زيارة عاشوراء السنة الإلهية العظمى

فؤاد شبيب

زيارة عاشوراء السنة الإلهية العظمى

المؤلف:

فؤاد شبيب


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٦٥

وقد ذكر محمد علي الطهراني في كتاب مفاتیح الجنان للمحدث القمي في هامش رقم ـ ـ من ص وقال مانصه :

لا يخفى أنه حتی من ليس في ديانته ولا في صدقه شك أن الطريقة المتبعة لدى المرحوم آية الله السيد محمد کاظم اليزدي طاب ثراه هي ما كان يصفها فيقول ينبغي أن أن يصعد الزائر مكان مرتفعا فيبدأ بقراءة زيارة من زیارات الأمير عليه السلام ثم يسلم على سيد الشهداء عليه السلام سلام وجيرا ثم يلعن قاتليه لعن أكيد شديدا ثم يصلي ركعتين صلاة الزيارة ثم يكبر مئة مرة ثم يقرأ زيارة عاشوراء بما فيها اللعن مئة مرة والسلام مئة مرة والدعاء اللهم خص ودعاء السجدة ثم يصلي ركعتين أخريين بعد ذلك ، وأنا العاصي قد سمعت المرحوم آية الله الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري طاب ثراه يصف طريقة كانت متبعة لدى المرحوم آية الله الميرزا الشيرازي طاب ثراه يراها صحيحة ناتجة عن الجمع بين الأخبار ، فكانت تتفق مع هذه الطريقة ولكن مع حذف زيارة الأمير عليه السلام والتكبير مئة مرة ... العاصي محمد علي الطهراني.

وبهذا يظهر أن طريقة السيد اليزدي كالتالي :

١/ الصعود إلى مكان مرتفع

/ زيارة أمير المؤمنين عليه السلام (إحدى زيارات الأمير عليه السلام)

٣/ السلام على الحسين عليه السلام سلام وجيز

٤ / يلعن قاتليه لعنا شديد وأكيد

٥/ الصلاة ركعتين ، صلاة الزيارة

٦/ يكبر مائة مرة.

١٠١

/ قراءة زيارة عاشوراء (كاملة)

/ الصلاة ركعتين

وفي هذه الطريقة ملاحظات :

الأولى : فعل الصلاة قبل وبعد الزيارة ، وهذا بلا ريب أحوط لإحتمال فعلها في هذه الموراد بسبب الإجمال السابق.

الثانية : التكبير مائة مرة ، ولعل المستند في ذكر التكبير مائة مرة أمران الأول : حمل التكبير المستحب قبل الزيارة عموما كما قال الكفعمي. الثاني : أن السيد ابن طاووس في المصباح والمزار کما نقل ذلك العلامة المجلسي في بحاره الجزء في ص ، قال : إن مكان قوله من بعد الركعتين : قوله من بعد التكبير. وقد يحمل التكبير على الصلاة محازا والله العالم

الثالثة : والأهم أنه لا يوجد ذكر لدعاء صفوان بن مهران بعد الزيارة أو بعد الصلاة أو في أي موضع آخر. أما طريقة السيد المحدد الشيرازي قدس سره كالتالي :

/ الصعود لمكان مرتفع

٢/ السلام على الحسين سلام وجيز

٣/ يلعن قاتليه لعنة أكيد

٤/ الصلاة ركعتين (صلاة الزيارة)

٥/ها قراءة الزيارة (زيارة عاشوراء)

٦/ الصلاة ركعتين

وهي خالية من التكبير مائة مرة والسلام على الأمير ، وكذا خالية من دعاء صفوان بعد الزيارة ، ولعل في رقم ـ ه ـ قراءة الزيارة بمعناه الشامل للزيارة والدعاء ، والله العالم.

١٠٢

وهاتان الطريقتان واضحتان في كوفما محاولة للجمع بين الأخبار والظاهر ـ والله العالم ـ أن الكل حسن.

