الطّراز الأوّل

السيّد علي بن أحمد بن محمّد معصوم الحسيني

الطّراز الأوّل

المؤلف:

السيّد علي بن أحمد بن محمّد معصوم الحسيني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-479-5
الصفحات: ٤٥٦

الكلم ، والنواة مبدأ النخل.

ومبادئ المطالب : ما يؤدّي إليها وينتقل عنها إلى المطالب ، وهي الأمور المعلومة التي يرتّبها الفكر ؛ ليتأدّى بها إلى المجهولة.

ومبادئ العلم : ما يبدأ به قبل المقصود لذاته ؛ لتوقّف ذات المقصود عليه.

والمبدئيّة عند الصّوفيّة : إضافة محضة تلي الأحديّة ؛ باعتبار تقدّم الحضرة الأحديّة على الحضرة الواحديّة التي هي منشأ التعيّنات والنسب الأسمائيّة والصفاتيّة ، والاضافات اعتبارات عقليّة.

ومبادئ النهايات عندهم : هي فروض العبادات ، أي الصلاة والزكاة والصوم والحجّ ؛ لأنّها وضعت للتوصّل بها إلى قربه تعالى ورضاه.

والابتداء في عرف النحاة : تجريد الاسم عن العوامل ؛ لإسناده إلى شيء.

وقيل : جعل الاسم في صدر الكلام تحقيقا أو تقديرا ؛ للإسناد إليه ، أو لإسناده ..

و ـ في العروض : هو أوّل جزء من المصراع الثّاني.

والابتداء العرفيّ : جعل الشّيء قبل المقصود ، فيتناول الحمدلة بعد البسملة.

والمبتدأ في النحو : هو الاسم المجرّد عن عامل لفظيّ مسندا إليه ؛ نحو : زيد قائم ، أو الصفة بعد نفي أو استفهام رافعة لظاهر أو ضمير منفصل ؛ نحو : أقائم الزيدان؟ أو أقاعد أنتما؟

٣٤١

* وفي مادة « برأ » ذكر الاصطلاح الفقهي وصرح بالاخذ عن الرافعي ثمّ ذكر المصطلح عند المحدثين ، ثمّ ذكر المصطلح عند النحاة ، فقال :

الاستبراء : التربّص لبراءة الرحم إذا تعلق بملك اليمين ، فإن تعلق بالنكاح أو وطء الشبهة سمّي عدّة. قال الرافعي : هو التربّص الواجب بسبب ملك اليمين حدوثا أو زوالا ؛ خص بهذا الاسم لان هذا البياض مقدّر بأقل ما يدل على البراءة من غير تكرر ، وخصّ التربص الواجب بسبب النكاح باسم العدة اشتقاقا من العدد ؛ لما فيه من التعدد.

والمبارأة : أن يقول الرجل لامرأته : بارأتك على كذا فانت طالق ، أو نحو ذلك من الالفاظ (١).

والبراءة : الصك ؛ لأن من كتب له برئ من التّهمة ، وتسمى ليلة النصف من شعبان ليلة البراءة ، وليلة الصّك ؛ لما اشتهر من أنّ ملك الموت يعطي فيها صكاكا مكتوبا فيها اسم من يقبض روحه في تلك السنة.

و « لا » التبرئة عند النحاة : هي النافية للجنس ، كأنّها تدل على البراءة منه ، وهو من باب الوصف بالمصدر ، أو إضافة العلم.

* وذكر في مادة « جزأ » الاصطلاح الفلسفي ، والمنطقي ، والعروضي ، ثمّ الفقهي ، فقال :

__________________

(١) هذا التعريف ناقص ، فإنّ المبارأة مفاعلة ، ولا بدّ فيها من قبول المرأة ، فحق العبارة أن يضاف إليها « وتقبله هي » انظر تعريفات الجرجاني : ٢٤٩.

٣٤٢

الجزء : ما يتركب الشيء منه ومن غيره.

والجزء الذي لا يتجزأ : جوهر ذو وضع لا يقبل الانقسام أصلا ، لا بحسب الخارج ولا بحسب الوهم.

والجزئي الحقيقي : ما يمنع نفس تصوّره عن وقوع الشركة فيه ، كزيد.

والجزئي الاضافي : كل أخصّ تحت الأعم ، كالإنسان بالاضافة إلى الحيوان.

والجزء في العروض : ما من شأنه أن يكون الشعر مقطعا به ، وهي عشرة أجزاء ، أربعة أصول وستة فروع (١).

والمجزوء : بيت ذهب جزءا عروضه وضربه.

والإجزاء : هو الأداء الكافي لسقوط المتعبّد به ، وقيل : سقوط القضاء.

* وقال في مادة « شيأ » :

المشيئة : توجّه النفس إلى معلوم بملاحظة صفاته وأحواله المرغوب فيها الموجبة لحركة النفس لتحصيله وهذه الحركة النفسانية وانبعاثها هي الإرادة ، فنسبة المشيئة إلى الارادة كنسبة الظن إلى الجزم.

