الطّراز الأوّل

السيّد علي بن أحمد بن محمّد معصوم الحسيني

الطّراز الأوّل

المؤلف:

السيّد علي بن أحمد بن محمّد معصوم الحسيني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-479-5
الصفحات: ٤٥٦

واستفاءها تتبعها كأنّه يطلب رجوعها إليه.

* في مادة « فيأ » أيضا قوله : « ومن المجاز : تفيّأ واستفاء بفيئه ، كاستظلّ بظلّه ». والذي ذكرته المصادر « تفيأ بفيئه بمعنى استظل بظله » ولم يذكروا استفاء ، مع أن الاستفعال يساوق التفعّل في هذا المورد ، فجاء بالاستفعال هنا كما جاء بالتفعّل في سابقه حرصا على لم شمل اللغة وجمع شتاتها واستعمالاتها القياسية التي لم يذكروها.

* وفي مادة « قرأ » قال : « القرّاء ، كعباس كثير القراءة ، ومجيدها ». والذي ذكرته المعاجم هو المعنى الثاني حيث قالوا : « القرّاء حسن القراءة » فذكر السيّد المصنف معنى كثير القراءة لأنّ صيغة فعّال موضوعة لمعنى المبالغة والتكثير ، ولذلك وزنه بـ « عباس » إيذانا منه بأنّه مقاس.

* وفي مادة « قمأ » قال : « قمأت الماشية : سمنت ، كأقمأت ، فهي قامئة ومقمئة ».

والذي في كتب اللغة « قمأت الماشية قموءا فهي قامئة » ، وزادت بعض المصادر كالقاموس : كأقمأت. فنسّق السيّد المصنف الفعلين وذكر مصدريهما ، وهما قياسيان ، والثاني من المصدرين لم يذكروه كما علمت.

* وفي مادة « كدأ » قال : « أكدأت الأرض إذا لم تنبت ، ككدأت ، فهي مكدئة وكادئة ».

والذي ذكرته المعاجم « أرض كادئة بطيئة النبت » فذكروا اسم الفاعل من كدأت الأرض فقط ، مع أنّ ابن القطاع في كتابه الافعال قال : « كدأت الأرض : أبطأ نباتها ، وكدأ كدأ وأكدأ كذلك » (١).

__________________

(١) الافعال لابن القطاع ٣ : ١٠١ ـ ١٠٢.

١٤١

فذكر السيّد المصنف الفعلين « كدأ » و « أكدأ » واسم الفاعل منهما « كادئة ومكدئة » مع أن المعاجم خلت عن ذكر الفعلين الماضيين في الأرض ، وذكروا اسم الفاعل « كادئة » فقط. وهو نقص كبير عندهم ، تلافاه السيّد المصنف في طرازه الأول.

* وفي مادة « كلأ » جاء السيّد عليّ خان المدني بمصدر « كلّأ » المضعّف في كثير من موارد المادة « تكلئة » ، كما في قوله مثلا : « كلأ في أمره : تأمّل ونظر ، ككلّأ تكلئة ».

مع أنّ غالب المعاجم تذكر المصدر « تكليئا » فقط ، معرضة عن المصدر تكلئة ، مع انه قياسي هاهنا (١) ، فلذلك نرى السيّد المصنف في مثل هذا المورد إما أن يذكر كلا المصدرين « التفعيل والتفعلة » أو يقتصر على ذكر ما أغفلوه أو أهملوه وهو « التفعلة » كما هنا في « التكلئة ».

* وفي مادة « لبأ » قال : « ألبأت الشاة ولدها : أرضعته ، كلبّأته تلبئة ». والمصادر لم تذكر إلاّ لَبّأتُهُ تلبيئا.

وفي مادة « لطأ » قال : « ألطأه بالأرض : ألصقه بها ».

لم نر من ذكرها ، لكنها صحيحة باعتبار أن فعلها الثلاثي المجرد لازم وهو « لطأ » قالوا : لطأ بالأرض ولطئ ، أي لصق ، فتعديته بهمزة النقل قياسية ، وكذلك لو قال : لطّأه بالأرض ، لكان صحيحا.

* وفي مادة « مرأ » قال : « مرؤ الطعام مراء ومراءة ».

والمصدر الأوّل لم نر من ذكره ، مع أنّه الغالب في باب كرم. ففي شرح الشافية

__________________

(١) انظر شرح الشافية ١ : ١٦٣ ـ ١٦٤. وفي شرح ابن عقيل ٣ : ١٢٨ ـ ١٢٩ قال : فما كان على وزن فعّل وكان مهموزا فمصدره على تفعيل وعلى تفعلة ، نحو خطّأ تخطيئا وتخطئة ...

١٤٢

« وفعل نحو كرم على كرامة غالبا » فعالة في مصدر فعل أغلب من غيره ، وقيل : الأغلب فيه ثلاثة : فعال كجمال ، وفعالة ككرامة ، وفعل كحسن ، والباقي يحفظ حفظا » (١).

