التفسير الوسيط للقرآن الكريم - ج ١

الدكتور محمد سيد طنطاوي

التفسير الوسيط للقرآن الكريم - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمد سيد طنطاوي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
ISBN: 977-14-0523-3
الصفحات: ٦٧١

فقام بواجبه أتم القيام ، بلّغ الرسالة ، وأدّى الأمانة ، ونصح الأمة ، فجزاه الله خير الجزاء. والمعنى : أيها الرسول ، بلّغ جميع ما أنزل إليك من ربّك ، لا تخش أحدا ، ولا تخف من شيء ، فإنك إن لم تبلّغ كل المنزل إليك ، فما بلّغت رسالة الله ، فالتّبليغ حتم لازم ، وفوري لا يتأخر ، ولا يجوز تأجيل شيء عن وقته. ولا داعي لأحد يحرسك ، فالله يحميك ويحفظك من شرّ الناس ، والله لا يوفق الكافرين للإساءة إليك ، ولا يمكّنهم مما يريدون إنزاله بك من الهلاك.

قالت عائشة رضي الله عنها : من زعم أن محمدا كتم شيئا من الوحي ، فقد أعظم الفرية ، والله تعالى يقول : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ) الآية. وقال عبد الله بن شقيق : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتعقبه أصحابه يحرسونه ، فلما نزلت : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) خرج فقال : «يا أيها الناس ، ألحقوا بملاحقكم ، فإن الله قد عصمني».

ثم أمر الله تعالى محمدا عليه الصّلاة والسّلام أن يقول لأهل الكتاب المعاصرين له :

لستم على شيء مستقيم حتى تقيموا وتطبّقوا التوراة والإنجيل في الأمر بتوحيد الله الخالص والعمل الصالح ، والإيمان بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والعمل بالقرآن ، المنزل إليكم من ربّكم ، ونحن المسلمون من باب أولى : لسنا على شيء أبدا حتى نعمل بأحكام القرآن. ثم أقسم الله قسما مفاده أنه ليزيدن القرآن المنزل إليك من ربّك طغيانا أو تجاوزا للحدّ في الظلم على طغيان ، وكفرا على كفر ، بسبب الحسد الكامن ، فلا تحزن يا محمد ولا تتأسّف عليهم ، لزيادة طغيانهم وجحودهم ، فإن ضرر ذلك راجع إليهم لا إليك ، وفي نصرة المؤمنين بك غنى عنهم. والقليل منهم يزيدهم القرآن هدى ورشادا وتوفيقا للسعادة.

والقانون العام الإلهي : هو أن الله تعالى يغفر لكل مؤمن ، فالذين صدقوا بالله

٤٨١

ورسوله وهم المسلمون ، واليهود والصّابئون (فرقة من النصارى المحايدين) والنّصارى أتباع عيسى عليه‌السلام ، من آمن منهم بالله ربّا وإلها واحدا ، وآمن برسله ، وباليوم الآخر يوم القيامة ، وعمل صالحا فأقام الطاعات ، فلا خوف عليهم أبدا من عذاب القيامة ، ولا هم يحزنون أبدا على شيء من لذّات الدنيا ونعيمها ، بل هم في جنّات النعيم ، جعلنا الله منهم وألهمنا رشدنا وصوابنا.

علاقة أهل الكتاب برسلهم

الأنبياء والرّسل عليهم‌السلام مندوبون موفدون مكلفون من الله تعالى بتبليغ رسالات ربّهم وكتبه ووصاياه ، فما على البشر إلا الأخذ بتعاليمهم وتصديقهم في دعوتهم ، واحترامهم وتأييدهم جميعا ، دون تفرقة ولا تمييز ، ولا اختيار لأحدهم أو بعضهم وترك البعض الآخر. غير أن أهل الكتاب لم يلتزموا هذا الموقف المحايد ، وإنما صدّقوا بعض الرّسل ، وكذّبوا بعضهم الآخر ، بل قتلوا فريقا منهم ، أو وصفوه بصفة مخالفة للحقيقة ، ومغايرة للواقع. قال الله تعالى مبيّنا هذا الموقف :

(لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ (٧٠) وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٧١) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٧٢) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ (١)

__________________

(١) ابتلاء وعذاب.

