التفسير الواضح

دكتور محمّد محمود حجازي

التفسير الواضح

المؤلف:

دكتور محمّد محمود حجازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١٠
الصفحات: ٩٣٨

مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٦٥) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٦٦)

المفردات :

(يَصِدُّونَ) : صدّ يصدّ بمعنى : يضج ويضحك (جَدَلاً) أى : لأجل الجدل والمراء (خَصِمُونَ) : شديد والخصومة (لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) أى نزوله علامة للساعة. (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) : لا تشكّنّ فيها. (بِالْحِكْمَةِ) أى : أصول الدين عامة. (بَغْتَةً) أى : تبغتهم بغتة وتأتيهم فجأة.

لقد عدد القرآن الكريم في هذه السورة مفترياتهم ورد عليهم ردودا أفحمتهم ، وتتخلص هذه الأباطيل في : (١) أنهم جعلوا لله من عباده جزءا (٢) جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا (٣) قولهم : لو شاء الرحمن ما عبدنا الأصنام (٤) قولهم : لو لا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم (٥) هذه الآية التي نحن الآن معها تفيد أنه لما ضرب ابن مريم مثلا أخذ القوم يضجون ويصوتون فرحا واستبشارا ، تلك هي المفتريات الخمس التي ذكرت في هذه السورة ودار الكلام فيها حول هذه الموضوعات.

روى أن عبد الله بن الزبعرى قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنت قلت : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ، قال النبي : نعم ، قال ابن الزبعرى : أليست اليهود تعبد عزيرا ، والنصارى تعبد عيسى ، وبنو مليح يعبدون الملائكة؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بل هم يعبدون الشّيطان» ونزل قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) [سورة الأنبياء آية ١٠١] ونزل قوله تعالى : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ).

المعنى :

ولما ضرب ابن الزبعرى عيسى ابن مريم مثلا ، وحاجك بعبادة النصارى له حيث قال : أليست النصارى تعبد المسيح وأنت يا محمد تقول : إنه كان نبيا وعبدا من عباد

٤٠١

الله صالحا فإن كان في النار فقد رضينا أن نكون وآلهتنا مع عيسى ابن مريم ، وقد فرحت قريش بهذه المحاجة وضحكوا وارتفعت أصواتهم ، وهذا المعنى قوله تعالى : (إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ).

وقالوا تمويها بالباطل الذي يغتر به ضعاف العقول : أآلهتنا خير أم عيسى؟ أى أآلهتنا عندك خير أم عيسى الذي هو خير كما تزعم في النار فلا بأس أن تكون آلهتنا معه.

ما ضربوا لك هذا المثل إلا مجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق ، وأنى لهم ذلك؟ بل هم قوم خصمون شديد والخصومة والجدال ، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.

وكيف يدخل عيسى في عداد ما هو حصب جهنم كما تدعون وتضربون به الأمثال؟ ما عيسى إلا عبد من عباد الله أنعمنا عليه بالنبوة فهو مرفوع القدر والمكانة ، ولكنه لا يستحق العبادة والتقديس لأنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وقد جعلناه مثلا ، أى : أمرا غريبا حقيقا بأن يسير مسيرة الأمثال لأنه خلق من غير أب (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) جعلناه مثلا وأرسلناه لبنى إسرائيل ، وكانت معجزاته إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ، ومع هذا كله فهو لا يستحق العبادة. وإنما يستحق العبادة القادر الموجد المحيي المميت الذي خلق عيسى وغيره ، ولو يشاء لجعل بدلكم ملائكة في الأرض يخلفونكم في عمارتها فهو على كل شيء قدير ، ولو يشاء لجعل منكم يا رجال مكة ملائكة مع أنها ليست من جنسكم كما خلق عيسى بلا أب ، ملائكة تخلفكم في عمارة الأرض كما تخلفكم أولادكم لتعلموا أن الله هو القادر ، ولتعلموا أن الملائكة خلق من خلق الله فكيف يعبدون؟ وبأى شكل تقولون إنهن بنات الله؟ وإن عيسى سينزل آخر الزمان كما نطق بذلك صريح الأحاديث في الكتب الصحاح ، وإن نزوله لعلم للساعة إذ هو من أشراطها أى علاماتها ، أو أن خلقه بلا أب أو إحياءه الموتى في معجزاته دليل على إمكان الساعة وصحة البعث. فلا تشكن فيها واتبعونى يا أمة محمد ، وقيل : إنها من كلام عيسى لأمته ، هذا صراط مستقيم ، ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو ظاهر العداوة.