وفي الافعال للسرقسطي ، قال أبو عثمان : وقال أبو زيد : مرؤ الشيء مراءة ـ على مثلا كرم كرامة ـ إذا كان مريئا ، وهذا هو أقيس (٢).

فاستفاد السيّد المصنف من القياسي وذكر ما كان أقيس فجمع مصدري مرؤ ، ما نصوا عليه والآخر القياسي.

* وفي مادة « نبأ » قال : « أنبأته بكذا : أخبرته به ، وأنبأته إياه : أعلمته ، كنبّأته تنبيئا وتنبئة ».

ومصادر اللغة لم تذكر هذين المصدرين ، واقتصر في العباب على « نبّأته تنبئة » ، وهم وإن كانوا ربما يعرضون عن ذكر القياسي اعتمادا على أنّه معلوم للقارىء ، إلاّ أنّ السيّد المصنف لا يفوته غالبا أن يذكر مثل هذا وإن كان في غاية الوضوح ، حرصا منه على تطوير المنهج الاستدراكي النقدي ، فإن إغفال مثل هذا ـ ولا شك ـ نقص في معاجم العربية ، اراد السيّد المصنف ـ فوفق في كثير منه ـ رفعه وتقديم اللغة حية نابضة بكل مفرداتها واستعمالاتها المسموعه والمقيسة ، الفصحى والافصح.

* وفي مادة « نسأ » ، قال : « نسأك الله ، ونسأ في أجلك ، وأنسأ فيه ونسّأ فيه تنسئة : أطال أجلك وأبقاك ».

__________________

(١) شرح الشافية ١ : ١٦٣.

(٢) الافعال للسرقطي ٤ : ٢٠٨.

١٤٣

ونسّأ فعّل وهو يفيد التأكيد ، ومصدره قياسي كما عرفت ولم يذكروه.

* وفي مادة « وبأ » قال : « وبأت الشيء ـ كمنعته ـ عبأته ، كوبّأته توبئة ».

فالمصدر « توبئة » قياسي ، ذكره السيّد المصنّف ولم يذكروه.

* وفي مادة « ودأ » قال : « ودّأت عليه الأرض : سوّيتها ، وواريته فيها ، كودّأتها عليه توديئا وتودئة ، فتودّأت هي عليه تودّءا : وارته واستوت عليه ».

والمصادر اقتصرت على ذكر « ودّأها عليه توديئا » فذكر السيّد المصنف المصدر القياسي الآخر « تودئة » جمعا لاطراف اللغة. كما أنّهم لم يذكروا مصدر « تودّأت عليه هي » ، وذكره السيّد المصنف « تودّءا » وهو قياسي ، توسّعا في اللغة وذكر مفرداتها.

* وفي مادة « وذأ » قال : وذأه ـ كمنعه ـ زجره ، وشتمه وعابه ، فهو واذء له ؛ قال أبو حزام العكلي :

ولست بواذئ الأحباء حوبا

واسم الفاعل هذا « واذئ » مع أنّه قياسي ، ووراد في شعر أبي حزام ، لم يذكروه في « وذأ » ، نعم ذكروا هذا البيت ـ كما في العباب والتاج ـ لابي حزام في مادة « علط » لأنّ عجزه :

ولا تنداهم جشرا علوطي

فاسم الفاعل هذا مضافا إلى كونه قياسيا ، نرى السيّد المصنف يأتي به من مادة أخرى ويضعه في مكانه المناسب ، وهذه من ملامح منهجيته كما سياتي بيانها حين يأخذ لغات مذكورة في المقصور وفيها لغة في الهمزة اللغويون يذكرونها في المقصور فقط ، فيأتي السيّد المصنف بلغة همزها في المهموز ، وكذلك في المواد الأخرى يأتي بمفرداتها في اماكنها مع أنّ سائر المعاجم تذكرها في غير محلها

١٤٤

بمناسبة مفردة أخرى يريدون بيانها في مادة أخرى.

* وفي مادة « وضأ » قال : « واضأه وضاء ومواضأة : فاخره بالوضاء ، فوضأه يضؤه ويوضؤه : غلبه فيها ».

والذي ذكرته المعاجم « واضأه فوضأه يضؤه : فاخره بالوضاءة » فامتاز السيّد المصنف عليها بذكره مصدري واضأ القياسيّين وهما « وضاء » و « مواضأة » ، توسّعا في اللغة وجمعا لمفرداتها.

وكذلك امتاز بذكره الفعلين المضارعين لـ « وضأه » وهما « يضؤه » و « يوضؤه » فإن المصادر اقتصرت على ذكر الأول دون الثاني ، مع أنّ الأول من الشواذ ، والثاني هو القياس ، لأنّ افعال المبالغة (١) كلّها كنصر ينصر ، فالقياس إذن هو وضأه يوضؤه (٢).

* وفي فصل الباء قال في مادة « جعب » : « الجعبة : كنانة السهام ، الجمع جعاب وجعبت ».

والجمع الثاني قياسي (٣) ، ذكره المصنف ولم يذكروه.

* وفي فصل الباء من مادة « جرب » قال : « أجرب البعير الأجرب الإبل : أعداها ».

