تدوين القرآن

الشيخ علي الكوراني العاملي

تدوين القرآن

المؤلف:

الشيخ علي الكوراني العاملي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار القرآن الكريم
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٧

وروى ابن ماجة في ج ٢ ص ١١٦٥ (عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :

كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعوذ الحسن والحسين يقول أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة. قال وكان أبونا إبراهيم يعوذ بها إسماعيل وإسحاق. أو قال إسماعيل ويعقوب). ومثله أبو داود في ج ٢ ص ٤٢١ ، والترمذي في سننه ج ٣ ص ٢٦٧ ، والحاكم في المستدرك ج ٣ ص ١٦٧ وج ٤ ص ٤١٦ وقال في الموردين (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه). وأحمد في مسنده ج ١ ص ٢٣٦ وص ٢٧٠

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٥ ص ١١٣ بعدة روايات ، وإحداها عن عبد الله بن مسعود فيها تفصيل جميل (قال كنا جلوسا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ مر به الحسين والحسن وهما صبيان فقال : هاتوا ابني أعوذهما مما عوذ به إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق ، قال أعيذكما بكلمات الله التامة من كل عين لامة ومن كل شيطان وهامة. رواه الطبراني وفيه محمد بن ذكوان وثقة شعبة وابن حبان وضعفه جماعة ، وبقية رجاله ثقات).

ورواه في كنز العمال عن عمر ، في ج ٢ ص ٢٦١ وج ١٠ ص ١٠٨ قال (عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كان يعوذ حسنا وحسينا يقول : أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ـ حل).

وروى البخاري ذلك بعدة روايات عن عائشة بتفاوت في الدعاء ، لكنها لم تسم فيهما الحسنين! قال في ج ٧ ص ٢٤ (... حدثني سليمان عن مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول الله رب الناس أذهب الباس واشفه وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما. قال سفيان حدثت به منصورا فحدثني عن إبراهيم عن مسروق عن عائشة نحوه ... روايتين في ج ٧ ص ٢٦ (... عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعوذ بعضهم يمسحه بيمينه ... اذهب الباس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما. فذكرته لمنصور فحدثني عن إبراهيم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها بنحوه). وروى نحوه أحمد في مسنده ج ٦ ص ٤٤ و ٤٥ .. إلخ.

١٠١

من هذه الروايات نعرف أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يهتم اهتماما خاصا بولديه الحسن والحسين عليهما‌السلام وتعويذهما بكلمات الله تعالى لدفع الحسد والشر عنهما ، وأنه كان يفعل ذلك عمدا أمام الناس لتركيز مكانتهما في الأمة والتأكيد على أنهما ذريته وامتداده .. كما كان إسحاق واسماعيل بقية إبراهيم وامتداده عليهم‌السلام! وأنه بعد نزول المعوذتين كان يعوذهما دائما بهما! وبهذا ارتبطت السورتان في ذهن الأمة بالحسنين وسرى اليهما الحسد منهما .. أو الحب!!

وتحاول الروايات تصوير عبد الله بن مسعود بأنه حامل راية العداء للمعوذتين وتنقل إصراره على حذفهما من القرآن! كما في مسند أحمد في ج ٥ ص ١٣٠ (عن عبد الرحمن بن يزيد قال كان عبد الله يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول إنهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى)! ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٧ ص ١٤٩ وقال (رواه عبد الله بن أحمد والطبراني ورجال عبد الله رجال الصحيح ورجال الطبراني ثقات) ثم روى رواية أخرى ووثقها ، قال (وعن عبد الله أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول إنما أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يتعوذ بهما ، وكان عبد الله لا يقرأ بهما. رواه البزار والطبراني ورجالهما ثقات. وقال البزار : لم يتابع عبد الله أحد من الصحابة ، وقد صح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قرأ بهما في الصلاة وأثبتتا في المصحف).

وقال ابن شبة في تاريخ المدينة ج ٣ ص ١٠١١ (عن عبد الرحمن بن يزيد : رأيت ابن مسعود يحك المعوذتين من المصحف ويقول : لا يحل قراءة ما ليس منه!) انتهى.

ولكن توجد أمور توجب الشك في ذلك ..

منها : أن ابن مسعود لم يكن يجرؤ في زمن عمر على حذف شىء من مصحفه أو إثباته إلا برأي عمر!

ومنها : أن ابن مسعود لم يكن معروفا ببغض علي والحسن والحسين عليهم‌السلام ..

ومنها : أنه يستبعد أن لا يكون ابن مسعود اطلع على تأكيدات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله التي نقلها الصحابة وأهل البيت عليهم‌السلام على أن المعوذتين سورتان منزلتان!

١٠٢

ومنها : ما يدل على أن ترك المعوذتين شاع في أوساط من المسلمين حتى كانوا يسخرون ممن يعتقد أنهما من القرآن ويقرأ بهما في صلاته! وهذا أمر أكبر من تأثير ابن مسعود ، وهو عادة لا يحدث بدون عمل من السلطة مؤثر على الناس!

قال أحمد في مسنده ج ١ ص ٢٨٢ (حنظلة السدوسي قال قلت لعكرمة : إني أقرأ في صلاة المغرب بقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس وإن ناسا يعيبون ذلك عليّ!! فقال وما بأس بذلك ، اقرأهما فإنهما من القرآن!) وينبغي أن نتذكر هنا أن عكرمة هو عبد لابن عباس الهاشمي ومنه أخذ ثقافته القرآنية ، وإن صار فيما بعد من الخوارج.

ومنها : الصلة التي تتبادر الى الذهن بين حذف سورتين ارتبطتا في ذهن الناس بالحسن والحسين وبين إضافة سورتين في تبرئة مشركي ومنافقي قريش ، وهما سورتا الخليفة عمر : الخلع والحفد؟!

