التفسير الوسيط للقرآن الكريم - ج ٨

الدكتور محمد سيد طنطاوي

التفسير الوسيط للقرآن الكريم - ج ٨

المؤلف:

الدكتور محمد سيد طنطاوي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
ISBN: 977-14-0668-X
الصفحات: ٥٩٧

وفضلا عن كل ذلك فإن الحديث الذي رواه الإمام مسلم عنهم ، صريح في أن خروجهم سيكون من علامات الساعة ، والله ـ تعالى ـ أعلم.

ثم بين ـ سبحانه ـ ما أعده للكافرين من عذاب يوم القيامة فقال : (وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً ، الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً).

وقوله : (وَعَرَضْنا) .. أى : أظهرنا وأبرزنا يقال : عرض القائد جنده إذا أظهرهم ليشاهدهم الناس.

أى : جمعنا الخلائق يوم البعث والنشور جمعا تاما كاملا. وأبرزنا وأظهرنا جهنم في هذا اليوم للكافرين إبرازا هائلا فظيعا ، حيث يرونها ويشاهدونها بدون لبس أو خفاء ، فيصيبهم ما يصيبهم من رعب وفزع عند مشاهدتها.

وتخصيص العرض بهم ، مع أن غيرهم ـ أيضا ـ يراها ، لأنها ما عرضت إلا من أجلهم ، ومن أجل أمثالهم ممن فسقوا عن أمر ربهم.

ويرى بعضهم أن اللام في «للكافرين» بمعنى على ، لأن العرض يتعدى بها ، قال ـ تعالى ـ : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ ..) وقال ـ سبحانه ـ : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا ...).

ثم وصفهم ـ سبحانه ـ بما يدل على استحقاقهم دخول النار فقال : (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي).

أى : أبرز جهنم في هذا اليوم العصيب للكافرين الذين كانت أعينهم في الدنيا في «غطاء» كثيف وغشاوة غليظة ، «عن ذكرى» أى : عن الانتفاع بالآيات التي تذكرهم بالحق ، وتهديهم إلى الرشاد ، بسبب استحواذ الشيطان عليهم.

وفي التعبير بقوله : (غِطاءٍ) إشعار بأن الحائل والساتر الذي حجب أعينهم عن الإبصار ، كان حائلا شديدا ، إذ الغطاء هو ما يغطى الشيء ويستره من جميع جوانبه.

والمراد بالذكر : القرآن الكريم ، أو ما يشمله ويشمل كل ما في الكون من آيات يؤدى التفكر فيها إلى الإيمان بالله ـ تعالى ـ.

وقوله : (وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) صفة أخرى من صفاتهم الذميمة ، أى : وكانوا في الدنيا ـ أيضا ـ لا يستطيعون سمعا للحق أو الهدى ، بسبب إصرارهم على الباطل ، وإيغالهم في الضلال والعناد ، بخلاف الأصم فإنه قد يستطيع السماع إذا صيح به.

٥٨١

قال الآلوسى : فالجملة الكريمة نفى لسماعهم على أتم وجه ، ولذا عدل عن : وكانوا صما مع أنه أخصر ، لأن المراد أنهم مع ذلك كفاقدى السمع بالكلية وهو مبالغة في تصوير إعراضهم عن سماع ما يرشدهم إلى ما ينفعهم بعد تصوير تعاميهم عن الآيات المشاهدة بالأبصار .. (١).

ثم يعقب ـ سبحانه ـ على هذا الوعيد الشديد للكافرين ، بالتهكم اللاذع لهم فيقول : (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ).

فالاستفهام : للإنكار والتوبيخ. والحسبان : بمعنى الظن.

والمراد بعبادي هنا : الملائكة وعيسى وعزير ومن يشبههم من عباد الله الصالحين ، إذ مثل هذه الاضافة تكون غالبا للتشريف والتكريم.

وفي الآية الكريمة حذف دل عليه المقام.

والتقدير : أفحسب الذين كفروا بي أن يتخذوا عبادي الصالحين آلهة يستنصرون بهم من دوني ، أو يعبدونهم من دوني ، ثم لا أعذبهم ـ أى هؤلاء الكافرين بي ـ على هذا الاتخاذ الشديد الشناعة.

إن كان هؤلاء الكافرون بي يحسبون ذلك ، فقد ضلوا ضلالا بعيدا ، فإنى لا بد أن أعذبهم على كفرهم وشركهم.