ولم تذكر المصادر « أجرب » متعديا ، مع أن تعديته قياسيّة ، ناهيك عن ورود هذا الاستعمال في الأثر في قولهم « أجرب بعير فأجرب مائة بعير » (٤).

__________________

(١) كذا في التاج. والصواب : المغالبة. انظر شرح الشافية ١ : ٧٠.

(٢) انظر تاج العروس ١ : ٤٩١.

(٣) انظر شرح الشافية ٢ : ١٠٩.

(٤) مسند أبي داود الطيالسي : ٣١٥ ، ومسند احمد ١ : ٢٦٩ و ٣٢٨.

١٤٥

د ـ أخذه المعاني من كتب التفسير والأثر والمثل والطب والحيوان وغيرها.

كان من منهج السيّد المصنّف في إلمامه بمفردات لغة الضّاد واستعمالاتها ووجوه تصرّف كلماتها ، أخذه المعاني والمفردات التي لم تذكر في معاجم اللغة من كتب شتّى ، ككتب التفسير وشروح الحديث وغريب الأثر ، وكتب الأمثال والطبّ والحيوان والبلدان وغيرها من الكتب ، واستدراك ما فات على أرباب المعاجم ذكره.

على أننا لا ننكر أن تكون تلك المستدركات ربّما وجدت في كتب لغويه أخرى غير المعاجم المتداولة ، لكننا بالتتبع والاستقصاء لم نجدها إلاّ في مظانها التي سنذكرها ، وبالتالي فإنّ ما نصبو إليه بالدرجة الأولى هو بيان امتياز كتاب « الطراز الاول » على باقي امهات المعاجم من حيث السعة اللغوية والشمولية والاستقصاء في الجمع وذكر أكبر قدر استطاعه مما لم يذكروه.

* ففي مادة « سوأ » قال : « ساءه سوءا ـ بالفتح ـ وسوءا وسواء وسواءة ، وسوائية ، وسواية ، وسوأى ، ومساءة ، ومسائية ، ومساية : فعل به ما يكره ، وغمّه ، فاستاء هو ، فهو مستاء ».

فها هنا عدّ السيّد المصنف السّوأى من مصادر « ساء » ، مع أنّ المعاجم اقتصرت على التصريح بأنّها اسم مصدر لا مصدر.

وحين رجعنا إلى « الكتاب » من مادة « سوأ » وجدنا السيّد المصنف يشرح الآية العاشرة من سورة الروم وهي قوله تعالى ( ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى ) بمعاني اسم المصدر. ثمّ قال : أو هي مصدر كالبشرى وصف به العقوبة مبالغة ، وأيّد

١٤٦

كلامه بأنّ بعضهم كابن مسعود قرأ الآية الكريمة ( ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى ).

وهذا التفصيل والكلام في مصدرية السوأى « أو اسميتها » ذكره أرباب التفاسير دون معاجم اللغة :

ففي تفسير الطبري قال : « وكان بعض اهل العربية يقول : السواى في هذا الموضع مصدر مثل البقوى ، وخالفه في ذلك غيره ، وقال : هي اسم » (١).

وفي مجمع البيان قال : ويكون السواى على هذا مصدرا لأساؤا ، لأنّ فعلى من أبنية المصادر ، كالرّجعى والشورى والبشرى ، ويدل على أنّ السوأى والسوء بمنزلة المصدر ما انشده أبو عمرو :

أنّى جزوا عامرا سوءا بفعلهم

أم كيف يجزونني السّوأى من الحسن (٢)

وفي تفسير البيضاوي قال : « و السواى تأنيث الأسوأ ، كالحسنى ، أو مصدر كالبشرى نعت به » (٣).

فالسيّد المدني أخذ السواى مصدرا ، وذكرها مع المصادر جمعا للّغات ، مستفيدا من كتب التفسير.

* وفي مادة « لطأ » قال : « التطأ به : التصق ».

ولم تذكر معاجم اللغة هذا الافتعال من « لطأ » ، لكنه موجود في الأثر ، ففي النهاية الأثيرية قال : « وفي حديث نافع بن جبير : إذا ذكر عبد مناف « فالطه » هو من

__________________

(١) تفسير الطبري : ٢١ : ٢٥.

(٢) مجمع البيان : ٤ : ٣٩٦.

(٣) تفسير البيضاوي : ٤ : ١٤٤.

١٤٧

لطئ بالأرض ، فحذف الهمزة ، ثمّ أتبعها هاء السّكت ، يريد إذا ذكر فالتصقوا بالأرض ولا تعدّوا أنفسكم ، وكونوا كالتراب. ويروى « فالتطئوا » ) (١).

* وفي مادّة « نشأ » قال : « النّشء ، كفلس : القرن ينشأ من بعد قرن مضى ، والمرتفع من السحاب ، واوّل ما يبدو منه ، كالناشئ ».

