زيارة عاشوراء السنة الإلهية العظمى

فؤاد شبيب

زيارة عاشوراء السنة الإلهية العظمى

المؤلف:

فؤاد شبيب


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٦٥

تمهيدية في القواعد الرجالية) حيث أفرد فصلا كاملا لذلك ونلخص ما أفاده في نقطتين :

الأولى : الطرق الخاصة لإثبات الوثاقة : وقبل الخوض في غمرات هذا المبحث لابد من القول أن ما سنذكره هو ما تسالم عليه أجلاء المحققين من الطائفة وسنبتعد عن مواطن الخلاف ، وما سنذكره من مواطن خلاف سيقتصر على ما تقتضية حاجة البحث. ذكر كثير من علمائنا أن التطبيق العملي للبحث عن وثاقة الرواة له اتحاهان : الأول هو (الطريق الخاص لإثبات الوثاقة) والثاني (الطريق العام لإثبات الوثاقة).

أما الطريق الأول لإثبات الوثاقة (الخاص) عدوا له مجموعة طرق منها التالي :

١ ـ شهادة المعصوم (ع) : ويشترط في هذا الطريق أن لا يكون الراوي للتوثيق هو نفس الشخص المراد إثبات وثاقته ، وإلا كان أشبه بالدور ، وهذا الطريق لا خلاف فيه.

ـ شهادة أحد الأعلام بالوثاقة : منهم (النجاشي) و (الطوسي) و (الكشي) بفتح الكاف ، ويكفي أحد هؤلاء ولا يشترط إجماعهم ، وهذا متفق عليه ،. وأما شهادة الأعلام المتأخرين كالعلامة وابن طاووس والشهيد الثاني وابن داوود ففيه خلاف.

٣ ـ الإجماع على الوثاقة : كالإجماع الذي ذكره الكشي حيث قال : (أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن هؤلاء ...) وذكر ستة أشخاص. وغيرها من الإجماعات ، هذا بالنسبة إلى

٢١

ادعاء الإجماع من قبل المتقدمين ، وأما ادعاء الإجماع من قبل المتأخرين ففيه بحث.

٤ ـ الوكالة عن الإمام : والوكالة نوعان (عامة ، وخاصة) أما الأولى فلا إشكال على دلالتها على الوثاقة ، ووقع الخلاف في الوكالة الخاصة.

٥ ـ رواية الثقة : وفي هذا الطريق خلاف ، فقد ذهب صاحب المستدرك أن الراوي الثقة إذا روى عن أحد فيكون هذا (الأحد) ثقة ، وذهب غيره إلى عدم الدلالة.

٦ ـ شيخوخة الإجازة : وهي بمعنى أن يجيز أحد الرواة ـ كأستاذ ـ مثلا أحد التلاميذ ، فإن الأستاذ يسمى (شيخ الإجازة). فالكلام : هل إن الإجازة التي عند الثقة دليل على وثاقة شیخ الإجازة أم لا؟ ذهب الأكثر إلى دلالتها ، أما بعض المتأخرين إلى عدم الدلالة.

هذه مجموعة طرق خاصة لإثبات الوثاقة.

الثانية : طرق عامة لإثبات وثاقة الراوي :

١ ـ توثیق رواة تفسير القمي : وهو تفسير القرآن الكريم لعلي ابن إبراهيم القمي شيخ الكليني ، ذكر في مقدمة التفسير أنه (ما رواه مشايخنا وثقاتنا ..) ففهم من هذا أن جميع من ذكر في هذا التفسير ثقة .. وليس فقط مشايخ القمي المباشر ون بل جميع من ذكر كما نقل عن السيد الخوئي (قدس)، فيصبح بذلك عدد () راوية من الثقات بعد ما كانوا مجاهیل ، وعلی هذا الرأي الأكثر ، إلا أن البعض تأمل في ذلك من حيث إن

٢٢

التفسير الموجود (خليط) بينه وبين غيره لما ورد فيه بعض الجمل التي تفيد العلم الإجمالي المانع من الأخذ به (راجع کتاب دروس تمهيدية).

