التفسير الواضح - ج ١

دكتور محمّد محمود حجازي

التفسير الواضح - ج ١

المؤلف:

دكتور محمّد محمود حجازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١٠
الصفحات: ٩٣٢

من مواقف المشركين يوم القيامة

وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٢٨) وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩) وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٣١) وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٣٢)

المفردات :

(وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) يقال : وقف على الشيء : عرفه وتبينه ، ووقف نفسه على الشيء : حبسها ، ومنه : وقف العقار على الفقراء. (بَدا لَهُمْ) : ظهر ووضح. (السَّاعَةُ) : هي الوقت المحدد المعروف ، وتطلق في لسان الشرع على الوقت الذي ينقضي به أجل الدنيا وتبدأ به الحياة الأخرى. (بَغْتَةً) : فجأة (يا حَسْرَتَنا) الحسرة : الندم على ما فات كأن المتحسر قد انحسر وانكشف عنه الجهل الذي حمله على ما ارتكبه. (ما فَرَّطْنا) التفريط : التقصير في الشيء مع القدرة على فعله. (أَوْزارَهُمْ) : جمع وزر ، وهو الحمل الثقيل ، ويطلق في لسان الشرع على الإثم

٦٠١

والذنب كأنه لثقله على صاحبه كالحمل الذي يثقل ظهره. (لَعِبٌ) : هو العمل الذي لا يقصد به جلب نفع أو دفع ضر. (لَهْوٌ) : ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه.

المعنى :

هؤلاء المشركون أمرهم عجيب حقا ، فإنك تراهم في الدنيا يكفرون بالقرآن والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويستهزئون به وبدينه ، ولا يؤمنون بالبعث وتوابعه ويفاخرون بذلك ، ولو ترى إذ يقفون على النار حتى يعاينوا ويطلعوا عليها ويتبينوها أو يدخلوها فيعرفون كنهها ويتلظون بنارها. لرأيت شيئا عجيبا تقف العبارة دون وصفه .. وهم إذ وقفوا عليها وظنوا أنهم مواقعوها حتما. قالوا : يا ليتنا نرد إلى الدنيا ولا نكذب بهذه النار وما يتبعها من أمور البعث والجزاء أو لا نكذب بأية آية من آيات ربنا ، ونكون من المؤمنين بالله المصدقين برسله وآياته (بل) إضراب إبطالى لهذا التمني السابق على معنى (لا) لا. ليسوا صادقين في هذا التمني والرغبة في الإيمان أصلا ، بل لأنهم ظهر لهم وبدا ما كانوا يخفونه ويكفرون به من أمور البعث والنار التي وقفوها عليها إذ من يكفر بأمر يخفيه ولا يظهره ، ومن يؤمن به يبديه ولا يكتمه ، والكلام في النار والعرض عليها.

ولو ردوا إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه من الكفر والعناد وعدم الإيمان ، وإنهم لقوم طبعهم الكذب وديدنهم العناد ، ولو ردوا إلى الدنيا لقالوا : ما هي إلا حياتنا الدنيا فقط وليست لنا حياة أخروية أبدا ، وما نحن بمبعوثين وهكذا القوم الماديون لا يؤمنون بالغيب ، ولا يرجى منهم خير أبدا.

ولو ترى هؤلاء المشركين المكذبين حين تقفهم الملائكة ، وتحبسهم ليحاسبهم ربهم ، ويحكم فيهم بما أراد (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (١) لو رأيت هؤلاء حينئذ لهالك أمرهم واستبشعت منظرهم ورأيت ما لا تؤديه عبارة ولا يحيط به وصف وكأن سائلا سأل وقال : ماذا قيل لهم حينئذ؟ فأجيب قال لهم ربهم تبكيتا وتأنيبا : أليس هذا الذي أنتم فيه من أهوال الآخرة هو الحق لا شك فيه؟ قالوا : بلى نعم هو الحق لا شك فيه وربنا ، قال لهم ربهم : فذوقوا ألم العذاب المر الذي تجدونه كما يجد من يذوق الشيء من قوة الإحساس والإدراك ، كل ذلك بسبب ما كنتم تكفرون به

__________________

(١) سورة الانفطار آية ١٩.

٦٠٢

وتجحدون في الدنيا ، ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم هذا الإقرار منكم بأنه حق ؛ قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله ، وما وعد الله به عباده الصالحين ، نعم خسروا نعيم الآخرة وثوابها وسعادة الإيمان ولذته ورضوانا من الله أكبر من كل شيء.

وما كان هذا إلا نتيجة لإنكارهم الحياة الأخروية فإن من ينكرها يكون ماديا شهوانيّا ليس له قلب ولا روح وهم كالأنعام بل أضل سبيلا.

