الأثر الخالد في الولد والوالد

السيد علي بن الحسين العلوي

الأثر الخالد في الولد والوالد

المؤلف:

السيد علي بن الحسين العلوي


المحقق: السيّد عادل العلوي
الموضوع : الأخلاق
الناشر: منشورات دار الذخائر للمطبوعان
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٠٧
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

شباهة الولد

لابد للولد أن يشبه أمّا الأعمام واما الاخوال ، ولهذا الشبه أسرار عجيبة والاسلام العظيم كاشف الاسرار ، ما من معضلة الّا ويحلّها الاسلام لأنه جاء الكمال البشرية ، لذا ترى ( بونابرت نابليون ) يقول : ( ان أملي الوحيد في الحياة هي أن اعيش حتى تتاح لي الفرصة لأجمع الحكماء والمفكرين من أقطار العالم لأضع معهم دستورا متحد الشكل على اساس من تعاليم القرآن الرفيعة ، لأن هذه التعاليم هي التي يمكنها أن تقود الناس الى الخير والسعادة والرفاه ) (١) . هذا هو الاسلام وهذه شهادات اعاظم العالم له .

١ ـ وأمّا شبه الولد واخواله : فاذا سبق نطفة الرجل نطفة المرءة الى الرحم خرج شبه الولد الى أعمامه ، ومن نطفة الرجل يكون العظم والعصب . واذا سبق نطفة المرءة نطفة الرجل الى الرحم ، خرج يشبه الى اخواله ، ومن نطفتها يكون الشعر والجلد واللحم لأنها صفراء رقيقة . . . . علل الشرائع ، العلّة الثالثة ، ص ١

__________________

(١) الاسلام ابدا .

٢١
 &

الاجتناب عن ولد الزّنا

لا ينبغي للعاقل أن يخالط كل من عرض له ، وانما ينبغي له الانتقاء ، فان الناس صناديق مغلقة ، لا يدري ما تحتويه ، وقد علّمتنا التجارب أنّ ما تضر هي اكثر بكثير مما تنفع ، فيا ولدي عليك بالتأني فيما تختار ، وعليك بالتأمّل فيمن تترك ، وكن على هون في مسيرك الصعب ، واعلم أن الحذر ينجي من الخطر .

١ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رض) قال : حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن احمد ، عن سهل بن زياد ، عم محمد بن سنان ، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان ، عن ورست ، عن أبي ابراهيم عليه صلوات رب العالمين ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله و سلّم : خمسة يجتنبون على كل حال : المجذوم والأبرص والمجنون وولد الزنا . والأعرابي . . . . الخصال ، باب الخمسه ، ص ٢٣٣ ، الحديث ٤٢ .

٢٢
 &

شراكة الشّيطان

لعن الله ابليس ، انّه لا يترك الانسان في كل المجالات ، في العبادات والمعاملات والمجاملات ، وفي الاحوال والابدان ، فالكيّس كل الكيّس من اتقى شرّه وابتعد عنه بالاستعاذة منه بالله العظيم في كل وقت وآن ، حتى عند الاصابة فانّه من اخطر الأمور ، وأثره من أسوء الأثار ، فالحذار الحذار .

١ ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : انّ الله حرّم الجنّة على كل فاحش بذئ ، قليل الحياء ، لا يبالي ما قال وما قيل فيه ، أمّا أنّه ان تنسبه لم تجده الّا لبغي او شرك شيطان . قيل : يا رسول الله وفي الناس شياطين ؟ . قال صلى الله عليه وآله وسلّم : نعم ، أو ما تقرأ قول الله عزّ وجلّ : ( وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ) . الاسراء آية ٦٤ . . . تحف العقول ، مواعظ النبي (ص) : ص ٣١ .

٢٣
 &

تاثير المأكولات في الاولاد

أشياء ينبغي تعلّمها واستعمالها وهي مؤثّرة في الولد ، وأخرى ينبغي تعلّمها والعمل بها فهي ايضا لها الأثر الوضعي بالنسبة للولد ، بل الاولاد ، وكلاهما اي العمل والاستعمال يؤثّران في الاولاد سواء كانوا في الصلب او في الرحم أو مولودين صغارا أم كبارا . فاليك بعض ما فيها التأثير الحسن ان شاء الله تعالى .

١ ـ قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الاربعمائة : أكل السفرجل قوّة للقلب الضعيف ، ويطيب المعدة ، ويزيد في قوّة الفوآد و يشجع الجبان ، ويحسن الولد . . . المواعظ العددية ، ص ٢٨٩ .

