البداية في توضيح الكفاية - ج ٢

علي العارفي الپشي

البداية في توضيح الكفاية - ج ٢

المؤلف:

علي العارفي الپشي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: نشر نيايش
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90047-4-2
ISBN الدورة:
964-90047-5-0

الصفحات: ٥٦٨

هو كلّ العضو من رءوس الأصابع إلى المنكب فتكون حقيقة فيه وظاهرا فيه حال الاستعمال فلا اجمال. ويتبادر من لفظ القطع أيضا ابانة الشيء عمّا كان الشيء متصلا به ، نحو (قطع ألية الغنم من ظهره) بعد اتصاله به فأين الاجمال؟ هيهات الاجمال من الآية التي ترتبط بأحكام السرقة ، وكذا يمكن دفع الاجمال في آيات التحليل والتحريم المضافين إلى الاعيان بان المراد هو تحريم الفعل المقصود من تلك الأعيان ، كالأكل في المأكول والشرب في المشروب واللبس في الملبوس والوطي في الموطوء.

وعليه ، فاذا قيل (حرّم عليكم لحم الخنزير والخمر والحرير والامهات والأخوات) مثلا فهم أهل العرف من الأول حرمة الأكل ، ومن الثاني حرمة الشرب ، ومن الثالث حرمة اللبس ، ومن الرابع حرمة الوطي ، لا حرمة النظر والتقبيل واللمس ، كما هو ظاهر عند أهل العرف.

وكذا يدفع الاجمال الذي ادعى في امثال (لا صلاة لمن لم يقم صلبه) بأنه ان ثبت كون ألفاظ العبادات حقيقة شرعية بالوضع التعييني أو التعيني في عصر الشارع المقدّس) كان معنى نحو (لا صلاة) نفي الصحة أي (لا صلاة صحيحة إلّا بطهور وإلّا بفاتحة الكتاب) ، إذ نفي المسمى حينئذ ممكن باعتبار فوات الجزء كالفاتحة أو الشرط ، ك (الطهارة) مثلا. وعليه فلا اجمال.

وان لم يثبت كونها حقيقة شرعية في المعاني المستحدثة ، كما هو الأظهر.

فإن ثبت كونها حقيقة عرفية ثانوية فيها ، لكثرة استعمالها فيها في لسان المسلمين ، ففي مثل التركيب الذي فيه (لا) نفي الجنس يقصد أهل العرف نفي الفائدة والجدوى نحو (لا علم إلّا ما نفع) و (لا كلام إلّا ما أفاد) أي (لا علم نافع ولا كلام نافع بحال العالم وبحال المخاطب إلّا ما نفع وإلّا ما أفاد) فلا اجمال في البين. ولو فرض انتفاء ثبوت الحقيقة العرفية المتشرعة في ألفاظ العبادات أيضا فالظاهر ان مثل هذا التركيب يحمل على نفي الصحة دون الكمال.

٥٦١

توضيح ذلك : ان لفظة (لا) نفي الجنس حقيقة في نفي الذات نحو (لا رجل في الدار) مثلا أي ليس الرجل فيها ، ومجاز في نفي الصحة وفي نفي الفائدة ، وفي نفي الكمال ، وفي أمثال هذا التركيب لا يمكن نفي الذات حقيقة ، لأن الصلاة بلا طهور وبلا فاتحة الكتاب صلاة في الجملة على قول الأعمّي ، فلا يمكن نفي الذات. نعم يمكن نفي الذات على قول الصحيحي.

وعليه ، فاذا تعذرت الحقيقة وتعددت المجازات من نفي الصحة ومن نفي الكمال ومن نفي الفائدة فيكون أقرب المجازات إلى الحقيقة أولى بالإرادة. ومن المعلوم ، ان نفي الصحة أقرب إلى نفي الذات من نفي الكمال والفائدة إذ ما لا يصح يكون كالعدم وكالمنفي ذاتا في نظر الشارع المقدّس في عدم الجدوى والفائدة.

بخلاف غير الكامل فرب شيء غير كامل يكون ذات فائدة ، كصلاة جار المسجد في غير المسجد. فاذا كان نفي الصحة أقرب المجازات إلى الحقيقة كان الكلام الذي فيه نفي الجنس ظاهرا في نفي الصحة فلا اجمال أيضا.

قوله : ولا يذهب عليك ان اثبات الاجمال أو البيان ...

أي لا يخفى عليك ان الاجمال راجع إلى عدم الظهور ، والبيان إلى الظهور ، ولا ريب ان الظهور وعدمه من الوجدانيات التي لا يرجع فيها إلّا إلى الوجدان نظير (الجوع والعطش والشبع والريّ والفرح والحزن و ...).

