سعد السّعود

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

سعد السّعود

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات دار الذخائر للمطبوعان
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣١٣

وحمايتهم منهم شاملة وإلا أي معنى يكون لتأويل الجبائي (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) إلا أنك تبلغ منهم هلاكهم إلا القليل في الدنيا والآخرة.

أقول وأما قول الجبائي إن الشيطان ضعيف عاجز وإنه لا يرى.

أقول كيف يكون عاجزا وهو عدو يرى بني آدم من حيث لا يرونه ومن المعلوم أن العدو إذا كان يرى عدوه من حيث لا يراه ظفر به وأهلكه سريعا وكيف صار من هذه صفته عند الجبائي عاجزا وكيف فهم من قول إبليس لرب العالمين ـ (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) إن هذا القول من إبليس تهديد عاجز ضعيف أعاذ الله كل مسلم من تأويلات رأي الجبائي السخيف وهل هو في العقول أن عدو العبد سلطان قاهر يقول مواجهة ومجاهرة لسلطانه إنني أغوي عبيدك أجمعين ولا يسلم منهم إلا القليل ولا يعتذر العاجز ولا يظهر خوفا ولا ذلا إن هذه صفة عبد عاجز بل الجبائي العاجز الذي هو من جملة مضاحك إبليس ومن لعب به الذي حكيناه وأما قول الجبائي إنه خلقه يعني الشيطان خلقا ضعيفا فيقال له إن كان ضعيفا إبليس عند الجبائي لأجل أن خلقه رقيق خفي فالملائكة الذين يقلبون في البلاد ويصيح بعضهم صيحة تورثها الخلائق وأمد بهم الأنبياء في الحروب ينبغي أن يكون ضعفاء عاجزين عند الجبائي على هذا وكذلك ينبغي أن يقول عن الجن الذين كانوا من أقوى جند سليمان بن داود يكونوا ضعفاء عاجزين لأجل رقتهم وخفائهم وكذلك العقول التي تتقوى بها الخلائق على دفع أخطار الدنيا رقيقة خفية لا يراها الناس كما ذكر الجبائي وكذلك الأرواح التي تقوم بها قوة أهل الحياة رقيقة خفية لا يراها الناس والأهواء التي تخرب وتقطع وتصل أيضا رقيقة خفية

فصل فيما نذكره من الجزء الحادي عشر أيضا من تفسير الجبائي قبل أخوه اثنتي عشرة قائمة في تفسير قوله تعالى (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) فقال الجبائي ما هذا لفظه ويقال إن هذا الإنسان هو الخضر وليس ذلك بصحيح لأن الخضر يقال إنه أحد

١٦١

أنبياء بني إسرائيل الذين بعثوا بعد موسى وهذا أقبح من قول من قال إن صاحب موسى كان الخضر وأما ما لا يشك فيه فإنه كان نبيا من أنبياء الله ورسولا من رسله لأن الأنبياء لا يجوز أن يتعلموا العلم إلا من ملك من ملائكة الله أو رسولا من رسله لأن من لم يكن من الملائكة والرسل يجب عليهم اتباع الرسل والتعلم منهم ولا يجوز أن يحتاج الأنبياء إلى أن يتعلموا ممن يجب أن يتعلم منهم فهذا بين أنه كان من رسل الله وأنبيائه ويدل على ذلك أيضا أن هذا العلم لا بد لمن يعلمه بوحي الله عز ذكره إذا كان لم يخبر به نبي من أنبيائه والله تبارك وتعالى لا يوحي إلا إلى أنبيائه ورسله فجميع ما ذكرناه يوجب أن يكون هذا العبد الذي ذكره الله نبيا لله ورسولا له هذا آخر كلام الجبائي بلفظه.

يقول علي بن موسى بن طاوس أما قول الجبائي إن الذي اجتمع به موسى ما هو الخضر فإنه في إنكاره كالمخالف للإجماع الذي تعتبر به وإن خالف أحد فشاذ لا يلتفت إليه وربما وهى الجبائي في ذلك من قلة معرفته بهذه الأمور وأما قول الجبائي إن الخضر بعد موسى فلو ذكرنا قول كل من قال بخلاف الجبائي بلغ إلى الأطناب ولكن نحكي حديث الزمخشري في تفسيره المسمى بالكشاف فهو عالم بعلوم كثيرة لا يخفى فضله عند ذوي الإنصاف فإن الزمخشري حكى في تفسير سورة الكهف أن بني إسرائيل سألوا موسى أي الناس أعلم فقال أنا فعتب الله حين لم يرد العلم إلى الله فأوحى الله إليه بل أعلم منك عبد لي عند مجمع البحرين وهو الخضر وكان الخضر في أيام أفريدون قبل موسى وكان على مقدمة ذي القرنين الأكبر وبقي إلى أيام موسى وذكر الزمخشري وجها آخر في سبب طلب موسى الخضر أن موسى قال لله تعالى إن كان في عبادك من هو أعلم مني فدلني عليه قال أعلم منك الخضر قال أين أطلبه قال على الساحل عند الصخرة أقول وأما قول الجبائي إن الأنبياء لا يجوز أن يتعلموا من غير نبي وإطلاق هذا القول فهو جهل منه وخلاف العقل أتراه يعتقد أن كل شيء كان يعرف ـ

١٦٢

كل صنعة يحتاج إلى استعمال شيء منها كالكتابة وغيرها أتراه يعتقد أن النبي كان يحسن الكتابة أم هو موافق للقرآن في أنه ما كان يحسنها ويحتاج إلى الصحابة في المعرفة بها وليسوا أنبياء على اليقين أما سمع الجبائي أن وصي سليمان كان عنده من العلم بإحضار عرش بلقيس ما لم يكن عند سليمان لمفهوم قول الله تعالى ـ (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ). أقول وأما قول الجبائي إن الوحي لا يكون إلا للأنبياء فهو جهل منه أيضا وتكذيب للقرآن ومكابرة للعيان أما سمع الجبائي في كلام الله تعالى ـ (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا) وليسوا أنبياء أما كان للجبائي من العقل ما يدل على أنه إذا جحد الوحي إلى غير الأنبياء أن يجوز أن يكون الله تعالى ألهم الخضر ذلك إلهاما من غير وحي حتى وقع الجبائي في هذا التعبير لقد كان مستورا لو لا اشتغاله في هذا التفسير

