التفسير الواضح - ج ٢

دكتور محمّد محمود حجازي

التفسير الواضح - ج ٢

المؤلف:

دكتور محمّد محمود حجازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١٠
الصفحات: ٨٨٤

الله الحرام ، وحج بيته الكريم ، ففي أيام الحج من كل سنة نجد قلوب كثير من المسلمين تتحرق شوقا إلى مكة والمسجد الحرام ، وتنفق في سبيل ذلك النفيس من المال ، وتتحمل المشاق والمتاعب ، وتهيم على وجوهها شوقا للقاء الحبيب حالة كونهم رجالا أو راكبين الإبل وغيرها من مسافات بعيدة ، وترى الحجيج كل عام يجتمع من كل صوب وحدب ، ليشهدوا منافع لهم ، أى : والله إنها منافع لهم ، لا يقدرها حقها ، ولا يعرف كنهها إلا الله والراسخون في العلم.

نعم : هذا هو الحج : المؤتمر الأكبر الذي يضم شتات المسلمين من كل فج عميق يجتمعون في صعيد واحد وفي أيام معلومات ، ويستهدون من الله ، ويطهرون نفوسهم من أدران المادة والدنيا ومتاعها ، ويستلهمون معاني القوة والاتحاد ، والألفة والتعاون والإخاء في سبيل الله.

يشهدون منافع لهم دون غيرهم ، منافع عامة ليست خاصة ، منافع كثيرة في الدنيا والآخرة.

وإن من يوفق لأداء فريضة الحج يرى بنفسه أن الحج فيه منافع وأى منافع؟ فالدولة تنفق الأموال ، وتطلق الألسنة ، وتحشد الجمع لحضور مؤتمر لها ، ولكن أيحضر الناس ، بقلوبهم؟ معتقدين أنه في ذلك رضاء لربهم؟ كلا!!

ولكن في هذا المؤتمر العام يحضر المسلمون ملبين دعوة الله ، مجتمعين بقلوبهم ، باذلين أموالهم على فقرائهم متعاونين متساندين متعارفين متحابين ، يشعرون بالألفة والمحبة والإخاء لكل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها .. فحقا صدق الله : ليشهدوا منافع لهم. ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام.

وانظر يا أخى ـ وفقك الله الخير ـ وقد كنى القرآن عن النحر والذبح بذكر اسم الله لأن الغرض المهم من الذبح أن يتقرب العبد إلى ربه وذكر اسمه حتى يطمئن قلبه ، ويمتلئ بنور الله ، ولأن أهل الإسلام لا ينفكون عن ذكر اسمه إذا نحروا وذبحوا ، ولقد ازداد الكلام روعة وحسنا ظاهرا حيث جمع بين قوله ليذكروا اسم الله وقوله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام من إبل وبقر ، وضأن ومعز.

ولو قال : ليشهدوا منافع لهم ، ولينحروا لكان الكلام أجوف خاليا من البواعث

٥٨١

والدوافع الدينية ، وهذه ميزة الإسلام يحمل المسلمين على العمل بكل الأساليب المرغبة ليقبلوا على العمل بعقيدة ثابتة ونفس راضية.

والأيام المعلومات هي أيام التشريق الثلاث ويوم العيد فتكون أربعة وقيل : هي العشر الأوائل من ذي الحجة ووقت الذبح يوم النحر ، وقيل : يوم العيد وأيام التشريق.

فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير : أما الأكل منها فالأمر فيه للإباحة جبرا لخاطر الفقير وإشعارا له بالمساواة في المأكل والمشرب ومخالفة لما كان في الجاهلية ، والأمر في قوله وأطعموا للوجوب ، ومذهب الشافعى رحمه‌الله أن الأكل مستحب والإطعام واجب فإن أطعمها جميعها أجزأه ، وإن أكلها جميعها لم يجزه ، هذا فيما إذا كان الذبح تطوعا. فأما الواجبات كالنذر والكفارات ودم الجبر الذي يذبح لنقص في أعمال الحج مثل دم القران والتمتع مثلا فلا يأكل منها ، وقيل : يجوز له الأكل.

ثم بعد تحللهم وخروجهم من الإحرام ليؤدوا تفثهم ، وليزيلوا أوساخهم ، ويتحللون بالحلق أو التقصير ، ونتف الإبط وإزالة الوسخ ، وتفسير القضاء في (لْيَقْضُوا) بالإزالة تفسيرا مجازيا.

وليطوفوا طواف الإفاضة والزيارة ، وهو غير طواف القدوم ، وطواف الوادع وليطوفوا بالبيت العتيق الطاهر القديم شكرا لله على توفيقه لأداء الحج.

ولعل في ذكر الحج والأذان به عقب التسجيل على الكافرين بالصد عن سبيل الله والمسجد الحرام ، وبيان مكانة البيت وطهارته ، ما يجعلنا نشعر بأن من يقف حائلا في يوم من الأيام ويمنع حج بيت الله الحرام يكون من الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله والمسجد الحرام ...