ومنها : أنه لم يرو عن الخليفة عمر أنه أثبت المعوذتين في مصحفه ، ولا قرأهما في صلاته ، ولا اتخذ موقفا من نفيهما والتشكيك فيهما الذي كان شائعا في زمانه!

ومنها : أنه رويت عن ابن مسعود رواية أو أكثر في فضل سورتي المعوذتين ، فهي تناقض رواية أنه أنكرهما .. ففي كنز العمال ج ١ ص ٦٠١ (استكثروا من السورتين يبلغكم الله بهما في الآخرة : المعوذتين ينوران القبر ويطردان الشيطان ويزيدان في الحسنات والدرجات ويثقلان الميزان ويدلان صاحبهما الى الجنة ـ الديلمي عن ابن مسعود).

ومنها : أن تهمة حذف المعوذتين لم تقتصر على ابن مسعود ، فقد تظافرت الروايات على أن أبيّ بن كعب اتخذ موقفا محايدا فلا هو خطأ ابن مسعود في حذفهما ولا هو شهد بأنهما من القرآن! والحياد أمام نفي شىء من القرآن نفي لقرآنيته ، وشهادة بعدم وجود دليل على أنه من القرآن!!

روى أحمد في مسنده ج ٥ ص ١٢٩ (عن زر بن حبيش قال قلت لأبي بن كعب : إن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه! فقال أشهد أن رسول الله صلّى

١٠٣

الله عليه وسلم أخبرني أن جبريل عليه‌السلام قال له : قل أعوذ برب الفلق فقلتها ، فقال قل أعوذ برب الناس فقلتها. فنحن نقول ما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم!!) ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٧ ص ١٤٩ وقال (رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح)!

وروى البيهقي في سننه ج ٢ ص ٣٩٤ عن أبي بن كعب قال (سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن المعوذتين فقال قيل لي فقلت. فنحن نقول كما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ... زر بن حبيش يقول سألت أبي بن كعب عن المعوذتين فقلت يا بالمنذر إن أخاك ابن مسعود يحكهما من المصحف؟ قال إني سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : فقيل لي فقلت. فنحن نقول كما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم).

قال ابن حجر في لسان الميزان ج ٣ ص ٨١ (واختلف على أبي بن كعب في إثبات المعوذتين) انتهى.

ومعنى كلام أبي ابن كعب كما تدعي هذه الروايات أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يصرح بأن المعوذتين سورتان من القرآن ، بل قال : قال لي جبرئيل : قل أعوذ برب الفلق ... قل أعوذ برب الناس ..!! فلم ينص النبي على أنهما سورتان ولو قال إنهما من قول جبرئيل ، فقد يكون جبرئيل علمه إياهما ليعوذ بهما الحسنين فقط ، وليس لتكونا جزء من القرآن!!

هذه الأمور وغيرها .. تدفع الباحث الى القول بأن جو السلطة هو الذي كان يستنكر على الناس ويعيب عليهم قراءة المعوذتين في الصلاة .. وهو المسئول عن نسبة هذه الروايات الى ابن مسعود وابن كعب. وبسبب ذلك ذهب بعض الباحثين الى تكذيب نسبة هذا الرأي الى ابن مسعود مثل الفخر الرازي والباقلاني وابن حزم ..

قال السيوطي في الإتقان ج ١ ص ٢٢٧ عن عدد السور (وفي مصحف ابن مسعود مائة واثنتا عشرة لأنه لم يكتب المعوذتين! وفي مصحف أبي ست عشرة لأنه كتب قط آخره (سورتي) الحفد والخلع!). وأورد في ص ٢٧٠ دفاع الفخر الرازي والقاضي أبي بكر والنووي وابن حزم عن ابن مسعود ، ولكنه رجح كلام ابن حجر في شرح البخاري بأنه قد صح ذلك عن ابن مسعود ، فلا يمكن إنكاره ..

١٠٤

إخواننا السنة يعتقدون أن المعوذتين من القرآن ، إلا البخاري!

أمام هذه التشكيكات في المعوذتين في مصادر إخواننا السنة ، يبقى عندهم عدد من الروايات التي تثبت جزئيتهما من القرآن الكريم ، وعمدتها ما رووه عن عقبة بن عامر الجهني كما في مسلم ج ٢ ص ٢٠٠ فقال (عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط ، قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ... عن عقبة بن عامر قال قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنزل أو أنزلت عليّ آيات لم ير مثلهن قط المعوذتين. وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ح ، وحدثني محمد بن رافع حدثنا أبو أسامة كلاهما عن إسماعيل بهذا الإسناد مثله).

ورواها الترمذي ج ٥ ص ١٢٢ وج ٤ ص ٢٤٤ وقال في الموردين (هذا حديث حسن صحيح) ثم روى عن عقبة (أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن أقرأ بالمعوذتين في دبر كل صلاة. وقال هذا حديث حسن غريب). ثم كرر رواية ابن كعب. ورواه البيهقي في سننه ج ٢ ص ٣٩٤.

وقال الشافعي في كتاب الأم ج ٧ ص ١٩٩ (أخبرنا وكيع ، عن سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد قال : رأيت عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول لا تخلطوا به ما ليس منه ـ ثم قال عبد الرحمن ـ وهم يروون عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قرأ بهما في صلاة الصبح وهما مكتوبتان في المصحف الذي جمع على عهد أبي بكر ثم كان عند عمر ثم عند حفصة ثم جمع عثمان عليه الناس ، وهما من كتاب الله عزوجل ، وأنا أحب أن أقرأ بهما في صلاتي).

وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٧ ص ١٤٨ عدة روايات في إثبات أن المعوذتين من القرآن.