أو التقدير : أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء ، لكي يشفعوا لهم يوم القيامة؟ كلا لن يشفعوا لهم بل سيتبرأون منهم ، كما قال ـ سبحانه ـ (كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا).

ثم بين ـ سبحانه ـ ضلال هذا الحسبان الباطل فقال : (إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً).

والنزل : ما يقدم للضيف عند نزوله ، والقادم عند قدومه ، على سبيل التكريم والترحيب.

أى : إنا أعتدنا جهنم لهؤلاء الكافرين بي ، المتخذين عبادي من دوني أولياء ، لتكون معدة لهم عند قدومهم تكريما لهم.

فالجملة الكريمة مسوقة على سبيل التهكم بهم ، والتقريع لهم ، لأن جهنم ليست نزل إكرام للقادم عليها ، بل هي عذاب مهين له.

__________________

(١) تفسير الآلوسى ج ١٦ ص ٤٥.

٥٨٢

وشبيه بهذه الجملة قوله ـ تعالى ـ : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) وقوله : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ).

ويجوز أن يكون النزل بمعنى المنزل ، أى : إنا هيأنا جهنم للكافرين لتكون مكانا وحيدا لنزولهم فيها ، إذ ليس لهم منزل سواها.

ثم يأمر الله ـ تعالى ـ نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أواخر السورة الكريمة ، بأن يبين للناس من هم الأخسرون أعمالا ، ومن هم الأسوأ عاقبة فيقول :

(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (١٠٤) أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً (١٠٥) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً) (١٠٦)

أى : قل ـ أيها الرسول الكريم لهؤلاء الكافرين الذين أعجبتهم أعمالهم وتصرفاتهم الباطلة.

قل لهم : ألا تريدون أن أخبركم خبرا هاما ، كله الصدق والحق ، وأعرفكم عن طريقه من هم الأخسرون أعمالا في الدنيا والآخرة؟

وجاء هذا الإخبار في صورة الاستفهام لزيادة التهكم بهم ، وللفت أنظارهم إلى ما سيلقى عليهم.

والأخسرون : جمع أخسر ، صيغة تفضيل من الخسران ، وأصله نقص مال التاجر.

والمراد به هنا : خسران أعمالهم وضياعها بسبب إصرارهم على كفرهم.

وجمع الأعمال ، للإشعار بتنوعها ، وشمول الخسران لجميع أنواعها.

وقوله ـ سبحانه ـ (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً).

٥٨٣

جواب عن السؤال الذي اشتملت عليه الآية السابقة وهي : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ ..).

فكأنه قيل : نبئنا عن هؤلاء الأخسرين أعمالا؟

فكان الجواب : هم (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ) أى بطل وضاع بالكلية سعيهم وعملهم في هذه الحياة الدنيا بسبب إصرارهم على كفرهم وشركهم ، فالجملة الكريمة خبر لمبتدأ محذوف.

وقوله (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) أى : والحال أنهم يظنون أنهم يقدمون الأعمال الحسنة التي تنفعهم.

فالجملة الكريمة حال من فاعل (ضَلَ) أى : ضل وبطل سعيهم ، والحال أنهم يظنون العكس. كما قال ـ تعالى ـ : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً).

وهذا هو الجهل المركب بعينه ، لأن الذي يعمل السوء ويعلم أنه سوء قد ترجى استقامته. أما الذي يعمل السوء ويظنه عملا حسنا فهذا هو الضلال المبين.

والتحقيق أن المراد بالأخسرين أعمالا هنا : ما يشمل المشركين واليهود والنصارى ، وغيرهم ممن يعتقدون أن كفرهم وضلالهم صواب وحق.

وقوله ـ سبحانه ـ : (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ).

كلام مستأنف لزيادة التعريف بهؤلاء الأخسرين أعمالا ، ولبيان سوء مصيرهم.

أى : أولئك الذين كفروا بآيات ربهم الدالة على وحدانيته وقدرته وكفروا بالبعث والحشر والحساب وما يتبع ذلك من ثواب وعقاب ، فكانت نتيجة هذا الكفر أن (فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) أى : فسدت وبطلت.

وأصل الحبوط : انتفاخ بطن الدابة بسبب امتلائها بالغذاء الفاسد الذي يؤدى إلى هلاكها.

