سعد السّعود

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

سعد السّعود

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات دار الذخائر للمطبوعان
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣١٣

ما ذكره الله في كتابه ـ (يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) فأجابهم يعقوب (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) ثم قال لهم يعقوب ما كان أشفق هذا الذئب على القميص وأشده على يوسف إذ أكله ولم يخرق القميص.

فصل فيما نذكره من كتاب تفسير للقرآن عتيق مجلد وعليه مكتوب كتاب تفسير القرآن وتأويله وتنزيله وناسخه ومنسوخه وإحكامه ومتشابهه وزيادات حروفه وفضائله وثوابه وروايات الثقات عن الصادقين من آل رسول الله نذكر من الوجهة الثانية من القائمة من الكراس الرابع منه في تفسير سورة المائدة بلفظه ـ حفص عن عبد السلام الأصفهاني عن أبي جعفر (ع) في قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فقال إن رسول الله (ص) أخذ لعلي (ع) بما أمر أصحابه وعقد له عليهم الخلافة في عشرة مواطن ثم أنزل الله عليه ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) يعني التي عقدت عليهم لعلي أمير المؤمنين (ع).

فصل فيما نذكره من مجلد قالب الثمن عتيق عليه مكتوب فيه قرأ رسول الله (ص) وعلي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد وزيد ابني علي بن الحسين وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر صلوات الله عليهم أجمعين من الوجهة الثانية من القائمة الثالثة من الكراس الثالث بلفظه ـ حدثني أبو العباس قال أخبرنا الحسن بن القسم قال حدثنا علي بن إبراهيم قال حدثني أبي عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله (ع) لن تنالوا البر حتى تنفقوا ما تحبون بميم واحدة.

فصل فيما نذكره من مجلد قالب الثمن عتيق عليه مكتوب الأول من تفسير أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (ص) من الوجهة الأولة من القائمة الثامنة بلفظ ما نذكره منه وأما قوله (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) وذلك أن رجلين من بني إسرائيل وهما أخوان وكان لهما

١٢١

ابن عم أخ أبيهما وكان غنيا مكثرا وكانت لهما ابنة عم حسناء شابة كانت مثلا في بني إسرائيل بحسنها وجمالها خافا أن ينكحها ابن عمها ذلك الغني فعمداه فقتلاه فاحتملاه فألقياه إلى جنب قرية ليستريحوا منه وأصبح القتيل بين ظهرانيهم فلما غم عليهم شأنه ومن قتله قال أصحاب القرية الذين وجد عندهم يا موسى ادع الله أن يطلع على قاتل هذا الرجل ففعل موسى ثم ذكر ما ذكره الله جل جلاله في كتابه وقال ما معناه أنهم شددوا فشدد الله عليهم ولو ذبحوا في الأول أي بقرة كانت كافية فوجدوا البقرة لامرأة فلم تبعها لهم إلا بملء جلدها ذهبا وضربوا المقتول ببعضها فعاش فأخبرهم بقاتله فأخذا فقتلا فأهلكا في الدنيا وهكذا بقتله دنيا وآخرة.

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من تفسير أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (ع) من ثاني عشر سطر منه من وجهة أوله منه بلفظه وأما قوله ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) فهذه الآية في أمر الولاية إلى آل محمد (ص).

فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من تفسير الباقر (ع) من وجهة ثانية من ثاني سطر وأما قوله ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) يقول كونوا مع علي بن أبي طالب وآل محمد قال الله تعالى ـ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) وهو حمزة بن عبد المطلب (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) وهو علي بن أبي طالب يقول الله (وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) وقال الله (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) وهم هنا آل محمد (ص).

فصل فيما نذكره من الجزء الرابع منه من تفسير قوله تعالى ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فبلغنا أن عثمان بن مظعون الجمحي قال نزلت هذه الآية على النبي وأنا عنده وقال مررت عليه وهو بفناء بابه فجلست إليه فبينا هو يحدثني إذ رأيت بصره شاخصا إلى السماء حتى رأيت طرفه

١٢٢

قد انقطع ثم رأسه خفضه حتى وضعه عن يمينه ثم ولاني ركبته وجعل ينفض برأسه كأنه ألهم شيئا فقال له ثم رأيته أيضا رفع طرفه إلى السماء ثم خفضه عن شماله ثم أقبل إلي محمر الوجه يفيض عرقا فقلت يا رسول الله ما رأيتك فعلت الذي فعلت اليوم ما حالك قال ولقد رأيته قلت نعم قال رسول الله (ص) ذلك جبرئيل لم يكن لي همة غيره ثم تلا عليه الآيتين قال عثمان فقمت من عند رسول الله (ص) معجبا بالذي رأيت فأتيت أبا طالب فقرأتهما عليه فعجب أبو طالب فقال يا آل غالب اتبعوه ترشدوا وتفلحوا فو الله ما يدعو إلا إلى مكارم الأخلاق لئن كان صادقا أو كاذبا ما يدعو إلا إلى الخير.

أقول ورأيت في غير هذا التفسير أن هذا العبد الصالح قال كان أول إسلامي حياء من رسول الله (ص) ثم تحقق إسلامي ذلك اليوم لما شاهدت الوحي إليه

فصل فيما نذكره من الجزء الخامس منه من وجهة أوله من ثاني سطر منها بلفظه ـ وكانت عصا موسى هي عصا آدم بلغنا والله أعلم أنه هبط بها من الجنة كانت من عوسج الجنة وكانت لها شعبتان وبلغني أنها في فراش شعيب فدخل موسى (ع) فأخذها فقال له شعيب لقد كنت عندي أمينا أخذت العصا بغير أمري قال له موسى لا إن العصا لو لا أنها لي ما أخذتها فأقر شعيب ورضي وعرف أنه لم يأخذها إلا وهو نبي.