* مع العلامة المجلسي في البحار:

ذكر العلامة المجلسي في بحار الأنوار الجزء في ص معقبا ومبينا على کلام الإمام عليه السلام حين قال : (إذا أنت صليت الركعتين) قال العلامة المحلسي : أقول : وفي العبارة إشكال وإجمال وتحتمل وجوها .. ثم ذكر ستة وجوه وطرق لبيان موضع الصلاة من الزيارة ، وهذا يعني أنه ذكر ست طرق للزيارة وهي كالتالي :

الأول : أن يكون فعل تلك الأعمال والأدعية قبل الصلاة وبعدها مکررا. وهذا يعني الإتيان بالزيارة والدعاء وغيرها على أي وجه من الوجوه السابقة ولكن المهم الإتيان بالصلاة قبل وبعد جميع الأذكار.

الثاني : أن يكون المراد الإيماء بسلام آخر بأي لفظ أراد ثم الصلاة ثم قراءة الأدعية المخصوصة. وعليه تكون الطريقة كالتالي :

/ الإيماء بسلام إلى الحسين عليه السلام

/ الصلاة (صلاة ركعتي الزيارة)

/ قراءة الزيارة (زيارة عاشوراء)

٤/ الأدعية المخصوصة (دعاء صفوان)

وحمل الكفعمي العبارة على هذا الرأي. مع وجود مائة تكبيرة بعد الصلاة.

الثالث :

١٠٣

أن يكون المراد بالسلام قوله : السلام عليك إلى أن ينتهي إلى الأذكار المكررة ثم يصلي ويكرر كلا من الدعاءين مائة بعد الصلاة ويأتي بما بعدها. وعليه :

/ قراءة زيارة عاشوراء إلى أن يصل إلى اللعن مائة مرة ويقف قبل أن يلعن

/ يصلي ركعتين (الزيارة)

٣/ بعد الصلاة يأتي بمائة من اللعن ومائة مرة السلام.

٤/ ثم دعاء السجدة

٥/ دعاء صفوان بعد الزيارة

الرابع :

أن تكون الصلاة بعد تكرار الذکرین مائة مائة ثم بعد الصلاة : اللهم خ ص ... إلى آخر الأدعية. وعليه :

/ قراءة الزيارة واللعن مائة والسلام مائة ويقف

/ صلاة ركعتين (الزيارة)

٣/ ثم بعد الصلاة يأتي بدعاء .. اللهم خص ... وكذا دعاء السجدة

٤/ دعاء صفوان بعد الزيارة

الخامس :

أن تكون الصلاة متوسطة بين هذين الذكرین لقوله عليه السلام واجتهد على قاتله بالدعاء وصل بعدها والظاهر من هذا الكلام مايلي :

/ قراءة زيارة عاشوراء إلى أن ينتهي من اللعن مائة مرة.

١٠٤

/ الصلاة بعد اللعن (رکعي الزيارة).

٣/ السلام مائة مرة إلى أخره.

٤/ دعاء صفوان بعد الزيارة.

السادس :

أن تكون الصلاة متصلة بالسجود ولعل هذا أظهر المناسبة السجود بالصلاة ولأن ظاهر الخبر كون الصلاة بعد كل سلام ولعن. وهذا الرأي ما استظهره العلامة وهو كما يلي:

/ قراءة الزيارة مع اللعن مائة والسلام مائة ودعاء اللهم خص .. ثم يقف

/ الصلاة بعد دعاء اللهم خص.

٣/ دعاء السجدة بعد الصلاة

٤/ الأدعية المخصوصة.

كما أن العلامة المجلسي بعد أن ذكر هذه الطرق قال : وعلى التقادير العبارة في غاية التشويش ، وقال : ولعل الأحوط فعل الصلاة في المواضع المحتملة كلها.

١٠٥

الخلاصة :

وبهذا تظهر الطرق المتعددة في الزيارة والتي تربو على ثمانية طرق بالإضافة إلى نص الروايات فتكون إحدى عشرة طريقة.