توجيهات إلهية لتعظيم حرمات الله وشعائره

(ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا

٥٨٢

الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (٣١) ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢) لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥))

المفردات :

(حُرُماتِ اللهِ) مالا يحل هتكه (الرِّجْسَ) القذر ، والمراد : اجتنبوا عبادة الأوثان (مِنَ الْأَوْثانِ) جمع وثن وأصله من وثن الشيء : أى أقام في مقامه ، وسمى الصنم وثنا لأنه ينصب ويركز في مكانه لا يبرح عنه ، وقد يسمى الصنم تمثالا إذا كان على صورة الحيوان التي يحيا بها (حُنَفاءَ لِلَّهِ) مستقيمين أو مائلين لجهة الله (خَرَّ مِنَ السَّماءِ) سقط (فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ) تقطعه بمخالبها (تَهْوِي) تسقط (سَحِيقٍ) بعيد (شَعائِرَ اللهِ) الشعائر جمع شعيرة ، وهي : كل شيء لله فيه أمر أشعر به وأعلم ، وعلى ذلك فشعار القوم في الحرب علامتهم (مَنْسَكاً) أى : ذبحا (الْمُخْبِتِينَ) المتواضعين الخاشعين (وَجِلَتْ) خافت.

٥٨٣

المعنى :

الأمر والشأن ذلك الذي ذكر من أحكام الحج وحدوده ، وهذا أسلوب عربي سليم ، إذ للكاتب حيث قدم جملة أو فصلا من كتابه أن يقول : ذلك والمراد تنبه إليه واحفظه ، واعتن بذلك المذكور فالأمر ذلك.

ومن يعظم حرمات الله ، ويعمل على أنها واجبة الحفظ والمراعاة ، ويقوم بحفظها ورعايتها وعدم انتهاكها ـ وحرمات الله هي مالا يحل هتكه ، وجميع ما كلفنا الله ـ تعالى ـ بهذه الصفة من مناسك الحج وغيرها ـ فالتعظيم خير له عند ربه من التهاون في شيء منها ، وليس المعنى على التفصيل بين التعظيم وغيره بل المراد الوعد الصادق بالخير.

والحج ركن جمع بين العبادة البدنية والمالية ، ففيه نسك وذبح وإهداء ، ولذا ناسب أن يبين ما يحل ذبحه وأكل لحمه وما لا يحل فقال :

وأحلت لكم الأنعام أن تذبحوها وتأكلوا لحمها إلا ما يتلى عليكم في الكتاب من المحرمات كالتي ذكرت في سورة المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) [سورة المائدة آية ٣].

والمعنى أن الله قد أحل لكم الأنعام فكلوها ، وحرم عليكم الميتة والموقوذة إلى آخر ما هو معروف فحافظوا على الحدود ، وإياكم أن تحرموا مما أحل الله شيئا كتحريم عبدة الأوثان البحيرة. والسائبة. والوصيلة (قد سبق معرفتها في سورة المائدة آية ١٠٣) وإياكم أن تحلوا شيئا مما حرمه الله كما أحلوا الموقوذة والنطيحة وغير ذلك ..

ولما حث على تعظيم حرمات الله ببيان أن مراعاتها وامتثال الأمر فيها خير لصاحبها أتبعه بالأمر باجتناب الأوثان وقول الزور.

إذ توحيد الله ـ سبحانه ـ ونفى الشركاء عنه ، وصدق القول ، والبعد عن الزور كل ذلك من أعظم الحرمات وأهمها.

وانظر إلى جمع القرآن الشرك مع قول الزور في سلك واحد!! ولا غرابة فالشرك صورة من صور الزور إذ المشرك يزعم أن الوثن يستحق العبادة ، وأنه شريك للباري ،

٥٨٤

فكأنه قال اجتنبوا الرجس من الأوثان التي هي رأس الزور ، وعنوان البهتان ، واجتنبوا قول الزور لأنه بالغ النهاية في القبح والقذارة.

وانظر يا أخى ـ وفقك الله إلى إدراك أسرار كتابه ـ إلى جعل الأوثان من الرجس ، والرجس من القذارة ، والطبع السليم يأنف من الأوساخ والقاذورات فالواجب على العاقل أن يباعد بينه وبين الأوثان حيث إنها رجس من عمل الشيطان ، وكأن المعنى فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان.

واجتنبوا قول الزور وشهادة الزور فإنه ميل عن الحق إلى الباطل ؛

عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنه صلّى الصبح فلما سلّم قام قائما واستقبل بوجهه ، وقال : عدلت شهادة الزور والإشراك بالله. عدلت شهادة الزور والإشراك بالله. عدلت شهادة الزور والإشراك بالله. وتلا هذه الآية ... اجتنبوا الرجس الذي هو عبادة الأوثان واجتنبوا الزور والقول به. حالة كونكم حنفاء لله ، مستقيمين له ، مائلين جهة الحق والعدل ، غير مشركين به شيئا ، ومن يشرك بالله ، ويعبد غيره فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعده هلاك وهو يشبه حال من سقط من السماء فاختطفته الطيور ومزقت جسده قطعا قطعا ، وابتلعته في حواصلها ؛ أو عصفت به الريح حتى هوت به في مغاور بعيدة الغور لا يعرف لها قرار.