أقول وروي في أخذ موسى للعصا غير هذا الوجه ولم نقصد ذكر كلما نعرفه من اختلاف الروايات

فصل فيما نذكره من كتاب قصص الأنبياء جمع الشيخ السعيد هبة الله بن الحسن الراوندي قصة إدريس أولها من الوجهة الثانية من القائمة الخامسة والعشرين من أول المجلد بلفظه وإصلاح كلمات فيه ـ أخبرنا السيد بن الصمصام ذو الفقار أحمد بن سعيد الحسيني حدثنا الشيخ أبو جعفر الطوسي حدثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله حدثنا أبو جعفر بن بابويه حدثنا أبي حدثنا سعيد بن عبد الله حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى

١٢٣

عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن جده عن أبي جعفر (ع) قال كان نبوة إدريس أنه كان في زمنه ملك جبار وأنه ركب ذات يوم في بعض نزهه فمر بأرض خضرة لعبد مؤمن فأعجبته فسأل وزراءه لمن هذه فقالوا لفلان فدعا به فقال له أتبيعني أرضك هذه فقال عيالي أحوج إليها منك فغضب الملك وانصرف إلى أهله وكانت له امرأة من الأزارقة يشاورها في الأمر إذا نزل به شيء فخرجت إليه فرأت في وجهه الغضب فقالت أيها الملك إنما يغتم ويأسف من لا يقدر على التغيير فإن كنت تكره أن تقتله بغير حجة فأنا أكفيك أمره وأصير أرضه بيدك بحجة لك فيها العذر عند أهل مملكتك فقال ما هي فقالت أبعث أقواما من أصحابي الأزارقة حتى يأتوك به فيشهدون لك عليه عندك أنه قد برئ من دينك فيجوز لك قتله وأخذ أرضه قال فافعلي وكان أهلها يرون قتل المؤمنين فأمرهم بذلك فشهدوا عليه أنه برئ من دين الملك فقتله واستخلص أرضه فغضب الله عليه للمؤمن فأوحى الله إلى إدريس أن ائت عبدي الجبار فقل له أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظالما حتى استخلصت أرضه فأحوجت عياله من بعده وأفجعتهم أما وعزتي لأنتقمن له منك في الآجل ولأسلبنك ملكك في العاجل ولأطعمن الكلاب من لحمك فقد غرك حلمي فأتاه إدريس برسالة ربه وهو في مجلسه وحوله أصحابه فأخبره بذلك فقال الجبار اخرج عني يا إدريس ثم أخبر امرأته بما جاء به إدريس فقالت لا يهولنك رسالة إدريس أنا أرسل إليه من يقتله وأكفيك أمره وكان لإدريس أصحاب مؤمنون يأنسون به ويأنس بهم فأخبرهم بوحي الله ورسالته إلى الجبار فخافوا على إدريس منه ثم بعثت امرأة الجبار أربعين رجلا من الأزارقة ليقتلوا إدريس فأتوه فلم يجدوه في مجلسه فانصرفوا ورآهم أصحاب إدريس فأحسوا أنهم يريدون قتل إدريس (ع) فتفرقوا في طلبه وقالوا له خذ حذرك يا إدريس فتنحى عن القرية من يومه ذلك ومعه نفر من أصحابه فلما كان في السحر ناجى ربه فأوحى الله إليه أن تنح عنه وخلني وإياه قال إدريس أسألك أن لا تمطر السماء على هذه القرية ـ

١٢٤

وإن خربت وجهدوا وجزعوا قال الله تعالى إني أعطيتك ما سألته فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عنهم وقال اخرجوا من هذه القرية إلى غيرها من القرى فتفرقوا وشاع الخبر بما سأل إدريس وتنحى إلى كهف في جبل شاهق ووكل الله تعالى ملكا يأتيه بطعامه وشرابه عند كل مساء كان يصوم النهار وظهر في المدينة جبار آخر فسلبه ملكه أعني الأول وقتله وأطعم الكلاب من لحمه ولحم امرأته فمكثوا بعد إدريس عشرين سنة لم تمطر السماء عليهم قطرة فلما جهدوا مشى بعضهم إلى بعض فقالوا إن الذي نزل بنا مما ترون لسؤال إدريس ربه وقد تنحى عنا ولا علم لنا بموضعه والله أرحم بنا منه فأجمع أمرهم على أن يتوبوا إلى الله تعالى فقاموا إلى الرماد ولبسوا المسوح وحثوا على رءوسهم التراب وعجوا إلى الله تعالى بالتوبة والاستغفار والبكاء والتضرع إليه فأوحى الله إلى الملك الذي يأتي إدريس بطعامه أن احبس عنه طعامه فجاع إدريس ليلة فلما كان في ليلة اليوم الثاني لم يؤت بطعامه قل صبره وكذلك ليلة الثالث فنادى يا رب حبست عني رزقي من قبل أن تقبض روحي فأوحى الله تعالى إليه أن اهبط من موضعك واطلب المعاش لنفسك فهبط إلى قرية فلما دخلها نظر إلى دخان بعض منازلها فأقبل نحوه فهجم على عجوزة كبيرة وهي ترقق قرصين لها على مقلاة فقال بيعي لي هذا الطعام فحلفت أنها ما تملك شيئا غيرهما وقالت واحد لي وواحد لابني فقال لها إن ابنك صغير يكفيه نصف قرصة ويكفيني النصف الآخر فأكلت المرأة قرصها وكسرت القرص الآخر بين إدريس وبين ابنها فلما رأى ابنها إدريس يأكل قرصه اضطرب حتى مات قالت أمه يا عبد الله قتلت ابني جزعا على قوته فقال لها إدريس أنا أحييه بإذن الله تعالى فلا تجزعي ثم أخذ إدريس بعضد الصبي وقال أيتها الروح الخارجة عن هذا الغلام ارجعي إلى بدنه بإذن الله تعالى أنا إدريس النبي فرجعت روح الغلام إليه فقالت أشهد أنك إدريس النبي وخرجت ونادت في القرية بأعلى صوتها أبشروا بالفرج قد

