التفسير الواضح - ج ٢

دكتور محمّد محمود حجازي

التفسير الواضح - ج ٢

المؤلف:

دكتور محمّد محمود حجازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١٠
الصفحات: ٨٨٤

المعنى :

أراد الله ـ سبحانه وتعالى ـ وهو أرحم الراحمين بنا ألا يتركنا نتخبط في شيء حتى في الأمور العامة التي هي من المباحات وليست من العقائد والعبادات ، أراد الحق ـ جل شأنه ـ أن يرسم لنا الطريق ، ويؤدبنا بأدب الإسلام العالي في الأكل والشرب مع غيرنا.

وقد كان بعض الناس يأنف من الأكل مع الأعمى والأعرج والمريض مثلا حرصا على نفسه ، أو حبّا في أن يتمتع صاحب العلة كل حسب ما يريد ، فجاء القرآن ونفى الحرج والإثم عن ذلك وقال ما معناه : ليس على الأعمى والأعرج والمريض حرج وليس عليهم إثم في أن يأكلوا مع الأصحاء ، وأن يجتمعوا معهن على مائدة واحدة ، إذ الأمر أوسع مما تظنون أيها المتزمتون فالله يربينا على أن مسائل الأكل والشرب من توافه الأمور وبسائطها التي يجب ألا يعنى بها المسلم إلى هذه الدرجات لأننا نأكل لنعيش ولنقيم أودنا ، ولسنا في الدنيا نعيش لنأكل كالبهائم والكفار.

والخلاصة : ليس على هؤلاء حرج في أن يأكلوا مع غيرهم من الأصحاء ، وكذلك لا حرج على من يؤاكلهم على مائدة واحدة ، وليس عليهم حرج أن يأكلوا من بيوت غيرهم حيث أباحوا لهم ذلك في غيبتهم.

وقوله تعالى : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) إلى آخر الآية إنما هو توسعة على الناس ، وبيان لما تقتضيه أواصر الصلات والمحبة بين الأفراد ، والآية أباحت لنا أن نأكل من أحد عشر موضعا بلا إذن حيث نعلم أنه لا يتألم ، ولا تشح نفسه لذلك بل يسر فإن عرفت أن قريبك يتألم من أكلك طعامه في غيبته فإياك أن تأكل منه وكن عفيفا ، والأحد عشر هم :

(١) الأكل من بيوتنا ، ولعله أراد بيوت أبنائنا ، فإن مقتضى الصلة الأكيدة التي بين الأب وابنه أن يجعل من بيوت الأبناء بيوتا للآباء.

(٢) أو بيوت آبائكم.

(٣) أو بيوت أمهاتكم.

(٤) أو بيوت إخوانكم.

(٥) أو بيوت أخواتكم.

(٦) أو بيوت أعمامكم.

(٧) أو بيوت عماتكم.

٧٠١

(٨) أو بيوت أخوالكم.

(٩) أو بيوت خالاتكم.

(١٠) أو ما ملكتم مفاتحه ، كأن تكونوا وكلاء عن أصحاب المال مثلا.

(١١) أو بيوت صديقكم ، ومحل ذلك كله إذا كنت تعلم أنه يسر ويرضى كما هو مقتضى الصلة والصداقة والأخوة الإسلامية ، فإذا ظننت أنه لا يرضى فحرام عليك الأكل لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا عن طيب نفسه».

والواقع يؤيد ذلك فإن من يأكل الطعام في غيبة صاحب البيت يعتبر هذا عملا يسر له صاحب البيت بل ربما كان مثل هذا العمل من دواعي إزالة بعض ما في النفوس.

ليس عليكم أن تأكلوا جميعا أى مجتمعين أو أشتاتا أى : متفرقين فلا حرج عليكم في هذا أو ذاك.

فإذا دخلتم بيوت الأقارب والأهل والأصدقاء فسلموا على من فيه بتحية الإسلام ، وهذا أدب قرآنى أى إذا دخلتم بيتا أبيح لكم دخوله كبيت أبيك أو أخيك أو صديقك مثلا ؛ فلا تتهجم وتدخل بلا إذن بل عليك أن تستأذن وتسلم على من فيه بتحية الإسلام تحية من عند الله مباركة نامية كثيرة الخيرات والبركات.

على هذا النحو من البيان الرائع ؛ والأدب العالي ، والتوجيه السليم جرت عادة القرآن الكريم أن يبين الله آياته فيه فتملأ قلوبنا حكمة ، ونفوسنا رحمة ، وحياتنا تنظيما وكل هذا لعلكم تعقلون فيزداد تمكنكم بها ، وتعلقكم بأهدابها ، ويكثر شكركم من أجلها والله أعلم.

من آداب الجماعة نحو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ

٧٠٢

لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢) لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣) أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٤))

المفردات :

(جامِعٍ) أمر مهم يحتاج إلى الاجتماع والتشاور (دُعاءَ الرَّسُولِ) طلب الرسول لهم أن يجتمعوا (يَتَسَلَّلُونَ) التسلل الخروج خفية (لِواذاً) أى : متسترين بعضهم ببعض.