وما أبلغ تشبيه المشرك بالله بالساقط من السماء ، مع الأهواء التي تنتابه ونزغات الشيطان التي تتوزعه بالطير تأكل من جسمه ، ومعه الشيطان يطوح به في مهاوي الضلال البعيدة الغور كالريح العاصف.

ذلك أى احفظ ذلك ، أو الأمر هو ذلك الذي ذكرناه.

ومن يعظم شعائر الله ، وهي الهدايا لأنها من معالم الحج وتعظيمها أن يختارها سمينة غالية الثمن ، فإن تعظيمها من أفعال ذوى القلوب المؤمنة المملوءة بالتقوى فالتقوى محلها القلب.

لكم فيها منافع إلى أجل مسمى حيث تركبونها ، وتأكلون من لبنها ، وتنتفعون بأصوافها إلى أجل مسمى ، وهو نحرها والتصدق بها وأكلها ... لنا في الهدى منافع دنيوية وهي الركوب وشرب اللبن. ومنافع أخروية وهي التي يعتد الله بها وينظر إليها (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [سورة الأنفال آية ٦٧].

٥٨٥

وأعظم هذه المنافع الأخروية نحرها في الحرام منتهية إلى البيت الحرام ومن هنا تدرك السر في التعبير بقوله : (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) ثم تستعمل للتفاوت في الزمن بمعنى أنك إذا قلت جاء محمد ثم على كان المعنى جاء على بعد محمد بزمن ، وبعد ذلك استعملت ثم في التفاوت في الرتبة ؛ ومن هنا أخذ يحببنا في الذبح وأداء النسك فقال :

شرع الله لكل أمة أن ينسكوا له أى : يذبحوا له وقد علل الله بأنهم يذكرون اسم الله على الذبيحة لا اسم غيره شكرا واعترافا بفضله حيث رزقهم من بهيمة الأنعام ، فلستم بدعا في ذلك.

وإذا كان الأمر كذلك فإلهكم إله واحد ، لا إله إلا هو ، فله وحده أسلموا ، وعليه وحده اعتمدوا وتوكلوا ؛ وبشر يا محمد المخبتين المتواضعين القانتين الصادقين ، وهم الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ، وخافت من عقابه وعذابه ، وامتلأت خشية منه وهم الصابرون على ما أصابهم ؛ والمقيمون الصلاة تامة ، والمنفقون مما رزقناهم.

من آداب الذبح في الحج

(وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦) لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧))

المفردات :

(وَالْبُدْنَ) جمع بدنة كما يقال ثمرة وثمر ، وسميت الإبل بدنا لأنها من البدانة وهي

٥٨٦

السمن وهذا الاسم خاص بالإبل على الصحيح (صَوافَ) قد صفت قوائمها والإبل تنحر وهي قائمة معقولة وأصل هذا الوصف في الخيل يقال صفن الفرس فهو صافن إذا قام على ثلاث قوائم وثنى سنبك الرابعة ، والسنبك طرف الحافر ، وقرئ صوافي أى خوالص لله ـ سبحانه ـ (وَجَبَتْ جُنُوبُها) أى : سقطت مقتولة على جنوبها ميتة (الْقانِعَ) هو السائل يقال قنع يقنع من القناعة إذا سأل. وقيل : القانع الراضي الذي لا يسأل وفعله قنع يقنع من القناعة فانظر إلى دقة اللغة (وَالْمُعْتَرَّ) هو المعترض الذي يطيف بك طالبا ما عندك بالسؤال أو السكوت ، وقيل المعتر : المعترض من غير سؤال.

المعنى :

من نعم الله علينا أن جعل البدن من شعائر الله تذبح ويتقرب بها ، فهو الذي أعطى ومنح ، وهو الذي يقبل منا ويجازينا على القربى إليه بنعمه التي تفضل بها علينا.

لكم في البدن خير ، وأى خير أكثر من هذا؟ خير في الدنيا وخير في الآخرة فاذكروا اسم الله على ذبحها متقربين بها إليه حالة كونها صواف قائمات على أرجلها ليس بها عيب ولا مرض.

ولعل ذكر صواف يشير إلى أنها تكون سليمة قوية ، وصفها على هذا الوضع يملأ قلب الفقير سرورا واطمئنانا فإذا وجبت جنوبها ، وسقطت على الأرض ساكنة لا حراك بها فكلوا منها جبرا لخاطره ؛ ومخالفة للجاهلين في أنهم كانوا لا يأكلون منها ، وهذا الأمر للإباحة ، وأطعموا منها السائل وغير السائل ، القانع المعترض حتى يطعم الكل ، وهكذا الإسلام حريص كل الحرص على أن تكون أعياد المسلمين العامة فيها الفقير ينعم بالخير ، ويتمتع بزكاة الفطر ، والأضحية ، والبدن التي تنحر في الحج.