١٢٥

دخل إدريس قريتكم ومضى إدريس حتى جلس موضع مدينة جبار الأول وهي تل فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا مسنا الجوع والجهد في هذه العشرين سنة فادع الله لنا أن يمطرنا قال إدريس لا حتى يأتيني جباركم وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فبلغ الجبار قوله فبعث إليه أربعين رجلا أن يأتوا بإدريس وعنفوا به فدعا عليهم فماتوا وبلغ الجبار الخبر فبعث إليهم بخمسمائة فقالوا يا إدريس إن الملك بعثنا لنذهب بك إليه فقال انظروا إلى مصارع أصحابكم قالوا متنا من الجوع فارحم وادع أن يمطر علينا فقال يأتيني الجبار ثم إنهم سألوا الجبار أن يمضي معهم فأتوه ووقفوا بين يديه خاضعين فقال إدريس الآن فنعم فنسأل الله تعالى أن يمطر عليهم فأظلمتهم سحابة من السماء فأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم.

فصل فيما نذكره من الجزء الأول من كتاب فقه القرآن الشريف تأليف الشيخ السعيد هبة الله بن الحسن الراوندي من الوجهة الأولة من الكراس الثامن من القائمة السادسة بلفظه.

فصل وقال الله تعالى ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها) إن المراد بالمساجد في الآية الأرض ـ لقول النبي (ص) إن الله جعل الأرض مسجد فالأرض كلها مسجد يجوز الصلاة فيه إلا ما كان مغصوبا أو نجسا ـ وروي ذلك عن زيد بن علي عن آبائه (ع) أن المراد به جميع الأرض لقوله (ع) جعلت الأرض مسجدا.

يقول علي بن موسى بن طاوس بحسن تحقيق القول في هذه الحال لئلا يشتبه ذلك على من يقف على ما ذكره من الاعتدال واعلم أن سياق الآية الشريفة يظهر منه خلاف هذه الإشارة الضعيفة لأن الله تعالى قال ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ) فالسعي في خرابها مفهومه مساجد عامرة بلغة المخاطبين وقوله تعالى (أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ) يدل على أن الأرض ما تسمى مساجد وهي التي قاموا فيها قبل أن يدخلوا المساجد

١٢٦

ولأن الشارع كره نقل الحصى والتراب من المسجد فلو كانت الأرض كلها مسجدا سقط هذا الحكم ويقال أيضا بالروايات متظاهرة بتفاوت الصلاة في المسجد والبيت وفي السوق والمستبعد أن تكون كلها مسجدا ونذكر في اللفظ المختلف والتفاوت المختلف ويقال إن الشارع حرم دخول النجاسة إلى المسجد وأين تكون بيوت الطهارات لو كانت الأرض كلها مسجدا ويقال أيضا إن المجنب ممنوع من دخول مساجد المسلمين فلو كانت الأرض كلها مسجدا كيف يكون حال الممنوعين ولم نستوف كلما نعرفه في هذا الباب وإنما لو قال إن الأرض كلها يصح السجود عليها أو الصلاة فيها ما لم يكن مغصوبا أو نجسا نجاسة متعدية كان أحوط وأقرب إلى الصواب

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من فقه القرآن للشيخ السعيد هبة الله الراوندي وهو تمام الكتاب من الوجهة الثانية من أواخر القائمة العاشرة من الكراس الخامس عشر بلفظه.

فصل قوله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أمر الله نبيه أن يقول لهؤلاء الكفار أنه لا يجد فيما أوحي إليه شيئا إلا هذه الثلاثة وقيل إنه خص هذه الأشياء الثلاثة بذكر التحريم مع أن غيرها يحرم فيما يذكره في المائدة كالمنخنقة والموقوذة لأن جميع ذلك يقع عليه اسم الميتة وفي حكمها فبين هناك على التفصيل وهاهنا على الجملة وأجود من ذلك أن يقال حصر الله هذه الثلاثة تعظيما لتحريمها بمفردها وما عداها في موضع آخر وقيل إنه سبحانه خص هذه الأشياء في نص هذا القرآن وما عداها بوحي غير القرآن أو قبل أو ما عداه فيما بعد بالمدينة والسورة مكية هذا لفظه في كتابه.

يقول علي بن موسى بن طاوس اعلم أن قوله تعالى ـ (لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا) ما استثناه ظاهره يقتضي أن تحريم هذه ـ

١٢٧

كان متقدما على تحريم غيرها مما حرم بعد ذلك وهذا كاف في الجواب كما ذكر أنها مكية وغيرها مدنية وأما قوله إن المنخنقة والموقوذة داخلة في الميتة فصحيح وداخلة في قوله تعالى (وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) ولفظ آية المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) وأما قول من قال إنه قصد بذكر الأعلام الثلاثة تعظيم تحريمها فكيف يصح هذا وهو جل جلاله يقول لرسوله ـ (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) ... إلا كذا وكذا وأما قول من قال إنه خص هذه بالقرآن وغيرها بالسنة وإن السنة أيضا بالوحي فكيف يصح تأويله ومن أسرار قوله تعالى في تحريم ما أهل به لغير الله في هذه الآية التي في المائدة أن الذي أهل به لغير الله من الذبائح لمعاصي الله ولمجرد اللذات الشاغلة عن الله وللثناء من الناس وللتجارة بالغنى للمسلمين ولغير ذلك عن كل ما لا يراد به غير رب العالمين كيف يكون حاله هل يلحق بآية التحليل أو التحريم والظاهر يتناول الجميع وهو شديد على من يسمعه وربما أنكره لمجرد الذي بالغ بالورع على كل حال يقتضي ترك ما لا بأس به حذرا مما به البأس ولو كره الناس

فصل فيما نذكره من الكتاب الكشاف في تفسير القرآن للزمخشري والاسم الذي سماه مصنفه أبو القاسم الكشاف عن حقائق التنزيل وعنوان التأويل في وجوه التأويل فيما ننقله من الجزء الأول منه بعضه من أواخر الوجهة الثانية من القائمة العاشرة من الكراس السابع منه في تفسير قوله تعالى ـ (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) الآية بلفظه ـ وعن علي (ع) لو وقعت قطرة في بئر فبنيت مكانها منارة لم أؤذن عليها ولو وقعت في نهر ثم جفت ونبت فيه الكلأ لم أرعه.