٢ ـ وقال عليه السلام : حنّكو اولادكم بالتمر ، هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ( بالحسن وبالحسين عليهما السلام ) . . . المواعظ العددية ، باب الاربعمائة ، ص ٣٠٨ .

٣ ـ قال أمير المؤمنين عليه صلوات رب العالمين : عن سيد الخلائق اجمعين صلى الله عليه وآله وسلّم : وتوّقوا على اولادكم لبن البغي من النساء ، والمجنونة ، فان اللبن يعدي . . . . المواعظ العددية ، باب الاربعمائة ، ص ٢٩١ .

٢٤
 &

٤ ـ وقال عليه السلام : اختنوا اولادكم يوم السابع لا يمنعكم حر و لا برد . . . . نفس المصدر ، ص ٣٠٧ .

٢٥
 &

البشائر

البشارة هي الخبر المسرّ المفرح الذي يرتاح اليه الانسان وكل ما كانت البشارة من جليل او عظيم كانت هي الأخرى أجلّ واعظم وذات قيمة كبيرة . ومن هنا يعلم أنّ اكبر البشائر هي ما كانت من المصدر الا لاهى ، والتي يبشّر بها الخلّاق المتعال .

لكن ، مع ذلك كلّه ، ترى أنّ من البشائر ما يعكس فيها المطلوب فيبدّل الفرح بالحزن ، والسرور بالهمّ والغمّ ، وذلك كما كان في زمن الجاهلية الأولى . والقرآن الكريم يحدّثنا بكلا الأمرين .

١ ـ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ، اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * و يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ، قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّـهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ، إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ( آل عمران ـ ٤٧ ) .

٢ ـ وَيَجْعَلُونَ لِلَّـهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ ، وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ، أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ؟ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ( النحل ـ ٥٩ ) .

٢٦
 &

وليمة المولود

كل انسان لابد له من سرور يدخله عند اسباغ نعمة من الله تعالى عليه ، وأيّ نعمة بعد الايمان بالله تعالى هي اعظم واكبر من نعمة ولد صالح يستعين به الأب على دينه ودنياه ، والولد هو السبب المباشر الوحيد في بقاء نسل الأب ، وهو أقرب الأرحام اليه ، وقد جاء في الكتاب العزيز آيات عديدة في الرحم وصلتها ، فلأجل هذا كلّه يفرح الوالد يوم له الولد ، وقد سنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله وسلّم ما يعبر عن الفرح والسرور عند الوالدين ، الا وهي الوليمة .

١ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رض) قال : حدثنا الاعمّى محمد بن أبي القاسم ، عن احمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن سجادة العابد واسمه الحسن بن علي بن أبي عثمان ، عن موسى بن بكر ، قال ابو الحسن الاول عليه الصلاة والسلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : لا وليمة الّا في خمس : أ : في عرس . ب : او غرس . ج : او عذار . د : او وكار . هـ : او ركاز . فأما العرس : فالتزويج . والخرس : النفاس بالولد . والعذار : الختان . والوكار : الرجل يشترى الدار . والركاز : الذي يقدم من مكّة . . . . الخصال ، باب الخمسة ، ص ٢٥٤ ، الحديث ٩١ . ومثله الحديث ٩٢ فراجع .

٢٧
 &

تسمية الاولاد

احدى موارد التعارف هو الاسم ، وهو أهم من بقية اسباب التعارف ، فالناس أنه لو لا الاسم لما احضرت المعاني الكلية والجزئية باسهل مؤنة في الذهن ، مثلا لو كنت في بلد ما ، واردت احضار الفيل في ذهن صاحبك ، كيف يمكن تناوله من غابات الهند ، وكيف يمكنك ادخاله في ذهن صاحبك ، فتبين أن الاسم له اهميّة كبيرة جدا بالنسبة الى جميع الأشياء والموجودات ، فمن هذا يلزم أن نسمى كل شيئ ليعرف وجوده الخارجي بوجوده اللفظي ، منه الجنين في بطن أمّه فيستحب أن يسمى كي يثبت في دفتره الامة المرحومة . . . .

١ ـ قال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام : سمّوا اولادكم ، فان لم تدروا أذكرهم أم انثى فسمّوهم بالأسماء التي تكون للذكر والانثى ، فان اسقاطكم اذا لقوكم في القيامة ولم تسمّوهم ، يقول لأبيه الا سمّيتني وقد سمّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم محسناً قبل أن يولد . . . . المواعظ العددية ، باب الاربعمائة ، ص ٣٠٥ .