ولما جاء عيسى بالآيات التي تدل على صدقه ، وأنه رسول الله إلى بنى إسرائيل قال لهم : قد جئتكم بالحكمة وأصول الدين العامة كتوحيد الله ، وإثبات اليوم الآخر

٤٠٢

والتصديق بكتب الله ورسله ، وجئت لأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه من أحكام التوراة التي نزلت على موسى فيحل حلالها ، ويحرم حرامها ، ويقضى بالعدل بين بنى إسرائيل ، فاتقوا الله وأطيعونى ولا تخالفوني ، إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئا ، هذا هو الصراط المستقيم الذي نزل به عيسى فكيف يكون إلها فكيف يكون حالكم يا كفار مكة وهذا عيسى ابن مريم دعا إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به ، وهذا موجود في الإنجيل على تحريفه وتبديله ، انظر إليه في إنجيل يوحنا «وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته» فاختلف الأحزاب والجماعات من بعد موت عيسى وانقضاء أجله في الدنيا اختلفوا في أمره اختلافا بينا كله خطر وكفر صريح فقال البعض : إنه إله ، وقال آخرون : إنه ابن الإله ، وقد عرفتم الحق في عيسى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) [سورة النساء آية ١٧١].

فويل للذين كفروا منهم ، وظلموا أنفسهم وغيرهم ، من عذاب يوم القيامة!

هل ينظر كفار مكة وينظرون إلى الساعة أن تأتيهم فجأة ، وتبغتهم بغتة ، وهم في الدنيا ونعيمها الزائل ساهون ولا هون فلا يشعرون : (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ. فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) [يس ٤٩ ، ٥٠].

بعض أحوال يوم القيامة

الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (٦٧) يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (٧٠) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ

٤٠٣

وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (٧١) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢) لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ (٧٣) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ (٧٤) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (٧٦) وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ (٧٧) لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٨) أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (٧٩) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (٨٠)

المفردات :

(الْأَخِلَّاءُ) : جمع خليل ، وهو الصاحب والصديق (تُحْبَرُونَ) في الأساس يقال : حبره الله : سره ، والكلمة تدل على ظهور أثر السرور على الوجه (بِصِحافٍ) أى : بقصاع ، والصحفة : إناء يوضع فيه الأكل يكفى خمسة ، وفي الأساس الصحفة : القصعة المسطحة (وَأَكْوابٍ) : جمع كوب وهو إناء أشبه ما يكون بالكوبة التي نستعملها الآن (وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) يقال : لذ الشيء يلذ لذاذة ولذذت بالشيء ألذ به لذاذة : وجدته لذيذا (يُفَتَّرُ عَنْهُمْ) : لا يخفف عنهم بجعل العذاب على فترات (مُبْلِسُونَ) : ساكتون سكوت يأس (ماكِثُونَ) : مقيمون (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً) : بل هم أحكموا أمرا ضد النبي والإبرام : الفتل الثاني ، والأول يسمى سحيلا وهذا بيان لبعض أحوال يوم القيامة التي تصادف المؤمن والكافر ، وهذا بلا شك نظام محكم دقيق إذ بعد بيان ما اجترحه الكفار وأنهم في انتظار الساعة التي تأتيهم بغتة يبين لهم بعض أهوالها وأحوالها التي ستصادف مؤمنهم وكافرهم.

٤٠٤

المعنى :

يبين الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن في طبع الإنسان وغريزته استشارة غيره وخاصة في مهمات الأمور ، وقد كان الناس يتشاورون في شأن الدعوة الإسلامية فمنهم من كان صديقه وخليله يدعوه إلى الخير ويحثه على سلوك الطريق المستقيم ، ومنهم من كان صديقه وخليله يدعوه إلى الشر ويحثه عليه ، فإذا رأى يوم القيامة أن عمله كان خطأ ، وأن مشورة خليله كانت وبالا عليه أنحى باللائمة على صديقه ، بل يصير عدوا من ألد أعدائه ، وينسب إليه كل أفعاله طالبا من الله عقابه أشد العقاب ، وقد قص القرآن علينا صورا كثيرة مما سيحصل بين التابعين والمتبوعين والقادة والعامة.

الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ، فإنهم يظلون على صداقتهم التي أنتجت لهم الخير ، وهدتهم إلى الحق ، فهم على سرر متقابلون ، وعلى الأرائك ينظرون. وقد نزع الله ما في صدورهم من غل ، ويقال لهم تطمينا وتثبيتا : يا عبادي لا خوف عليكم فيما مضى ولا أنتم تحزنون في المستقبل ، ويقال لهم تكريما : ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم حالة كونهم مسرورين ، ويطاف عليهم بصحاف من ذهب ، وأكواب من فضة ، فيها من الشراب والطعام ما لا عين رأته.

روى الترمذي عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم هل في الجنة من إبل؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن يدخلك الله الجنّة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذّت عينك» نعم في الجنة ما تشتهيه الأنفس ، وتلذه الأعين من كل شيء لا يقع تحت الوصف ، ولا يدركه العقل ، فإن ذكر طرف منه فتقريب للخيال ، وتصوير لبعض ما هنالك «فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» وأنتم أيها المؤمنون مع هذا فيها خالدون ، ويقال لكم : تلك الجنة التي استحققتم متاعها كما يستحق الوارث ميراثه بسبب ما كنتم تعملون ، لكم فيها فاكهة ، ولكم فيها ما تدعون.