والتعبير بالحبوط هنا في أعلى درجات البلاغة ، لأن هؤلاء الكافرين ملأوا صحائف أعمالهم بالأقوال والأفعال القبيحة التي ظنوها حسنة ، فترتب على ذلك هلاكهم وسوء مصيرهم.

وقوله : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) تصريح بهوانهم والاستخفاف بهم ، واحتقار شأنهم.

أى : فلا نلتفت إليهم يوم القيامة ، ولا نعبأ بهم احتقارا لهم ، بل نزدريهم ولا نقيم لهم ولا لأعمالهم وزنا ، لأنهم لا توجد لهم أعمال صالحة توضع في ميزانهم ، كما قال تعالى ـ : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً).

وفي الصحيحين من حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنه ليأتى الرجل

٥٨٤

العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة». وقال : اقرءوا إن شئتم قوله تعالى ـ : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً).

ثم ختم ـ سبحانه ـ الآيات الكريمة ببيان مآل أمرهم فقال : (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا. وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً).

فاسم الإشارة «ذلك» مشار به إلى عقابهم السابق المتمثل في حبوط أعمالهم واحتقار شأنهم. وهو خبر لمبتدأ محذوف. أى : أمرهم وشأنهم ذلك الذي بيناه سابقا.

وقوله : (جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ) جملة مفسرة لاسم الإشارة لا محل لها من الإعراب أو هو جملة مستقلة برأسها مكونة من مبتدأ وخبر.

وقوله : (بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً) بيان للأسباب التي جعلتهم وقودا لجهنم.

أى : أن مصيرهم إلى جهنم بسبب كفرهم بكل ما يجب الإيمان به ، وبسبب اتخاذهم آيات الله الدالة على وحدانيته ، وبسبب اتخاذهم رسله الذين أرسلهم لهدايتهم ، محل استهزاء وسخرية.

فهم لم يكتفوا بالكفر بل أضافوا إلى ذلك السخرية بآيات الله ـ تعالى ـ والاستهزاء بالرسل الكرام ـ عليهم الصلاة والسلام ـ.

ثم أتبع ـ سبحانه ـ هذا الوعيد الشديد للكافرين ، بالوعد الحسن للمؤمنين فقال ـ تعالى ـ :

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (١٠٧) خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) (١٠٨)

وجنات الفردوس : هي أفضل الجنات وأعلاها. ولفظ الفردوس : لفظ عربي ويجمع على فراديس ، ومنه قولهم صدر مفردس ، أى : واسع.

قال الآلوسى ما ملخصه : عن مجاهد أن الفردوس هو البستان بالرومية ، وعن عكرمة أن الفردوس هو الجنة بالحبشية.

٥٨٥

ونص الفراء على أن هذا اللفظ عربي ومعناه البستان الذي فيه كرم.

وقال المبرد : هي ـ أى كلمة الفردوس ـ فيما سمعت من العرب : الشجر الملتف والأغلب عليه العنب.

وأخرج الشيخان عن أبى هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إذا سألتم الله ـ تعالى ـ فاسألوه الفردوس ، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن. ومنه تفجر أنهار الجنة (١).

والمعنى : إن الذين آمنوا بالله ـ تعالى ـ وبكل ما يجب الإيمان به ، وعملوا الأعمال الصالحات بإخلاص واتباع لما جاء به الصادق المصدوق صلى‌الله‌عليه‌وسلم كانت لهم عند الله ـ تعالى ـ جنات الفردوس ، التي هي أفضل الجنات وأرفعها درجة (نُزُلاً) أى : هدية تقدم لهم منه يوم القيامة ، ومكانا ينزلون به تكريما وتشريفا لهم.

(خالِدِينَ فِيها) خلودا أبديا ، حالة كونهم (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) أى : لا يطلبون تحولا أو انتقالا منها إلى مكان آخر ، لكونها أطيب المنازل وأعلاها.

وفي قوله ـ تعالى ـ : (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) لفتة دقيقة عميقة للإجابة على ما يعترى النفس البشرية من حب للانتقال والتحول من مكان إلى مكان ، ومن حال إلى حال.

فكأنه ـ سبحانه ـ يقول : إن ما جبلت عليه النفوس في الدنيا من حب للتحول والتنقل. قد زال وانتهى بحلولها في الآخرة في الجنة ، فالنفس الإنسانية عند ما تستقر في الجنة ـ ولا سيما جنة الفردوس ـ لا تريد تحولا أو انتقالا عنها ، لأنها المكان الذي لا تشتاق النفوس إلى سواه ، لأنها تجد فيه ما تشتهيه وما تبتغيه ، نسأل الله ـ تعالى ـ أن يرزقنا جميعا جنات الفردوس.

