بحوث في الملل والنّحل - ج ١

الشيخ جعفر السبحاني

بحوث في الملل والنّحل - ج ١

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: لجنة ادارة الحوزة العلمية بقم المقدّسة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٤

الكتاب يتناول آراء ومعتقدات الطوائف المختلفة التي شهدتها الساحة الفكرية الاسلامية في العصور اللاحقة لوفاة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وذلك في إطار من التحليل والمقارنة والدراسة والتقييم.
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

وسيوافيك تمام الرسالة في الفصل القادم .

ومما يوجب الأسف أن الوهابية أخذت تروج عقائد التجسيم والتشبيه وإليك قصيدة في ذلك الباب نشرت في عاصمة التوحيد مكة المكرمة :

لله وجه لا يحد بصورة

ولربنا عينان ناظرتان

وله يدان كما يقول إلهنا

ويمينه جلت عن الأيمان

كلتا يديه يمين وصفها

فهما على الثقلان منفقتان (١)

كرسيه وسع السماوات العلى

والأرض وهو يعمه القدمان

والله يضحك لا كضحك عبيده

والكيف ممتنع على الرحمن

والله ينزل كل آخر ليلة

لسمائه الدنيا بلا كتمان

فيقول : هل من سائل فأجيبه

فأنا القريب أجيب من ناداني

من قصيدة عبد الله بن محمد الأندلسي المالكي نشرت في « أربح البضاعة في معتقد أهل السنة والجماعة » ص ٣٢ جمع علي بن سليمان آل يوسف ـ منشور مكة المكرمة سنة ١٣٩٣ هـ . كما في التمهيد ، الجزء الثالث ص ٩٠ لشيخنا الحجة محمد هادي معرفة ـ دام ظله ـ .

____________________

(١) هكذا ورد .

١٦١

بحوث في الملل والنحل الجزء 1 الشيخ جعفر السبحاني

١٦٢

الفصل السادس

عصارات مدونة من عقائد أهل الحديث

إن هذه الروايات التي سبقت تمثل عقائد أهل الحديث في العصور الأولى الإسلامية حيث نسجت العقائد عليها وحيكت على نولها ، وقد بلغت بشاعة الأمر إلى حد أوجبت سقوط عقيدة أهل الحديث عن مقامها في نفوس الناس بعدما انتشرت في أرجاء البلاد ، ولولا ثورة الإمام الأشعري على عقيدة أهل الحديث لكانت البشاعة أكثر .

ونحن نأتي في هذا المجال ببعض الرسائل المدونة لبيان عقيدة أهل الحديث والحنابلة :

١ ـ رسالة إمام الحنابلة في عقيدتهم

إن إمام الحنابلة كتب رسالة صغيرة حول عقيدة أهل الحديث والسنة وهي أخف وطأة مما ورد في كتب الحديث ، وإليك نص تلك الرسالة .

قال : هذه مذاهب أهل العلم ، وأصحاب الأثر ، وأهل السنة ، المتمسكين بعروتها ، المعروفين بها ، المقتدى بهم فيها ، من لدن أصحاب النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) إلى يومنا هذا . وأدركت من أدركت ـ من علماء الحجاز والشام وغيرهما ـ عليها .

فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب ، أو طعن فيها ، أو عاب قائلها ،

١٦٣

فهو مخالف مبتدع ، وخارج عن الجماعة ، زائل عن منهج السنة ، وسبيل الحق .

فكان قولهم : إن الإيمان قول وعمل ونية ، وتمسك بالسنة . والإيمان يزيد وينقص . ويستثنى في الإيمان ، من غير أن يكون لشك . إنما هو سنة ماضية عن العلماء .

فإذا سئل الرجل : مؤمن أنت ؟ فإنه يقول : أنا مؤمن إن شاء الله . ومؤمن أرجو ، أو يقول : آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله .

ومن زعم أن الإيمان قول بلا عمل ، فهو مرجئي .

ومن زعم أن الإيمان هو القول ، والأعمال فشرائع : فهو مرجئي .

ومن زعم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، فقد قال بقول المرجئة .

ومن أنكر الاستثناء في الإيمان ، فهو مرجئي .

ومن زعم أن إيمانه كإيمان جبريل والملائكة فهو جهمي .

والقدر خيره وشره ، وقليله وكثيره ، وظاهره وباطنه ، وحلوه ومره ، ومحبوبه ومكروهه ، وحسنه وسيئه ، وأوله وآخره .

والله عز وجل قضى قضاءه على عباده ، لا يجاوزون قضاءه ، بل هم كلهم صائرون إلى ما خلقهم له ، واقعون فيما قدر عليهم لا محالة ، وهو عدل منه عز وجل .

والزنى والسرقة ، وشرب الخمر ، وقتل النفس ، وأكل المال الحرام ، والشرك بالله عز وجل ، والذنوب والمعاصي ، كلها بقضاء وقدر من الله عز وجل ، من غير أن يكون لأحد من الخلق على الله حجة ، بل لله عز وجل الحجة البالغة على خلقه « لا يسأل عما يفعل وهم يسألون » .