هذا هو الوعد الذي وعده الله للمتقين ، وأما وعيد الكافرين فها هو ذا : إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون إلى ما شاء الله ، عذاب دائم مقيم ، لا يخفف عنهم فيها بل هم فيها ماكثون ، وهم من رحمة الله آيسون وساكتون ، وما ظلمهم ربك ، ولكن كانوا هم الظالمين لأنفسهم بالشرك والمعاصي.

٤٠٥

هؤلاء المجرمون تمر عليهم فترات طوال ، ففي فترة يسكتون ولا يتكلمون ، ولا يؤذن لهم فيعتذرون ، وفي حالة أخرى ينادون : يا مالك ادع لنا ربك حتى يقضى علينا بالموت والهلاك ، فنخرج من ذلك الموقف الشديد وهذا العذاب الأليم ، فيسكت مالك ولا يجيب زمنا الله أعلم به ، ثم يقول لهم : إنكم ماكثون.

وقد روى أن أهل النار استغاثوا بالخزنة وسألوهم أن يخفف عنهم ربهم يوما واحدا من العذاب فردت الخزنة عليهم أسوأ رد (وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ* قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) (١) فلما يئس الكفار مما عند الخزنة نادوا مالكا ليسأل لهم ربهم الموت فسكت عنهم لا يجيبهم ثمانين سنة ثم بعدها قال لهم : إنكم ماكثون.

وذلك لأنا جئناكم في الدنيا بالحق الذي لا شك فيه ، وفيه الخير لكم فلم تقبلوه وكان أكثركم ـ أى : رؤساؤكم ـ للحق كارهين.

بل أبرم مشركو مكة أمرا ، وكادوا كيدا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإنا مبرمون كيدنا حقيقة (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) (٢) فالآية تشير إلى ما كان منهم من تدبير قتله ـ عليه الصلاة والسلام ـ في دار الندوة بمكة ، وإلى ما كان من إحباط تلك المؤامرة ورد كيدهم في نحورهم (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (٣).

بل أهم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم؟ وكيف لا يسمع سرهم ونجواهم علام الغيوب الذي يعلم السر وأخفى وهو العليم بذات الصدور ، بل يسمعها ويطلع عليها رسله التي جعلها معقبات من بين أيديهم ومن خلفهم يكتبون كل ما صدر عنهم من الأفعال سرا أو جهرا ليلا أو نهارا.

فيا خير من تكتب له الحسنات ، ويا ويل من تكتب له السيئات.

__________________

١ ـ سورة غافر الآيتان ٤٩ و ٥٠.

٢ ـ سورة الطور آية ٤٢.

٣ ـ سورة المائدة آية ٦٧.

٤٠٦

استحالة الولد والشريك لله

قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١) سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٨٤) وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٥) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧) وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (٨٨) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٨٩)

المفردات :

(فَذَرْهُمْ) : اتركهم (يَخُوضُوا) يقال : خاض الماء يخوضه : اقتحمه ، وخاض في الحديث ويخوض مع الخائضين ، أى : يبطل مع المبطلين (تَبارَكَ) : تعالى وتعاظم وزادت بركاته وخيراته (يُؤْفَكُونَ) أفك يأفك بمعنى الكذب ، أى : فكيف يكذبون (فَاصْفَحْ) : أعرض عنهم (قِيلِهِ) : القيل والقال والمقالة واحد.

من أهم الأغراض مناقشتهم في قولهم : إن لله ولدا ، وإشراكهم به غيره ، ولذا ختم الله السورة بالكلام عليه مع ذكر الأدلة الدامغة التي تهدم قولهم هذا.

٤٠٧

المعنى :

قل يا محمد لهؤلاء المشركين ـ أيا كانوا ـ للذين يثبتون لله ولدا ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا!! قل لهم : إن كان للرحمن ولد ، وصح هذا في شرعة الإنصاف وثبت بالدليل القاطع أن له ولدا ، إن صح هذا فأنا أول العابدين لذلك الولد المقدسين له لأنه ابن الإله ، وابنه جزء منه وله منزلته ، سبحانه وتعالى عما يصفونه به من كونه له ولد ، سبحان رب السموات والأرض رب العرش والكرسي ، سبحان الله واجب الوجود الحي الذي لا يموت ، صاحب هذا الملك والملكوت ورب السماء والأرض وما فيها ، سبحانه أنى يكون له ولد؟ فإن ربوبيته لهذا الكون سمائه وأرضه تدل على أنه ليس شيء فيهما جزءا منه سبحانه ، وإلا لما كان واجب الوجود لذاته ، وكان مركبا من أجزاء انفصل منها جزء كوّن ولدا ، وكان له حتما صاحبة ، والله ـ جل جلاله ـ منزه من كل ذلك ، وإلا لكان حادثا غير مخالف للحوادث.