المعنى :

كان هذا خير ما يختم به تلك السورة العظيمة التي عالجت علاقة الناس مع بعضهم وبخاصة في الأسرة والبيوت ؛ وها هي الآن تعالج أدب الجلوس مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أمر هام.

إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ، وإذا كانوا مع النبي مجتمعين على أمر هام جامع ، اجتمعوا فيه للتشاور وأخذ الرأى ، لم يذهبوا حتى يستأذنوه ، فالانصراف في هذه الحالة ضار بالشخص نفسه لحرمانه من شهود مجتمع هام ، وضار بالمجتمعين أنفسهم ، لما يلقيه من الوهن والضعف ، وشديد على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لحرصه على هداية قومه ، وانتفاعهم بكل مجالسه ، لما فيها من الخير النافع لهم في دينهم ودنياهم ، والآية

٧٠٣

قد حصرت المؤمنين في من اجتمع فيه ثلاث خصال : الإيمان بالله ، والإيمان برسوله ، والتزام مجتمعه صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا كان أمر مهم فلا يذهب شخص حتى يستأذنه.

وفي هذا بيان لما يجب أن يكون عليه المؤمنون مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهذا الحكم يجرى مع الجماعة ورئيسها العام أم الخاص.

فالذين يذهبون ولا يستأذنون أولئك هم المنافقون ، وليسوا من الإيمان في شيء وهذا ما يوافق سبب النزول ، فقد روى أن الآية نزلت في قوم منافقين كانوا ينصرفون عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أثناء الخطبة عند ما كانوا يحسون بالحرج والألم وقت أن يشرح النبي حال المنافقين.

إن الذين يستأذنونك ، أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله ، فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم ، واستغفر لهم الله ، وهذا يجعلنا نقول إن الاستئذان يكون للأمر المهم لا لكل أمر عارض ، إن الإذن موكول للرئيس إن شاء أذن وإن شاء لم يأذن والمفروض فيه أنه يعالج ما يعرض له حسب الحكمة ، ويحسن بنا ألا ننصرف ـ ولو بإذن لبعض الشئون الهامة ـ حيث كان الاجتماع لأمر مهم يتعلق بالجماعة ، وقوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ) يفيد أن الإذن مهما كانت دواعية مما يقتضى الاستغفار.

يا أيها الناس لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم لبعض فإن النبي حينما يدعوكم لأمر يتعلق بدينكم أو بدنياكم يجب أن تأخذوه على أنه أمر مهم واجتماع من المصلحة العامة ألا تحرموا منه ، ويجب أن تتقبلوه بصدر رحب ولا تظنوه كدعوة بعضكم لبعض في توافه الأمور ، ودعاء بعضكم لبعض المراد منه دعاء من ليس له ولاية عليكم ، فمتى ثبتت الولاية لشخص ثبت له الحكم ، واعلموا أن الله يعلم الذين يتسللون ويخرجون خفية متسترين ببعض بلا إذن ، وسيجازيهم على ذلك.

فليحذر الذين يخالفون خارجين عن أمره ـ سبحانه وتعالى ـ مهما كان ليحذروا أن تصيبهم فتنة في دينهم أو دنياهم أو يصيبهم عذاب أليم ، وهذا تهديد شديد نشفق منه على الأمة الإسلامية ولعل ما يصيبنا من فتنة راجع لمخالفتنا أوامر القرآن في كل شيء.

وهذه الأوامر والتكاليف التي في السورة كلها يجب عليكم أن تتنبهوا لها ، وتعملوا بها فإنها صادرة ممن يملك السماء وما فيها ، والأرض وما عليها ، ويعلم ما أنتم عليه من سر وجهر ، ويوم يرجع الناس إليه فينبئهم بما عملوا ويجازيهم عليه ، والله بكل شيء عليم.

٧٠٤

سورة الفرقان

مكية : وآياتها سبع وسبعون وقيل هي مكية إلا آيات ٦٨ ، ٦٩ ، ٧٠ فقط.

لقد تكلم الله في هذه السورة على التوحيد الخالص له وعلى القرآن. وعلى النبوة ، وأحوال القيامة ، وختمها بوصف العباد المؤمنين ، كما افتتحها بالكلام على إثبات الصانع ووصفه بالجلال والكمال ، وتنزهه عن النقص وما هو محال ، وفي خلال ذلك تكلم عن أعمال المؤمنين والكافرين وعاقبتها ... وهدد الكفار بذكر قصص الأمم السابقة.

لا معبود بحق في الوجود إلا الله

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (٢) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (٣))

المفردات :

(تَبارَكَ) البركة : الزيادة في الخير وكثرته (الْفُرْقانَ) هو القرآن (نُشُوراً) النشور : الإحياء بعد الموت للحساب.

