زيارة عاشوراء السنة الإلهية العظمى

فؤاد شبيب

زيارة عاشوراء السنة الإلهية العظمى

المؤلف:

فؤاد شبيب


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٦٥

ـ محمد ابن الحسن ابن الوليد :

وهو الشيخ محمد ابن الحسن ابن أحمد ابن الوليد ، يقول النجاشي: أبو جعفر شيخ القميين وفقيههم ومتقدمهم ووجههم ويقال إنه نزیل قم وما كان أصله منها : ثقة ثقة ، عين ، مسكون إليه. (١)

ويقول عنه الشيخ الطوسي في الفهرست : محمد ابن الحسن ابن الوليد القمي ، جلیل القدر عارف بالرجال موثوق به. (٢)

ولكي نبتعد عن الإطناب والإطالة ، خلاصة القول أنه شيخ جليل ثقة.

٤ ـ علي ابن إبراهيم :

وهو صاحب کتاب (التفسير) المعروف بتفسير القمي ـ المتقدم ـ الذي وقع الكلام فيه حيث ذهب جملة من الأعلام إلى توثيق جميع من ورد ذكره في هذا التفسير ، وذهب آخرون إلى توثيق مشايخ علي ابن إبراهيم فقط، وهذا يدل ـ فيما يدل على جلالة وعظمة علي ابن إبراهيم. قال النجاشي (٣): علي ابن إبراهيم ابن هاشم أبو الحسن القمي ، ثقة في الحديث ثبت معتمد صحيح المذهب سمع فأكثر وصنف كتبا ... فهو من أجلاء هذه الطائفة ، ويأتي علي ابن إبراهيم في الدرجة الأولى فيمن يروي عنهم الكليني ، فإنه روى عنه ما يقرب من ثلث أحاديث كتابه فقد روى عنه ٤ حديثا (٤)، فلا نطيل الحديث فهو كالشمس في رابعة النهار.

__________________

(١) رجال النجاشي ص .

(٢) الفهرست ص تحت رقم

(٣) رجال النجاشي ص .

(٤) دروس تمهيدية في القواعد الرجالية ص.

٤١

٥ ـ إبراهيم ابن هاشم :

ذكرنا فيما سبق أنه عند ذكر إبراهيم ابن هاشم سنتطرق إلى قرائن غير ما ذكرناه في بداية البحث لإثبات وثاقة الراوي وها نحن نشرع في ذلك. إبراهيم ابن هاشم هو والد علي ابن إبراهيم المتقدم ، ويقول العلامة فيه : (لم أقف لأحد من أصحابنا على قول في القدح فيه ولا على تعديله بالتنصيص والروايات عنه كثيرة والأرجح قبول قوله) نعم لم يرد من قبل الطوسي أو النجاشي أو الكشي تنصيصا صريحا بتوثيقه ، بل غاية ما ذكره الطوسي والنجاشي أنه كوفي انتقل إلى قم وأصحابنا يقولون إنه أول من نشر حديث الكوفيين في قم.

ومن هذه العبارة استفيد مدح الرجل من دون توثيقه ، ومن هنا عد بعض الأصحاب الروايات التي يقع في سندها إبراهيم ابن هاشم حسنة لا صحيحة ، ولكن ـ كما قلنا ـ توجد بعض القرائن التي بمفردها أو مضمومة إلى غيرها تعطينا وتوصلنا إلى نتيجة مفادها وثاقة الرجل وجلالة قدره ، ومنها :

١) أن ولده كثير الرواية عنه جدا ، وقد قال في مقدمة التفسير أنهلا يروي تفسيره إلا عن الثقات ، وقد تمسك بهذا الرأي السيد الخوئي في معجم رجال الحديث ، ونقله الأيرواني في كتابه أيضا ، فلا يحتمل أن هذا الإكثار قد تحقق مع عدم الوثاقة.

٢) من الثابت المنصوص أن نشر حديث الكوفيين في قم كان من قبل إبراهيم ابن هاشم ، وكذلك من الثابت تاريخي تشدد المدرسة القمية فيمن يقبلون رواياته من عدمه ، بل تنقل قصص أنهم كانوا ينفون من قم من لا يرتضون قوله ، فيرد الكلام بعد ذلك : (إن نشر حديث الكوفيين في مدرسة قم المعروفة

٤٢

بالتشدد لا نحتمل إمكان تحققه إلا من رجل جدير بقبول الأحاديث منه ، وهو ليس إلا من كان ثقة بل في أعلى درجاتهما ... وهل يحتمل قبول الأحاديث في أجواء تلك المدرسة المتشددة في شخص لم تثبت وثاقته (١))!