يقول علي بن موسى بن طاوس هذا من أبلغ التعظيم في تحريم الخمر وأبلغ الورع في التباعد عن الشبهات والمحرمات فإن قيل كيف أبلغ

١٢٨

الورع إلى الامتناع من الأذان على منارة تبنى على موضع قطرة فيه من الخمر فيقال إن الله تعالى لما قال في أواخر الآية (فَاجْتَنِبُوهُ) اقتضى الاحتياط عموم الاجتناب لاستعمال الخمر في سائر الأسباب وأن يكون منها ذرة وقطرة أساسا أو معونة على صواب وأما بيان الكلإ بما قد جرى فيه قطرة من الخمر وإن كانت قد تفرقت فإنه روي عن النبي (ص) أنه قال إن حمى الله محارمه ومن رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه فينبغي التباعد عن حول الحمى على ما قال وعن مولانا علي (ع) في اجتناب حول الخمر كما لعن رسول الله (ص) غارسها وساقيها وليست في تلك الحال خمرا وإنما هو مبالغة في تعظيم تحريمها ولأن أصحاب المبالغات في التواريخ عن الشبهات يبلغون إلى نيل هذه الغايات حفظا لمقاماتهم العاليات وخوفا من ذل المعاتبات

فصل فيما نذكره من الجزء المذكور من الكشاف أيضا من الوجهة الثانية من القائمة الثامنة من الكراس التاسع عشر منه في تفسير قوله تعالى بلفظه ـ (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) أي الوسطى بين الصلوات أي الفضل من قولهم للأفضل الأوسط وهي صلاة العصر ـ وعن النبي (ص) قال يوم الأحزاب شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم نارا وهي الصلاة التي شغل عنها سليمان بن داود (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) وعن حفصة أنها قالت لمن كتب لها المصحف إذا بلغت هذه الآية فلا تكتبها حتى أمليها عليك كما سمعت رسول الله (ص) يقرؤها فأملت عليه والصلاة الوسطى وصلاة العصر وروي عن عائشة وابن عباس والصلاة الوسطى وصلاة العصر بالواو فعلى هذه القراءة يكون التخصيص لصلاتين إحداهما الصلاة الوسطى إما الظهر وإما الفجر وإما المغرب على اختلاف الروايات فيها والثانية العصر وقيل في فضلها لما في وقتها من اشتغال الناس بتجاراتهم وبمعايشهم وعن أبي عمير صلاة الظهر لأنها في وسط النهار وكان رسول الله (ص) يصليها بالهاجرة ولم تكن صلاة على أصحابه أشد

١٢٩

منها وعن مجاهد هي الفجر لأنها بين صلاتي العصر وصلاتي الليل وعن قبيصة بن ذويب أنها المغرب لأنها وتر النهار ولا ينقص في السفر من ثلاث.

يقول علي بن موسى بن طاوس أما حديث يوم الأحزاب فإن الذي عرفته مما يعتمدون عليه ـ أن النبي (ص) قال شغلونا عن صلاة العصر ولم يذكر الوسطى وأما قوله ملأ الله بيوتهم نارا وأما تأويله في قراءة عائشة وابن عباس إما الظهر وإما الفجر فإن ظاهر اللفظ أنها الظهر لأن العطف الحقيقي إنما يكون على الأقرب منه والأقرب من العصر هو الظهر فكيف عدل عن الظهر إلى الفجر وأما المغرب فقد تعجبت منه وكل هذه الاختلافات إنما أحدثها مفارقة أصحاب هذه الروايات لأهل بيت صاحب النبوة (ص) الذين جعلهم خلفاء منه ـ في قوله (ص) إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض والذي رويناه عن سلفائنا الطاهرين العارفين بتأويل القرآن وأسرار رب العالمين أن الصلاة الوسطى صلاة الظهر وذلك لعدة أمور منها أن صلاة الجمعة المفروضة تكون فيها فكانت أهم من هذه الجهات ومنها أن فيها ساعة يستجاب فيه من أهل الدعوات فكانت لهم لأجل هذه العنايات ومنها أن أبواب السماء تفتح عند زوال الشمس فكانت أهم لهذه الإشارات ومنها أن في الروايات أن صلاة الأوابين هي عند الزوال فكانت أهم لأجل هذه الصفات ومنها أن الوسطى حقيقة لأنها بين صلاتين نهاريتين بين صلاة الفجر وصلاة العصر ومنها أنها وسط النهار وليس في الفرائض ما هو وسط نهار ولا ليل ومنها الرواية عن ابن عباس وعائشة والصلاة الوسطى وصلاة العصر وكذلك روينا عن غير ابن عباس من أهل البيت بالواو المعطوفة في العصر على الأقرب منها وهي صلاة الظهر ومنها أن ابتداء الدنيا كان نهارا وفيه بعث الأنبياء وفيه المعاش للبقاء والاعتبار بالوسطى في فرائضه إلى فهم ذوي الأبصار

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من الكشاف للزمخشري من الوجهة