٢٨
 &

الكُنية من الادب

انّ العرف قد جعل لكل موضوع علاقات ، وجعل علامات للاحترام بالنسبة الى الآخرين ، فمثلا : جعل علامة احترام الوارد ، القيام أمامه واحترام الراجل أن يبدأه الراكب بالسلام ، وهلّم جرّا علامات الاحترام كثيرة وكثيرة جدا . وقد قرر الاسلام العظيم ما لا ينافيه من أعراف الناس ، فقلّل وكثّر ، وجرح وأعدل ، ونفى وأثبت ، وأسس ما لم يكن يدركه الناس من قبل ، وكل ذلك بأمر من السماء ، على لسان خير البريّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم ، وآله الميامين عليهم صلوات الملك العلّام . فمن تعاليمهم السّامية ، الأدب الرفيع ، حيث أن الرجل ينادي بكنيته اجلالا واعظاما له . فتمسّك بهم تسعد .

١ ـ علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : من السنّة والبر ان يكنّى الرجل بأسم أبيه . . . . الكافي ، ج ٢ ، ص ١٣٠ ، باب البر ، الحديث ١٦ .

٢٩
 &

الولد الصّالح

يخلف المرء في ثلاثة احدهما الولد ، فان من لم يكن له ولد لا ذِكر له بعد الموت ، ولو أن هناك آثار اخرى تكون ذكرى له ، ولكن الولد اثر اكبر واكبر لا سيّما ان كان من الصالحين ، فانّه يحيى والده في كل حين ، ربي لا تذرني فردا وانت خير الوارثين ، فعليه امرنا بطلب الولد كي يكون لنا ثمراً جنيّا ان شاء الله تعالى .

١ ـ قال أمير المؤمنين عليه افضل تحيات رب العالمين : عن النبي صلى الله عليه وآله قال : اكاثر بكم الأمم غداً . . . . المواعظ العددية باب الاربعمائة ، ص ٢٩١ .

٢ ـ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ، قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ ، أَنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ ، وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ، قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّـهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ( آل عمران ـ ٤٠ ) .

٣٠
 &

الكمال

لكل شيئ زينة في الدنيا وزينة المرء كمال الأدب .

مما يجب على الولد أن يكون مؤدّبا في كل حال وكل حين ، لا سيّما وبالخصوص عند والديه ، فان الأدب عند الوالدين مما يزيد ، في توفيق الانسان ، لذا ترى القرآن الكريم ينادي بأعلى صوته :

١ ـ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ، وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا ، فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا . . . . ( بني اسرائيل ـ ٢٣ ) .

٢ ـ قال ـ أي ابو ولاد الحناط ـ ثم قال ابو عبد الله عليه الصلاة والسلام : وأمّا قول الله تعالى ( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا ، فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ) قال عليه السلام : ان اضجراك فلا تقل لهما أف ، ولا تنهرهما ان ضرباك . قال عليه السلام : ( وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ) : قال عليه السلام : ان ضرباك فقل لهما غفر الله لكما ، فذلك منك قول كريم . . . . ذرايع البيان ، الآفه الثامنة ، ص ١٧٤ .

٣ ـ قال مجاهد معناه ان بلغا عندك من الكبر ما يبولان ويحدثان

٣١
 &

فلا تتقذّرهما ، وامط عنهما كما كانا يميطان عنك في حال الصغر ، و المتبرم ويكثر قول أف ، وهي كلمة تدل على الضجر . . . . مجمع البيان ج ٦ ، ص ٤٠٩ ، ذيل آية ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ ) من سورة بني اسرائيل .

٣٢
 &

افضل الاعمال للولد

الأعمال على شطرين : اعمال ذات فضيلة ، واعمال ذات رذيلة . أما الرذائل فلسنا هنا بصددها . وأما الفضائل : فهي من الكلّي المشك ، أي لها مراتب متعددة ، فبعضها افضل من البعض الآخر . ان قلت : كيف نرتّب هذا الترتيب ؟ . قلنا هذا ترتيب رتّبه المولى جلّ وعلا شأنه ، وهو أعلم بالمصالح ، فكلما كانت المصلحة فيها أتم وأكمل فهي افضل ، وهذا ما يحكم به العقل والنقل . وما بعد الحقّ الّا الضلال .

