سعد السّعود

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

سعد السّعود

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات دار الذخائر للمطبوعان
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣١٣

الله إن كان في اللغة اسما لاعتقاد الشرك وهو أن يعتقد أن مع الله شريكا.

يقول علي بن موسى بن طاوس قول البلخي يقتضي أن الله تعالى يسمي بالشرك من لم يكن مشركا ويجوز ذلك عنده وهو قول عجيب وما الذي أحوج البلخي إلى خروج التأويل عن الشرك الحقيقي فإنهم إذا أطاعوا الشياطين بطاعة الله تعالى وقدموا طاعتهم على طاعة الله فقد أشركوا وزادوا على الشرك بإيثارهم للشياطين على الله تعالى وهو شرك في مقام الطاعة على الحقيقة وكيف أجاز أن يسمي الله تعالى مشركا من ليس بمشرك وعنده أن هذا كذب يستحيل على الله وأن كل ما يكون لفظه على غير ما هو عليه فإنه قبيح لذاته على مذهبه في الموافقة للمعتزلة وما الذي أحوجه إلى هذا وأما قوله إنه حجة على أن الإيمان اسم لجميع الطاعات فأين موضع الحجة التي ادعاها من هذه الآية وأين وجد فيها اسم جميع الطاعات.

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني عشر من تفسير البلخي من ثالث كراس منه من الوجهة الأولة من القائمة الرابعة وتمامه من الوجهة الثانية منها بلفظه ما نذكر قوله ـ (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) فقال البلخي ما هذا لفظه وقد ذهب قوم إلى أن الله جل ذكره أخرج ذرية آدم من ظهره وأشهدهم على أنفسهم وهم كالذر ذلك غير جائز عن الأطفال فضلا عمن هو كالذر لا حجة عليه ثم إن الله قد دل على خلاف ما قالوا لأن الله تعالى قال ـ (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) ولم يقل من ظهره وقال (ذُرِّيَّتَهُمْ) ولم يقل ذريته ثم قال (أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) فأخبر أن هذه الذرية قد كان قبلهم مبطلون وكانوا هم بعدهم وقد روي القول الأول عن عمر وهذا لا يصح عن عمر لما قلناه على أن الراوي لهذا الحديث عن عمر سليمان بن يسار الجهني فقد ذكر يحيى بن معين أن سليمان بن يسار

٢٠١

هذا لا يدرى من هو ثم تأول البلخي الآية على أن هذه الآية معناها بعد وجودهم في الحياة الدنيا وأن معنى أشهدهم أنه جعل في عقولهم الدلالة على ذلك.

يقول علي بن موسى بن طاوس إن القول الذي حكاه عن عمر وطعن فيه بالوجوه التي ذكرها ما يقتضي طعنا صحيحا لأن بني آدم خلقوا جميعهم من ظهر آدم لصلبه بغير واسطة والآية ظاهرة على ما روي عن عثمان يتضمن أنه أخذ الذرية على ما ينتهي حالها إليه إلى يوم القيامة فيكون من ظهورهم ذريتهم ولا يجوز أن يكون من ظهر آدم فحسب لأنها ظهور كثيرة وذرية كثيرة وأما قول البلخي إنما قولهم أشرك آباؤنا وكنا ذرية من بعدهم يقتضي أنهم في الحياة الدنيا فعجبت من البلخي إن الله تعالى قد حكى قولهم يوم القيامة لئلا تقولوا (إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) ولئلا تقولوا (إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ) فكان الإشهاد عليهم على روايته عن عمر لئلا تقولوا يوم القيامة هذا وهو واضح ولا أدري كيف اشتبه هذا على البلخي وأما قول يحيى بن معين إنه ما يعرف الراوي عن عمر فليس كل أحد يعرفه يحيى بن معين وإنما يعرف بقدر مجهوده في علمه ويكفي أن يحيى بن معين يعرف الذي روى عن سليمان بن يسار وأنه عنده ثقة وكيف يطعن على الرجل المعروف بروايته عمن لا يعرف يحيى بن معين وإنما كان عند البلخي طعن غير ما ذكره على روايته عن عمر فيكون طعنا صحيحا فيكون الحكم له وإلا فقد كشفنا عن طعونه في هذا الباب وهي بعيدة عن الصواب.

أقول وأما قول البلخي الذر لا حجة عليهم وطعنه بذلك في التأويل فيقال قد عرف أهل العلم أن قد روي أن المتكبرين يحشرون يوم القيامة في صورة الذر فإذا كان يوم المواقفة والمحاسبة يكونون في صورة الذر ويصح حسابهم جاز أن يخرجوا من ظهور آبائهم في صورة الذر ويمكن سؤالهم وتعريفهم ويقال لهم إذا كان الذي يخاطب العقول والأرواح وكان المسلمون قد رووا أول ما خلق الله العقل فقال له أقبل فأقبل وقال له

٢٠٢

أدبر فأدبر فقال بك أثيب وبك أعاقب وبك آمر وبك أنهى ورووا أن الأرواح خلقت قبل الأجساد فعلى هذا يمكن أن يضم القادر لذاته إلى صورة الذر عقولهم وأرواحهم فيصح التخاطب لهم وهذا واضح.

فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة الأولة من الجزء الحادي والعشرين من تفسير البلخي بلفظه (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) ثم روي عن يحيى بن زكريا عن ابن جريح عن مجاهد في قوله (دُعاؤُكُمْ) قال لتعبدوه وتطيعوه ثم قال البلخي وهذا هو التأويل يقول لو لا يجب في الحكمة من دعائكم إلى الحق والطاعة ما كنتم ممن يذكره.