وفي ضوء هذا فلا نحتاج في اثبات الاجمال أو اثبات البيان والتبيين إلى تجشم الاستدلال وإقامة البرهان ، لأنهما من الوجدانيات فكل من راجع إلى وجدانه يجد الاجمال أو البيان وليسا من قبيل الاشياء النظرية التي نحتاج في اثباتها إلى تجشم الاستدلال والاحتجاج وإلى إقامة البرهان كحدوث العالم مثلا :

قوله : فتأمل ...

اشارة إلى ان سوق البرهان لاثباتهما انما يكون لتنبيه النفس على ما هو ثابت بالوجدان فلا تنافي حينئذ بين كونهما من الوجدانيات وبين إقامة البرهان

٥٦٢

على اثباتهما لتنبيه النفس والقوة المدركة للانسان على كونهما من الوجدانيات ، وليست إقامة البرهان على كونهما من النظريات التي نحتاج في اثباتها إلى تجشم الاستدلال.

قوله : ثم لا يخفى انهما وصفان اضافيان ربّما يكون مجملا عند واحد ...

قال المصنّف قدس‌سره ان الاجمال والبيان من الامور الاضافية وليسا من الامور الواقعية بدعوى ان لفظا واحدا ك (الصعيد) مثلا مجمل عند شخص لجهله بمعناه ولعدم معرفته بالوضع ، أو لتصادم ظهوره بما يمنع عن ظهوره في معناه الحقيقي موجب للاجمال. ويكون مبينا لدى الآخر لمعرفته بالوضع ، أو لعدم التصادم بنظره ، فاذا كان الاجمال والبيان من الوجدانيات فلا يهمنا التعرض لموارد الخلاف بين الأعلام في كونها من المجمل أو من المبيّن والكلام والنقض والاشكال والابرام والجواب ، وعلى الله التوكل وبه الاعتصام. إذ كل من راجع وجدانه يجدهما فلا مورد للبحث والاشكال والجواب كما لا يخفى.

والحق انهما وصفان واقعيان لا يختلفان بمعرفة الشخص بالوضع وبعدم معرفته به أو بتصادم ظهوره بما حف به لدى شخص وبعدمه لوجهين :

الأول : ان الجهل بالوضع والعلم به لا يوجبان الاختلاف في معنى الاجمال والبيان فجهل شخص بمعنى لفظ لا يوجب كونه من المجمل.

والثاني : لزم على هذا الأساس ان تكون اللغة العربية مجملة عند الفرس ، وبالعكس مع ان الأمر ليس كذلك.

فإن قيل : لم لم يهتمّ المصنّف قدس‌سره بالمجمل والمبيّن ، إذ لم يتعرض لهما إلّا بنحو الاجمال ، ولم يضع لهما مقصدا كما وضعه لغيرهما ، كالأوامر والنواهي ، والعام والخاص ، والمطلق والمقيّد.

قلنا : وجه ذلك كون مباحثهما صغروية ، وليست بكبروية ، كما ان مباحث العام والخاص كبروية ، مثل (ان العام إذا خصص فهل هو حجّة في الباقي تحته أم

٥٦٣

لا؟) أو (انه إذا خصص بمجمل فهل يسري الاجمال إلى العام أم لا؟) أو انه (إذا ورد مطلق ومقيد متنافيين فهل يجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد أو بحمل المقيد على الاستحباب؟) فهذه المباحث كبروية ، فينبغي ان يبحث عنها في علم الاصول مشروحا مفصّلا.

بخلاف مباحث المجمل والمبين فانها صغروية كالبحث عن آية السرقة ، وعن اللفظ المشترك إذا استعمل بلا قرينة معينة ، وعن آيات التحليل والتحريم ، وعن تراكيب التي صدرت بلا نفي الجنس.

والمباحث الصغروية لا ينبغي ان يبحث عنها في علم الاصول ، إذ شأنه البحث عن الكبريات لا الصغريات التي تستنبط منها الاحكام الشرعية ، مع ضمّ الصغرى اليها.

تمّ الجزء الثاني بعون الله تعالى وتوفيقه في

بلدة قم المشرّفة ، حرم الأئمة الاطهار عليهم

الصلاة والسلام ، في شهر ربيع المولود يوم

الجمعة سنة ١٤١٧ ه‍ وسيتلوه الجزء الثالث

قريبا إن شاء الله تعالى والحمد لله كما هو

أهله وصلّى الله تعالى على النبي وآله الأطهار

٥٦٤

الفهرست

مسألة الضد..................................................................... ٧

القول بالتفصيل................................................................ ٢٤

نسخ الوجوب.................................................................. ٥٦

بحث الواجب التخييري.......................................................... ٥٩

الواجب الكفائي............................................................... ٦٦

المؤقت وغير المؤقت............................................................. ٦٧

النواهي........................................................................ ٧٨

الدوام والتكرار وعدمه........................................................... ٨٢

