موافقة لقول الله تعالى (اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) ويكون قولهم صدقا وما كان يحتاج إلى ما ذكره وقوله إنه لا بد أن يلجئ الله فيها إلى ترك ما قبحه وهلا جوز أن يكون تكليفهم جائزا فيما يتعلق بأحوال القيامة وما يلزم منه تكليفهم لجميع تكاليف الدنيا وقد تضمن كثير من الآيات والأخبار وعيد الكفار وتهديدهم على ما يقع منهم يوم القيامة من إنكار وإقرار وأي عقل يقتضي أن الله تعالى يجمع الرسل والحفظة من الملائكة وجميع الشهداء على الأمم ليشهدوا على من ألجأهم إلى ما يريد تعالى من الجحود أو الإقرار ويقهر الشهداء على الشهادة عليهم وكيف ادعى الجبائي أن العقل يجيز هذا على الله تعالى وإنما الذي تقتضيه العقول السليمة أن الكفار المشهود عليهم قادرون ومختارون ومتمكنون من الإنكار والإقرار وأنهم لما أنكروا أحوج للأمر إلى شهادة من شهد عليهم وشهادة جوارحهم بما أنكروه حتى تضمن القرآن الشريف أنهم أنكروا بعد شهادة الشهود والجوارح فقال تعالى (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) فهذا تصريح لا يخفى ومحكم لا يشتبه إن الذين أنكروا على جلودهم مختارين وإن نطق الجوارح عليهم بالشهادة كان إلجاء واضطرارا والفرق بينهما ظاهر.
فصل فيما نذكره من الجزء العاشر من تفسير الجبائي وهو الجزء الثاني من المجلد الخامس من الوجهة الأولى من القائمة الثانية في تفسير قوله تعالى (إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) فقال الجبائي ما هذا لفظه ويجوز أن يكون المراد بقوله (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) أي رأيتهم لي خاضعين فجعل خضوعهم له سجودا لأن الخضوع في اللغة السجود من الخاضع للمخضوع له.
يقول علي بن موسى بن طاوس لعل الجبائي قد غفل عن آخر القصة أو ما كان يحفظ القرآن لأن يوسف لما سجد له أبواه وإخوته قال ـ (هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا) ففسر هذا السجود المعهود