يقول علي بن موسى بن طاوس وجدت في بعض الروايات أن المراد (لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) من الدعاء ولعمري إن الدعاء لا يصح إلا بعد المعرفة بالله تعالى الذي يدعى ويطلب منه الحوائج وإن كان يحتمل أن يكون معناه على الرواية لو لا أنه يراد منكم تضرعكم ودعاؤكم ما أبقينا عليكم كما قال جل ذكره ـ (فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ) فلعله تعالى أراد أن ينبئهم بما صنعه غيرهم من بذل التضرع فهلكوا لعلهم يتضرعون ويدعون كما فعل قوم إدريس وقوم يونس فيسلمون ويكون ذلك شاملا للدعاء الذي يشتمل على المعرفة بالله.

فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من أول قائمة من الكراس الأول من الجزء الثاني والعشرين من تفسير البلخي في تفسير قوله تعالى (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فقال البلخي ما هذا لفظه (وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ) كل من خرج من داره أو قطع سبيلا فقد هاجر قال الضحاك هو إبراهيم وكان أول من هاجر في الله يزيد عن أبي يونس عن قتادة قال هاجر إبراهيم ولوط من كوثى وهي من سواد الكوفة إلى الشام.

يقول علي بن موسى بن طاوس كان ينبغي أن يذكر معنى المهاجرة إلى الله تعالى لأن الله حاضر في الموضع الذي هاجر منه إلى الموضع الذي

٢٠٣

هاجر إليه ولعل المراد بالمهاجرة إلى الله تعالى الانقطاع إليه بالكلية عن كل شاغل والتجرد له وكان إبراهيم كذلك في الوطن الأول لكن ظاهر حال المخالط للناس أو المبتلى بهم مع اشتغاله بالله تعالى وامتثاله لأمره أنه يكون من جملة طاعاته اشتغاله بالناس في الأول أو بغير الناس من أسباب الطاعة فلعله أراد أن يكون المهاجرة إلى مجرد الاشتغال بالله تعالى بغير واسطة من سائر الأشياء وأما قوله كل من خرج من داره فقد هاجر فبعيد من عرف الشرع وعرف العادة لأن الخارج من داره مجتازا من بلد إلى بلد لا يسمى مهاجرا بل متى قصد المهاجرة والإقامة به.

فصل فيما نذكره من الجزء الثالث والعشرين من تفسير البلخي من الوجهة الأولة من القائمة السادسة من الكراس الثالث منه بلفظه قوله (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) آية واحدة ـ يوسف بن يعقوب الماجشون قال أخبرني محمد بن المنكدر أن رجلا قال يا رسول الله كيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين عن المغيرة عن أبي معشر عن إبراهيم قال قالوا يا رسول الله هذا السلام قد عرفناه وكيف الصلاة عليك قال قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك عليه وعلى أهل بيته كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد.

أقول وروى البلخي ذلك من عدة طرق وقد تقدم قوله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) في القائمة الخامسة من الكراس الأول من هذا الجزء فقال بعد قائمة أخرى ما هذا لفظه ـ وكيع عن عبد الرحمن بن بهرام عن شهر بن حوشب عن أم سلمة أن النبي دعا عليا (ع) وفاطمة والحسن والحسين فجلل عليهم كساء له خيبريا ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا.

يقول علي بن موسى بن طاوس فإذا كان هؤلاء هم أهل البيت ع

٢٠٤

المأمور بالصلاة عليهم مع الصلاة على النبي وهم الذين نزل فيهم آية التطهير فما الذي فرق بينه وبينهم عند البلخي وأمثاله بعد هذا الاتصال الإلهي والتعظيم الرباني وهلا كان عنده كذلك في حياته وبعد وفاته مستحقين لمقاماته كما كانوا شركاءه في خواص صلواته ودرجاته

فصل فيما نذكره من الجزء الرابع والعشرين من تفسير البلخي من الوجهة الأولة من القائمة الثالثة من تفسير قول الله تعالى ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فذكر البلخي روايات مختلفة في معنى (ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ) فبعضها ذكر أن بين أيدكم من عذاب الآخرة وما خلفكم من عذاب الأمم الماضية وبعضها ذكر بالعكس وبعضها ما بين أيديكم من عذاب الدنيا وما خلفكم من عذاب الآخرة.

أقول فهلا احتمل أن يكون ما بين أيديكم من عذاب الآخرة وما خلفكم من سخط الله وغضبه وما يقتضي ذلك لأنهم أعرضوا عنه فصار كأنه خلفهم وإن كانوا معرضين عن الجميع لكن ما ذكرناه كأنه قريب من معنى خلفكم إن أمكن حمله عليه.

أقول وإن أمكن أن يحتمله وما خلفكم من دعاء النبي لكم إلى الله ووعيده وتهديده الذي قد جعلتموه وراءكم ظهيرا.

فصل فيما نذكره من مجلد من تفسير البلخي أوله سورة (ص) وآخره تفسير قول الله تعالى ـ (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) من الكراس الرابع منه من تفسير قوله تعالى عن دعاء الملائكة ـ (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) فقال البلخي ما معناه أن هذه دلالة واضحة على أن الشفاعة يوم القيامة للمؤمنين أو المذنبين التائبين لا لمرتكبي الذنوب الذين ماتوا غير تائبين ولا نادمين قال لأن قولهم ـ (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) يقتضي ذلك فيقال له إن آخر الآية وهو قول الله تعالى (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) يقتضي أنهم كانوا مستحقين لعذاب الجحيم وأما قولك (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) فهلا كان محمولا على من كان تائبا ومتبعا للسبيل ثم واقع

٢٠٥

المعاصي فتكون إشارة الملائكة بالتوبة واتباع السبيل إلى الحال الأول ويعضده (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) أو هلا احتمل اغفر للذين تابوا من الكفر وجاهدوا في سبيل الله وإن كانوا مذنبين لأن سبيل الله هو الجهاد في آيات من القرآن ولا يكون سبيل الله كما ادعاه البلخي وبالجملة فالاحتمالات كثيرة في التأويلات فمن أين عرف أن دعاء الملائكة الذي كان بهذه الصفات يقتضي الشفاعة لمن ذكره دون أصحاب الكبائر من المؤمنين فلا وجه له في ظاهر هذه الآية ولا تعلق عند من أنصف في التأويل ولعل التعصب لعقيدته يمنعه أن ينظر الأمر على حقيقته أتراه يعتقد أن الدعاء شفاعة وهل دل شرع أو عرف على ذلك ولو كانت شفاعة الصالحين من أين يلزم منه شرط الشفاعة للمذنبين.