وفي هذا إشارة إلى وجوب التضحية والبذل والفداء حتى يتحقق معنى العيد وحتى تكون كل النفوس راضية مرضية.

مثل ذلك التسخير سخرنا الحيوانات لكم وهي أقوى جسوما ، ولكن خلق الله لكم ما في الأرض جميعا ، وذلل لكم الطبيعة بكل قواها ، لعلكم تقومون بواجب الشكر للخالق البارئ المصور ـ سبحانه وتعالى ـ.

٥٨٧

كان أهل الجاهلية يضرجون بيوتهم بالدماء فأراد المسلمون أن يفعلوا مثلهم فنزلت الآية (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها) والنيل لا يتعلق بالمولى ولكن المراد لن يقبل ولن يصل إليه ، ولن يصعد إليه شيء من لحومها ولا دمائها ، ولكن يناله التقوى والإخلاص ، كذلك سخرها لكم لتكبروا الله عند ذبحها على ما هداكم ووفقكم إليه ، وبشر المحسنين الذين يحسنون العمل ، ويقومون به على أتم ما يكون.

المؤمنون الذين يدافع الله عنهم وينصرهم

(إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١))

المفردات :

(خَوَّانٍ) كثير الخيانة ، (لَقَدِيرٌ) قادر على نصر عباده نصرا مؤزرا

٥٨٨

(لَهُدِّمَتْ) خربت ، وقيل : عطلت الصلاة فيها (صَوامِعُ) وهي : صوامع الرهبان ، وقيل : هي خاصة بالصابئين ، (وَبِيَعٌ) جمع بيعة. وهي كنيسة النصارى ، (صَلَواتٌ) : هي كنائس اليهود وأصلها بالعبرية صلوتا فعربت ، (وَمَساجِدُ) هي أماكن الصلاة للمسلمين وإن كانت الأرض كلها جعلت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مسجدا وتربتها طهورا (لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) والقوى القادر على كل شيء ، والعزيز الذي لا يغلبه غالب.

ولما ذكر الله ـ سبحانه وتعالى ـ صد الكفار للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الحج ، ومنعهم له من دخوله الحرم ـ وبهذه المناسبة بين بعض ما يلزم في الحج ومناسكه ، وما فيه من منافع في الدنيا والآخرة ـ أتبع ذلك ببيان ما يزيل الصد والمنع ، وما يجعل المسلمين أعزة أحرارا أقوياء ...

المعنى :

إن الله يدافع عن الذين آمنوا ، ويدفع عنهم شر أعدائهم ، وينصرهم ، ويؤيدهم على عدوهم ، وإن الله لا يحب كل خوان للعهد ، كفور بالنعم ، يذكر غير الله ، ويتقرب بذبيحته لصنم أو وثن ، وكان المشركون المعاصرون للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تنطبق عليهم تلك الأوصاف.

كان المشركون يؤذون النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصحبه الكرام بألسنتهم وأيديهم إيذاء شديدا حتى شكا الصحابة لرسول الله ذلك ، فكان يقول لهم : «اصبروا فإنّى لم أومر بالقتال» وظل الحال ينتقل من شدة إلى شدة ، حتى هاجر المسلمون إلى الحبشة ، ثم إلى المدينة ، وهاجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كذلك ، فأنزل الله ـ سبحانه ـ بالمدينة آيات القتال ، وكانت أول آية نزلت : قوله تعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) ، وهي مقررة أيضا لمضمون قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) ، فإذا إباحة القتال لهم ، وكونهم يصمدون في الحرب ضد الكفار ، بل ويهزمونهم دفاع من الله عنهم ، ونصر مؤزر لهم!.

أذن للذين يقاتلون ، أى : أذن لهم من الله في قتال من يقاتلهم ويعتدى عليهم ، وسبق له أن أخرجهم من ديارهم وأموالهم ، وسامهم سوء العذاب. وذلك بسبب

٥٨٩

أنهم ظلموا في كل ما لحقهم من الكفار ، وإن الله على نصر المؤمنين لقدير ، ينصرهم بغير حرب ولا تعب ، ولكن يريد الله من عباده أن يبذلوا جهدهم في طاعته ، وليمحص الله الذين آمنوا ، ولو يشاء الله لانتصر منهم ، ولكن ليبلو بعضكم ببعض.

ثم وصف هؤلاء المؤمنون بقوله : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) ؛ أى مكة بغير حق يقتضى الإخراج. لكن لقولهم : ربنا الله ، (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [سورة البروج آية ٨].