١ ـ حدثنا أبي (رض) قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن احمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن محمد بن احمد الأيادي ، عن عبد الله بن محمد ، عن عمرو بن شمر ، عن ابان بن محمد عن محمد بن علي عليهما السلام ، قال : ما من عمل افضل يوم النحر من دم مسفوك ، او مشى في بر الوالدين ، أو ذى رحم قاطع يأخذ عليه بالفضل ويبدأه بالسلام ، او رجل اطعم من صالح نسكه ودعا الى بقيّتها جيرانه من اليتامى واهل المسكنة والمملوك ، وتعاهد الأسراء . . . . الخصال ، باب الخمسة ، ص ٢٤٢ ، الحديث ٨٦ .

٣٣
 &

نصيحة الوالد لولده

لا ناصح كالأب بالنسبة الى ولده ، ولا يتصوّر أنّ هناك اب يبخل على ولده بالنصيحة ، ومن المستحيل أن يخرج الولد من قلب ابيه مهما كلّف الأمر ، لذا ترى الآباء يبالغون في نصح ابنائهم جزاهم الله خيرا .

١ ـ قال العباس بن عبد المطلب لابنه : يا بني لا تعلم العلم لثلاث خصال : لتمارى به ، ولترائى فيه ، ولتباهى به . ولا تدعه لثلاث خصال : لرغبة في الجهل ، ولزهد في العلم ، ولاستحياء في التعليم . . . . معدن الجواهر ص ٣٦ .

٢ ـ ومن كلام لقمان لابنه : ثلاثة لا تعرفهم الّا عند ثلاثة : لا تعرف الحليم الّا عند الغضب ، والشجاع الّا عند الحرب ، ولا اخاك الّا عند الحاجة . . . . معدن الجواهر ص ٣٧ .

٣٤
 &

نصح الآباء للابناء

من المعلوم لزوم نصح الأبناء على الاباء ولما كان التعبّد لله اولى من كل شئ لزم على الأبناء ايضاً نصح الآباء في هذا المورد ، لذا ترى ابراهيم عليه السلام ينصح آذر ـ سواء كان عمّه او جدّه لامّه كما جاء في التفسير ـ فكلاهما يسمّون أب عند العرب .

١ ـ قال تعالى : إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ . ( ٤٢ ـ مريم )

٢ ـ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي . ( ٤٣ ـ مريم )

٣ ـ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ . ( ٤٤ ـ مريم )

٤ ـ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَـٰنِ . ( ٤٥ ـ مريم )

٣٥
 &

الاطٰاعة

لو نظرنا الى أبعاد اطاعة الوالدين لرأيناها ابعد مما تتصور ، و ذلك على لسان القرآن الكريم حيث قال : حاكيا عن اسميٰعيل ذبيح الله :

١ ـ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ . ( ١٠٢ ـ الصافات ) وهو ـ اي ابراهيم عليه السلام يريد ذبحه .

٢ ـ عن الراوندي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : أنّه قال : ـ في حديث الى أن قال ـ وان امراك ان تخرج من اهلك و مالك فاخرج ولا تحزنهما . . . ذرايع البيان ، ص ٢٠٠ ، تكملة .

٣ ـ وقال صلى الله عليه وآله وسلّم : طاعة الله طاعة الوالد . . . غوالي الدرر ، حرف الطاء ، ص ١٠٧ .

٤ ـ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ . . . ( بني اسرائيل ٢٤ ) .

٥ ـ وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا . . . ( العنكبوت ـ ٨ ) .

٦ ـ قال « الصادق عليه السلام » : ( واخفض لهما جناح الذل

٣٦
 &

من الرحمة ) قال : لا تملأ عينيك من النظر اليهما الّا برأفة ورحمة ، و لا ترفع صوتك فوق اصواتهما ، ولا يدك فوق ايديهما ، ولا تقدّم قدّامهما . . . مجمع البيان ، ج ٦ ، ص ٤٠٩ ، ذيل آية ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ ) من سورة بني اسرائيل .

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، وعلي بن ابراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن الحسين بن محبوب ، عن أبي ولّاد الحنّاط ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن قول الله عزّ وجلّ : ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) ما هذا الاحسان ؟ . فقال عليه الصلاة والسلام : الاحسان أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما ممّا يجتاجان اليه ، وان كانا مستغنيين ، أليس يقول عزّ وجلّ : ( لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) قال : ثم قال أبو عبد الله عليه أفضل التحيات ، وأما قول الله عزّ وجلّ : ( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا ) . قال سلام الله عليه : ان اضجراك فلا تقل لهما أف ، ولا تنهرهما ان ضرباك . قال : ( وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ) قال عليه السلام : ان ضرباك فقل لهما : غفر الله لكما ، فذلك منك قول كريم ، قال : ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) قال عليه السلام لا تملأ عينيك من النظر اليهما الّا برحمة ورقّة ولا ترفع صوتك فوق اصواتهما ، ولا يدك فوق ايديهما ، ولا تقدّم قدّامهما . . . . الكافي ، ج ٢ ، ص ١٢٦ ، باب البر ، الحديث ١ .