ولم يوجد في مادة « نشأ » من معاجم اللغة « النشىء » بالمعنى الأوّل ، أي القرن ينشأ من بعد قرن مضى ، وقال في « الأثر » من مادة « نشأ » قال : « نشء يكونون في آخر الزمان » أي قرن وأصل زمان ينشؤون فيه.

وبعد التتبع وجدنا أنّ المصنف أخذ شرح هذا الأثر من كتب الغريب ووضعه في محله من المادة ، ففي الفائق قوله « النّشء : القرن الذي ينشأ بعد قرن مضى ، وهو مصدر كالضّيف » (٢).

فهذا نص العبارة أخذه السيّد المصنف واستدركه في المادة اللغوية فسدّ خللا ونقصا من نواقص المعاجم اللغوية حيث اغفلت مثل هذه المفردة الواردة في كلام سيّد الفصحاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وفي النهاية الأثيرية « رواه « نشأ » ثمّ قال : قال أبو موسى : والمحفوظ بسكون الشين ، كأنّه تسمية بالمصدر » (٣).

* وفي مادة « هدأ » قال : « هدأت الحبلى : صرخت ، وسمعت هدأتها : صوتها وصرختها ».

ومعاجم اللغة خالية عن ذكر هذا الفعل واسم المصدر منه ، مع أنّهما موجودان

__________________

(١) النهاية ، لابن الاثير ٤ : ٢٤٩ ـ ٢٥٠.

(٢) الفائق للزمخشري ١ : ٣٢٣.

(٣) النهاية ، لابن الاثير ٥ : ٥١ ـ ٥٢.

١٤٨

في الأثر في حديث استسقاء العباس بن عبد المطلب أيّام عمر ، وفيه قولهم : فنشأت طريرة من سحاب ... ثمّ تلامّت واستتمّت ، ومشت فيها ريح ، ثمّ هدّت ودرّت.

قال الزمخشري في الفائق « هدّت من الهدّة ، قال أبو زيد : الهدّة ـ بتشديد الدال ـ صوت ما يقع من السماء ، والهدأة مهموزة صوت الحبلى. وروي [ الأثر ] « هدأت » على تشبيه الرعد بصرخة الحبلى » (١).

فاقتنص السيّد المدني هذا الفعل الثلاثي الصحيح المستعمل ووضعه في موضعه ، أعني مادة « هدأ » ثمّ ذكر اسم مصدره ، وهذا أيضا مما امتاز به على سائر معاجم اللغة حيث لم تذكر هذا الفعل ولا اسم المصدر.

* وقال في مادة « هيا » : « الهيئة ـ كشيبة وتكسر ـ الحالة الظاهرة التي يكون عليها الشيء ... وتطلق على المروءة ، وحسن السمت ، والطريقة المرضية ، والجمال الظاهر ؛ يقال إنّه لذو هيئة ».

ثمّ عاد في الأثر فقال :

« أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم » أي أصحاب المروءات ، وقيل : ذوي الوجوه بين الناس ، وقيل : اهل الصلاح ، وقيل : الذين لم تظهر منهم ريبة ، وقيل : الذين يلزمون هيئة واحدة وسمتا واحدا ولا تختلف حالاتهم بالتنقل من هيئة إلى هيئة.

والّذي في كتب اللغة والنهاية الأثيرية هو تفسير هذا الأثر بـ « الذين يلزمون هيئة واحدة وسمتا واحدا ... الخ » وأما باقي المعاني فإن السيّد المصنف استقاها من كتب

__________________

(١) الفائق للزمخشري ٣ : ٢١٨.

١٤٩

الأثر والحديث وشروحها.

ففي عون المعبود : « قال ابن مالك : الهيئة الحالة التي يكون عليها إنسان من الأخلاق المرضية ، وفيه أيضا : وقال البيضاوي : المراد بذوي الهيئات أصحاب المروءات والخصال الحميدة ، وقيل ذوو الوجوه من الناس » (١).

وفي فيض القدير قال : « هي المروءة والخصال الحميدة » (٢).

وفيه أيضا (٣) قال : « والله سبحانه يحب ان يرى على عبده الجمال الظاهر كما يحب أن يرى عليه الجمال الباطن بالتقوى ، قال في المواهب : الجمال في اللباس والهيئة ... ».

فاقتنص السيّد المصنف جميع معاني الهيئة ، وذكرها في الأصل اللغوي للمادة ، أعني اللغة العامة من مادة « هيأ » ثمّ ذكر الأثر وشرحه بها ، فراعى توسّع اللغة ، وأحاط بمتفرعاتها أخذا من الأثر النبوي وشروحه المعتبرة.

* وفي مادة « وضأ » قال : « واستوضأته الأمر : سألته كشفه وبيانه ». وهذا المعنى لم يذكروه في المعاجم اللغوية المتداولة.

وعاد السيّد المصنف في الأثر فقال : استيضاء الحق : استكشافه واستبانته. وهذا الأثر لم يذكر في كتب الغريب بتاتا لا في النهاية ولا في الفائق ولا في غريب ابن الجوزي ولا الهروي ولا غيرها.