وكيف كان ..

فإن الإتيان بها على أي وجه لا إشكال ولا شبهة في استحبابه ، وقد سألت أحد العلماء الأجلة عن الطريقة المناسبة التي ترونها في زيارة عاشوراء؟ قال : بأي طريقة تأتي فيها الثواب المرجو إنشاء الله تعالى .. والمهم الإتيان بما كاملة من اللعن والسلام مائة مرة ...

فينبغي العمل بما هو أقرب إلى الرواية أو الأقرب للجمع بين الأخبار للحصول على شرف الإتيان بالزيارة ، والله أكرم الأكرمين.

١٠٦

اختصار زيارة عاشوراء:

جاء في كتاب (الصدف المشحون بأنواع العلوم والفنون) وهو فارسي المؤلفه المولى محمد الشريف ابن الرضا الشيراويني. والكتاب في محلدين ، وقد ذكر في المجلد الثاني وقال :

حدثني محمد بن الحسن الطوسي في الروضة الرضوية يوم الإثنين ٤ محرم ١٢٤٨ قال : حدثي رئيس المحدثين العالم المحقق الشيخ حسين آل عصفور البحراني ، قال حدثني والدي عن أبيه عن جده بسنده إلى الإمام أبي الحسن علي الهادي النقي عليه السلام (١) أن من قرأ مة اللعن في زيارة عاشوراء ثم قال : اللهم العنهم جميعا تسعة وتسعين مرة كفي عن المائة وكذا السلام. وكذا في كتاب (ربع قرن مع العلامة الأميني) للحاج حسين الشاكري حيث جاء في ص قال : روى العلامة الفذ المولى شريف الشيراوني في كتابه (الصدف) ج ص عن مشايخه الأجلة معنعنا عن الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام أنه قال : من قرأ لعن زيارة عاشوراء المشهورة مرة واحدة ، ثم قال ((اللهم العنهم جميعا تسعة وتسعين مرة كان كمن قرأ المائة مرة ومن قرأ سلامها مرة واحدة ثم قال : السلام على الحسين وعلی علي ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين تسعة وتسعين مرة كان كمن قرأ المائة تامة من أولها إلى آخرها.

وهذا ملخص ما أورده وقاله العلامة الامين في كتاب آداب الزائر لمن يم الحائر بضمان وثواب زيارة عاشوراء ودعاء العلقمي. وهو ما نقله حسين الشاكري في الكتاب.

__________________

(١) الذريعة ج ص

١٠٧

ومثله ـ مع اختلاف يسير ـ ما نقله صاحب كتاب (ضياء الصالحين) في ص عن نقل النص عن ممتاز الدعوات عن كتاب الصدف. ولكنه ذكر أن لمحمد بن الحسن الطوسي أسانيد متعددة عن الإمام الهادي عليه السلام.

وخلاصته المذكورة :

أنه إذا قرأ الإنسان زيارة عاشوراء ووصل إلى جملة ... اللهم العن أول ظالم ظلم ... إلى آخره ، يقول بعد إتمام الجملة : اللهم العنهم جميعا تسعة وتسعين مرة.

وكذا عند السلام .. السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك ... إلى آخرها .. ثم يقول : السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ، تسعة وتسعين مرة ثم صلى ركعتين بعد السجدة وادع بعدها بدعاء صفوان بعد الزيارة ....

وهذا ملخص ماجاء في اختصار زيارة عاشوراء حيث أن اللعن مائة والسلام مائة تأخذ وقتا من المرء، جاءت هذه الرواية بهذا السند عن الإمام الهادي عليه السلام مختصر الزيارة ، وخصوص الاختصار في اللعن والسلام بدل المائة مرة، مرة واحدة معقبا بعدها بتسع وتسعين مرة.

١٠٨

قراءة زيارة عاشوراء أربعين مرة

فلسفة العدد

قرأت قصصا كثيرة تنقل عن بعض علمائنا رضوان الله عليهم إما عنهم أي هم يقرؤون الزيارة أربعين مرة ، أو أنهم يأمرون بذلك.