٤٨٢

إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣) أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥)) (١) (٢) (٣) [المائدة : ٥ / ٧٠ ـ ٧٥].

تضمّنت هذه الآيات الكريمات أخبارا مثيرة ووقائع حدثت من أوائل الكتابيين ، الخبر الأول ـ يقسم الله تعالى بذاته على أنه أخذ العهد المؤكد الموثق على بني إسرائيل في التوراة على السمع والطاعة لله ورسله : موسى وعيسى ومحمد عليهم الصّلاة والسّلام ، فيؤمنوا بالله وحده لا شريك له ، ويتّبعوا أحكام الله وشرائعه ، ولكنهم نقضوا العهد والميثاق وعاملوا الرّسل بحسب أهوائهم ، فكذّبوا بعضهم وأعرضوا عن رسالته ، وقتلوا بعضهم ظلما وعدوانا.

والخبر الثاني ـ أنهم ظنّوا وتيقّنوا ألا يترتب على ما صنعوا شرّ وضرر ، وألا تقع بهم فتنة ، أي اختبار وابتلاء لهم بما فعلوا من الفساد ، لزعمهم أنهم أبناء الله وأحبّاؤه ، ولّجوا في شهواتهم ، واختبروا بالشدائد ، ولكنهم لم يتّعظوا ولم يعتبروا ، وعموا عن الحق ، ولم يتبصّروا طريق الهدى ، فشبّهوا بالعمي ، وصمّوا آذانهم عن استماع الحق وعن تدبر آيات الله ، فشبّهوا بالصّمّ ، فلم يهتدوا إلى الخير ، وتسلط عليهم البابليّون ونهبوا أموالهم ، وسبوا أولادهم ونساءهم ، ثم تاب الله عليهم مما كانوا فيه ، أي رجع بهم إلى الطاعة والحق ، حين أنابوا لربّهم وتركوا الفساد والشّرّ وعبادة العجل ، ثم أعادوا الكرة للانغماس في الشهوات ، فعموا عن المواعظ ، وصموا آذانهم عن آيات الله ولم يعتبروا بالإنذارات ولم يتّعظوا بالشدائد والحجج

__________________

(١) مضت.

(٢) كثيرة الصدق مع الله تعالى.

(٣) أي يصرفون عن الحق مع قيام البرهان.

٤٨٣

والآيات البيّنات ، وكان أكثرهم عصاة ، عصوا أوامر الله والرّسل ، فسلّط الله عليهم الفرس ، ثم الرّومان ، فدمّروا ملكهم وسلبوا استقلالهم. والله مطّلع على أحوالهم ، عليم بمكائدهم ومكرهم برسلهم وبالرسول محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان أقلّهم مؤمنين صالحين.

والخبر الثالث ـ يقسم الله تعالى أيضا أنه كفر الذين ألّهوا المسيح ، وضلّوا ضلالا شديدا خارجا عن حدود العقل والدين ، مع أن المسيح حذّرهم عاقبة الشّرك والوثنية ، وأعلمهم بأن من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار ، وليس للظالمين أنفسهم من نصير ينصرهم ولا شفيع يشفع لهم وينقذهم.

والخبر الرابع ـ قسم آخر مؤكد من الله تعالى كالذي قبله بأنه كفر الذين قالوا بالتّثليث ، وأنه لا يوجد في هذا الكون والعالم إلا إله واحد ، فرد صمد ، وهو خبر صادق بالحق ، وذلك الإله هو الله تعالى ، وإن لم ينتهوا عما يزعمون ، ليتعرضنّ لعذاب شديد مؤلم في الآخرة.

وفي أعقاب هذه الأخبار اقتضت رحمة الله وألطافه بعباده أن يحضّهم على الإيمان الصحيح ، ويدعوهم إلى التّوبة والاستغفار مما وقعوا فيه من الكفر والعصيان ، فالله غفور للتّائبين ، رحيم بهم ، ستّار للذنوب.