وكما افتتح ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بالثناء على ذاته ، ختمها ـ أيضا ـ بالثناء والحمد ، فقد أثبت ـ عزوجل ـ أن علمه شامل لكل شيء. وأن قدرته نافذة على كل شيء ، وأنه ـ تعالى ـ هو المستحق للعبادة والطاعة ، فقال :

__________________

(١) تفسير الآلوسى ج ٦١ ص ٥٠.

٥٨٦

(قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (١٠٩) قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (١١٠)

والمراد بالبحر : جنسه ، والمداد في الأصل : اسم لكل ما يمد به الشيء ، واختص في العرف لما تمد به الدواة من الحبر.

والمراد بكلمات ربي : علمه وحكمته وكلماته التي يصرف بها هذا الكون.

وقوله : (لَنَفِدَ الْبَحْرُ) : أى لفنى وفرغ وانتهى. يقال : نفد الشيء ينفد نفادا ، إذا فنى وذهب ، ومنه قولهم : أنفد فلان الشيء واستنفده ، أى : أفناه.

والمعنى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ للناس : لو كان ماء البحر مدادا للأقلام التي تكتب بها كلمات ربي ومعلوماته وأحكامه .. لنفد ماء البحر ولم يبق منه شيء ـ مع سعته وغزارته ـ قبل أن تنفد كلمات ربي ، وذلك لأن ماء البحر ينقص وينتهى أما كلمات الله ـ تعالى ـ فلا تنقص ولا تنتهي.

وقوله ـ سبحانه ـ : (وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) زيادة في المبالغة وفي التأكيد لما قبله من شمول علم الله ـ تعالى ـ لكل شيء ، وعدم تناهيه.

أى : وبعد نفاد ماء البحر السابق ، لو جئنا بماء بحر آخر مثله في السعة والغزارة ، وكتبنا به كلمات الله ـ تعالى ـ لنفد ـ أيضا ـ ماء البحر الثاني دون أن تنفد كلمات ربي.

فالآية الكريمة تصور شمول علم الله ـ تعالى ـ لكل شيء ، وعدم تناهى كلماته ، تصويرا بديعا ، يقرب إلى العقل البشرى بصورة محسوسه كمال علم الله ـ تعالى ـ وعدم تناهيه.

قال الآلوسى : وقوله : (وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) : هذا كلام من جهته ـ تعالى شأنه ـ غير داخل في الكلام الملقن ، جيء به لتحقيق مضمونه ، وتصديق مدلوله على أتم وجه.

والواو لعطف الجملة على نظيرتها المستأنفة المقابلة لها المحذوفة لدلالة ما ذكر عليها دلالة واضحة :

٥٨٧

أى : لنفد البحر قبل أن تنفد كلماته ـ تعالى ـ لو لم نجئ بمثله مددا ، ولو جئنا بمثله مددا ـ لنفد أيضا ـ (١).

وقال بعض العلماء : وهذا من باب تقريب المعنى إلى الأذهان ، لأن هذه الأشياء مخلوقة ، وجميع المخلوقات منقضية منتهية ، وأما كلام الله ـ تعالى ـ فهو من جملة صفاته ، وصفاته غير مخلوقة ولا لها حد ولا منتهى ، فأى سعة وعظمة تصورتها القلوب ، فالله ـ تعالى ـ فوق ذلك ، وهكذا سائر صفات الله ـ سبحانه ـ كعلمه وحكمته وقدرته ورحمته (٢).

وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ ، وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ ، إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٣) ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بأمر آخر منه ـ تعالى ـ لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ).

أى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ للناس ، مبينا لهم حقيقة أمرك ، بعد أن بينت لهم عدم تناهى كلمات ربك.

قل لهم : إنما أنا بشر مثلكم أوجدنى الله ـ تعالى ـ بقدرته من أب وأم كما أوجدكم. وينتهى نسبي ونسبكم إلى آدم الذي خلقه الله ـ تعالى ـ من تراب.

ولكن الله ـ عزوجل ـ اختصني بوحيه وبرسالته ـ وهو أعلم حيث يجعل رسالته ـ وأمرنى أن أبلغكم أن إلهكم وخالقكم ورازقكم ومميتكم ، هو إله واحد لا شريك له لا في ذاته ، ولا في أسمائه ، ولا في صفاته.