وإذا كان الأمر كذلك فذرهم يا محمد واتركهم يخوضون في أباطيلهم التي هي كالبحر أو أشد ، ويلعبون في دنياهم حتى يلاقوا يومهم الموعود (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) (١) والمقصود بذلك تهديدهم ، يعنى قد ذكرت الحجة القاطعة على فساد من يقول بالولد لله ، وهم لم يلتفتوا إليها لأنهم غارقون في دنياهم طالبون للمال والجاه والسلطان ، فاتركهم لهذا في باطلهم يعمهون.

والله ـ سبحانه ـ ليس له ولد كما ثبت ، وليس له مكان بل هو في كل مكان ، ويستحيل عليه المكان لأنه يكون محدودا محصورا له أبعاد ونهاية وتلك كلها من صفات الحوادث والله منزه عنها ، وهو معبود في السماء ومعبود في الأرض ، وهو الواحد في كل شيء لا يحده زمان ولا مكان ، وهو الحكيم في كل أعماله العليم بكل أحوال خلقه ، ولا تنس أن هاتين الصفتين تتنافيان مع إثبات الولد ، فالنصارى يقولون : عيسى ابن الله مع أنهم يثبتون له الجهل وعدم الحكمة في بعض التصرفات ، ألا ترى أنه كان يبكى عند ما سمع بقتل برىء ويطلب من أتباعه أن يدلوه على قبره كما ورد في الإنجيل. فهل

__________________

١ ـ سورة القمر آية ٤٦.

٤٠٨

يعقل أن يكون إلها؟! وتبارك الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما ، وعنده علم الساعة ، وإليه ترجعون ، وهذه صفات كلها تتنافى مع إثبات ولد لله كعيسى ، فإنه كان محتاجا لغيره وكان يأكل الطعام ، وكان يجهل بعض ما حوله ، وما كان يعرف من علم الغد شيئا ، وكان يخاف من اليهود ، ومن العجيب أن النصارى تقول بألوهيته أو أنه ابن الإله ومع ذلك تقول بأنه صلب وقتل ، وابن الإله الذي خلق هذا الكون له ملكه وتصريفه وهو العليم بكل شيء لا بد أن يكون كأبيه في هذا ، وعيسى بإقراره لم يكن كذلك.

وكيف يثبتون له شركاء؟ ولا يملك الذين يدعونه من الأصنام وغيرها الشفاعة لأحد أبدا إلا الذين شهدوا بالحق وهم يعلمون كعيسى وعزير والملائكة فإنهم يشفعون بإذنه لمن يشاء ويرضى.

ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض؟ ليقولن : إنه خلقهم ؛ فكيف يصرفون عن عبادته وحده إلى الإشراك به؟! واذكر وقت قيله : يا رب ، إن هؤلاء قوم لا يؤمنون. وإذا كان الأمر كذلك فاصفح عنهم وأعرض ، وقل أمرى

معكم سلام ومتاركة إلى حين. وأما هم فسوف يعلمون عاقبة هذا الكفر ، وتلك المفتريات التي تقدم ذكرها ، سيعلمون غدا نتيجة ذلك كله في الدنيا والآخرة.

٤٠٩

سورة الدخان

مكية باتفاق ، وهي سبع وخمسون آية. وتشمل على بيان عظمة القرآن ، وتهديد المشركين. وضرب الأمثال لهم بفرعون وقومه ونهايته ، ثم إثبات البعث ومناقشتهم فيه ، وبيان بعض أحواله الخاصة بالكفار والمؤمنين. ثم ختمت كما بدئت بالكلام على القرآن.

ذلك هو القرآن الكريم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٧) لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٨) بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (٩) فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (١٤) إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (١٦)

٤١٠

المفردات :

(الْمُبِينِ) : صاحب البيان الواضح لكل ما يحتاج إليه الإنسان في أمور دينه ودنياه (مُنْذِرِينَ) أى : مخوفين به (يُفْرَقُ) : يفصل ويبين (حَكِيمٍ) : محكم لا لبس فيه (مُوقِنِينَ) أى : تريدون اليقين من الأمور (يَلْعَبُونَ) اللعب : الشغل بما لا يجدي. (فَارْتَقِبْ) : انتظر. (بِدُخانٍ) : دخان النار معروف. (يَغْشَى النَّاسَ) : يحيط بهم من كل جانب (مُعَلَّمٌ) أى : يعلمه غيره (نَبْطِشُ) البطش : الأخذ بقوة وشدة.

المعنى :

حم. أقسم ربك بالقرآن الكريم الذي هو الكتاب المبين على أنه أنزل القرآن في ليلة مباركة كثيرة الخيرات. وهذا النسق من الكلام يدل على أن الله يعظم القرآن غاية التعظيم حيث أقسم به على أنه أنزل في ليلة مباركة. وهذا شبيه بقولك لصديق لك : أقسم بحقك عليك.