فصل فيما نذكره أيضا من الجزء الحادي عشر من تفسير الجبائي بعد أربعة قوائم من الموضع الذي ذكرناه قبل هذا فقال الجبائي ما هذا لفظه وقوم من جهال العوام يذهبون إلى أن الخضر هو حي إلى اليوم في الأرض وأنه ليلقى الناس ويلقونه وهذا جهل ظاهر لأن هذا يوجب أن يكون بعد نبينا محمد (ص) نبي تلقاه أمته ويأخذون عنه أمر دينهم ولو كان ذلك كذلك لم يكن محمد (ص) خاتم النبيين وآخرهم ولجاز أن يكون في زمنه نبيا كما كان بعده في أمته نبي هو الخضر وهذا يوجب تكذيب القرآن مع أن الخضر إنما كان رجلا من بني آدم فلو كان كذلك لوجب أن نعرفه كما تعرف الناس بعضهم بعضا بالملاقاة والمشاهدة فإذا كان لا يعرف ولا يعرف له مكان فهذا دليل على بطلان ما يدعونه من حياته وملاقاته بل يعلم أنه قد مات قبل نبينا محمد وإنما نبينا بعث بعد الأنبياء ولم يكن معه في الأرض نبي ولا بعده لأنه آخر الأنبياء.

يقول علي بن موسى بن طاوس إنما تكذيب الجبائي بحياة الخضر والأخبار متواترة من الفرق كلها بحياته وملاقاته ولا أدري كيف استحسن

١٦٣

نفسه هذه المكابرة والجحود أما احتجاجه بأنه كان يلزم منه أن يكون بعد نبينا نبي موجود فكان هذا مقدار عقله فيكون قد تعثر بأذيال جهله وإن كان عاند الحق وعدل عن الصدق ف يوم القيامة موعده ويحه إنما كان نبينا (ص) خاتم الأنبياء وآخر الأنبياء أي أنه لن يبعث ولم يبعث من بعده وأما جواز بقاء نبي قد بعث قبله ويحيى والمسلمون الذي يعول عليهم معترفون أن إدريس باق إلى الآن وقد رووا من طرقهم أن إلياس باق وأنه يجتمع هو والخضر وإدريس كل سنة في موضع عرفات وأن عيسى باق إلى الآن وأنه ينزل من السماء إلى الدنيا ويكون في أمة نبينا محمد (ص) وما أعرف من يعتبر به من المسلمين خلافا في هذا فكيف خفي مثل ذلك على الجبائي هذا على دعواه الباطلة أن الخضر (ع) نبي وإذا كان غير نبي فقد سقط قول الجبائي بالكلية.

أقول وأما قول الجبائي لو كان الخضر موجودا لكان الناس يلقونه ويعرفونه فهذا قد تقدم منه خلافه وأنه كان موجودا في الدنيا وما عرف الناس حديثه إلا لما عرفه الله تعالى لموسى به فهل دل عدم العلم به قبل تعريف موسى له أنه كان موجودا ومن كان العقل قاضيا أنه يلزم معرفة كلما لج ومعتزل عن الخلائق ومنفرد في أطراف المشارق والمغارب وما كنت أعتقد أن الجبائي يبلغ إلى هذا الجهل ونقصان هذا العقل.

أقول وأما قول الجبائي فإذا كان لا يعرف ولا يعرف له مكان فهذا دليل على بطلان ما يدعونه من حياته وملاقاته فيقال له هب أنك ما تعرفه ولا تعرف مكانه فمن أين علمت وحكمت على أهل الشرق والغرب والبعيد والقريب أن أحدا منهم لا يعرفه ولا يعرف مكانه وأنت تعلم أن في بلدك بل لعله في جيرانك من لا تعرفه ولا تعرف أين مكانه فهل لزم من هذا عدم ذلك الذي لا تعرفه لقد ضل من جعلك دليلا له.

أقول وأما قول الجبائي بل يعلم أنه قد مات قبل نبينا محمد (ص) يعني لأنه آخر الأنبياء وقد قدمنا فنقول إن أصحاب التواريخ وعلماء

١٦٤

الإسلام قد نقلوا دون موت للخضر فعرفنا من ذكر موت الخضر ومن حضر وفاته ومن كفنه ومن صلى عليه ومن دفنه فقد اعترفت بوجود الخضر وزعمت أن وجوده يقتضي معرفة الناس به ولقاءهم له وما وجدنا لوفاته وتوابع الوفاة خبرا ولا حضرا وأنه لا مانع أن يبقى بعد نبينا نبي بعث قبله كما بقي عيسى وإدريس ونقول زيادة على ما قدمناه هل جوز الجبائي أن يكون الخضر قد سقط حكم مدعاه من نبوته بأن شريعة نبينا محمد (ص) ناسخة كل شريعة قبلها وبقي الخضر داخلا في شريعتنا كما كان هارون وغيره من الأنبياء داخلين في شريعة من كانوا داخلين في شريعته أما سمع الجبائي يشرب من ماء الحياة وتواتر الخبر بها فكيف حكم بفساده وإحالته ولكن تعصبه على بني هاشم وعلى المهدي (ع) ويكفي للمهدي (ع) مثالا بقاء إدريس وعيسى (ع) والمعمرين وأن الله قادر لذلك وأن المهدي من جملة معجزات محمد (ص) وآبائه.

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني عشر من المجلدة السادسة من تفسير الجبائي من الوجهة الأولة من القائمة الثامنة من الكراس الرابع منه بلفظه وأما قول الله تعالى ـ (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) فإنما عنى به أن أمر أهل دينك وأهل بيتك بالصلاة التي تعبدكم الله بها واصطبر على أدائها والقيام بها.