قد خسر الذين كذبوا حتى إذا جاءتهم منيتهم مباغتة لهم ومفاجئة قالوا : يا حسرتنا احضرى فهذا أوانك ، يا حسرتنا على ما فرطنا في الحياة الدنيا التي كنا نزعم أن لا حياة بعدها ... عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من مات قامت قيامته» فتكذيبهم مستمر إلى موتهم فقط أما خسارتهم فلا حد لها ولا نهاية. وتحسرهم كذلك (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها) وهم يحملون أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ، يحملونها على ظهورهم ، وهذا ما كسبته أيديهم وجنته جوارحهم ، ألا ساء ما يحملون وبئس ما يصنعون.

وأما الحياة الدنيا التي قال عنها الكفار إنه لا حياة بعدها فهي دائرة بين عمل لا فائدة فيه كلعب الأطفال وبين عمل فائدته عاجلة سلبية كفائدة اللهو فمتاعها قليل ، وأجلها قصير ، وحياتها تعب ، وصاحبها في كبد (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) (١). وأما الدار الآخرة فنعم عقبى الدار! نعيمها مقيم وظلها دائم لا همّ فيها ولا نصب ، ولا تعب ولا ألم (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ. لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) (٢).

__________________

(١) سورة البلد آية ٤.

(٢) سورة الحجر الآيتان ٤٧ و ٤٨.

٦٠٣

تسلية الله لنبيه وسنة الله في خلقه

قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٣٣) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤) وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٥) إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦) وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٧)

المفردات :

(لَيَحْزُنُكَ) الحزن : ألم نفسي يكون عند فقد محبوب أو امتناع مرغوب أو حدوث مكروه. (يَجْحَدُونَ) الجحود : إنكار ما ثبت في القلب أو إثبات ما نفى فيه. (نَبَإِ) هو الخبر ذو الشأن العظيم. (كَبُرَ) يقال : كبر على فلان الأمر ، أى : عظم عنده وشق عليه وقعه. (إِعْراضُهُمْ) الإعراض : التولي والانصراف عن الشيء رغبة عنه ، أو احتقارا له. (أَنْ تَبْتَغِيَ) : أن تطلب ما في طلبه كلفة ومشقة من البغي وهو تجاوز الحد ويكون في الخير والشر. (نَفَقاً) : السرب في الأرض وهو حفرة نافذة لها مدخل ومخرج. (سُلَّماً) : المرقاة من السلامة لأنه هو الذي يسلمك إلى مصعدك. (يَسْتَجِيبُ) استجاب الدعاء : إذا لباه وقام بما دعاه إليه بالتدريج.

٦٠٤

المناسبة :

بعد هذا الحجاج والنقاش ذكر تأثير كفرهم وعنادهم في نفس النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وذكر ما يسليه ببيان ما حصل لغيره من الرسل قديما.

روى ابن جرير عن السّدّىّ أن الأخنس بن شريق وأبا جهل التقيا فقال الأخنس لأبى جهل : يا أبا الحكم خبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس هاهنا أحد يسمع كلامك غيرى ، قال أبو جهل : والله إن محمدا لصادق وما كذب قط. ولكن إذا ذهب بنو قصى باللواء والسقاية والحجابة والندوة والنبوة فماذا يكون لسائر قريش؟.

المعنى :

قد نعلم ـ أيها الرسول ـ إنه ليحزنك ويؤلم نفسك ما عليه هؤلاء القوم ، وما يقولونه لك من تكذيب وطعن ، وتنفير للعرب عن دعوتك ، وهذه نفسك الطاهرة تتألم ، وقد رأيت عشيرتك وأهلك في ضلال وخسران ، وأنت تدعوهم إلى الهدى والفلاح فلا يسمعون ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ، ولا تحزن عليهم ، ولا تك في ضيق مما يفعلون. فإنهم لا يكذبونك فأنت الصادق عندهم الأمين في ناديهم ما جربوا عليك كذبا ولا خيانة ، ولكنهم يعاندون ويستكبرون ، وتدفعهم الإحن والحسد والعصبية الحمقاء ، فهذا أبو جهل يقول : إنا لا نكذبك ولكن نكذب ما جئت به : فهم لا يكذبون النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولكنهم يفهمون خطأ أن ما جاء به من أمور البعث والحياة الأخرى غير مطابق للواقع ، ولا يقتضى هذا أن يكون هو الذي افتراه ، على أنهم ما كذبوه في أنفسهم ولكنهم كذبوه أمام الناس فقط!! وكان إصرارهم على التكذيب مع ظهور المعجزات والآيات تكذيبا لآيات الله ، أما أنت أيها الرسول الكريم فلا تحزن عليهم وتذرع بالصبر والسلوان ، واعتبر بمن تقدمك من الرسل الكرام ، فهذه طبيعة الناس قديما وحديثا ، ولقد كذبت رسل من قبلك ، خاصة أولى العزم منهم ، فصبروا على أذاهم إلى أن نصرهم الله (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ). [سورة البقرة آية ٢١٤].