وعلم الله عز وجل ماض في خلقه بمشيئة منه ، قد علم من إبليس ومن غيره ممن عصاه ـ من لدن عصاه إبليس إلى أن تقوم الساعة ـ المعصية ، وخلقهم لها وعلم الطاعة من أهل الطاعة وخلقهم لها ، فكل يعمل بما خلق

١٦٤

له ، وصائر إلى ما قضى الله عليه منه ، لم يعد أحد منهم قدر الله عز وجل ومشيئته ، والله الفعال لما يريد .

ومن زعم أن الله عز وجل شاء لعباده الذين عصوا ، الخير والطاعة وأن العباد شاؤوا لأنفسهم الشر والمعصية ، يعملون على مشيئتهم ، فقد زعم أن مشيئة العباد أغلب من مشيئة الله عز وجل . فأي افتراء على الله أكبر من هذا ؟

ومن زعم أن الزنى ليس بقدر ، قيل له : أرأيت هذه المرأة حملت من الزنى ، وجاءت بولد ، هل شاء الله عز وجل أن يخلق هذا الولد ؟ وهل مضى هذا في سابق علمه ؟ فإن قال : لا ، فقد زعم أن مع الله تعالى خالقاً وهذا هو الشرك صريحاً .

ومن زعم أن السرقة وشرب الخمر وأكل المال الحرام ، ليس بقضاء فقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره . وهذا يضارع قول المجوسية . بل كل رزقه الله ، وقضى الله عز وجل أن يأكله من الوجه الذي أكله .

ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر من الله عز وجل ، فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله ، وأي كفر أوضح من هذا ؟ بل كان ذلك بقضاء الله عز وجل وقدره وكل ذلك بمشيئته في خلقه ، وتدبيره فيهم ، وما جرى من سابق علمه فيهم . وهو العدل الحق الذي يفعل ما يريد .

ومن أقر بالعلم لزمه الإقرار بالقدر والمشيئة .

ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله ولا بكبيرة أتاها ، إلا أن يكون في ذلك حديث ، فنروي الحديث كما جاء على ما روي . نصدق به . ونعلم أنه كما جاء . ولا تنقض الشهادة .

والخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان ، ليس لأحد من الناس أن ينازعهم فيها ، ولا يخرج عليهم ، ولا نقر لغيرهم بها إلى قيام الساعة .

والجهاد ماض ، قائم مع الإمام ، براً أو فاجراً . ولا يبطله جور جائر ، ولا عدل عادل .

١٦٥

والجمعة والحج والعيدان مع الأئمة ، وإن لم يكونوا بررة عدولاً أتقياء .

ودفع الصدقات والأعشار والخراج والفيء ، والغنائم إلى الأمراء ، عدلوا فيها أو جاروا . والانقياد لمن ولاه الله عز وجل أمركم لا تنزع يداً من طاعته ، ولا تخرج عليه بسيفك ، يجعل الله لك فرجاً ومخرجاً ولا تخرج على السلطان ، بل تسمع وتطيع فإن أمرك السلطان بأمر ـ هو لله عز وجل معصية ـ فليس لك أن تطيعه وليس لك أن تخرج عليه ، ولا تمنعه حقه ، ولا تعن على فتنة بيد ولا لسان ، بل كفف يدك ولسانك ، وهواك . والله عز وجل المعين .

والكف عن أهل القبلة . ولا نكفر أحداً منهم بذنب ، ولا نخرجهم عن الإسلام بعمل ، إلا أن يكون في ذلك حديث فيروى كما جاء ، وكما روي ، ونصدقه ونقبله ونعلم أنه كما روي نحو ترك الصلاة وشرب الخمر ، وما أشبه ذلك أو يبتدع بدعة ينسب صاحبها إلى الكفر والخروج عن الإسلام فاتبع الأثر في ذلك ولا تجاوزه .

ولا أحب الصلاة خلف أهل البدع ، ولا الصلاة على من مات منهم .

والأعور الدجال خارج لا شك في ذلك ولا ارتياب . وهو أكذب الكذابين . وعذاب القبر حق . يسأل العبد عن دينه ، وعن ربه ، ويرى مقعده من النار والجنة ومنكر ونكير حق (١) وهما فتانا القبور ، نسأل الله عز وجل الثبات .

وحوض النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) حق ، ترده أمته ، وله آنية يشربون بها منه . الصراط حق يوضع على شفير جهنم ويمر الناس عليه ، والجنة من وراء ذلك نسأل الله عز وجل السلامة في الجواز .

والميزان حق ، توزن به الحسنات والسيئات ، كما شاء أن توزن .