يقول علي بن موسى بن طاوس ألا تعجب من رجل مسلم يصنف كتابا يعرف أنه يقف عليه من يطلع إليه على مرور الأوقات يعمه مثل هذه التعصبات والمحالات بالله تعالى هل ترى في الآية وأمر أهل دينك في ظاهرها أو معناها أو حولها أوما يجد هذا تعصبا قبيحا لا يليق بذوي الألباب المصدقين بيوم الحساب أتراه لو اقتصر على أنه يأمر أهله (ع) بالصلاة أسوة بسائر من بعث إليه ما الذي كان ينخرم وينفذ على الجبائي حتى يبلغ به الحال إلى أن يزيد في القرآن ما لا يدل اللفظ ولا المعنى عليه فهل كانت يد محمد وحقه عليه دون عثمان بن عفان

١٦٥

فيما نذكره من الجزء الثالث عشر وهو أول المجلد السابع من تفسير الجبائي من الكراس السادس بعد ست قوائم منها من تفسير قول الله تعالى ـ (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) فقال الجبائي ما هذا لفظه وهذه الآية هي أيضا دلالة على صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي (ع) لأن الله قد وعد المؤمنين أن يستخلفهم في الأرض وأن يملكهم إياها ويمكنهم منها حتى يصيروا خلفا فيها ولم يستخلف فيها بعد رسول الله من هؤلاء الذين كانوا مؤمنين في زمن نزول هذه الآية إلا هؤلاء الأئمة الأربعة فصح أن الله تعالى هو الذي استخلفهم في الأرض وبأمره صاروا خلفاء وإلا لما كان الله تعالى مستخلفا لهم كما قال ولكان هذا يوجب أن يكون لم يوجد مخبر هذا الوعد وهذا الخبر على ما أخبر به وهذا لا يجوز على إخباره فصح أن خلافة هؤلاء الأربعة كانت بأمر رسول الله وأن الله تعالى كان استخلفهم ومكنهم في الأرض الجواب وبالله التوفيق يقال للجبائي ما تقول للإمامية إن قالت لك إذا كان هذه الآية الخلافة عندك وعند الفرق المخالفة فنحن نحاكمكم إلى عقولكم عند إنصافها ونقول هذه الآية تدل على بطلان خلافة الذين تقدموا على مولانا علي بن أبي طالب (ع) وبيان ذلك أن الله تعالى قال فيها شرط أن يكون فيها لمن يستخلفه من هذه الأمة كما كان استخلافه لمن مضى قبلها بلفظه (كَمَا) التي هي حقيقة للتشبيه وقد وقفنا نحن وأنتم على أخبار من تقدمنا من بني إسرائيل وغيرهم الذين يحتمل التشبيه بهم فلم نجدهم يحملون الأنبياء ولا الأوصياء ولا خلفاء الأنبياء باختيار من يختارهم من الأمة وما وجدنا أحدا منهم تركوا نبيهم على فراش الموت وتوصلوا قبل الاشتغال بغسله والصلاة عليه ودفنه بغير مشاورة لأهله ولا حضورهم وبايعوا بعضهم بعضا ولا وجدناهم عينوا في ولايتهم

١٦٦

ستة كما جرى في الشورى وما عرفنا أن مثل هذا على صفة جرى لمن تقدم وما وجدناهم عاملين إلا على اختيار الله تعالى ونصه على من يقوم بخلافتهم ونيابتهم بنبوتهم أو على غير ما جرت على حال أئمتكم من ولايتهم ووجدنا بني إسرائيل لما قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله وعين هم على طالوت فحين جوزها أن يكون تملكه عليهم باختيار غير الله أنكروا ذلك ولم يقبلوا ملكه وهو دون الخلافة العامة حتى أوضح ذلك بنزول التابوت تحمله الملائكة وهذا الذي نعتقد في الخلافة والإمامة أنها من الله ورسوله على السواء من غير زيادة ولا نقصان فأنصفونا من أنفسكم فهذه شهادة صريحة لنا بما تعتقد على ما فسرتموه أن الخلافة مفهومة من هذا القرآن العظيم الشأن ونحن نحاجكم بقولكم في الدنيا والآخرة ويوم الحساب فاتقوا الله ودعوا العصبية واحكموا بالإنصاف ومقتضى الألباب فقد وضح لكم وجه الحق والصواب ويقول أيضا علي بن موسى بن طاوس انظر رحمك الله إلى العصبية واتباع الأهواء الدنيوية إلى أين تبلغ بصاحبها وإلى أية غاية من الضلال تنتهي براكبها وهذا الجبائي قد ملأ كتبه وغيره من أمثاله أن بيعة هؤلاء الأربعة كانت باختيار من اختارهم من الأمة وأن النبي مات وما نص على أحد ثم ادعى هاهنا بغير حياء ولا مراقبة لمناقضته وعمي قلبه وعقله بعد وفاته أن هؤلاء الأربعة كان استخلافهم من الله ومن رسوله ثم انظر بعين الإنصاف إلى ما قدمه في أول الجزء الأول من تعظيم القول إنه كيف يجوز أن يدعي أحد على رسول الله (ص) أنه مات وما عرف الناس تأويل القرآن وأظهره وشهره لهم وكيف تدعي الرافضة أن أئمتهم يعرفون منه ما لا يعرف الناس وبلغ بهم ما حكاه عنهم إلى حد الزندقة والكفر هو الآن قد أقر على نفسه ما أنكره ولزمه أن يكون شاهدا بالزندقة لأنه لو كان معنى هذه الآية استخلاف هؤلاء لكان النبي قد عرف الخلفاء الأربعة ذلك وما أحوجهم إلى اختيار بعضهم لبعض ولا تعين على ستة في الشورى وإلا كان قد شمتت بالإسلام اليهود أو النصارى

١٦٧

أو غيرهم من الملحدين على دعوى الجبائي وأمثاله أن أكمل المرسلين مات ولم يعين على من يقوم مقامه في المسلمين مع علمه أنه يموت وأنهم مفترقون إلى ثلاث وسبعين.