ومشيئة الله تعالى : عبارة عما يترتب عليه أثر هذا التوجّه ، ويكون بمنزلته.

__________________

(١) انظر التعريفات للجرجاني : ١٠٧ ـ ١٠٨.

٣٤٣

وقيل : عبارة عن تجلي الذات والعناية السابقة لإيجاد معدوم أو إعدام موجود ، فهي أعم من الإرادة ؛ إذ هي عبارة عن تجلّيه لإيجاد معدوم ، فهي لا تتعلق دائما إلا به ، فكانت صفة تخصص أمرا بحصوله ووجوده. ومن تتبع مواضع استعمال المشسيئة والإرادة في القرآن يعلم ذلك ، وإن كان بحسب اللغة يستعمل كل منهما مقام الآخر (١).

والشيء عند الحكماء : اسم لما هو حقيقة الشيئية ، ولا يقع على المعدوم ولا المحال.

وعند أكثر الأشاعرة : هو الموجود لا غير (٢).

وقيل : هو المعلوم.

وقيل : هو حقيقة في الموجود مجاز في المعدوم الممكن.

وقيل : هو القديم.

وقيل : هو الحادث دون القديم.

وقيل : هو الجسم ، ولا شيء في الحقيقة سواه.

والشيئية عند المتكلمين : التقرر والثبوت في الخارج منفكّا عن صفة الوجود.

* وفي مادة « ضوأ » قال :

الضوء عند الحكماء : ما يكون للشيء من ذاته ، كما للشمس ،

__________________

(١) انظر التعريفات للجرجاني : ٢٧٠. ولم يرتضه السيّد المصنف وضعّفه بـ « قيل ».

(٢) وهذا ما ذهب إليه الجرجاني في تعريفاته : ١٧٠.

٣٤٤

والنور ما يكون له من غيره ، كما للقمر ، وحملوا عليه قوله تعالى ( جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ).

والضياء عند الصوفية : رؤية الاشياء بعين الحق.

وقد ذكر الجرجاني التعريف الصوفي للضياء وأطال فيه (١) ، فأخذ السيّد خلاصته وذكره ، بعد أن ذكر مصطلح « الضوء » الذي لم يذكره الجرجاني.

* وفي مادة « قرأ » ذكر القرآن الكريم في المصطلح ، فقال :

القرآن مجموع كتاب الله المنزل على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد يطلق على القدر المشترك بينه وبين بعض أجزائه الذي له نوع اختصاص به ...

والقرآن عند أهل الحق هو العلم اللدني الإجمالي الجامع للحقائق كلها.

وقد ذكر الجرجاني التعريف الأول ، دون ان يشير إلى أن القرآن قد يطلق على القدر المشترك كما هو الحق. ثمّ أن السيّد ذكر معنى القرآن عند أهل الحق ، وهو الذي ذهب إليه الجرجاني (٢).

* وقال في مادة « مرأ » :

المروءة : آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الآداب.

وقيل : هي قوّة للنفس تكون مبدأ لصدور الأفعال الجميلة عنها المستتبعة للمدح شرعا وعقلا وعرفاً.

__________________

(١) التعريفات للجرجاني : ١٨٠ ـ ١٨١.

(٢) التعريفات : ٢٢٣.

٣٤٥

وهذا الثاني الذي ذكره بـ « قيل » هو الذي اقتصر عليه الجرجاني (١) ، فذكر السيّد المصنف الرأي الصائب الذي يرتأيه ، ثمّ عطف عليه قول الجرجاني مضعّفا له.

* وقال في مادة « نسأ » النّسأة كهجرة : البيع المؤجّل ، وهو تأجيل ثمن البيع حالاّ إلى أجل معيّن ، ويقابلها النقد ، وهو البيع الحالّ ، وأكثر الناس يبدلون الهمزة ياء ، فيقولون : نسية ، كحلية.

فذكر هذا المصطلح الفقهي وما يقابله في أصله اللغوي.

* وفي مادة « نشأ » بعد أن فرغ من اللغة العامة ، والكتاب الذي ذكر فيه قوله تعالى ( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً ) وفسّر معنى الناشئة ، عاد في المصطلح ليذكر ما اصطلح عليه أهل القلوب في « ناشئة الليل » ، بعد أن ذكر مصطلح « المنشأ » ، فقال :

منشأ الشيء : سببه وما منه يكون ، كما قالوا : مَبْدَؤه.

« ناشئة الليل » في اصطلاح أهل القلوب : الواردات الروحانية ، والخواطر النورانية ، والانفعالات النفسانية للابتهاج بعالم القدس ، وفراغ النفس من الشواغل الحسّيّة التي تكون بالنهار.