وهذه هي سنة الله في الأمم مع رسلهم ، ولن تجد لسنة الله تحويلا ، فاصبر كما صبر

٦٠٥

أولو العزم من الرسل ، واعلم أن الله يدافع عن الذين آمنوا ، وأنه لا مبدل لكلمات الله أبدا ولا مغير لوعده.

ولقد جاءك من أخبار المرسلين التي تفيد تكذيب الناس لهم وصبرهم ونصر الله لهم (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) [غافر ٥١].

وكانوا يقترحون على النبي آيات ويعلقون الإيمان عليها : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) إلى آخر ما ذكر في الآيات من سورة الإسراء.

فرد الله عليهم بما معناه : وإن كان كبر عليك إعراضهم وما يطلبون ، ورأيت أن إتيانهم بآية مما اقترحوا يدحض حجتهم ويكشف شبهتهم فيؤمنون ، فإن استطعت أن تبتغى لنفسك نفقا تطلبه في الأرض فتذهب في أعماقها أو سلما في الجو فترقى إلى أطباق السماء فتأتيهم بآية مما اقترحوا فأت بها ، ولكنك رسول والرسول لا يقدر على شيء أبدا مما يعجز عنه البشر ، ولا يستطيع إيجاده إلا الخالق ، واعلم أنه لو شاء الله لجمعهم على الهدى وما جئت به ولكنه شاء اختلافهم وتفاوتهم واختبارهم وما يترتب على ذلك.

الناس فريقان ، فريق في الجنة ، وفريق في السعير ، ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ، فريق تتلى عليه آيات الله فيسمعها سماع قبول ، وينظر إليه نظرة اعتبار وتذكر ، نظرة خالية من الهوى والعناد والاستكبار ، وهؤلاء يستجيبون لما دعاهم الله فهم كالتربة الصالحة للإنبات تقبل الماء وتنبت الكلأ.

وفريق تتلى عليه الآيات فيظل متكبرا سادرا في غلوائه ، لا ينظر ولا يعتبر ، ولا يسمع سماع قبول ، وهم موتى القلوب ، وأبعد الناس من الانتفاع بما يسمعون.

هؤلاء يترك أمرهم إلى الله فهو الذي يبعثهم بعد موتهم ، فيحاسبهم ويجازيهم ثم إليه يرجعون ، هو القادر على ذلك وحده فلا تبخع نفسك عليهم حسرات ، إذ ليس في استطاعتك هدايتهم ، إنما عليك البلاغ ، وعلى الله الحساب ، وقال المشركون المعاندون بعد نزول الآيات تترى التي لو لم يكن فيها إلا القرآن لكفى قالوا : هلا نزل عليه آية من ربه كما اقترحنا ، وقد قالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً* أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً* أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً* أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ

٦٠٦

أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) (١) قل لهم يا محمد سبحان ربي!! كيف تطلبون منى هذه الآيات! وهل أنا إلا بشر ورسول؟ وليس يقدر الرسول على إنزال آية من الآيات وإنما القادر هو الله فقط على إجابتكم لما تطلبون.

وقد مضت سنة الله في الأمم أن إجابة المعاندين إلى ما طلبوا لم تكن سببا لهدايتهم أبدا بل كانت سببا في عذابهم واستئصالهم ، فإنزال آية مما اقترحوا لا يكون خيرا لهم بل هو شر ، ولكن أكثرهم لا يعلمون ، وطلبهم تعجيز للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا للهداية (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) (٢).

من دلائل قدرة الله وكمال علمه

وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٩)

المفردات :

(دَابَّةٍ) الدبيب : المشي الخفيف ، والدابة : كل ما يدب على الأرض من الحيوان (طائِرٍ) : كل ذي جناح يطير في الهواء. (أُمَمٌ) : جمع أمة ، وهي الجماعة يجمعهم أمر كدين أو لغة أو صفة أو عمل.

الله ـ سبحانه وتعالى ـ على كل شيء قدير ، ينزل الآيات حسب الحكمة والمصلحة ، وها هي ذي مظاهر القدرة وشمول العلم ، وكمال التدبير.

__________________

(١) سورة الإسراء الآيات ٩٠ ـ ٩٣.

(٢) سورة القمر آية ٢.

٦٠٧

المعنى :

لا يوجد نوع من أنواع الدواب التي تدب على الأرض ، ولا نوع من أنواع الطير الذي يطير في الجو إلا وهو أمم مماثلة لكم أيها الناس ، لهم أرزاق وآجال ونظام محكم وطبائع تتلاءم مع خلقتهم وتكوينهم ، فتبارك الله أحسن الخالقين!