مسألة اجتماع الأمر والنهي...................................................... ٨٦

الفرق بين مسألة الاجتماع ومسألة النهي عن العبادات.............................. ٨٩

كون المسألة اصولية............................................................ ٩٥

كون المسألة عقلية............................................................ ١٠٠

امكان الخلاف في التخييريين................................................... ١٠٤

البحث في جريان النزاع في الواجب والحرام التخييريين............................... ١٠٤

اعتبار المندوحة وعدم اعتبارها................................................... ١٠٥

توهم ابتناء النزاع على القول بتعلق الأحكام بالطبائع لا الافراد...................... ١١٠

جواب التوهّمين............................................................... ١١١

اعتبار وجود مناط الأمر والنهي في المجمع......................................... ١١٤

٥٦٥

كيفية دليل الحكمين اثباتا..................................................... ١٢٠

تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون............................................. ١٤٣

توضيح وتكميل في تحقيق تضاد الأحكام......................................... ١٥٩

تفسير الكراهة في العبادات..................................................... ١٧٧

بيان الفرق بين التزاحم والتعارض................................................ ٢٢٠

الاستقراء.................................................................... ٢٤١

تعيين المراد من العبادة......................................................... ٢٥٥

تعيين المراد من المعاملة......................................................... ٢٦٠

تقسيم الامر................................................................. ٢٦٦

هل الصحة والفساد حكمان شرعيان أم لا؟...................................... ٢٦٨

تحقيق الصحة والفساد في المعاملات............................................. ٢٧١

تحقيق الاصل................................................................. ٢٧٢

اقسام تعلق النهي بالعبادة...................................................... ٢٧٤

اقسام النهي في المعاملات...................................................... ٢٧٩

الفرق بين التشريع والبدعة..................................................... ٢٨٣

البحث في العبادات........................................................... ٢٩١

المنطوق والمفهوم............................................................... ٢٩٥

مفهوم الشرط................................................................ ٣٠٠

الاستدلال لاثبات المفهوم بطريق آخر............................................ ٣٠٩

أدلة المنكرين للمفهوم.......................................................... ٣١٧

مفهوم الوصف............................................................... ٣٤٧

بيان النسب بين الموصوف والوصف............................................. ٣٥٥

بيان تفصيل التقريرات......................................................... ٣٥٧

٥٦٦

مفهوم الغاية.................................................................. ٣٥٩

مفهوم الحصر................................................................. ٣٦٥

توضيح في طيّ الملازمة البينة.................................................... ٣٧٠

مفهوم اللقب والعدد.......................................................... ٣٧٩

العام والخاص................................................................. ٣٨٢

اقسام العام................................................................... ٣٨٦

خروج الأعداد من التعريف..................................................... ٣٨٧

أن للعموم صيغة تخصّه........................................................ ٣٨٨

هل العام المخصص حجة في الباقي أم لا؟....................................... ٣٩٤

الشبهة المصداقية.............................................................. ٤١٢

المخصص اللبّي............................................................... ٤١٦

استصحاب العدم الأزلي....................................................... ٤٢١

وهم وإزاحة.................................................................. ٤٢٥

دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص.......................................... ٤٣٦

العمل بالعام قبل الفحص...................................................... ٤٣٩

مقدار الفحص عن المخصّص.................................................. ٤٤١

الخطابات الشفوية............................................................. ٤٤٤

هل يخصص العام بالمفهوم المخالف أم لا؟........................................ ٤٦٤

الاستثناء المتعقب لجمل متعاطفة................................................ ٤٧٠

تخصيص العام الكتابي بخبر الواحد............................................... ٤٧٤

اختلاف حال الخاص ناسخا ومخصصا ومنسوخا................................... ٤٨٢

بيان شرط النسخ............................................................. ٤٨٨

القول في النسخ............................................................... ٤٨٩

٥٦٧

البداء في التكوينيات.......................................................... ٤٩٤

بيان الثمرة بين التخصيص والنسخ.............................................. ٤٩٨

فصل في المطلق والمقيّد......................................................... ٥٠٠

بيان معاني بعض الألفاظ...................................................... ٥٠٢

علم الجنس................................................................... ٥٠٧

المفرد المعرف باللام............................................................ ٥١٠

الجمع المعرف باللام........................................................... ٥١٤

النكرة....................................................................... ٥١٦

مقدمات الحكمة.............................................................. ٥٢٣

المطلق....................................................................... ٥٢٦

جهات المطلق................................................................ ٥٣٩

حمل المطلق على المقيّد......................................................... ٥٤٢

عدم التقييد في المستحبات..................................................... ٥٥٠

حمل المطلق على المقيد في الحكم الوضعي......................................... ٥٥٤

المجمل والمبيّن................................................................. ٥٥٧

الفهرست.................................................................... ٥٦٧

٥٦٨