وهذان المصطلحات لم يذكرهما الجرجاني ، ولا هما مذكوران في مصادر اللغة العربية ومعاجمها.

* وفي مادة « وطأ » قال في المصطلح منها : المتواطئ : هو الكلّي الذي يكون حصول معناه وصدقه على أفراده الذهنية والخارجية على السويّة ، سمّي بذلك لان

__________________

(١) التعريفات : ٢٦٣.

٣٤٦

أفراده متواطئة ، أي متوافقة في معناه ، كالإنسان والشمس ، فإن الإنسان له أفراد خارجية ، وصدقه عليها بالسوية ، والشمس لها أفراد ذهنية وصدقها عليها بالسوية أيضاً.

وهذا المصطلح مأخوذ تعريفه بالنص من تعريفات الجرجاني (١) ، لكن بزيادة « سمّي بذلك لأنّ أفراده متواطئة ، أي متوافقة في معناه » فإن الجرجاني لم يذكر هذا الوجه ، وذكره السيّد المصنف لبيان وجه العلاقة بين المعنى الاصطلاحي والمعنى اللغوي.

وقال في نفس المادة : حمل المواطأة : هو أن يكون الشيء محمولا على الموضوع بالحقيقة بلا واسطة ؛ نحو : الإنسان حيوان ناطق ، ويقابله حمل الاشتقاق ؛ وهو أن لا يكون محمولا عليه بالحقيقة ، بل بواسطة « ذو » أو الاشتقاق ؛ نحو : الإنسان ذو بياض ، أو أبيض.

وهذا التعريف يفوق بكثير تعريف الجرجاني لهذا المصطلح ، حيث عرّفه بعبارة غير واضحة ، وغفل عن ذكر الحمل بالاشتقاق ، مقتصرا على الحمل بـ « ذو » (٢). ناهيك عن أنّ هذين الاصطلاحين المنطقيين لم يذكرا في معجم من المعاجم اللغوية. ثمّ ذكر من بعد هذين المصطلحين المنطقيين ، المصطلح العروضي « الإيطاء » الذي ذكرته كتب اللغة.

* وقال في مادة « هيأ » : الهيئة : علم يبحث فيه عن أحوال الأجرام البسيطة العلوية والسفليّة ، من حيث الكمية والكيفية ، وما يلزمها من حركات وأبعاد.

__________________

(١) التعريفات : ٢٥٢.

(٢) انظر التعريفات : ١٢٦.

٣٤٧

وخلاصة ما يمكن أن نقوله في المصطلح ، إنّ السيّد المصنف وإن كان قد أفاد من تعريفات الجرجاني ، إلاّ أنّه ذكر الكثير مما لم يذكره ، وتنوع في ذكر شتى المصطلحات ، في مختلف العلوم ، ومضافا إلى كل ذلك كانت عباراته أدقّ وأوفى ، فهو في المصطلح يمتاز بالجامعية والدقة والتنوع ، مع حرصه على بيان العلاقة بين المصطلح واللغة ، أو التنبيه عليها.

وقد خدمت المؤلف ثقافته الواسعة في اللغة وعلومها ، والدعاء ، والمنطق ، والفلسفة ، والعرفان ، والتّصوّف ، والفقه ، والحديث ، وعلوم الطب وغيرها مما امتاز السيّد المصنف به من إلمامه بالعلوم ، فجاء المصطلح مصبّا جامعا لما عنده ثقافة ، وما ألمّ به من العلوم ومصطلحاتها ، ولعلّ هذا هو السرّ الذي جعل طرازه اللغوي هو الاول يمتاز على باقي المعاجم في هذا المجال ، إذ أنّ أرباب المعاجم غالبا ما كانوا مختصين باللغة وعلومها لا غير ، وربّما ألمّ بعضهم ببعض الشيء من الفقه والحديث اللذين كانا آنذاك من مقدّمات دراساتهم الأولية التي يتناولونها أكاديميا دون تعمق وتبحر ، وهذا على العكس تماما من ثقافة السيّد المدني الموسوعية ، وجمعه لأطراف كثير من العلوم.

٣٤٨

المثل

قال أبو الفتح الموصلي في المثل السائر : المثل هو القول الوجيز المرسل ليعمل عليه (١).

وقال الطريحي : الأمثال جمع مثل بالتحريك ، وهو في الأصل بمعنى النظير ، ثمّ اتعمل في القول السائر الممثّل [ به ] الذي له شأن وغرابة (٢).

وقال : المثل ، بالتحريك : عبارة عن قول في شيء يشبه قولا في شيء آخر بينهما مشابهة ليبيّن أحدهما الآخر ويصوّره ، ويدني المتوهّم من المشاهد.

وإن شئت قلت : هو عبارة عن المشابهة بغيره في معنى من المعاني ، وإنّه لإدناء المتوهّم من المشاهد (٣).