وقد أثبت العلماء الباحثون في طبائع الحيوان أن كثيرا من فصائله أمم لها ملك ومملكة ونظام وقيادة ، وما النحل والنمل عنا ببعيد!

وخص دواب الأرض بالذكر لأنها المرئية للكفار ، أما ملكوت الله في السموات ففيه ما لا يعلمه إلا الله وحده ، وهذه الآية توجه أنظارنا إلى البحث والدرس في طبائع الحيوان والاستفادة من ذلك فقد خلق لنا جميع ما في الأرض لننتفع منه ونسخره لمصلحتنا.

وما فرطنا في الكتاب من شيء أبدا ، ولا قصرنا في أى شيء أبدا ، وقال ابن عباس : إن المراد بالكتاب هو أم الكتاب (وهو خلق غيبي سجل فيه كل ما كان وما سيكون على حسب السنن الإلهية). وقيل : الكتاب هنا هو علم الله المحيط بكل شيء ، شبه بالكتاب لكونه ثابتا لا ينسى. وقيل هو القرآن ، والمعنى : ما تركنا في القرآن شيئا من ضروب الهداية وأصول الأحكام والقوانين : ففي القرآن السياسة العامة الإسلامية من ناحية الاقتصاد والاجتماع والدين ، وفيه الأصول العامة الأخرى للدين كالسنة والقياس والإجماع ، ثم إلى ربهم يحشرون ويجازون على أعمالهم.

والذين كذبوا بآياتنا المنزلة الدالة على كمال القدرة ، وتمام العلم والحكمة صم لا يسمعون دعوة الحق والهدى سماع قبول ، وبكم لا ينطقون بما عرفوا من الحق ، وهم يتخبطون في الظلمات ، ظلمات الجهل والكفر والعادات القبيحة.

من يشاء الله يخذله ويضله ولا يلطف به لأنه ليس من أهل اللطف حيث ثبت في علمه القديم أنه أهل لما هو فيه من شقاء وعذاب.

ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم لأنه أهل لذلك في علمه ، وهكذا كانت الحكمة فيما اختاره الله أزلا وفق علمه ، صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بعباده بصير بخلقه.

٦٠٨

إلى الله يلجأ العبد في الشدائد مع ضرب الأمثال بالأمم السابقة

قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ (٤١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣) فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤) فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٥)

المفردات :

(أَرَأَيْتَكُمْ) أسلوب عربي يفيد التعجب وأن ما بعده غريب عن الصواب ، والمراد : أخبرونى. (فَيَكْشِفُ) أى : يزيل ما تدعونه إلى كشفه. (بِالْبَأْساءِ) : بالشدة والعذاب والقوة ، وتطلق البأساء على الحرب والمشقة. (وَالضَّرَّاءِ) : من الضر ضد النفع. (يَتَضَرَّعُونَ) التضرع : إظهار الضراعة والخضوع بتكلف. (مُبْلِسُونَ) : متحسرون يائسون من النجاة. (دابِرُ الْقَوْمِ) : آخرهم الذي يكون في أدبارهم.

٦٠٩

المعنى :

يا أيها الرسول قل لأولئك المشركين : أخبرونى إن أتاكم عذاب الله الذي نزل بأمثالكم من الأمم السابقة كالخسف والريح الصرصر والغرق ، أو أتتكم الساعة وهولها ، والقيامة وما فيها ، أخبرونى إن حصل هذا ، أغير الله تدعون لينجيكم من هذا العذاب وهوله؟! إن كنتم صادقين في دعوى الألوهية لهؤلاء الأصنام الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ، ولكم شفعاء ، والسؤال للتبكيت والإلزام بل ـ إضراب لإبطال ما تقدم ـ إياه وحده تدعون ، وله وحده تتجهون ، وبه وحده تستعينون حتى يكشف عنكم ما ألم بكم من ضر أو مسكم من شدة. يكشف ما تدعون إليه إن شاء كشفه ، وكان فيه حكمة ، وأنتم تنسون ما تشركون ، وتتركون آلهتكم ولا تذكرون في ذلك الوقت إلا الله (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ) (١).

وذلك أن الإنسان أودع في فطرته توحيده ـ عز اسمه ـ وأما الشرك فشيء عارض للإنسان بالتقليد شاغل للذهن بالفساد وقت الرخاء ، حتى إذا جد الجد دعوا الله مخلصين له الدين وضل عنهم ما كانوا يعبدون (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) (٢).