٣) كما أن إبراهيم ابن هاشم ورد في أسناد كثيرة في كامل الزيارات والذي شهد مؤلفه ابن قولويه في المقدمة بوثاقة جميع من ورد اسمه في الكتاب ، كما كثير من أجلاء الطائفة اعتقدوا بهذا ، وعليه تثبت وثاقة إبراهيم ابن هاشم ، وتمسك بهذا الأمر السيد الخوئي في المعجم.

٤) عند الاطلاع على معظم كتبنا الفقهية أمثال : التذكرة والمختلف للعلامة ، والدروس للشهيد الأول ، وجامع المقاصد للمحقق الكركي ، وكتاب المسالك والروضة للشهيد الثاني ، وحواشي الإرشاد للعلامة ، وكذا قواعد الأحكام ، والمناهل السوية للفاضل المقداد ، والمدارك للسيد محمد، والحدائق للبحراني ، وغيرها .. وغيرها من الكتب الفقهية ، نجد أنهم حكموا ب (صحة) لا ب (حسنة) روايات كثيرةجدا وقع في طريقها إبراهيم ابن هاشم. ٥) نقل السيد الخوئي في المعجم أن عدد الروايات التي وقع إبراهيم ابن هاشم في إسنادها (٦٤١٤) موردا ولا يوجد في الرواة مثله في كثرة الرواية. ومع عدم وجود تنصيص خاص بتوثيقه إلا أن هذا العدد الكبير حمله جل علماءنا والمحققين على كونه

__________________

(١) دروس تمهيدية في القواعد الرجالية ص.

٤٣

صحيحا لا حسنا ، مما يشي بتوثيقهم إياه ، خاصة إذا ضممنا هذه النقطة مع سابقتها.

٦) ذكر الشيخ الطوسي (ره) في الفهرست ص :له ـ إبراهيم ابن هاشم ـ عشرات المصنفات ... ، ثم ذكر طرقه إلى تلك المصنفات ، نقول : إن للشيخ عدة طرق إلى كتب إبراهيم ابن هاشم وليس طريقا أو أثنين ، فهل يحتمل أن الشيخ مع تعدد الطرق إلى كتب إبراهيم ابن هاشم ليس واثقا به وبكتبه. وبعد هذه القرائن نذكر بعض العبارات لبعض علماءنا في أحوال إبراهيم ابن هاشم :

ـ ذكر السيد بحر العلوم في الجزء الأول من كتابه (الفوائد الرجالية) في صفحة ٤٤٩ قو للشهيد الثاني في شرح الدروس (إن حديث إبراهيم ابن هاشم مما يعتمد عليه كثيرا وإن لم ينص الأصحاب على توثيقه ، ولكن الظاهر أنه من أجلاء الأصحاب وعظمائهم المشار إلى عظم متركتهم ورفع قدرهم في قول الصادق (ع) : اعرفوا منازل الرجال بقدر روایتهم عنا.) علما بأن الشهيد الثاني من المشهورين بالتشدد في قبول الروايات وأحوال الرجال.

ـ وقال السيد الداماد في (الرواشح) : (والصحيح الصريح عندي أن الطريق من جهته ـ أي إبراهيم ابن هاشم ـ صحيح ، فأمره أجل وحاله أعظم من أن يعدل بمعدل أو يوثق بموثق)

ـ يقول الشيخ البهائي عن أبيه : (أنه كان يقول : إني لأستحيأن لا أعد حديثه صحيحة) أي حديث إبراهيم ابن هاشم.

٤٤

ـ ويقول المحقق الأردبيلي : (الظاهر أنه يفهم توثيق إبراهيم ابن هاشم من بعض الضوابط) كالتي ذكرناها.

ـ ويقول المحقق البحراني عن بعض معاصريه : (أنه نقل توثيقه عن جماعة وقواه)

ـ وفي الوسائل : (وقد وثقه بعض علمائنا) (١)

والخلاصة :

أن إبراهيم ابن هاشم ثقة جليل القدر وإن لم يتم التنصيص على وثاقته ولكن للاعتبارات المذكورة وغيرها تثبت وثاقته.