والصور حق ، ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام فيموت الخلق ، ثم ينفخ

____________________

(١) هل في اسميهما حديث صحيح ؟

١٦٦

فيه أخرى فيقومون لرب العالمين عز وجل للحساب والقصاص والثواب والعقاب .

والجنة والنار واللوح المحفوظ حق ، تستنسخ منه أعمال العباد مما سبقت فيه من المقادير والقضاء .

والقلم حق ، كتب الله به مقادير كل شيء وأحصاه في الذكر تبارك وتعالى .

والشفاعة حق يوم القيامة ، يشفع قوم في قوم فلا يصيرون إلى النار ويخرج قوم من النار بعدما دخلوها بشفاعة الشافعين ، ويخرج قوم من النار برحمة الله عز وجل بعدما لبثوا فيها ما شاء الله عز وجل ، وقوم يخلدون فيها أبداً ، وهم أهل الشرك والتكذيب والجحود والكفر بالله عز وجل .

ويذبح الموت يوم القيامة بين الجنة والنار .

وقد خلقت النار وما فيها ، وخلقت الجنة وما فيها ، خلقهما الله عز وجل ، ثم خلق الخلق لهما ، لا يفنيان ، ولا يفنى ما فيهما أبداً .

فإن احتج مبتدع بقوله تعالى ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) (١) ونحو هذا من متشابه القرآن .

قيل له : كل شيء مما كتب الله عز وجل عليه الفناء والهلاك هالك ، والجنة والنار خلقهما الله عز وجل للبقاء لا للفناء ولا للهلاك وهما من الآخرة لا من الدنيا .

والحور العين ، لا يمتن عند قيام الساعة ، ولا عند النفخة أبداً لأن الله عز وجل خلقهن للبقاء ، لا للفناء ولم يكتب عليهن الفناء ولا الموت ، فمن قال خلاف ذلك فهو مبتدع .

وخلق الله سبع سماوات ، بعضها فوق بعض ، وسبع أرضين بعضها

____________________

(١) سورة القصص : الآية ٨٨ .

١٦٧

أسفل من بعض . وبين الأرض العليا والسماء الدنيا خمس مئة عام ، وبين كل سماءين مسيرة خمس مئة عام . والماء فوق السماء السابعة ، وعرش الرحمن تبارك وتعالى فوق الماء . والله عز وجل على العرش . وهو يعلم ما في السماوات السبع والأرضين السبع و [ ما ] بينهما وما تحت الثرى ، وما في قعر البحار ومنبت كل شعرة ، وكل شجرة ، وكل زرعة ، وكل نبت ، ومسقط كل ورقة ، وعدد ذلك وعدد الحصا والرمل والتراب ، ومثاقيل الجبال ، وأعمال العباد وآثارهم ، وكلامهم وأنفاسهم ويعلم كل شيء لا يخفى عليه شيء من ذلك ، وهو على العرش ، فوق السماء السابعة وعنده حجب من نار ونور وظلمة وماء ، وهو أعلم بها .

فإن احتج مبتدع أو مخالف بقوله تعالى : ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) (١) أو بقوله عز وجل : ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ) (٢) أو بقوله تعالى : ( مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ) (٣) ونحو هذا من متشابه القرآن .

قيل : إنما يعني بذلك العلم . لأن الله تبارك وتعالى على العرش فوق السماء السابعة العليا ، يعلم ذلك كله ، وهو تعالى بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان ، والله تعالى على العرش . وللعرش حملة يحملونه . والله عز وجل على عرشه .

والله تعالى سميع لا يشك ، بصير لا يرتاب ، عليم لا يجهل ، جواد لا يبخل ، حليم لا يعجل ، حفيظ لا ينسى ، يقظان (٤) لا يسهو ، قريب لا يغفل ، يتكلم ويسمع وينظر ، ويبصر ويضحك ، ويفرح ويحب ، ويكره ويبغض ، ويرضى ويغضب ويسخط ، ويرحم ويعفو ويعطي ويمنع ، وينزل تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف يشاء ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ

____________________

(١) سورة ق : الآية ١٦ .

(٢) سورة الحديد : الآية ٤ .

(٣) سورة المجادلة : الآية ٧ .

(٤) لم ترد هذه الكلمة في الكتاب ولا السنة . ولعل الأولى أن يقال : ( لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ) .

١٦٨

السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (١) وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرب عز وجل ، يقلبها كيف يشاء ويوعيها ما أراد .

وخلق الله عز وجل آدم عليه السلام بيده والسماوات والأرض يوم القيامة في كفه . ويخرج قوماً من النار بيده ، وينظر أهل الجنة إلى وجهه . ويرونه فيكرمهم ويتجلى لهم فيعطيهم . ويعرض عليه العباد يوم الفصل والدين ، ويتولى حسابهم بنفسه ، لا يولى ذلك غيره عز وجل .

والقرآن كلام الله ، ليس بمخلوق ، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر .

ومن زعم أن القرآن كلام الله عز وجل ووقف ، ولم يقل : مخلوق ولا غير مخلوق ، فهو أخبث من الأول . ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة ، والقرآن كلام الله فهو جهمي . ومن لم يكفر هؤلاء القوم كلهم فهو مثلهم .

وكلم الله موسى تكليماً ، من الله سمع موسى يقيناً ، وناوله التوراة من يده ، ولم يزل الله متكلماً عالماً ، تبارك الله أحسن الخالقين .

والرؤيا من الله عز وجل حق ، إذا رأى صاحبها شيئاً في منامه يقصها على عالم ، وقد كانت الرؤيا من الأنبياء وحياً .

ومن السنة : ذكر محاسن أصحاب رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) كلهم أجمعين والكف عن الذي شجر بينهم . فمن سب أصحاب رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) ، أو واحداً منهم ، فهو مبتدع رافضي ، حبهم سنة ، الدعاء لهم قربة ، والاقتداء بهم وسيلة ، والأخذ بآثارهم فضيلة .

وخير هذه الأمة ـ بعد نبيها ( صلی الله عليه وآله وسلم ) ـ أبو بكر ، وخيرهم ـ بعد أبي بكر ـ عمر ، وخيرهم ـ بعد عمر ـ عثمان ، وخيرهم ـ بعد عثمان ـ

____________________

(١) سورة الشورى : الآية ١١ .

١٦٩

علي ، رضوان الله عليهم ، خلفاء راشدون مهديون . ثم أصحاب محمد ( صلی الله عليه وآله وسلم ) بعد هؤلاء الأربعة ، لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم ، ولا يطعن على أحد منهم فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ، ليس له أن يعفو عنه ، بل يعاقبه ثم يستتيبه ، فإن تاب قبل منه . وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة . وجلده في المجلس حتى يتوب ، ويراجع » (١) .

*       *      *

ثم إن الشيخ أبا جعفر المعروف بالطحاوي المصري ( المتوفى عام ٣٢١ هـ ) كتب رسالة حول عقيدة أهل السنة تشتمل على مائة وخمسة أصول ، زعم أنها عقيدة الجماعة والسنة على مذهب فقهاء الملة : أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري ، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني والرسالة صغيرة كتب عليها تعاليق وشروح كثيرة .

ولما ثار الإمام الأشعري على المعتزلة وانخرط في سلك أهل الحديث ، جاء في الباب الثاني من كتاب « الإبانة » بعقيدة أهل السنة والجماعة في واحد وخمسين أصلاً ، وإليك هذه الرسالة :

٢ ـ رسالة « الأشعري » في عقيدة أهل الحديث

قولنا الذي نقول به ، وديانتنا التي ندين بها : التمسك بكتاب ربنا عز وجل ، وبسنة نبينا ( صلی الله عليه وآله وسلم ) ، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون . وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ـ نضر الله وجهه ، ورفع درجته وأجزل مثوبته ـ قائلون ، ولمن خالف قوله مجانبون لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل ، الذي أبان الله به الحق ، ودفع به الضلال ، وأوضح به المنهاج ، وقمع به بدع المبتدعين ، وزيغ

____________________

(١) السنة لأحمد بن حنبل : ص ٤٤ ـ ٥٠ .

١٧٠

الزائغين وشك الشاكين ، فرحمة الله عليه من إمام مقدم ، وجليل معظم ، وكبير مفخم ، وعلى جميع أئمة المسلمين .

وجملة قولنا :

١ ـ أنا نقر بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، وما جاء من عند الله ، وما رواه الثقات عن رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) لا نرد من ذلك شيئاً .

٢ ـ وأن الله عز وجل إله واحد لا إله إلا هو ، فرد صمد لم يتخذ صاحبة ولا ولداً .

٣ ـ وأن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق .

٤ ـ وأن الجنة والنار حق .

٥ ـ وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور .

٦ ـ وأن الله استوى على عرشه كما قال : ( الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ) (١) .

٧ ـ وأن له وجهاً بلا كيف كما قال : ( وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) (٢) .

٨ ـ وأن له يدين بلا كيف كما قال : ( خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) (٣) ، وكما قال : ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ) (٤) .

٩ ـ وأن له عيناً بلا كيف كما قال : ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) (٥) .

١٠ ـ وأن من زعم أن أسماء الله غيره كان ضالاً .

____________________

(١) سورة طه : الآية ٥ .

(٢) سورة الرحمن : الآية ٢٧ .

(٣) سورة ص : الآية ٧٥ .

(٤) سورة المائدة : الآية ٦٤ .

(٥) سورة القمر : الآية ١٤ .

١٧١

١١ ـ وأن لله علماً كما قال : ( أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ) (١) ، وكما قال ( وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ ) (٢) .

١٢ ـ ونثبت لله السمع والبصر ولا ننفي ذلك ، كما نفته المعتزلة والجهمية والخوارج .