أما البخاري فقد اختار أن يقف في صف المشككين في المعوذتين! فقد كان روى رواية عقبة في تاريخه الكبير ج ٣ ص ٣٥٣ ثم تراجع عن روايتها في صحيحه ، فلم يرو إلا روايات أبي ابن كعب المتزلزلة المشككة! مع أنه عقد في صحيحه عنوانين

١٠٥

للمعوذتين لكن اكتفى بروايات التشكيك دون غيرها! وقد ألف تاريخه قبل صحيحه كما في تذكرة الحفاظ ج ٢ ص ٥٥٥!!

قال في صحيحه ج ٦ ص ٩٦ (سورة قل أعوذ برب الفلق ... عن زر بن حبيش قال سألت أبيّ بن كعب عن المعوذتين فقال سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال قيل لي فقلت. فنحن نقول كما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ... سورة قل أعوذ برب الناس ... وحدثنا عاصم عن زر قال سألت أبيّ بن كعب قلت أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا. فقال أبيّ : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال لي قيل لي فقلت ، قال فنحن نقول كما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم) انتهى ، فيكون البخاري متوقفا في أنهما من القرآن لعدم ثبوت دليل على ذلك عنده!!

ومن طريف ما تقرأ في إرشاد الساري في شرح البخاري ج ٧ ص ٤٤٢ قول القسطلاني (وقع الخلاف في قرآنيتهما ثم ارتفع الخلاف ووقع الإجماع عليه ، فلو أنكر أحد قرآنيتهما كفر) انتهى.

وقد تضمن كلامه فتوى بتبرئة الذين خالفوا إجماع الصحابة من الماضين ، وتكفير من خالف إجماعهم ممن بعدهم .. ولا نظن إخواننا السنة يلتزمون بذلك!

وفتوى أخرى بكفر منكر قرآنية المعوذتين من بعد الصحابة وكأن ذلك مما أجمع على الفقهاء .. ولم يذكر حكم من شك فيهما كالبخاري الذي اقتصر على نقل روايات التشكيك ، وتجاهل روايات جزئيتهما من القرآن ولم يعتمدها في صحيحه!!

ثم إن الصحابة لم يجمعوا على إثبات المعوذتين ولا على حذف سورتي الخليفة عمر (الخلع والحفد) ولكن قوة المعوذتين ، وحفظ الله تعالى لكتابه ، ضمن بقاءهما. كما أن ركة الخلع والحفد ، وحفظ الله تعالى لكتابه ، تكفل بموتهما!

هذا ، وقد تحدث ابن شبة في تاريخ المدينة ج ٣ ص ١٠١٠ عن حساسية المسلمين تجاه النص القرآني فقال (... ولو قرأ غير ما في مصاحفهم قارئ في الصلاة ، أو جحد شيئا منها استحلوا دمه بعد أن يكون يدين به) انتهى. ولكنهم استثنوا من ذلك الخليفة عمر ، ولا بد أنهم من أجله يستثنون البخاري أيضا!!

١٠٦

موقف أهل بيت النبي عليهم‌السلام وشيعتهم من المعوذتين

لا يوجد في مصادرنا الشيعية أثر لسورتي الخلع والحفد .. كما لا توجد ذرة غبار على أن المعوذتين جزء من القرآن ، بل كان موقف الأئمة من أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله التأكيد على قرآنيتهما .. روى الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام ج ٢ ص ٩٦ (.. عن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم قال : أمرني أبو عبد الله عليه‌السلام أن أقرأ المعوذتين في المكتوبة).

وروى الحر العاملي في وسائل الشيعة ج ٤ ص ٧٨٦ (عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن المعوذتين أهما من القرآن؟ فقال : هما من القرآن. فقال الرجل : إنهما ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود ولا في مصحفه. فقال أبو عبد الله : أخطأ ابن مسعود ، أو قال كذب ابن مسعود ، وهما من القرآن. فقال الرجل : فأقرأ بهما في المكتوبة؟ فقال نعم) انتهى.

وقال المحقق البحراني في الحدائق الناضرة في فقه العترة الطاهرة ج ٨ ص ٢٣٠ (الثانية : أجمع علماؤنا وأكثر العامة على أن المعوذتين من القرآن العزيز وأنه يجوز القراءة بهما في الصلاة المفروضة ، وروى منصور بن حازم قال : أمرني أبو عبد الله عليه‌السلام أن أقرأ المعوذتين في المكتوبة. وعن صفوان الجمال في الصحيح ... قال في الذكرى : ونقل عن ابن مسعود أنهما ليستا من القرآن وإنما أنزلتا لتعويذ الحسن والحسين عليهما‌السلام! وخلافه انقرض ، واستقر الإجماع الآن من العامة والخاصة على ذلك) انتهى.

* * *

١٠٧

آيات حذفت من القرآن برأي الخليفة

١ ـ آية الرجم

٢ ـ آية الشيخ والشيخة

روى البخاري في صحيحه ج ٨ ص ٢٥ (... عن عبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال عمر : لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله. ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف.

... وعن ابن عباس قال : كنت أقرأ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف ، فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها ، إذ رجع اليّ عبد الرحمن فقال : لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول : لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا! فو الله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت! فغضب عمر ثم قال : إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذي يريدون أن يغصبوهم أمورهم!

قال عبد الرحمن فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم ، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس ، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيّرها عنك كل مطيّر ، وأن لا يعوها وأن لا يضعوها على مواضعها ، فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة ، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكنا ، فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها. فقال عمر أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.