٦ ـ محمد ابن إسماعيل ابر

روى الحسين ابن خالد الصيرفي قال : كنا عند الرضا (ع) ونحن جماعة ، فذكر محمد ابن إسماعيل ابن بزیع فقال : (وددت أن فيكم مثله) (٢)

وقد ذكره النجاشي وقال : محمد ابن إسماعيل ابن بزيع أبو جعفر مولى المنصور وولد بزیع بیت ، منهم حمزة ابن بزیع ، كان من ص الحي هذه الطائفة وثقاتهم ، كثير العمل ، له کتب ...) (٣)

وفي رجال الطوسي ص ٣٦٤ ، قال الشيخ : محمد ابن إسماعيل ابن بزیع ثقة صحيح كوفي ، مولى المنصور)

فلا نطيل الحديث عنه ، فهو ثقة لا ريب فيه.

__________________

(١) الفوائد الرجالية ج ص ٤٥ ـ ٤٥.

(٢) رجال النجاشي ص.

(٣) المصدر السابق

٤٥

ـ ٧ ـ صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة :

بما أن في سند الزيارة ذكر الاثنين معا على سبيل الجمع ، لذا سوف نذكرهما كذلك ، إلا أننا ((ننبه)) على أنه لا إشكال ولا خلاف فيما إذا ثبتت وثاقة أحدهما فهذا يكفي ولا يشترط توثيقهما معا ، ولا خلاف في ذلك.

* صالح ابن عقبة :

وهو صالح ابن عقبة ابن سمعان ابن أبي ربيحة (١)أو (ذبيحة) (٢)، مولى رسول الله (ص) ، وقال الشيخ أنه من أصحاب الباقر والصادق والكاظم (ع) (٣) فصالح ابن عقبة لم يرد في حقه من قبل الشيخ أو النجاشي توثيق خاص ، ولكن يمكن إثبات وثاقته بمجموعة قرائن ، وقبل ذكرها فورد ما نسب قوله إلى ابن الغضائري وهو (صالح ابن عقبة ابن قیس ابن سمعان ابن أبي ربيحة مولى رسول الله (ص) روي عن أبي عبد الله (ع) ، غال ، كذاب ، لا يلتفت إليه) (٤).

وقد اعتمد على كلام الغضائري البعض وما زادوا عليه ، ولكن البحث وقع في أصل نسبة الكتاب ـ الذي نقل عنه ذلك ـ إلى ابن الغضائري ، فهناك قرائن كثيرة ذكرها السيد الخوئي في معجم رجال الحديث في الجزء الأول منه في صفحتي ـ ، ذكر فيها أن الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري فهو لم يثبت وجزم ـ بعد ذكر القرائن ـ على كون الكتاب ليس إلى ابن الغضائري لعدم ثبوته من جهة ، ولوجود قرائن أخرى خارجية تدل علی وثاقة صالح ابن عقبة منها :

__________________

(١) رجال النجاشي ص.

(٢) خلاصة الأقول ص. .

(٣) يضاح الاشتباه ص.

(٤) معجم رجال الحديث ج ص .

٤٦

١ ـ وروده في أكثر من موضع في كتاب كامل الزيارات ، وبناء على توثيق جميع من ذكر في الكامل بتصريح مؤلفه ـ كما سبق ـ يكون بذلك صالح ابن عقبة من الثقات.

٢ ـ لقد وثقه علي ابن إبراهيم ابن هاشم القمي ، صاحب التفسير الذي عده جملة من علمائنا أن كل من ورد في التفسير فهو ثقة على ما صرح به مؤلفه. حيث (لا يعارض التضعيف المنسوب إلى ابن الغضائري توثيق علي ابن إبراهيم لما عرفت غير مرة من أن نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري لم تثبت فالرجل من الثقات) (١).

٣ ـ للشيخ الطوسي إلى صالح ابن عقبة طريقان ، وكلاهما صحيح ، لأن الرجال في الطريق جميعهم ثقات ، فهذه القرينة مع ذكر ما سبق تدل على وثاقة الرجل ، وأن صالح ابن عقبة من الثقات.

