التفسير الوسيط للقرآن الكريم - ج ١

الدكتور محمد سيد طنطاوي

التفسير الوسيط للقرآن الكريم - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمد سيد طنطاوي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
ISBN: 977-14-0523-3
الصفحات: ٦٧١

وكونه خاتم النّبيين ، هم قوم بعيدون عن الحق ، مغرقون في الضّلال ، ففعلهم هذا بقصد الحفاظ على رياسة كاذبة ، والحصول على الأموال والهدايا أشدّ المنكرات ، إنهم باعوا الخير والهدى بثمن بخس قليل لا ينفع ، ولا يأكلون في بطونهم على التحريف والتغيير إلا ما يؤدي بهم لدخول النار ، وهم بهذا الفعل الشنيع يستحقون غضب الله ولعنته ، ولا يكلمهم الله يوم القيامة كلام رحمة ، ولا يثني عليهم بالخير كما يفعل مع أهل الجنة ، وللكافرين عذاب شديد مؤلم في الدنيا والآخرة.

وأكّد الله تعالى على سوء صنعهم بأنهم استبدلوا الضّلالة بالهدى ، واستحقّوا العذاب بدل المغفرة ، فما أجرأهم على الضّلال ، وما أصبرهم على نار جهنم ، فإنهم ارتكبوا ما يوجب دخول النار من غير مبالاة منهم ، والله أراد من إنزال الكتاب السماوي إقرار الحق ، ودحر الباطل ، وهداية الناس ، فمن منع ذلك عن الناس حارب الله ، وإن الذين اختلفوا في كتب الله ، فقالوا : بعضها حقّ ، وبعضها باطل ، لفي مخالفة بعيدة عن الحق.

هذه الآيات التي تحرّم كتمان أحكام الله تشمل أيضا علماء المسلمين إذا كتموا الحقّ مختارين لذلك ، لسبب دنيا يصيبونها أو مصلحة دنيوية يحققونها.

حقيقة البر

يظن بعض الناس خطأ أن الدين أو البر والخير هو في العبادة وحدها دون ما سواها ، وهذا غير صحيح ، فإن البر والدين بناء متكامل وميزان شامل ، يشمل العقيدة والعبادة والأخلاق وتنظيم العلاقات الاجتماعية ، وقد أنزل الله تعالى آية في القرآن الكريم جمعت أصول البر كلها ، وخاطبت المؤمنين بأنه ليس البر الصلاة وحدها ، كما خاطبت غير المؤمنين الذين اختلفوا في التوجّه إلى القبلة ، فاليهود

٨١

يتّجهون إلى الغرب وبيت المقدس ، والنصارى يتّجهون إلى المشرق ومطلع الشمس ، وتكلموا في تحويل قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة ، وفضّلت كل فرقة تولّيها واتّجاهها إلى قبلتها.

قال قتادة : ذكر لنا أن رجلا سأل نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن البر ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ (١) قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ (٢) مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (٣) وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى (٤) حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ (٥) وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى (٦) الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)) [البقرة : ٢ / ١٧٧].

وقال قتادة : وقد كان الرجل قبل الفرائض (٧) إذا شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، ثم مات على ذلك ، وجبت له الجنة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

أراد الله تعالى أن يبين للناس كافّة أن مجرّد التوجه نحو قبلة معينة ليس من جوهر الدين ، وليس هو البر المقصود ، وإنما البر وهو اسم جامع للخير ولكل فعل مرض محبوب هو شيء آخر ، ليس في الاتجاه جهة المشرق والمغرب ، إنما هو إيمان بالله ورسوله مقرون بالعمل الصالح.

البر إذن : إيمان كامل بالله ورسوله واليوم الآخر على أنه محل الجزاء والثواب ، وإيمان بالملائكة على أنهم من خلق الله لهم مهام عديدة كإنزال الوحي ، وحمل العرش ، وإنزال المطر ، وقبض الأرواح ، وطاعة الله ، وإيمان بالأنبياء جميعا لا فرق

__________________

(١) جميع الطاعات وأعمال الخير.

(٢) المسافر الذي انقطع عن أهله.

(٣) في تحريرها من الرّق أو الأسر.

(٤) هذا منصوب على المدح ، أي وأمدح الصابرين وأخصّهم بالذكر ، أو منصوب بإضمار فعل.

(٥) الفقر ، والوجع.

(٦) وقت القتال.

(٧) أي قبل الإلزام بالتكاليف المفروضة وبيان الحلال والحرام.

٨٢

بين نبي ونبي ، وإيمان بالكتب المنزلة من عند الله ، سواء كان الكتاب المنزل زبورا أم توراة أم إنجيلا أم قرآنا ، نؤمن بما نزل فيه كله ، ولا يقتصر الإيمان على بعضه والكفر بالبعض الآخر ، كما يفعل الذين جزّؤوا الدين ، وقطعوا الصلة بين الدين الأول والآخر ، فالدين كله لله ، ومن عند الله تعالى.