أيها الناس : لا تعجبوا من إذن الله لأوليائه بالقتال ، ووعدهم بالنصر على أعدائهم وحثهم على القتال ، فلو لا ما شرعه الله للأنبياء والمؤمنين من قتال أعداء الله وأعدائهم قديما وحديثا لاستولى أهل الشرك عليهم ، ولضاعت مواضع العبادة في الأرض ، وهدمت صوامع الرهبان ، وبيع النصارى وكنائسهم ، وصلوات اليهود وكنائسهم ، وكذلك مساجد المسلمين التي يذكر فيها اسم الله ذكرا كثيرا.

ووالله لينصرن الله من ينصره ، إن الله لقوى قادر. عزيز لا يغالب ؛ ومن ينصره الله هو من ينصر دينه ويتبع أمره ونهيه ، ويطيع رسوله وكتابه ، والله ـ سبحانه وتعالى ـ أقسم لينصرنه ، ومن أصدق من الله حديثا : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) ، أفبعد صريح القرآن نطلب من الله النصر والدفاع. وما نصرنا دينه إلا بالانتساب إليه بالاسم فقط. أما القرآن ، وحكمه ، أما روح الدين والخوف من الله ، فشيء في الكتب فقط ، ويردد على اللسان فحسب ، ولقد صدق الله : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) [سورة سبأ آية ١٣].

من ينصره الله هم الذين إن مكناهم في الأرض وأعطيناهم السلطان على الناس ، أتوا بأربعة أمور عليها ينبنى الملك ، وبها تؤسس الدولة الصالحة وهي :

(أ) إقامة الصلاة كاملة تامة في أوقاتها وبشروطها ، إذ هي الواجب العملي الأول على كل مسلم ، وهي الصلة بين العبد وربه ، وهي مطهرة للنفس ، وتقوية للروح ، وتجديد لمعنى الإسلام ، ودواء لكل داء (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [سورة العنكبوت آية ٤٥] وإقامة الصلاة لامتثال العبد أمر الله كله.

(ب) إيتاء الزكاة. والحوادث التي مرت بالعالم في العصر الحديث ، وما نتج من

٥٩٠

ظهور المبادئ الهدامة ، والأفكار الضارة كانت دليلا على أن الإسلام دين سماوي ، ونظام رباني ، لا يمكن أن يصدر عن بشر.

وحين أوجب على الغنى حقا للفقير ، وجعل له في مال أخيه المسلم حقا معلوما. كان يريد الخير للغنى والفقير ، ويؤسس دولة على دعائم العدل والرحمة ، والتعاطف والبر ، بالمجتمع الإنسانى.

(ج ، د) الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر : وجعلهما أساسا في كيان الدولة ، وإباحتهما للجميع. وهما أساس النقد الحر ، دليل على أن الإسلام يريد لأبنائه الحرية المطلقة ، ولكنها حرية مشوبة بروح الدين ، ومطبوعة بالطابع الإسلامى الخالص.

والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إذا توافرا في مجتمع كبح جماع العصاة الخارجين وحد من ثورة الحكام الفاسدين ، وألزم كل إنسان طريق الحق ، وما قيدت الحريات ولا ضعف الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر في أمة من الأمم إلا باءت بالخسران ، وانهدم كيانها ، وانمحت من الوجود .. ألم يذكر الله من أسباب اللعن لبنى إسرائيل وضياع ملكهم أنهم (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ)؟ [المائدة ٧٩].

ومن هنا نعرف أن الله ينصر من ينصره ، ويدافع عمن يدفع عن نفسه الهلاك والخسران من الأمم التي تقيم الصلاة ، وتؤدى الزكاة ، وتأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وهذه أسس الخير ، ودعائم الإصلاح ، وما فرطت أمة في واحدة إلا ذلت.

ألست معى في أن المسلمين فرطوا في الأربعة ، فضاعت هيبتهم بين الأمم وسلط الله عليهم أعدى أعدائهم ، ولا طريق لهم إلا التمسك بالقرآن وحكمه ، وامتثال أمره واجتناب نهيه ، خصوصا هذه الدعائم الأربعة.

حثهم على العبرة بمن تقدمهم من الأمم

(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣)

٥٩١

وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٤) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨))

المفردات :

(فَأَمْلَيْتُ) أمهلت وأخرت عنهم العقوبة (نَكِيرِ) النكير بمعنى الإنكار وهو يفيد التغيير وقد غير نعمته عليهم وجعلها نقمة (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ) كثير من القرى (خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) ساقطة على سقوفها أى : أن السقف سقط على الأرض ثم تهدمت الحيطان فوقه (مُعَطَّلَةٍ) متروكة لأنها غائرة الماء أو لفناء أهلها (مَشِيدٍ) رفيع طويل ، أو شيد بالجص والطلاء ، وعلى كل فهو قصر حصين.

ما تقدم كان في بيان إخراج الكفار للمؤمنين من ديارهم بغير حق ، وقد أذن الله للمؤمنين في قتالهم ؛ ووعدهم بالنصر على أعدائهم ، وهزيمة الكفار على كثرتهم ، ولله عاقبة الأمور ، وها هو ذا التاريخ يعيد نفسه فانظروا لمن سبقكم من الأمم ، وفي هذا سلوى وبيان للمؤمنين.