* سیف ابن عميرة:

قال النجاشي في رجاله ص : (سيف ابن عميرة النخعي ، ثقة ، كوفي نخعي ، عربي) وهذا يكفي لإثبات وثاقته.

وقد ذكرنا بأن صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة ، الاثنان ينقلان الزيارة عن علقمة ابن محمد الحضرمي ، لذا يكفي ثبوت وثاقة أحدهما ، وعليه فإن لم تثبت وثاقة صالح ابن عقبة ، فلا ريب في ثبوت وثاقة سيف ابن عميرة وهذا يكفي.

__________________

(١) معجم رجال الحديث ج ص.

٤٧

ـ علقمة ابن محمد الحضرمي :

هو علقمة ابن محمد الحضرمي الكوفي ، من أصحاب الإمام الباقر (ع) ، وعده الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الصادق (ع) أيضا.

ونقل هذه الحادثة ونتأمل فيها جيدا : قال الكشي : حدثيني علي ابن محمد ابن قتبة القتيبي ، قال حدثنا الفضل ابن شاذان ، قال : حدثني أبي عن محمد ابن جمهور عن بکار ابن أبي بكر الحضرمي قال : دخل أبو بكر وعلقمة ـ وأبو بكر أخ العلقمة ابن محمد الحضرمي أصغر منه ـ علی زید ابن علي وكان علقمة أكبر من أبي ، فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره وكان بلغهما أنه قال : ليس الإمام منا من أرخى عليه ستره ، إنما الإمام من شهر سيفه! فقال له أبو بكر : ـ وكان أجرأهما ـ يا أبا الحسين أخبرني عن على ابن أبي طالب (ع) أكان إماما وهو مرخ عليه ستره أو لم يكن إماما حق خرج وشهر سيفه؟ قال : وكان زيد يبصر الكلام. فسكت فلم يجبه. فرد عليه الكلام ثلاث مرات ، كل ذلك لا يجيبه بشيء ، فقال له أبو بكر إن كان علي ابن أبي طالب (ع) إماما فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخ عليه ستره ، وإن لم يكن إماما وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك ها هنا؟ قال : فطلب من أبي علقمة أن يكف عنه فكف عنه (١).

من خلال هذه المناظرة استفاد كثير من العلماء کون علقمة الحضرمي إمامي ثابت الاعتقاد وحسن الحال وغير ذلك ، إلا أنه يلزم ذكر أنه ما وجدت في حقه توثيق خاص من قبل الشيخ أو النجاشي أو غيرهما من المتقدمين ، وأما المتأخرين فقد نقلوا ما ذكره الشيخ والنجاشي من كونه من أصحاب الإمام

__________________

(١) معجم رجال الحديث ج ص.

٤٨

الباقر (ع) والصادق (ع) وأنه كوفي ، كما نقلوا المناظرة المتقدمة عن الكشي. وهنا نذكر ما استفاده العلماء والمحققون من هذه المناظرة في حق علقمة الحضرمي:

١) ذكر الشيخ الطوسي عند ذكر المناظرة المتقدمة وحينما وصل إلى ذكر أبي بكر الحضرمي قال ما نصه : (أبو بكر هذا هو عبد الله ابن محمد الحضرمي وأخوه علقمة ابن محمد أكبر منه ـ كما ذكر في الحديث ـ ويستبين أنه في صحة الحديث واستقامة الاعتقاد كأخيه عبد الله الأصغر منه) (١). تأمل في لفظ الشيخ حيث قال (صحة الحديث).

وقال أيضا وهو يذكر أبا بكر الحضرمي ما نصه (وهو معروف الجلالة صحیح الحديث وأما أخوه فممدوح وحسن الحال) (٢)

٢) ذكر الأردبيلي في كتابه جامع الرواة في الجزء الأول منه في ص ٥٤٥ ما نصه : (وفي ـ کش ـ في رواية مناظرة جرت لأبي بكر مع زيد ما يدل على أن علقمة مثله ـ مثل أخيه ـ في الاعتقاد وأنه أكبر من أبي بكر رحمه الله تعالى)

٣) كما ذكر السيد البروجردي في طرائف المقال في الجزء الأول منه في صفحة قال : علقمة ابن محمد الحضرمي ... وكان علقمة أكبر من أخيه كما في حديث بكار عن أبيه عبد الله وعمه علقمة وحكى فيه مناظرة أبيه مع زيد وفيه إشعار على حسنه وكونه إمامية ثابت الاعتقاد.