٧٠٥

المعنى :

البركة لله وحده ، والحمد له ، فقد تزايد خيره وتكاثرت نعمه (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) وقد تعالى وتزايد عن الكل ذاتا وصفة وفعلا ، فالحمد لله ـ تبارك وتعالى ـ ، وكيف لا ..؟ وهو الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ، والقرآن هو الفرقان ، لأنه فرق بين الحق والباطل ، والحلال والحرام ، بل وفرق بين الحضارة التي تنعم الدنيا في ظلها ، وبين الهمجية والجاهلية التي كانت ترزح تحت أثقالها ، وانظر إلى وصف النبي الكريم بالعبودية حين يضفى القرآن عليه شيئا يرفعه ويجله لتوضع الأمور في نصبها ، وليظل المسلم على نور الحق والصراط المستقيم فلا يرفع المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن موضع العبودية لله كما فعلت النصارى مع المسيح ، ألم تر إلى قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) إلى قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً* قَيِّماً) على أن في وصف النبي بالعبودية تكريم له وتشريف ؛ ونزل الله على عبده القرآن فارقا بين الحق والباطل ، ومفرقا في النزول ، فكان ينزل منجما تبعا للحوادث ، ليكون ذلك أدعى إلى حفظه والتثبت منه وفهمه (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً).

ليكون النبي أو القرآن للعالمين جميعا إنسه وجنه في كل زمان ومكان ، نذيرا وسراجا منيرا يهدى به الله من يشاء من عباده.

تبارك الحق الذي نزل الفرقان ، والذي له ملك السموات والأرض ، وقد وصف الله ـ سبحانه وتعالى ـ نفسه بأنه نزل القرآن ، وله ملك السموات والأرض ، ولم يتخذ ولدا ، ولم يكن له شريك في الملك ، وخلق كل شيء فقدره تقديرا ، فهذه أوصاف تدل على العظمة واستحقاق العبادة والتقديس.

(أ) له ملك السموات والأرض ، وإذا كان كذلك فهل يعبد سواه؟

(ب) ولم يتخذ ولدا إذ هو المالك للكل ، والملكية تتنافى مع الولدية ، فهو غير محتاج للولد في شيء ، ولا يشبه أحدا من خلقه في شيء ، فهو المستحق وحده للعبادة ولا يصح أن يكون غيره معبودا ووارثا للملك عنه. وفي هذا رد على من ادعى أن له ولدا من النصارى.

٧٠٦

(جـ) ولم يكن له شريك في الملك ، إذ له وحده الملك. وهو المنفرد وحده بالألوهية ، وهو صاحب الأمر ، وإذا عرف العبد ذلك انقطع رجاؤه وخوفه عن الكل ، ولا يبقى مشغولا إلا بالحق ـ تبارك وتعالى ـ ، وفي هذا رد على من زعم أن لله شريكا.

(د) وخلق كل شيء فقدره تقديرا ، نعم خلق كل شيء مراعيا فيه التقدير والإحكام والتسوية ، فقدره وهيأه لما خلق من أجله (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) [سورة طه آية ٥٠].

وإنك يا أخى إذا نظرت إلى هذا الكون وما فيه من عجائب لارتد إليك بصرك ، وهو كليل دون إدراك هذه الأسرار العجيبة ، ولعرفت أن هذا الكون محكم التقدير كامل التنظيم كالآلة كل جزء فيها يؤدى وظيفته على أتم ما يكون.

خذ مثلا الإنسان وما يقوم به من عمل تجده على وضع وشكل مقدر لهذه المهمة العالية والرسالة السامية المطلوبة منه. انظر إلى الجمل تجد له عنقا طويلا ، وإلى الحصان ورقبته القصيرة ، وإلى الحيوان الذي يعوم في الماء وقد خلق على تصميم وتقدير عجيب ليتمكن من السباحة ، ألم تر إلى رجل الفرخة ، وما فيها من أظافر تساعدها على نبش التراب باحثة عن رزقها؟ وإلى الإوزة والبطة ورجليهما ، وقد صنعت على شكل يساعدها على السباحة في الماء ... والشواهد على ذلك كثيرة ...

وقد ثبت بهذا أن ربك العليم الخبير خلق كل شيء فقدره تقديرا ، أفتعبدون سواه؟ وتتجهون لغيره؟!!

ومع هذا كله فقد اتخذ المشركون آلهة من دونه ، وآثروا على عبادة الله ـ سبحانه وتعالى ـ عبادة آلهة عاجزة عن كل عمل في الوجود ، لا يقدرون على شيء من أفعال الله ، بل ولا يقدرون على مثل ما يعمل الناس ، حيث لا يفعلون شيئا ، ولا يخلقونه ، والحال أنهم يخلقون ، وإنه لعجيب حقا أن تنحت بيدك وتصنع بنفسك شيئا ، لا يحس ولا يسمع ولا يتكلم ثم تعبده من دون الله!!! وهذه المعبودات لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا فما بال نفعها وضرها لغيرها؟ ، ولا يملكون موتا ولا حياة ، ولا نشورا لأحد من الناس! ومن كان كذلك أيليق أن يعبد من دون الله؟ الذي أنزل الفرقان ، وله ملك السموات والأرض ، وما كان له ولد ولا شريك ، وخلق كل شيء فقدره تقديرا!!