والله ـ سبحانه ـ يقول في سورة البقرة : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) ويقول : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ويقول هنا : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) ومن هذه النصوص الصريحة يتبين لنا أن القرآن نزل في ليلة مباركة هي ليلة القدر. وهذه الليلة إحدى ليالي شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن حتى تتوافق جميع النصوص القرآنية ، ولعل إبهامها ليترقبها الناس في ثلاثين ليلة ، والكتاب المبين إنا أنزلنا هذا القرآن في ليلة مباركة ـ هي ليلة القدر لا ليلة نصف شعبان كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء ـ إنا كنا منذرين الناس بهذا القرآن. والقرآن الكريم نزل منجما تبعا للحوادث في ثلاث وعشرين سنة بين مكة والمدينة المنورة. والمعروف أن بدء نزوله كان في ليلة القدر التي هي الليلة المباركة ، وقيل : إن معنى نزوله فيه أنه نزل إلى السماء الدنيا في تلك الليلة والله أعلم بذلك.

وهذه الليلة المباركة وصفت هنا بصفات مشابهة لصفاتها في سورة القدر ، فقال جل شأنه : فيها يفرق كل أمر حكيم ، أى : يفصل ويبين كل أمر محكم ذو حكمة يدل على حكمة بالغة لله تعالى. وهذه الأمور المحكمة يزداد شرفها بأنها أمر من عند الحق ـ

٤١١

تبارك وتعالى ـ وكما اقتضاه علمه وتدبيره ، ثم قال : إنما فعلنا ذلك لأجل أننا كنا مرسلى الرسل لإنفاذ العلم بكل فعل ، فهي رحمة حقيقية لأنها صادرة من إله سميع عليم ، وهو رب السموات ورب الأرض ، ورب ما بينهما من كل شيء بعد. وإذا كان المنزل للقرآن موصوفا بالجلالة والعظمة والكبرياء والربوبية كان القرآن الذي أنزله في غاية الشرف والرفعة. إن كنتم تريدون اليقين وتطلبون الوصول إلى الحقائق فاعلموا ذلك ، واعرفوا أن الأمر كما ذكر القرآن.

كانوا يقرون بأن الله خالق السموات والأرض ، فقيل لهم : إن إرسال الرسل وإنزال الكتب معهم رحمة من الله السميع العليم الذي هو رب السموات والأرض إن كان إقراركم بأنه خالق السماء والأرض عن علم ويقين فآمنوا بذلك ، ثم رد الله ـ سبحانه ـ أن يكونوا موقنين فقال : بل هم في شك يلعبون. وإن إقرارهم غير صادر عن علم ويقين ، وإذا كان الأمر كذلك فارتقب يوم تأتى السماء بدخان بين ظاهر ، أمروا بأن ينتظروا اليوم الذي يثار فيه عليهم الغبار الذي يغشى الناس ويحيط بهم وهذا عذاب أليم بلا شك. وهل هذا اليوم لقريش في الدنيا؟ والمراد بالغبار جوع وفقر؟ أو غبار الحرب في يوم بدر أم المراد بذلك اليوم يوم القيامة وعذابها الذي يحيط بكل كافر وهم أولهم؟ الله أعلم.

ويقولون : ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون ، فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم يرجعون إلى ما كانوا عليه ، ولم يذكروا هذا العذاب ، وأنى لهم الذكرى؟

ويقولون : ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون ، فلما كشفنا عنهم أعرضوا عن النبي وآياته الظاهرة ، وقالوا : إنما يعلمه بشر ، وقد أعانه على هذا القرآن قوم آخرون ، ومنهم من كان يقول : إنه مجنون ، وهذا يؤيد من يقول : إن الآيات نزلت في قريش.

إنا كاشفو العذاب قليلا : إنكم عائدون إلى الكفر ، فهم قوم لا يوفون بالعهد ، بل هم في حال الشدة يتضرعون إلى الله فإذا نجاهم وزال الخوف عنهم عادوا إلى الكفر وتقليد الآباء في الشرك.

واذكر يوم نبطش البطشة الكبرى يوم القيامة يوم يأخذهم ربك أخذ عزيز مقتدر بلا هوادة ولا رحمة ، إن بطش ربك لشديد ، وإن انتقامه لقوى بالغ ، وهذا تهديد لهم وأى تهديد.

٤١٢

ولقد رأيت أن الله عظم القرآن في هذه الآية بأمور منها :

١ ـ أقسم به ، والله لا يقسم إلا بالعظيم من خلقه.

٢ ـ أنه أقسم به على أنه أنزل في ليلة مباركة.

٣ ـ وصفه بكونه مبينا.

٤ ـ الغاية منه إنذار البشر ليخرجوا من الظلمات إلى النور.

٥ ـ كان إنزاله رحمة من الله ، وتبعا لحاجة المحتاجين ، إذ هو السميع العليم رب السماء والأرضين.