ولا بد مع الإيمان من العمل الصالح ، كإقامة الصلاة تامة الأركان والشروط مع الخشوع واستحضار القلب ، وإيتاء الزكاة المفروضة لمستحقيها على نحو دقيق شامل جميع أموال الزكاة من النقود والمواشي والزروع وأموال التجارة ، وإيتاء المال للمستحق مع حبّه له ، وهو إيتاؤه ذوي القرابة ، واليتامى والمساكين وأبناء السبيل (المنقطعين في السفر) والسائلين وتحرير الرقاب وفكاك الأسرى ، ففي المال حق آخر سوى الزكاة.

ومن أعلى درجات البر : الوفاء بالعهد والوعد وتنفيذ المعاهدات ، والصبر في البأساء (شدة الفقر) والضّراء (المرض والمصائب في المال والأهل) وحين البأس (وقت شدة القتال).

هؤلاء الموصوفون بما ذكر هم الصادقون في إيمانهم ، المتّقون عذاب الله ، الفائزون بثوابه وجنّته ورضوانه.

عقوبة القصاص

المنازعات والمخاصمات والاعتداءات ظاهرة اجتماعية مستمرة بين الناس بسبب الأطماع وحبّ السيطرة والتفوق والغلبة ، أو بسبب الشّجار وشدة الغضب وفقد الوعي ، أو حبّا للانتقام وأخذ الثأر ، وغير ذلك من الأسباب التي لا تتفق في شيء مع الخلق الكريم ، والدين والفضيلة ، أو الإنسانية ، فإن الخلق الكريم يأبى الإيذاء

٨٣

والاعتداء ، والدين يحرّم الظلم والبغي والإساءة إلى كرامة الآخرين ، والإنسان أخو الإنسان أحبّ أم كره ، فلا يظلمه ولا يؤذيه ولا ينتقصه ولا يعتدي عليه.

وقد أراد الله سبحانه أن ينظم شأن العداوات والاعتداءات بين الناس ، ففرض تشريع القصاص ، وألزم الوقوف عند جانب الحق والعدل ، دون تجاوز في العقاب ، أو معاقبة غير المتّهم المسيء ، فتجب المساواة الدقيقة التّامة بين الجريمة والعقوبة ، ولا يجوز بحال قتل غير القاتل ، أو قتل أكثر من شخص بجريمة قتل واحدة.

قال الشعبي : كان بين حيّين من أحياء العرب قتال ، وكان لأحد الحيّين طول (١) على الآخر ، فقالوا : نقتل بالعبد منا الحرّ منكم ، وبالمرأة الرجل ، فنزلت آية القصاص.

وقال سعيد بن جبير : إن حيّين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل ، وكان بينهم قتل وجراحات ، حتى قتلوا العبيد والنساء ، فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا ، فكان أحد الحيّين يتطاول على الآخر في العدد والأموال ، فحلفوا ألا يرضوا حتى يقتل بالعبد منا الحرّ منهم ، وبالمرأة منا الرجل منهم ، فنزل فيهم الحرّ بالحرّ ، والعبد بالعبد ، والأنثى بالأنثى.

قال الله تعالى : (٢) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٨) وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩)) [البقرة : ٢ / ١٧٨ ـ ١٧٩].

خاطب الله تعالى الناس في هذه الآية بوصف الإيمان ، مبيّنا لهم فرضية القصاص

__________________

(١) أي قدرة وترفع وغلبة.

(٢) ترك له.

٨٤

بسبب القتلى ، يقتصّ من القاتل بمثل ما فعل مع ملاحظة الأوصاف ، فيقتل الحرّ بالحرّ ، والعبد بالعبد ، والأنثى بالأنثى ، وعلى ولي القتيل أن يترك التّعدي على غيره كما كانت العرب تتعدى ، وتقتل بقتيلها الرجل من قوم قاتله ولو لم يكن قاتلا ، وعلى الحكام أولي الأمر تطبيق القصاص وإقامة الحدود ، بشرط ألا يتجاوز القصاص إلى اعتداء. ولولي الدم أن يعفو عن القصاص مجانا أو يأخذ الدية ، فذلك مباح ، فإذا عفا ولي الدم عن بعض الدم للقاتل أو عفا بعض الورثة عن القصاص ، سقط القصاص ووجبت الدية ، وحينئذ يطالب القاتل بالدية بالمعروف من غير شدة ولا عنف ، وعلى القاتل الأداء بالمعروف من غير مماطلة ولا تسويف.