٢ ـ رواة كامل الزيارات (وهذا الكتاب مهم في البحث) وهو الجعفر ابن قولويه ، وقال في مقدمة الكتاب : (وقد علمنا بانا لا تحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعني ولا في غيره ولكن ما وقع لنا من الثقات من أصحابنا ـ ره ـ ولا أخرجت فيه حديثا روي عن الشذاذ من الرجال ...) وفهم من ذلك ـ كما سبق في تفسير القمي ـ كون جميع من ذكر في الكتاب وليس فقط مشایخ ابن قولويه المباشرون ثقات .. فيصبح بذلك () راويا ثقة على ما قيل ، وقد تأمل البعض في ذلك ، من كون العبارة أقصى ما تفيد أن الثقات هم خصوص مشایخ ابن قولويه المباشرون.

٣ ـ مشايخ النجاشي : وذلك لعبارات كثيرة تفيد أنه لم يأخذ إلا عن ثقة. ولذلك فإن جميع مشايخ النجاشي ثقات ، وهذا الطريق ثابت.

٤ ـ وقوع بني فضال في السند : وهم ثلاثة (الحسن ابن علي ابن فضال ، وأحمد ابن الحسن ابن علي ابن فضال ، وعلي ابن الحسن ابن علي ابن فضال) وهم جماعة فطحية ، وهي التي تقول بإمامة عبد الله الأفطح ابن الإمام الصادق (ع) وقد شكل الإمام العسكري (ع) عن ذلك فقال (خذوا ما رووا وذروا ما رأوا) وقال الشيخ الأنصاري (قدس) أن مت ما ورد في

٢٣

سند الرواية بعض بن فضال فهي حجة ولو اشتملت على بعض

الضعفاء بين بن فضال والإمام. وقد رفض هذا الرأي كثير من الأعلام وهذا الطريق ليس مهما في البحث.

٥ ـ رواية أحد الثلاثة : وهم (محمد ابن عمير ، وصفوان ابن يحي

، وأحمد ابن نصر البزنطي) وذلك لعبارة الشيخ في عدة الأصول تفيد هذا المعن وهي : (... لا يروون ولا يرسلون إلا عمن يوثق به ..) فذهب المشهور إلى أن مراسيل الثلاثة کمسانیدهم ، ورفض بعض الأعلام كالسيد الخوئي ذلك ، بدليل أن هذه القضية لا يمكن الإطلاع عليها إلا من قبل نفس الثلاثة وهذا يكون الشيخ قد استند إلى حدسه وإجتهاده وليس إلى حسه ..

هذه مجموعة طرق عامة لإثبات وثاقة الرواة ، وهناك توثيقات خاصة وعامة أخرى ، ولكن نكتفي بذكر ما سبق لكي لا يخرج البحث عن غرضه الأساس ، كما نود أن ننوه بأن هناك طرق غير الذي ذكر ولا تخضع العنوان عام أو خاص وسيتبين ذلك ـ إنشاء الله ـ من خلال دراسة أحوال بعض من وقعوا في سند الزيارة كإبراهيم ابن هاشم وغيره.

٢٤

زيارة عاشوراء في المصادر

وردت زيارة عاشوراء في جملة من أمهات كتبنا الروائية أو الخاصة بالآداب والسنن من صلوات وزيارات وغيرها ، وبعد الإطلاع على بعض هذه المصادر ـ فيما هو متاح بين يدي ـ انتهيت إلى نتيجة (والله العالم) وهي :

أن زيارة عاشوراء المشهورة وردت في مصدرين أساسيين وهما : كتاب مصابح المتهجد لشيخ الطائفة الطوسي ، وکتاب کامل الزيارات ـ المتقدم ـ للشيخ جعفر ابن قولويه. وأن من جاء بعدهما نقل عنهما بذات السند المذكور فيهما إما كما في المصباح أو الكامل ، ومن هذه المصادر على سبيل المثال : کتاب بحار الأنوار حيث نقل نص الزيارة في المجلد تحت رقم (١) عن كامل الزيارات ، وتحت رقم () عن المصباح ، وأما مصباح الكفعمي فإنه أورد الزيارة من دون ذكر سندها ولكن بقرينة أنه أتي بالدعاء بعد الزيارة فيظهر أنه نقل عن المصباح ، وكذا مفاتیح الجنان فنقل المحدث القمي الزيارة كما في المصباح ، ومثله السيد الشيرازي في كتابه الدعاء والزيارة ، وأما ضياء الصالحين فقد نقل عن الكامل ، وكذا غيرها من الكتب والمصادر.