ما لهم لا يعتبرون بفرعون وقومه؟

وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٩) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (٢٠) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١) فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ (٢٧) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ (٢٨) فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩) وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ

٤١٣

كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١) وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٢) وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ (٣٣)

المفردات :

(فَتَنَّا) : بلوناهم واختبرناهم (كَرِيمٌ) المراد : جامع لخصال المحامد والمنافع (أَدُّوا) : أطلقوا بنى إسرائيل (وَأَنْ لا تَعْلُوا) : وأن لا تستكبروا مستهينين بوحيه (عُذْتُ) : التجأت (تَرْجُمُونِ) : ترموني بالحجارة ، أو المراد تؤذوني (فَاعْتَزِلُونِ) : كونوا بمعزل عنى. (فَأَسْرِ) : سر ليلا بعبادي. (رَهْواً) : ساكنا كما هو ، أو ذا فرجة واسعة (وَنَعْمَةٍ) النعمة : التنعيم ، والنعمة اليد والضيعة وما أنعم به عليك ، وقيل : لا فرق بين النعمة والنعمة ، والأولى تفسيرها بالشيء المنعم به لأنه أنسب لقوله : كم تركوا (فاكِهِينَ) أى : أصحاب فاكهة ، وقرئ فكهين ، بمعنى : أشرين بطرين ومستخفين مستهزئين (مُنْظَرِينَ) : ممهلين.

المعنى :

وبالله لقد فتنا قبل مشركي قريش قوم فرعون : وبلوناهم بالسيئات والحسنات ، وفعلنا (١) معهم فعل المختبر الذي يريد أن يعرف حقيقة الشيء ، وكانت فتنتهم بزيادة الرزق والتمكين في الأرض وإرسال الرسل ، وكان من جملة ما امتحنوا به أن جاءهم رسول كريم هو موسى الكليم ـ عليه‌السلام ـ فما لكم يا كفار مكة لا تتعظون بما حل بغيركم؟ ما لكم لا تثوبون لرشدكم وتعلمون أن سنة الله مع الأمم كلها لا تختلف؟! ولقد جاء آل فرعون نبي الله موسى ، وهو رسول كريم على الله : كريم في نفسه لأنه جمع خصال المحامد والمنافع ، جاءهم فقال : أدوا إلى بنى إسرائيل ، وأطلقوهم وفكوا سراحهم فهم عباد الله لا عبادكم ، فاستعبادكم لهم ظلم كبير ، وقيل المراد : أدوا

__________________

(١) وعلى ذلك فيكون في قوله : تعالى (فتنا) استعارة تبعية حيث شبه الابتلاء والاختبار بالفتنة .. إلخ إجراء الاستعارة.

٤١٤

إلى حقوق الله بالإيمان الصادق يا عباد الله وهو شامل للقبط ولبنى إسرائيل فإنى لكم رسول من الله أمين ، وأطالبكم بألا تعلوا على الله ولا تتكبروا على طاعته لأنى آتيكم بحجة قوية وسلطان مبين وبرهان قاطع على صدقى فاسمعوا إلى وآمنوا بي.

وقبل أن يخبره الله بأنه حافظه ومانعه من الناس (فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) (١) قال موسى : وإنى عذت بربي وربكم والتجأت إليه حتى يحفظني من أن ترجمونى بالكذب أو بالحجارة أو تؤذوني بأى نوع كان ، وقد حفظه الله منهم ونجاه من كيدهم كما سيأتى.

وإن لم تؤمنوا بالله لأجل برهاني وتعاليمى التي أثبتها لكم فاعتزلوني واتركوني حرا أدعو الناس إلى الله ، ولهذا جاءت الرسل كلها لتوجد الحرية في الناس فيكونوا أحرارا من أنفسهم وشهواتهم ودنياهم وأحرارا في عبادتهم (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) (٢).

وبعد أن أصروا على تكذيبه دعا ربه فقال : إن هؤلاء الناس قوم مجرمون تناهى أمرهم في الكفر والبهتان ، وأنت أعلم بهم ، فافعل معهم ما يستحقون بإجرامهم فقال الله له : أسر بعبادي ـ بنى إسرائيل ومن آمن من القبط ـ ليلا لا نهارا إنكم قوم متبعون ومطاردون من فرعون وجنده إذا علموا بخروجكم فسيتبعونكم للإيقاع بكم.

فلما ساروا وعبروا البحر من جهة السويس أمر موسى بأن يترك البحر كما هو ساكنا لوجود الطريق وسطه ، أو ذا فرجة واسعة بسبب الطريق فيه ، أى : اترك يا موسى البحر كما هو ، ولا تضربه بعصاك حتى يرجع كما كان ، فإن الله يريد أن يسيروا وراءكم في طريق البحر حتى إذا توسطوا فيه أغرقهم (إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) يا حسرتا على القوم الكافرين! يا ويلهم كم تركوا بمصر من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ، وقصور ومجالس للسمر والمتعة ، وكم تركوا من نعمة كانوا فيها أصحاب فاكهة ، وكانوا فيها أشرين بطرين مستخفين مستهزئين لا يقومون بالشكر لصاحب تلك النعمة.

الأمر كذلك ، أو مثل ذلك الذي فعلناه بفرعون وقومه نفعل مع كل جبار عنيد لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ولا يؤمن برسوله الذي أرسل إليه ، نفعل هذا معهم ولو كانوا أمة بل أمما.

__________________

١ ـ سورة القصص آية ٣٥.

٢ ـ سورة البقرة آية ٢٥٦.