١٣ ـ وثبت أن لله قوة كما قال : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ) (٣) .

١٤ ـ ونقول : إن كلام الله غير مخلوق ، وإنه لم يخلق شيئاً إلا وقد قال له : كن فيكون ، كما قال : ( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (٤) .

١٥ ـ وإنه لا يكون في الأرض شيء من خير وشر إلا ما شاء الله ، وإن الأشياء تكون بمشيئة الله عز وجل .

وإن أحداً لا يستطيع أن يفعل شيئاً قبل أن يفعله الله ـ

١٦ ـ ولا نستغني عن الله ، ولا نقدر على الخروج من علم الله عز وجل .

١٧ ـ وإنه لا خالق إلا الله ، وإن أعمال العبد مخلوقة لله مقدورة ، كما قال : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) (٥) .

وإن العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئاً وهم يخلقون ، كما قال : ( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ) (٦) ، وكما قال : ( لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) (٧) وكما

____________________

(١) سورة النساء : الآية ١٦٦ .

(٢) سورة فاطر : الآية ١١ .

(٣) سورة فصلت : الآية ١٥ .

(٤) سورة النحل : الآية ٤٠ .

(٥) سورة الصافات : الآية ٩٦ .

(٦) سورة فاطر : الآية ٣ .

(٧) سورة النحل : الآية ٢٠ .

١٧٢

قال : ( أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لَّا يَخْلُقُ ) (١) ، وكما قال : ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ) (٢) وهذا في كتاب الله كثير .

١٨ ـ وإن الله وفق المؤمنين لطاعته ، ولطف بهم ، ونظر إليهم ، وأصلحهم وهداهم ، وأضل الكافرين ولم يهدهم ، ولم يلطف بهم بالإيمان ، كما زعم أهل الزيغ والطغيان ، ولو لطف بهم وأصلحهم لكانوا صالحين . ولو هداهم لكانوا مهتدين ، كما قال تبارك وتعالى : ( مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) (٣) .

وإن الله يقدر أن يصلح الكافرين ، ويلطف بهم حتى يكونوا مؤمنين ، ولكنه أراد أن يكونوا كافرين كما علم ، وإنه خذلهم وطبع على قلوبهم .

١٩ ـ وإن الخير والشر بقضاء الله وقدره . وإنا نؤمن بقضاء الله وقدره ، خيره وشره ، حلوه ومره ، ونعلم أن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا ، وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وأن العباد لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله كما قال عز وجل : ( قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ) (٤) وإنا نلجأ في أمورنا إلى الله ، ونثبت الحاجة والفقر في كل وقت إليه .

٢٠ ـ ونقول : إن القرآن كلام الله غير مخلوق ، وإن من قال بخلق القرآن فهو كافر .

٢١ ـ وندين بأن الله تعالى يرى في الآخرة بالأبصار كما يرى القمر ليلة البدر يراه المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول الله ( صلی الله عليه واله وسلم ) .

ونقول : إن الكافرين محجوبون عنه إذا رآه المؤمنون في الجنة ، كما قال

____________________

(١) سورة النحل : الآية ١٧ .

(٢) سورة الطور : الآية ٣٥ .

(٣) سورة الأعراف : الآية ١٧٨ .

(٤) سورة الأعراف : الآية ١٨٨ .

١٧٣

الله عز وجل : ( كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ) (١) وإن موسى ( عليه السلام ) سأل الله عز وجل الرؤية في الدنيا ، وإن الله تعالى تجلى للجبل ، فجعله دكاً ، فاعلم بذلك موسى أنه لا يراه في الدنيا .

٢٢ ـ وندين بأن لا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب يرتكبه كالزنى والسرقة وشرب الخمر ، كما دانت بذلك الخوارج وزعمت أنهم كافرون .

ونقول : إن من عمل كبيرة من هذه الكبائر مثل الزنى والسرقة وما أشبههما مستحلاً لها غير معتقد لتحريمها كان كافراً .

٢٣ ـ ونقول : إن الإسلام أوسع من الإيمان ، وليس كل إسلام إيماناً .

٢٤ ـ وندين بأن الله تعالى يقلب القلوب « وأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن » (٢) ، وأنه سبحانه « يضع السماوات على أصبع والأرضين على أصبع » (٣) كما جاءت الرواية عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من غير تكييف .

٢٥ ـ وندين بأن لا ننزل أحداً من أهل التوحيد والمتمسكين بالإيمان جنة

____________________

(١) سورة المطففين : الآية ١٥ .

(٢) رواه مسلم رقم ( ٢٦٥٤ ) في القدر : باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء . وأحمد ٢ / ١٦٨ و ١٧٣ من حديث عبد الله عمرو . وابن ماجه برقم ( ٣٨٣٤ ) في الدعاء : باب دعاء رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) . والترمذي رقم ( ٢١٤١ ) في القدر : باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن من حديث أنس بن مالك وأحمد ٦ / ٣٠٢ و ٣١٥ والترمذي رقم ( ٣٥١٧ ) في الدعوات باب رقم ٨٩ من حديث أم سلمة وأحمد ٦ / ٢٥١ من حديث عائشة ٣٠٢ ، ٣١٥ .