والخبر الخامس ـ عن حقيقة المسيح وأنه رسول بشر كالرّسل المتقدّمة قبله ، وأن أمّه مريم صدّيقة ، أي مؤمنة بحقيقة عيسى ، ومصدّقة له ، ومعترفة برسالته على الوجه الصحيح ، ولها مرتبة تلي مرتبة الأنبياء والمرسلين. وهي وابنها مجرد بشرين كانا يشربان ويأكلان الطعام ، للحفاظ على معيشتهما وحياتهما.

ثم أمر الله تعالى نبيّه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأمته من بعده بالنظر في ضلال هؤلاء القوم ، وبعدهم عن سنن الحق ، وأن الآيات والدلائل الواضحة تبيّن لهم ، وتوضّح في غاية

٤٨٤

الوضوح ، ثم هم بعد ذلك يصرفون عن الحق ، أي تصرفهم دواعيهم وأهواؤهم وحرصهم على تكسّبهم عن الحق الأبلج والطريق الإيماني الأقوم والأسلم.

أسباب الفساد والانحراف في غير المؤمنين

كان من رحمة الله بعباده وفضله عليهم أن حذّرهم وأنذرهم وأبان أسباب انحرافهم وضلالهم ، قبل أن يفاجئهم بالحساب العسير والعقاب الأليم على زيغهم ، وكان هذا التحذير والإنذار شاملا جميع غير المؤمنين إيمانا صحيحا ، وهم كل من عبد غير الله من الأصنام والأوثان ، وخرج عن مقتضيات أوامر الله وتعاليمه في الكتب الإلهية السابقة ، ولم يلتزم بمبدإ وحدة الأديان القائمة على توحيد الله عزوجل ، والاستقامة على أوامره وطاعته ، والعمل على وحدة الانتماء إلى أمة التوحيد ، وترك موالاة غير المؤمنين ومناصرتهم.

وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم في وصف أخطاء غير المؤمنين بقوله تعالى : (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٧٧) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩) تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (٨٠) وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٨١)) (١) (٢) [المائدة : ٥ / ٧٦ ـ ٨١].

__________________

(١) لا تتجاوزوا الحدّ ولا تفرطوا.

(٢) غضب الله عليهم بما فعلوا.

٤٨٥

أوضحت هذه الآيات الكريمة أسباب انحراف غير المؤمنين عن الإيمان الحق وحصرتها في خمسة أسباب : وهي عبادة غير الله تعالى ، والغلو في الدين بغير حق ، وعصيان الأوامر الإلهية ، والسكوت عن المنكر أو الضلال والرّضا به ، وموالاة غير المؤمنين بالله ورسوله محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أما سبب الانحراف الأول وهو الأهم : فهو عبادة غير الله الذي لا يقدر على دفع ضرّ ، ولا جلب نفع لأوليائه العابدين له ، ولغير العابدين على السواء ، فلم تستطع الأصنام والأوثان نفع المشركين ولا إضرارهم ، ولم يستطع عيسى عليه‌السلام إصابة أعدائه اليهود بضرّ ، مع أنهم حاولوا قتله وصلبه ، ولم يتمكّن عيسى أيضا من تقديم نفع لأتباعه وأنصاره ، سواء في الدنيا أو في الآخرة ، بالرغم مما تعرّضوا له من تعذيب وطرد. والله وحده هو السميع لكل صوت أو همسة ، العليم بكل شيء ، فهو الذي يستحق العبادة وحده دون سواه.

والسبب الثاني للانحراف والفساد هو المغالاة في الدين وتجاوز الحدود في وصف عيسى ، واتّباع أهواء قوم وآرائهم الواهية من غير حجة ولا برهان ، أولئك القوم المتّبعون الذين ضلّوا من قبل ، وأضلّوا كثيرا من الناس ، وضلّوا عن السّبيل الوسط ، والرأي المعتدل.