فعليكم أن تخلصوا له العبادة والطاعة ، وأن تستجيبوا لما آمركم به ، ولما أنهاكم عنه ، فإنى مبلغ عنه ما كلفنى به.

فالآية الكريمة وإن كانت تثبت للرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم صفة البشرية وتنفى عنه أن يكون ملكا أو غير بشر .. إلا أنها تثبت له ـ أيضا ـ أن الله ـ تعالى ـ قد فضله على غيره من البشر بالوحي إليه ، وبتكليفه بتبليغ ما أمره الله ـ تعالى ـ بتبليغه للعالمين. كما قال ـ سبحانه ـ (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) وكما قال ـ عزوجل ـ : (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي

__________________

(١) تفسير الآلوسى ج ١٦ ص ٥٢.

(٢) تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المتان ، ج ٥ ص ٤٣ للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي طبعة مؤسسة مكة للطباعة والإعلام.

(٣) سورة لقمان الآية ٢٧.

٥٨٨

خَزائِنُ اللهِ ، وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ، وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ، إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ) (١).

ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بتلك الجملة الجامعة لكل خير فقال : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ ، فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً ، وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).

أى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ للناس : إنما أنا واحد مثلكم في البشرية إلا أن الله ـ تعالى ـ قد خصنى واصطفاني عليكم برسالته ووحيه ، وأمرنى أن أبلغكم أن إلهكم إله واحد. فمن كان منكم يرجو لقاء الله ـ تعالى ـ ويأمل في ثوابه ورؤية وجهه الكريم ، والظفر بجنته ورضاه ، فليعمل عملا صالحا ، بأن يكون هذا العمل خالصا لوجه الله ـ تعالى ـ ومطابقا لما جئت به من عنده ـ عزوجل ـ ولا يشرك بعبادة ربه أحدا من خلقه سواء أكان هذا المخلوق نبيا أم ملكا أم غير ذلك من خلقه ـ تعالى ـ.

وقد حمل بعض العلماء الشرك هنا على الرياء في العمل ، فيكون المعنى : «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ، ولا يرائى الناس في عمله ، لأن العمل الذي يصاحبه الرياء هو نوع من أنواع الشرك بالله تعالى».

والذي يبدو لنا أن حمل الشرك هنا على ظاهره أولى ، بحيث يشمل الإشراك الجلى كعبادة غير الله ـ تعالى ـ والإشراك الخفى كالرياء وما يشبهه.

أى : ولا يعبد ربه رياء وسمعة ، ولا يصرف شيئا من حقوق خالقه لأحد من خلقه ، لأنه ـ سبحانه ـ يقول : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ، وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) (٢).

وقد ساق الإمام ابن كثير جملة من الأحاديث عند تفسيره لقوله ـ تعالى ـ (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).

ومن هذه الأحاديث ما رواه ابن أبى حاتم ، من حديث معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن طاوس قال : قال رجل يا رسول الله ، إنى أقف المواقف أريد وجه الله ، وأحب أن يرى موطني ، فلم يرد عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا حتى نزلت هذه الآية : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (٣).

__________________

(١) سورة الأنعام الآية ٥٠.

(٢) سورة النساء الآية ٤٨.

(٣) راجع تفسير ابن كثير ج ٥ ص ٢٠٠ طبعة دار الشعب.

٥٨٩

أما بعد : فهذه سورة الكهف ، وهذا تفسير محرر لها ، نسأل الله ـ تعالى ـ أن ينفعنا بالقرآن الكريم ، وأن يجعله ربيع قلوبنا ، وأنس نفوسنا ، وشفيعنا يوم نلقاه (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ).