وقال الميداني في مقدمة مجمع الأمثال : قال المبرّد : المثل مأخوذ من المثال ، وهو قول سائر يشبّه به حال الثاني بالأوّل ، والأصل فيه التشبيه ، فقولهم : « مثل بين يديه » إذا انتصب معناه أشبه الصورة المنتصبة ، وفلان أمثل من فلان أي أشبه بما له من الفضل ... فحقيقة المثل ما جعل كالعلم للتشبيه بحال الاول ؛ كقول كعب بن زهير :

__________________

(١) المثل السائر ١ : ٤٢.

(٢) مجمع البحرين ٥ : ٤٧٢.

(٣) مجمع البحرين ٥ : ٤٦٩.

٣٤٩

كانت مواعيد عرقوب له مثلا

وما مواعيدها إلاّ الأباطيل

فمواعيد عرقوب علم لكل ما لا يصح من المواعيد.

قال ابن السكيت : المثل لفظ يخالف لفظ المضروب له ، ويوافق معنى ذلك اللفظ ، شبهوه بالمثال الذي يعمل عليه غيره.

وقال غيرهما [ أي غير المبرد وابن السكيت ] : سمّيت الحكم القائم صدقها في العقول أمثالا لانتصاب صورها في العقول ، مشتقّة من المثول الذي هو الانتصاب.

قلت : ... فالمثل ما يمثّل به الشيء ، أي يشبّه ... غير أنّ المثل لا يوضع موضع المثل ، وإن كان المثل يوضع موضعه ، فصار المثل اسما مصرّحا لهذا الذي يضرب (١) ...

وزاد أبو هلال العسكري في جمهرة أمثاله قيد السيرورة للمثل ، فإن ما قيل في حادثة ووضع لضربه والتمثل به لا يعدّ مثلا عنده حتى يسير بين الناس ، قال : أصل المثل التماثل بين الشيئين في الكلام ، كقولهم : « كما تدين تدان » وهو من قولك : هذا مثل الشيء ومثله ، كما تقول شبهه ، ثمّ جعل كلّ حكمة سائرة مثلا ، وقد يأتي القائل بما يحسن أن يتمثل به إلاّ أنّه لا يتفق أن يسير فلا يكون مثلا (٢).

وهذا القيد الذي جاء به أبو هلال ربّما لا تراه مطّردا حتّى في الأمثال المدونة في كتب الأمثال ، فإن كثيرا منها لم تسر وتشتهر بهذا الشكل الذي يتبادر من عبارته ، فلعل مراده هو أنّه الحكمة السائرة والقول الوجيز ما لم يؤخذ ويستعمل ويسر ولو عند البعض لم يكن مثلا ، وهذا صحيح لا غبار عليه.

__________________

(١) مجمع الأمثال ١ : ٥.

(٢) جمهرة الأمثال ١ : ٧.

٣٥٠

وعلى أيّ حال ، فإنّ هناك من الأقوال المحبكة النادرة والحكم السائرة والأقوال الوجيزة ما تصلح أن تكون أمثالا أو تجري مجراها ، ولذلك قال أبو هلال نفسه.

ويجري من خلال ما فسّرت منها [ أي من الأمثال ] ومن غيرها حكايات وأشعار تصلح أن تكون أمثالا ... فتؤخذ وتستعمل في المواضع التي تصلح لها (١).

وقال أبو الفتح الموصلي في المثل السائر : وأمّا الوقائع التي وردت في حوادث خاصة بأقوام فإنها كالأمثال في الاستشهاد (٢) ...

ومن هنا كان السيّد المدني قد التفت إلى هذه النكتة ، فعدّ كثيرا من أقوال العرب السائرة الموضوعة على حدّ المثل ، عدها أمثالا كما سيأتي بيانه.

والأمثال تضرب محكيّة على ما وضعت عليه ، قال أبو هلال : وضرب المثل : جعله يسير في البلاد ؛ من قولك : ضرب في الأرض إذا سار فيها ، ومنه سمّي المضارب مضاربا ، ويقولون : الأمثال تحكى ، يعنون بذلك انها تضرب على ما جاءت عن العرب ، ولا تغيّر صيغتها ، فتقول للرّجل : الصيف ضيّعت اللبن ، فتكسر الياء لأنّها حكاية (٣).

وكذلك تقول للأنثى : « تسمع بالمعيدي خير من أن تراه » على صيغة المذكر ، لأنّ المثل وضع على ذلك ، فتضربه محكيّا على ما هو عليه ، وإن كان المضروب فيه المثل مؤنّثاً.

وقد نهج السيّد المصنف في المثل منهج الشرح الوافي مع الاختصار ، دون التطويل المملّ في وجوه المثل ومعانيه ، فهو يأخذ زبدة الأقوال وخلاصتها ،

__________________

(١) جمهرة الأمثال ١ : ٦.