قال ابن عباس فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة ، فلما كان يوم الجمعة عجلنا الرواح حين زاغت الشمس حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا الى ركن المنبر فجلست حوله تمس ركبتي ركبته ، فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب ، فلما

١٠٨

رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل : ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف ، فأنكر عليّ وقال : ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله؟! فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال :

أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها ، لا أدري لعلها بين يدي أجلي ، فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب عليّ. إن الله بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها ، فلذا رجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله (والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف).

ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم. أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم.

... ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول والله لو مات عمر بايعت فلانا ، فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ، ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها ، وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر. من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرّة أن يقتلا) انتهى. ومعنى قوله تغرة أن يقتلا : مخافة أن يقتلا بهذا الأمر الذي أصدره في هذه الخطبة.

ورواه مختصرا في ج ٨ ص ١١٣ (... قال عمر لو لا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي) وروى نحوه مسلم في صحيحه ج ٥ ص ١١٦ وابن ماجة في سننه ج ١ ص ٦٢٥ وج ٢ ص ٨٥٣ وأبو داود في سننه ج ٢ ص ٣٤٣ وفيه (وأيم الله لو لا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله عزوجل لكتبتها).

وفي سنن الترمذي ج ٢ ص ٤٤٢ وقال (هذا حديث صحيح ... وفي الباب عن علي. حديث عمر حديث حسن صحيح. وروي من غير وجه عن عمر).

ورواه الدارمي في سننه ج ٢ ص ١٧٩ وأحمد في مسنده ج ١ ص ٢٣ وص ٣٤ وص ٤٠ وص ٤٥ وص ٤٩ وروى في ج ٥ ص ١٨٣ (... فقال عمر لما أنزلت هذه أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت : أكتبنيها. قال شعبة فكأنه كره ذلك ، فقال عمر ألا ترى أن الشيخ إذا لم يحصن جلد ، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم).

١٠٩

ورواه الحاكم في المستدرك ج ٤ ص ٣٥٩ والبيهقي في سننه ج ٨ ص ٢١٣ بعدة روايات وقال (قال مالك : يريد عمر بن الخطاب بالشيخ والشيخة الثيب من الرجال والثيبة من النساء) ونحوه في ج ٨ ص ٢٣٦ ورواه الشافعي في اختلاف الحديث ص ٦١ والسيوطي في الدر المنثور ج ٥ ص ١٧٩ بعدة روايات ، منها (وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال : أمر عمر بن الخطاب مناديا فنادى أن الصلاة جامعة ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس لا تجزعن من آية الرجم فإنها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها ، ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد ... وأخرج ابن الضريس عن عمر قال قلت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما نزلت آية الرجم : أكتبها يا رسول الله. قال : لا أستطيع ذلك.

وأخرج ابن الضريس عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب خطب الناس فقال : لا تشكوا في الرجم فإنه حق قد رجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورجم أبو بكر ورجمت ، ولقد هممت أن أكتب في المصحف ، فسأل أبيّ بن كعب عن آية الرجم فقال أبيّ : ألست أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فدفعت في صدري وقلت : ألست أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فدفعت في صدري وقلت : أتستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر!) وهو كلام غريب من ابن كعب يدل على أن الخليفة كان مخالفا لآية الرجم أو لتطبيق حكمها ، لكثرة من يستحق الرجم من الناس! فإن صح ذلك فإن تأكيده الشديد على (آية) الرجم وتطبيق الرجم قد يكون ندما على مخالفته لحكمه في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله!

وقال ابن قدامة في المغني ج ١٠ ص ١٢١ (... قد ثبت الرجم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقوله وفعله في أخبار تشبه المتواتر ، وأجمع عليه أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على ما سنذكره في أثناء الباب في مواضعه إن شاء الله تعالى ، وقد أنزله الله تعالى في كتابه! وإنما نسخ رسمه دون حكمه ، فروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : إن الله تعالى بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها ورجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى (فالرجم حق على من زنا أذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف)

١١٠

وقد قرأ بها (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) متفق عليه ... وقولهم إن هذا نسخ ـ يعني لآية الجلد ـ ليس بصحيح وإنما هو تخصيص ، ثم لو كان نسخا لكان نسخا بالآية التي ذكرها عمر رضي الله عنه)!

وقال النووي في المجموع ج ٢٠ ص ٧ (فصل : إذا وطأ رجل من أهل دار الإسلام امرأة محرمة عليه من غير عقد ولا شبهة عقد وغير ملك ولا شبهة ملك ، وهو عاقل بالغ مختار عالم بالتحريم ، وجب عليه الحد ، فإن كان محصنا وجب عليه الرجم لما روى ابن عباس رضي الله عنه قال ، قال عمر : لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائلهم ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلون ويتركون فريضة أنزلها الله ، ألا إن الرجم إذا أحصن الرجل وقامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف ، وقد قرأتها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ، وقد رجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورجمنا) ورواه ابن حجر في تهذيب التهذيب ج ٤ ص ٧٧ وقال (وقد وقع لي حديث بإسناد صحيح لا مطعن فيه .. وفيه : لو لا أن أزيد في كتاب الله ما ليس فيه لكتبت ، إنه حق). ورواه الدميري في حياة الحيوان ج ٢ ص ١٢٧ ... إلخ.

* * *

وينبغي أن نسجل هنا ملاحظة أساسية تنفع في هذا الباب وغيره ، وهي أن آية الرجم العمرية كانت تملك من القوة من تأكيدات الخليفة عمر وشهادات الصحابة ما لم تملكه بعض آيات القرآن .. وهي تملك الآن في مصادر إخواننا السنة أحاديث صحيحة على أنها من القرآن أكثر وأقوى مما تملكه سورتا المعوذتين مثلا .. ولكن لما ذا لم يكتبها الخليفة عمر أو غيره في القرآن؟!!