(٣) أخرجه البخاري ١٣ / ٣٣٥ ، ٣٣٦ و ٣٦٩ و ٣٩٧ في التوحيد : باب قوله تعالى : ( لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) وباب قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) وباب كلام الرب تعالى يوم القيامة مع الأنبياء . و ٨ / ٤٢٣ وفي التفسير : باب قوله تعالى : ( وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ومسلم رقم ( ٢٧٨٦ ) ( ٢١ ) في المنافقين : باب صفة القيامة والجنة والنار والترمذي رقم ( ٣٢٣٦ ) و ( ٣٢٣٨ ) في التفسير : باب ومن سورة الزمر كلهم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .

١٧٤

ولا ناراً إلا من شهد له رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) بالجنة ، ونرجو الجنة للمذنبين ونخاف عليهم أن يكونوا بالنار معذبين .

ونقول : إن الله عز وجل يخرج قوماً من النار بعد أن امتحشوا بشفاعة محمد رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) تصديقاً لما جاءت به الروايات عن رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) (١) .

٢٦ ـ ونؤمن بعذاب القبر وبالحوض ، وأن الميزان حق ، والصراط حق ، والبعث بعد الموت حق ، وأن الله عز وجل يوقف العباد في الموقف ويحاسب المؤمنين .

٢٧ ـ وأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ، ونسلم الروايات الصحيحة في ذلك عن رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) التي رواها الثقاة عدل عن عدل حتى تنتهي الرواية إلى رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) .

٢٨ ـ وندين بحب السلف ، الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه ( صلی الله عليه وآله وسلم ) ، ونثني عليهم بما أثنى الله به عليهم ، ونتولاهم أجمعين .

٢٩ ـ ونقول : إنّ الإمام الفاضل بعد رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) أبو بكر الصديق رضوان الله عليه ، وإن الله أعز به الدين وأظهره على المرتدين ، وقدمه المسلمون للإمامة ، كما قدمه رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) للصلاة ، وسموه بأجمعهم خليفة رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) . ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وإن الذين قتلوه ، قتلوه ظلماً وعدواناً ، ثم علي بن أبي طالب رضي الله

____________________

(١) خروجهم من النار بعد أن امتحشوا وحديث الشفاعة ، رواه البخاري ١٣ / ٣٩٥ ـ ٣٩٧ في التوحيد : باب كلام الرب تعالى يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم . و ١٣ / ٣٣٢ باب قوله تعالى ( لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) . و ١٣ / ٣٩٨ باب قوله تعالى ( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ) و ٨ / ١٢٢ في تفسير سورة البقرة : باب ( عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ) ومسلم رقم ( ١٩٣ ) من حديث أنس بن مالك والبخاري ٦ / ٢٦٤ و ٢٦٥ ومسلم ( ١٩٤ ) في الإيمان : باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها من حديث أبي هريرة والبخاري ١١ / ٣٦٧ و ٣٧١ من حديث جابر .

١٧٥

عنه ، فهؤلاء الأئمة بعد رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) وخلافتهم خلافة النبوة .

ونشهد بالجنة للعشرة الذين شهد لهم رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) بها ، ونتولى سائر أصحاب النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) ونكف عما شجر بينهم ، وندين الله بأن الأئمة الأربعة خلفاء راشدون مهديون فضلاء لا يوازيهم في الفضل غيرهم .

٣٠ ـ ونصدق بجميع الروايات التي يثبتها أهل النقل من النزول إلى السماء الدنيا ، وأن الرب عز وجل يقول : « هل من سائل ، هل من مستغفر » (١) وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافاً لما قاله أهل الزيغ والتضليل .

٣١ ـ ونعول فيما اختلفنا فيه على كتاب ربنا تبارك وتعالى وسنة نبينا ( صلی الله عليه وآله وسلم ) ، وإجماع المسلمين ، وما كان في معناه ، ولا نبتدع في دين الله بدعة لم يأذن الله بها ، ولا نقول على الله ما لا نعلم .

٣٢ ـ ونقول : إن الله عز وجل يجيء يوم القيامة كما قال : ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ) (٢) ، وإن الله عز وجل يقرب من عباده كيف شاء ، كما قال : ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) (٣) وكما قال : ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ ) (٤) .