أقول فإن كان الجبائي يزعم أن الله أراد استخلاف الأربعة وكتمه عن رسول الله فهو خروج عن الإسلام وإن كان يدعي أن رسول الله عرف ذلك وستره عن صحابته حتى أوقعهم في خطر مخالفته وتقبيح ذكر رسالته فهو طعن من الجبائي في النبوة والصحابة وإن كان يزعم أن الصحابة عرفوا من هذه الآية استخلاف الأربعة وما عملوا بها واطرحوا الاعتماد عليها ورجعوا إلى الاختيار فهو طعن في الصحابة والقرابة وإن كان الجبائي يزعم أنهم ما عرفوا تأويل هذه الآية وعرفها الجبائي وأصحابه فهي شهادة في معرفة تأويل القرآن دعوى لنفسه أنه أعرف منهم بتأويله وذلك شاهد بضلاله وتضليله فإننا قد وقفنا على ما جرت حالهم عليه في يوم السقيفة وعند اختلافهم وعند وفاتهم وما وجدناهم احتجوا بهذا لأنفسهم ولا احتج لهم بها ذو بصيرة ويقال للجبائي ولأي حال ضللت معاوية بن أبي سفيان وقد كان عند أصحاب مقالتك مؤمنا لما أنزلت هذه الآية وكان كاتبا للوحي وهو أقرب إليها ممن لم يكن كاتبا للوحي لأنها تضمنت منكم ومن يكون من كتاب الوحي أقرب إليها وهلا تشبث بها معاوية بن أبي سفيان فقد كان محتاجا إلى التمويه بما دون هذا القرآن أو هلا تشبث بها لمعاوية ومن كان معه من الصحابة أوقات محاربته وجعلوها عذرا لهم في صحبته ومساعدته أو هلا احتجوا بها لما خلفوا الأمر له وقد صار الناس مجتهدين على مسالمته أو طاعته أو معونته أو هلا احتج بها له ولده أو بنو أمية بعده لتأسيس خلافتهم به وقد تمكن في الأرض أكثر مما تمكن منه الخلفاء الأربعة وفتح بعدهم ما لم يفتحوا وهلا احتج طلحة والزبير لما تشوقوا إلى الخلافة وقالوا إن هذه شاملة لكل من كان مؤمنا أيام نزولها ويقال للجبائي وهلا كانت هذه حجة في خلافة مروان بن الحكم وقد كان

١٦٨

من الصحابة ومذكور في رجال النبي (ص) وقد ولي الخلافة وهلا كان احتج بها مروان لنفسه واحتج بها غيره له كما زعمت أنها متعلق بمن كان مؤمنا أوقات نزولها وقد كان مروان عندك مؤمنا ويقال للجبائي وكيف عدلت عن دخول خلفاء بني هاشم في عموم هذه الآية حيث تأولها على الخلافة وقد فتحوا بلادا لم تبلغ إليها الخلفاء الأربعة ولا بنو أمية ولا غيرهم وتمكنوا في الدنيا تمكن بيت واحد ونسب واحد مستمرا ما لم يبلغ الخلفاء قبلهم وقد كانوا كما تضمنت الآية خائفين من سادات الجبائي أو هلا تأولها على خلافة المهدي وخاصته والقرآن كما قلناه خاطب الحاضر والمستقبل بلفظ كاف الخطاب فإن المهدي وخاصته بلغوا من الخوف وطول المدة ما لم يبلغه أحد ويتمكن هو وجماعته ما لم يبلغ أحد من هذه الأمة أبدا وقد عرف كل عالم من علماء الإسلام كل منصف أن الخطاب من الله تعالى في حياة النبي (ص) هو خطاب لأمته بعد وفاته فيما يتعلق عمومه بتكاليفهم المستمرة وإلا كان قول جل جلاله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) في القرآن كله لمن كان حاضرا في وقت نزولها ولم يكن خطابا لمن أتى بعدهم من الأمم وهل يخفى على عالم أن قوله تعالى ـ (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ) أن هذا كاف الخطاب لمن كان موجودا ولمن يأتي من المكلفين بها إلى يوم القيامة وكذلك (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) عام للحاضرين ومن يأتي من المكلفين بها ولم يلزم من لفظ آناء الخطاب ولا كاف الخطاب أن هذا لمن حضر منهم وكيف خص الجبائي آية الاستخلاف بمن حضر دون من أتى من الخلفاء لو لا أن العصبية بلغت به إلى هذا العمى والظلماء ويقال للجبائي ومن أعجب تأويلك لهذه الآية إدخالك لسيدك عثمان بن عفان فيها وقد تضمنت (مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) فهذا من صفة هؤلاء الذين قد تضمنت الآية أنه يستخلفهم وقد عرف كل مطلع على أحوال الإسلام أن عثمان بن عفان بالعكس من هذه الآية لأنه أبدل من بعد أمنه خوفا وحصر في داره وأخيف خوفا ما بلغني أحد من جلسته وقتل مجاهرة باتفاق من حضر من

١٦٩

الآفاق من زهاد المسلمين وباتفاق من أعان عليه من حضر المدينة والتابعين وخذلان الباقين وقال يوسف بن عبد البر النمري في باب علي بن أبي طالب (ع) من كتاب الإستيعاب إنه بويع لعلي (ع) يوم قتل عثمان ثم ذكر في باب عثمان بن عفان في رواية عن عبد الملك بن الماجشون عن مالك قال لما قتل عثمان ألقي على المزبلة ثلاثة أيام وذكر في روايته عن هشام بن عروة أنهم منعوا عن الصلاة عليه وهذه أحوال مخرجة لعثمان بن عفان من الآية على كل تأويل ومن عجيب ما تضمنته رواية أصحاب الإستيعاب أن يكون عليا (ع) يبايع يوم قتل عثمان وبقي عثمان بعد اجتماع الناس على علي (ع) لا يدفن عثمان ولا يأمر علي (ع) بدفنه ولا يصلي عليه ولا يولي أحدا من الصحابة دفنه قبل الثلاثة أيام ولا يصلون عليه شهادة صريحة أنهم كانوا مجتمعين على أن عثمان لا يستحق الدفن ولا الصلاة عليه ويقال للجبائي لو كانت الصحابة قد فهموا أن المراد بهذه الآية الاستخلاف لكانوا عقيب وفاة النبي قد تعلقوا جميعهم بها أو قالوا إن هذا وعد لنا بالخلافة لأننا قد آمنا وعملنا صالحا لأن هذا الوعد بالخلافة على قول الجبائي كان مشروطا بإيمانهم وعملهم الصالح ويقال للجبائي إن الآية تضمنت الوعد لمن كان خائفا من المؤمنين الصالحين وقت نزولها على قوله والإيمان وصلاح نيات الأعمال من عمل القلوب فمن عرف بواطن الناس حتى اقتصر على أربعة منهم له وكيف يدعي أن الأربعة كانوا خائفين وقت نزولها وعند تمكنهم كما تضمنوا ظاهرها والتواريخ والاعتبار شاهدة أن القوم كانوا آمنين بالمدينة لما نفذوا العساكر إلى ملوك الكفار ولذلك بدروا الكفار وقصدوهم في ممالكهم وما هذه صفة خائف منهم بل صفة طامع في أخذ من ملكهم وهل بلغ تأويل الجبائي إلى أن يدعي الأربعة خلفاء ما كانوا واثقين بقول النبي (ص) ووعده بفتوح بلاد الكفر وملك كسرى وقيصر ولأن الأربعة ما باشروا حربا للكفار ولا خرجوا من المدينة لذلك بعد وفاة النبي ويقال للجبائي في أواخر هذه الآية ـ (وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ

١٧٠

الْفاسِقُونَ) وما كانت حال الأربعة عندك محتملة لهذا الخطاب ويقال للجبائي بعد قصور معرفتك بالعربية وتفسير القرآن حملك على هذه التأويلات وإلا فمن أين عرف أن هذه الآية دالة على الخلافة دون أن يكونوا خلف من تقدم عليهم من الأمم كما قال تعالى لبني إسرائيل كافة ـ (وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ) فينظر كيف تعملون وما كانوا جميعهم خلفاء ولعل ما يسمى أحد منهم بخليفة فيما عرفناه من التواريخ وقال تعالى (وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) فهل يدعي ذو بصيرة أن هذه تقتضي خلافة فظاهرها كما ادعاه الجبائي وقال تعالى (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) فهل هذه خلافة كما ادعاه ويقال للجبائي قد سمى الله تعالى الكفار خلفاء تصريحا وما لزم من ذلك خلافة أبدا فقال جل جلاله في قصة مخاطبة هود لقومه ـ (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً) فهل يقبل مذهب الجبائي في العدل أن الله جعل الكفار خلفاء وهل يفهم من هذا كله إلا أنهم كانوا خلفهم أي بعدهم من ظاهر لفظ الاستخلاف لو لا العمى وقلة الإنصاف ويقال للجبائي لعل صرف ظاهر هذه الآية إلى الذين باشروا حروب ... من المؤمنين الصالحين من الصحابة أو كانوا مناجين لبلادهم وخائفين منهم أقرب إلى دخولهم تحت ظاهرها لأن الخوف كان متعلقا بهم ولأنهم أول من استخلفوا بمعنى كانوا خلف الكفار في ديارهم وآمنوا من أخطارهم.

فصل ووجدت في كتاب التبيان تفسير جدي أبو جعفر الطوسي في تفسير هذه الأشياء شيئا كنا ذكرناه نحن وشيئا ما ذكرناه ونحن نذكر الآن لفظ كلامه ثم نزيده معاضدة بالحق الذي نصرناه فنقول ما هذا لفظه واستدل الجبائي ومن تابعه على إمامة الخلفاء الأربعة بهذه الآية بأن قال الاستخلاف المذكور في الآية لم يكن إلا لهؤلاء لأن التمكن المذكور في الآية إنما حصل في أيام أبي بكر وعمر لأن الفتوح كانت في أيامهم كأبي بكر فتح بلاد العرب وطرفا من بلاد العجم وعمر فتح مدائن كسرى

١٧١

وإلى حد خراسان وإلى سجستان وغيرها وإذا كان التمكين والاستخلاف هاهنا ليس هو إلا لهؤلاء الأربعة وأصحابهم علمنا أنهم محقون والجواب على ذلك من وجوه أحدها أن الاستخلاف هاهنا ليس هو الإمارة والخلافة بل المعنى هو إبقاؤهم في أثر من مضى من القرون وجعلهم عوضا منهم وخلفاء كما قال (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) وقال (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ) وقال (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ) وكقوله (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) أي جعل كل واحد منهما خلف صاحبه وإذا ثبت ذلك فالاستخلاف والتمكن الذي ذكره الله في الآية كانا في أيام النبي حين قمع الله أعداءه وعلى كلمته ويسر ولايته وأظهر دعوته وأكمل دينه ونعوذ بالله أن نقول لم يمكن الله دينه لنبيه في حياته حتى تلافى ذلك متلاف بعده قلت أنا ومما يؤكد ما ذكره قول الله تعالى ـ (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ) فذكر تعالى أمان المؤمنين والصحابة والحاضرين وزوال خوفهم وحصول ما وعدهم به ثم قال جدي الطوسي في تمام كلامه ما هذا لفظه وليس كل التمكين كثرة الفتوح والغلبة على البلدان لأن ذلك يوجب أن دين الله لم يتمكن بعد إلى يومنا هذا لعلمنا ببقاء ممالك الكفر كثيرة لم يفتحها بعد المسلمون ويلزم على ذلك إمامة معاوية وبني أمية لأنهم تمكنوا أكثر من تمكن أبي بكر وعمر وفتحوا بلادا لم يفتحوها ولو سلمنا أن المراد بالاستخلاف الإمامة للزم أن يكون منصوصا عليهم وليس ذلك بمذهب أكثر مخالفينا وإن استدلوا بذلك على صحة إمامتهم احتاجوا أن يدلوا على ثبوت إمامتهم بغير الآية وأنهم خلفاء الرسول حتى يتناولهم الآية فإن قالوا إجماع المفسرين على ذلك فإن مجاهد قال هم أمة محمد (ص) وعن ابن عباس وغيره قريب من ذلك وقال أهل البيت (ع) إن المراد بذلك المهدي لأنه يظهر بعد الخوف ويتمكن بعد أن كان مغلوبا وليس في ذلك إجماع المفسرين وقد استوفينا