وسبب الانحراف الثالث : هو عصيان أوامر الله واعتداؤهم على خلقه ، وتماديهم في العصيان والمخالفة ، فاستحقّوا اللعن ، أي الطرد من رحمة الله ، وما على من جاء بعدهم من الأجيال إلا الحذر من المعاصي والمنكرات ، والحرص على الاستقامة على أوامر الله وترك منهياته ومخالفاته.

وسبب الانحراف الرابع : هو الرّضا بالجريمة والسكوت عن المنكر ؛ لأن الساكت راض عن الفعل ، وهو شيطان أخرس ، ولذا كان من أهم حصون الدين الحفاظ على

٤٨٦

دائرة الحق والعدل فيه ، وترك المنكر حتى لا يفشو كالنار في الهشيم أو الزرع اليابس ، ومن الواجب تكتل الأفراد والجماعات والسّعي لاستئصال شأفة الفساد الديني ، والخلقي والاجتماعي في مظلّة السلطة المؤمنة.

وسبب الانحراف الخامس : هو ترك موالاة ومناصرة الذين كفروا ، فإن كثيرا من أهل الكتاب كانوا في صدر الإسلام يتولون مشركي مكّة ، ويتآزرون معهم ، ويتركون موالاة المؤمنين.

ولكنهم بهذه الموالاة لغير جند الإيمان أساؤوا لأنفسهم ، وتعرّضوا لسخط الله وغضبه عليهم ، وكانوا خالدين في النار وعذابها الشديد. ولو عقلوا وفكّروا جيدا ، وآمنوا بالله تعالى الإله الواحد ، وبالنّبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم خاتم النّبيين ، وآمنوا بالقرآن الكريم المنزل إليه من ربّه ، ما اتّخذوا المشركين والكفّار أولياء وأنصارا ، وأصدقاء وأعوانا ، ولكن كثيرا منهم في الواقع فاسقون ، أي خارجون عن دائرة الدين الحق ، وعن طاعة الله ورسوله ، وأصول دينه ، لأنهم أرادوا تحقيق زعامة كاذبة ، والحصول على عرض دنيوي زائل ، فأضاعوا الدنيا والآخرة.

علاقة أهل الكتاب بالمؤمنين

من الطبيعي أن يلتقي أهل الأديان وأن تتّحد كلمتهم ؛ لأنهم يؤمنون إيمانا متماثلا بوجود الخالق ووحدانيته ، وبوجود البعث والجنة والنار ، وأن تكون أخلاقهم ومعايير سلوكهم واحدة مقتبسة من تعاليم الله وإرشاداته ، وليس من المنتظر الالتقاء مع المشركين والوثنيين أو الماديين الملحدين ؛ لأن هؤلاء لا يؤمنون بالدين الإلهي ، وإنما يؤمنون بمبادئ وهمية ، أوجدها الزعماء والقادة ، وقلّدهم الأتباع والأدنياء من غير تأمل ولا تعقل.

٤٨٧

لذا خاطب الله تعالى في القرآن الكريم اليهود والنصارى بصفة أهل الكتاب ، وخاطب غير المؤمنين بالدين الإلهي أصلا بلفظ المشركين. وكانت علاقة المؤمنين ببعض أهل الكتاب علاقة ودّ وصداقة ، وعلاقة المسلمين بالمشركين تتّسم بالعداوة والجفاء والبغضاء.

قال الله تعالى : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣) وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٨٦)) (١) [المائدة : ٥ / ٨٢ ـ ٨٦].

نزلت هذه الآيات في قوم من النصارى من الحبشة أو من نجران أو من غيرهم وصفهم القرآن بأنهم أهل ودّ لأهل الإيمان بالله ورسوله ، وهم بالنسبة للمؤمنين أقرب من اليهود والمشركين المتباعدين عن ساحة الإيمان ، وهذا خبر مطلق منسحب على الزمن كله ، وهكذا هو الأمر حتى الآن ؛ لأن اليهود مرنوا على تكذيب الأنبياء وقتلهم ، ولازمهم العتو والمعاصي ، وكذلك المشركون عبدة الأوثان من العرب ، وعبدة النّيران من المجوس عادوا الدين مطلقا عداء شديدا ، وأنكروه وحاربوا أهله.