وتشريع القصاص والدية والعفو عن كليهما أو أحدهما تخفيف من الله لنا ورحمة بنا ، فمن تجاوز ذلك وقتل بعد العفو والدّية ، فله عذاب مؤلم في نار جهنم. وفي تشريع القصاص حياة متحققة للجماعة ، فيرتدع سفّاكو الدماء إذا علموا أن من قتل غيره يقتل به ، ويمنع القصاص انتشار الفوضى والظلم في القتل ، ويتخلص الناس من عادة الأخذ بالثأر أو حبّ الانتقام ، وتمتنع الجريمة ويوضع الحدّ للشّر.

ثم ذكر الله تعالى حالة وجوب الوصية بقوله :

(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ (١) إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨١) فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨٢)) (٢) (٣) [البقرة : ٢ / ١٨٠ ـ ١٨٢].

فرض عليكم أيها المؤمنون حال ظهور علامات الموت بمرض مخوف أو حادث خطير ونحوهما ، إن ترك الواحد منكم مالا كثيرا لورثته ، أن يوصي للوالدين

__________________

(١) ترك مالا كثيرا.

(٢) ميلا عن الحق خطأ وجهلا.

(٣) ظلما عمدا.

٨٥

والأقربين من هذا المال ، وصية عادلة ، في حدود ثلث التركة ، حقّا مقرّرا على أهل التقوى الخائفين من الله وحسابه ، فمن غيّر الإيصاء من شاهد ووصي بعد سماعه ، فإنما ذنب هذا التغيير عليه ، وبرئت منه ذمّة الموصي ، وثبت له الأجر عند ربّه ، إن الله سميع لأقوال عباده المبدّلين ، عليم بأفعالهم وتصرفاتهم ، ونياتهم. فمن خاف من موص ميلا عن منهج الشّرع والحق خطأ ، أو وقوعا في المعصية عمدا ، فأصلح بين الموصي والموصى له ، بردّ الوصية إلى العدل والمقدار المحدد لها شرعا ، فلا إثم عليه ، والله غفور لمن بدّل للإصلاح ، رحيم به.

فرضية الصيام

الصيام أحد فرائض الإسلام وأركانه ، تهذيبا للنفس البشرية وتقويما لها ، وحفاظا على البنية الجسدية ، وتقوية للإرادة والصحة ، روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : «سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحجّ البيت ، وصوم رمضان».

الصيام في تقدير الإسلام رياضة روحية ، وطريق لإعداد النفس لتقوى الله عزوجل في السّر والعلن ، ومدرسة للصبر والجهاد وتحمل المشاق ، لذا ورد في السّنة النّبوية فيما رواه ابن خزيمة والبيهقي أن «الصوم شهر الصبر ، والصبر ثوابه الجنة».

ليس الصيام مفروضا على المسلمين وحدهم ، وإنما هو عبادة قديمة مفروضة في مختلف الشرائع الإلهية ، قال الله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣)) [البقرة : ٢ / ١٨٣].

٨٦

والصيام مطهرة للنفس ، ومرضاة للرّب ، وليس فيه مشقة شديدة أو شيء لا يحتمل ، وإنما هو أيام معدودات قلائل في العام ، شهر واحد : «لو علمت أمتي ما في رمضان من الخير ، لتمنّت أن يكون السّنة كلها». وقال الله سبحانه عن الصوم : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٤)) (١) (٢) [البقرة : ٢ / ١٨٤].

وقد يسّر الله أداءه على الناس ، فأباح قضاء الصيام في أيام أخر للمسافر والمريض والحامل والمرضع ، قال الله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥))

أما الذين يتحملون الصوم بمشقة شديدة كالشيخ الفاني والمريض مرضا مزمنا فعليهم فدية ، إطعام مسكين (نصف صاع أو مدّان من حنطة عند الحنفية ، ومدّ عند الجمهور) ، ومن تطوع وزاد في الفدية على طعام مسكين فهو خير له وأكثر ثوابا ، وصوم هؤلاء المعذورين خير لهم إن علموا وجه الخيرية فيه وكونه لمصلحة المكلفين ، إذا لم يتضرّروا.

وقد تميز شهر رمضان بفضائل وميزات عديدة ، أهمها أن ابتداء نزول القرآن حدث في رمضان ، قال الله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً

__________________

(١) يتحملونه بمشقة وشدة.

(٢) زاد في الفدية.

٨٧

أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة : ٢ / ١٨٥].

ومن مزايا رمضان : أن فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) (١) (فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ...) [القدر ٩٧ / ١ ـ ٣] إلى آخر السورة المعروفة.

ومن مزايا رمضان : أنه شهر العبادة وإجابة الدعاء والتقرب إلى الله ، والإحسان بقوة النفس والروح ، وصفاء الفكر ، والترفع عن الماديات والشهوات الدنيوية ، والتشبه بالملائكة الأطهار الأبرار الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. ولا تتحقق فوائد الصيام إلا بعفة اللسان ، والتزام حدود الله تعالى واتّباع أوامره ، واجتناب نواهيه ، لذا ختم الله تعالى آيات الصيام بقوله : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (١٨٧) [البقرة : ٢ / ١٨٧].