١٧٢

ما يتعلق بالآية في كتاب الإمامة فلا نطول ذكره هاهنا وقد تكلمنا على نظير هذه الآية وإن ذلك ليس بطعن على واحد منهم وإنما المراد الممانعة من أن يكون فيها دلالة على الإمامة وكيف يكون ذلك ولو صح ما قالوا ما احتيج إلى الاختيار وكان منصوصا عليه وليس ذلك مذهبا لأكثر العلماء فصح ما قلنا بعد آخر لفظة في تفسير الآية نقلناه من خطه كما وجدناه. أقول أيضا وقد قلنا في كتابنا هذا كتاب سعد السعود إن سيد الجبائي عثمان ما هو داخل في هذه الآية لأنه أبدل من بعد أمنه خوفا ونقول أيضا وكيف يكون على قولهم مولانا علي بن أبي طالب (ع) داخلا فيها كما زعم الجبائي لأن إمامته كانت أقرب إلى الخوف بعد الأمن وكيف يكون عمر داخلا فيها وكان عاقبة أمره الخوف والقتل وكيف تكون هذه الآية دالة على ما ذكره الجبائي وقد اتصلت الفتن والمخاوف من بعد عمر وعثمان ومولانا علي (ع) وفي أيام بعضهم وكانت مستمرة مدة من معاية ويزيد وبعدهما في ابتداء دولة مروان وولده عبد الملك وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الأشعث والأزارقة والخوارج ودولة مروان بن محمد وفي انقضاء ملكهم في ابتداء دولة بني العباس إلى أن مات المنصور ثم ما خلصت دولة للبقاء من جبن وخوف وقتل وحرب إلا أن يكون شاذا وكان انقضاء دولة بني العباس على الخوف بعد الأمن وما لم يجر مثله في الإسلام وهل لهذه الآية تأويل في تحصيل الأمان التام بعد الخوف الشديد في البلاد والعباد إلا في دولة المهدي كما ذكره الطوسي عن أهل البيت التي تأتي بأمان مستمر إلى يوم القيامة لا يتعقبه المخافات وينتظم أمر النبوة والرسالة إلى آخر الدنيا بإقرار الآيات والمعجزات.

أقول واعلم أن كل آية يتعلق بها أحد في خلافة المتقدمين على مولانا علي (ع) فقد دخل الجواب عنها في جملة ما قد ذكرناه في تفصيل الجوابات عن الدعوى بهذه الآية وحررناه ومن يكن له نظر صحيح لا يخفى عنه تحقيقه ومعناه

١٧٣

فيما نذكره من الجزء الرابع عشر من تفسير الجبائي وهو الثاني من المجلد السابع من الكراس الخامس منه من الوجهة الأولة من رابع قائمة منها في تفسير قول الله تعالى ـ (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) بلفظ الجبائي وعنى بقوله ـ (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) وهو يعني سليمان لأنه كان عنده علم من الكتاب الذي أنزله الله عليه وعرفه معناه ـ (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) وأراد أن يتبين للعفريت أنه أقدر على أن يأتي بها منه وأنه يتهيأ له سرعة الإتيان ما لا يتهيأ للعفريت لأنه كان إذا سأل الله تعالى ذلك أتته به الملائكة على ما يريد في أسرع من المدة التي أخبر العفريت أنه يأتي به فيها ثم سأل الله تعالى أن يأتيه بذلك على نحو ما قال فأتى الله بعرشها إليه على ما قال.

يقول علي بن موسى بن طاوس كيف خفي على الجبائي أن الذي أتى سليمان بعرش بلقيس غير سليمان وأن مذهب عبد الله بن عباس ومجاهد أن الذي أتى بالعرش رجل من الإنس كان عنده علم من الكتاب وهو اسم الله الأعظم.

أقول الجبائي عاند ابن عباس وبلغت به العصبية إلى مخالفته في هذا المقدار والمشهور بين المفسرين أن الذي أتى بالعرش غير سليمان فقوم قالوا إنه الخضر وقال مجاهد اسمه اسطوع وقال قتادة اسمه مليخا فهذا تأويل الصدر الأول الذين هم أقرب علما بنزول القرآن يذكرون أنه غير سليمان وسياق لفظ الآية يقتضي عند ذوي البصيرة والعقل أن القائل (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) غير سليمان لأن الذي ادعاه الجبائي غلط ظاهر وكيف يقول سليمان للعفريت أنا آتيك به وهل كان إتيان عرش بلقيس للعفريت أو هل طلب ذلك العفريت أو ادعاه لنفسه حتى يقول له سليمان أنا آتيك به وإنما لو كانت الآية تضمنت أنا آتي به ولم يقل آتيك به كان عسى أن يحتمل أن يكون القائل سليمان ولا أدري كيف اشتبه هذا على الجبائي حتى تعثر فيه ويقال للجبائي أيضا وهل كان يشتبه على العفريت أن سليمان

١٧٤

أقدر منه وأقوى والعفريت يرى نفسه أنه جند من أجناد سليمان ومسخر له حتى يحتاج سليمان أن يريه أنه يقدر على ما لا يقدر عليه العفريت وهل قول سليمان أيكم يأتيني به مقصورا على العفريت وهل المفهوم منه إلا أن سليمان طلب من جنده وأتباعه من يأتيه به فقال العفريت على قدر مقدوره وقال الآخر على أبلغ من مقدور العفريت وهل كان يحصل تعظيم سليمان عند العفريت والجن وغيرهم إلا أن في جنده وأتباعه من غير الجن من يقدر على ما لا يقدر من الإتيان بالعرش قبل أن يرتد إليه طرفه وما يخفى عليهم أن سليمان أقدر منهم ويقال للجبائي ومن أين عرفت أنه إذا سأل سليمان ربه أن يأتيه بالعرش أتته به الملائكة ولكن حال عدل الجبائي عن أن الله تعالى يأتيه به بغير واسطة وأما الذي أحوجه من ظاهر هذه الآية ومفهومها إلى دخول الملائكة وفي هذه الحال ولقد كان القرآن غنيا عن تفسيره وما تأوله به من سوء المقال.

أقول وقال الزمخشري في تفسيره إن الاسم الأعظم الذي دعا به صاحب سليمان يا حي يا قيوم قال وقيل يا إلهنا وإله كل شيء إلها واحدا لا إله إلا أنت قال وقيل يا ذا الجلال والإكرام قال وعن الحسن الله والرحمن.

أقول وقد ذكرنا في كتاب مهج الدعوات ومنهج العبادات طرفا في تعين الاسم الأعظم ما رويناه ورأينا من الروايات.