٧٠٧

شبهاتهم في القرآن والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والرد عليهم

(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً (٤) وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٥) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٦) وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (٧) أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (٨) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (٩))

المفردات :

(إِفْكٌ) الإفك : الكذب البعيد عن الصدق (افْتَراهُ) اختلقه (ظُلْماً) هو وضع الشيء في غير موضعه (وَزُوراً) هو القول الباطل البعيد عن الحق (مَسْحُوراً) سحر فغلب على عقله.

وهذه هي شبهاتهم الواهية ، على القرآن ، وعلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهذا هو رد القرآن عليهم في ذلك بما يقطع الشك ، ويهدى إلى الحق.

٧٠٨

المعنى :

الله ـ سبحانه وتعالى ـ نزل القرآن ، وهو كتاب لا ريب فيه ، متشابه في البلاغة والبيان ، محكم في الحجج والبراهين ، تقشعر عند تلاوته قلوب الذين يخشون ربهم ثم تلين لذكر الله ، وهذا هو القرآن كتاب الله ، وهذا هو موقف المؤمنين منه. أما الذين ختم الله على قلوبهم ، وعلى سمعهم ، وجعل على أبصارهم غشاوة التعامي عن الحق فيقولون : ما هذا إلا إفك وكذب قد توغل في البعد عن الحق ، وقد افتراه محمد من عنده ، وأعانه عليه قوم آخرون ، هم بعض اليهود. ومن أسلم من أهل الكتاب كأبى فكيهة مولى بن الحضرمي ، وعداس مولى حويطب بن عبد العزى ، ويسار مولى عامر ابن الحضرمي ، ولقد رد الله عليهم هذه الشبهة والواهية بقوله (فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً).

نعم لقد قالوا شيئا إدّا ـ منكرا عظيما ـ فقد تحداهم الله على لسان النبي بالقرآن تحديا ظاهرا على أن يأتوا بمثله ، مستعينين في ذلك بشهدائهم وأعوانهم من الإنس والجن ، فلو كان محمد افترى هذا القرآن ، وكذب في نسبته إلى الله ، واستعان على ذلك بقوم آخرين ، فلم لم تستعينوا أنتم أيها المشركون بهم أو بغيرهم وتأتوا بمثل هذا القرآن؟ وأنتم أهل الفصاحة والبيان ، فإن لم تفعلوا ، ولن تفعلوا ، هذا أبدا رغم شدة تلك النتيجة عليكم فاعلموا أنكم بقولكم (إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ ..) قد جئتم بظلم وزور من القول لا سند له أصلا ، أما أن قولكم ظلم فلأنكم نسبتم القرآن إلى النبي ، وهو مبرأ منه لأنه من عند الله ، ولا شك أن ذلك ظلم ، وأما أنه وزر فلأنكم قلتم كذبا وادعيتم باطلا ، وانظر إليهم في شبهتهم الثانية حيث (قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) يا لها من شبهة واهية!! أهذا القرآن المحكم الآيات أساطير الأولين وأحاديثهم؟! كتبها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمعنى أنه أمر بكتابتها له إذ هو أمى لا يقرأ ولا يكتب ، فهي تملى عليه وتقرأ أول النهار وآخره ليحفظها ، ويلقى عليكم ما يتلى عليه صباحا في المساء ، وما يتلى عليه في الأصيل يقرأه عليكم في الصباح.

وقد رد الله عليهم بقوله (قُلْ أَنْزَلَهُ) على رسوله ربكم (الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ) وأخفى (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أنزله عالم الغيب والشهادة فكيف يكذب عليه النبي في نسبة القرآن إليه ، ويتركه (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) والله ـ سبحانه وتعالى ـ هو القادر وحده على تركيب مثل هذا

٧٠٩

القرآن. وعلى إيجاده (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) ومع هذا فالله غفور رحيم لمن يتوب ويرجع عن عناده وكفره.

وانظر إليهم ، وقد ساقوا صفات النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم زعموا أنها تتنافى مع الرسالة ، وهذه الشبهة إن دلت على شيء فإنما تدل على قصر في العقل ، وسوء في الرأى ، ومادية غالبة أضلتهم السبيل ، وأعمتهم عن الصراط المستقيم.

(١) يأكل الطعام (٢) يمشى في الأسواق.

(٣) ليس معه ملك من السماء يؤيده.

(٤) لم يلق إليه كنز ينفق منه.

(٥) لم تكن له جنات وبساتين يأكل منها. كأنهم فهموا أن الرسالة تتنافى مع البشرية ، وكيف يكون رسولا وهو يأكل ويتبرز ، ويأتى النساء ، ويمشى في الأسواق؟!! ، وما علموا أن الرسول بشر أوحى إليه (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) [سورة فصلت آية ٦].

إن تعجب فعجب هذا كيف ينكرون الرسالة لبشر من الناس ثم يعبدون حجرا لا يسمع ولا يبصر!!! فكأن الألوهية لا تتنافى مع الجماد والحجر.