٤١٥

وأورثنا أرضهم وديارهم قوما آخرين غيرهم وهل هم بنو إسرائيل أو غيرهم؟ الله أعلم ، وإن كان التاريخ لا يثبت أن الإسرائيليين حكموا مصر ، ولما هلك فرعون وآله وأشراف قومه وجنده فما بكت عليهم أهل السماء ولا أهل الأرض (١) هوانا بهم ولعدم الاكتراث لهم ، وما كانوا منظرين في هذا بل حقت عليهم ـ لما أساءوا ـ كلمة ربك بالعذاب الشديد.

ولقد نجينا بنى إسرائيل من ظلم المصريين من العذاب المهين من فرعون وعمله فإنه كان يسومهم سوء العذاب يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم إنه كان عاليا متكبرا من المسرفين المتجاوزين الحدود في الشر والفساد.

ولقد اخترناهم واصطفيناهم وشرفناهم بإرسال الأنبياء منهم وجعل الملوك فيهم على علم منا باستحقاقهم ذلك ما داموا ينعمون بنعم الدين ويتمتعون بالعمل كما يأمر الله ويرضى ، اخترناهم على علم منا وبصر على العالمين ، أى : عالمي زمانهم لا كل العالم ؛ إذ أمة محمد خير أمة أخرجت للناس.

وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء لهم واختبار «وبلوناهم بالحسنات والسيئات» فانظروا يا آل مكة كيف فعل الله بفرعون وآله وهم أشد منكم قوة وأكثر مالا وأولادا ، وعلما وحضارة؟!

وانظروا كيف نجى موسى من فرعون ذي البطش والجند والسلطان؟! نعم العاقبة للمتقين والنصر في النهاية للمؤمنين الصابرين.

إنكار البعث والرد عليهم

إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ

__________________

(١) والظاهر أن هذا كناية عن أنهم لم يكونوا يعلمون عملا صالحا ينقطع بموتهم فتبكى الأرض أى أهلها ، ولم يكن يصعد إلى السماء شيء من عملهم حتى إذا انقطع بموتهم بكت السماء أى أهلها.

٤١٦

خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧) وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (٣٨) ما خَلَقْناهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٩) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠) يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤١) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٤٢) إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠)

المفردات :

(بِمُنْشَرِينَ) : بمبعوثين ، يقال : نشر الله الموتى وأنشرهم : إذا بعثهم (تُبَّعٍ) يقول القرطبي نقلا عن السبيلى : تبع اسم لكل ملك من ملوك اليمن والشحر وحضر موت ـ والظاهر أن الله ـ سبحانه ـ يتكلم عن واحد منهم كان معروفا عند العرب ـ (يَوْمَ الْفَصْلِ) : هو يوم القيامة ، وسمى بذلك لأنه يفصل فيه بين الناس مؤمنهم وكافرهم وبرهم وفاجرهم (مَوْلًى) المولى : يطلق على السيد وعلى العبد ، وعلى ابن العم وعلى الناصر والقريب والصديق (الزَّقُّومِ) : شجرة الزقوم هي الشجرة الملعونة التي أنبتها الله في قعر جهنم (الْأَثِيمِ) : صاحب الإثم (كَالْمُهْلِ) المهل : هو عكر الزيت والقطران ومذاب النحاس أو غيره من المعادن (الْحَمِيمِ) : الماء الساخن.

٤١٧

(فَاعْتِلُوهُ) : جرّوه وسوقوه بشدة وعنف. (سَواءِ الْجَحِيمِ) : وسط الجحيم (تَمْتَرُونَ) : تشكون.

الكلام من أول السورة مع مشركي مكة وقد تخلله ذكر قصة فرعون وقد ظهر فيها إصرارهم على الكفر والعناد ، وكيف كانت عاقبتهم؟ ليبين لكفار مكة أنهم يشبهون قوم فرعون في إصرارهم على الكفر وأن عاقبتهم ستكون مثلهم.

وبعد ذلك عاد إلى الكلام الأول الذي يدور حول نقاش المشركين في معتقداتهم (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ). (ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ).

المعنى :

إن هؤلاء ـ والإشارة للتحقير ـ أى : كفار مكة ليقولون : إن هي إلا موتتنا الأولى ، وما نحن بمبعوثين ، كان يقال لهم : إنكم ستموتون موتة يعقبها حياة كما تقدمتكم موتة أعقبها حياتكم هذه (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) فقالوا ردا على هذا : نسلم لكم أن لنا موتة تعقبها حياة لكن المراد بها الأولى فقط وهي حياتنا هذه بعد موتنا في ظهور آبائنا ، أما الموتة التي بعد انقضاء الأجل فليس بعدها حياة. وما نحن بعدها بمبعوثين في حياة أخرى فكأنهم قالوا : إن هي إلا حياتنا الدنيا.