ثم أخذ القرآن يضرب الأمثال بالأمم السابقة فقال : ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك رسلا مبشرين ومنذرين ، ولكن أممهم عصوا وبغوا ، فأخذناهم بالبأساء والشدائد ، والضراء والمهالك ، عسى أن يكون ذلك رادعا لهم ومؤدبا. فالشدائد قد تربى النفوس وتهذبها ، وتجعل المغرور يراجع نفسه ويفكر في أمره ولذا يقول الله : (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) ويلجئون ، ومع هذا فكثير من الناس لا تنفعهم هذه الزواجر ولا تردعهم هذه الشدائد.

فهلا تضرعوا حين جاء بأسنا وكانوا خاشعين تائبين ، ولكن أنى لهم هذا؟ وقد قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة. فلم تؤثر فيهم النذر ، ولم تنفعهم العبر ، وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ، وبئس ما كانوا يصنعون.

__________________

(١) سورة العنكبوت آية ٦٥.

(٢) سورة الروم آية ٣٠.

٦١٠

فلما نسوا ما ذكروا به وأعرضوا عما أنذروا به ، فتحنا عليهم أبواب الرزق من كل ناحية ومتعناهم بالحياة الدنيا استدراجا وإملاء (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).

حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم أخذ عزيز مقتدر ، بلا إنذار ولا استئذان أخذناهم بغتة فإذا هم متحسرون يائسون من رحمة الله فقطع دابر القوم عن آخره حتى لم يبق منهم أحد ، والحمد لله رب العالمين ، وفي هذا إشارة إلى أن إبادة القوم المفسدين نعمة من الله رب العالمين. وأن في الضراء والسراء عبرة وعظة للناس ، وإنما يتذكر أولو الألباب.

من أدلة التوحيد أيضا

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (٤٦) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (٤٧) وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٤٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٤٩)

المفردات :

(نُصَرِّفُ الْآياتِ) : نقلبها ونكررها على وجوه مختلفة. (يَصْدِفُونَ) : يعرضون عن ذلك. (يَمَسُّهُمُ) المس : اللمس باليد بما يسيء غالبا من ضر أو شر.

المعنى :

قل يا محمد لهؤلاء المشركين : أخبرونى ماذا أنتم فاعلون؟! إن أخذ الله سمعكم ،

٦١١

وأبصاركم ، وختم على قلوبكم ، إذ هو الذي وهب لكم السمع والبصر والفؤاد ، وإذا سلبها منكم عدتم صما وعميا لا تسمعون قولا ، ولا تبصرون طريقا ، ولا تعقلون نفعا ولا ضرّا ولا حقّا ولا باطلا ، ماذا تفعلون مع آلهتكم التي تدعونهم وترجون شفاعتهم لو فعل الله بكم ذلك؟ من إله غير الله يأتيكم بهذا؟ لا إله إلا الله وحده فهو الذي يقدر على ذلك ، ولو كان ما اتخذتموه آلهة تنفع أو تضر لردت عليكم هذا ، وإن كنتم تعلمون بلا شك أنها لا تقدر على شيء أصلا بل إن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه. فلما ذا تدعونهم؟ والدعاء عبادة والعبادة لا تكون إلا لله الواحد القهار ، واهب الوجود ، الحق المعبود ، سبحانه وتعالى!! انظر يا من يتأتى منه النظر كيف يصرف الله القول ويكرره بألوان مختلفة ، وعلى أساليب متعددة في غاية الوضوح والبيان ، ثم هم بعد ذلك يعرضون ويصدفون عن النظر إليها بعين بريئة خالية من حجب التقليد ، وغطاء العصبية وداء الحسد.

قل لهم : أخبرونى إن أتاكم العذاب من الله كما أتى لمن قبلكم من المكذبين الضالين ، عذاب الخسف والاستئصال والهلاك ، أتاكم هذا العذاب بغتة بلا مقدمات ، أو أتاكم العذاب جهرة وعيانا بمقدماته وأنتم تنظرونه.

أخبرونى ماذا أنتم فاعلون؟ هل يهلك بهذا إلا القوم الظالمون الذين ظلموا أنفسهم بسلوكهم طريق الشرك والباطل! وما نرسل المرسلين إلا مبشرين من آمن بالثواب ، ومنذرين من عصى بصارم العذاب ولا عليهم شيء بعد هذا أبدا ، سواء عليهم آمن الناس أم كفروا (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) (١) أما الله ـ سبحانه وتعالى ـ فهو المجازى.

فمن آمن وأصلح نفسه فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (٢).

ومن كذب وتولى ، فإنه يمسه العذاب جزاء كفره وفساده.

وإن أصابه خير في الدنيا فمتاع قليل ، ثم يضطره الله إلى عذاب النار وبئس المصير.

__________________

(١) سورة الشورى آية ٤٨.

(٢) سورة الأنبياء آية ١٠٣.