أما طلبهم أن يكون معه ملك يؤيده في قوله فها هو ذا القرآن هو المعجزة الباقية الشاهدة على صدق الرسول فيما يدعيه عن ربه ، وهو المؤيد له والمدافع عنه ؛ أما كونه ليس له كنز ، وليس له جنة كأغنيائهم ورؤسائهم ، فالله أعلم حيث يجعل رسالته! وليس الرسول نائبا عن الأغنياء والأثرياء ، لكنه رسول الله إلى الناس ، يهديهم ويقودهم إلى الخير في الدنيا والآخرة فمن تتوفر فيه صفات الرسالة هو الرسول.

وقال المشركون الظالمون : ما تتبعون إلا رجلا قد سحر عقله ، وطاش فكره انظر يا محمد : كيف ضربوا لك الأمثال؟ ووصفوك بهذه الصفات فقالوا : كاذب ، أو ساحر ، أو مجنون ، أو هو رجل يمشى في الأسواق ، أو يأكل الطعام .. إلخ ما ذكروه هنا ، كل ذلك لينالوا منك ، وينفروا الناس عنك ، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ، ولو كره الكافرون ، وانظر إليهم فقد ضلوا عن سواء السبيل إذ الطعن عليك إنما يتوجه إلى معجزتك أو عملك أو خلقك لا إلى هذه الأشياء التي ذكروها ، وهم لا يستطيعون سبيلا إلى إطفاء نور الله ، وعدم تأييد رسول الله أبدا.

٧١٠

رد عليهم وبيان لحالهم يوم القيامة

(تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (١٠) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً (١١) إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (١٢) وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً (١٣) لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً (١٤) قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً (١٥) لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً (١٦))

المفردات :

(قُصُوراً) القصر في اللغة : الحبس ، وسمى القصر قصرا لأن من فيه مقصور عن أن تمتد إليه يد ، وممنوع من الأعداء ، والعرب ترى البيت من الحجارة قصرا أيا كان ، وما يتخذ من الصوف أو الشعر تسميه بيتا (سَعِيراً) نارا شديدة الاستعار (تَغَيُّظاً) التغيظ : شدة الغضب (وَزَفِيراً) الزفير : هو النفس الخارج من جوف الإنسان ضد الشهيق (مُقَرَّنِينَ) مصفدين بالسلاسل قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم (ثُبُوراً) هلاكا.

٧١١

المعنى :

الله الذي رفع السماء وبسط الأرض ، وخلق الإنسان وصوره ، هو صاحب الخير والبركات ، تبارك خيره ، وزادت نعمه ، وهو إن شاء جعل لحبيبه المصطفى خيرا مما يطلبون من الكنز والجنة ، وجعل له بدل الجنة جنات تجرى من تحت أشجارها الأنهار ، ويجعل له القصور الشماء ، إذ هو صاحب الأمر إذا قال للشيء كن فيكون وفي هذا رد عليه حث قالوا : (أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها) ولكنه الله ـ سبحانه وتعالى ـ أراد لنبيه عيشة الكفاف مع غنى النفس وقوة الإيمان ، وكثرة الصبر. حتى لا يشتغل بدنياه عن دينه ، وكيف لا يكون كذلك ، والله يعده لتحمل أكبر رسالة في الوجود. وهذه الزعامة والرسالة تتنافى مع الدنيا وزخارفها الفانية.

وفي رواية سفيان عن حبيب بن أبى ثابت عن خيثمة قال : قيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن شئت أن نعطيك خزائن الدنيا ومفاتيحها ، ولم يعط ذلك من قبلك ولا يعطاه أحد بعدك ، وليس ذلك بناقصك في الآخرة شيئا ، وإن شئت جمعنا لك ذلك في الآخرة فقال النبي : «يجمع ذلك لي في الآخرة» فأنزل الله ـ عزوجل ـ هذه الآية.

وفي رواية. يا رضوان ـ حينما عرض عليه ذلك ـ «لا حاجة لي فيها ، الفقر أحبّ إلىّ وأن أكون عبدا صابرا شكورا» وعلى ذلك فيكون المعنى أن هذه الجنان والقصور تكون في الآخرة.

(بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ) هذا إضراب عن شبههم ، وبيان أن هذه التعللات ليست حقيقية فلو أجيبوا إلى ما طلبوا ما آمنوا أبدا ، وإنما السبب هو أنهم كذبوا بالساعة ، ولم يؤمنوا بالغيب والحياة الآخرة ومن كان كذلك لم يكن عنده استعداد للبحث والنظر والإيمان بالرسل ، وهؤلاء قد أعد الله لهم جهنم سعيرا ذات نار مسعرة موقدة.

والله قد وصف السعير المعد لهم بصفات :

(أ) إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا وهذا كقوله ـ تعالى ـ : (إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ* تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) وهذا وصف يفيد بوجه عام شدة النار ولهبها [سورة الملك الآيتان ٧ و ٨].