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما رواه البخاري ومسلم : «ألا وإن لكل ملك حمى ، وحمى الله محارمه» «ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه».

__________________

(١) أي القرآن.

٨٨

مشروعية الدعاء وآدابه

وحدود الصوم وما يباح فيه ليلا

الدعاء إلى الله تعالى نوع من العبادة والخضوع والتّذلل ، فإن الداعي يشعر دائما بالحاجة الملحة إلى ربّه ، والاستعانة بعزّته وقوته ، وطلب المدد والعون في المحن والبلايا ، أو الاستزادة من الخير والتوفيق في وقت الرخاء والنعمة. ثبت عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال في حديث صحيح : «الدعاء هو العبادة» «الدعاء سلاح المؤمن». والدعاء مفيد في مصارعة القضاء والقدر ، وفي تخفيف المصاب ، وفي رفع البلاء وجلب الرزق ، قال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الدعاء يرد القضاء ، وإن البر يزيد في الرزق ، وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه» «الدعاء ينفع بما نزل ، ومما لم ينزل ، فعليكم عباد الله بالدعاء» (١).

والدعاء إلى الله أمر مباشر بين العبد وربّه ، يسمع صوت عبده مهما كثرت أدعية العباد ، ومهما اختلفت الألسنة ، وإن كان الوقت واحدا واللحظة واحدة ، وسواء أكان الدعاء سرّا أم جهرا ، جاء أعرابي إلى النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : أقريب ربّنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فسكت عنه فأنزل الله :

(وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)) [البقرة : ٢ / ١٨٦].

وسأل أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أين ربّنا؟ فأنزل الله الآية السابقة : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ).

الله قريب من عباده ، وهو أقرب إليهم من حبل الوريد ، يعلم أعمالهم ، ويراقب أحوالهم ، يجيب دعوة من دعاه مخلصا له ، قد شفع دعاءه بالعمل الخالص لوجه الله سبحانه.

__________________

(١) انظر الجامع الصغير : حرف الدال.

٨٩

روي أن المشركين قالوا لما نزل : (فَإِنِّي قَرِيبٌ) : كيف يكون قريبا من بيننا وبينه على قولك سبع سموات في غلظ سمك (سقف) كل واحدة خمس مائة عام ، وفيما بين كل سماء مثل ذلك ، فنزلت : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) أي فإني قريب بالإجابة والقدرة ، أجيب إن شئت. وإذا استجاب الله دعاء عبده ، فإما أن تظهر الإجابة في الدنيا ، وإما أن يكفّر عن العبد خطاياه وذنوبه ، وإما أن يدّخر له أجر في الآخرة ، أخرج الإمام مالك في موطئه عن زيد بن أسلم أنه كان يقول : «ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث : إما أن يستجاب له ، وإما أن يدخر له ، وإما أن يكفّر عنه» وهذا حديث في حكم المرفوع ، أيّده حديث جابر المرفوع إلى النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالنّص السابق.

والدعاء بالسوء والأذى والاعتداء ممنوع ، قال الله تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [الأعراف : ٧ / ٥٥.]

وإذا سبق القدر بشيء فلا يجاب الدعاء ، فهذا أفضل البشر المصطفى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد «دعا أن لا يجعل بأس أمته بينهم» فلا يتنازعون ولا يتخاصمون ، ولا يتفرقون شيعا وأحزابا ، فمنع ذلك لأن القدر سبق بغير ذلك. سئل عبد الله بن جابر بن عتيك في بني معاوية ، وهي قرية من قرى الأمصار : «هل تدري ما الثلاث التي دعا بهن رسول الله؟ فقال : دعا بألا يظهر عليهم عدوّا من غيرهم ، ولا يهلكهم بالسنين فأعطيهما ، ودعا بألا يجعل بأسهم بينهم ، فمنعها ، قال ابن عمر : صدقت ، ثم قال ابن عمر : فلن يزال الهرج إلى يوم القيامة» والهرج : الفتنة والانقسام والاختلاط في الأمور.

ومن أهم آداب الدعاء : الأدب مع الله وخشوع القلب وصدق الطلب ، والاستقامة واستجابة ما دعا الله إليه من الإيمان بالطاعة والعمل ، فاستجابة الله للعبد مرتبطة باستجابة العبد لله فيما أمره به ، وفيما نهاه عنه.

ثم ذكر تعالى ما يحلّ في ليالي الصوم وحدود الصوم نهارا ، فقال :

٩٠

(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ (١) الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ (٢) لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ (٣) فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ (٤) الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي (٥) الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٨٧)) [البقرة : ٢ / ١٨٧].