٣٣ ـ ومن ديننا أن نصلي الجمعة والأعياد وسائر الصلوات والجماعات

____________________

(١) رواه مسلم ( ٧٥٨ ) ( ١٧٠ ) ( ١٧٢ ) في صلاة المسافرين : باب الترغيب والدعاء والذكر في آخر الليل . وللحديث صيغ أخرى رواها البخاري في التهجد : باب الدعاء والصلاة من آخر الليل وفي الدعوات : باب الدعاء نصف الليل وفي التوحيد : باب قوله تعالى : ( يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ ) ومسلم ( ٧٥٨ ) ( ١٦٨ ) ( ١٦٩ ) وأبو داود رقم ( ٤٧٣٣ ) في السنة . والترمذي رقم ( ٣٤٩٣ ) في الدعوات وأحمد ٢ / ٢٥٨ و ٢٦٧ و ٢٨٢ و ٤١٩ و ٤٨٧ و ٥٠٤ و ٥٢١ من حديث أبي هريرة .

(٢) سورة الفجر : الآية ٢٢ .

(٣) سورة ق : الآية ١٦ .

(٤) سورة النجم : الآية ٨ ـ ٩ .

١٧٦

خلف كل بر وفاجر ، كما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يصلي خلف الحجاج .

٣٤ ـ وأن المسح على الخفين سنة في الحضر والسفر خلافاً لقول من أنكر ذلك .

٣٥ ـ ونرى الدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح والإقرار بإمامتهم ، وتضليل من رأى الخروج عليهم ، إذا ظهر منهم ترك الاستقامة ، وندين بإنكار الخروج عليهم بالسيف ، وترك القتال في الفتنة .

٣٦ ـ ونقر بخروج الدجال ، كما جاءت به الرواية عن رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) (١) .

٣٧ ـ ونؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير ومسألتهما المدفونين في قبورهم .

٣٨ ـ ونصدق بحديث المعراج (٢) .

٣٩ ـ ونصحح كثيراً من الرؤيا في المنام ونقر أن لذلك تفسيراً .

٤٠ ـ ونرى الصدقة عن موتى المسلمين ، والدعاء لهم ونؤمن بأن الله ينفعهم بذلك .

____________________

(١) البخاري : ١٣ / ٨٧ في الفتن : باب ذكر الدجال وفي الأنبياء : باب ما ذكر عن بني إسرائيل ، و ١٣ / ٨٩ ـ ٩١ ، وفي فضائل المدينة : باب لا يدخل الدجال المدينة . ومسلم ( ٢٩٣٣ ) في الفتن : باب ذكر الدجال وصفته ومن معه ولغاية ( ٢٩٤٧ ) ، والترمذي ( ٢٢٣٥ ) لغاية ( ٢٢٤٦ ) في الفتن ، وأبو داود ( ٤٣١٥ ) في الملاحم ولغاية ( ٤٣٢٨ ) وأحمد في « المسند » ١ / ٤ ، ٧ ، ٢ / ٣٣ ، ٣٧ ، ٦٧ ، ١٠٤ ، ١٠٨ ، ١٢٤ ، ١٣١ ، ٢٣٧ ، ٣٤٩ ، ٤٢٩ ، ٤٥٧ ، ٥٣٠ ، ٣ / ٤٢ ، ٥ / ٣٢ ، ٣٨ ، ٤٣ ، ٤٧ . وابن ماجة من ( ٤٠٧١ ) ولغاية ( ٤٩٨٨ ) في الفتن باب فتنة الدجال .

(٢) رواه البخاري ١٣ / ٣٩٩ ـ ٤٠٦ في التوحيد : باب ما جاء في قوله عز وجل : ( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ) وفي الأنبياء : باب صفة النبي ( صلی الله عليه وآله وسلم ) ، ومسلم رقم ( ١٦٢ ) في الإيمان : باب الإسراء برسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) إلى السماوات والنسائي ١ / ٢٢١ في الصلاة : باب فرض الصلاة ، والترمذي رقم ( ٣١٣٠ ) في التفسير : باب ومن سورة بني إسرائيل .

١٧٧

٤١ ـ ونصدق بأن في الدنيا سحراً وسحرة ، وأن السحر كائن موجود في الدنيا .

٤٢ ـ وندين بالصلاة على من مات من أهل القبلة برّهم وفاجرهم وتوارثهم .

٤٣ ـ ونقرّ أنّ الجنة والنار مخلوقتان .

٤٤ ـ وأنّ من مات أو قتل فبأجله مات أو قتل .

٤٥ ـ وأنّ الأرزاق من قبل الله عزّ وجلّ يرزقها عباده حلالاً وحراماً .

٤٦ ـ وأن الشيطان يوسوس للإنسان ويشككه ويتخبطه خلافاً لقول المعتزلة والجهمية ، كما قال الله عز وجل : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) (١) ، وكما قال : ( مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) (٢) .

٤٧ ـ ونقول : إن الصالحين يجوز أن يخصهم الله عز وجل بآيات يظهرهم عليهم .

٤٨ ـ وقولنا في أطفال المشركين : إن الله يؤجج لهم في الآخرة ناراً ، ثم يقول لهم اقتحموها ، كما جاءت بذلك الرواية (٣) .

____________________

(١) سورة البقرة : الآية ٢٧٥ .