٥٩٢

المعنى :

وإن يكذبك يا محمد هؤلاء الناس ، ويسعوا في الأرض فسادا ويؤذوا أصحابك بأنواع الأذى ، فلا تحزن ولا تتألم أنت وصحبك الأبرار فقديما كذبت الأمم رسلها. ثم كان النصر للمؤمنين (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [سورة يوسف آية ١١٠].

وها هو ذا أبوك نوح قد كذبه قومه وعصوه ، وأخوك هود مع عاد ، وصالح مع ثمود ، وإبراهيم مع قومه ، ولوط مع قومه ، وشعيب مع أصحاب مدين ، فهل رأيت إلا إيذاء وتكذيبا من القوم ، وصبرا وثباتا من الرسل ، فلست بدعا من الرسل والناس هم الناس.

وهذا موسى ـ عليه‌السلام ـ مع ظهور آياته ومعجزاته كالعصا واليد قد كذب ، ولكن الحكم العام أن الله يملى للكافرين ، ويمهل الظالمين ولا يهمل أبدا حتى إذا حان وقت العذاب أخذت بعذاب بئيس ، وعقاب شديد.

فانظر : كيف كان إنكار ربك عليهم؟!! وكيف غير نعمتهم إلى نقمة ، وبدل سرورهم إلى حزن ، وقصورهم إلى خراب (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) [البروج ١٢].

فكثير من القرى أهلكناها ، وأبدنا أهلها عن آخرهم ، والحال أنها ظالمة فأصبحت لا ترى إلا مساكنهم ، التي هي خاوية على عروشها ، قد سقط السقف أولا ثم الحيطان عليه ، وهذا نوع من الإبادة شديد.

وكثير من الآبار عطلت لفناء أصحابها أو لغور مياهها ، وكذلك كثير من القصور المشيدة أخليت من سكانها وتركت تنعى أصحابها وروادها بلسان الحال!! أعمى هؤلاء المشركون من قريش ، والمكذبون للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والذين يؤذون النبي وأصحابه فلم يسيروا في الأرض!! فتكون لهم قلوب يعقلون بها الحقائق ، ويدركون بها الأسرار ، وخفيات الأمور ، حتى يعلموا عاقبة تكذيبهم ، وأنه وبال عليهم ، وسيحل بهم ما حل بمن سبقهم ، فسنة الله لا تتغير أبدا ، (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) (١).

فإنها لا تعمى الأبصار الظاهرة وحواسها ، ولكنها تعمى القلوب التي في الصدور.

__________________

(١) سورة فاطر الآية ٤٣.

٥٩٣

اعلم يا أخى أن في الإنسان قوة عاقلة مدركة ، تدرك المحسوسات والمشاهدات والمسموعات بواسطة الأذن والعين والأنف وحاسة اللمس والذوق ، وهذه الحواس ليست خاصة بالإنسان ، بل هي في الحيوان كذلك.

وفي المؤمن قوة عاقلة روحية ، تدرك الأسرار ، وتقف على العبر والعظات من المحسوسات والمشاهدات ، فإذا رأت رسما دارسا وبئرا معطلة ، وقصرا مهدما نظرت فاعتبرت ، وأدركت فعلمت ، أن كل شيء هالك إلا وجهه ، له الحكم ، وإليه ترجعون ، وأن أصحاب هذا لا بد أنهم عصوا وبغوا ، فحاق بهم المكر السيئ ونزل بهم جزاؤهم المناسب لهم.

هذه القوة العاقلة الروحية هي التي تدرك معاني الخير والشر ، والفضيلة والرذيلة ، ومحلها القلب ، وللقلب عين وأذن وأنف وإحساس ، ولكن هذه الأشياء كلها ليست هي الظاهرة التي في الإنسان والحيوان ، بل هي حواس قلبية لها زاد هو التقوى ، (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) ، إذن قد يكون للإنسان أذنين ، وله عينين (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) ، [سورة الأعراف آية ١٩٨].

يا عجبا لهم!! يستعجلونك بالعذاب تكذيبا لك ، واستهزاء بوعدك ، والله لن يخلف وعده أبدا.

وإن يوما عند ربك من أيام العذاب التي تحل بهم في الآخرة ، كألف سنة مما يعدون!! فأين هم من عذاب ربك؟ والله بالغ أمره ، ولن يخلف الله وعده وهو ناصر رسوله وعاصمه من الناس كلهم.

وكثير من القرى أملى لها الله وأخر عنها العذاب وهي ظالمة من باب الإمهال ، لا الإهمال ، حتى إذا جاء وعد ربك الذي لا يتقدم ولا يتأخر ، أخذها ربك أخذ عزيز مقتدر ، وإلى الله وحده المصير ، وإليه ترجع الأمور.