ثم إنهم احتجوا على عدم البعث ونفى الحشر والنشر فقالوا : إن كان هذا حقا فأحيوا لنا من مات من آبائنا لنسأله عن دعواكم هذه ، تلك شبهة واهية لم يعن القرآن بردها ، وإنما أشار إشارة خفية إلى أن هؤلاء الناس قوم مغرورون بدنياهم وما هم فيه فضرب لهم الأمثال بقوم تبع ومن هم أشد منهم قوة وأكثر جمعا ومن هم أشد في إثارة الأرض وعمارتهم ، لأن هذا الغرور يمنعهم من التفكير السليم فيما وراء الحياة الدنيا.

أهم خير وأشد قوة ومنعة أم قوم تبع في اليمن؟ بلاد الزرع والضرع والقوة والمنعة ، هؤلاء أهلكناهم لما طغوا وبغوا وكفروا برسلهم ، ومثلهم قوم عاد ، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ، وقوم فرعون ذي الأوتاد أين هؤلاء منهم؟ فاحذروا يا آل مكة عاقبة كعاقبة هؤلاء أو أشد!! وكيف ينكرون البعث والآيات كلها شاهدة بذلك ، وهذه السماء والأرض وهذا الكون كله شاهد عدل على وجود إله حكيم عليم قوى خبير عادل

٤١٨

في حكمه ما خلق هذا الخلق عبثا ، ويستحيل أن يتركه هملا بل لا بد من يوم يحاسب فيه كل إنسان على ما قدم ، ويثاب عن عمله ، وخالق هذا الكون يستحيل عليه أن يسوى بين الظالم والمظلوم ، والمؤمن والكافر والطائع والعاصي ، بل لا بد من يوم الفصل ، وليس الأمر بالهزل ، وهذه الدنيا المحفوفة بالمكاره ، القصيرة الأجل ، الكثيرة الألم هي دار عمل ، وليست دار جزاء (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) (١) ما خلقناهم إلا متلبسين بالحق ، وما خلقناهم إلا لإظهار الحق وإثابة كل عاص وطائع لأن هذا من أقوى دعائم الحق ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

وهذا هو الكلام على يوم الفصل وما فيه ، وبدأ بالكلام على الأهوال التي يصادفها العصاة والكفار لعلهم يرتدعون.

إن يوم الفصل ميقات الناس جميعا ، وإن يوم الفصل والقضاء بالعدل بين المسيء والمحسن والطائع والعاصي حتى يكون فريق في الجنة وفريق في السعير (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ) (٢). (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) (٣) فهذا هو يوم الفصل ، يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا. يوم لا ينفع فيه ابن والده ولا يجزى والد عن ولده ، يوم لا ينفع مال ولا بنون ، ولا صديق حميم (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (٤) إلا من رحمة الله تعالى بالعفو عنه وقبول الشفاعة فيه لا يمنع من العذاب إلا من رحمه‌الله إنه هو العزيز الرحيم لمن أراد رحمته.

إن الشجرة الملعونة في القرآن هي شجرة الزقوم وهي طعام الآثمين العصاة وهي شجرة تنبت في قعر جهنم ، فإذا جاع أهل جهنم التجأوا إليها فأكلوا منها ، فيغلي الأكل في بطونهم كما يغلى الماء الحار ، وهذا الأكل كالمهل ، وهو يغلى في البطون كغلي الحميم ، ثم يقال لزبانية جهنم : خذوه فجروه جرّا بعنف وشدة ، خذوه فجروه إلى وسط جهنم ثم صبروا فوق رأسه عذابا وهو الحميم ، ويقال للكافر حينئذ : ذق هذا إنك أنت العزيز الكريم ، يقال له هذا تقريعا وتوبيخا على ما كان يزعمه (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) (٥) ثم يقال لهم : إن هذا العذاب وما أنتم فيه الآن هو ما كنتم فيه تمترون وتشكون!!

__________________

١ ـ سورة ص آية ٢٧.

٢ ـ سورة الممتحنة آية ٣.

٣ ـ سورة الروم آية ١٤.

٤ ـ سورة البقرة آية ١٢٣.

٥ ـ سورة الكهف آية ٣٦.

٤١٩

هؤلاء هم المتقون يوم القيامة

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ (٥٣) كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤) يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥) لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩)

المفردات :

(مَقامٍ) : مكان ، والمقام : المكان (سُندُسٍ) السندس : ما رق من الديباج (وَإِسْتَبْرَقٍ) : ما غلظ منه (بِحُورٍ) الحور : هو البياض ، والحور : جمع حوراء وهي المرأة البيضاء التي يرى ساقها من وراء ثيابها ، وقيل : الحور : شدة بياض العين في شدة سوادها (عِينٍ) : جمع عيناء ، وهي الواسعة العظيمة العينين (يَسَّرْناهُ) : سهلناه بلغتك (فَارْتَقِبْ) : انتظر.

لما ذكر مستقر الكافرين ونهايتهم ذكر نزل المؤمنين وما أعد لهم ، ثم ختم السورة بالكلام على القرآن كما بدأها به ؛ ليعلم الكل أن الخير في اتباعه مع سهولة ويسر ، وأن الشر في اجتنابه والبعد عنه.

٤٢٠