فيما نذكره من الجزء الخامس عشر من تفسير الجبائي وهو أول من المجلد الثامن من الوجهة الأولة من الكراس الثاني من القائمة السابعة منه في تفسير قول الله تعالى ـ (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) فقال الجبائي بلفظه فإنما عنى به محمد (ص) وأمره أن يتلو أن يقرأ على الناس ما أوحى الله تعالى إليه من القرآن وأمره مع ذلك أن يصلي الصلاة المفترضة في أوقاتها وذلك هو إقامته لها وبين له أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وهذا توسيع لأن النهي هو فعل الناهي والصلاة لا فعل لها ولما

١٧٥

كان للمصلي شغل في صلاته عن الفحشاء والمنكر على سبيل من القول والفعل وكان فيها عظة للمصلي وزجر عن ذلك جعل ذلك نهيا للصلاة عن الفحشاء والمنكر على سبيل في اللفظ وعنى بقوله (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) أن ذكر الله تعالى على سبيل الدعاء والعبادة في الصلاة وغيرها أكبر من الصلاة وسائر العبادة.

يقول علي بن موسى بن طاوس من أين عرف الجبائي أن الذي عناه الله تعالى بقوله جل جلاله (أَقِمِ الصَّلاةَ) أن مراده به أوقاتها دون سائر لوازم الصلاة ومفروضاتها ومن أين عرف أن اشتغال المصلي بالصلاة هو نهي عن الفحشاء والمنكر وأي فضل يكون للصلاة بذلك وكل فعل شاغل سواء كان نفيسا أو خسيسا يشغل عن غيره بما يشغل عنه ومن أين عرف في ألفاظ الصلاة عظة للمصلي وهلا جوز هذا التعسف والتكليف وذكر أن الصلاة بكمال شروطها وإقبال فاعلها على الله تعالى بحدودها وحقوقها تقتضي لطفا ناهيا عن الفحشاء والمنكر وإقبالا من الله تعالى للعبد ناهيا وكافيا وقد روينا في الجزء الأول من كتاب المهمات والتتمات صفة الصلاة الناهية عن الفحشاء والمنكر ويقال للجبائي من أين عرف أن ذكر الله تعالى بالدعاء والعبادة أكبر من الصلاة والصلاة إنما هي دعاء وعبادة وقرآن وزيادة خضوع وخشوع وركوع وسجود وإنها عمود الدين وأول ما فرض الله على المسلمين وهي التي لا تسقط مع كمال العقل وحصول شروطها عند المكلفين وهلا جوز الجبائي أن يكون معنى قوله (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) لعل المراد به ولذكر الله بالقلوب والسرائر وتعظيم قدره أن يقدم أحد من عباده عند ذكره بتهوين ذكره بمخالفته في البواطن والظواهر أكبر من كل صلاة يكون القلب فيها ساهيا أو غافلا أو لاهيا فإن تصور الله تعالى بالذكر في القلوب أصل في كمال الواجب والمندوب.

فصل فيما نذكره من الجزء السادس عشر وهو الثاني من المجلد الثامن من تفسير الجبائي من الوجهة الثانية من القائمة السادسة من الكراس الثالث

١٧٦

عشر في تفسير قول الله تعالى ـ (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) فقال في باب تفسيرها بلفظه وذكر الليل والنهار بالسبق توسعا لأن الليل والنهار عرضان لا حركة لهما وذلك أن الليل هو سير الشمس من وقت مغيبها إلى طلوع الفجر والنهار وهو مسير الشمس من وقت طلوع الفجر إلى غيبوبة الشمس ومسير الشمس وهو حركاتها وذلك عرض ولكن أراد بهذا السبق الذي ذكره لها جري الشمس وبين أنها لا تكون في بعض أوقاتها أسرع سيرا منه في بعض آخر وأنها لا تجري إلا على مقدار واحد.

يقول علي بن موسى بن طاوس كيف توهم الجبائي أن السبق بين الليل والنهار مفهوم سابقة كل واحد منهما لصاحبه بنفسه فتأوله بأنه على سبيل المجاز وهلا قال الجبائي إن الحال في السبق بينهما حقيقة بأن النهار متقدم على الليل في ابتداء العالم كما ذكره العلماء بالتفسير والتأويل أو قال إن المعلوم من العرف أن النهار أصل والليل زوال ذلك الأصل لأن النهار نور باهر فإذا تغطى النور حدث الليل فالليل حادث على النهار وتابع له وليس لليل حكم يصدر عنه النهار ويتعقبه عنه وكان النهار سابقا على كل حال وقول الجبائي إن الليل والنهار عرضان لا حركة لهما كأنه غلط منه أيضا وقد اعترف أن سير الشمس حركاتها وذلك عرض ولعله أراد أنهما عرضان لا فعل لهما ولا حركة لهما

فصل فيما نذكره من الجزء السابع عشر من تفسير الجبائي وهو أول المجلد التاسع من الكراس الرابع منه من أواخر الوجهة الثانية من القائمة الأولى وبعضه من أول الوجهة الأولة من القائمة الثانية من الكراس المذكور من تفسير قول الله تعالى ـ (حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) بلفظه فإنما عنى به هؤلاء الكفار الذين يحشرون إلى النار ويوزعون إليها فسر أنهم إذا ما جاءوها صاروا بحضرتها حوسبوا هناك وسئلوا عن أعمالهم التي عملوها في الدنيا وشهد عليهم سمعهم

١٧٧

وأبصارهم وجلودهم بعد شهادة من يشهد عليهم من الملائكة والنبيين وسائر شهداء المؤمنين وقد يجوز في تأويل تفسير هذه للشهادة معنيان أحدهما أنه يبنى الأبعاض التي تشهد على الإنسان بنية من يقدر أن يفعل ويعلم أفعاله ويريدها فتشهد تلك الشهادة على سبيل إلجاء الله عزوجل لعباده في الآخرة إلى الأفعال فإذا كان على هذا كانت هذه الجوارح شاهدة على الإنسان على الحقيقة وكانت شهادتها فعلها ثم ذكر الوجه الآخر بما معناه أن يكون الشهادة مجازا واختيار الوجه الأول أصح واعتمد عليه.