(٢) المثل السائر ١ : ٤٢.

(٣) جمهرة الأمثال ١ : ٧.

٣٥١

ويشرح المثل بها.

* ففي مادة « حلأ » قال في المثل : « حلأت حالئة عن كوعها » أي قشرت قاشرة عن كوعها ؛ لأنّ المرأة الصناع ربّما استعجلت فقشرت اللحم عن كوعها ، يضرب لمن يتعاطى ما لا يحسنه ، ولمن أراد إصلاح أمر فأفسده بسوء رأيه (١).

وإذا قارنّا هذا الشرح المختصر الوافي بما قالوه في شرح هذا المثل تبين لنا مقدار الجهد العلمي الذي بذله السيّد المصنف في تلخيص معناه وشرحه بأقرب عبارة وأوضحها.

قال الميداني في شرح هذا المثل : الحالئة المرأة تحلأ الأديم ، أي تقشره ، يقال : حلأت الجلد ، إذا أزلت تحلئه ، وهو قشوره ووسخه. والمرأة الصناع ربّما استعجلت فحلأت عن كوعها. و « عن » من صلة المعنى ، كأنّه قال : قشرت اللحم عن كوعها. يضرب لمن يتعاطى ما لا يحسنه ، ولمن يرفق بنفسه شفقة عليها (٢).

وقال أبو هلال العسكري : يضرب مثلا في حذر الإنسان على نفسه ومدافعته عنها ، أي اتقى متّق على نفسه ، وأصله التي تحلأ الأديم فتصنعه على كوعها ثمّ تسحاه بالسكين ، فإن أخطأت قطعت كوعها (٣).

وقال الزمخشري : المرأة إذا حلأت الأديم ـ أي نزعت تحلئه. وهو باطنه ـ فخرقت قطعت الشفرة كوعها ، وإذا رفقت سلمت. فالمعنى أنّها جاورت بالحَلء كوعها فدافعت عنه.

ويروى حزّت حازّة [ وفي نسخة « م » من المستقصى : ويروى جرّت جارّة من

__________________

(١) المستقصى ٢ : ٦٤.

(٢) مجمع الأمثال ١ : ١٩٢.

(٣) جمهرة الأمثال ١ : ٢٥٥.

٣٥٢

كوعها ، أي قطعت بعض كوعها ، يضرب في اشتغال الرجل بما هو فيه عن غيره ؛ لأنّ من حزّت كوعها شغلها ما هي فيه عن غيره ]. يضرب للمدافع عن نفسه.

وقال أبو عبيد في أمثاله : في باب حذر الإنسان على نفسه ومدافعته عنها : « حلئت حالئة عن كوعها » قال الاصمعي : وأصله أن تحلأ المرأة الأديم ـ وهو نزع تحلئه يعني باطنه ـ فإن هي رفقت سلمت ، وإن خرقت أخطأت فقطعت بالشفرة كوعها (١).

وفي زحمة هذا الاختلاف قال ابن منظور : وفي المثل في حذر الإنسان على نفسه ومدافعته عنها « حلأت حالئة عن كوعها » أي أنّ حلأها عن كوعها إنّما هو حذر الشفرة عليه لا عن الجلد ؛ لأنّ المرأة الصناع ربّما استعجلت فقشرت كوعها.

وقال ابن الأعرابي : حلأت حالئة عن كوعها ، معناه أنّها إذا حلأت ما على الإهاب أخذت محلأة من حديد ؛ فوها وقفاها سواء ، فتحلأ ما على الإهاب من تحلئه ؛ وهو ما عليه من سواده ووسخه وشعره ، فإن لم تبالغ المحلأة ولم تقلع ذلك عن الإهاب أخذت الحالئة نشفة ـ وهو حجر خشن مثقب ـ ثمّ لفّت جانبا من الإهاب على يدها ، ثمّ اعتمدت بتلك النّشفة عليه لتقلع عنه ما لم تخرج عنه المحلأة ، فيقال للذي يدفع عن نفسه ويحضّ على إصلاح شأنه ويضرب هذا المثل له ، أي عن كوعها عملت ما عملت ، وبحيلتها وعملها نالت ما نالت ، أي فهي أحقّ بشيئها وعملها ، كما تقول : عن حيلتي نلت ما نلت ، وعن عملي كان ذلك. قال الكميت :

كحالئة عن كوعها وهي تبتغي

صلاح اديم ضيّعته وتعمل

__________________

(١) الأمثال لأبي عبيد : ٢٢١.

٣٥٣

وقال الأصمعي : أصله ان المرأة تحلأ الاديم ـ وهو نزع تحلئه ـ فإن هي رفقت سلمت ، وإن هي خرقت أخطأت فقطعت بالشفرة ، كوعها.