يباح لكم في ليالي الصيام وقاع زوجاتكم ، فهنّ ستر لكم عن الحرام ، علم الله أنكم كنتم تخونون أنفسكم بالجماع ليلة الصيام ، فتاب الله عليكم وعفا وصفح عنكم ، والآن أباح الله لكم بأن تباشروا نساءكم ، واطلبوا ما أباحه الله لكم من الاستمتاع لإنجاب الذرّية. ويباح لكم الأكل والشرب أثناء الليل كله ، حتى يطلع الفجر الصادق ، ثم أتموا الصيام إلى غروب الشمس. ولا تجوز مباشرة النساء أثناء الإقامة في المساجد للعبادة بالاعتكاف. وتلك الأحكام المذكورة للصيام والاعتكاف هي حدود الله ، أي محظوراته وممنوعاته ، فلا تقربوها بالمخالفة ، وبمثل هذا التوضيح يبين الله أحكام دينه للناس ليتّقوا ربّهم ، ويبتعدوا عن المحرمات. أخرج أحمد وأبو داود والحاكم عن معاذ بن جبل قال : كانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا ، فإذا ناموا امتنعوا ، ثم إن رجلا من الأنصار يقال : قيس بن صرمة صلّى العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب ، حتى أصبح ، فأصبح مجهودا ، وكان عمر أصاب من النساء بعد ما نام ، فأتى النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فذكر ذلك له ، فأنزل الله : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ) إلى قوله : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ).

__________________

(١) الوقاع.

(٢) هنّ ستر لكم عن الحرام.

(٣) تخونون.

(٤) أي طلوع الفجر الصادق ، شبه الفجر والليل بخيطين : أبيض وأسود لامتدادهما.

(٥) محرّماته.

٩١

الرشوة وأخذ أموال الناس بالباطل

المال قوام الحياة المعيشية ، وأساس تقدم الدول والجماعات ، فبه تنهض الأمة ، وهو المعوّل عليه في الحرب والسلم وبناء النهضات والحضارات. لذا صانه الإسلام ، وجعل تحرّكه وانتقاله بين الناس مرهونا بالحق والعدل ، فلا غشّ ولا غبن ولا ظلم ولا استغلال ولا اغتصاب ، ولا يجوز لأحد أن يأخذ مال أحد إلا بإذنه ورضاه ، قال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حجة الوداع : «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام» «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه»

فالأموال لجميع الناس ، وقد قسمها الله بينهم قسمة عادلة لا جور فيها. ومن أهم القضايا التي تثار أمام المحاكم القضائية : قضايا المال والاقتصاد ، وإذا أصدر القاضي حكما في الدعوى أو الخصومة ، فإن حكمه لا يحلّ الحرام ولا يحرّم الحلال ، ويظل الواجب على المحكوم له أن يراقب الله تعالى ، ولا يأخذ من خصمه إلا الحق الثابت الشرعي الذي يطمئن إلى أنه ماله بحق ، قال سعيد بن جبير : إن امرأ القيس بن عابس وعبدان بن أشوع الحضرمي اختصما في أرض ، وكان امرؤ القيس هو المطلوب ، وأراد أن يحلف ، وعبدان هو الطالب ، فأنزل الله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨)) (١) [البقرة : ٢ / ١٨٨]. فحكم عبدان في أرضه ولم يخاصم الخصم الآخر ، وتنازل له عن حقّه.

نهانا الله سبحانه في هذه الآية أن نأكل أموال بعضنا بالباطل وبدون وجه حق ، ونهانا أن نلقي بالأموال إلى الحكام مستعينين في ذلك بالدفاع بالباطل ، والآية تشمل أخذ مال الآخرين بغير حق بمختلف الوسائل ، كالرشوة والقمار ، والخداع

__________________

(١) تلقوا فيها بالخصومة (الدعوى) ظلما إلى الحكام.

٩٢

والغضب وجحد الحقوق والأمانات ، والمعاصي والملاهي وشرب المسكرات ، والإكراه والغبن مع الاستغلال ، والغش وكتمان العيوب ، وأكل أموال اليتامى ظلما ، والتحايل والاختلاس والانتهاب ، والخيانة والسرقة والرّبا وتطفيف الكيل والميزان بأخذ زيادة عن الحق أو نقص حق الآخرين ، فتكون الآية الكريمة عامّة في الأشخاص والأموال ، فلا يحق لأي شخص أخذ مال غيره مهما كان صغيرا أم كبيرا ، ولا يجوز الباطل في سائر المعاملات المالية وغير المالية.

إن كثرة التقاضي بالباطل وشيوع الرشوة في الأمة خطر عليها وعلى اقتصادها وأخلاقها ووجودها. كيف يحلّ لإنسان أن يأخذ مال إنسان آخر بالإثم والزور ، والبهتان والرشوة ، وهو يعلم أنه حرام ، ولا يأكل في بطنه إلا النار.