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

المدينة المنورة : مساء الخميس ١٨ من رجب سنة ١٤٠٤ ه‍

الموافق : ١٩ من إبريل سنة ١٩٨٤

م د / محمد سيد طنطاوى

٥٩٠

فهرس إجمالى لتفسير «سورة الحجر»

تعريف بسورة الحجر.............................................................. ٥

١ ـ الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين.............................................. ٩

١٦ ـ ولقد جعلنا في السماء بروجا................................................ ٢٦

٢٦ ـ ولقد خلقنا الإنسان من صلصال............................................ ٣٥

٤٥ ـ إن المتقين في جنات وعيون................................................. ٤٩

٤٩ ـ نبئ عبادي أنى أنا الغفور الرحيم............................................ ٥٢

٦١ ـ فلما جاء آل لوط المرسلون.................................................. ٥٩

٧٥ ـ إن في ذلك لآيات للمتوسمين................................................ ٦٨

٨٥ ـ وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق.............................. ٧٣

٥٩١

فهرس إجمالى لتفسير «سورة النحل»

مقدمة........................................................................ ٨٩

تعريف بسورة النحل............................................................. ٩١

١ ـ أتى أمر الله فلا تستعجلوه.................................................... ٩٩

١٠ ـ هو الذي أنزل من السماء ماء............................................. ١١٢

١٢ ـ وسخر لكم الليل والنهار................................................. ١١٥

١٤ ـ وهو الذي سخر البحر................................................... ١١٧

١٥ ـ وألقى في الأرض رواسى.................................................. ١٢٠

١٧ ـ أفمن يخلق كمن لا يخلق.................................................. ١٢٢

٢٤ ـ وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم............................................... ١٢٨

٣٠ ـ وقيل للذين اتقوا......................................................... ١٣٨

٣٣ ـ هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة......................................... ١٤١

٣٥ ـ وقال الذين أشركوا....................................................... ١٤٣

٣٨ ـ وأقسموا بالله جهد أيمانهم................................................. ١٤٩

٤١ ـ والذين هاجروا في الله..................................................... ١٥٣

٤٣ ـ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا............................................. ١٥٦

٤٥ ـ أفأمن الذين مكروا السيئات............................................... ١٥٩

٤٨ ـ أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء......................................... ١٦٣

٥١ ـ وقال الله لا تتخذوا إلهين.................................................. ١٦٦

٥٦ ـ ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا............................................... ١٧٠

٦١ ـ ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم.............................................. ١٧٥

٦٥ ـ والله أنزل من السماء ماء.................................................. ١٨١

٦٨ ـ وأوحى ربك إلى النحل................................................... ١٨٧

٥٩٢

٧٠ ـ والله خلقكم ثم يتوفاكم................................................... ١٩٢

٧٣ ـ ويعبدون من دون الله..................................................... ١٩٧

٧٧ ـ ولله غيب السموات والأرض............................................... ٢٠٣

٨٤ ـ ويوم نبعث من كل أمة شهيدا............................................. ٢١١

٩٠ ـ إن الله يأمر بالعدل والإحسان............................................. ٢١٩

٩٤ ـ ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم........................................... ٢٢٧

٩٨ ـ فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله............................................. ٢٣٢

١٠١ ـ وإذا بدلنا آية مكان آية................................................. ٢٣٥

١٠٦ ـ من كفر بالله من بعد إيمانه.............................................. ٢٤٠

١١٠ ـ ثم إن ربك للذين هاجروا................................................ ٢٤٣

١١٢ ـ وضرب الله مثلا قرية.................................................... ٢٤٥

١١٤ ـ فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا.......................................... ٢٤٩

١١٦ ـ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم............................................ ٢٥١

١١٨ ـ وعلى الذين هادوا حرمنا................................................ ٢٥٣

١٢٠ ـ إن إبراهيم كان أمة..................................................... ٢٥٦

١٢٥ ـ ادع إلى سبيل ربك..................................................... ٢٦١

٥٩٣

فهرس إجمالى لتفسير «سورة الإسراء»

مقدمة وتعريف بالسورة........................................................ ٢٧٣

١ ـ سبحان الذي أسرى....................................................... ٢٨١

٢ ـ وآتينا موسى الكتاب....................................................... ٢٨٧

٤ ـ وقضينا إلى بنى إسرائيل..................................................... ٢٨٩

٩ ـ إن هذا القرآن يهدى...................................................... ٣٠٢

١١ ـ ويدع الإنسان بالشر..................................................... ٣٠٤

١٢ ـ وجعلنا الليل والنهار آيتين................................................. ٣٠٦

١٦ ـ وإذا أردنا أن نهلك....................................................... ٣١٤

٢٣ ـ وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه........................................... ٣٢٣

٢٦ ـ وآت ذا القربى حقه...................................................... ٣٣١

٣١ ـ ولا تقتلوا أولادكم........................................................ ٣٣٦

٤٠ ـ أفأصفاكم ربكم بالبنين................................................... ٣٥٥