وقد ذكر هذا الأثر في أمهات كتب الحديث النبوي فقد ذكر الحديث في شرح

__________________

(١) عون المعبود ١٢ : ٢٦.

(٢) فيض القدير ٢ : ٧٤.

(٣) فيض القدير ٢ : ٢٩٧.

١٥٠

النووي على صحيح مسلم (١) ، والديباج على صحيح مسلم (٢). وفيه وجوه كثيرة لروايته ، فقد روي كالمثبت « استيضاء الحق » ، وروي « استيفاء الحق » وروي « استضاء الحق » وروي « استقصاء الحق ». وذكروا معاني هذا الأثر على كل الوجوه وعلى الرواية التي أثبتها السيّد المدني يكون شرحها بما ذكره.

فالسيّد بهذا استدرك على اللغويين ما كان عليهم ذكره ، كما استدرك على أصحاب الغريب في الأثر ما كان عليهم شرحه وفسره من الأثر.

* وفي مادة « أبب » أدخل كلمة الأبّيّة فيها وشرحها ـ مع أنّها لم تذكر في معاجم اللغة ـ مصرّحا بأخذه عن الزمخشري ، قال :

« الأبّيّة ، كذرّيّة : الكبر ؛ قال جار الله : يجوز ان يكون « فعّيلة » أو « فعّولة » من الأباب ، كالعبّيّة بمعناها من العباب ، والأظهر أن تكون فعّولة من الإباء ». وهذا الكلام في فائق الزمخشرى (٣) ، جاء به السيّد المصنف مستدركا هذه المادة ذاكرا ما لم يذكروه.

* وفي مادة « أهب » قال السيّد المدني : « الإهاب ، ككتاب : الجلد قبل أن يدبغ أو مطلقا ، الجمع أهب ـ بضمتين على القياس ككتاب وكتب ـ وبفتحتين على غير قياس كعماد وعمد ... وقد تلحق بالجمعين هاء فيقال : ثلاثة أهبة وأهبة ».

وهذان الجمعان الأخيران خلت منهما معاجم اللغة ، مقتصرة على ذكر الجمعين الأوّلين ـ القياسي وغير القياسي ـ أو أحدهما ، مضيفة إليهما عن ابن الأعرابي جمعا ثالثا هو « آهبة » بالمد وكسر الهاء.

__________________

(١) شرح النووي على صحيح مسلم ٣ : ٢٩.

(٢) الديباج على صحيح مسلم ١ : ٢٣٨.

(٣) الفائق للزمخشري ٢ : ٣٨٤.

١٥١

ففي العين : الإهاب الجلد ، وجمعه أهب (١).

وفي التهذيب : الإهاب الجلد ، وجمعه أهب وأهب (٢).

وفي الجمهرة : الإهاب الجلد قبل أن يدبغ ، والجمع أهب (٣).

وفي الصحاح : الإهاب الجلد ما لم يدبغ ، والجمع أهب على غير قياس ... وقد قالوا : أهب بالضمّ ، وهو قياس (٤).

وفي المحيط : الإهاب الجلد ، والجمع أهبّ وآهبة (٥).

وفي التكملة : الآهبة بالمد جمع إهاب ؛ عن ابن الأعرابي (٦).

وفي المصباح المنير : الإهاب الجلد ... والجمع أهب ـ بضمتين على القياس مثل كتاب وكتب ـ وبفتحتين على غير قياس (٧).

وفي القاموس : الإهاب ككتاب : الجلد أو ما لم يدبغ ، الجمع آهبة وأهب وأهب (٨).

وفي اللسان : الإهاب الجلد من البقر والغنم والوحش ما لم يدبغ ، والجمع القليل آهبة ... والكثير أهب ، وأهب على غير قياس (٩).

__________________

(١) العين ٤ : ٩٩.

(٢) التهذيب ٦ : ٤٦٥.

(٣) الجمهرة ٢ : ١٢٠٩.

(٤) الصحاح ١ : ٨٩.

(٥) المحيط ٤ : ٨٠.

(٦) تكملة الصاغاني ١ : ٦٩.

(٧) المصباح المنير : ٢٨.

(٨) القاموس ١ : ٣٩.

(٩) اللسان ١ : ٢١٧.

١٥٢

هذه أقوالهم ونقولهم ، وكلها كما ترى تدور في مدار هذه الجموع الثلاثة التي ذكرناها ، غافلة أو متغافلة عن الجمعين الآخرين « أهبة » و « أهبة » مع أنّهما واردان في الأثر ، ففي حديث اعتزال النبيّ نساءه ودخول عمر إلى غرفته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : « فو الله ما رأيت فيها شيئا يردّ البصر إلاّ أهبة ثلاثة » (١).

وهذا الاثر ـ كما تراه ـ مرويّ في أمهات مصادر الحديث والاثر ، وقد غفلوا عن ذكر هذا الجمع منه « أهبة » ، ناهيك عن شروحه التي صرّح فيها بلغة ضم الهمزة والهاء.

ففي مقدمة فتح الباري : أهبة ـ بحركات ـ جمع إهاب على غير قياس ، وفي رواية الأصيلي « آهبة عليه » بكسر الهاء قبلها مدّة ، وهو وهم (٢).