إن قضاء القاضي لا يحل ما حرّمه الله كما ذكرت ، وإن كان هناك بيّنة أو شهود أو أيمان ، وقاعدة القضاء الشهيرة : الحديث النّبوي الثابت : «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ، ولعلّ بعضكم أن يكون ألحن (١) بحجته من بعض ، فأقضي له بنحو ما أسمع منه ، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من النار».

ولما سمع خصمان بهذا الحديث في عهد النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكيا وقال كل واحد منهما : حقي لصاحبي.

الشهور القمرية والعادات الحسنة

القرآن الكريم معلّم البشرية في جميع أحوالها ، في دينها وعبادتها ومعاملاتها وعقائدها وعاداتها ، فلا يرشد إلا إلى خير ، ولا يدل إلا على معروف ، ولا يشرع إلا

__________________

(١) أي أفطن وأعلم.

٩٣

ما ينسجم أو يتّفق مع العقول السليمة ، والعادات المألوفة المستحسنة الموافقة للغرض العقلاني والتقلب المفيد في شؤون الحياة.

لقد سأل العرب المسلمون عن أشكال الهلال وتبدّلاته في دورته الشهرية أو عن العلّة في أن القمر يبدو دقيقا كالخيط في مطلع الشهر ، ثم لا يزال يكبر حتى يصير بدرا في وسط الشهر ، ثم يصغر ويتضاءل حتى ينمحي ، وكان الغرض من السؤال بيان السبب أو فائدة الشهور القمرية ، وكان السائل معاذ بن جبل وثعلبة بن عنمة ، وهما رجلان من الأنصار ، قالا : يا رسول الله ، ما بال الهلال يبدو ، فيطلع دقيقا مثل الخيط ، ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير ، ثم لا يزال ينقص ويدقّ ، حتى يكون كما كان ، لا يكون على حالة واحدة ، فنزلت الآية : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ) [البقرة : ٢ / ١٨٩] وقال ابن عباس : نزلت على سؤال قوم من المسلمين النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الهلال ، وما فائدة محاقه وكماله ومخالفته لحال الشمس؟

لقد أجاب الله تعالى عن هذا السؤال ببيان فائدة القمر وأسباب أطواره التي يمر بها ، وهي ضبط الزمان وحساب الأيام لمعرفة أوقات حلول الديون وآجال العقود ، وتواريخ استحقاق الأجور والأكرية ، وزمن انقضاء العدد للنساء وما أشبه ذلك من بيان مصالح العباد ، ولمعرفة مواقيت الحج أيضا يعرف بها وقته وأشهره. والتوقيت بالسّنة والشهور القمرية سهل في الحساب ومناسب للعرب ، يؤقتون بدورات القمر أعمالهم وتجارتهم ومزارعهم وعبادتهم من صوم وحج وعدّة وغيرها.

وتضمنت الآية أيضا الكلام عن شأن العادة المستحسنة في دخول البيوت والخروج منها ، فقال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩)) [البقرة : ٢ / ١٨٩].

٩٤

وسبب نزول هذه الآية : تغيير عادة العرب في الجاهلية في الدخول إلى البيوت بعد الإحرام بالحج أو العمرة ، فقد كان أناس من الأنصار إذا أحرموا بحج أو عمرة لم يدخلوا الدور من الباب ، فإن كان من أهل المدر (أي المدن) نقب نقبا في ظهر بيته ، وإن كان من أهل الوبر (البدو) دخل من خلف الخباء ، فقيل لهم في القرآن الكريم :

ليس البر هذا ، ولكن البر من اتّقى الله وخاف عقابه ، ثم أمرهم الله بأن يأتوا البيوت من أبوابها ، ويتّقوا الله في كل شيء ، رجاء أن يكونوا من المفلحين.

لقد سوّى القرآن الكريم بين جميع الناس في الدخول إلى البيوت والخروج منها ، سواء أكانوا من أهل المدينة أم من الأعراب والبدو ، فلا يكون الإحرام بالحج أو العمرة سببا في تغيير المألوف والمعروف والعادات ، لأن تقوى الله في القلوب والنفوس ، وليست التقوى في المظاهر والشكليات التي لا معنى لها ، إن الإسلام يقرّ ما ينسجم مع العقل والمنطق ، وينبذ كل المظاهر الجوفاء ، والأشكال التي لا معنى لها ، فأي ارتباط بين الإحرام بالحج وبين الدخول من الباب الخلفي للبيت؟ ولماذا يسمح للقرشيين بالدخول من الأبواب الإمامية ولا يسمح لغيرهم بذلك؟ إن الدين واحد ، والهدي واحد ، والناس جميعا سواسية في أحكام الشريعة.