مهمة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم

(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩) فَالَّذِينَ

٥٩٤

آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٥٠) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٥١))

المعنى :

يقول تعالى لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين طلب منه الكفار وقوع العذاب واستعجلوه به تكذيبا له واستهزاء به لأنهم لا يؤمنون بيوم القيامة ، ولا بقدرة الله على إيقاع العذاب. ونسوا ما حصل للأمم السابقة ، ولم يعتبروا بما حصل.

قل لهم يا محمد : إنما أرسلنى الله إليكم نذيرا بين يدي عذاب شديد ، إنما أنا نذير بيّن الإنذار قوى الحجة واضحها ، وليس علىّ حسابكم وهدايتكم ، بل أمركم إلى ربكم إن شاء عجل العذاب لكم ، وإن شاء أخره عنكم ليوم معلوم ، لا تستقدمون عنه ساعة ولا تستأخرون ، وهو ربكم وإليه أمركم ، وهو الفعال لما يريد ، لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.

فالذين آمنوا بالله وكتبه ورسله إيمانا صحيحا سليما مصحوبا بالعمل الصالح لهم مغفرة من الله ورزق كريم ، وثواب عظيم ، وسعادة في الدنيا والآخرة (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة النحل آية ٩٧].

والذين سعوا جاهدين في إبطال آياتنا ، وإطفاء نور الإسلام ـ وما علموا أن الله متم نوره ولو كره الكافرون ـ أولئك أصحاب الجحيم الملازمون لها ، وهي نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة ، إنها عليهم مؤصدة ، في عمد ممددة ...

كتاب الله محكم لا ريب فيه

(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ

٥٩٥

ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢) لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٤) وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (٥٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٥٦) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٥٧))

المعنى :

روى المفسرون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قرأ : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) فلما بلغ (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) سمع المشركون (تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى) فلقيه المشركون والذين في قلوبهم مرض فسلموا عليه وفرحوا فقال النبي : «إن ذلك من الشيطان» ، فأنزل الله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى) الآية. وهناك روايات تثبت أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو المعصوم ـ هو الذي قرأ وعلى ذلك فيكون معنى الآية : وما أرسلنا يا محمد من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى أى قرأ وتلا ألقى الشيطان في أمنيته أى قراءته وتلاوته ، فينسخ الله ما يلقى الشيطان ويزيله ، ثم يحكم الله آياته ، والله عليم حكيم.

٥٩٦

هذه الرواية ، رواية باطلة ، وإن تكن رواية بعض المفسرين وكيف تصح؟!! ولو جوزناها لارتفع الأمان عن شرعه ، وجوزنا في كل حكم أن يكون فيه زيادة أو نقص من قبل الشيطان ؛ على أن هذه الرواية وأمثالها تفتح باب الطعن والشك ، وتكون سلاحا في يد أعداء الإسلام ، وأعداء الأديان كلها ، ولا ينفعنا أن ذلك بشكل واسع في الكتب السابقة. وهل تساعد اللغة تفسير (تمنى) بقرأ؟ أظن لا!!

وكيف نجوز هذا والله يقول وهو أصدق القائلين :

(وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) (١) (ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) (٢). (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) [سورة النجم الآيات ٣ ـ ٥] (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً* وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) [سورة الإسراء ٧٣ و ٧٤] وقد عرفنا تفسيرها ووقفنا على معناها.

(عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً* إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً* لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) [سورة الجن الآيات ٢٦ ـ ٢٨].

وقال القاضي عياض في كتاب الشفاء «لقد أجمعت الأمة على أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما يبلغه عن ربه ، معصوم فيه من الإخبار عن شيء بخلاف ما هو عليه لا قصدا ولا عمدا ولا سهوا ولا غلطا.

واعلم ـ أكرمك الله يا أخى ـ أنهم خرجوا هذا الحديث المسمى بحديث الغرانيق على أن أصله واه ، وقال علماء الحديث : إنه لم يخرجه أحد من أهل الصحة ، ولا رواه بسند سليم متصل ثقة ، وإنما أولع به وبمثله جماعة من المفسرين والمؤرخين بعضهم بحسن نية ، وقال أبو بكر البراز : هذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بإسناد متصل يجوز ذكره.

وإذا سلمنا بالحديث على أنه مروى بعدة روايات وإن تكن كل واحدة ضعيفة إلا أن كثرة طرقها تجعلنا نقبله بتحفظ ونؤوله بما يتفق مع المبادئ العامة الإسلامية ، بل

__________________

(١) سورة الحاقة الآيات ٤٤ ـ ٤٦.

(٢) سورة يونس الآية ١٥.

٥٩٧

بما يتفق مع صدر السورة ، وعجزها ، ووصف الأصنام بعد قوله تعالى (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) [سورة النجم الآيات ١٩ ـ ٢٣] وهذا بلا شك وصف للأصنام بأنها لا حقائق لها ، وليس لكم فيها حجة ، وما تتبعون في عبادتها إلا الظن الذي لا شبهة معه ... وإذا سلمنا بالحديث فتأويله هكذا.

أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يرتل القرآن ترتيلا ، ويفصل آياته تفصيلا في قراءته فالجائز أن الشيطان انتظر سكتة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودس ما اختلقه من تلك المفتريات محاكيا صوت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد شاعت تلك الزيادة في وسط أهل مكة وسر بها المشركون.

وأما المسلمون فيحفظون السورة كما أنزلها الله ـ سبحانه ـ ، وكما كان يتلوها النبي قبل ذلك ، وكانوا متحققين من ذم النبي للأوثان ، وما عرف عنه في ذلك ، ومن هنا تظهر الحكمة الإلهية وهي الاختبار بأمثال هذا. فأما الكافرون الظالمون ، ومن في قلوبهم مرض فسيقولون هذا من عند الله ، والله قد مدح الأصنام التي كان يذمها محمد.

وأما المؤمنون فسيعلمون أن القرآن هو الحق من عند الله ، وإن هذا إلقاء شيطان لا يعبأ به ، والله عليم حكيم ؛ وتكون الآية سلوى للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حيث كان يحصل هذا مع الأنبياء قبله ، وهو لحكمة ؛ الله يقصدها ويعلمها ، وهي الابتلاء والاختبار.

ويمكن بعد هذا كله أن نفهم الآية على هذا المعنى الآتي ـ مع أن اللغة لا تمنع منه ـ يقول الله ـ سبحانه وتعالى ـ : وما أرسلنا من قبلك يا محمد من رسول له كتاب وشريعة ، ولا نبي ـ ليس له شريعة ولا كتاب بل ألهم أو أوحى إليه أن يتبع شريعة غيره كأنبياء إسرائيل ـ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ـ من الأمنية التي تهواها النفس ، وكل الأنبياء كانت تحب وتهوى أن يؤمن بهم كل الناس ـ ألقى الشيطان في أمنيته وفي سبيل تحقيقها من العراقيل والعقبات الشيء الكثير فكان يلقى من نفوس الناس ويزين لهم الكفر والفسوق والعصيان ، ولا شك أن الناس الذين أرسل إليهم الرسول هم محل الأمنية ، التي يتمناها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٥٩٨

فينسخ الله ما يلقى الشيطان ، ويزيل الوساوس من بعض قلوب الناس ثم يحكم الله آياته البينات ، حتى تكون محكمة سديدة عند من يؤمن بها ، والله عليم بخلقه حكيم في صنعه ، يعلم خلقه وما هم عليه.

ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة وضلالا للذين في قلوبهم مرض ، من شك ونفاق وحسد وبغضاء : وانظر إلى عبارة القرآن (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) والمراد استقر وسكن حتى أصبح طبعا وغريزة ، والقاسية قلوبهم ، وهم المشركون المكذبون ، وإن الظالمين من المنافقين والمشركين لفي شقاق بعيد الغور ، كبير الخطر ، ولهم عذاب مقيم ...

وليعلم الذين أوتوا العلم ، وهدوا إلى الصراط المستقيم ، وهم المؤمنون القانتون أنه الكتاب المحكم الآيات ، البعيد عن الشبهات ، هو الحق من ربك ، لا شك فيه تنزيل من حكيم حميد ، فيؤمنوا به إيمانا صادقا لا شبهة معه ، فتخبت له قلوبهم ، وتخشع وتسكن مخلصة مطمئنة ، وإن الله لهادى الذين آمنوا بهذا القرآن إلى صراط مستقيم ، وسيجازيهم على ذلك أحسن الجزاء.

ولا يزال الذين كفروا في شك منه مهما أتتهم الأدلة ، وتوالت عليهم الحجج ، لا يزالون هكذا ، في شك وحيرة حتى تأتيهم الساعة بغتة ، أو يأتيهم عذاب يوم عقيم لا خير فيه.

ولا غرابة في هذا لأن الملك يوم الجزاء والثواب والعقاب لله الواحد القهار. يحكم بينهم ، وهو الحكم العدل ـ جل شأنه ـ ، يحكم بينهم فيما اختلفوا فيه ، فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات خالدين فيها ، ولهم فيها نعيم مقيم.

والذين كفروا ، وكذبوا بآياتنا فأولئك أصحاب الجحيم ، ولهم عذاب ذو إهانة لهم. جزاء ما عملوا من سيئ الأعمال ، وما ارتكبوا من بوائق السيئات ...

فضله كبير على الناس جميعا وخاصة المؤمنين

(وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ

٥٩٩

الرَّازِقِينَ (٥٨) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (٥٩) ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٦٥) وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (٦٦))

المفردات :

(هاجَرُوا) تركوا أوطانهم في سبيل الله (مُدْخَلاً) مكانا يدخلونه ويرضونه وهو الجنة (عاقَبَ) جازى الظالم بمثل ما ظلمه (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) يدخل

٦٠٠