__________________

(١) اختيار معروف الرجال ج ص.

(٢) لمصدر السابق.

٤٩

وعلى هذا يتبين أن أبا بكر الحضرمي الأخ الأصغر للقمة الحضرمي مشهور ومعروف بالوثاقة والجلالة وصحة الحديث أكثر من أخيه الأكبر علقمة ، ولكن حال علقمة الحضرمي حينما يذكره العلماء يقولون أنه كأخيه ، وكذا نصل إلى نتيجة وهي أنه ثقة جلیل القدر.

فعليه يكون طريق السند الواقع فيه علقمة ابن محمد الحضرمي صحيح ، ولذا يعد سند الزيارة بالطريق الأول صحيحا ، وقد تقدم الكلام في السند الصحيح ولا ريب في حجيته.

خلاصة الطريق الأول :

وبعد معرفة رجال سند الزيارة بالطريق الأول نصل إلى نتيجة أن جميع رجال سند الزيارة الآنف الذكر ثقات ، وعليه يكون سند الزيارة صحيحة ، وكما سبق في ذكر أقسام الحديث أن الحديث الصحيح حجة بلا خلاف ولا شبهة.

وأما إذا تأمل البعض في علقمة ابن محمد الحضرمي بأنه ممدوح فقط ، فيكون السند حسنا ، أي أنما تدخل في قسم (الحسن) من أقسام الحديث. ولم أجد من يعد الرواية التي يقع فيها علقمة ابن محمد الحضرمي حسنة وعلى فرض ذلك فالذي عليه الأكثر من العلماء والمحققين أن الرواية الحسنة حجة كما صرح به النائيني وغيره. ولكن الصواب كون الرواية الواقع علقمة ابن محمد الحضرمي في سندها صحيحة لا حسنة والله العالم.

٥٠

الطريق الثاني :

الطريق الثاني لسند الزيارة وهو من الشيخ إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزیع، ومن الأخير إلى الإمام الباقر (ع) وهو كما يلي :

١ ـ الشيخ الطوسي

ـ عن الحسين ابن عبيد الله

٣ ـ عن الحسن ابن حمزة العلوي

٤ ـ عن علي ابن إبراهيم

٥ ـ عن إبراهيم ابن هاشم

٦ ـ عن محمد ابن إسماعيل ابن بزيع

ـ عن صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة

ـ عن علقمة ابن محمد الحضرمي ، وهو الذي يروي الزيارة عن الإمام الباقر (ع).

وتفصيل القول في أحوال رجاله :

١ ـ الشيخ الطوسي : وقد تقدم الكلام عنه وخلاصته أنه أجل من أن يوثق موثق.

٢ ـ الحسين ابن عبيد الله :

وهو الحسين ابن عبيد الله الغضائري أستاذ الشيخ الطوسي ، وهو والد أحمد الغضائري صاحب رجال الغضائري ، والذي وقع في هذا الكتاب ما تقدم من عدم ثبوت النسبة إليه. قال النجاشي : الحسين ابن عبيد الله ابن إبراهيم الغضائري أبو عبد الله شيخنا رحمه الله له کتب .... أجازنا جميعها ، وجميع رواياته

٥١

عن شيوخه ومات رحمه الله في نصف صفر سنة إحدى عشر وأربعمائة.

ومثل ذلك قاله الشيخ أيضا.

ويقول السيد الخوئي في معجم رجال الحديث في الجزء السابع منه في ص : فلا ينبغي التردد في وثاقة الرجل لا من جهة توثيق ابن طاووس وبعض من تأخر عنه ولا من جهة أنه كثير الرواية أو أنه شيخ الإجازة ، فإنه لا ع برة بشيء من ذلك كما عرفت ، بل من جهة أنه شيخ النجاشي وجميع مشايخه ثقات) كما ذكرنا في ترجمة ابن أبي جيد.

إذا هو الشيخ الجليل الثقة الحسين ابن عبيد الله الغضائري.