٤٥ ـ وإذا قرأت القرآن........................................................ ٣٦٢

٤٩ ـ وقالوا أإذا كنا عظاما..................................................... ٣٦٨

٥٣ ـ وقل لعبادي يقولوا....................................................... ٣٧٢

٥٦ ـ قل ادعوا الذين زعمتم.................................................... ٣٧٥

٥٨ ـ وإن من قرية إلا نحن مهلكوها............................................. ٣٧٨

٦١ ـ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا................................................ ٣٨٦

٦٦ ـ ربكم الذي يزجى لكم الفلك في البحر..................................... ٣٩٣

٧٠ ـ ولقد كرمنا بنى آدم....................................................... ٣٩٨

٧٣ ـ وإن كادوا ليفتنونك...................................................... ٤٠٣

٧٨ ـ أقم الصلاة لدلوك....................................................... ٤٠٧

٨٢ ـ وننزل من القرآن......................................................... ٤١٥

٨٥ ـ ويسألونك عن الروح..................................................... ٤٢٠

٥٩٤

٩٠ ـ وقالوا لن نؤمن لك....................................................... ٤٢٧

٩٤ ـ وما منع الناس أن يؤمنوا.................................................. ٤٣٢

٩٧ ـ ومن يهد الله فهو المهتد................................................... ٤٣٥

١٠١ ـ ولقد آتينا موسى تسع آيات............................................. ٤٤١

١٠٥ ـ وبالحق أنزلناه وبالحق نزل................................................ ٤٤٧

١١٠ ـ قل ادعو الله أو ادعو الرحمن............................................. ٤٥١

٥٩٥

فهرس إجمالى لتفسير «سورة الكهف»

المقدمة...................................................................... ٤٥٧

١ ـ الحمد لله الذي أنزل....................................................... ٤٦٤

٩ ـ أم حسبت أن أصحاب.................................................... ٤٧٢

١٣ ـ نحن نقص عليك نبأهم................................................... ٤٧٩

١٧ ـ وترى الشمس إذا طلعت................................................. ٤٨٤

١٩ ـ وكذلك بعثناهم ليتساءلوا................................................. ٤٨٩

٢١ ـ وكذلك أعثرنا عليهم..................................................... ٤٩٢

٢٢ ـ سيقولون ثلاثة رابعهم.................................................... ٤٩٥

٢٣ ـ ولا تقولن لشيء إنى فاعل................................................ ٤٩٨

٢٥ ـ ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين............................................. ٥٠١

٢٧ ـ واتل ما أوحى إليك...................................................... ٥٠٥

٣٢ ـ واضرب لهم مثلا رجلين................................................... ٥١٣

٣٧ ـ قال له صاحبه وهو يحاوره................................................. ٥١٧

٤٢ ـ وأحيط بثمره فأصبح..................................................... ٥٢١

٤٥ ـ واضرب لهم مثل الحياة.................................................... ٥٢٤

٤٧ ـ ويوم نسير الجبال وترى................................................... ٥٢٨

٥٠ ـ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا................................................ ٥٣٢

٥١ ـ ولقد صرفنا في هذا القرآن................................................. ٥٣٩

٦٠ ـ وإذ قال موسى لفتاه..................................................... ٥٤٥

٦٦ ـ قال له موسى هل أتبعك................................................. ٥٥٢

٧١ ـ فانطلقا حتى إذا ركبا...................................................... ٥٥٤

٧٤ ـ فانطلقا حتى إذا لقيا...................................................... ٥٥٦

٧٧ ـ فانطلقا حتى إذا أتيا أهل.................................................. ٥٥٧

٥٩٦

٧٩ ـ أما السفينة فكانت لمساكين.............................................. ٥٥٩

٨٠ ـ وأما الغلام فكان أبواه.................................................... ٥٦٠

٨٢ ـ وأما الجدار فكان لغلامين................................................. ٥٦٠

٨٣ ـ ويسألونك عن ذي القرنين................................................ ٥٦٨

٩٩ ـ وتركنا بعضهم يومئذ...................................................... ٥٧٦

١٠٣ ـ قل هل ننبئكم بالأخسرين............................................... ٥٨٣

١٠٧ ـ إن الذين آمنوا وعملوا.................................................. ٥٨٥

١٠٩ ـ قل لو كان البحر مدادا................................................. ٥٨٧

٥٩٧