١٣٠

الأولة من القائمة العاشرة من ثاني كراس منه من حديث زكريا ومريم بلفظه وروي أنه كان لا يدخل عليها إلا هو وحده وكان إذا خرج غلق عليها سبعة أبواب و (وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) كان رزقها ينزل عليها من الجنة ولم ترضع ثديا قط وكان يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء يقول لها (أَنَّى لَكِ هذا) من أين لك هذا الرزق الذي لا يشبه أرزاق الدنيا وهو آت في غير حينه والأبواب مغلقة عليك لا سبيل للداخل به إليك ـ (قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) فلا تستبعد قيل تكلمت وهي صغيرة كما تكلم عيسى (فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) وعن النبي (ص) أنه جاع في زمن قحط فأهدت له فاطمة رغيفين وبضعة لحم آثرته فيها فرجع إليها فقال هلمي يا بنية وكشفت عن الطبق فإذا هو مملوء خبزا ولحما فبهتت وعلم أنها أنزلت من الله فقال لها (ص) (أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) فقال (ع) الحمد لله الذي جعلك شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل ثم جمع رسول الله (ص) علي بن أبي طالب والحسن والحسين (ع) وجميع أهل بيته فأكلوا منه حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو وأوسعت فاطمة على جيرانها.

أقول وهذا الزمخشري من أعيان رجال أهل الخلاف ويميل إلى الإنصاف.

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من الكشاف أيضا للزمخشري من الوجهة الأولة من الكراس الخامس من تاسع قائمة منها وابتداء عدد هذا الكراس من سورة النساء بلفظ الزمخشري (فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) أي ارجعوا فيه إلى الكتاب والسنة وكيف يلزم طاعة أمراء الجور وقد ختم الله الأمر بطاعة أولي الأمر بما لا يبقى معه شك وهو أن أمرهم أولا بأداء الأمانات وبالعدل في الحكم وأمرهم آخرا بالرجوع إلى الكتاب والسنة فيما أشكل وأمراء الجور لا يؤدون أمانة ولا يحكمون بعدل ولا يردون شيئا إلى كتاب ولا سنة إنما يتبعون شهواتهم حيث ذهبت بهم ـ

١٣١

فهم منسلخون عن صفات الدين فكيف يقال لهم أولو الأمر عند الله ورسوله وأحق أسمائهم اللصوص المتغلبة.

يقول علي بن موسى بن طاوس وقد تقدم في الوجهة الثانية من القائمة الثامنة من هذا الكراس ما هذا لفظه والمراد بأولي الأمر منكم أمراء الحق لأن أمراء الجور الله ورسوله بريئان منهم فلا يعطفون على الله ورسوله في وجوب الطاعة.

أقول فإذا كان الأمر عنده كما أشار إليه واعتمدت عليه من أن العطف بأولي الأمر على الله ورسوله يقتضي من تساوي من عطف عليهم فهل يبقى لك مندوحة عما تقوله الإمامية في كمال صفات أولي الأمر كما كانت صفات رسول الله (ص) كاملة في العصمة والأمن من وقوع معصيته باطنة أو ظاهرة وإلا جاز عنده أن يطاع غير المعصوم فيما أطاع الله فيه ويعصى فيما عصى الله فيه جاز لأمراء الجور أن يقولوا له أطيعونا فيما أطعنا الله فيه واعصونا فيما عصينا الله فيه فإذن لا يبقى له مخرج على ما فسر هذه الآية إلا القول والاعتقاد لمذهب الإمامية وهذا واضح لمن أنصف من نفسه وخاف من العظمة الإلهية

فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من الكشاف في تفسير القرآن للزمخشري من الكراس الثاني من ثامن قائمة منه في خذلان قوم موسى له بلفظ الزمخشري فلم يبق معه مطيع موافق يثق به إلا هارون قال رب إني لا أملك لنصرة دينك إلا نفسي وأخي وهذا من البث والحزن والشكوى إلى الله والحسرة ورقة القلب إلى نقلها يستجلب الرحمة ويستنزل النصرة ونحوه قول يعقوب (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) وعن علي يدعو الناس على منبر الكوفة إلى قتال البغاة فما أجابه إلا رجلان فتنفس الصعداء وقال أين تقعان مما أريد.

يقول علي بن موسى بن طاوس ألا تعجب من قوم بعد الآيات الباهرات يخذلونه هذا الخذلان إلى هذه الغايات وأ لا تعجب من أمة سيدنا

١٣٢

محمد (ص) مع مولانا علي يحاربون مع الملوك قبله وبعده ويقتلون أنفسهم بين أيديهم ويخذلونه مع اعتقادهم وإظهارهم لفرض طاعته وأنه صاحب الحق وأن الذين ينازعونه على الباطل هذا أنموذج لعذره في ترك منازعته من تقدم عليه في الخلافة لا أنه إذا كان معاوية المظهر بسيرة الأكاسرة والقياصرة ما وجد أعوانا عليه كيف كان يجد أعوانا على من لم يظهر ما أظهره معاوية ولقد قال قائل كيف تصفون عليا بالشجاعة العظيمة ثم يصفون المتقدمين عليه بالعجز والضعف فقلت أنت غالط علينا وعلى مولانا علي لأننا ما وصفناه أبدا بالعجز ولا بالضعف ولكن قلنا إن له أسوة بالله ورسوله وبالأنبياء فإن الله تعالى يرى دولته الإلهية والأمم المعثرة لأحكامه وشرائعه وهو عليهم في كل وقت فلا يعجل عليهم وينتقم في وقت ويعرض عنهم في وقت فكان نائبه ونائب رسول الله الذي هو مولانا علي معذورا لاتباعه بسيرة من كان تبعه وكذلك كان رسول الله (ص) تارة ممسكا وتارة مصالحا للكفار وتارة محاربا وكذلك الأنبياء فكان لمولانا علي أسوة بهم

فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من الكشاف للزمخشري من تفسير سورة الأنعام من آخر وجه منها ولثامن منه من الوجهة الأولى من الكراس الثاني بلفظ الزمخشري وروي أنهم اجتمعوا على أبي طالب وأرادوا لرسول الله سوءا فقال ـ

والله لن يصلوا إليك بجمعهم

حتى أوسد في التراب دفينا

فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة

وأبشر بذاك وقر منه عيونا

ودعوتني وزعمت أنك ناصح

ولقد صدقت وكنت ثم أمينا

وعرضت دينا لا محالة أنه

من خير أديان البرية دينا

لو لا الملامة أو حذار مسبة

لوجدتني سمحا بذاك مبينا

أقول هذا البيت الأخير ما أعرفه في الإثبات وهي شاهدة صريحة أن أبا طالب كان مؤمنا يكتم إيمانه من قومه على حال مؤمن آل فرعون

١٣٣

ويظهر من غيره فإن كل مصدق بالقرآن كتمان مؤمن آل فرعون لإيمانه وإظهار كلمة الكفر لم يضر إيمانه وأنه صحيح الإيمان فيكون لأبي طالب أسوة به في هذا الشأن وقد أوضحنا ذلك في الطرائف وإنما ذكرنا هذه الحكاية الآن لأنها من طريق المخالف.

فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من ثالث قائمة من الكراس السابع التي أقل عددها من سورة الأعراف من كتاب الكشاف بلفظ الزمخشري (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) أي من قومه فحذف حرف الجر وأوصل الفعل بقوله ـ منا الذي اختير الرجال سماحة قيل اختار من اثني عشر سبطا من كل سبط ستة حتى تنادوا اثنين وسبعين فقال يتخلف منكم رجلان فتشاحوا فقال لهم إن لمن قعد منكم مثل أجر من خرج فقعد كالب ويوشع وروي أنه لم يصب إلا ستين شيخا فأوحى الله إليه أن يختار من الشباب عشرة فاختارهم فأصبحوا شيوخا وقيل كانوا أبناء ما عدا العشرين ولم يتجاوزوا الأربعين قد ذهب الجهل والصبا فأمرهم موسى (ع) أن يصوموا ويتطهروا ويطهروا ثيابهم ثم خرج بهم إلى طور سيناء لميقات ربه وكان أمره ربه أن يأتيه في سبعين من بني إسرائيل فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل كله ودنا موسى (ع) ودخل فيه فقال للقوم ادنوا فدنوا حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجدا فسمعوه وهو ويكلم موسى يأمره وينهاه افعل ولا تفعل فلما انكشف الغمام أقبلوا إليه وطلبوا الرؤية فوعظهم وزجرهم وأنكر عليهم فقالوا (يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً). يقول علي بن موسى بن طاوس كيف يبقى اعتماد على الاختيار في الأمور الكلية وإماتة البرية وهذا اختيار نبي عظيم الشأن ليصلح قومه فظهر منهم خلاف الإيمان وقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة وشهد الله عليهم بالفسق واستحقاق التيه أربعين سنة فقال تعالى (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) وشهد

١٣٤

عليهم موسى أنهم سفهاء بقوله (أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) وهو أمر جزئي يسير من جملة شريعته ونبوته وما فضل من الاختيار إلا العدم وسوء عاقبته وهذا سيد الخلائق محمد (ص) يختار برأيه رجلا مولانا عليا (ع) عوضه فأي حجة في اختيار من هو دون هذين المعظمي الشأن وقد ظهر فيه ما لا يخفى على العيان.

فصل فيما نذكره من المجلد الرابع من كتاب الكشاف للزمخشري من الكراس الخامس من القائمة الثامنة منها من الوجهة الثانية بلفظ الزمخشري (وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ) وأظهروا كفرهم بعد إسلامهم ـ (وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا) وهو الفتك برسول الله وذلك عند مرجعه من تبوك توافق خمسة عشر منهم على أن يدفعوا راحلته إلى الوادي إذا تسنم العقبة بالليل فأخذ عمار بن ياسر بخطام راحلته يقودها وحذيفة خلفها يسوقها فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع أخفاف الإبل وبقعقعة السلاح فالتفت فإذا قوم متلثمون فقال إليكم يا أعداء الله فهربوا.

يقول علي بن موسى بن طاوس ولم يذكر الزمخشري أسماء هؤلاء الخمسة عشر ولا الاثني عشر وقد ذكرهم أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي الذي انتقل من الكوفة إلى أصفهان لأجل كتابة كتاب المعرفة الذي كاشف أهل أصفهان بتصنيفه وضمن صحة ما فيه وروى ذلك مصنف كتاب العقبة وغيره وكيف تستبعد ممن يفعله مثل هذا بالنبي الرءوف الرحيم الحليم الكريم الذي أغناهم بعد الفقر والقلة وأعزهم بعد الذلة أن يتعصبوا على عشيرته بعد وفاته وقد كانوا يستعجلون عليه بالقتل قبل مماته.

فيما نذكره من الجزء الرابع أيضا من الكشاف من الكراس العشرين من القائمة الخامسة من الوجهة الأولة في تفسير قوله جل جلاله ـ (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) بلفظ الزمخشري القول الثابت الذي ثبت بالحجة والبرهان في قلب صاحبه ويكون فيه واعتقده واطمأنت

١٣٥

إليه نفسه وتثبيتهم في الدنيا أنهم إذا فتنوا في دينهم لم يزلوا كما ثبت الذين فتنهم أصحاب الأخدود الذين نشروا بالمناشير ومشطت لحومهم بأمشاط الحديد وكما ثبت جرجيس وشمعون وغيرهما وتثبيتهم في الآخرة أنهم إذا سئلوا عند مواقف الأشهاد عن معتقدهم ودينهم لم يتلعثموا ولم يتلهثموا ولم تحيرهم أهوال المحشر.