وفيما اطلعت عليه لم أجد نصا صريحا عن المعصوم علیه السلام يقول بزيارة عاشوراء أربعين مرة ، لذا أفردت هذه الصفحات بالبحث حول هذا العدد الأربعين) بصورة عامة ثم ننتهي بالنتيجة والتي قد تنطبق على زيارة عاشوراء وغيرها من الآداب والسنن والأدعية.

نواجه في القرآن الكريم والروايات المأثورة عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذا عن أهل البيت عليهم السلام نصوص كثيرة تضم بين جوانبها أعدادا كالسبعة والسبعين والأربعين وغيرها من الأعداد والتي يقف المرء محتارا لا يستطيع التعرف على أسرارها وفلسفتها الوجودية.

ومن بين هذه الأعداد ـ عدد الأربعين ـ بل ترى أن هذا العدد امتیازا على غيره من الأعداد (وربما) يصح القول بأن عدد الأربعين يفوق جميع الأعداد من حيث الامتيازات الخاصة والنصوص الواردة ـ والله العالم ـ فقد وردت آیات وروایات كثيرة تستوقف المطلع على مايمكن استلهامه منها.

ومن الآيات والروايات التي ذكرت في عدد الأربعين) مايلي :

أولا : الآيات :

جاء في سورة البقرة آية (٥١) (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون).

١٠٩

وفي سورة المائدة آية () : (قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين)

وفي سورة الأحقاف آية () (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال ربي أوزعني أن أشكر نعمتك).

وغيرها من الآيات الطاهرات ، فورود هذا العدد (الأربعين) في هذه الآيات الطاهرة لم يكن ـ والعياذ بالله ـ اعتباطا بل له دلالاته التي يحتار في مغازيها الكمل وذوو الألباب ، وأما عن الروايات فهي كثيرة جدا وسنذكر شيئا منها ، وللتزود أكثر يمكن مراجعة كتاب الخصال لابن بابوية القمي.

الروايات :

وهي على انواع ، منها :

/ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (من قدم أربعين رجلا من إخوانه فدعا لهم ثم دعا لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه) (١)

/ وعنه عليه السلام : (إذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين فقالوا اللهم إنا لا نعلم منه إلا خير وأنت أعلم به منا قال الله تبارك وتعالى قد أجرت شهادتكم وغفرت له ماعلمت مما لا يعلمون) (٢)

٣/ وعنه عليه السلام : (ما من رهط أربعين رجلا من المؤمنين اجتمعوا فدعوا الله عز وجل في أمر إلا استجاب لهم) (٣)

__________________

(١) الخصال ص

(٢) الأربعون حديثا ص

(٣) الأربعون حديثا عن الوسائل ج ٤

١١٠

٤/ عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ختنوا أولادكم يوم السابع فإنه اطهر واطيب وأسرع لنبات اللحم، فإن الأرض تنجس من بول الأغلف أربعين صباحا) (١)

٥/ وعن الإمام العسكري عليه السلام أنه قال : (علامات المؤمن خمس : صلاة الخمسين ، وزيارة الأربعين ، والتختم باليمين ، وتعفير الجبين ، والجهر بسم الله الرحمن الرحيم) (٢)

٦/ وعن الباقر عليه السلام قال : (ما اخلص عبد الإيمان بالله أربعين يوما ، أو قال ما أجمل عبد ذكر الله أربعين يوما إلا زهده الله في الدنيا ، وبصره دائها ودوائها ، وأثبت الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه ..) (٣)

/ والحديث المشهور عن أبي عبد الله عليه السلام (قال من حفظ من شيعتنا أربعين حديثا بعثه الله عز وجل يوم القيامة عالما فقيها ولم يعذبه) (٤)

وغيرها .. وغيرها من الروايات كاحتباس الوحي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعين يوما وغيرها من الأحداث كالانتقال بين النطفة والعلقة والمضغة .....