فصل فيما نذكره من جزء آخر في المجلد الذي أوله تفسير سورة (ص) وأول هذا الجزء الآخر سورة محمد (ص) وآخره تفسير سورة الرحمن فقال البلخي في الوجهة الثانية من القائمة الثانية عشر منه من تفسير سورة الفتح (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) فذكر اختلافا في هذا الفتح فذكر بعضهم أنه الفتح بحجج الله وآياته وذكر أنه يجوز أن يكون الفتح هو الصلح يوم الحديبية وبعضهم قال هو فتح خيبر ثم ذكر البلخي في قوله ـ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) وجوها كلها تقتضي تجويزه على النبي (ص) ذنوبا متقدمة من الوجوه المذكورة ـ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ) في الجاهلية ـ (وَما تَأَخَّرَ) منه وأن بعد الرسالة ما يكون له ذنب إلا جزاء له عند الله منها (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ) في الجاهلية ـ (وَما تَأَخَّرَ) من ذنبك في الإسلام ومنها أن هذه المغفرة كانت بسبب صبر النبي (ص) ومبايعته تحت الشجرة على الموت.

يقول علي بن موسى بن طاوس لو كان الأمر كما ذكره البلخي من تحقيق الذنوب على النبي (ص) كان يكون الفتح غلطا وتنفيرا عن النبي (ص) وإغراء للمسلمين بالذنوب وهتكا لستر الله تعالى الذي كان

٢٠٦

قد ستر به ذنوب النبي وطعنا على قول الله ـ (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) وطعنا على إطلاق قوله تعالى ـ (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) وطعنا على إجماع المسلمين أنه (ص) أفضل من جميع المرسلين لأن في المرسلين من لم يتضمن القرآن الشريف ذكر ذنوب له متقدمة ولا متأخرة ومن أعجب تأويلات البلخي تجويزه أن يكون للنبي ذنوبا في الجاهلية وأفضل مقامات نبوته في أيام الجاهلية لمجاهدته مع وحدته وانفراده بنفسه ومهجته في الدعوة إلى تعظيم الجلالة الإلهية وقيامه بأمر يعجز عنه غيره من أهل القوة البشرية لأن كل من يطلب مغالبة الخلائق في المغارب والمشارق يقتضي العقل والنقل أنه لا يظهر ذلك حتى يكاتب ويراسل ويهيئ أعوانا وأنصارا ويبعث دعاة إلى الأطراف ويستظهر لنفسه بقوة تقوم بحذاء الأعداء وأهل الانحراف ومحمد أظهر وهو وحده سره وكشف وهو منفرد فقير من المال والأعوان أمره أوضح من دعوته الخلائق أجمعين وأعابهم وكذبهم وطعن عليهم وقدح في حالهم في الدنيا والدين وكان كل لحظة من لحظاته وساعة من ساعاته على تلك الوحدة وتلك القوة والشدة أفضل مما جرت الحال مع جهاده مع وجود الأنصار والأعوان فكيف اعتقد البلخي أن قبل النبوة كان صاحب ذنوب وعصيان.

أقول واعلم أن التفسير الذي يليق بكمال حال صاحب النبوة وتعظيم الله تعالى فحاله أن يكون هذا الفتح فتح مكة بغير قتال ولا جهاد وهم كانوا أصل العداوة والعناد والذين أحوجوه إلى المهاجرة وإلى احتمال الأهوال الشداد إن لم يمنع لهذا التأويل مانع فإن من ذلك الفتح كانت الملوك كسرى وقيصر ونصارى نجران يدعوهم إلى الإيمان ويلقاهم بلفظ العزيز القوي عند مخاطبته لأهل الهوان وقد ذكر الكلبي في تفسير قوله تعالى ـ (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) فقال فتح مكة فسماه الله فتحا فكان نزول (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) إنجازا لذلك الوعد وقال جدي الطوسي (فَتْحاً مُبِيناً) فتح مكة وحكي عن قتادة أنه بشارة بفتح مكة أقول وأما لفظ ما تقدم من الذنب

٢٠٧

وما تأخر فالذي نقلناه من طريق أهل بيت النبوة أن المراد منه ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر عند أهل مكة وقريش بمعنى ما تقدم قبل الهجرة وبعدها فإنك إذا فتحت مكة بغير قتل لهم ولا استئصال ولا أخذهم بما قدموه من العداوة والقتال غفروا ما كانوا يعتقدونه ذنبا لك عندهم متقدما أو متأخرا وما كان يظهره من عداوتهم في مقابلة عداوتهم له فلما رأوه قد تحكم وتمكن ولا استقصى ولا استصفى غفروا ما ظنوه من الذنوب المتقدمة والمتأخرة وهذا الذي يليق بمن اصطفاه الله على جميع أهل الاصطفاء وجعله خاتم الأنبياء والحاكم عليهم يوم الجزاء وأول مبعوث وأول شافع وأول مشفع وأول مقدم يوم الحساب وأول من يحكم في دار العقاب ودار الثواب.