يقول علي بن موسى بن طاوس ما رأيته ذكر أحدا من هذه الأمة المحمدية ولعل ظاهر الآية فيهم واعلم أن مولانا عليا (ع) قاسى من الأهوال أولا وآخرا وباطنا وظاهرا ما فاق به على من سماه واعلم أن الحسين يوم الطف ثبت هو وأصحابه على القتل في الله ومكابدة الموت وتقطيع الأعضاء في ذات الله وما كان دون بعض من سماه وغيرهم من الصحابة والتابعين والصالحين قطعوا أعضاء وعذبوا أحياء وما ردهم ذلك عن الإيمان ولا ظهر عليهم ضعف في قلب ولا لسان ولا جنان بل رأيت في الروايات أن نساء من المسلمات بلغن من الصبر أيام الحجاج على تقطيع الأعضاء وسفك الدماء ما لم يؤرخ مثله من الأمم الماضية والقرون الخالية ولقد ذكر أبو القاسم بن عباد في كتاب الأنوار كلمات شريفة عن الحسين فقال ما هذا لفظه ولم نر أربط جأشا ولا أقوى قلبا من الحسين (ع) قتل حوله ولده وأهل بيته وكان يشد عليهم فينكشفون عنه انكشاف المعزى ووجد في جبة خز كانت عليه في مقدمه قريبا من مائة وثمانين ضربة خرقا من طعنة رمح ورمية سهم وضربة بسيف وحجر.

أقول إن في ذلك لآية لمن اعتبر ونظر

فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من الكشاف للزمخشري من الوجهة الثانية من الكراس السادس من القائمة الثالثة بمعناه لأجل طول لفظه فذكر أن كفار أهل مكة فتنوا قوما من المسلمين عن دينهم وعذبوهم بعظيم العذاب فصبروا عليه حتى قتلوا وهو ياسر أبو عمار وسمية أمه ومنهم أظهروا كلمة الكفر منهم عمار فعذره رسول الله (ص) قال الزمخشري

١٣٦

ما هذا لفظه فإن قلت فأي الأمرين أفضل أفعل عمار أم فعل أبويه قلت بل فعل أبويه لأن في ترك التقية والصبر على الفعل إعزاز الدين ـ وروي أن مسيلمة أخذ رجلين فقال لأحدهما ما تقول في محمد قال رسول الله قال ما تقول في قال وأنت أيضا فخلاه وقال للآخر ما تقول في محمد قال رسول الله قال ما تقول في قال أنا أصم فأعاد عليه جوابه ثلاثا فقتله فبلغ رسول الله فقال (ص) أما الأول فقد أخذ برخصة رسول الله وأما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له.

يقول علي بن موسى بن طاوس اعلم أن العلم بالله تعالى على الكشف ما ينزل عند صاحبه شيئا من الضعف ولا يبقى عنده صبر على كسر حرمة الله جل جلاله وكذا من عرف الله تعالى مكاشفة كما أن أهل الدنيا لا يصبرون على كسر حرمتهم وحرمة من يعز عليهم يكون واقفا مع إرادة الله تعالى فإن كان رضا الله في القتل توجه إليه أوفى بهما كان أمن العذاب أقدم عليه وإلا يرى الهوان والعذاب الآتي قد كشفنا في كتاب السعادات بالعبادات عن التقية وتركها بواضح الدلالات

فصل فيما نذكره من الجزء السادس من الكشاف للزمخشري من الكراس الثامن عشر من الوجهة الأولة منها في حديث سليمان وتفسير (وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) وروي أن معسكره كان مائة فرسخ في مائة فرسخ خمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للإنس وخمسة وعشرون للوحش وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلاثمائة ومنكوحة وسبعمائة سرية وقد نسجت له الجن بساطا من الذهب والإبريسم فرسخان في فرسخ فكان يوضع منبره في وسطه وهو من ذهب فيقعد عليه وحوله ستمائة ألف كرسي من ذهب وفضة فيقعد الأنبياء على كراسي الذهب والعلماء على كراسي الفضة وحولهم الناس وحول الناس الجن والشياطين وتظله الطير بأجنحتها حتى لا يقع عليه حر الشمس وترفع ريح الصبا البساط فتسير به مسيرة شهر في يوم وروي أنه كان يأمر الريح العاصف يحمله والرخاء

١٣٧

يسيره فأوحى الله إليه وهو يسير بين السماء والأرض أني قد زدت في ملكك ولا يتكلم أحد بشيء إلا ألقته الريح في سمعك فيحكى أنه مر بحراث فقال لقد أوتي ابن داود ملكا عظيما فألقته الريح في أذنه فنزل ومشى إلى الحراث فقال إنما مشيت إليك لئلا تتمنى ما لا تقدر عليه ثم قال لتسبيحة واحدة يقبلها الله خير مما أوتي آل داود.

