الأثر الخالد في الولد والوالد

السيد علي بن الحسين العلوي

الأثر الخالد في الولد والوالد

المؤلف:

السيد علي بن الحسين العلوي


المحقق: السيّد عادل العلوي
الموضوع : الأخلاق
الناشر: منشورات دار الذخائر للمطبوعان
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٠٧
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

رضا الاُمّ وسخطهٰا

ان في رضاء الأم وسخطها آثار عجيبة ، رأيناها في زماننا هذا ـ القرن الرابع عشر ـ وآثارها بعضاً تتعلق بالدنيا ، وبعضاً تتعلق بالآخرة ، تتعلق بالفقر والغنى ، والتوفيق وعدمه ، وطول العمر و قصيره ، وبركة النسل وعدمه ، وسعة الصدر وضيقه ، وهكذا الأم تؤثّر في جميع مرافق الحياة من الخير والشرّ ، والسعادة والشقاء ، الى ابعد الحدود ، والى ما شاء الله تعالى .

١ ـ وحكى انّه كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم شاب يسمى علقمة ، وكان كثير الاجتهاد في طاعة الله ، في الصلاة والصوم و الصدقة ، فمرض واشتد مرضه ، فأرسلت امرأته الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : ان زوجي علقمة في النزع فأردت أن اعلمك يا رسول الله بحاله . فأرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عمارا وصهيبا و بلالا ، وقال صلى الله عليه وآله وسلّم : امضوا اليه ولقّنوه الشهادة ، فمضوا اليه ودخلوا عليه فوجدوه في النزاع ، فجعلوا يلقّنونه : لا اله الّا الله . ولسانه لا ينطق بها فارسلوا الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يخبرونه أنه لا ينطق لسانه بالشهادة . فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : هل من ابويه أحد حي ؟ . قيل : يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أم كبير السنّ ، فأرسل اليها رسول الله صلى الله عليه

٨١
 &

منّي ! . فانطلق بلال فسمع علقمة من داخل الدار يقول : لا اله الّا الله . فدخل بلال فقال : يا هؤلاء ان سخط أم علقمة حجب لسانه عن الشهادة ، وان ارضاها اطلق لسانه . ثم مات علقمة من يومه ، فحضره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، فأمر بغسله وكفّنّه ، ثم صلّى عليه ، وحضر دفنه ، ثم قام صلى الله عليه وآله وسلّم على شفير قبره ، و قال صلى الله عليه وآله وسلّم : يا معشر المهاجرين والأنصار ، من فضّل زوجته على أمّه فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، لا يقيل الله منه صرفا ولا عدلا ، الّا أن يتوب لله عزّ وجلّ ، ويحسن اليها ويطلب رضاها فرضى الله في رضاها ، وسخط الله في سخطها . . . الى آخره . . . . ذرايع البيان ، الآفة الثامنة ص ١٨٦ .

٨٢
 &

معنى العٰاق والعقوق

لكل أُمة لغة ، ولكل لغة ألفاظ ، وقد وضعت الالفاظ بأز امعان ، اما الالفاظ العربية ، ولغتها فهي معجزة اللغات والالفاظ ، وقد اعجزت ارباب الفنّ باتقانها وتنسيقها ، لا سيما القرآن الكريم ، كلام الله المجيد ، معجزة الدهر الذي تعدد منه التحدي بالنسبة الى جميع اهل اللسان ، فهو القائل : قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا . . ( بني اسرائيل ـ ٨٨ ) .

أما لفظ العقول ومعناه : فقد جاء في المجمع ، في مادة ( عقق ) : أدنى العقوق ( أف ) عق الولد اباه ، يعق ، عقوقا . من باب عقد : اذا آذاه وعصاه ، وترك الاحسان اليه وهو البر له . واصله من العق : و هو الشق والقطع .

١ ـ وهو من المعاصي الكبيرة مما أوعد الله عليه ، والاخبار به مصرّحة بأن العاق لا يدخل الجنّة ، وحاله حال مدمن الخمر ، والمنان لفعل الخير . . . . ذرايع البيان ، ص ١٩٨ ، تكمله .

٢ ـ عن ( الجعفريات ) قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من احزن والديه فقد عقّهما . . . . ذرايع البيان ، ص ١٩٩ ، تكملة .

٨٣
 &

٣ ـ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم : أنّه قال : ثلاثه لا يحجبون عن النار : العاق لوالديه . والمدمن من الخمر . والمنان بعطائه . قيل : يا رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وما عقوق الوالدين ؟ . . قال صلى الله عليه وآله وسلّم : يأمران فلا يطيعهما . ويسألانه فيحرمانهما . واذا هما لم يعظهما بحق ما يلزمهما . . . . نفس المصدر ، ص ٢٠٠ .