فعليه يتبين أن الزيارة لها مصدران (الكامل ـ المصباح) وبعد أن أشرنا إلى أن كامل الزيارات له شهرة بين المحققين على أن جميع من وقع في الكامل من الرجال في الأسانيد ثقات بتصريح مؤلفه ـ كما تقدم ـ ، ولكن لوجود قول مخالف سنبحث في أحوال رجال السند بالطريقة المتقدمة.

٢٥

أما عن المصباح : فنقول يلزم التنبيه إلى أمر مهم وهو : أن شيخ الطائفة في كتبه التهذيب والمصباح والاستبصار وغيرها لا يذكر جميع رجال السند في الروايات التي ينقلها ، بل يذكر مباشرة صاحب الأصل ـ أي صاحب کتاب ـ وهو الرجل الذي جاءت الرواية عن طريقه عبر كتاب له أو غيره ، وأن أصحاب هذه الأصول متقدمين على الشيخ بطبقات ، لذا يرد السؤال : كيف نتوصل إلى صحة السند بين الشيخ وبين صاحب الأصل؟ وجواب ذلك : لمعرفة صحة السند بين الشيخ وصاحب الأصل يلزم مراجعة أحد الكتابين :

ألف : کتاب المشيخة : وهو کراس كتبه الشيخ في نهاية التهذيب والاستبصار ، ذكر الشيخ فيه طريقه إلى أصحاب الأصول التي نقل عنها الأحاديث.

باء : الفهرست : كذلك في الفهرست ذكر طرقه إلى أصحاب الأصول ، ولكن الفهرست أكبر مما ذكره في المشيخة لأن الفهرست ألفه لاستقصاء أصحاب الأصول والطرق إليهم.

وسيتضح ـ إنشاء الله ـ بعد هذه المقدمة المقتضبة كل ماسلف عند التطبيق ، فإن التطبيق أكثر تثبيتا للمعلومات.

٢٦

سند زيارة عاشوراء (الرواة)

الزيارة عاشوراء عدة طرق وأسانيد :

الأول:

ذكر الشيخ (ره) في المصباح الصفحة ٥٣٦ وقال : روی محمد بن إسماعيل بن بزیع عن صالح بن عقبة عن أبيه عن الإمام الباقر عليه السلام : من زار الحسين (ع) .... (ثم ذكر مجموعة روايات عن ثواب زيارة الإمام الحسين (ع). وبعد ذلك قال الشيخ : قال صالح بن عقبة وسيف ابن عميرة : قال علقمة ابن محمد الحضرمي قلت لأبي جعفر (ع) علمني دعاء (ثم بعد ذلك ذكر الزيارة).

أقول : الظاهر أن والد صالح بن عقبة جاء في سند الروايات التي تذكر ثواب زيارة الإمام الحسين (ع) أما نص الزيارة فالظاهر ليس في السند بقرينة أن سیف بن عميرة لم يرد في الروايات التي تذكر التواب ، وكذا قول الشيخ بعد أن جاء بالروايات في ثواب زيارة الحسين (ع) ختم وابتدأ با : قال صالح بن عقبة وسيف بن عميرة مما يفيد أن محمد بن إسماعيل روى الزيارة عنهما كما ابتدأ ذلك بقوله : (روی محمد بن إسماعيل بن بزيع ..) وعلى هذا يصبح سند الزيارة هو : روی محمد بن إسماعيل بن بزیع عن صالح بن عقبة وسيف بن عميرة عن علقمة بن محمد الحضرمي عن الإمام الباقر (ع). هذا هو السند.

ولكي نتعرف على طريق الشيخ إلى محمد بن إسماعيل بن بزیع ، ننظر إلى كتابه (الفهرست) أو المشيخة.