لقد صرح الخليفة بالجواب ، وهو أنه يخاف من الناس .. فأي ناس هؤلاء وقد شهد بها هو وشهد معه الصحابة .. وهو الحاكم المطلق الجرىء؟!!

هنا تأتي معجزة قوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) معجزة القوة الذاتية للقرآن ، والتي يعرفها الحس القرآني عند جماهير المسلمين .. فالقرآن فيه خصوصية أنه ينفي غيره عنه ، تماما كما ينفي الجوهر الفحم الذي تضعه معه على أنه منه ويفضحه .. وإذا أصريت على أنه منه .. فضحت نفسك معه!

١١١

إن المسلمين يتحملون الكلام النظري للخليفة بأن هذه الآية كانت من القرآن أو لم تكن منه .. كما يقول الإنسان هذا الحجر كان معدنا كريما ، وكان جزءا من طبق الجواهر .. لكن إذا وصل الأمر الى أن يضعه بالفعل في طبق الجواهر على أنه منه .. فإن للناس معه حسابا آخر ..!

لقد كان الخليفة مدركا لهذه الحقيقة ويخاف منها .. ومن حقه أن يخاف .. وفي نفس الوقت كان مصرا على اجتهاداته وآرائه ويعمل لها!!

٣ ـ آية لا ترغبوا عن آبائكم

مضافا الى ما تقدم في صحيح البخاري ج ٨ ص ٢٤ وغيره ، فقد روى الهيثمي في مجمع الزوائد ج ١ ص ٩٧ (وعن أيوب بن عدي بن عدي عن أبيه أو عمه أن مملوكا كان يقال له كيسان فسمى نفسه قيسا وادعى الى مولاه ولحق بالكوفة ، فركب أبوه الى عمر بن الخطاب فقال : يا أمير المؤمنين ابني ولد على فراشي ، ثم رغب عني وادعى الى مولاي ومولاه! فقال عمر لزيد بن ثابت : أما تعلم أنا كنا نقرأ : لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم؟ فقال زيد بلى ، فقال عمر بن الخطاب : انطلق فاقرن ابنك الى بعيرك ثم انطلق فاضرب بعيرك سوطا وابنك سوطا حتى تأتي به أهلك! رواه الطبراني في الكبير ، وأيوب بن عدي وأبوه أو عمه لم أر من ذكرهما.

وعن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من ادعى الى غير أبيه لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من قدر سبعين عاما ـ أو من مسيرة سبعين عاما ـ قلت رواه ابن ماجة إلا أنه قال من مسيرة خمسمائة عام ـ رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح).

ورواه في كنز العمال ج ٢ ص ٤٨٠ وص ٥٦٧ وج ٥ ص ٤٢٨ ـ ٤٣٣ بعدة روايات ، وفي ص ٤٢٩ (.. ألا وإنا قد كنا نقرأ : لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ـ عب ، ش ، حم ، والعدني ، والدارمي خ م د ت ن ه ، وابن الجارود وابن جرير وأبو عوانة ، حب ، ق) وروى مالك بعضه. ثم رواه في ص ٦٤٩ بعدة روايات وقال في رموزها (مالك والشافعي وابن سعد والعدني ، حل ، ق ـ مالك وابن سعد ومسدد ، ك ـ عب ـ ابن الضريس).

١١٢

وفي ج ٢ ص ٥٩٦ (عن عمر قال : كنا نقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم ، أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ـ الكجي في سننه).

وفي ج ٦ ص ٢٠٨ (عن عدي بن عدي بن عميرة بن فروة عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب قال لأبي : أو ليس كنا نقرأ من كتاب الله أن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم؟ فقال بلى ، ثم قال : أو ليس كنا نقرأ الولد للفراش وللعاهر الحجر ، فقد فيما فقدنا من كتاب الله؟ قال بلى ـ ابن عبد البر في التمهيد) كما روى استشهاد الخليفة على قوله بزيد بن ثابت ... وقال في مصادره (عب ، ط ، وأبو عبيد في فضائله ، وابن راهويه ، ورستة في الايمان ، طب).

٤ ـ آية : ولو حميتم كما حموا ...

روى الحاكم في المستدرك ج ٢ ص ٢٢٥ (... عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه كان يقرأ : إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ، ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام ، فأنزل الله سكينته على رسوله ، فبلغ ذلك عمر فاشتد عليه فبعث إليه وهو يهنأ ناقة له (يدهن بالقطران ناقة له جرباء) فدخل عليه فدعا أناسا من أصحابه فيهم زيد بن ثابت فقال : من يقرأ منكم سورة الفتح؟ فقرأ زيد على قراءتنا اليوم فغلظ له عمر ، فقال له أبيّ : أأتكلم؟ فقال تكلم ، فقال : لقد علمت أني كنت أدخل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويقرئني وأنتم بالباب ، فإن أحببت أن أقرأ الناس على ما أقرأني أقرأت ، وإلا لم أقرئ حرفا ما حييت!. قال بل أقرأ الناس. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) انتهى.

ورواه في كنز العمال ج ٢ ص ٥٦٨ وقال (ن ، وابن أبي داود في المصاحف ، ك ، وروى ابن خزيمة بعضه) وروى نحوه في ص ٥٩٤ وقال (ن وابن أبي داود في المصاحف ك وروى ابن خزيمة بعضه). وفي ص ٥٩٥ عن ابن داود.