٨٤
 &

عاق الوالدين

انّ موجبات عقاب الله تعالى لعبده كثيرة وهو اشدّ المعاقبين في موضع النكال والنقمة ومن موارد عقابه الأليم ـ أعاذنا منه ـ عدم اطاعة الوالدين وأذاهم وعقوقهم وما يشينهم ، فاتق النار ايها الولد البار .

١ ـ قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : ثلاثة لا يدخلون الجنّة : منهم : العاق . معدن الجواهر ، ص ٣١ ، باب ذكر ما جاء في ثلاثة .

٢ ـ قال امير المؤمنين سلام الله عليه : من ظلم يتيما عقّ اولاده . . . درر الكلم ، حرف الميم ، ص ٢٣٩ .

٣ ـ عن مولانا الصادق عليه افضل الصلاة والسلام : لا يدخل الجنّة العاق لوالديه ، والمدمن من الخمر ، والمنان بالفعال الخير اذا عمله . . . . ذرايع البيان ، ص ١٩٨ ، تكلمه .

٤ ـ عن شيخنا المفيد باسناده عن أبي اسحق الهمداني ، عن أبيه ، عن سيّد الموحدين أمير المؤمنين عليه السلام ، « قال » قال

٨٥
 &

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها و لا تأخر الى الآخره : عقوق الوالدين . والبغي على الناس . وكفر الاحسان . . . . ذرايع البيان ، ص ١٩٩ .

٥ ـ وفي رواية « الكراچي » : ملعون ملعون من ضرب والديه ، ملعون من عقّ والديه ، ملعون من قاطع رحمه . . . المصدر السابق .

٦ ـ عن مولانا الباقر عليه الصلاه والسلام : اياكم والعقوق فان الجنة يوجد ريحها من مسيرة مائة سنة ، وما يجدها عاق ، ولا قاطع رحم . . . نفس المصدر .

٨٦
 &

عقّ الوالدين

لا يتخيّل أن العقوق الذي هو تعرّض الى عقاب الله وعذابه يكون من جهة الوالدين فحسب ، وانّما هو من الجهتين ، يعني أنّه كما يعقّ الوالدان ولدهما ، كذلك الولد يعقّ والديه اذا ظلماه وهو برّ بهما ، فانّ الله تبارك وتعالى عدل محض ، فلم يجعل حقّا لاحد على احد الّا وجعل مثله للطرف الآخر ، واليك الحديث المتضمّن هذا المعنى .

١ ـ حدّثنا أبي (رض) قال : حدّثنا علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن ابيه ، عن آبائه ، عن علي صلوات الله عليهم اجمعين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : يلزم الوالدين من العقوق لولدهما ، اذا كان الولد صالحاً ما يلزم الولد لهما . . . الخصال ، باب الاثنين ، ص ٤٥ ، الحديث ٧٧ .

٨٧
 &

Description: E:BOOKSBook-LibraryENDQUEUEAthar-Khaled-Walad-Waledimagesrafed.jpg

٨٨
 &

حقّ الوالدين

ذوي الحقوق كثيرون ، ولكن اكبر الحقوق واعظمها واولاها حق الله سبحانه وتعالى ، ورسوله عليه وآله الصلاة والسلام ، واولياءه عليهم صلوات ربّ الارباب ، لأن اعظم النعم واكبرها من هؤلاء ، فالله تعالى حدّث عن نِعمه ولا حرج ( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا ـ ابراهيم ـ ٣٤ ) وأما الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فكم قاسى المحن واحتمل المصائب والأذى في سبيل هداية وسعادة البشر ، حتى قال صلى الله عليه وآله وسلّم : ما اوذي نبي مثل ما اوذيت . وأما الأولياء أئمة الخلق وهداه الحق المصطفين المنتجبين صلوات الله عليهم اجمعين ، فسل عنهم التأريخ والعلم والانسانية لترى اياديهم على كل ذي وجود من يومهم الى آخر الدنيا ، بل وحتى في الآخرة و نعيمها ، فاز من تمسّك بهم ونجى ، وخسر من تركهم وهوى ، اللهم احينا حياتهم وامتنا مماتهم ، واحشرنا معهم بحقّهم عليك وحقك عليهم آمين آمين يا رب العالمين .

١ ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : حقّ عليّ على المسلمين كحق الوالد على ولده . . . . غوالي الدرر ، حرف الحاء ، ص ٤٩ .

٢ ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلّم ايضا : انا وعلي أبوا هذه

٨٩
 &

الأمّة . . . نفس المصدر .