وعلى ما في الفهرست توجد ثلاثة طرق للشيخ إلى محمد بن إسماعيل بن بزیع ونذكرها مفصلا :

٢٧

الطريق الأول إلى محمد بن إسماعيل بن بزيع كما في الفهرست صفحة ٥

تحت رقم ٦٠٥:

١ ـ الشيخ الطوسي

٢ ـ عن ابن أبي جيد

٣ ـ عن محمد ابن الحسن ابن الوليد

٤ ـ عن علي ابن إبراهيم

٥ ـ عن أبيه ، إبراهيم ابن هاشم

٦ ـ محمد ابن إسماعيل بن بزيع

٧ ـ عن صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة (جمعا)

ـ عن علقمة بن محمد الحضرمي ، الذي يروي الزيارة عن الإمام الباقر

(ع).

الطريق الثاني إلى محمد بن إسماعيل بن بزيع كما في الفهرست صفحة

تحت رقم :

١ ـ الشيخ الطوسي

٢ ـ عن الحسين ابن عبيد الله

٣ ـ عن الحسن ابن حمزة العلوي

٤ ـ علي ابن إبراهيم

٥ ـ عن أبيه ، إبراهيم ابن هاشم

٦ ـ عن محمد ابن إسماعيل بن بزيع

٧ ـ عن صالح بن عقبة وسيف ابن عميرة

٨ ـ عن علقمة ابن محمد الحضرمي ، عن الإمام الباقر (ع).

٢٨

الطريق الثالث إلى محمد بن إسماعيل بن بزيع كما في الفهرست صفحة :

١ ـ الشيخ الطوسي

٢ ـ عن ابن أبي جيد

٣ ـ عن محمد ابن الحسن

٤ ـ عن سعد والحميري

٥ ـ عن أحمد ابن إدريس

٦ ـ محمد ابن يحي

٧ ـ أحمد ابن محمد ومحمد ابن الحسن

٨ ـ محمد ابن إسماعيل بن بزيع

٩ ـ عن صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة

ـ عن علقمة ابن محمد الحضرمي ، عن الإمام الباقر (ع).

هذا هو الطريق الأول لسند الزيارة ، والذي هو في واقع الأمر ثلاثة طرق عن أصل لمحمد ابن إسماعيل.

الثاني :

ذكر الشيخ في المصباح صفحة قال : روی محمد ابن خالد الطيالسي عن سيف ابن عميرة قال : خرجت مع صفوان بن مهران الجمال ... ، والتي مفادها أنه ذكر صفوان أنه جاء بالزيارة عاشوراء) مع الإمام الصادق (ع) وزاد على ما نقله الحضرمي الدعاء المعروف بدعاء ص فوان بعد الزيارة.

٢٩

وطريق الشيخ إلى محمد ابن خالد الطيالسي مذكور في الفهرست صفحة تحت رقم ١٤٨ وهو كما يلي :

١ ـ الشيخ الطوسي

٢ ـ عن الحسين ابن عبيد الله

٣ ـ عن أحمد ابن محمد ابن يحي

٤ ـ محمد ابن يحي

٥ ـ محمد ابن علي ابن محبوب

٦ ـ عن محمد ابن خالد الطيالسي

٧ ـ عن سيف ابن عميرة

٨ ـ عن صفوان ابن مهران الجمال ، الذي يروي الزيارة عن الإمام

الصادق (ع).

الثالث :

ذكر الشيخ ابن قولويه في كتابه (کامل الزيارات) صفحة زيارة عاشوراء بهذا الشكل : قال : حدثني حکيم بن داود بن حكيم وغيره ، عن محمد بن موسى الهمداني ، عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعا ، عن علقمة بن محمد الحضرمي ومحمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن مالك الجهني ، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) ، قال : من زار الحسين (عليه السلام) يوم عاشورا حتى يظل عنده باكيا لقي الله عز وجل يوم القيامة بثواب ألفي ألف حجة وألفي ألف عمرة وألفي ألف غزوة ، وثواب كل حجة وعمرة وغزوة كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وآله) ومع الأئمة الراشدين (عليهم السلام). قال : قلت : جعلت فداك فما لمن كان في بعد البلاد