فصل فيما نذكره من الجزء الحادي والثلاثين من تفسير البلخي من الوجهة الثانية من القائمة الأخيرة من الكراس الثالث قوله (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) ثم ذكر البلخي اختلافا بين المفسرين في أنه هل كان رمي الشياطين والمخبر بالنجوم قبل مبعث النبي (ص) أم لا فذكر عن بعضهم أنه لم يكن ثم قال البلخي ما هذا لفظه وإنما دلت الآية على أنهم منعوا عند مبعث النبي بشدة الحراسة عن قليل ما كانوا يصلون إليه من المقاعد أقول واعلم أنه ربما ظهر من الآية أنه يمكن أن يكون رمي الشياطين بالنجوم قبل البعثة قليلا وفي مقعد دون مقعد لأجل قوله تعالى حكاية عنهم ـ (فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً) ولو كانوا ما وجدوا فيها شهبا قبل المبعث لعلهم كانوا يقولون فوجدنا فيها حرسا شديدا وشهبا فذكروا أنها ملئت فكأنه يقتضي أن السماء كانت قبل المبعث غير ملأى من الحرس والشهب فلما بعث ملئت حرسا شديدا وشهبا.

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني والثلاثين من تفسير البلخي من الوجهة

٢٠٨

الثانية من القائمة الأولى من الكراس الثاني من تفسير قول الله تعالى ـ (عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) فقال البلخي في تأويله قولان أحدهما أنه من القرآن والآخر البعث لأن القرآن كانوا غير مختلفين في الجحود له وإنما كان الاختلاف في البعث.

أقول إن كان المرجع إلى النقل فيما نذكره فقد ينبغي أن يرجع إلى القرآن الشريف في تسمية النبإ العظيم وقد قال الله ـ (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) ولعل مفهوم هذه الآية أن يكون النبأ العظيم حديث محمد وما أخبر به من سؤال الملإ الأعلى لأن تفسير القرآن بعضه ببعض أوضح وأحوط في العقل والنقل وإن كان فهم المفسرون أن قوله تعالى ـ (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) غير ما ذكرناه وكانت الأمة مجتمعة على معنى واحد فيه فيرجع الإجماع إلى الحق وإن كان الحال يحتمل العمل بالروايات في تفسير النبإ العظيم فقد روت الشيعة أن النبأ العظيم في هذه الآية مولانا علي (ع) فإن النبي قال إنه المراد بقوله تعالى ـ (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) وإنه قال أنا مدينة العلم وعلي بابها وإنه قال أقضاكم علي فجمع له العلوم في القضاء وإنه كان يقول سلوني قبل أن تفقدوني فإنني أعلم بطرق السماوات مني بطرق الأرض وقد اختلفوا فيه فيكون هو النبأ العظيم على هذا الذي يخبر بالأسرار ويشتمل عمومه على الأنباء والأخبار.

فصل فيما نذكره من تفسير محمد بن السائب الكلبي وعندنا منه من الجزء الحادي عشر إلى آخر التاسع عشر في مجلد فنذكر هاهنا من الجزء الحادي عشر من الوجهة الثانية من القائمة الثالثة منه تماما لما تقدم من كون قريش أنفذت عمرو بن العاص ليحتال في أخذ جعفر بن أبي طالب ومن هاجر معه إلى الحبشة وحملوا للنجاشي ملك الحبشة هدايا على ذلك وسعوا بجعفر بن أبي طالب وأصحابه وقالوا قد فارقونا وفارقوا ديننا وإنهم على غير دينك فجمع بينهم النجاشي فقام جعفر قياما جليلا في مناظرة ملك الحبشة حتى كشف آثار الله تعالى في النبي (ص) وبكى النجاشي فقال الكلبي ما هذا

٢٠٩

لفظه فنظرت الحبشية إلى النجاشي وهو يبكي ثم قال النجاشي اللهم إني ولي اليوم لأولياء إبراهيم صدقوا المسيح (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) يعني اتبعوا دينه ـ (وَهذَا النَّبِيُ) يعني محمدا (ص) والذين معه ـ (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) بالنصر والحجة قوموا يا معشر القسيسين والرهبان فلا تؤذوهم اليوم ولا تكلموهم بعد مجلسي هذا فمن كلمه منكم فعليه عشرة دنانير وأقر النجاشي بالإسلام وبعث إلى النبي بإقراره بالإسلام وارتحل من القسيسين والرهبان اثنان وثلاثون رجلا حتى قدموا على رسول الله فوافوه فكان عنده ثمانية رهط من رهبان أهل الشام وكانوا أربعون رجلا ثم ذكر الكلبي إسلامهم واعترافهم بمحمد.

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني عشر من تفسير الكلبي من الوجهة الثانية من القائمة السابعة من أول كراس منه بمعناه ذاكرا لفظه ـ إن أبي بن خلف تبع رسول الله (ص) لما رجع من أحد وقال لا نجوت إن نجوت فقال القوم يا رسول الله ألا يعطف عليه رجل منا فقال دعوه حتى إذا دنا منه تناول رسول الله الحربة من الحرث بن الصمة ثم استقبله ثم انتقض بها انتقاضة تطايريا واستقبله فطعنه في عنقه فخدشه خدشة غير كبيرة وفر بفرسه فرارا واحتضن الدم في عنقه وقد كان قبل ذلك يلقى رسول الله بمكة ويقول إن عندي لعودا أعلفه كل يوم أقتلك عليه فقال رسول الله بل أنا أقتلك إن شاء الله فلما خدشه رسول الله يوم أحد في عنقه رجع إلى قريش فجعل يقول قتلني محمد (ص) بمشقص لما قال رسول الله أنا أقتلك إن شاء الله فقالت له قريش حين رجع إليهم وبه الطعنة في رقبته وهو يقول قتلني محمد فقالوا ما بك من بأس قال بلى والله لقد قال لي أنا أقتلك والله لو بصق علي بعد تلك المقالة لقتلني فمات قبل أن يصل إلى مكة بالطريق هذا لفظ الكلبي إلا شاذا من تكراره.