والمعنى : تالله إن أقرب الناس محبة ومودة للمؤمنين هم النصارى أتباع عيسى ابن مريم رسول الله ، لما في نفوسهم من الرّقة والرّأفة والرحمة ، والبعد عن التّعصب الديني إذا قورنوا باليهود والمشركين الذين دأبوا على الحسد وهضم الحقوق ، وسبب

__________________

(١) تمتلئ به.

٤٨٨

مودة النصارى للمؤمنين : وجود قسّيسين (علماء) ورهبان (عبّاد) يدعون للإيمان والفضيلة والتّواضع والزهد والتّقشف ، ولا يستكبرون عن سماع الحق والإنصاف والانقياد له.

وإذا سمع هؤلاء النصارى شيئا من القرآن ، بكوا بكاء حارّا تعاطفا مع كلام الله وتأثّرا به وبما عرفوا وعلموا من الحق ، والبشارة ببعثة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وتراهم يبادرون بصحة دعوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبوحدانية الله.

ثم أكّدوا قولهم فقالوا : ولا مانع يمنعنا من الإيمان بالله واتّباع الحق الذي نجده في القرآن ، ونطمع أن يدخلنا ربّنا الجنّة ، بصحبة الصالحين أتباع خاتم النّبيين الذين ثبت صلاحهم وصحة إيمانهم.

وكانت هذه المبادرة الطيبة منهم في الماضي والمتكررة أحيانا في كل عصر سببا لإثابة الله لهم ومجازاتهم بدخول الجنات التي تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلّها ، وذلك جزاء المحسنين أعمالهم في أتّباعهم الحق وانقيادهم له ، مهما كان مصدره. ونعيم الآخرة نعيم لا نتمكّن في دنيانا من معرفة حقيقته وأوصافه ، لقوله تعالى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)) [السّجدة : ٣٢ / ١٧].

أما الذين كفروا بوجود الله ووحدانيته وكذّبوا بآيات الله وخالفوها ، وعادوا رسالة القرآن والتوحيد ، فأولئك هم أهل النار الداخلون فيها ، والمقيمون فيها إقامة دائمة.

يلاحظ كل إنسان بعيد النظر راجح العقل والفكر الفرق الواضح بين ثواب المؤمنين الصالحين وهو جنان الخلد ، وجزاء الكافرين العصاة وهو الخلود في نار جهنم ، وذلك الفرق وحده كفيل بالرّدع والرّهبة والخوف الذي يملأ النفوس خشية من سوء المصير الذي ينتظر كل من لم يؤمن بالقرآن العظيم وبرسالة الإسلام المجيدة.

٤٨٩

إباحة الطيّبات

الإسلام دين الوسطية والاعتدال ، فلا تهاون فيه في الأعمال الخيرية أو النافعة للإنسان والجماعة ، ولا تشدّد ولا إرهاق في جميع الأعمال التكليفية التي أمر الله تعالى بها ، وإنما الإسلام دين سمح سهل ، قليل التكاليف والمطالب ، يبيح الحلال الطيب ، ويمنع الحرام الخبيث ، ولا إفراط فيه ولا تفريط ، ولا تجاوز للحدود المعقولة والضوابط والقيود الشرعية المشروعة لمراعاة مصالح الناس وتحقيق منافعهم ، ودفع المفاسد والمضارّ والمؤذيات عنهم.

قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٨٨)) [المائدة : ٥ / ٨٧ ـ ٨٨].

نزلت الآيتان في حق جماعة أرادوا التشدّد في الدين والقيام بأعمال كثيرة بقصد مرضاة الله ودخول جناته ، أخرج ابن جرير الطبري وغيره عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في رهط من الصحابة ، منهم عثمان بن مظعون ، وعلي بن أبي طالب ، قالوا : نقطع مذاكيرنا ، ونترك شهوات الدنيا ، ونسيح في الأرض كما تفعل الرهبان ، فبلغ ذلك النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأرسل إليهم ، فذكر لهم ذلك ، فقالوا : نعم ، فقال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لكني أصوم وأفطر ، وأصلّي وأنام ، وأنكح النساء ، فمن أخذ بسنّتي فهو مني ، ومن لم يأخذ بسنّتي فليس مني».