٣ ـ علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن درست بن أبي منصور ، عن أبي الحسن موسى على آبائه وأبنائه وعليه افضل التحيات والبركات من الله تعالى ، قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وآله البررة الكرام ؟ . ما حق الوالد على ولده ؟ . قال صلوات الله المتعال عليه وآله الطاهرين : لا يسمّيه باسمه ، ولا يمشي بين يديه ، ولا يجلس قبله ، ولا يستسبّ له . . . . . الكافي ، ج ٢ ، ص ١٢٧ ، باب البر ، الحديث ٥ .

٤ ـ عدة من اصحابنا ، عن احمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه عن عبد الله بن بخر ، عن عبد الله بن مكان ، عنم رواه ، عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام ، قال : قال ـ وأنا عنده ـ لعبد الواحد الأنصاري في برّ الوالدين في قول الله عزّ وجلّ : ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) ـ فظننّا أنها الآية التي في بني اسرائيل ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ « وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا » ) فلمّا كان بعد سألته ؟ . فقال : هي التي في لقمان ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ « حسنا » وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ) فقال : ان ذلك أعظم « من » أن يأمر بصلتهما وحقّهما على كل حال ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) ؟ . فقال : لا بل يأمر بصلتهما وان جاهداه على الشرك ماذا وحقّهما الّا عظما . . . الكافي ج ٢ ، ص ١٢٧ ، باب البر ، الحديث ٦ .

٩٠
 &

اعالة الاولاد

ان موضوع الاعالة موضوع مهّم جدّا ، وقد درسه وتدارسه علماء الاقتصاد من زمن غير قريب ، ولهم فيه الكلام الطويل من نفض وابرام ، ودفع ودخل ، فمنهم من اوجب النفقة ـ اي اعالة الاولاد ـ وهو ما وافق الاحكام الاسلامية ، وطبعاً بحدود حدّدها الشرع الشريف ـ راجع كتاب النكاح في الفقه ـ ، وفهم من لا يوجبها ، بل يشكّلها و يعرفها بشكل لا طائل تحته مهما بحثنا ونبحث . وانا اذ أسلمنا وجهنا لله تعالى ، ما لنا وأقوال المخلوق له جلّ وعلا في أمور قد شرّع لها نهجا قويما مستقيما ، كما قد أعضينا عن التفلسف فيما وجب علينا تعبدا .

١ ـ حدّثنا محمّد بن الحسن بن احمد الوليد (رض) قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار قال : حدّثنا محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن زكريا المؤمن ، رفعه الى ابي عبد الله الصلاة والسلام قال : من عال ابنتين او اختين او عمتين او خالتين حجبتاه من النار . . الخصال ص ٣٠ ، باب الاثنين ، الحديث ١٤ .

٩١
 &

النفقة على الوالد

من الواضع المهمّه في الشرع المقدّس ، هو موضوع النفقه ، و هذا الموضوع الذي قد اقلق أدفعه المفكرين العصريّين ، فانهم كلما يحاولون أن يجعلوا النفقه كلّ على عاتقه ، ويقنّنوا بهذا الصدد قانونا يرون العيب والنقص باوزان في ما يرمون اليه ، فان أيّ كفه يرجحونها تبقى الأخرى موجوحه ، ويبان الخلل في دستورهم ، فلا مفرّ الّا الى المشرّع الخالق ، ولا مناص الّا الالتجاء الى ما سنّه هو جلّت عظمته ، فلن تجد لسنة الله تبديلا ، ولن تجد لسنته الله تحويلا .

١ ـ حدّثنا أبي ، ومحمد بن الحسن (رض) قالا : حدّثنا محمد بن يحيى العطار ، واحمد بن ادريس جميعا عن محمد بن احمد ، عن موسى بن عمر ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن حريز ، عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام ، قال ( حريز ) قلت من الذي أجبر عليه وتلزمني نفقته : قال عليه السلام : الوالدان ، الولد ، والزوجة . . . الخصال ، باب الاربعة ، ص ٢٠١ ، الحديث ١٠٩ .

٢ ـ حدّثنا محمد بن الحسن (رض) ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطار ، عن محمد بن احمد ، عن أبي اسحاق ابراهيم بن هاشم عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمي ، عن عدة من اصحابنا ، يرفعونه

٩٢
 &

الى أبي عبد الله عليه التحيّات الزاكيات من الله ، أنه قال عليه السلام : خمسة لا يعطون من الزكوة ، الولد . والوالدين . والمرأة . والمملوك . لأنّه يجبر « الرجل » على النفقه عليهم . . . . الخصال ، باب الخمسة ، ص ٢٣٤ ، الحديث ٤٥ .