٣٠

وأقاصيها ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم ، قال : إذا كان ذلك اليوم برز إلى الصحراء أو صعد سطحا مرتفعا في داره ، وأومأ إليه بالسلام واجتهد على قاتله بالدعاء ، وصلى بعده ركعتين ، يفعل ذلك في صدر النهار قبل الزوال ، ثم ليندب الحسين (عليه السلام) ويبكيه ويأمر من في داره بالبكاء عليه ، ويقيم في داره مصیبته بإظهار الجزع عليه ، ويتلاقون بالبكاء بعضهم بعضا بمصاب الحسين (عليه السلام) ، فانا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك علي الله عز وجل جميع هذا النواب. فقلت : جعلت فداك وأنت الضامن لهم إذا فعلوا ذلك والزعيم به ، قال : أنا الضامن لهم ذلك والزعيم لمن فعل ذلك ، قال : قلت : فكيف يعزي بعضهم بعضا ، قال : يقولون : عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام ، وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره م ع وليه الإمام المهدي من آل محمد (صلی الله عليه واله). فان استطعت إن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل ، فانه يوم نحس لا تقضي فيه حاجة وان قضیت لم يبارك له فيها ولم ير رشدا ، ولا تذخرن لمترلك شيئا ، فانه من ادخر لمتزله شيئا في ذلك اليوم لم يبارك له فيما يدخره ولا يبارك له في أهله ، فمن فعل ذلك كتب له ثواب ألف ألف حجة وألف ألف عمرة وألف ألف غزوة كلها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكان له ثواب مصيبة كل بي ورسول وصديق وشهید مات أو قتل منذ خلق الله الدنيا إلى إن تقوم الساعة

قال صالح بن عقبة الجهني وسيف بن عميرة ، قال علقمة بن محمد الحضرمي: فقلت لأبي جعفر (عليه السلام) : علمي دعاء أدعو به في ذلك اليوم إذا أنا زرته من قريب ، ودعاء أدعو به إذا لم أزره من قريب وأومأت إليه من

٣١

بعد البلاد ومن داري ، قال : فقال : ......... ثم ذكر الشيخ ابن قولویه كيفية ونص الزيارة.

أقول : أن الظاهر مما سبق ما يلي :

١ ـ أن السند المذكور من حكيم بن داوود بن حکیم وغيره إلى علقمة بن محمد الحضرمي. ومن محمد بن إسماعيل إلى مالك الجهي ، هما سندان مختلفان ولكنهما مشتركان في كوما موصلان إلى الرواية الواردة في ثواب الزيارة.

٢ ـ وإن قوله بعد الانتهاء من روايات ثواب الزيارة الأنف الذكر : قال صالح بن عقبة الجهني وسيف بن عميرة عن علقمة بن محمد الحضرمي ... مشعر بأن الشيخ ابن قولويه أورد نص الزيارة عن حکیم بن داوود بن حکیم وغيره عن محمد بن موسى الهمداني عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة عن علقمة بن محمد الحضرمي ، والأخير بدوره ينقل الزيارة عن الأمام الباقر عليه السلام.

٣ ـ إن ذکر محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن مالك الجهي .. فيه احتمالات :

أ ـ أنه ينقل روایات ثواب الزيارة بسندين كما تقدم ، أحدهما هذا هو المذكور.

ب ـ أن بن قولویه ربما ذكر ذلك لورود الزيارة في كتاب محمد بن إسماعيل وكأنه أراد الإشعار بذلك. ولكنه نقل ما في كتابه من النص بالسند المذكور في النقطة الثانية والله العالم.

٣٢

ج ـ أنا نجزم بعدم صحة عطف محمد بن إسماعيل على علقمة بن محمد الحضرمي لكون الأخير متقدم على الأول بطبقات ولذلك لا يرد هذا الاحتمال.