وفيه أيضا في مكان آخر : أهبة بفتح الهمز والهاء ، ويجوز ضمّها (٣).

وفي تحفة الاحوذي بضم الهمزة والهاء ، وبفتحهما ، جمع إهاب ؛ وهو الجلد (٤) ...

فها هنا يتّضح اهتمام السيّد المصنف بكتب الحديث والأثر وشروحها وأخذه اللغات منها ، مستدركا على اللغويين ما فاتهم ذكره من اللغات الصحيحة الفصيحة ،

__________________

(١) انظره في صحيح البخاري ٣ : ١٠٥ ، وسنن الترمذي ٥ : ٩٥ ، ومسند أحمد ١ : ٣٤ ، وصحيح ابن حبان ٩ : ٤٩٥ ، ومسند أبي يعلى ١ : ١٩٤.

(٢) مقدمة فتح الباري : ٨١.

(٣) فتح الباري ٥ : ٨٨ ، وفيه ضمّها والصواب « ضمّهما ».

(٤) تحفة الأحوذي ٩ : ١٦١.

١٥٣

الواردة في لسان العرب ، وذلك ما لم يصنعه أحد من أرباب المعاجم قبله.

ويتأكد ما قلناه ، من أنّ السيّد المصنف يعدّ الاثر والحديث الصحيح النقل من مصادر اللغة العربية ، خلافا لمن لا يرى ذلك ولا يعتمد إلاّ على نقل أئمّة اللغة واربابها ، يتأكد ذلك أكثر فأكثر حين نراه يحكّم الأثر الصحيح الرواية حتّى على قواعد النحو ، ولا يخشى أن يستدرك به على النحاة ما فاتهم ، ففي مادة « وهب » قال :

« وأما « وهبته منه » فقيل : خطأ محض ؛ وليس كذلك ، بل جاءت به أحاديث صحيحة ، فهو إما على أنّ « من » بمعنى اللام وإن لم يذكره النحاة ، وكفى بالحديث شاهداً.

أو على أنّها زائدة ، كقوله : مهرت منها حية وتيسا ، أي مهرتها.

وأما تأويله بتضمين التمكين فلا يصح ؛ لدخول « من » على الموهوب له دون الموهوب ، ومعنى التمكين يقتضي العكس ».

فهو يصرح بضرس قاطع بالاستدراك على النحاة ، مستشهدا ومستدلا بهذا الأثر على ما يذهب إليه ، وبناء على ذلك فهو يخطّئ من قال بخطأ مثل هذا الاستعمال الوارد في الأحاديث الصحيحة.

وكما أفاد المصنف من التفاسير وشروح غريب الأثر وشروح أمّهات مصادر الحديث ، كذلك أفاد في اللغة وتوسعتها وتكثير استعمالاتها ومفرداتها من كتب الأمثال.

* ففي مادة « درأ » قال : « الدّرء كفلس : الشرّ ، وحجم الغدة في الإبل ، والعوج في العصا ونحوها ».

ثمّ عاد في المثل فقال : « لو كان درءا لم تئل » الدّرء الشرّ ، والوأل النجاة ، أي لو

١٥٤

كان الخطب كما قلت لم تنج ولكنه دون ما قلت.

والدّرء بمعنى الشر لم تذكره معاجم اللغة ، مع أنّه معنى صحيح تكلمت به العرب في أمثالها ، ففي شرح هذا المثل من مجمع الأمثال قال : « الدّرء : الدفع ، وكل ما يحتاج إلى دفعه يسمّى درءا ، ومنه درء الأعادي ، أي شرّهم » (١).

فاستدرك السيّد المدنى هذا المعنى في هذه المادّة من شرح المثل ، أخذا من الإمام اللغوي الميداني ، ومن جهة اخرى نرى السيّد المصنف رغم إكباره للزمخشري في أكثر من مجال ، نراه يعرض عن تفسيره هذا المثل في المستقصى بان الدرء هو الخراج الذي يخرج في الابط والحلق.

* وفي مادة « سلأ » قال : « السالئة : المرأة الصّناع تسلأ السمن ، وهنّ نساء سوالئ ».

وقال في المثل : « أكذب من السالئة » أي المرأة التي تسلأ السمن ، لأنّها إذا سلأته كذبت مخافة العين ، وكذبها أنّها تقول : قد احترق ، قد ارتجن ، أي فسد ولم يصف.

والعجب أن كتب اللغة خلت عن اسم الفاعل هذا اعني « السالئة » مع أنّه قياسي ومع أنّها ذكرت قول الفرزدق :

كانوا كسالئة حمقاء إذ حقنت

سلاءها في أديم غير مربوب

ذكروه شارحين السّلاء في قوله « سلاءها » بأنّه اسم السمن المطبوخ ، معرضين عن ذكر السالئة.

__________________

(١) الأمثال للميداني ٢ : ١٨١.