فيما نذكره من الجزء الثالث عشر من تفسير الكلبي من الوجهة الأولة من القائمة الثانية منه بلفظه ـ حدثنا يوسف بن بلال عن محمد عن

٢١٠

الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) قال لما أنزل الله (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) قالت الملائكة هلك أهل الأرض فلما نزل (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) أيقنت الملائكة بالهلاك معهم ثم قال (وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ) يعني جزاء أعمالكم في الدنيا ـ (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ) بعمله الصالح ـ (فَقَدْ فازَ) يعني نجا من النار وسعد في الجنة.

فصل فيما نذكره من الجزء الرابع عشر من تفسير الكلبي أوله من الوجهة الأولة من القائمة الثالثة منه ونختصر لفظه من تفسير قوله تعالى ـ (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) قال لما جعل مطعم بن عدي بن نوفل لغلامه وحشي إن هو قتل حمزة أن يعتقه فلما قتله وقدموا أمله فلم يعتقه فبعث وحشي جماعة إلى النبي (ص) أنه ما يمنعنا من دينك إلا أننا سمعناك تقرأ في كتابك أن من يدعو مع الله إلها آخر ويقتل النفس ويزني (يَلْقَ أَثاماً) ويخلد في العذاب ونحن قد فعلنا هذا كله فبعث إليهم بقوله تعالى ـ (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) فقالوا نخاف لا نعمل صالحا فبعث إليهم (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) فقالوا نخاف ألا ندخل في المشية فبعث إليهم (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) فجاءوا وأسلموا فقال النبي لوحشي قاتل حمزة غيب وجهك عني فإنني لا أستطيع النظر إليك فحلق فمات في الخمر هكذا ذكر الكلبي

فيما نذكره من الجزء الخامس عشر ـ من تفسير الكلبي من الوجهة الأولة من القائمة الثانية منه بلفظه محمد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ) يقول في طاعة الله ـ (يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) يقول في التحويل من الأرض إلى الأرض والسعة في الأرض قال فلما نزلت هذه الآية سمعها رجل من بني ليث هو شيخ كبير يقال له جندع بن ضمرة فقال والله ما أنا ممن استثنى الله وإني لأجد حيلة والله لا أبيت الليلة بمكة فخرجوا يحملونه على سرير حتى أتوا به التنعيم

٢١١

فأدركه الموت بها فصفق بيمينه عن شماله ثم قال اللهم هذه لك وهذه لرسولك أبايعك على ما بايعك عليه رسولك فمات حميدا فنزل (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) بالمدينة (ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ) بالتنعيم (فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) يعني أجر الجهاد وأجر المهاجرة على الله الجنة ـ (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) لما كان في الشرك.

فصل فيما نذكره من الجزء السادس عشر من تفسير الكلبي من الوجهة الأولة من القائمة الثانية عشرة منه ونختصره لطول لفظه من تفسير قوله تعالى ـ (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) قال هي دمشق وفلسطين وبعض الأردن وكان الله قد سماها لإبراهيم ولولده فساروا مع موسى فلما كان بجبال أريحا من الأردن بلغهم خبر قوم الجبارين فخافهم قوم موسى فبعث اثني عشر جاسوسا من اثني عشر سبطا فمضوا فأقاموا أربعين يوما وعادوا فقال عشرة منهم إن الرجل الواحد منهم يدخل منا مائة رجل في كمه وقال يوشع بن نون وكالب بن يوحنا وكانا من جملة الاثني عشر ما الأمر كما قالوا وقد أخافنا الجبارون وقالوا متى دخلنا عليهم خرجوا من الجانب الآخر فقال قوم موسى كيف نصدق اثنين ونترك قول عشرة أقول أنا فمالوا إلى الكثرة في الصور ولو فكروا أن الاثنين معهما موسى وهارون بل معهما الله تعالى وملائكته وخاصته وأن جانب الاثنين أكثر وأقوى ظفرا فقال قوم موسى (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا) فقال يوشع وكالب ادخلوا عليهم من الباب ـ (فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ) فلم يلتفت قوم موسى إلى ذلك فغضب موسى وقال (إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) فابتلاهم الله بالتيه في الأرض (أَرْبَعِينَ سَنَةً) فمات هارون فقالوا بنو إسرائيل لموسى أنت قتلته فأنزل الله سريرا وعليه هارون ميت حتى صدقوه ومات بعد ذلك موسى في أوقات التيه وفتح الأرض المقدسة يوشع بن نون وبلغ بالصدق ما لم يبلغ إليه قوم موسى من فتحها والتمكن منها

٢١٢

فصل فيما نذكره من الجزء السابع عشر من تفسير الكلبي ونذكر حديثا أوله من آخر الجزء السادس عشر وتمامه من الجزء السابع عشر في تفسير قوله تعالى (قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) وضع ابن صوريا يده على ركبة رسول الله وقال هذا مكان العائذ بك أعيذك بالله أن تذكر لنا الكثير الذي أمرت أن تعفو عنه فأعرض عنه رسول الله عن ذلك فقال ابن صوريا أخبرني عن خصال ثلاث أسألك عنهن فقال رسول الله ما هن فقال أخبرني كيف نومك فقال رسول الله (ص) تنام عيني وقلبي يقضان فقال له صدقت فأخبرني عن شبه الولد بأمه ليس فيه من أبيه شيء أو شبهه أباه ليس فيه من أمه شيء فقال أيهما أعلى ماؤه ماء صاحبه كان له الشبه قال صدقت أمرك أمر نبي قال فأخبرني ما للرجل من الولد وللمرأة منه قال فأغمي على رسول الله طويلا ثم جلي عنه محمرا وجهه يفيض عرقا ثم قال رسول الله اللحم والدم والظفر والشعر للمرأة والعظم والعصب والعروق للرجل قال صدقت أمرك أمر نبي فأسلم ابن صوريا قال يا محمد من يأتيك بما تقول قال جبرئيل قال صفه لي فوصف له النبي قال فإني أشهد أنه في التوراة كما قلت فإنك رسول الله حقا صدقا وأسلم ابن صوريا ووقعت به اليهود فشتموه.