إذا يتضح مما سبق أن الظاهر من سند الزيارة التي ينقلها بن قولويه في كتابه هو :

ـ أورد ابن قولویه

ـ عن حكيم بن داوود بن حكيم وغيره

محمد بن موسى الهمداني

محمد ابن خالد الطيالسي

سيف بن عميرة وصالح بن عقبة

ـ عن علقمة بن محمد الحضرمي .. الذي ينقل الزيارة عن الإمام

الباقر عليه السلام.

٣٣

الخلاصة :

وبهذا يظهر أن الزيارة لها في واقع الأمر خمسة طرق في سندها ، ثلاثة منها فيما يوصل طريق الشيخ إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزيع إلى الإمام الباقر (ع) ، وواحد من الشيخ إلى الطيالسي عن الإمام الصادق (ع)، وآخر ما ذكره ابن قولويه في الكامل.

ويكفي صحة أحد الطرق فقط ولا تستوجب صحة الجميع كما لا يخفی.

ولمعرفة أحوال هؤلاء الرجال وتمهيدا لعملية التطبيق نقول :

أ) ننظر هل ورد في حق أحدهم من قبل المعصوم (ع) مدح أو شهادة؟

ب) مراجعة كتب الرجال المتقدمين (النجاشي ، والطوسي ، والكشي)؟

ج) هل دخل أحدهم ضمن الإجماع المدعي من قبل الكشي أو غيره؟

د) هل كان أحدهم وكي عن الإمام عام أو خاصا؟

ه) شهادة المتأخرين (كالعلامة ، أو ابن داوود ، أو ابن طاووس ، أو

الشهيد الثاني) بناء على القول به.

و) النظر في وجود قرائن أخرى تدل على توثيق أحدهم من عدمه.

٣٤

البحث في أحوال السند

وقبل التعرف على حال السند في جميع الطرق المتقدمة يلزم التنبيه على ثلاثة أمور :

الأمر الأول :

ذكرنا أن للشيخ الطوسي ثلاثة طرق إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزیع ، فقد ترد شبهة مفادها : أنه ربما سمع الشيخ وروى الزيارة عن أحد هذه الطرق الثلاثة فقط ، فلماذا نذكر ونبحث عن حال السند بجميع طرقه؟ نقول : إن الشيخ الطوسي حينما نقول إن له ثلاثة طرق إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزيع ، هذا يعني أن جميع ما ينقله عن محمد ابن إسماعيل ينقله عن أصل لمحمد ابن إسماعيل ، وهذا الأصل أخبر به الشيخ من قبل الطرق الثلاثة ، فإذا لم يصح أحد الطرق فتكفي صحة الآخر لقيام الحجة ، وهذا الكلام لا خلاف فيه.

الأمر الثاني :

ذكر أبو الهدى الكلباسي في كتابه (سماء المقال في علم الرجال) في المجلد الأول في صفحة () أن جده العلامة الكلباسي جزم على عطف محمد ابن إسماعيل ابن بزيع على محمد ابن خالد .. ولكن أبا الهدى الكلباسي أظهر ضعف هذا القول ، بل إن الزيارة لها طريقان. وهذا على ما يظهر من محموعة قرائن هو الصواب ، وهو ما ذكرناه آنفا.

الأمر الثالث :

وننبه هنا على أمر مهم : أن علماءنا جزموا في مثل هذا السند الذي تتعدد طرقه بكفاية صحة أحد الطرق فقط ، ففي مثل حالنا مع الزيارة التي يوجد في واقع الأمر ـ كم مر ـ خمسة طرق إلى المعصوم (ع) ، فيكفي ثبوت صحة أحد الطرق ، فلو كان أربعة منها ضعيف السند وواحد فقط صحيح

٣٥

السند فيكفي ذلك لثبوت الحجة بصحة هذا الطريق. وهذا الأمر مسلم به ولا قائل بخلافه وهو واضح ولا يحتاج إلى عناء الاستدلال لصحته. وبعد هذه الملاحظات نشرع بحول الله وقوته في البحث عن حال السند کما يلي :

١ ـ الطريق الأول من الشيخ إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزیع ومنه إلى الإمام الباقر (ع).

٢ ـ الطريق الثاني من الشيخ إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزیع ومنه إلى الإمام الباقر (ع).