٨ ـ ابن محبوب ، عن خالد بن نافع التجلّى ، عن محمد بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : انّ رجلا أتى النبي صلى الله

٣٧
 &

عليه وآله وسلّم ، فقال : يا رسول الله أوصني ! فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : لا تشرك بالله شيئا وان حرّقت بالنار وعذّبت الّا وقلبك مطمئن بالايمان ، ووالديك فأطعهما وبرّهما ، حيّين كانا أو ميّتين ، وان أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل ، فانّ ذلك من الايمان . . . الكافي ، ج ٢ ، ص ١٢٦ ، باب البر ، الحديث ٢ .

٣٨
 &

وصايا الآباءِ للابناءِ

من حق الولد على الوالد أن يوصيه بما ينفعه ويرشده ويأدّبه ، كي لا يكون عضوا فاسدا في المجتمع وعاله وكلّا عليه ، ولكي يكون بعده احد الثلاثة الذين يخلف بهم المرء وهو الولد الصالح ، ولو صلح الولد لكان عاملا مهمّا في جلب الرحمة لوالديه بعد الموت ، وهذا هو المطلوب .

١ ـ اوصى حكيم ولده فقال : يا بني احذر خصلة واحدة تسلم ، واتبع خصلة واحدة تغنم : لا تدخل مداخل السوء تتهم ، واشكر تدم لك النعم واعلم أن العز في خصلة واحدة ، وهي طاعة الله ، والذل في خلصة واحدة ، وهي معصية الله ، والغنا في خصلة واحدة وهو الرضا بقسم الله ، والفقر في خصلة واحدة ، وهي استقلال نعم الله ، والناس يا بني يتفاضلون بشئ واحد وهو العقل ، ويتميّزون بشئ واحد وهو العلم ، ويفوزون بشئ واحد وهو العمل ، ويسودون بشئ واحد وهو الحلم . فعليك يا بني في دينك بشئ واحد وهو الازدياد ، وفي دنياك بشئ واحد وهو الاقتصاد . معدن الجواهر ص ٢٤ .

٢ ـ قال لقمان لابنه : يا بني أنهاك عن شيئين ، عن الكسل والضجر ، فانك اذا كسلت لم تؤدي حقا ، واذا ضجرت لم تصبر على حق . معدن الجواهر ص ٢٧ .

٣٩
 &

٣ ـ أوصى حكيم ولده فقال : يا بني إن أردت الخلاص فعليك بشيئين : لا تضع ما عندك الّا في حقه ، ولا تأخذ ما ليس لك الّا بحقّه . تحصّن يا بني من الساعي عليك بشيئين : بالمداراة وحسن المعاشرة ، فانك لا تعدم احد شيئين : اما صداقة تحدث بينكما تؤمنك شرّه ، واما فرصة تظفرك به . معدن الجواهر . . باب ذكر ما جاء في اثنين ـ ص ٢٩ .

٤ ـ وصية أخرى : يا بني احفظ عنّي ثلاثة : وقّر أباك تطل أيامك ، وقّر امك ترى لبنيك بنينا ، ولا تحد النظر الى والديك فتعقهما . معدن الجواهر ص ٣٧ .

٥ ـ واعلم يا بني : أن الايام ثلاثة : أمس : يوم ماضي كأن لم يكن ، وغد : يوم منتظر كأن قد أتى ، واليوم : مقيم بغنيمة الّا كآيس لتزود الخيرات وتقطعه الفجرة بالأماني ، مع أنها ليست ايام ولكنها ساعات ، وليست ساعات ولكنها اوقات أقل من ارتداد الطرف . معدن الجواهر ص ٣٧ .

٦ ـ واعلم ان الناس في الدنيا بين ثلاثة احوال حسنات وسيئات و لذات ، وفي الآخرة بين ثلاثة احوال درجات ودركات ومحاسبات ، فمن عمل في الدنيا بالحسنات نال في الآخرة الدرجات ، ومن ترك في الدنيا السيئآت نجى في الآخرة من الدركات ، ومن هجر في الدنيا اللذات خلص في الآخرة من المحاسبات . . . معدن الجواهر . . باب ذكر ما جاء في ثلاثة . ص ٣٧ .

٤٠