فصل فيما نذكره من الجزء الثامن عشر من تفسير الكلبي من الوجهة الثانية من القائمة الثامنة منه بلفظه قال وحدثني محمد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) فكيف يا عبد الله بن سلام هذه المعرفة فقال عبد الله بن سلام يا عمر لقد عرفته فيكم حين رأيته بنعته وصفته كما أعرف ابني إذا رأيته مع الصبيان يلعب ولأنا أشد معرفة بمحمد مني بابني فقال عمر وكيف ذلك يا ابن سلام قال لأنني أشهد أنه حق من الله.

فصل فيما نذكره من الجزء التاسع عشر من تفسير الكلبي من الوجهة

٢١٣

الأولة من القائمة الرابعة عشرة قال فحدثني محمد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال جاء مالك بن عوف أبو الأحوص الجشمي إلى رسول الله فقال يا محمد بلغنا أنك تحرم أشياء مما كان آباؤنا عليها يفعلونها ويستحلونها قال وكان رجلا له رأي فقال له رسول الله أرأيت البحيرة والسائبة والوصيلة والحام متى حرمتموها قال وجدنا عليها آباءنا فاستعنا بهم وبدينهم فقال رسول الله إن الله خلق (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) يقول أصنافا ـ (مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ) يقول ذكرا وأنثى ـ (وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) ذكرا وأنثى يعني بالذكر زوج وبالأنثى ـ (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) من أين جاء هذا التحريم ـ (أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) فإنها لا تشتمل إلا على ذكر أو أنثى من أين جاء هذا التحريم ـ (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) إن الله حرم ما تقولون فسكت ابن عوف فلم يتكلم وتحير وعرفوا ما يريد بهم فلو أنهم قالوا من قبل الأنثيين جاء التحريم حرم عليهم كل أنثى ولو قالوا من قبل الذكرين حرم عليهم كل ذكر وعرفوا أن الأرحام لا تشتمل إلا على ذكر أو أنثى نبئوني إن كنتم صادقين فقال له رسول الله ما لك يا مالك لا تتكلم فقال مالك بل تكلم أنت فأسمع فقال رسول الله (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ) ذكرا وأنثى ـ (وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) من أين جاء هذا التحريم من قبل الذكرين أم من قبل الأنثيين ـ (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ) شهودا حضورا ـ (إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا) يقول أمركم بهذا قال فلما خصمه رسول الله قال مالك بن عوف يا رسول الله إن معي أمم من قومي فآتهم فأخبرهم عنك قال فأتى قومه فقالوا له كيف رأيت محمدا (ص) قال رأيت رجلا معلما.

فصل فيما نذكره من مجلد آخر من تفسير الكلبي أوله سورة محمد (ص) إلى آخر القرآن فيذكر من تفسير سورة نون من أواخر الوجهة التي بدأ الكلبي بها ـ قال حدثنا محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال كان رسول الله لا يزال يسمع الصوت قبل أن يوحى إليه فيذعر منه فيشكو ذلك إلى خديجة فتقول له خديجة أبشر فإنه لن يصنع بك إلا خيرا ـ

٢١٤

قال فبينا رسول الله ذات يوم قد خرج فذهب مع الناس نحو حراء وقد صنعت له خديجة طعاما فأرسلت في طلبه فلم تجده فطلبته في بيت أعمامه وعند أخواله فلم تجده إذ أتاها رسول الله (ص) متغيرا وجهه فظنت خديجة أنه غبار على وجهه فجعلت تمسح الغبار عن وجهه فلم يذهب فإذا هو كسوف فقالت ما لك يا ابن عبد الله قال أريتك الذي أخبرتك إني أسمعه قد والله بذلك اليوم أنا قائم على حراء إذ أتاني آت فقال أبشر يا محمد (ص) فإني جبرئيل وأنت رسول هذه الأمة ثم أخرج قطعة خط فقال لي اقرأه قلت والله ما قرأت كتابا قط وإني لأمي قال فغنني غنة ثم أقلع عني قال اقرأ قلت والله ما قرأت قط ولا أدري شيئا أقرؤه فقال (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) حتى بلغ إلى قوله (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) حتى انتهى إلى هذا يومئذ قال انزل فنزل بي عن الجبل إلى قرار الأرض فأجلسني على درنوك عليه ثوبان أخضران ثم ضرب برجله الأرض فخرجت عين فتوضأ منها وقال لي توضأ فتوضأت ثم قام فصلى وصليت معه ركعتين ثم قال هكذا الصلاة يا محمد (ص) ثم انطلق فقالت له خديجة ألم أخبرك أن ربك لا يصنع بك إلا خيرا ثم انطلقت إلى عداس الراهب وهو غلام شيبة بن ربيعة فقال لها حين رآها ما لك يا سيدة نساء قريش وكانت تسمى بهذا الاسم قالت أنشدك بالله يا عداس هل سمعت فيما سمعت بجبرائيل فقال عداس الراهب ما لك ولجبرئيل تذكرينه بهذا البلد فذكرت له ما أخبرها رسول الله فقال نعم إنه لرسول الله ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل من أسد وهو ابن عمها لحا وقد كان ورقة بن نوفل طلب الدين وخالف دين قومه ودخل في النصرانية قبل أن يبعث رسول الله فسألته عن خبر جبرئيل فقال لها وما ذاك فذكرت له الذي كان من أمر النبي فقال لها والله لئن كانت رجلا جبرئيل استقرتا على الأرض لقد نزل على خير خلق الله أرسلي محمدا (ص) إلي فوجهت إليه فأرسلته فأتاه فقال له ورقة وهل أخبرك جبرئيل بشيء فقال رسول الله لا قال أمرك أن تدعو أحدا فقال ورقة والله لئن بعثت لا ألقاني الله عذرا لنصرتك ـ