وبعد هذا .. فمن الواضح جدا أن هذا العدد خصوصية عند الشارع المقدس ولكن مع بالغ الأسف (أيها القارئ الكريم) حاولت جاهدا عبر وسائل مختلفة أن أتوصل إلى كلام أحد الأعلام في فلسفة هذا العدد واستنطاقه بالتفكير الأصولي والفقهي ، ولكني لم أجد بسبب شح المصادر في هذه البلاد ...

__________________

(١) الخصال ص

(٢) وسائل الشيعة ج

(٣) بحار الأنوار ج ص ٤

(٤) بحار الأنوار ج ص

١١١

ولعل ـ أكرر القول (لعل) ـ مما سبق من الآيات والروايات ومواقف العلماء بالعمل بزيارة عاشوراء أربعين مرة أو أمرهم بقراءة الزيارة أربعين مرة يمكن توجيه ذلك بأحد الوجوه العامة والتي منها :

١/ لعل تكرار العمل أربعين مرة يوجب الإصرار في الإلحاح والتوجه والدعاء والزيارة مما ينتج في النهاية الإستجابة.

/ لعل هناك أمرا عاما بالعدد الأربعين خفي علينا.

٣/ لعل في هذا العدد توجيها وحث على العمل المتواصل بحيث خلال هذه المدة (أربعين مرة) مرة واحدة فقط يكون الإخلاص من الزائر أو الداعي لله سبحانه ، فيستجاب له بسبب هذه المرة ، والله العالم.

١١٢

الفصل الرابع

١ ـ في فضل زيارة الإمام الحسين (ع) ، في كل وقت وحين

ـ في فضل زيارة الإمام الحسين (ع) ، في أوقات مخصوصة.

٣ ـ في بعض مختصات الحسين (ع).

٤ ـ تأملات في فضل زيارة عاشوراء.

١١٣

تمهيد :

إن ثواب زيارة الإمام الحسين (ع) سواء عن قرب أو بعد تصعب الاحاطة به ، فإن مجرد ذكر هذه الألفاظ : (السلام عليك يا أبا عبد الله) لها من الثواب والفضل ، بل الأثر التشريعي والتكوين ما يذهل ذوي الألباب. ومما يثير الذهن اختصاص الإمام الحسين (ع) بمئات الروايات المختلفة في تحديد ثواب زیارته (ع) ، وكذا اختصاصه بزيارات خاصة في أوقات مخصوصة وفي ظروف معينة ، وبل واختصاصه بألفاظ لا تنطبق إلا عليه من دون العالمين ، كل ذلك يثير في الذهن التساؤلات الكثيرة والتي ملخصها : لماذا الحسين فقط؟.

وهذا الفصل ليس معقودا للإجابة على هذا التساؤل ، بل لتأكيد الخصائص والفضل في زيارته (ع).

وإليك الشيء اليسير :

١١٤

أولا : فضل زيارة الحسين (ع) في كل وقت وحين :

يوجد في الروايات حث مؤکد على زيارة الحسين عليه السلام عن قرب ، أي الإتيان عند القبر الشريف والسلام على الإمام. وكذلك يوجد ح ث مؤكد على زيارته (ع) لمن لا يستطيع ذلك ، أو كان في بعيد البلاد وأقاصيها ، كما أن الروايات الحاكية لفضل زيارته (ع) سواء عن قرب أو بعد متنوعة ومختلفة ، ونذكر هنا تلك الروايات في فضل زيارته (ع) و التي منها :

الحث على زيارته (ع) عن قرب في أي وقت :

عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (إن الله عز وجل ملائكة موكلين بقبر الحسين عليه السلام فإذا هم الرجل بزيارته أعطاهم الله ذنوبه ، فإذا أخطأ محوها ، ثم إذا أخطأ ضاعفوا له الحسنات فما تزال حسناته تضاعف حتى توجب له الجنة) (١)

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : (من لم يأت قبر الحسين عليه السلام من شیعتنا كان منتقص الإيمان منتقص الدين ، وإن دخل الجنة كان دون المؤمنين في الجنة) (٢)

وعن أبي عبد الله (ع) قال : (من أتى قبر الحسين عليه السلام تشوقا إليه كتبه الله من الآمنين يوم القيامة ، وأعطى كتابه بيمينه ، وكان تحت لواء الحسين ابن علي ـ ع ـ حتى يدخل الجنة فيسكنه في درجته إن الله سميع عليم) (٣)

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ص .