وروي عن الفراء : يقال : حلأت حالئة عن كوعها ، أي لتغسل غاسلة عن كوعها ، أي ليعمل كلّ عامل لنفسه ، قال : ويقال : اغسل عن وجهك ويدك ، ولا يقال : اغسل عن ثوبك ، انتهى (١).

وهكذا نرى اختلافهم في تفسير المثل قائما على قدم وساق ، وكذلك اختلافهم في ما يضرب له على وجوه ، ملخصها :

١ ـ لمن يتعاطى ما لا يحسنه.

٢ ـ لمن أراد إصلاح أمره فافسده بسوء رأيه. وهما قريبان من بعضهما.

٣ ـ لمن يرفق بنفسه شفقة عليها.

٤ ـ وفي حذر الإنسان على نفسه ومدافعته عنها ، وهما قريبان من بعضهما.

٥ ـ وفي اشتغال الرجل بما هو فيه عن غيره.

٦ ـ ليعمل كل عامل لنفسه.

ولهذا الاختلافات الكثيرة قال الزبيدي في التاج : ومنه المثل : « حلأت حالئة عن كوعها » لأن المرأة ربما استعجلت فقشرت كوعها ، والمحلأة آلتها ، وقيل في معنى المثل غير ذلك.

وقد أخذ السيّد المصنف هنا ظهور المثل في المعنيين الأول والثاني ، واللذين يرجعان إلى معنى واحد ، وأعرض عن باقي التكلفات والتطويلات التي لا طائل منها في شرح هذا المثل.

__________________

(١) لسان العرب : مادة حلأ.

٣٥٤

ومن ميزاته في المثل ـ كدأبه في كل مواد الكتاب ـ دقته ، وذكره للالتفاتات الذكية التي لا يعثر عليها بسهولة ، بل تحتاج إلى بحث واستقصاء ودقة نظر.

* ففي مادة « فرأ » قال : « كل الصيد في جوف الفرا » أصله أنّ ثلاثة نفر اصطاد أحدهم ظبيا ... وتمثل به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، لا أبي سفيان بن حرب كما توهّمه غير واحد.

وهذه ملاحظة نادرة ، فإن عامة كتب الأمثال لم تذكر سوى أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تمثل به في أبي سفيان (١).

ومثل كتب الأمثال صنعت كتب الأثر ، فلم تبين من هو أبو سفيان الذي تمثل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذا المثل فيه (٢).

واقتصرت على ذلك أكثر معاجم اللغة ، كالتهذيب (٣) ، ومعجم مقاييس اللغة ، ولسان العرب ، والتاج وغيرها.

وقد صرّح من بين كتب الأمثال أبو عبيد بأنه أبو سفيان بن حرب ، وقال البكري في فصل المقال في شرح كتاب الأمثال لأبي عبيد معلقا على ذلك : وقد روي أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما قال هذا المثل لأبى سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، لا لأبي سفيان بن حرب (٤).

وقال أبو الفرج في الاغاني (٥) ، والجاحظ في البيان والتبيين (٦) ، أنّه أبو سفيان

__________________

(١) انظر جمهرة الأمثال ١ : ١٦٣ ، والمستقصى ٢ : ٢٢٤ ـ ٢٢٥ ، ومجمع الأمثال ٢ : ١٣٦.

(٢) انظر الفائق ١ : ٢٢٣ ، والغريبين ٥ : ١٤٢٣ ، والنهاية الأثيرية ١ : ٢٩٠ ، ٣ : ٤٢٢.

(٣) تهذيب اللغة ١٥ : ٢٣٩.

(٤) فصل المقال ١ : ١٠ ـ ١١.

(٥) الاغاني ٦ : ٣٦.

(٦) البيان والتبيين ١ : ٢٢٠.

٣٥٥

بن حرب ، وإلى ذلك ذهب الصاغاني في مادة « فرأ » من عبابه.

هذا مع انّ ابن منظور صرّح في مادة « جلهم » بأنه أبو سفيان بن الحارث ، قال : وهو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب (٧).

هذا ، وفي حياة الحيوان للدميري : قاله النبي لأبي سفيان بن الحارث ، وقيل لأبي سفيان بن حرب ، كذا قاله أبو عمر بن عبد البر وقال السهيلي : الصحيح أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاله لابن حرب يتألفه به ... وقال في كلامه على فتح مكة : الأصح أن النبيّ قاله لأبي سفيان بن الحارث ، وكان رضيع النبيّ (٨) ...

وقال ابن عبد البر : وقال ابن دريد وغيره من أهل العلم بالخبر أن قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « كل الصيد في جوف الفرا » انه أبو سفيان بن الحارث ابن عمه. وقد قيل أنّ ذلك كان منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أبي سفيان بن حرب وهو الأكثر ، والله اعلم (٩).

