أفلح المؤمنون ومريم ويس والفرقان وإبراهيم وحمعسق والحجرات والنساء القصرى وعبس ولا أقسم بهذا البلد والطارق والشمس وضحاها والسبع السادس الأعراف وهود والأنبياء والروم وسورة والسبع السابع الصافات ويونس وبني إسرائيل وسبأ والملائكة والقمر والجاثية والفتح ونوح والنازعات وسأل سائل والمرسلات وعم يتساءلون والفجر وتبت وقل هو الله أحد جملة ذلك فإذا هي مائة وتسع سور وليس فيها فاتحة الكتاب ولا براءة ولا صاد ولا قاف ولا المدثر لأن السبع الأول ست عشرة سورة والثاني خمس عشرة سورة والثالث ست عشرة والرابع خمس عشرة والخامس ست عشرة والسادس ست عشرة والسابع ست عشرة ولست أحيط بوجه يقتضيه ذلك منه علما غير الوهم من التأخر من هذا اللفظ ما رواه رجال المخالفين من كتاب المنادي.

فصل فيما نذكره من كتاب ملل الإسلام وقصص الأنبياء تأليف محمد بن جرير الطبري من القائمة الخامسة من الكراس الرابع من الوجهة الثانية من السطر السابع قصة نوح بن الملك نختصر ألفاظها نذكر منها أن الله تعالى أكرم نوحا بطاعته والعزلة لعبادته وكان طوله ثلاثمائة وستون ذراعا بذراع زمانه وكان لباسه الصوف ولباس إدريس قبله الشعر وكان يسكن في الجبال ويأكل من نبات الأرض فجاءه جبرائيل (ع) بالرسالة وقد بلغ عمر نوح أربعمائة وستين سنة فقال له ما بالك معتزلا قال لأن قومي لا يعرفون الله فاعتزلت عنهم فقال له جبرائيل فجاهدهم فقال له نوح لا طاقة لي بهم ولو عرفوني لقتلوني فقال له فإن أعطيت القوة كنت تجاهدهم ـ

٢٣٨

قال وا شوقاه إلى ذلك فقال له نوح من أنت قال فصاح جبرئيل صيحة واحدة تداعت الجبال فأجابته الملائكة بالتلبية ورجت الأرض وقالت لبيك لبيك يا رسول رب العالمين قال فبقي نوح مرعوبا فقال له جبرئيل أنا صاحب أبيك آدم والرفيع إدريس والرحمن يقرئك السلام وقد أتيتك بالبشارة وهذا ثوب الصبر وثوب اليقين وثوب النصرة وثوب الرسالة والنبوة وقد أمرك أن تتزوج بعمورة بنت ضمران بن خنوخ فإنها أول من تؤمن بك فمضى نوح يوم عاشوراء إلى قومه وفي يده عصا بيضاء وكانت العصا تخبره بما يكذبه قومه وكان رؤساؤهم سبعين ألف جبار عند أصنامهم في يوم عيدهم فنادى لا إله إلا الله آدم المصطفى وإدريس الرفيع وإبراهيم الخليل وموسى الكليم وعيسى المسيح خلق من روح القدس ومحمد المصطفى آخر الأنبياء وهو شهيدي عليكم أني قد بلغت بالرسالة فارتجت الأصنام وخمدت النيران وأخذهم الخوف وقال الجبارون من هذا فقال نوح أنا عبد الله وابن عبده بعثني رسولا إليكم ورفع صوته بالبكاء وقال أنا نوح النبي إني بكم نذير مبين قال وسمعت عمورة كلام نوح فآمنت به فعاتبها أبوها وقال أيؤثر فيك قول نوح في يوم واحد وأخاف أن يعرف الملك بك فيقتلك فقالت عمورة أبتي أين عقلك وفضلك وحلمك نوح رجل وحيد وضعيف يصيح بكم تلك الصيحة فيجري عليكم ما يجري فتوعدها فلم ينفع فأشار عليه أهل بيته بحبسها ومنعها الطعام فجلبها فبقيت في الحبس سنة وهم يسمعون كلامها فأخرجها بعد سنة فقد صار عليها نور عظيم وهي في أحسن حال فتعجبوا من حياتها بغير طعام فسألوها فقالت إنها استغاثت برب نوح وإن نوحا كان يحضر عندها بما يحتاج إليه ثم ذكر تزويجه بها وما كانت من العبادة والزهادة وأنها ولدت له سام بن نوح لأن الرواية في غير هذا الكتاب تضمنت أنه كان لنوح امرأتان اسم واحدة رابعا وهي الكافرة وهلكت وحمل نوح معه في السفينة امرأته المسلمة وقيل إن اسم المسلمة هيكل وقيل ما ذكره الطبري ـ

٢٣٩

ويمكن أن تكون عمورة اسمها وهيكل صفتها بالزهد. أقول وينبغي أن يقال إن هذه ليست زوجة نوح المذكورة في القرآن الشريف بالذم ومن العجب أن يكون أرباب الباب كالدفرات جاهلون برب الأرباب وأصحاب البراقع وضعائف العقول سبقوا إلى تصديق الرسول ولكن الرئاسة كانت في الرجال فهلكوا بطلبها وكان الضعف في النساء والزعامة فأفلحوا بسببها وكذلك كان السبق في نبوة محمد (ص) للنساء أعني خديجة فوا عجباه ووا خجلاه ما ذا أرى الله تعالى السعادات الدنيوية والأخروية عمي الرجال عنها وسبق النساء إليها

فصل فيما نذكره من كتاب العرائس في المجالس ويواقيت التيجان في قصص القرآن تأليف أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي من الكراس الثامن من أول قائمة منها من الوجهة الأولة من السطر الرابع عشر بلفظه وقال بعضهم ذو الكفل بشر بن أيوب الصابر بعثه الله تعالى بعد أبيه رسولا إلى أرض الروم فآمنوا به وصدقوه واتبعوه ثم إن الله تعالى أمره بالجهاد كلوا عن ذلك وضعفوا وقالوا يا بشر إنا قوم نحب الحياة ونكره الممات ومع ذلك نكره أن نعصي الله ورسوله فإن سألت الله تعالى أن يطيل أعمارنا ولا يمتنا إلا إذا شئنا لنعبده ونجاهد أعداءه فقال لهم بشر بن أيوب لقد سألتموني عظيما وكلفتموني شططا ثم قام وصلى ودعا وقال إلهي أمرتني بتبليغ الرسالة فبلغتها وأمرتني أن أجاهد أعداءك وأنت تعلم أني لا أملك إلا نفسي وأن قومي قد سألوني ذلك ما أنت أعلم به فلا تأخذني بجريرة غيري فإني أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك قال فأوحى الله إليه يا بشر أني سمعت مقالة قومك وأني قد أعطيتهم ما سألوني فطولت أعمارهم فلا يموتون إلا إذا سألوا فكن كفيلا لهم عني ذلك فبلغهم بشر رسالة الله فسمي ذا الكفل ثم إنهم توالدوا وكثروا حتى ضاقت بهم بلادهم وتنقصت عليهم معيشتهم وتأذوا بكثرتهم فسألوا بشرا أن يدعو الله تعالى أن يردهم إلى آجالهم فأوحى الله تعالى إلى بشر أما علم قومك ـ

٢٤٠