ورواه السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٧٩ وقال (وأخرج النسائي والحاكم وصححه) ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٩٧ (... عن أبي إدريس الخولاني أن أبا الدرداء ركب الى المدينة في نفر من أهل دمشق ، فقرءوا يوما على عمر : إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام. فقال عمر : من أقرأكم هذا؟ قالوا أبي بن كعب. فدعا به فلما أتى قال : اقرءوا ، فقرءوا كذلك ، فقال أبيّ : والله يا عمر إنك لتعلم أني كنت أحضر ويغيبون وأدنى ويحجبون ويصنع بي ويصنع بي ، وو الله لئن أحببت لألزمن بيتي فلا أحدث شيئا ولا أقرأ أحدا حتى أموت! فقال عمر : اللهم غفرا ، إنا لنعلم أن الله قد جعل عندك علما فعلم الناس ما علمت) ورواه في كنز العمال ج ٢ ص ٥٩٤

١١٣

ونحمد الله تعالى أن المسلمين لم يأخذوا بقول الخليفة عمر ولم يتعلموا هذه الإضافة الركيكة للآية الكريمة ، ولم يقرأ أحد منهم : ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام!!

ثم لا أدري ما هو التناسب بين حمية الجاهلية عند قريش وحمية المسلمين لإسلامهم! ثم بين ذلك وبين فساد المسجد الحرام؟! فقد نزلت الآية كما تذكر تفاسير الشيعة والسنة في سورة الفتح على أثر صلح الحديبية. وتمثلت حمية المشركين الجاهلية بمنع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والمسلمين من العمرة ، فلو حمي المسلمون كما حموا وقاتلوهم لما فسد المسجد الحرام ، بل كان كما قال تعالى في سورة الفتح (وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) وقال في آية ٢٤ (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) فكيف تصح مقولة : لفسد المسجد الحرام؟ وكيف يصح القول : ولو حميتم كما حموا؟ فهل الحمية للإسلام مثل الحمية للجاهلية؟!

فهذه الزيادة المزعومة في الآية مضافا الى ركة عبارتها لا يصح معناها. وشهادة الحاكم بأن روايتها صحيحة على شرط الشيخين ، تضرّ رواتها ولا تقوّم قناتها!

ولا نريد الإطالة في تحليل الهدف من وراء هذه الإضافة ، ولكن الظاهر أنها محاولة لإثبات مكرمة لكفار قريش ، فيكون أبي بن كعب الأنصاري بريئا منها!!

٥ ـ آية : حق جهاده في آخر الزمان!

قال السيوطي في الدر المنثور ج ٤ ص ٣٧١ (قوله تعالى : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ). أخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن عوف قال قال لي عمر : ألسنا كنا نقرأ فيما نقرأ : وجاهدوا في الله حق جهاده في آخر الزمان كما جاهدتم في أوله؟ قلت بلى ، فمتى هذا يا أمير المؤمنين؟ قال : إذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة الوزراء!! وأخرجه البيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة).

١١٤

وقال في ج ٥ ص ١٩٧ (وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله فقال : أرأيت قول الله تعالى لأزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، هل كانت الجاهلية غير واحدة؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما : ما سمعت بأولى إلا ولها آخرة ، فقال له عمر رضي الله عنه : فأنبئني من كتاب الله ما يصدق ذلك؟ قال : إن الله يقول وجاهدوا في الله حق جهاده كما جاهدتم أول مرة. فقال عمر رضي الله عنه : من أمرنا أن نجاهد؟ قال : بني مخزوم وعبد شمس!).

ورواه في كنز العمال ج ٢ ص ٤٨٠ وقال في مصادره (أبو عبيد في فضائله ، وابن جرير وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه) وفي ج ٢ ص ٥٦٧ (من مسند عمر رضي الله عنه ، عن المسور بن مخرمة قال : قال عمر لعبد الرحمن بن عوف : ألم نجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها! قال : أسقط فيما أسقط من القرآن ـ أبو عبيد) ورواه في ص ٥٦٨ ورمز له (ن ، وابن أبي داود في المصاحف ، ك ، وروى ابن خزيمة بعضه) انتهى.

ولو كانت هذه الروايات تفسيرا للآية بدون ادعاء أن الزيادة الواردة فيها من القرآن ، لكانت مقبولة عندنا .. فإنها تتناسب مع اعتقادنا بأن الله تعالى أوجب الجهاد على تأويل القرآن كما أوجبه على تنزيله ، وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر أمته بأن عليا عليه‌السلام هو الذي يقاتل من بعده على تأويله ، وكان ذلك معروفا عند الصحابة ، ونقلت نصوصه مصادر إخواننا السنة ومن أشهرها حديث (خاصف النعل) الذي رواه الترمذي في سننه ج ٥ ص ٢٩٨ (... عن ربعي بن حراش قال أخبرنا علي بن أبي طالب بالرحبة فقال : لما كان يوم الحديبية خرج إلينا ناس من المشركين فيهم سهيل بن عمرو وأناس من رؤساء المشركين فقالوا يا رسول الله : خرج إليك ناس من أبنائنا وإخواننا وأرقائنا وليس لهم فقه في الدين ، وإنما خرجوا فرارا من أموالنا وضياعنا ، فارددهم إلينا ، فإن لم يكن لهم فقه في الدين سنفقههم! فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا معشر قريش لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين ، قد امتحن الله قلوبهم على الايمان ، قالوا من هو يا رسول الله؟ فقال له أبو بكر من هو يا

١١٥

رسول الله؟ وقال عمر من هو يا رسول الله؟ قال : هو خاصف النعل ، وكان أعطى عليا نعله يخصفها ، قال ثم التفت إلينا علي فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ معقدة من النار. هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ربعي عن علي). ورواه الحاكم في المستدرك ج ٢ ص ١٣٨ وج ٤ ص ٢٩٨ وقال في الموردين (هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه) ورواه أحمد في مسنده ج ٣ ص ٣٣ عن أبي سعيد ، وكذا في ص ٨٢ وفيه (إن منكم من يقاتل على تأويل هذا القرآن كما قاتلت على تنزيله فاستشرفنا وفينا أبو بكر وعمر فقال : لا ولكنه خاصف النعل. قال فجئنا نبشره ، قال وكأنه قد سمعه) ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٥ ص ١٨٦ عن أبي سعيد وقال (رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح) ورواه في ج ٩ ص ١٣٣ وقال (رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة).