فها هم غالبا ما يذكرون أنّه « أبو سفيان » مطلقين ذلك ، ومعه ينصرف إلى أبي سفيان بن حرب ، وإذا ما أرادوا إيضاح المراد من أبي سفيان نقلوا ـ الا ابن منظور في « جلهم » ـ الرأيين دون ترجيح ، والمهم هنا هو أنّ السيّد المدني لم يغفل مثل هذه الالتفاتة والنكتة الطريفة ، بل حقّق المراد من « أبي سفيان » وذكره بضرس قاطع ، ووهّم من ذهب إلى أنّه أبو سفيان بن حرب.

والميزة المهمة في « المثل » عند السيّد المصنف هو أنّه يعدّ ما فيه ملاك المثل مثلا وإن لم يذكره غيره في الأمثال ، فامتاز بذلك على كتب اللغة والأمثال معا.

__________________

(٧) لسان العرب ١٢ : ١٠٤.

(٨) حياة الحيوان الكبرى ٢ : ١٤٨.

(٩) الاستيعاب بهامش الاصابة ٤ : ٨٥.

٣٥٦

* ففي المثل من مادة « جيأ » قال : « ما جاءت حاجتك » أوّل من قال ذلك الخوارج لابن عباس إذ جاءهم رسولا من عليّ عليه‌السلام ، و « جاء » بمعنى صار أو كان ، و « حاجتك » تروى بالرفع ، ف « ما » استفهامية في موضع نصب على أنّها خبر قدّم للاستفهام ، والتقدير أيّة حاجة صارت حاجتك ، وبالنصب على أنّها خبر « جاءت » واسمها ضمير « ما » ، وأنّث للإخبار عنه بالحاجة ، مثل : من كانت أمّك؟ ومقتضى كلامهم أنّ استعمال جاء بمعنى صار خاصّ بهذا التركيب لا يعدّى إلى غيره.

وهذه المقوله للخوارج منتشرة في كتب اللغة والنحو والصرف ، فهي في شرح الكافية في موضعين (١) ، ومغني اللبيب في موضعين أيضا (٢) ، وفي اللسان والقاموس والتاج وغيرها من المصادر.

وقد أطالوا في شرحها وبيانها ولكنهم لم يعدّوها مثلا ، مع أنّ واقعتها وقصّتها وبناءها التركيبي يدل على أنّها مثل ، لكنها لم تعدّ في كتب الأمثال ولا كتب اللغة مثلا ، فعدّها السيّد المصنف في « المثل » لوجود ملاك المثل فيها.

* وفي مادة « طأطأ » قال في المثل : « طأطأ الركض في ماله » يضرب للمسرف يسرع إنفاد ماله.

وهذه المقولة أيضا مبثوثة في المصادر اللغوية ، فهي في إصلاح المنطق (٣) ، والاساس للزمخشري ، والقاموس للفيروزآبادي والتاج وغيرها ، ولم يعدّوها مثلا ، فعدّها السيّد المصنف مثلاً.

* وفي المثل من مادة « كفأ » قال : « يا ربّ كفاف كافئ لفيك » أي ربّ رجل ترى أنّه

__________________

(١) شرح الكافية ٤ : ١٨١ و ١٨٧.

(٢) مغني اللبيب ٢ : ٣٧٩ و ٤٥٢.

(٣) اصلاح المنطق ١ : ٤١٣.

٣٥٧

يكفيك ما يهمّك وهو يكفؤك ، أي يكبك على وجهك ، يضرب للخائن المغتال.

وهذا الذي عدّه مثلا غير موجود في كتب الأمثال ، وهو موجود في الاساس.

* وفي مادة « نكأ » قال في المثل : « إنّه لزكأة نكأة » كهمزة لمزة. يضرب للرجل الموسر الحاضر النقد ، يقضي الحقوق من غير مطل ولا تسويف.

وهذه المقولة مذكورة في مادة « نكأ » من القاموس والتاج ، وفي مادتي « زكأ » و « نكأ » من لسان العرب ، ومادة « نكا » من تكملة الصاغاني ، والعباب ، والمحيط في اللغة (١) ، والتهذيب (٢) ، وغيرها ولم يعدوه مثلا ، وإنما ذكروه على أنّه من أقوال العرب فعدّه السيّد المدني في الأمثال.

* وفي مادة « هنأ » قال في المثل : « هو يضع الهناء مواضع النّقب » الهناء هنا القطران ، والنّقب ، بالضمّ : جمع نقبة ـ كغرفة ـ وهي أوّل ما يبدأ من الجرب قطعا متفرّفة.

يضرب للماهر المصيب الذي يضع الشيء موضعه.