(٢) كامل الزیارات ص ، ومثله في التهذيب ج ٦ ص .

(٣) الوسائل ج ص ٤.

١١٥

وللمزيد من هذه الروايات انظر كامل الزيارات أو الوسائل أو المستدرك أو البحار أو غيرها من المصادر ، ومن هذه الروايات :

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل حجة وعمرة)

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل ثلاث حجج مع رسول الله ص لى الله عليه وآله).

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل عشرين حجة وعشرين عمرة).

إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل خمسة وعشرين حجة).

إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل ثلاثين حجة مبرورة متقبلة زاكية م ع رسول الله صلى الله عليه وآله).

إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل خمسين حجة مع رسول الله ص لى الله عليه وآله).

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل سبعين حجة بعد حجة الإسلام).

إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل تسعين حجة من حجج رسول الله ـ ص ـ بأعمارها)

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل مائة حجة ومائة عمرة).

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل ألف حجة متقبلة وألف عمرة مبرورة).

(إن زيارة الحسين عليه السلام تعدل ثواب ألفي حجة وألفي ألف عمرة مع

(رسول الله صلى الله عليه وآله ، والأئمة الراشدين عليهم السلام).

وغيرها .. وغيرها .. من الروايات ، ولعل الوجه باختلاف لسان الروايات في مقدار الثواب هو اختلاف الأفراد والنوايا والشرائط والخصوصيات

١١٦

وغيرها (والله العالم)، انظر كتاب نور العين في ثواب زيارة الإمام الحسين (ع).

وكذلك الحث على زيارته (ع) عن بعد ، بل يوجد حث على المداومة على زيارته (ع) في كل وقت وكل حين.

ثانيا : فضل زيارته في أوقات مخصوصة:

هناك تركيز على زيارة الحسين (ع) في أوقات مخصوصة وشريفة منها :

١ ـ زيارة الحسين (ع) في كل ليلة جمعة :

عن صفوان الجمال قال : قال لي أبو عبد الله (ع) لما أتى الحيرة : هل لك في قبر الحسين (ع)؟ قلت : وتزوره جعلت فداك؟ قال : كيف لا أزوره؟ والله يزوره في كل ليلة جمعة يهبط مع الملائكة إليه والأنبياء والأوصياء ومحمد (ص) أفضل الأنبياء ونحن أفضل الأوصياء. فقال صفوان : جعلت فداك فتزوره في كل جمعة حتى تدرك زيارة الرب؟ قال (ع) : نعم يا صفوان. الزم ذلك(١) ........

ـ ليلة النصف من شعبان :

عن أبي حمزة الثمالي : عن علي ابن الحسين عليهما السلام قال : من أحب أن يصافحه مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف بي فليزر الحسين (ع) ليلة النصف من شعبان ، فإن الملائكة والنبيين يستأذنون الله في زيارته فيؤذن لهم ، فطوبى لمن صافحهم وصافحوه) (٢). وقريب منه مروي عن الإمام الصادق (ع) في مصباح المتهجد.

__________________

(١) کامل الزیارات ص .

(٢) وسائل الشيعة ج ص ٤. ومثله في إقبال الأعمال ج ص ، وكذا البحار ج ص.