وروى في كنز العمال ج ٧ ص ٣٢٦ (والله يا معشر قريش لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة أو لأبعثن عليكم رجلا فيضرب أعناقكم على الدين ، أنا أو خاصف النعل ـ ك ، عن علي) وروى نحو حديث أبي سعيد في ج ١١ ص ٦١٣ ... الخ) انتهى.

ولا يبعد أن تكون هذه الحادثة بعد فتح مكة وإعلان قريش إسلامها .. وبقائها على كبريائها في مقابل النبي!!

أما قبيلة بني مخزوم الواردة في تفسير الجهاد الأول فكانت الرئاسة فيها لبني المغيرة ورئيسهم أبو جهل. كما كانت الرئاسة في بني عبد شمس لبني أمية ورئيسهم أبو سفيان .. فالقبيلتان إذن من أشد قبائل قريش كفرا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن أول المأمور بجهادهم في الآية .. وقد روى الحاكم في المستدرك ج ٤ ص ٤٨٧ عن أبي سعيد الخدري (قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلا وتشريدا ، وإن أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) ورواه في كنز العمال ج ١١ ص ١٦٩ وقال (نعيم بن حماد في الفتن ، ك ، عن أبي سعيد).

وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٧ ص ٤٤ عن علي عليه‌السلام في تفسير قوله تعالى (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ ..) الآية ، قال : نزلت في الأفجرين من بني مخزوم وبني أمية فقطع الله دابرهم يوم بدر ، وأما بنو أمية فمتعوا الى

١١٦

حين. رواه الطبراني في الأوسط وفيه عمر وذومر ولم يرو عنه غير أبي إسحاق السبعي ، وبقية رجاله ثقات) ورواه في كنز العمال أيضا ج ٢ ص ٤٤٥ عن ابن مردويه الخ.

لكن تفاسير الشيعة تروي أن المقصود بالآية قريش قاطبة ، كالذي رواه العياشي في تفسيره ج ٢ ص ٢٢٩ عن الإمام الصادق عليه‌السلام (قال فقال : ما تقولون في ذلك؟ فقال : نقول هما الأفجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة ، فقال : بل هي قريش قاطبة ، إن الله خاطب نبيه فقال : إني قد فضلت قريشا على العرب ، وأتممت عليهم نعمتي ، وبعثت إليهم رسولا فبدلوا نعمتي ، وكذبوا رسولي) انتهى.

وعلى هذا فمقولة الجهاد أول مرة وثاني مرة ، أو الجهاد على تنزيل القرآن وعلى تأويله ، مقولة إسلامية ثابتة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي منسجمة مع اعتقاد أهل البيت وبني هاشم بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لكن لما ذا يطرح الخليفة عمر موضوع الجهاد الأول والثاني مع ابن عباس الهاشمي ..؟

تدل الروايات المتعددة من مصادر إخواننا السنة على أن الخليفة كان معنيا بمستقبل الأمة من عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده ، فقد كان يسأل النبي عن ذلك ، بل كان يسأل الأحبار والرهبان وأهل الفراسة .. كما روى التاريخ روايات له ومناظرات مع ابن عباس في مسألة الخلافة ، وحق بني هاشم فيها وظلم قريش لهم .. وقد روت مصادر السنة كما في كنز العمال ج ١٣ ص ٤٥٥ أن ابن عباس سأل يوما الخليفة عمر عن سبب نزول آية في أنساب المهاجرين فقال له الخليفة (يا ابن عباس من ظن أن يرد بحوركم فيغوص فيها معكم حتى يبلغ قعرها ، فقد ظن عجزا!).

وعلى هذا الأساس فعند ما يخاطب الخليفة ابن عباس فهو يعرف من يخاطب ، ولا بد أن ننظر الى كلامه معه في هذا الموضوع بعمق خاص! وهو في هذه الروايات يقول لابن عباس : إن صراع بني هاشم الذي أخبر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مع بني أمية أمر لا بد منه ، ودليله تفسير هذه الآية ، فلا تلوموني إذا أشركت بني أمية في الحكم!

لكن تبقى دعوى الخليفة أو ابن عباس إضافة فقرات الى الآية ، دعوى بدون دليل ، وقولا بنقص القرآن!!

١١٧

٦ ـ آية : الولد للفراش!

روى في كنز العمال ج ٦ ص ٢٠٨ (عن عدي بن عدي بن عميرة بن فروة عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب قال لأبيّ : أو ليس كنا نقرأ من كتاب الله أن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم؟ فقال : بلى ، ثم قال : أو ليس كنا نقرأ الولد للفراش وللعاهر الحجر؟ فقد فيما فقدنا من كتاب الله؟ قال بلى ـ ابن عبد البر في التمهيد) انتهى.

هذا مع أن مصادر الشيعة والسنة روت أن قاعدة الولد للفراش وللعاهر الحجر هي حديث للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما في وسائل الشيعة ج ١٣ ص ٣٧٦ وسنن الترمذي ج ٢ ص ٣١٣ عن أبي هريرة ، وقال (وفي الباب عن عمر ، وعثمان ، وعائشة ، وأبي أمامة ، وعمرو بن خارجة ، وعبد الله بن عمر ، والبراء بن عازب ، وزيد بن أرقم. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. وقد رواه الزهري عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة ، عن أبي هريرة. والعمل على هذا عند أهل العلم).