٣ ـ الحسن ابن حمزة العلوي :

قال الشيخ : الحسن ابن حمزة العلوي الطبري يكن أبا محمد ، كان فاضلا أديا عارفا متفقها زاهد ورعا كثير المحاسن. (١)

وعن كتاب دروس تمهيدية ص : فهو المعروف بالمرعش أو المرعشي من أجلاء هذه الطائفة وفقهائها على ما ذكره النجاشي.

وهو من مشايخ الشيخ المفيد والحسين ابن عبيد الله وأحمد ابن عبدون(٢) ، وهو على ما في الفوائد(٣) الحسن ابن حمزة ابن علي ابن عبد الله ابن محمد الحسن ابن الحسين ابن الإمام علي ابن الحسين ابن علي ابن أبي طالب عليهم السلام. المرعشي الطبري ترجم له النجاشي في رجاله : كان من أجلاء هذه الطائفة وفقهائها قدم بغداد ولقيه شيوخنا سنة ٣٥٦ ... إذا فهو السيد الجليل الثقة الحسن ابن حمزة العلوي.

__________________

(١) الفهرست ص .

(٢) معجم رجال الحديث ج ٦ ص ٣٤٥.

(٣) ج ص.

٥٢

٤ ـ علي ابن إبراهيم :

وقد تقدم الكلام عنه ، ولا ريب في جلالته ووثاقته.

٥ ـ أبوه ، إبراهيم ابن هاشم :

كذلك تقدم الكلام عنه ، وقلنا إنه بمجموعة من القرائن التي لا تقبل الشك تثبت وثاقته.

٦ ـ محمد ابن إسماعيل ابن بزيع :

وهو بلا ريب من الثقات الأجلة بل من الذين ورد في حقهم من المعصوم مدح ، كما تقدم.

ـ صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة :

وكلاهما من التقات الأعاظم ، وإن ورد في حق صالح ابن عقبة شيء ـ ورده ليس بالعزيز ـ فإن سيف ابن عميرة لا خلاف على جلالة قدره ووثاقته ـ كما تقدم ـ.

ـ علقمة ابن محمد الحضرمي :

وقد تقدم القول فيه ، وأنه صحيح الحديث كما عبر الشيخ وأنه كأخيه (أبي بكر الحضرمي) في الوثاقة والعقيدة.

خلاصة الطريق الثاني :

إن هذا الطريق من طرق وأسانيد الزيارة ، على ما هو الاعتقاد کونه صحيحة لوثاقة جميع رجال السند ، فعليه تكون الرواية ص حيحة ، والصحة حجة بلا خلاف. وإن تأمل البعض في علقمة فالقول هو ما سبق في خلاصة الطريق الأول.

٥٣

الطريق الثالث :

وهو أيضا طريق من الشيخ إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزیع ، ومن الأخير

إلى الإمام الباقر (ع) ، وهو كما يلي :

١ ـ الشيخ الطوسي

ـ عن ابن أبي جيد

٣ ـ عن محمد ابن الحسن

٤ ـ عن سعد والحميري

٥ ـ عن أحمد ابن إدريس

٦ ـ عن محمد ابن يحي

٧ ـ أحمد ابن محمد ومحمد ابن الحسن

٨ ـ محمد ابن إسماعيل ابن بزيع

ـ عن صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة

ـ عن علقمة ابن محمد الحضرمي ، وهو عن الإمام الباقر (ع).

وتفصيل القول :

١) الشيخ الطوسي : تقدم الكلام عن وثاقته وجلالته

) ابن أبي جيد : تقدم الكلام على أنه جلیل القدر ثقة بناء على القرائن

المذكورة.

) محمد ابن الحسن : وهو المتقدم ـ ابن الوليد ـ القمي الثقة الجليل.

٤) سعد والحميري : وقبل الحديث عنهما يلزم منا معرفة أمرين وهما :

أ ـ أن ثبوت وثاقة أحدهما كافية في ثبوت صحة الرواية أو الزيارة وهذا

الأمر لا خلاف فيه.

٥٤

ب ـ التعرف على من هو المعني ب (سعد) وكذا التعرف على من هو المعني با (الحميري) فقد وقع بهذين الاسمين رجال متعددون ، ولتحرير ذلك نقول : لقد تسالم الأمر على أنه إذا أطلق ه ذين الاسمين (سعد والحميري) بهذه الصورة فهما : الأول : سعد ابن عبد الله الأشعري القمي. والثاني : عبد الله ابن جعفر الحميري.