قواعد القتال

علّمنا القرآن الكريم في سورة البقرة في ستّ آيات ستّ قواعد في القتال في سبيل الله ، لمعرفة أسباب مشروعية القتال وغاياته وآدابه وزمنه. وأول هذه القواعد : أن القتال في سبيل الله أذن به الشّرع لردّ العدوان وحماية الدعوة وحرية الدين ونشره في العالم ، قال الله تعالى :

٩٥

(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠)) [البقرة : ٢ / ١٩٠].

نزلت هذه الآية لما صدّ المشركون رسول الله وأصحابه عن البيت الحرام في السنة السادسة من الهجرة ، ثم صالحوه صلح الحديبية على أن يرجع عامه ، ثم يأتي في العام القابل ، على أن يخلوا له مكة ثلاثة أيام ، فيطوف بالبيت الحرام ويفعل ما شاء ، وخاف المسلمون أن لا تفي لهم قريش بذلك ، وأن يصدّوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم في الشهر الحرام ، فأنزل الله تعالى : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) يعني قريشا.

القاعدة الثانية في القتال : أن القتال حين الاعتداء يجوز في أي مكان ، قال الله تعالى : (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (١٩١)) (١) (٢) [البقرة : ٢ / ١٩١] أي قاتلوهم إذا أدركتموهم وصادفتموهم على أي حال ، وأخرجوهم من مكة حيث أخرجوكم منها ، وفتنتهم المسلمين في الحرم عن دينهم بالإيذاء من مكة حيث أخرجوكم منها ، وفتنتهم المسلمين في الحرم عن دينهم بالإيذاء والتعذيب ومصادرة الأموال ، والإخراج من الوطن ، كما يفعل الصهاينة الآن بعرب فلسطين ، أشدّ قبحا من القتال في الحرم ؛ لأن الإيذاء والاضطهاد على العقيدة أمر خطير وشرّ وبيل.

القاعدة الثالثة : أنه لا يبدأ المسلمون قتال غيرهم في المسجد الحرام (٣) في مكة حتى يبدأهم الأعداء ، فإن قاتلهم أعداؤهم ، جاز القتال وردّ العدوان ، حتى ينتهي المعتدون عن عدوانهم ؛ لأن الشّر بالشّر ، والبادئ أظلم ، قال الله تعالى :

(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ

__________________

(١) وجدتموهم.

(٢) الشّرك بالله وهم في الحرم.

(٣) في الحرم.

٩٦

الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (١٩١) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٢)) [البقرة : ٢ / ١٩١ ـ ١٩٢].

القاعدة الرابعة : أن غاية القتال المشروع في الإسلام شيئان : منع الفتنة في الدين ، وضمان حريته ، وإقرار السّلم واستتباب الأمن والطمأنينة ، قال الله تعالى :

(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣)) [البقرة : ٢ / ١٩٣].

القاعدة الخامسة : أن الإذن بالقتال في الشهر الحرام : ذي القعدة من قبيل القصاص والمعاملة بالمثل ، فإن مشركي مكة انتهكوا حرمة هذا الشهر الحرام ، وردّوا المسلمين عن العمرة يوم الحديبية ، فقيل لهم عند خروجهم لعمرة القضاء ، وكراهتهم القتال في الأشهر الحرم : الشهر الحرام بالشهر الحرام وهتكه بهتكه ، فمن عظّمه عظّمناه ، ومن انتهك حرمته انتهكناه ، والقتال فيه في هذا العام كالقتال من المشركين في العام السابق ، فالواجب القصاص والأخذ بالمثل ، قال الله تعالى : (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٩٤)) (١) [البقرة : ٢ / ١٩٤].

القاعدة السادسة والأخيرة : أن القتال في سبيل الله يتطلب التضحية بالنفس والمال ، ويتوقف القتال كغيره على المال ، فيجب الإنفاق في سبيله ؛ لأن الإنفاق في الحروب وسيلة النصر وطريق الفوز والغلبة ، وترك الإنفاق مهلكة للأمة ، مضيعة للجماعة ، قال الله تعالى : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥)) (٢) [البقرة : ٢ / ١٩٥].

__________________

(١) ما تجب المحافظة عليه يعتمد على المعاملة بالمثل.

(٢) الهلاك بترك الجهاد وترك الإنفاق فيه.

٩٧

فرضية الحج وأحكامه

الحج على المستطيع أحد فرائض الإسلام الخمس وأحد أركانه الأساسية فرض سنة ست من الهجرة ، والعمرة فريضة أيضا مثل الحج في بعض المذاهب الإسلامية ، لقوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (١٩٦)) (١) (٢) (٣) [البقرة : ٢ / ١٩٦].

والحج فضلا عن كونه عبادة شخصية تقرّب إلى الله تعالى ، ويكفّر المعاصي والذنوب ، ويجدد المسلم العهد مع ربّه على الطاعة والاستقامة ، هو أيضا مظهر اجتماعي ومؤتمر إسلامي عام ، به يتعارف المسلمون بعضهم على بعض ، ويتذاكرون في شؤونهم العامة والخاصة ، وفي مصائر أمتهم وأحوال دنياهم وآخرتهم.