وهذا المثل لم يذكر منفردا في كتب المثل ، بل ذكر استطرادا في جمهرة الأمثال (٣) ضمن شرح المثل : « ليس الهناء بالدّسّ » ، حيث قال : يضرب مثلا للرجل يقصّر في الأمر ولا يبالغ في اصلاحه. واصله أن يجرب البعير في ارفاغه ، فإذا هنئت ارفاغه بأعيانها قيل : قد دسّ دسّا ، وليس ذلك بالمختار ، وإنما المختار أن يهنأ جسده كلّه لينحسم الداء بأجمعه ، وقد مدح دريد بن الصمّة بوضع الهناء مواضع الداء وهو خلاف المثل [ المذكور ] فقال :

ما إن رأيت ولا سمعت به

كاليوم هانئ أينق جرب

__________________

(١) المحيط ٦ : ٣٣٥.

(٢) التهذيب ١٠ : ٣٨٣.

(٣) جمهرة الأمثال ٢ : ١٨٨ ـ ١٨٩ / ضمن المثل ١٥١٠.

٣٥٨

متبذّلاً تبدو محاسنه

يضع الهناء مواضع النّقب

والنّقب مواضع الجرب. وهذا مثل يضرب لكلّ من يضع الشيء موضعه.

وهذا المثل لم يذكر في كثير من كتب الأمثال ، ولا تعرضت له كتب اللغة ، نعم ذكره الزمخشري في مادة « نقب » من الاساس ولم يعده مثلا ، ولم يذكره في مستقصاه هذا مع أنّ هذا المثل واستعمال العرب له مبثوث في مصادر اللغة والادب فهو في البيان والتبيين (١) ، والأغاني (٢) ، ونفح الطيب (٣) ، وصبح الأعشى (٤) ، وغيرها فصنيع السيّد المصنف وعدّه مثلا مستقلا هو الأصوب.

* وفي مادة « أوب » عدّ في المثل قولهم : « أوبة وطوبة » كتوبة فيهما ، أي أبت إلى عيش طيب ، ومآب طيّب. يقال للرجل إذا قدم من سفره ، والأصل « طيّبة » لكنهم جاءوا بالواو للمزاوجة.

وهذا مذكور في الجمهرة من أقوال العرب حيث قال : وتقول العرب للرجل إذا قدم من سفر : أوبة وطوبة ، أي أبت إلى عيش طيّب ومآب طيّب (٥).

وفي المزهر : الجمهرة : تقول العرب للرجل إذا قدم من سفر : أوبة وطوبة ، أي أبت إلى عيش طيب ومآب طيب ، والأصل طيبة ، فقالوه بالواو لمحاذاة أوبة (٦).

وذكر بعض ذلك ابن منظور في مادة « طوب » من اللسان ، كما ذكر غيرهم ذلك ،

__________________

(١) البيان والتبيين ١ : ٧١ و ٩٢.

(٢) الأغاني ١ : ٢٢٩.

(٣) نفح الطيب ٦ : ٣٣١.

(٤) صبح الاعشى ١٤ : ٢٣٤.

(٥) جمهرة اللغة ٢ : ١٠٢٩.

(٦) المزهر في اللغة ١ : ٣٤٠.

٣٥٩

لكنهم لم يعدوه مثلا ، بل اكتفوا بأنه من أقوال العرب ، فعدّه السيّد المدني مثلا لوجود ملاك المثل فيه.

* وفي مادة « جدب » ذكر أمثالا ثلاثة على التوالي ، وهي : « وقعوا في أمّ جندب » و « جاء القوم بأمّ جندب » و « ركب فلان أمّ الجندب ».

والمثلان الأوّل والثالث مذكوران في كتب الأمثال إلاّ أن أوسطهما وهو قولهم : « جاء القوم بأمّ جندب » لم يذكروه ، فذكره السيّد المصنف في المثل وقال : « جاء القوم بأمّ جندب » إذا جاءوا بجمع كثير من الناس.

وقد أخذ السيّد المصنف هذا القول وعدّه مثلا من المرصع ، حيث قال فيه ابن الاثير : ويقال : وقع القوم في أمّ جندب : إذا ظلموا وإذا ظلموا ، ويقال : جاء القوم بأمّ جندب أي بالجماعة من الناس ، وركب فلان أمّ الجندب بالالف واللام إذا ضلّ الطريق (١) ...

وهذه الثلاثة كما ترى على نسق واحد ، وقد ذكروا اثنين منها وتركوا الثالث فلم يذكروه في الأمثال ، فاستدركه السيّد المصنف على كتب الأمثال ومعاجم اللغة معا فذكره في المثل من مادة « جدب ».

* وفي مادة « جرب » قال في المثل : « ان الجرب ليعدي » أي يجاوز صاحبه إلى من قاربه فيجرب ، قالوا : الأمراض المعدية ثلاثة ، اول اسم كل واحد منها جيم : الجرب والجدري والجذام ، وأسرعها عدوى الجرب ، ولذلك قيل في المثل « أعدى من الجرب ».

والمثل الأخير مذكور في كتب الامثال ، لكن قولهم « إن الجرب ليعدي » غير

__________________

(١) المرصع : ١٢٥.

٣٦٠