وذلك بقرينة أنهما يكثران النقل ـ معا ـ في كثير من الموارد عن أحمد ابن إدريس ، وأنهما وقعا في طرق صحيحة من طرق الشيخ إلى كثير من الأصول ، كما أن طريق الشيخ إليهما كذلك صحيح ، وعلى أي حال فهما المتقدمان ، وعليه نبحث عن كل واحد منهما وإن كان

يكفينا ثبوت واحد منهما :

(سعد ابن عبد الله القمي):

يقول النجاشي عنه (سعد ابن عبد الله ابن أبي خلف الأشعري القمي أبو القاسم وشیخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها ... توفي سعد رحمه الله سنة إحدى وثلاثمائة وقيل تسعن وتسعين ومائتين) (١).

ويقول الشيخ عنه : (سعد ابن عبد الله القمي ، يكن أبا القاسم ، جلیل القدر واسع الأخبار كثير التصانيف ، ثقة) (٢)

فالأمر واضح ولا نطيل.

(عبد الله ابن جعفر الحميري):

قال الشيخ : (عبد الله ابن جعفر الحميري ، قمي ثقة) (٣)

__________________

(١) رجال النجاشي ص.

(٢) الفهرست ص.

(٣) رجال الطوسي ص ٤.

٥٥

وفي موضع آخر قال عنه : (عبد الله ابن جعفر الحميري القمي ، يكن أبا العباس ، ثقة) (١)

فهو وسعد ثقات من أجلاء الأصحاب.

٥) أحمد ابن إدريس :

قال النجاشي عنه : (أحمد ابن إدريس ابن أحمد ابن علي الأشعري القمي كان ثقة فقيها في أصحابنا كثير الحديث صحيح الرواية ..) (٢)

وقال الشيخ عنه : (أحمد ابن إدريس أبو علي الأشعري القمي كان ثقة في أصحابنا فقيها كثير الحديث صحيحة) (٣)

٦) محمد ابن يحي:

قال النجاشي عنه (محمد ابن يحي أبو جعفر العطار القمي ، شيخ أصحابنا ثقة عين كثير الحديث له كتب منها كتاب مقتل الحسين عليه السلام) (٤)

وقال الشيخ عنه : (محمد ابن يحي العطار روی عنه الكليني ، قمي کثير الرواية) (٥)

ولا يخفى كفاية توثيق أحدهما ولا يلزم الإجماع.

كما أن الأيرواني في كتابه (دروس تمهيدية في القواعد الرجالية) ذكر أن محمد ابن يحي (يأتي بالدرجة الثانية ـ ممن يروي عنهم الكليني ـ فإنه روی ربع أحاديث كتابه ـ الكافي ـ روى عنه ٤ حديثا) فهو ثقة بلا شك ولا ريب.

__________________

(١) معجم رجال الحدیث ج ص .

(٢) رجال النجاشي ص .

(٣) الفهرست ص .

(٤) رجال النجاشي ص .

(٥) الفهرست ص .

٥٦

٧) أحمد ابن محمد ومحمد ابن الحسن :

وهما على سبيل الجمع ، وقد ذكرنا غير مرة كفاية أحد الأثنين إذا كانا على سبيل الجمع ، وعليه نكتفي بتوثيق أحدهما وهو :

أحمد ابن محمد : هو أحمد ابن محمد ابن عيسى الأشعري ، وإن كان هذا الاسم (أحمد ابن محمد) مشتركة بين جماعة متعددين ولكننا نجزم بكونه ابن عيسى الأشعري لأمرين : الأول : أنه يروي كثيرا عن سعد ابن عبد الله ـ المتقدم ـ ، والثاني : أن محمد ابن يحي ـ تلميذه ـ والأخير يروي عن ابن عیسی أستاذه كثيرا.

قال النجاشي عنه : (أحمد ابن محمد ابن عیسی .... ـ إلى أن قال ـ وأبو جعفر رحمه الله شيخ القميين ، ووجههم ، وفقيههم ، غير مدافع وكان أيضا الرئيس الذي يلقي السلطان بها ، ولقي الرضا عليه السلام ...) (١)

إذا فهو ابن عيسى الأشعري الثقة الجليل.