ويبدأ الحج بالإحرام به في هيئة مخصوصة وفي مواقيت مكانية وزمانية معلومة ، ويكون أداء الحج والعمرة بإحدى صور ثلاث : الإفراد بأن يحرم بالحج وحده ثم بالعمرة بعد انتهائه ، والتّمتع بتقديم العمرة على الحج ، والقران بالإحرام بالحج والعمرة معا ، وأوقات الحج : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ، فلا تصح نية الحج إلا في هذا الوقت ، وتنتهي أعماله في أيام عبد الأضحى التي تسمى أيام التشريق. أما العمرة فوقتها السنة كلها.

__________________

(١) منعتم عن البيت بعد الإحرام.

(٢) ما تيسر مما يهدى إلى الحرم من الأنعام.

(٣) مكان وجوب نحره وهو الحرم أو مكان الإحصار.

٩٨

ومن أحرم بحج أو عمرة ثم حيل بينه وبين إتمامه بسبب مانع مرضي أو إداري أو خوف من عدو ، وجب عليه التّحلل في مكانه وذبح الهدي (أي شاة) ، ويجب الهدي أيضا على المتمتع والقارن شكرا لله على تيسيره وفضله ، فمن عجز عن الهدي صام ثلاثة أيام في الحج قبل اليوم الثامن من ذي الحجة ، وسبعة أيام في وطنه إذا لم يكن الشخص من سكان الحرم المكي (المسجد الحرام).

وعلى الحاج التزام آداب وقواعد معينة في أثناء الحج ومنها الابتعاد عن الصلة الخاصة بالزوجات ، وعن فحش الكلام وعن الفسوق والخروج عن طاعة الله بفعل أي شيء محرّم كالصيد والطيب والزينة ولبس المخيط من الثياب والأحذية ، والتّنابز بالألقاب ، والجدال والمراء والخصام ؛ لأن الحاج في طاعة وعبادة وتقشف لا يناسبه هذه الأمور ، لقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ (١٩٧)) (١) (٢) [البقرة : ٢ / ١٩٧].

ويجوز للحاج والمعتمر التجارة بعد الانتهاء من أعمال الحج والعمرة ، قال الله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨)) (٣) [البقرة : ٢ / ١٩٨].

ويكثر الحاج والمعتمر من التلبية والتهليل والدعاء عند المشعر الحرام بالمزدلفة ، ومن ذكر الله ذكرا كثيرا حسنا ، اعترافا بفضل الله الذي هدى المؤمن هداية حسنة ، وعلّمه كيف يذكر ربّه ، وكان قبل ذلك ضالّا جاهلا لا يعرف كيف يكون ذكر الله. ويستمر في الحج وبعده ذكر الله والاستغفار والدعاء بالخير للمؤمن نفسه ولوطنه وأمته ، فمن دعا الله لأمر دنيوي فقط ، فلا نصيب له في الآخرة ، والأفضل الدعاء بالتوفيق والرزق والصحة في الدنيا ، وبالثواب والجنة في الآخرة ، وتجنب الأعمال

__________________

(١) لا وقاع ولا إفحاش في القول.

(٢) لا خصام ولا ملاحاة.

(٣) إثم وحرج.

٩٩

التي تؤدي إلى النار ، ويتأكد ذكر الله في أيام التشريق الثلاث ، فيكثر من التهليل والتكبير عقب الصلاة وعند رمي الجمار أثناء المبيت بمنى ليلتين أو ثلاثا ، تخفيفا من الله ، وعلى الحاج والمعتمر التزام تقوى الله والاستعداد للآخرة ، قال الله تعالى : (فَإِذا أَفَضْتُمْ (١) مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ (٢) النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ (٣) غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩) فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ (٤) مِنْ خَلاقٍ (٢٠٠) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (٢٠١) أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ (٥) مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٢٠٢) وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ (٦) فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣)) [البقرة : ٢ / ١٩٨ ـ ٢٠٣].

بعض مظاهر العصيان والنّفاق

وبعض نماذج الإيمان الصادق

الناس بالنسبة لدين الله وشرعه صنفان : منافق عاص ، ومؤمن طائع ، قلب المنافق مظلم مملوء كفرا ومعصية ، وقلب المؤمن مضيء بالإيمان مشرق بنور الله ، سائر بتوفيق الله.

__________________

(١) دفعتم أنفسكم وسرتم.

(٢) المزدلفة كلها أو جبل قزح.

(٣) عبادات الحج.

(٤) أي نصيب.

(٥) الحسنة : التوفيق والصحة والرزق.

(٦) أي في المبيت بمنى ورمي الجمرات في يومين من أيام التشريق.

١٠٠