(٢) سورة الناس : الآية ٤ ـ ٦ .

(٣) اختلف العلماء قديماً وحديثاً في أولاد المشركين على أقوال ، منها القول الذي ذكره المصنف رحمه الله أنهم يمتحنون في الآخرة بأن ترفع لهم نار ، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ، ومن أبى عذب . رواه البزاز من حديث أنس بن مالك وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما ، ورواه الطبراني من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه .

قال الحافظ في « الفتح » ٣ / ١٩٥ وقد صحت مسألة الامتحان في حق المجنون ومن مات في الفترة من طرق صحيحة . ومن الأقوال أنهم في الجنة . قال النووي : وهو المذهب الصحيح الذي صار إليه المحققون لقوله تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ) وانظر « الفتح » ٣ / ١٩٥ ـ ١٩٦ .

١٧٨

٤٩ ـ وندين الله عز وجل بأنه يعلم ما العباد عاملون ، وإلى ما هم صائرون ، وما كان وما يكون ، وما لا يكون إن لو كان كيف كان يكون .

٥٠ ـ وبطاعة الأئمة ونصيحة المسلمين .

٥١ ـ ونرى مفارقة كل داعية إلى بدعة ومجانبة أهل الأهواء ، وسنحتج لما ذكرناه من قولنا وما بقي منه مما لم نذكره باباً باباً وشيئاً شيئاً ، إن شاء الله تعالى .

*       *      *

وما طرح من الأصول في كتاب « الإبانة » هو الذي جاء به في كتاب « مقالات الإسلاميين » عند البحث عن قول أصحاب الحديث وأهل السنة ولو كان بينهما اختلاف فإنما هو في العرض لا في الأصل والجوهر . ويقول بعد عرضها « فهذه جملة يأمرون به ، ويستعملونه ، ويرونه وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه نذهب » (١) .

لقد شهد التاريخ الإسلامي صراعاً عنيفاً بين الحنابلة والأشاعرة ، وستوافيك صورة من ذلك في آخر هذا الجزء .

ولكن الحق أنه لو كانت عقيدة الأشاعرة هي ما جاء في مقدمة رسالة « الإبانة » أو ما جاء في كتاب « مقالات الإسلاميين » لما كان بين الفريقين أي اختلاف أبداً وهذا مما يقضى منه العجب .

ولأجل ذلك ـ ربما ـ تخيل بعضهم (٢) أن الرسالة المطبوعة موضوعة على لسان الأشعري .

٣ ـ أصول عقيدة أهل الحديث عند الملطي

ثم تتابع بعده تبيين عقيدة أهل السنة ، فكتب أبو الحسين محمد بن أحمد

____________________

(١) مقالات الإسلاميين : ص ٣٢٠ ـ ٣٢٥ .

(٢) كالشيخ محمد زاهد الكوثري في بعض تعاليقه على الكتب .

١٧٩

ابن عبد الرحمن الملطي الشافعي ( المتوفى عام ٣٧٧ ) كتابه المعروف « التنبيه والرد » وذكر عقيدة أهل السنة تحت أصول نذكرها :

والذي ثبت عن محمد بن عكاشة أن أصول السنة مما اجتمع عليه الفقهاء والعلماء منهم : علي بن عاصم ، وسفيان بن عيينة ، وسفيان بن يوسف الفريابي ، وشعيب ، ومحمد بن عمر الواقدي ، وشابة بن ثوار ، والفضل بن دكين الكوفي ، وعبد العزيز بن أبان الكوفي ، وعبد الله بن داود ، ويعلى بن قبيصة ، وسعيد بن عثمان ، وأزهر ، وأبو عبد الرحمن المقري ، وزهير بن نعيم ، والنضر بن شميل ، وأحمد بن خالد الدمشقي ، والوليد بن مسلم القرشي ، والرواد بن الجراح العسقلاني ، ويحيى بن يحيى ، وإسحاق بن راهويه ، ويحيى بن سعيد القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وأبو معاوية الضرير كلهم يقولون : رأينا أصحاب رسول الله ( صلی الله عليه وآله وسلم ) كانوا يقولون :

١ ـ الرضا بقضاء الله والتسليم لأمر الله والصبر على حكم الله .

٢ ـ الأخذ بما أمر الله ، والنهي عما نهى الله عنه .

٣ ـ الإخلاص بالعمل لله .

٤ ـ الإيمان بالقدر ، خيره وشره من الله .

٥ ـ ترك المراء والجدال والخصومات في الدين .

٦ ـ المسح على الخفين .

٧ ـ الجهاد مع أهل القبلة .

٨ ـ الصلاة على من مات من أهل القبلة سنة .

٩ ـ الإيمان يزيد وينقص قول وعمل .

١٠ ـ القرآن كلام الله .

١١ ـ الصبر تحت لواء السلطان على ما كان منهم ، من عدل أو جور ،

١٨٠