يقول علي بن موسى بن طاوس ما أدري ما الذي قصد الجبائي بقوله يوزعون إليها ويوزعون لعل معناه يخوفون ويؤخذون بالشدة كما قيل لا بد للسلطان من وزعة من أعوان يخاف منهم رعيته وما كان وما فهم معنى العربية من قول الله تعالى (يُوزَعُونَ) ويقال للجبائي عن وجهه الأول الذي تأوله واختاره ما الذي أحوجك أن تقول الله يبني أبعاض الإنسان بنية من يقدر ويفعل ويعلم أفعاله ويريدها وما الذي يمنع أن يكون الأعضاء على ما هي عليه من الصورة وتنطق بالشهادة على صاحبها بما فعلته من الذنوب أيام الحياة الدنيا فإن هذا لا ينكره ويحيله من القادر لذاته تعالى إلا جاهل به ويقال للجبائي كيف جمعت بين هذا القول وبين قول إن الله يلجئها إلى الشهادة ثم تكون الشهادة منها على الحقيقة وهل هذا إلا غفلة منه وهل تكون الإرادة التي ذكر أنهم يكونون عليها لمن يكون ملجأ مضطرا إنما تكون الإرادة لفاعل مختار ويقال للجبائي كيف وقعت فيما تعيبه على المجبرة وتوافق على أن الله تعالى إن ألجأها إلى الشهادة كانت شهادتها كذلك فعلها وهل يقبل عقل عاقل ومعرفة فاضل أن من ألجأها إلى الشهادة يكون ذلك فعل الجوارح وهل تصير الشهادة إلا من الله دونها لقد استطرفنا غفلة أوقعتك في تفسير القرآن ورحمها من هو عد كتابك من أهل الإسلام والألباب ويحسنون الظن في تقليدك.

أقول واعلم أن من وقف على تفسير الجبائي عرف أنه كان قائلا بقول

١٧٨

المجبرة في موقف القيامة ولو عرف شيوخ الأشعرية ذلك منه كان قدما قضوا بين فإنه إذا قال إن الناس يكونون في الآخرة ملجئين إلى الأفعال ومع هذا فإنها أفعالهم حقيقة وإن كان الله فهم فهلا وافق المجبرة في الدنيا واعترف لهم بأن الأفعال من الله تعالى ويكون منهم حقيقة وغسل ما صنفه من الكتب في الرد عليهم فصار ممن ينتمي إليهم واعترف بغلطه في حال العباد يوم المعاد وأقر أنهم مختارون وإن كانت العلوم الضرورية لا يستحيل معها أن يقع من صاحبها مخالفة لها فإن الجبائي يعلم أن المجبرة يعلمون أن أفعالهم منهم ضرورة ومن هذا كابروا الضرورة وادعوا أنها ليست منهم ويعرفون هو وغيره أن خلقا ادعوا أنه ليس في الوجود علم بديهي ولا ضروري والعقلاء يعلمون أنهم كابروا أو هذا القول بالبديهة والضرورة فكذا لا يستحيل أن يقع من الخلائق في موقف القيامة وفي النار أفعال المختارين القادرين وإن كانوا قد صاروا ذوي علوم ضرورية فكلما عرفوه ضرورة ويقال للجبائي إن معنى قولك هاهنا بشهادة النبيين والملائكة والمؤمنين على الناس وقد تقدم قولك إن العباد يكونون يوم القيامة ملجئين غير مختارين وهل للعقل مجال أن يوصف أحكم الحاكمين أنه تعالى يلجئ المشهود عليهم إلى ما يريد ويلجئ الشهود إلى الشهادة بما يريد وهل يقبل العقل والنقل المشهود عليهم مختارون والمشهود عليهم قادرون وحيث كان جحود المشهود عليهم باختيارهم واحتاجوا إلى شهود عليهم مختارين في الشهادة دافعين لإنكارهم

فصل فيما نذكره من الجزء الثامن عشر من تفسير الجبائي وهو الثاني من المجلد التاسع من الوجهة الأولة من القائمة العاشرة من الكراس السادس منه بلفظه وأما قول الله سبحانه وتعالى ـ (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) فإنما عنى به أمره للنبي والمؤمنين بأن يدعوا الله عزوجل على الكفار على الكذابين على الله القائلين فيه تبارك وتعالى وفي

١٧٩

أنبيائه وفي دينه خلاف الحق بأن يقتلهم الله وأن يدرءوا وأن يهلكهم بأيدي المؤمنين أو بعذاب من عنده.

يقول علي بن موسى بن طاوس ما نجد لهذا التأويل مطابقة للآية أو مناسبة لها وهل فيها أمر للنبي (ص) وللمؤمنين بالدعاء أو هل ترى للخراصين من الصفات التي ذكرها الجبائي صفة واحدة في الآية على التعين وهل تضمنت غير التهديد من الله تعالى للخراصين الكذابين بلفظ الدعاء عليهم منه تعالى ثم يذكر الجبائي مع هذا التباعد بين التأويل وبين الآية أن الله عنى ما أراده أما خاف أن يكون هذا كذبا على الله وتخرصا عليه ويصل هذا الوعيد والتهديد من الله إليه.

فصل فيما نذكره من الجزء التاسع عشر من تفسير الجبائي وهو أول المجلد العاشر من الوجهة الأولة من القائمة الخامسة من الكراس السابع بمعناه لأجل طول لفظه في تكرارها من تفسير قول الله تعالى ـ (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) فذكر الجبائي أن الزوجين هاهنا عائشة وحفصة وأن السر الذي كان أسره إليهما أنه كان شرب عند زينب زوجته مغافير يعني عسلا وذكر أن قول الله ـ (فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) يبطل مذهب الرافضة في خبر يوم الغدير لأن هؤلاء ما كانوا أئمة فيقال للجبائي قد تعجبنا كيف سهل عليك تذكر أن عائشة وحفصة هما المراد لكنه قد سبقه إلى ذلك عمر بن الخطاب فيما رواه مصنف كتاب الصحيح عندهم والمعتمد عليهم من المفسرين فترك المكابرة في هذا وقد ذكرنا في الطرائف بعض من ذكر أنهما عائشة وحفصة.

أقول وأما قوله إن السر كان شرب العسل والمغافير فما تظهر من ظاهر هذه الآية وصعوبة تهديدها ووعيدها والانتصار بالله وجبرئيل

١٨٠