) محمد ابن إسماعيل ابن بزيع : وقد تقدم الكلام في كونه ثقة عظيم الشأن.

) صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة : ثقتان جلیلان ، كما تقدم.

) علقمة ابن محمد الحضرمي : وقد سبق ذكره وأنه على المبني ثقة كأخيه أبي بكر الحضرمي.

__________________

(١) رجال النجاشي ص ـ .

٥٧

خلاصة الطريق الثالث :

إن سند الزيارة بهذا الطريق صحيح كسابقيه من الطرق ، وهو داخل ضمن قسم (الصحيح) من أقسام الحديث ، وذلك لوثاقة جميع الرواة والله العالم.

٥٨

الطريق الرابع :

لقد كانت الطرق الثلاثة المتقدمة هي من الشيخ الطوسي إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزيع ، ومن الأخير إلى الإمام الباقر (ع) ، وهي على ما تقدم طرق صحيحة.

وأما هذا الطريق فهو من الشيخ الطوسي إلى محمد بن خالد الطيالسي ، ومن الطيالسي إلى الإمام الصادق (ع) ، وهذا الطريق كالتالي :

١ ـ الشيخ الطوسي

ـ عن الحسين ابن عبيد الله

٣ ـ عن أحمد ابن محمد ابن يخي

٤ ـ عن أبيه محمد ابن يحي

٥ ـ عن محمد ابن علي ابن محبوب

٦ ـ عن محمد ابن خالد الطيالسي

٧ ـ عن سيف ابن عميرة

٨ ـ عن صفوان ابن مهران الجمال ، الذي يروي الزيارة مع الدعاء عن الإمام الصادق (ع).

ونبحث هنا عن أحوال هذا السند ورجاله :

١) الشيخ الطوسي : تقدم أنه أجل من أن يوثق.

٢) الحسين ابن عبيد الله : وهو الغضائري ـ المتقدم ـ استاذ الشيخ الطوسي الثقة الجليل.

) أحمد ابن محمد ابن يحي : هو أحمد ابن محمد ابن يحي العطار القمي ، وإن كان هذا الاسم (احمد ابن محمد ابن يحي) مشتركا بين مجموعة من الرواة ، ولكننا جزمنا بكونه العطار لوجود مجموعة

٥٩

قرائن ، منها وأهمها أنه ينقل ذلك عن أبيه محمد ابن يحي ـ المتقدم ـ الثقة الجليل.

وحال أحمد ابن محمد ابن يحي العطار هو حال ابن أبي جيد المتقدم حيث أنه لم يرد في حقه توثیق خاص كما نقل ذلك الشيخ حسن صاحب المعالم في منتقى الجمان (١)، وقبل أن نذكر القرائن التي تدل على وثاقته ينبغي ذكر ما قاله الشيخ في حقه حيث قال (روی عن التلعکبري وأخبرنا عنه الحسين ابن عبيد الله وأبو الحسين ابن أبي جيد) ، وذكرنا هذه الجملة لكونها ستكون إحدى القرائن على التوثيق.

وحيث أنه لم يرد في حقه توثیق خاص ، فمن أين قال الأصحاب بوثاقته؟ الجواب :

ـ کونه من مشايخ الإجازة فهو شيخ للصدوق وابن نوح وغيرهما ، وبناء على كفاية شيخوخة الإجازة على الوثاقة فتثبت وثاقته ، وممن قال ذلك الشهيد الثاني والعلامة المجلسي والسيد الداماد والشيخ حسن صاحب المعالم وغيرهم (٢).

ـ ويقول السيد بحر العلوم في الفوائد الرجالية : (وتصحيح بعض طرق الشيخ كطريقه إلى الحسين ابن سعيد ونحوه ، يقتضي توثيقه) ، وهو الحق ، فكيف يحكم الشيخ بصحة طريق يقع فيه أحمد ابن محمد ابن يحي من دون أن يكون الشيخ يقول بوثاقته؟! فهذا الأمر لا يحتمل تصوره ، وممن قال بوثاقته بناء على هذه القرينة الميرزا الأستر آبادي والعلامة الحلي والشهید الثاني وغيرهم.

__________________

(١) الجزء الثاني ص .

(٢) الفوائد الرجالية ج ص .

٦٠