ورواه النسائي في سننه ج ٦ ص ١٨٠ وأحمد ج ١ ص ٢٥ وج ٤ ص ١٨٦ بأربع روايات. ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٥ ص ١٤ وفيه (عن البراء وزيد بن أرقم قالا كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم غدير خم ، ونحن نرفع غصن الشجرة عن رأسه فقال : إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي. لعن الله من ادعى الى غير أبيه ، ولعن الله من تولى غير مواليه. الولد للفراش وللعاهر الحجر. ليس لوارث وصية) انتهى.

وفي كتاب الأم ج ٦ ص ٢١٣ (قال الشافعي رحمه‌الله تعالى : أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه قال : أرسل عمر الى رجل من بني زهرة كان ساكنا معنا فذهبنا معه فسأله عن ولاد من ولاد الجاهلية ، فقال : أما الفراش فلفلان وأما النطفة فلفلان فقال رضي الله تعالى عنه : صدقت ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قضى بالفراش ...) انتهى.

وهذا يؤيد أن النص حديث ، ويتناقض مع روايات أنه آية ، ولكن الروايات الواردة عن الخليفة بأنه آية أكثر!!

٧ ـ آية : لو كان لابن آدم واديان!

روى البخاري في صحيحه ج ٧ ص ١٧٥ عن (ابن عباس رضي الله عنهما يقول سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا ،

١١٨

ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب. وروى عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان ، ولن يملأ فاه إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب).

وروى مسلم في صحيحه ج ٣ ص ١٠٠ حديث أنس ولكن بنص حديث ابن عباس. ورواياته تذكر أن النص هو حديث شريف وليس آية ، ولكن مسلما روى بعد ذلك (عن أبي الأسود عن أبيه قال : بعث أبو موسى الأشعري الى قراء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرءوا القرآن فقال : أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم ، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم ، وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها! غير أني قد حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها : يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ، فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة!!.

وروى أحمد في مسنده نص أنس على أنه حديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ج ٣ ص ٢٣٨ وكذا في ج ٥ ص ٢١٩ (عن أبي واقد الليثي قال كنا نأتي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا أنزل عليه فيحدثنا ، فقال لنا ذات يوم : إن الله عزوجل قال : إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولو كان لابن آدم واد لأحب أن يكون إليه ثان ولو كان له واديان لأحب أن يكون إليهما ثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ثم يتوب الله على من تاب) وقريبا منه عن عائشة في ج ٦ ص ٥٥ ورواه أيضا في ج ٣ ص ١٢٢ بصيغة الشك بين الحديث والآية (عن أنس قال كنت أسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول فلا أدري أشيء نزل عليه أم شىء يقوله؟ وهو يقول : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب) وقريب منها في ج ٣ ص ٢٧٢

ورواه أحمد في ج ٤ ص ٣٦٨ بصيغة الجزم بأنه آية (... عن زيد بن أرقم قال : لقد كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لابتغى إليهما آخر ، ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب).

١١٩

وفي ج ٥ ص ١١٧ (... عن ابن عباس قال جاء رجل الى عمر يسأله فجعل ينظر الى رأسه مرة والى رجليه أخرى هل يرى عليه من البؤس شيئا؟ ثم قال له عمر كم مالك؟ قال أربعون من الإبل. قال ابن عباس فقلت : صدق الله ورسوله : لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى الثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب. فقال عمر ما هذا؟ فقلت هكذا أقرأنيها أبيّ! قال فمر بنا إليه ، قال فجاء الى أبيّ فقال : ما يقول هذا؟ قال أبيّ : هكذا أقرأنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم! قال أفأثبتها؟ فأثبتها!) ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٧ ص ١٤١ وقال (... قال : أفأثبتها في المصحف قال : نعم! رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح) ثم قال الهيثمي (وعن ابن عباس قال جاء رجل الى عمر فقال أكلتنا الضبع. قال مسعر يعني السنة قال فسأله عمر ممن أنت؟ قال فما زال ينسبه حتى عرفه ، فإذا هو موسر ، فقال عمر لو أن لابن آدم واد وواديين لابتغى إليهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ثم يتوب الله على من تاب. قلت رواه ابن ماجة غير قول عمر ثم يتوب الله على من تاب ، رواه أحمد ورجاله ثقات ، ورواه الطبراني في الأوسط). وروى في ج ١٠ ص ٢٤٣ رواية أحمد المتقدمة ج ٤ ص ٣٦٨ عن زيد بن أرقم ، وقال (رواه أحمد والطبراني والبزاز بنحوه ورجالهم ثقات. ثم أورد رواية عائشة وقال (رواه أحمد وأبو يعلى إلا أنه قال إنما جعلنا المال لتقضى به الصلاة وتؤتى به الزكاة ، قالت فكنا نرى أنه مما نسخ من القرآن ، والبزاز وفيه مجالد بن سعيد وقد اختلط ، ولكن يحيى القطان لا يروي عنه ما حدث به في اختلاطه. والله أعلم).

ثم قال الهيثمي (وعن بريدة قال سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقرأ في الصلاة : لو أن لابن آدم واديا من ذهب لابتغى إليه ثانيا ولو أعطى ثانيا لابتغى إليه ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب. رواه البزاز ورجاله رجال الصحيح غير صبيح أبي العلاء وهو ثقة. وعن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يقول : إن الرجل لا تمتلئ نفسه من المال حتى يمتلئ من التراب ولو كان لأحدكم واديان من بين أعلاه الى أسفله أحب أن يملأ له واد آخر ، فإن ملئ له الوادى الآخر فانطلق فوجد واديا آخر قال أما والله لو استطعت لملأتك. رواه البزاز

١٢٠