٣ ـ الطريق الثالث من الشيخ إلى محمد ابن إسماعيل ابن بزیع ومنه إلى الإمام الباقر (ع).

٤ ـ الطريق الرابع من الشيخ إلى محمد ابن خالد الطيالسي إلى الإمام الصادق (ع).

ه ـ الطريق الخامس من ابن قولويه إلى الإمام الباقر (ع). وهو الموجود في كامل الزيارات.

٣٦

الطريق الأول :

وللتعرف على حال السند المذكور في الطريق الأول والذي هو بهذا الشكل : عن شيخ الطائفة عن ابن أبي جيد عن محمد ابن الحسن ابن الوليد عن علي ابن إبراهيم عن أبيه إبراهيم ابن هاشم عن محمد ابن إسماعيل ابن بزيع ع ن صالح ابن عقبة وسيف ابن عميرة عن علقمة ابن محمد الحضرمي ... الذي يروي الزيارة عن الإمام الباقر (ع).

ولمعرفة حال هذا السند نقوم بدراسته بهذا الشكل :

١ ـ الشيخ الطوسي :

غني عن التعريف وكالشمس في رابعة النهار ولا أحد يبحث عن أحواله إلا للتزود من حاله فتكفيه شهرته أنه (شيخ الطائفة) فهو عظیم الشان محدد للعلوم له کتب روائية منها التهذيب والاستبصار والمصباح ، وله كتب رجالية كالمشيخة والفهرست ورجال الشيخ. والكلام ليس في حاله بل أطبقت العصابة على توثيق من يوثقه الشيخ وحجية كلامه على المتأخرين عنه في حال الرجال ، ولا نريد الإطالة عنه فهو أسمى وأجل وأوضح أن يبحث عن حاله.

٢ ـ ابن أبي جيد :

بالنسبة إلى ابن أبي حيد في واقع الأمر لم يرد في حقه توثيق خاص من قبل الشيخ أو النجاشي ولم يكن أحد الذين أجمع على وثاقتهم .. أي أن الطرق في توثيق الرواة المتقدمة لا تنطبق عليه إلا في (شيخ الإجازة).

وقد ذكرنا ـ فيما سبق ـ أنه ليست الطرق المذكورة هي وحدها فقط التي تفيد التوثيق بل إن هناك طرق كثيرة أخرى ، ولكننا ذكرنا أهم الطرق المتبعة

٣٧

، وقلنا أيضا إنه توجد طرق خاصة يمكن التعرف عليها من خلال البحث وضم بعض القرائن مع بعضها.

ولكن بالنسبة إلى ابن أبي جيد فأهم ما يمكن قوله في توثيقه هو كونه شیخ الإجازة ومن مشايخ الشيخ والنجاشي.

وقبل ذلك نتعرف عليه ونقول : هو علي ابن أحمد ابن محمد ابن أبي جيد(١) القمي وهو المعروف (أبو الحسن ابن أبي جيد القمي (٢)) ويظهر أنه أبوالحسين.

وهو من شيوخ الإجازة وشيخ للنجاشي فبناء على وثاقة جميع مشایخ الإجازة ، أو وثاقة جميع مشايخ النجاشي تثبت وثاقته (٣). وفي معجم رجال الحديث الجزء في صفحة قال : (ثقة لأنه من مشايخ النجاشي) ، وفي منتقى الجمان للشيخ حسن صاحب المعالم في الجزء الأول في صفحتي ٤١ ـ ٤٠ قال (ابن أبي جيد فإنه غير مذكور في كتب الرجال والشيخ رحمه الله يؤثر الرواية عنه غالبا ... ـ ثم ذكر بعض الروايات ـ إلى أن قال : فطريق ابن أبي جيد أعلى ، وللنجاشي عنه رواية كثيرة مع أنه ذكر في كتابه جماعة من الشيوخ وقال إنه ترك الرواية عنهم لسماعه من الأصحاب تضعیفهم) وفي الجزء الثاني من الكتاب صفحة ذكر صاحب المعالم في تصحيح أحد طرق الشيخ الطوسي وقال : (فطريقه إليه صحيح لأنه عن ابن أبي جيد) وهذا مما يفيد التوثيق.