(ب) وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا ، وهذا وصف لهم في

٧١٢

النار بعد ما وصفهم خارج النار ؛ روى عن عبد الله بن عمر قال : إن جهنم لتضيق على الكافر كضيق الزج ـ الحديدة التي في أسفل الرمح ـ على الرمح ، أما الجنة فعرضها السموات والأرض ؛ ولا شك أن الضيق شيء مؤلم للنفس ؛ وهم مع ذلك مصفدون في الأغلال والسلاسل. يسحبون على وجوههم في النار ؛ فإذا ألقوا فيها بهذا الوضع دعوا هناك قائلين : ووا ثبوراه! فقيل لهم : لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا ، ولكن ادعوا ثبورا كثيرا ؛ فما وقعتم فيه ليس يكفيه ثبور واحد بل ثبور كثير ، إما لأن العذاب أنواع وألوان كل نوع منه ثبور ، أو لأنهم كلما نضجت جلودهم بدلهم الله جلودا غيرها فلا غاية لثبورهم وهلاكهم. بعد أن وصف النار بما وصف مما يفتت الأكباد ، ويقطع القلوب حسرة وندامة على أصحابها أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يقول : قل لهم : أذلك خير أم جنة الخلد؟ وأى خير في النار؟ ولكنه استهزاء بهم ، وسير على طريقتهم الضالة التي يرون فيها أن للنار خيرا حيث لم يعملوا للجنة وثوابها ؛ تلك الجنة التي وعد المتقون أن يدخلوها ويتمتعوا بها وكانت لهم جزاء ومصيرا ؛ ونعم الثواب وحسنت مرتفقا ، لهم فيها ما يشاءون ، وما تشتهيه نفوسهم ، وتلذه أعينهم ، وترنو إليه أبصارهم ، وهم فيها خالدون ، ورضوان من الله أكبر من كل ذلك ، وكان ذلك وعدا كتبه على نفسه ، وتفضل به على خلقه المؤمنين ، وقد سأله الناس فقالوا : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) [آل عمران ١٩٤] (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) [البقرة ٢٠١].

من مشاهد يوم القيامة

(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً (١٨) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا

٧١٣

نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً (١٩) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (٢٠))

المفردات :

(بُوراً) هلكى مأخوذ من البوار أى : الهلاك.

المعنى :

هذا مشهد من مشاهد يوم القيامة ، مشهد يتبرأ فيه المتبوعون من التابعين ويتخلص المعبودون من العابدين بل يكذبونهم فيما يقولونه عنهم وفي هذا تأييد لأهل الحق والإيمان ، وكشف لستر المخدوعين المغرورين بالأصنام والأوثان ومن عبدوهم من دون الرحمن.

ويوم يحشرهم ربك وما يعبدون من دون الله ، فيقول لهم على سبيل التقرير والتثبيت ليقروا بما يعلمون عن هذا السؤال فيظهر الحق وينكشف الصبح : أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء الذين عبدوكم أم هم ضلوا السبيل؟ وهذا السؤال كما يقول علماء البلاغة للتقرير أى : حمل المخاطب على الإقرار بما يعرفه هو ، ونظيره قول الله لعيسى ابن مريم : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ)؟ [سورة المائدة آية ١١٦].

وكان جواب المعبودين من الملائكة والجن والإنس كعيسى والعزير وغيرهم وكذا الأصنام ـ وجوابهم بلسان الحال أو المقال ـ سبحانك ربنا وتنزيها لك!! ما كان ينبغي لنا نحن العبيد الفقراء إليك ، المستعينين بك العابدين لك وحدك. ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء وآلهة فما بال هؤلاء؟!! ، وقيل المعنى : ما كان يصح لنا ولا يستقيم منا أن نتخذ أولياء من دون الله ، فكيف يصح لنا أن نحمل غيرنا على أن يتولانا دونك ، سبحانك هذا بهتان منهم عظيم!.

٧١٤

ولكن السبب في هذا يا رب ، وأنت العالم بكل شيء ، أنك متعتهم وآباءهم حتى أبطرتهم النعمة ، وأضلهم الغرور حتى نسوا الذكر الذي أنزلته على رسلك ، وكانوا قوما هلكى لا خير فيهم «وتلك مقالة الملائكة فيما يظهر» فها أنتم أولاء أيها الكفار. ترون أنهم كذبوكم في دعواكم أنهم يقربونكم إلى الله زلفى ، وأنهم آلهة ، فحقا كذبوكم فيما تقولون عنهم ، فما تستطيعون الآن أيها الكفار صرف العذاب عنكم بأى شكل ، ولا تستطيعون نصرا بحال من الأحوال ، وقرئ فما يستطيعون ، أى : الآلهة المزعومون صرف العذاب ، ولا يستطيعون نصركم أبدا.

ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا يتناسب مع ظلمه ، والظلم هو الإشراك أو هو نوع منه (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) فالظلم أمر عام يدخل فيه الشرك والكفر والفسوق.