٣ ـ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ، وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّـهَ بِهِ عَلِيمٌ ( البقرة ـ ٢١٥ ) .

٩٣
 &

الدّعاءِ

لكل شيئ ـ مهما صغر أو كبر ـ أثر ، والآثار تتعلق بالدنيا و الآخرة ، ومما روئي منه اعجب الآثار هو الدعاء ، فقد جرّب أن بعض الأدعية تشقّ طريقها الى الاستجابة كالسيف الصارم ، كيف لا يكون كذلك والدعاء اتصال مباشر بذات الجلالة تبارك وتعالى . ولا شك أن العاء من البعض اقرب الى هدف الاستجابه .

١ ـ حفظ عنهم عليهم السلام : أن ستة لا تحجب لهم عن الله تعالى دعوة : منهم الوالد البار لولده ، والولد الصالح لوالده . . . . معدن الجواهر ، باب ما جاء في ستة ، ص ٥٥ .

٢ ـ حدثنا ابو الحسين محمّد بن علي بن الشاة ، قال : حدثنا ابو حامد احمد بن الحسين ، قال : حدّثنا ابو يزيد احمد بن خالد الخالدي ، عن محمّد بن احمد بن صالح التميمي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثني انس بن محمد ابو مالك ، عن ابيه عن جعفر بن محمد ، عن ابيه ، عن جدّه ، عن علي بن ابيطالب عليهم السلام ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أنه قال : في وصيته له ، يا علي اربعة لا تردّ لهم دعوة : امام عادل ، ووالد لولده ، والرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب ، والمظلوم يقول الله جل جلاله وعزتي وجلالي لانتصرّن لك ، ولو بعد

٩٤
 &

حين . . . الخصال ، باب الاربعة ، ص ١٥٧ ، الحديث ٤ .

٣ ـ عن « الجعفريات » قال رسول الله صلى الله عليه وآله و سلّم : ايّاكم ودعوة الوالد ! فانها ترفع فوق السحاب حتى ينظر الله اليها ، فيقول : اليّ حتى استجيب له ، فايّاكم ودعوة الوالد فانها احدّ من السيف . . . . ذرايع البيان ، ص ١٩٩ ، تكملة .

٤ ـ عن « الجعفريات » عن الراوندي بسند طويل ، عن سلمة بن وردان ، قالت : سمعت أنس بن مالك يقول : ارتقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم المنبر درجة ، فقال : آمين . ثم ارتقى الدرجة الثانية ، فقال : آمين . ثم ارتقى الدرجة الثالثة ، فقال : آمين . ثم استوى فجلس . فقال اصحابه على ما أمّنت يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ؟ فقال : أتاني جبرائيل فقال : رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك ، فقلت آمين . فقال : رغم انف امرئ ادرك ابويه فلم يدخل الجنّة ، فقلت آمين . فقال : رغم انف امرئ ادرك شهر رمضان فلم يغفر له ، فقلت آمين . . . . ذرايع البيان ، ص ٢٠٠ ، تكمله .

٥ ـ قال سيد الانام صلى الله عليه وآله وسلّم : ثلاث دعوات لا ترد أ ـ دعوة الوالد لولده . ب ـ ودعوة الصائم . ج ـ ودعوة المسافر . . . غوالي الدرر ، حرف الثاء ، ص ٣٠ .

٦ ـ قال ايضا صلى الله عليه وآله وسلّم : دعاء الوالد لولده كدعاء النبي لأمته . . . . المصدر السابق ، حرف الدال ص ٦٠ .

٩٥
 &

٧ ـ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا . . . ( بني اسرائيل ـ ٢٤ ) .

٨ ـ قال صاحب مجمع البيان : معناه أدع لهما بالمغفرة والرحمة في حياتهما وبعد مماتهما جزاء لتربيتهما ايّاك في صباك ، وهذا ان كانا مؤمنين ، وفي هذا دلالة أنّ دعاء الولد لوالده الميّت مسموع والّا لم يكن للامر به معنى . . . . ج ٦ ، ص ٤١٠ ، ذيل آيه ( وقل رب ) من سوره بني اسرائيل .

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن معمّر بن خلّاد ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه وعلى آبائه وأبنائه الصلاة والسلام والتحيات والبركات الى يوم الدين ، آمين ، ادعو لوالديّ اذا كانا لا يعرفان الحق ؟ . قال عليه السلام أدع لهما ، وتصدّق عنهما ، وان كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما ، فان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، قال : انّ الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق . . . الكافي ج ٢ ، ص ١٢٧ ، باب البر ، الحديث ٨ .