١٥٥

هذا مع أنّ المثل موجود في كتب المثل ، وقد ذكره العسكري في جمهرته (١) والزمخشري في مستقصاه (٢) والميداني في مجمع الأمثال (٣).

فهذه الكلمة مقيسة من « سلأ » وواردة في شعر الفرزدق وفي امثال العرب ، ولم تذكرها المعاجم ولم تشرحها ، فأخذها السيّد المصنف وبيّنها احسن البيان ، ثمّ ذكر جمعها « سوالئ » وهو قياسي (٤) ، فأثرى معجمه الطراز ومن ثمّ معاجم اللغة بثراء اللغة العربية وسعتها.

* ومضافا إلى ما تقدّم فقد اخذ السيّد المدني كثيرا من الكنى والمعاني من كتاب المرصّع لابن الاثير ، ووضعها في محالّها وأماكنها.

* ففي مادة « جدب » قال : « وأمّ جندب : كنية ذكر الجرادة ، والداهية والتخليط والهلكة والجور والغشم والظلم والانظلام والشدة والقحط ، والأرض ذات الرمل ؛ لأنّ الجراد يربّي بيضه فيها ».

ولم تذكر معاجم اللغة كونها كنية لذكر الجرادة كما لم تذكر معاني الهلكة والجور والشدة والقحط والتخليط ، واقتصروا على أنّها من اسماء الاساءة.

وقد أخذها جميعا عن المرصع : قال : أمّ جندب هي الداهية ، وقيل التخليط والهلكة ، ويقال وقع القوم في أمّ جندب إذا ظلموا وإذا ظلموا ... وهي كنية الجور والظلم مطلقا. وكنية الجراد ، وقيل الغشم أيضاً (٥).

__________________

(١) جمهرة العسكري ٢ : ٧٣١.

(٢) المستقصى ١ : ٢٩١.

(٣) مجمع الأمثال ٢ : ١٦٧.

(٤) فان فواعل هو جمع قياسي لفاعلة. انظر شرح النظام على الشافية : ١٤٣.

(٥) المرصع : ١٢٤ ـ ١٢٥.

١٥٦

هذا ، وقد ذكرت بعض هذه المعاني في المثل ، ففي مجمع الأمثال قال في شرح المثل « وقعوا في ام جندب » قال : كأنّه اسم من اسماء الاساءة .. » (١) ثمّ ذكر معنى الظلم ، والشدّة والقحط.

وفي جمهرة الأمثال : في اثناء المثل « قولهم ابن الإيّام وما يجري في بابه » قال : وأمّ جندب : الغشم والظلم ... وأم جندب أيضا من أسماء الداهية » (٢).

فهنا توسّع السيّد المصنف وذكر جميع المعاني المطروحة في أم جندب دون ذكر بعضها والاخلال بالبعض الآخر ، مع أنّها معان صحيحة نص عليها أئمّة اللغة وفحولهم ، فالعدول عنها وعدم ذكرها يعدّ نقصا في المعاجم العربية ، حاول السيّد المصنف سدّه فوفق في ذلك.

* وفي مادة « جخدب » قال : « والجخدب ـ كقطرب ـ ويفتح ثالثة : ... أو الضخم من الجراد والخنافس ، كالجخادب والجخادبة وأبي جخادب وأمّ جخادب والجخادباء وأبي جخادباء وأمّ جخادباء ـ بالمد والقصر فيها ـ وأبي جخادبى ، بفتح الدال والقصر وضمّ أول الجميع ».

وقد انفرد السيّد المصنف عن المعاجم بذكر أمّ جخادباء وأمّ جخادب ، وقد أخذها من المرصع حيث قال : « أمّ جخادب ، ويقال أمّ جخادباء هي الحرباء ، وقيل الجراد الأخضر ، وقد ذكرناه في الآباء » (٣).

وكان قد قال في : ١١٨ « أبو جخادب ... هو الحرباء ، وقيل الجراد الأخضر الطويل الرجلين وغير ذلك ... ويقال له أيضا : أبو جخادباء وأبو جخادبى ، بفتح

__________________

(١) مجمع الأمثال ٢ : ٣٦٠.

(٢) جمهرة الأمثال ١ : ٤٧.

(٣) المرصع : ١٢٢.

١٥٧

الدال والقصر والإمالة ».

فاخذ السيّد المدني اللغات من هذين الموضعين ، وأضاف إليها باقي ما ورد عن العرب من لغات في الجرادة هنا ، واحسن سردها وتنسيقها ، كما سيأتي بيان ذلك عند بيان حسن جمعه ، إلا ان المهم هنا هو أخذه من كتاب المرصع واستدراكه بعض اللغات وتفوقه على سائر المعاجم اللغوية المتداولة.

* وفي مادة « حبب » قال : أبو حباب : الماء (١).

وهذه الكنية للماء لم تذكر في معاجم اللغة ، مع أنّها واضحة ، لأن الحباب هو الموج ، والماء ذو امواج ، وهي موجودة في المرصع : حيث قال : أبو حباب هو الماء (٢).