وهذا رد عليهم في اعتراضهم على الرسول بأنه يأكل الطعام ويمشى في الأسواق ، وما أرسل الله رسلا فيما مضى إلا رسلا يأكلون الطعام كالناس تماما ، ويمشون في الأسواق جريا وراء العيش وتحصيله من طرق شريفة حيث لم يكن في هذا الوقت جهاد ، فليس الفقر عيبا ، وليس العمل ينقص من قيمة الشخص ، وقد جعل الله بعض الناس فتنة لبعض فجعل المؤمن مع الكافر ، والصحيح مع المريض ، والغنى مع الفقير كل منهم فتنة لصاحبه فالغنى ممتحن بالفقير إذ تجب عليه المواساة ، وعدم السخرية منه ، والفقير ممتحن كذلك بالغنى فلا يحسده ، ولا يسرق منه ، وأن يصبر كل منهما على ما أراد الله له.

والرسول وأصحابه فتنة لأشراف القوم من الكفار في عصره ، ولذلك نرى أن من يقود الكفار والخارجين على الرسل قديما وحديثهم أشراف القوم ، ألم تر إلى قوله تعالى (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ) وإرسال رسول من القوم ليس ذا جاه ومال ومادة كان سببا في كفر كثير من الناس ، وكان فتنة لبعض القوم (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ). ألم يجد الله غير يتيم بنى هاشم يرسله رسولا؟ نعم وجعلنا بعضكم لبعض فتنة! أتصبرون؟.

روى أنها نزلت في أبى جهل بن هشام ، والوليد بن المغيرة ، والعاصي بن وائل وغيرهم من أشراف قريش حين رأوا أبا ذر ، وعبد الله بن مسعود ، وعمارا ، وبلالا ،

٧١٥

وصهيبا ، وسالما مولى أبى حذيفة ... فقالوا : أنسلم فنكون مثل هؤلاء!؟ فأنزل الله ـ تعالى ـ يخاطب هؤلاء المؤمنين (أَتَصْبِرُونَ) على ما ترون من هذه الحال الشديدة والفقر والجهد والإيلام ـ كأنه جعل إمهال الكفار والتوسعة عليهم والتضييق على المؤمنين فتنة لهم واختبارا ، ولما صبر المسلمون أنزل الله فيهم (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا).

بعض سوءاتهم وعاقبتها

(وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً (٢١) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (٢٢) وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (٢٣) أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً (٢٤))

المفردات :

(لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) أى : لا يخافون لقاءنا والرجاء في بعض لغات العرب الخوف ، وقيل لا يأملون لقاءنا بالخير لأنهم لا يؤمنون به (وَعَتَوْا) العتو : تجاوز الحد في الظلم (حِجْراً) الحجر : المنع ومنه حجر القاضي عليه ، أى منعه من التصرف ، وسمى العقل حجرا لأنه يمنع صاحبه من بعض الأعمال (هَباءً) الهباء ما يرى من الذرات في شعاع الشمس الذي يدخل من النافذة الضيقة (مَنْثُوراً) متفرقا والمراد أنه لا ينتفع به.

٧١٦

المعنى :

هذا ضرب من تعنت الكفار ، وعنادهم الشديد الذي يدل حقّا على استكبارهم وعتوهم وفجورهم ، وكأنى بهم وقد امتلأت قلوبهم كبرا وطغيانا فطالبوا أن تنزل عليهم الملائكة كما تنزل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ) ويحتمل أن يكون مرادهم : لو لا أنزلت علينا الملائكة فنراهم عيانا فيخبرونا أن محمدا رسول الله إلى الناس (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) آية ٩٠ من سورة الإسراء حتى قالوا في آية ٩٢ من السورة نفسها (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) ولهذا قالوا هنا : لو لا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا ؛ وكأنهم لم يقنعوا بالقرآن على أنه معجزة ناطقة بصدق النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في دعوى الرسالة فطالبوا برؤية الملائكة أو الله ـ سبحانه وتعالى ـ وما علموا أن الله لا يرى!! ولو أنزل إليهم ملك فليست فيهم قدرة على الاتصال به ، ومكالمته ، ولا غرابة في هذا ، فها هو النبي صاحب الروح القوية حينما التقى بجبريل ـ عليه‌السلام ـ لأول مرة ناله ما ناله مما لم يقو على تحمله ، وقد خفف جبريل عنه الشيء الكثير بضمه إليه مرارا وكأن الله يعده لذلك حتى حبب إليه الخلاء والبعد عن المادة والدنيا ومع ذلك حصل له ما حصل فكيف بعامة الناس؟ ولو جعل الملك رجلا لحصل اللبس ، وطالبوا بالدليل (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ* وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) من سورة الأنعام الآيتان ٨ ، ٩ ولهذا قال الله تعالى : لقد استكبروا كبرا صادرا من أنفسهم مستكنا فيها ، وقد عتوا عتوا كبيرا ، يدعو إلى العجب العجاب ولقد صدق الله (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) ، وما لهم يطلبون رؤية الملائكة؟! وهم سيرونهم في يوم عبوس قمطرير ، يوم تقبض فيه أرواحهم ويطلعون فيه على ما أعد لهم ، يوم يرون الملائكة قائلين لهم : لا بشرى لهم أبدا حين يبشرونهم بالنار وغضب القوى الجبار ، وتقول الملائكة لهم : (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) حقا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ، وهل هناك إجرام أشد من إجرام الكفار والمشركين؟ ويقولون : حجرا محجورا ، ومن القائلون؟ قيل هم الكفار على عادة الجاهلين حينما يلتقى الرجل بعدوه يقول : حجرا. على معنى