٩٦
 &

حقوق الوالدين

هل يمكن لعبد يؤدى حقوق الله كما هو حقّه ؟ . كلّا ثمّ كلّا . ولمّا كان حق الوالدين مشتق من حق الله تبارك وتقدّس كيف يمكن اداءه ! وبغض النظر عن اداء الحق كلّه ، يظن أن لا يمكن اداء قسط ضئيل منه ، فالويل كل الويل للذين لا يسعون في اداء هذا الحق العظيم .

١ ـ قال الصادق عليه وعلى آبائه وأبنائه الصلوة والسلام : برّ الوالدين من حسن معرفة العبد بالله ، اذ لا عبادة اسرع بلوغا لصاحبها الى رضا الله من برّ الوالدين المؤمنين لوجه الله تعالى ، لأن حق الوالدين مشتق من حق الله تعالى ، اذا كانا على منهاج الدين والسنة ، ولا يكونان يمنعان الولد من طاعة الله تعالى الى طاعتهما « معصيته خ ل » ومن اليقين الى الشك ، ومن الزهد الى الدنيا ، ولا يدعو أنّه الى خلاف ذلك ، فاذا كانا كذلك ـ أي يدعوان الى خلاف طاعة الله تعالى ـ فمعصيتهما طاعتهما معصية ، قال الله تعالى وتقدّس : ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ) ( لقمان : ١٥ ) . جاء في كتاب مصباح الشريعة ، الباب الثاني والسبعون ، ص ٤٨ .

٢ ـ وأما في باب المصاحبة « العشرة خ ل » فقاربهما وارفق

٩٧
 &

بهما واحتمل اذا هما بحق « بنحو خ ل » ما احتملا عنك في حال صغرك ، ولا تظيّق عليهما فيما قد وسّع الله عليك من المأكول والملبوس ولا تحوّل وجهك « بوجهك خ ل » عنهما ، ولا ترفع صوتك فوق صوتهما ، فان تعظيمهما من أمر الله ، وقل لهما باحسن القول ، و الطف بهما ، فان الله لا يضيع أجر المحسنين .

٣ ـ قال رسول الانسانية صلى الله عليه وآله وسلّم : يا علي ! رضا الله من رضا الوالدين . . . . غوالي الدرر ، حرف الياء ص ١٧٢ .

٤ ـ قال صلى الله عليه وآله وسلّم : يا علي ! سخط الله في سخط الوالدين . . . . نفس المصدر .

٩٨
 &

حقّ الولد على الوالد

كما أن للوالد حق على الولد ، كذلك للولد حق على الوالد ، ولو أن كلاهما عرف حق صاحبه وأدّاه لازداد خيرهما وذهب عنهما ما يسوئهما ، ولشملتها رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة ، وما المطلوب سواها .

١ ـ ثم من حق الولد على الوالد ما قاله أحد الحكماء : اعلم أن لولدك عليك سبعة حقوق : تتخيّر أمه ، واسمه ، وظئره ( المرضعة ) ، و تعلّمه كتاب الله عزّ وجلّ ، والخط ، والحساب ، والسباحه . . . . معدن الجواهر ، باب ما جاء في سبعة ، ص ٦١ .

٢ ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه . . . . غوالى الدرر ، حرف الحاء ، ص ٤٩ .

٩٩
 &

( الفريضة )

من الفرائض ما لا مانع من مبادلتها بغيرها ، مثل خصال كفّارة الصوم مثلا . فالمكلّف ان عجز عن صوم شهرين متتابعين ، له أن يبدّلها بالعتق او الاطعام . ومنها ما لا مجال لتبديلها مع بقاء عنوانها الأولى كما أن للفرائض درجات وأحجام ، فمنها ما تكن صغيرة ومنها ما تكن اكبر ، ومن كبرائها برّ الوالدين التي لا تتبدل بغيرها من البرّ و الحسنات .

١ ـ من كلمات مولانا امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه أنه قال بر الوالدين اكبر فريضة ، جاء في كتاب درر الكلم .

٢ ـ وقال تعالى : وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا . . . . النساء آية ٣٦ . . والبقرة آيه ٨٣ . . والأنعام آية ١٥١ . والاسراء آية ٢٣ .

٣ ـ قال شيخنا العلامة المجلسي « ره » في ج ١٦ ص ١٤ من ( بحار الانوار ) نقلا عن الكافي مسندا عن علي بن ابراهيم وابن محبوب وأبي ولاد الحنّاط (رض) أنه قال : سألت ابا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) ما هذا الاحسان ؟ فقال عليه السلام : الاحسان ، ان تحسن صحبتهما ، وأن

١٠٠