٢١٥

فمات قبل أن يدعو رسول الله ولم يدركه وفشا أمر رسول الله فبينما رسول الله (ص) قائما يصلي إذ طلع عليه علي بن أبي طالب (ع) وذلك بعد إسلام خديجة بثلاثة أيام فقال ما هذا يا محمد (ص) فقال (ص) هذا دين الله عزوجل فهل لك فيه فقال إن هذا دين مخالف دين أبي وأنا أنظر فيه فقال له رسول الله انظر واكتم علي فكتم عليه يومه ثم أتاه فآمن به وصدقه وفشا الخبر بمكة أن محمدا (ص) قد جن فنزل (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) إلى خمس آيات وهي الثانية مما نزل فلم يزل رسول الله يصلي ركعتين حتى كان قبل خروجه من مكة إلى المدينة بسنة ثم فرضت عليه الصلاة أربعا فصلى في السفر ركعتين وصلاة المقيم أربعاً.

فصل فيما نذكره من الجزء الأول من مختصر تفسير الثعلبي من الوجهة الأولة من القائمة الثانية من سابع كراس في تفسير قوله تعالى ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) فقال ما هذا لفظه إن رسول الله لما أراد الهجرة خلف عليا (ع) بمكة لقضاء ديونه التي كانت عليه وأمره ليلة خروجه إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار أن ينام على فراش رسول الله وقال له اتشح ببردي الحضرمي فنم على فراشي فإنه لا يأتي إليك منهم مكروه إن شاء الله تعالى ففعل ذلك فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل أني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر فأيكما يؤثر صاحبه الحياة فاختارا كلاهما الحياة فأوحى الله عزوجل إليهما أفلا كنتم مثل علي بن أبي طالب (ع) آخيت بينه وبين محمد (ص) فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه فنزلا وكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه وجبرئيل ينادي بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب باهى الله عزوجل بك الملائكة فأنزل الله تعالى على رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) الآية.

أقول قوله في الحديث فإنه لا يصل إليك منهم مكروه زيادة وليست

٢١٦

منه ولو كان قد قال له ذلك كيف كان يقول في الحديث من الله تعالى إنه آثر النبي بحياته وكيف كان الآية تتضمن أنه باع نفسه في مرضات الله

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من مختصر الثعلبي من الوجهة التي فيها سورة النور في ثاني سطر بعد ذكر السورة بلفظه وروي عن النبي (ص) قال أعمال أمتي تعرض علي في كل جمعة مرتين فيشتد غضب الله على الزناة

فصل فيما نذكره من الجزء الأول من حقائق التفسير لأبي عبد الرحمن السلمي من الوجهة الأولة من القائمة الثامنة من الكراس الثاني في تفسير قوله تعالى ـ (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) قال بعضهم ربط بني إسرائيل بذكر النعم وأسقط عن أمة محمد (ص) ذلك ودعاهم إلى ذكره فقال (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) ليكون نظر الأمم من النعم إلى المنعم ونظر أمة محمد (ص) من المنعم إلى النعمة وقال سهل أراد الله أن يخص أمة محمد (ص) بزيادة على الأمم كما خص نبيهم بزيادة على الأنبياء فقال للخليل ـ (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وقطع ستر محمد (ص) ورؤيته عما سواه فقال (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ).

أقول وهذا الكتاب عندنا منه الآن المجلد الأول فحسب وهو على هذا النحو من التأويل.

فصل فيما نذكره من كتاب زيادات حقائق التفسير لأبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي من الوجهة الأولة من القائمة العاشرة بلفظه ما ننقله منه قوله تعالى (الم ذلِكَ الْكِتابُ) قال جعفر الصادق (ع) (الم) رمز وإشارة بينه وبين حبيبه محمد (ص) أراد لا يطلع عليه سواهما أخرجه بحروف بعده عن درك الاعتبار وظهر السر بينهما لا غير ومن الوجهة الثانية من القائمة المذكورة بلفظه أخبرنا عمر بن شاهين حدثنا موسى بن عبد الله حدثنا بن أبي سعيد حدثني محمد بن حاتم المؤدب حدثنا أحمد بن غسان حدثنا حامد بن يونس عن عبد الله بن سعد قال عرضت الحروف المعجمة على الرحمن وهي تسعة وعشرون حرفا فتواضع الألف من بين الحروف فشكر الله تواضعه

٢١٧

فجعله قائما وجعله مفتاحا لكل اسم من أسمائه

فصل فيما نذكره من مجلد آخر معناه ووقفناه من تفسير الكلبي يشتمل على سبعة أجزاء أولها الثامن عشر إلى آخر الرابع والعشرين وقد تقدم ما اخترناه من الثامن عشر والتاسع عشر فنبدأ هاهنا بما نختاره من الجزء العشرين من التفسير في هذه المجلدة من الوجهة الأولة من القائمة العاشرة بلفظه ـ حدثني عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن جبرئيل قال لرسول الله لو رأيتني وفرعون يدعو بكلمة الإخلاص ـ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وأنا دفنته في الماء والطين لشدة غضبي عليه مخافة أن يتوب فيتوب الله عليه قال له رسول الله وما كان شدة غضبك عليه يا جبرائيل قال لقوله (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) وهي الكلمة الآخرة منه وإنما قال حين انتهى إلى البحر وكلمة (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) فكان بين الأولى والآخرة أربعين سنة وإنما قال ذلك لقومه (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) حين انتهى إلى البحر فرآه قد يبس فيه الطريق فقال لقومه ترون البحر قد يبس من فرقي فصدقوه لما رأوا ذلك فذلك قوله (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى)