وفي الفوائد الرجالية للسيد بحر العلوم في الجزء الثالث منه في صفحة قال (وهو من مشايخهما ـ أي الطوسي والنجاشي ـ وكونه من مشايخ

__________________

(١) معجم رجال الحديث ج ص.

(٢) معجم رجال الحديث ج ص.

(٣) دروس تمهيدية في القواعد الرجالية ص.

٣٨

الإجازة يلحقه بالثقات) وفي الجزء نفسه صفحة قال : (أنه أعلى طرقهما ـ أي الطوسي والنجاشي ـ إلى محمد ابن الحسن ابن الوليد) وهذا يعني أن أعلى طرق النجاشي والطوسي إلى الثقة الجليل محمد ابن الحسن ابن الوليد هو عن طريق ابن أبي جيد وهذا يفيد التوثيق.

وعلى هذا نلخص ما يفيد توثيق ابن أبي جيد كالتالي :

١ ـ أنه شيخ إجازة للشيخ النجاشي.

٢ ـ أنه شيخ إجازة للشيخ الطوسي.

٣ ـ ذكر النجاشي في طرقه روایات كثيرة ، علما بأن النجاشي ترك

الرواية عن الضعفاء وبتصريحه.

٤ ـ إن أعلى الطرق بالنسبة للشيخ والنجاشي إلى الجليل الثقة محمد

ابن الحسن ابن الوليد هو عن طريق ابن أبي جيد ، وهذا ظاهر

في وثاقة الرجل وجلالته.

وعليه فإن النقطة الثانية والثالثة والرابعة هي نقاط ثابتة لابن أبي جيد ولكن بالنسبة للأولى (شيخ الإجازة) نعم هو شيخ إجازة ، ولكن الكلام في دلالة شيخوخة الإجازة بالنسبة للنجاشي على الوثاقة ، لذا يلزم ذكر المبنى الذي تتكيء عليه دلالة شيخوخة الإجازة لتتم الفائدة ، وقبل ذكر ذلك نقول : لابد من التنبيه إلى كفاية ضم بعض القرائن مع بعضها لإثبات وثاقة الراوي كما هو الحال هنا.

٣٩

مبن دلالة شيخوخة الإجازة بالنسبة للنجاشي على الوثاقة :

ذكر النجاشي في ترجمة بعض الرواة ما يستفاد منه عدم روايته عن الضعفاء ، وأن النجاشي يوثق جميع مشايخه ، وأنه لا يروي إلا عمن يوثقه (١) ومن هذه العبارات :

ـ في ترجمة محمد ابن عبيد الله الجوهري قال: رأيت هذا الشيخ وكان صديقا لي ولوالدي وسمعت منه شيئا كثيرا ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا وتجنبته.

ـ وفي ترجمة آخر قال : وكان في أول أمره ثبتأ ثم خلط ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه ... رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيرا ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه.

ومثل تلك العبارات كثيرة في كتابه مما استفاد منها العلماء والمحققون أنها تدل على وثاقة مشايخ الإجازة بالنسبة للنجاشي. وقد صرح بذلك كثير من علمائنا کصاحب المعالم والبهائي وبحر العلوم والخوئي وغيرهم ، وفي واقع الأمر لم أر ـ فيما اطلعت عليه من مصادر ـ من المحققين المتقدمين أو المتأخرين من رد هذا الأمر ، وربما يصح القول بكون وجود إجماع علی دلالة شيخوخة الإجازة على الوثاقة. وعلى هذا تتم وثاقة ابن أبي جيد فلا يوجد من رد رواية لوجود ابن أبي جيد في السند بل أطلقوا على الروايات التي في سندها ابن أبي جيد ـ مع ثبوت وثاقة جميع رجال السند على أنهما روایات صحيحة ، وعليه نخلص إلى أن ابن أبي جيد شيخ جليل وثقة.

__________________

(١) راجع كتاب ، دروس تمهيدية في الصفحات التالية : ـ ـ .

٤٠