٦١٢

مهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتبعات الرسالة

قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٥١) وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢) وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (٥٣)

المفردات :

(خَزائِنُ) جمع خزانة ، وهي : ما يخزن فيه الشيء ويحفظ ، والمراد القسم بين الخلق ، وأرزاقهم. (الْغَيْبَ) : ما غاب عن جميع الخلق واستأثر الله بعلمه. (الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) : المراد بهما الضال والمهتدى. الولي : الناصر. (وَلا تَطْرُدِ) الطرد : الإبعاد. (بِالْغَداةِ) الغداة والغدوة : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. (الْعَشِيِ) : آخر النهار ، والمراد جميع الأوقات. (فَتَنَّا) : ابتلينا واختبرنا. (مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ) : أنعم الله عليهم.

٦١٣

المعنى :

كان لعناد المشركين مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أثر كبير في نفسه ، وكانوا يطلبون منه آيات غريبة جهلا منهم بموقف الرسول ومهمته ورسالته ، فقال الله للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما معناه. قل لهؤلاء : أنا لا أدّعى لكم أن عندي خزائن الله أملكها وأقسمها بين الخلق ، وأتصرف فيها ، ولم أدع أنى أعلم الغيب الذي استأثر الله بعلمه فلم يطلع أحدا عليه من رسول أو ملك ، اللهم إلا ما علمه الرسول عن طريق الوحى الإلهى فهو من العلم الضروري لا الكسبي ، ولم أدّع أنى من الملائكة آتى بما لا يأتى به البشر.

والمعنى : لست أدّعى الألوهية أو الملكية حتى تطلبوا منى ما ليس في طاقتي وقدرتي ، وإنما أنا بشر قد شرفني الله بالنبوة ، وما أتبع إلا ما يوحى إلىّ فقط ، وهذه الرسالة ليست لي خاصة بل سبقني بها رسل كرام قبلي.

واعلموا أن التصرف المطلق في الكون لله وحده الواحد القهار ، القادر على أن ينزل الآيات التي تطلبونها وغيرها ، وهو العليم بما كان وما سيكون ، أما الرسول فيبلغ عنه أمر الدين ، وليس قادر على ما لا يقدر عليه البشر من تفجير الينابيع والأنهار ، وخلق الجنات والبساتين ، وإسقاط السماء كسفا والإتيان بالله والملائكة قبيلا وغير ذلك مما يطلبه المعاندون.

وإذا كان الأنبياء لم يؤتوا القدرة على التصرف فيما وراء الأسباب فمن باب أولى غيرهم من الأولياء الصالحين.

قل لهؤلاء : هل يستوي الأعمى والبصير؟ والضال عن طريق الحق والهدى والمهتدى إلى سواء السبيل؟ وكيف يستويان؟ ، أعميتم فلا تتفكرون فيما أذكر لكم من الحجج وأدعوكم إليه؟! وتنظرون إلى القرآن وما فيه!! وإلى بلاغته ومعانيه! وأنه ليس في مقدوري أن آتى بمثله ، فقد لبثت فيكم عمرا من قبله ، بعيدا عن الإتيان بمثل ذلك عاطلا عن هذه المعرفة وتلك العلوم!

وأنذر بما يوحى إليك الذين يخافون من الحشر ، والحال أنهم يعتقدون بأن ليس لهم فيه ولى ولا شفيع بل الأمر كله لله! فهم الذين ينتفعون به ، ولقد كرر القرآن هذا

٦١٤

المعنى وصدر سورة البقرة به (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) فالذين يؤمنون بالغيب ، ويؤمنون بالحياة الأخروية هم المنتفعون بالقرآن ، أما الماديون الذين لا يؤمنون بغير المادة ، فقد ختم الله على قلوبهم وأعمى أبصارهم وجعل في آذانهم وقرا فلا ينتفعون بنور القرآن أصلا (إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ) [سورة فاطر آية ١٨].

واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى ، يريدون وجهه ، ولا تعد عيناك عنهم ، ولا تطردهم عن مجلسك ، فهم المخلصون لك المؤمنون بدعوتك ، يريدون بهذا وجه الله ، لا نفاقا ولا رياء ولا سمعة.

روى أحمد وابن جرير والطبراني في جماعة آخرين عن عبد الله بن مسعود قال : مر الملأ من قريش على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعنده صهيب وعمار وبلال وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين فقالوا : يا محمد ، أرضيت بهؤلاء من قومك؟ أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا؟ أنحن نكون تبعا لهؤلاء؟ اطردهم عنك فلعلك إن طردتهم أن نتبعك. فأنزل الله فيهم (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا) إلى قوله تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ).

وفي رواية أخرى وقع في نفس عمر بن الخطاب حسن عرضهم ، فلما نزلت الآية أقبل عمر فاعتذر ، فأنزل الله (وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ) [سورة الأنعام آية ٥٤].