* وفي مادة « حفص » قال السيّد المصنف : « وأمّ حفص : الطفشيل ، وأمّ حفصة : الدجاجة والبطّة والرخمة ».

وما ذكره السيّد المصنف لم تذكر منه معاجم اللغة « أم حفص الطفشيل » ولا ذكرت أم حفصة بمعنى البطة ، فذكرهما السيّد أخذا من المرصع بالنصّ (٣).

ومضافا إلى اخذه رحمه‌الله من كتب التفسير والاثر والمثل والمرصّع والبلدان رأيناه رحمه‌الله يأخذ من كتب الأدوية المفردة ، خصوصا كتاب تذكرة أولي الالباب والجامع للعجب العجاب للانطاكي ، حيث استدرك على اللغويين ما يختص بموضع هذا الكتاب من الأدوية وذكر بعض الأدواء.

__________________

(١) المرصع : ١١٨.

(٢) المرصع : ١٣٦.

(٣) انظر المرصع : ١٤١.

١٥٨

* ففي مادة « وبأ » قال : « الوبأ ـ كسبب ، ويمدّ ـ : تعفّن يعرض للهواء فيوجب تعفّن الأخلاط ، ففساد المزاج ، فالمرض العامّ ، فالموت الذريع ، ويطلق على نفس المرض ، وهو من مبادئ الطاعون وليس به ، بل الطاعون خراج يحدث في زمنه غالبا ».

وهذه التفرقة تفرقة علمية دقيقة ظريفة ، لم يذكرها ـ بل لم يشر إليها ـ أحد من أرباب معاجم اللغة ، وقد ذكرها السيّد المصنف حرصا على إيضاح المفردة اللغوية بالدقة الدقيقة ، فلذلك فرق بين الوباء والطاعون.

وهذه التفرقة أخذها رحمه‌الله من تذكرة الانطاكي ، إذ قال : « وباء : هو في الحقيقة تغير يعرض للهواء يخرج به من تعديل الصحة إلى ايجاب المرض ، ثمّ نقل عرفا إلى الطاعون ... والوباء اعظم ، لأنّه قد يتكون الدم الفاسد به في أماكن مخصوصة وذلك هو الطاعون ، وقد لا يتكون منه ذلك بل يوجب مطلق فساد المزاج ثمّ المرض ... » (١).

وقال الانطاكي في تذكرته بعد صفحات « طاعون ... كل ورم يظهر للحس ، ثمّ خصص بالحارّ القتال السريع التعفن الكائن في نحو المرافق والمغابن ، ويطلق على الوباء للتلازم الحاصل بينهما غالبا ... وهو في الحقيقة بثر كالباقلاء ... » (٢).

* وفي مادة « ترب » قال : « وتراب القيء : صمغ الخرشف ، وتراب الهالك : سم الفار ، وتراب الفار : الزرنيخ ».

وكتب اللغة لم تذكر هذه الأنواع الثلاثة من الاتربة ، وقد أخذها السيّد المصنف من كتب الأدوية المفردة والمركبة وكتب الطب ، وخصوصا عن كتاب التذكرة

__________________

(١) تذكرة أولي الالباب ٢ : ١١٣.

(٢) تذكرة اولي الالباب ٢ : ١٥٠.

١٥٩

للانطاكي.

ففي التذكرة ١ : ٩٢ قال : وتراب القيء صمغ الخرشف ، وتراب الفار هو الرهج.

وفي ج ١ : ٢١٧ في رسم « شك » قال : شك بضم المعجمة ويسمى الهالك وسمّ الفار والرهج.

وفي ص : ١٩٨ : الرهج المعروف بسمّ الفار.

* وقد صرح المصنف في مادة « يرج » بأخذه عن التذكرة للانطاكي ، فقال : « والإيارج ، بكسر الهمزة وتفتح ، وفتح الراء : لفظ يوناني معناه المسهل ، وهو دواء مركّب مسهل معرّب أياره ، الجمع أيارجات ، وقيل معناه الدواء الالهي.

وقال البصير [ أي الانطاكي ] في التذكرة : وعندهم كل مسهل يسمّى الدواء الالهي ، لان غوصه في العروق وتنقيته الخلط واخراجه على الوجه الحكمي حكمة الهية أودعها المبدع الفرد في أفراده ، وألهم تركيبها الأفراد من أخصائه ».

* وفي مادة « جوز » قال : « وجوز الهند : النارجيل ... وجوز القطا نبت كالرّجلة ينبت بمناقع المياه تأكله القطا ».

وهاتان المفردتان لم تذكرهما الكتب اللغوية المتقدمة على الطراز ، نعم ، ذكر الزبيدي في التاج جوز الهند ، ولكنّه متأخّر عن السيّد المصنف ، ويبقى « جوز القطا » لم يذكره أحد.

وقد أخذه عن كتاب التذكره للانطاكي بالنص.

* وفي مادة « زيز » قال : « وبصل الزّيز ، بالكسر : نوع من البصل لا طاقات له ، وهو البليوس باليونانية » (١).

__________________

(١) التذكره للانطاكي ١ : ١١٢.

١٦٠