٧١٧

الاستعاذة بالله ليمنع منه الخطر. وقيل هم الملائكة تقول للكفار : حراما محرما أن تبشروا بخير كما يبشّر المؤمنون (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) (١) فللمؤمن من الملائكة التحية والبشارة والتثبيت ، وللكفار الإنذار والإيلام والإضلال وسوء المصير.

هؤلاء الكفار كانوا يعملون بعض البر من صدقة وإكرام ، وفك أسير وخدمة البيت والحجيج ، وكانوا يعتزون بذلك ، ويعلقون عليه آمالا كبارا فقال الله لهم : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ) فيه خير (فَجَعَلْناهُ) لا خير فيه ، ولا جزاء له ، بل صار كالهباء المبثوث (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) (٢) ولا تعجب من هذا فهم قوم لم يؤمنوا بالله ، ولم يقدروه حق قدره ، وقاسوه بالأصنام والأوثان ، وعبدوا معه غيره ، وجعلوا له ولدا أو شريكا أو شبهوه ببعض خلقه فأولى بهؤلاء أن يثيبهم على عملهم آلهتهم!!

أما المؤمنون بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد من رسله فأولئك هم أصحاب الجنة الفائزون ، وهم ـ يومئذ يتلظى الكفار بنار جهنم ـ خير مستقرا ، وأحسن مقيلا (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ* هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ* لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) [سورة يس الآيات ٥٥ ـ ٥٧].

وفي الحديث «إن الله ـ تبارك وتعالى ـ يفرغ من حساب الخلق في مقدار نصف يوم فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار» وهذا معنى أحسن مقيلا ...

من مشاهد يوم القيامة

(وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧) يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ

__________________

(١) سورة ابراهيم الآية ٣٧.

(٢) سورة ابراهيم الآية ١٧.

٧١٨

فُلاناً خَلِيلاً (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً (٢٩))

المفردات :

(تَشَقَّقُ) تتفتح السماء عن الغمام : (الْحَقُ) الثابت الذي لا يزول (عَسِيراً) شديدا (يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) كناية عن الندم (خَلِيلاً) صاحبا وصديقا (الذِّكْرِ) المراد القرآن (خَذُولاً) الخذل الترك من الإعانة.

المعنى :

واذكر يوم تتشقق السماء عن الغمام. وتتفتح عنه ، وتنزل عنه ، وتنزل الملائكة من السماء ومعها صحائف الأعمال لتحاسب الخلق! وهذه الآية قريبة من قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ) [البقرة ٢١٠].

الملك يوم إذ تنتهي الخلائق إلى يوم الفصل ، وتزول الدنيا ومعالمها ، الملك الحق يومئذ للرحمن «لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار» وكان هذا اليوم على الكافرين عسيرا وشديدا ، إذ هو يوم الفصل والقول الحق (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) [سورة المدثر الآيتان ٩ و ١٠] أما المؤمنون فلا يحزنهم الفزع الأكبر ، واذكر يوم يعض الظالم على يديه ندما وأسفا على ما فرط منه ، ويقول : يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا نافعا ، وطريقا موصلا الى الخير ، وتركت طرق الغي والشيطان التي أتبعتها ؛ وكانت عاقبة أمرها خسرا.

يا ويلتى احضرى ، فهذا أوانك! ليتني لم أتخذ فلانا هذا الذي أضلنى لم أتخذه خليلا وصديقا حميما أتبعه فيما يشير علىّ به.

روى أنها نزلت في عقبة بن أبى معيط ، وكان صديقا لأمية بن خلف وأطاعه في إيذاء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٧١٩

لقد أضلنى هذا الصديق عن القرآن والإيمان بعد إذ جاءني ، ومعه الدليل على صدقه وأنه حق من الله.

وهل هذا اليوم الذي يندم فيه الظالم وهو يوم القيامة أو يوم بدر؟ الآية تحتمل ، ولم يسم القرآن الظالم وصديقه تحقيرا لشأنهما ، وليعم ذلك كل من شاكلهما.

وكان الشيطان للإنسان خذولا ، يخذله ولا ينصره وقت شدة الحاجة إلى النصرة ، وهكذا دائما شأن الشيطان ، فليحذر الذين يتبعونه ، ويسمعون لمشورته!! ...

من سوءاتهم أيضا

(وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (٣٠) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً (٣١) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً (٣٢) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٣٤))

المفردات :

(مَهْجُوراً) متروكا (لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ) لنقوى به قلبك (وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) بيناه تبيينا (بِمَثَلٍ) بحال وصفه غريبة تشبه المثل.

٧٢٠