وقد كان من علامات النبوة أن يتبع النبي ضعفاء الناس لا أشرافهم ، تذكر قصة هرقل ، وقد سأل الوفد أيتبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟؟

فقيل : بل ضعفاؤهم ، فقال : هكذا الرسل من قبله (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ) من قصة نوح في سورة هود [الآية ٢٧ وما بعدها].

ولما ذا تطردهم؟ ما عليك من حسابهم من شيء إن كانوا غير مخلصين ، وما عليهم من حسابك من شيء ، فكل نفس بما كسبت رهينة (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وما عليك أنت إلا البلاغ (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) [الغاشية ٢١ و ٢٢]

إنك إن طردتهم تكن من الظالمين لأنفسهم بعدم امتثالهم أمر الله ، ومثل ذلك الابتلاء العظيم ابتلينا بعضهم ببعض لتكون العاقبة أن يقول هؤلاء المشركون المغرورون حينما يرون

٦١٥

ضعاف الناس كبلال وصهيب من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أهؤلاء الصعاليك من العبيد والموالي والفقراء والمساكين خصهم الله بهذه النعمة من جملتنا ومجموعنا كيف ذلك؟ إن هذا لا يكون لأنا نحن المفضلون عند الله بما آتانا من قوة وبسطة في العيش وثروة وجاه.

فلو كان هذا الدين خيرا لوفقنا الله إليه (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) [الأحقاف ١١] فهم يقيسون التوفيق على مظاهر الدنيا الكاذبة.

يا عجبا كل العجب ... أليس الله بأعلم بالشاكرين؟؟ الذين يستحقون النعم بسبب شكرهم لله وقيامهم بالواجب عليهم (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) [سورة إبراهيم آية ٧].

من مظاهر رحمته بخلقه

(وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥))

المفردات :

(سَلامٌ عَلَيْكُمْ) السلام : السلامة من العيوب والآفات ، وهو الأمان ، والتحية والقبول ، وهو من أسمائه ـ سبحانه وتعالى ـ. (كَتَبَ) : فرض وأوجب. (بِجَهالَةٍ) الجهالة : السفه والخفة التي تقابل الحكمة والعقل. (وَلِتَسْتَبِينَ) : تتضح وتظهر.

أراد الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يكرم المسلمين جميعا شريفهم ووضيعهم وأن يتقبلهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالقبول والسلام والأمان.

٦١٦

المعنى :

وإذا جاءك يا محمد الذين يؤمنون بآياتنا ويصدقون بها تصديقا مصحوبا بالعمل الطيب فقل لهم : سلام عليكم ، وأمنة لكم من أن يعاقبكم ربكم على ذنب تبتم عنه ورجعتم بعده إليه.

قل لهم يا محمد : سلام الله عليكم وإكرامه لكم ، قد فرض على ذاته الكريمة الرحمة بعباده فهو واسع الفضل والمغفرة كبير العفو والرحمة ، وفيما منحنا الله من الخلق السوى والغرائز ، ونعمة السمع والبصر والفؤاد والعقل (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (١) وفيما خلق لنا مما في الأرض جميعا ، وما آتانا من العلوم الكسبية التي بها ذللنا الطبيعة : الدليل على تمام رحمته وكمال نعمته وأنه الرحمن الرحيم بخلقه وعباده ، ثم بين الله أصلا من أصول الدين في الرحمة بعباده فقال : إنه من عمل منكم أيها المؤمنون عملا سيئا يتنافى مع الدين والخلق حالة كونه متلبسا بجهالة دفعته إلى ذلك السوء ، كغضب شديد أو شهوة جامحة ثم تاب ورجع إلى الله فإن الله يتوب عليه.

وقيل : من عمل منكم سوءا وهو جاهل بما يتعلق به من المكروه والضرر ، ثم تاب من بعده من قريب بمعنى أنه أنب نفسه ، ولم يستمر على عزمه السيئ ، بل ثابت نفسه إلى رشدها ، وأدركت أن الشيطان مسها ، فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب ، وأصلح نفسه بالعمل الطيب دليلا على صدقه وخروج نفسه من حيز الشر والضلال إلى دائرة النور والعرفان بالذات الأقدس.

إذا كان هذا فاعلموا أنه غفور رحيم يقبل التوبة من عباده ، ويعفو عن السيئات ، وقد شرطوا في التوبة الصادقة الندم الحقيقي ، والعزم على عدم الرجوع ، ورد المظالم إلى أهلها وإتباعها بالعمل الصالح.

مثل ذلك التفصيل المحكم المبين لأحكام الدين وأصوله نفصل الآيات كلها ليهتدى بها أولو العقل الرشيد والفكر السليم وليستبين ويظهر طريق المجرمين حيث وضح طريق الصالحين.