١١٧

وعن الإمام الباقر (ع) : (من زار الحسين عليه السلام في ليلة النصف من شعبان غفرت له ذنوبه ولم تكتب عليه سيئة في سنته حتى تحول عليه السنة. فإن زاره في السنة المقبلة غفرت له ذنوبه). (١)

كما أن هناك زيارة خاصة في هذه الليلة مذكورة في كتب الأدعية كالمصباح والكامل والمفاتيح والدعاء والزيارة وغيرها.

٣ ـ ثلاثة أوقات في شهر رمضان (أول ليلة ـ ليلة النصف ـ آخر ليلة) :

فقد ورد عن الإمام الصادق (ع) أنه قال : (من جاءه (ع) ـ أي الحسين ـ خاشعا محتسبا مستقی؟ مستغفر فشهد قبره في إحدى ثلاث ليال من شهر رمضان : أول ليلة من الشهر أو ليلة النصف أو آخر ليلة منه. تساقط عنه ذنوبه وخطاياه التي اجترحها كما يتساقط حشيم الورق بالريح العاصف. حتى إنه يكون من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه(٢) ... إلى آخر الرواية.

٤ ـ ليلة القدر :

جاء عن الإمام الصادق (ع) في هذه الآية (فيها يفرق كل أمر حکیم) قال (ع) : (هي ليلة القدر يقضى فيها أمر السنة من حج وعمرة أو رزق أو أجل أو أمر أو سفر أو نكاح أو ولد إلى سائر ما يلاقي ابن آدم مما يكتب له أو عليه في بقية ذلك الحول من تلك الليلة إلى مثلها من عام قابل وهي في العشر الأواخر من شهر رمضان فمن أدركها ـ أو قال : شهدها. عند قبر الحسين (ع) يصلي عنده ركعتين أو ما تيسر وسأل الله تعالى الجنة واستعاذ به من النار ، أتاه الله تعالى ما سأل وأعاذه مما استعاذ منه (٣) ...

__________________

(١) مصباح المتهجد ص.

(٢) بحار الأنوار ج ص .

(٣) إقبال الأعمال ج ص.

١١٨

٥ ـ ليلة العيد (عيد الفطر):

عن الصادق (ع) : (من زار قبر الحسين (ع) ليلة النصف من شعبان وليلة الفطر (١) ....)

٦ ـ ليلة عرفة :

وفي تتمة الرواية المتقدمة عن الإمام الصادق (ع) : (.. وليلة عرفة ..)، وعن الإمام الباقر (ع) أنه قال : (من بات ليلة عرفة في كربلاء وأقام بما حتى يعيد وينصرف وقاه الله شر سنته) (٢).

ـ يوم عرفة :

عن الإمام الصادق (ع) : (من أتى قبر الحسين عليه السلام بعرفة أقلبه الله ثلج الفؤاد (٣)).

ومثله عن الإمام الرضا (ع).

ـ ليلة العاشر من المحرم ويوم عاشوراء :

وهذا ما نحن بصدده في هذا الكتاب ، وتكفي هذه الزيارة لإثبات ذلك.

٩ ـ ليلة الأربعين (العشرين من شهر صفر) ويومه :

وقد وردت في ذلك روايات جمة ، منها : الرواية المشهورة عن الإمام العسكري عليه السلام وهي : (علامات المؤمن(٤)خمس: صلاة الإحدى والخمسين وزيارة الأربعين والتختم في اليمين وتعفير الجبين والجهر با بسم الله الرحمن الرحيم).

__________________

(١) تهذيب الأحكام ج ٦ ص .

(٢) كامل الزيارات ص ٤٥.

(٣) المصدر السابق ص.

(٤) نقلا عن كتاب آثار وبرکات سید الشهداء قال : في مصباح المتهجد (علامات المؤمنين خمس)

١١٩

وهناك أوقات في السحر أو الضحى قبل الزوال وغيرها من الأوقات. وكما لا يخفى فإن زيارته (ع) تستحب على كل حال وفي كل حين ، كما أن الأغلب هذه الأوقات المخصوصة زيارات خاصة بألفاظ معينة وردت عن المعصوم (ع).

١٢٠