أقول وفي الحديث من غير الكشاف لأن ثواب التسبيحة يبقى وملك سليمان يفنى

فصل فيما نذكره من الجزء السابع من كتاب الكشاف للزمخشري من الكراس السادس من الوجهة الثانية من سورة الأحزاب بلفظه ـ (وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها) وهم الملائكة وكانوا ألفا بعث الله عليهم صبا باردة في ليلة شاتية فأمطرتهم ونسفت التراب في وجوههم وأمر الملائكة فقلعت الأوتاد وأطفأت النيران وأكفأت القدور وماجت الخيل بعضها في بعض وقذف في قلوبهم الرعب وكبرت الملائكة في جوانب عسكرهم فقال طليحة بن خويلد الأسدي أما محمد فقد بدأكم بالسحر فالنجاء النجاء الهرب فانهزموا من غير قتال وحين سمع رسول الله بإقبالهم ضرب الخندق على المدينة أشار بذلك سلمان الفارسي ثم خرج في ثلاثة آلاف من المسلمين فضرب معسكره والخندق بينه وبين القوم والذراري والنساء قد دخلوا في الآطام واشتد الخوف وظن المسلمون كل ظن ونجم النفاق من المنافقين حتى قال معتب بن قيس كان محمد يعدنا بالكنوز كنوز كسرى وقيصر لا يقدر أن يذهب إلى الغائط وكانت قريش قد أقبلت في عشرة آلاف من الأحابيش وبني كنانة وأهل تهامة وقائدهم أبو سفيان وخرج غطفان في ألف ومن تابعهم من أهل نجد وقائدهم عنينة بن حصين وعامر بن الطفيل في هوازن وضامتهم اليهود من قريظة والنضير ومضى على الفريقين قريب من شهر لا حرب بينهم إلا الترامي بالنبل والحجارة حتى أنزل الله النصرة. يقول علي بن موسى بن طاوس قد تعجبت من هذا الشيخ كيف

١٣٨

عدل عن ذكر قتل مولانا لعمرو بن عبد ود عند قدوم الأحزاب وما كان بذلك من النصر وذل الكفر وإعزاز الدين ـ وقول النبي (ص) لضربة علي لعمرو بن ود أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة وقد روى ذلك منهم موفق بن أحمد المكي أخطب خطباء خوارزم في كتاب المناقب وروى أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل حديث قتل مولانا علي (ع) لعمرو بن عبد ود وغيرهما وهو من الآيات المشهورة والمعجزات المذكورة وأما حديث اضطراب قلوب المنافقين وشكوكهم في الله وفي سيد المرسلين (ص) فأرى الزمخشري لم يذكر غير واحد والقرآن قد تضمن لفظ ذكر الجمع وما يدل على كثرة من شك منهم واضطرب قلبه وينبغي أن تكون الإشارات بفساد النيات إلى من عرف منهم الجبن والذل والهرب عند المعضلات والحروب والحوادث السالفات والحادثات فإنهم أهل هذه الصفات.

فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة السابعة من الكراس السادس من الكشاف من الجزء السابع أيضا من حديث قريظة وبني النضير بلفظ ما نذكره منه ـ وروي أن جبرئيل أتى رسول الله (ص) صبيحة الليلة التي انهزم فيها الأحزاب ورجع المسلمون إلى المدينة ووضعوا سلاحهم فقال يا رسول الله لم تضع السلاح إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة وأنا عائد إليهم فإن الله داقهم دق البيض على الصفا إنهم لك طعمة فأذن في الناس أن من كان سامعا مطيعا فلا يصلي العصر إلا في بني قريظة فما صلى كثير من الناس العصر إلا بعد العشاء الآخرة لقول رسول الله فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار فقال لهم رسول الله تنزلون على حكمي فأبوا فقال على حكم سعد بن معاذ فرضوا به فقال سعد حكمت فيهم أن يقتل مقاتلوهم ويسبى ذراريهم ونساؤهم فكبر النبي وقال لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة ثم استنزلهم وخندق في سوق المدينة خندقا وقدمهم فضرب أعناقهم وهم بين ثمانمائة إلى تسعمائة وقيل كانوا ستمائة مقاتل وسبعمائة أسير.

١٣٩

يقول علي بن موسى بن طاوس اعلم أن اليهود إما كانوا قد عرفوا من جانب موسى أن محمدا رسول الله فكتموا ذلك وعامدوه أو أنه غالب لهم ومذل بهم ومسلط عليهم ولا يدري أحد الأمرين لأجل ما يدعونه من شفقة موسى عليهم وتعريفهم بما يحدث بعده عليهم وعلى هذا فإن الذين حاربوا رسول الله (ص) مقاتلون مستحقون لما جرى عليهم من الاستيصال حيث عرفوا أنه قاهر لهم ومسلط عليهم فلم يلتفتوا إلى سابق علمهم به وأهلكوا نفوسهم بأيديهم وتعرضوا للقتال وهموا بذلك على أن سلف اليهود عملوا بالجحود على كل حال وأن من تخلف منهم غير معذور في الاقتداء بهم في الضلال وقد عرفوا منهم أنهم كانوا حقيقة علمهم السابق وعاندوا في سلوك سوء الطريق

فصل فيما نذكره من الجزء الثامن من الكشاف للزمخشري من الوجهة الأولة من القائمة السادسة من الكراس السادس منه بلفظه ـ (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) يجوز أن يكون استثناء متصلا أي لا أسألكم أجرا إلا هذا وهو أن تودوا أهلي وقرابتي ولم يكن هذا أجرا في الحقيقة لأن قرابته قرابتهم فكانت صلتهم لازمة لهم في المودة ويجوز أن يكون منقطعا أي لا أسألكم أجرا قط ولكن أسألكم أن تودوا قرابتي الذين هم قرابتكم فلا تؤذوهم فإن قلت فهلا قيل إلا مودة القربى أو إلا المودة للقربى وما معنى قوله (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قلت جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها كقولك لي في آل فلان مودة ولي فيهم هوى وحب شديد تريد أحبهم وهم مكان حبي ومحله وليست في بصلة للمودة كاللام إذا قلت إلا المودة للقربى وإنما هي متعلقة بمحذوف تعلق الظرف به في قولك المال في الكيس وتقديره إلا المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها والقربى مصدر كالزلفى والبشرى بمعنى القرابة والمراد في أهل القربى ـ وروي أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال (ص) علي وفاطمة وابناهما ويدل عليه ما روي عن علي شكوت إلى رسول الله حسد الناس لي قال

١٤٠