__________________

(١) سورة الذاريات آية ٢١.

٦١٧

موقف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من المشركين

قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (٥٦) قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ (٥٧) قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (٥٨)

المفردات :

(نُهِيتُ) : صرفت وزجرت. (بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) البينة : كل ما يتبين به الحق من الحجج العقلية والآيات الحسية. (يَقُصُ) : يذكر. (الْفاصِلِينَ) الفصل : القضاء والحكم.

المعنى :

يا أيها الرسول : قل لهؤلاء المشركين : إنى نهيت وصرفت عن عبادة ما تدعونهم وتطلبون منهم الخير ودفع الضر ، من صنم أو وثن أو عبد مهما كان شأنه ، صرفت عن هذا كله بالآيات القرآنية والآيات الحسية ، وما ركب الله فىّ من عقل رشيد ، وروح طيبة طاهرة وفطرة سليمة بعيدة عن أسر التقليد وقيد الجهل وداء الحسد.

قل لهم : لا أتبع أهواءكم فإن عبادتكم غير الله سندها وحجتها الهوى فقط.

(إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) (١). أما عبادة الله فلها الحجة البالغة والبرهان الساطع.

__________________

(١) سورة الزخرف آية ٢٣.

٦١٨

وفي كل شيء له آية

تدل على أنه الواحد

وعبادة غير الله ضلال وشرك. فإن اتبعتكم فقد ضللت إذا ، وما أنا في عداد المهتدين ، وفي هذا تعريض بأنهم ليسوا من الهداية في شيء وهم في ضلال مبين.

قل لهم : إنى فيما أخالفكم فيه من عبادة غير الله ، وفيما أدعوكم إليه من عبادة الله على بينة من ربي وحجة واضحة ، لا تقبل شكا ولا جدلا (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) فالقرآن هو الحجة البينة والمعجزة الخالدة ، والآية الباقية التي تقوم مقام قول الله : «صدق عبدى في كل ما يبلغه عنى» وأما أنتم فلقد كذبتم بالقرآن واتبعتم الشيطان وكفرتم بالرحمن ... ويا للعجب تكذبون بالقرآن وما دعا إليه ، وتدعون إلى اتباع الهوى والضلال والتقليد الأعمى ، فبئس ما تصنعون.

وكانوا يشتبهون في القرآن ورسالة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأن الله لم ينزل عليهم ما طلبوا فأزال القرآن هذا بقوله للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قل لهم ما عندي ما تستعجلون به وتطلبونه على عجل من الله ، ولم أقل لكم إنى أقدر على هذا!! وما الحكم في هذا إلا لله الواحد القهار ، وكل شيء عنده بمقدار ، والله يقص القصص الحق في وعده ووعيده وهو خير الحاكمين.

قل لهم : لو عندي ما تستعجلون به ، ولو أن الله أمكننى من إيقاع العذاب بكم ، وجعله من قوتي الكسبية لأوقعته عليكم ، ولقضى الأمر بيني وبينكم ، والله قد وعدني النصر ، ووعده الحق ، وقد تحقق ما وعد.

وهناك حديث عن أبى هريرة يفيد : أن ملك الجبال ناداه وقال : يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وقد بعثني ربك لك لتأمرنى بأمرك فيما شئت ، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يؤمن بالله.

والمخلص في هذا أن الآية دلت على سؤالهم العذاب ، وجوابه صلى‌الله‌عليه‌وسلم والحديث ليس فيه سؤال بل عرض عليه ملك الجبال فلهذا استأنى بهم وترفق عليهم ، والله أعلم بالظالمين كيف يعاقبهم؟ ومتى يعاقبهم ، وعلى أي صورة يكون جزاؤهم؟ (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ). [سورة الأعراف آية ٣٤].

٦١٩

كمال علمه سبحانه وتعالى

وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٥٩) وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٦٠) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (٦١) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ (٦٢)

المفردات :

(مَفاتِحُ) : جمع مفتح ، وهو المخزن ، أو جمع مفتح وهو المفتاح الذي تفتح به الأقفال. (يَتَوَفَّاكُمْ) التوفي : أخذ الشيء وافيا كاملا ، والتوفية : إعطاء الشيء تامّا وافيا ، وهو يطلق على الموت والنوم. (جَرَحْتُمْ) : كسبتم بالجوارح ، ويستعمل اللفظ في الشر والخير ، والاجتراح : فعل الشر خاصة. (يَبْعَثُكُمْ) : يوقظكم من النوم. (حَفَظَةً) : هم الكرام الكتبة من الملائكة.

المناسبة :

طلبوا من النبي آيات خاصة ـ كما تقدم ـ واستعجلوه بها فرد القرآن عليهم بأن الكل

٦٢٠