فصل فيما نذكره من الجزء الحادي والعشرين من تفسير محمد بن السائب الكلبي من سورة الرعد أوله من الوجهة الثانية من القائمة الثالثة من تفسير النبوة في قوله (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ) الآية بلفظه ـ محمد عن أبي صالح عن ابن عباس قال أقبل عامر بن الطفيل وزيد بن قيس وهما عامريان ابنا عم يريدان رسول الله وهو في المسجد جالس في نفر من أصحابه قال فدخلا المسجد فاستبشر الناس لجمال عامر بن الطفيل وكان من أجمل الناس أعور فجعل يسأل أين محمد (ص) فيخبرونه فيقصد نحو رجل من أصحاب رسول الله فقال هذا عامر بن الطفيل يا رسول الله فأقبل حتى قام عليه فقال أين محمد (ص) فقالوا هو ذا قال أنت محمد (ص) قال نعم فقال ما لي إن أسلمت قال لك ما للمسلمين وعليك ما على المسلمين قال تجعل لي الأمر بعدك قال ليس ذلك لك ولا لقومك ولكن ذاك إلى الله يجعله حيث يشاء قال فتجعلني على الوبر يعني الإبل وأنت على

٢١٨

المدر قال لا قال فما ذا تجعل لي قال أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها إذ ليس ذلك لي اليوم قم معي فأكلمك قال فقام معه رسول الله (ص) وأوصى لزيد بن قيس أن اضربه قال فدار زيد بن قيس خلف النبي (ص) فذهب ليخترط السيف فاخترط منه شبرا أو ذراعا فحبسه الله تعالى فلم يقدر على سله فجعل يومئ عامر إليه فلا يستطيع سله فقال رسول الله اللهم هذا عامر بن الطفيل أوعر الدين عن عامر ثلاثا ثم التفت ورأى زيدا وما يصنع بسيفه فقال اللهم اكفنيهما ثم رجع وبدر بهما الناس فوليا هاربين قال وأرسل الله على زيد بن قيس صاعقة فأحرقته ورأى عامر بن الطفيل بيت سلولية فنزل عليها فطعن في خنصره فجعل يقول يا عامر غدة كغدة البعير وتموت في بيت سلولية وكان يعتبر بعضهم بعضا بنزوله على سلول ذكرا كان أو أنثى قال فدعا عامر بفرسه فركبه ثم أجراه حتى مات على ظهره خارجا من منزلها فذلك قول الله عزوجل (فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ) في آيات الله ـ (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) يقول العقاب فقتل عامر بن الطفيل بالطعنة وقتل زيد بالصاعقة.

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني والعشرين من تفسير الكلبي من الوجهة الثانية من القائمة الثانية منه من تأويل (جَنَّاتِ عَدْنٍ) بلفظه ـ حدثنا محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال هي دار الرحمن خلقها وهي بطنان الجنة وبطنانها وسطها وهي الدرجة العليا والجنان حولها جنة الرحمن وفيها عين التسنيم وأهلها الصديقون والشهداء والصالحون ـ (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ) ومن كان صالحا من آباء المسلمين (وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) دخلها ـ (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) قال ابن عباس لهم خيمة من ذر مجوفة طولها فرسخ وعرضها فرسخ لها أربعة آلاف باب مصراع من ذهب يدخلون عليهم من كل باب ملائكة يقولون (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) على أمر الله ـ (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) الجنة بأعمالكم التي عملتم في الدنيا.

فصل فيما نذكره من الجزء الثالث والعشرين من تفسير محمد بن السائب

٢١٩

الكلبي من حديث أصنام كانت في الحجر لما فتح رسول الله مكة وهو من سادس سطر من قائمة منه بلفظه وذاك أن رسول الله لما فتح مكة وجد في الحجر أصناما مصفوفة حوله ثلاثمائة وستين صنما صنم كل قوم بحيالهم ومعه مخصرة بيده فجعل يأتي الصنم فيطعن في عينيه أو في بطنه ثم يقول (جاءَ الْحَقُ) يقول ظهر الإسلام ـ (وَزَهَقَ الْباطِلُ) يقول وهلك الشرك وأهله والشيطان وأهله ـ (إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) يقول هالكا فجعل الصنم ينكب لوجهه إذا قال رسول الله ذلك فجعل أهل مكة يتعجبون ويقولون فيما بينهم ما رأينا رجلا أسحر من محمد (ص).

فصل فيما نذكره من الجزء الرابع والعشرين ـ من تفسير الكلبي من السطر الثامن من قائمة منه محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال إن قريشا أجمعوا منهم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل السهمي وأبو جهل بن هاشم وأمية وأبي ابنا خلف والأسود بن المطلب وسائر قريش من الجبابرة فبعثوا منهم خمسة رهط منهم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحرث بن علقمة إلى المدينة يسألون اليهود عن رسول الله (ص) وعن أمره وصفته ومبعثه وأنه قد خرج بين أظهرنا وأصدقوهم نعته وقولوا لهم إنه يزعم أنه نبي مرسل واسمه محمد (ص) وأنه يتيم فقير وبين كتفيه خاتم النبوة فلما قدموا المدينة أتوا أحبارهم وعلماءهم فوجدوهم قد اجتمعوا في عيد لهم فسألوهم عنه ووصفوا مخرجه ونعته ومبعثه وأنه يزعم أنه رسول الله وخاتم النبوة بين كتفيه ونحن نزعم مسيلمة الكذاب يعلمه فما تقولون فقالوا إن كان كما وصفتموه فهو نبي مرسل وأمره حق فاتبعوه ثم ذكر الكلبي ما معناه فأعلموهم من رسول الله عن ذي القرنين وعن أصحاب الكهف وعن الروح وقالوا إن كان نبيا فهو يخبركم عن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين ولا يخبركم عن الروح ثم ذكروا أنهم سألوا رسول الله فأخبرهم بأصحاب الكهف وذي القرنين وأمسك عن جوابهم في الروح ف (ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً) وكفروا باليهودية وبالإسلام أقول فإن مرض الحسد

٢٢٠