والمعنى : يا أيها المؤمنون لا تحرّموا على أنفسكم ولا تمنعوها من الطيبات وهي المستلذات المستطابات للنفس ، لما فيها من المنافع ، بأن تتركوا التمتع بها تقرّبا إلى الله تعالى ، ولا تقولوا : حرمنا على أنفسنا كذا وكذا ، مما هو حلال لكم ومباح. لا تفعلوا هذا تنسّكا وزهدا وتقرّبا إلى الله ، فإن الله لا يرضى عن ذلك ، بل ينهى عنه ،

٤٩٠

كما قال تعالى في آية أخرى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١٧٢)) [البقرة : ٢ / ١٧٢]. والرّزق : ما صح الانتفاع به.

ولا تتجاوزوا حدود ما أحلّ الله لكم إلى ما حرّم عليكم من الخبائث ، ومن الإسراف والتقتير ، وكلا الأمرين اعتداء ، وهما تجاوز الحلال الطيب إلى الحرام الخبيث ، والإسراف في تناول المباح ، كما قال الله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف : ٧ / ٣١].

والتزام الوسط في الإنفاق دون إسراف ولا تقتير ، ولا نهم مادي ولا ترفّع عن المادّيات والانشغال بالرّوحانيات هو الذي يحقق مبدأ وسطية الإسلام واعتداله.

وسبب النّهي عن تجاوز الحدود الشرعية : أن الله يبغض كل أولئك الذين يتعدون حدود الله ، وأن من تجاوز الحدّ الشرعي ، هان عليه اقتراف جميع المنكرات والوقوع في المعاصي والسّيئات ، فمن سرق مثلا تجرّأ على القتل والفتك والإرهاب ونشر الرعب في كل مكان ، وسهل عليه ارتكاب جميع المحرّمات. ولذا حصّن الشّرع سلوك المسلم وصانه من الانحراف بقوله تعالى : (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) [الطّلاق : ٦٥ / ١]. وقوله سبحانه : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤)) [النّساء : ٤ / ١٤].

ثم وضع لنا القرآن الكريم قانون الانتفاع بالأشياء والأمور المعاشية المعتادة فقال : (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) أي تناولوا الحلال الذي لا إثم فيه كالرّبا والرّشوة وأكل مال الآخرين بالباطل ، فإنه إثم وفسوق ، وكلوا الطيب غير المستقذر في نفسه كالميتة والدم ، أو الطارئ كالفاسد المتغير بطول المدة ، أو المذبوح لغير الله من الأصنام والأوثان. واتّقوا الله بالتزام أوامره واجتناب نواهيه في الأكل واللباس والنساء وغيرها ، فلا تحرّموا ما أحلّ الله

٤٩١

ولا تحلّوا ما حرّم الله ، ظنّا منكم أن هذا خير ، فإن كل ما لم يشرعه الله هو شرّ لا خير فيه ، وهو إما تشدّد في الدين من غير مسوّغ ، أو تهاون وتقصير وتجاوز لشريعة الله. والأمر بالتقوى بعد بيان الحلال الطيب من المطاعم للإرشاد إلى أنه لا منافاة ولا تغاير بين الاستمتاع بطيبات الرزق وبين التقوى أو الوصول إلى أرقى درجات القرب المعنوي من الله تعالى والظفر برضوانه.

كفارة اليمين

على المؤمن أن يحترم عهد الله وميثاقه ، ويعظّم ذات الله وجلاله ، فيبتعد عن كل مظاهر الإخلال بهيبة الله وقدسيّته ، وإذا حلف بالله تعالى وجب عليه صون يمينه إذا كان الأمر المحلوف عليه قربة أو طاعة ، وجاز له مخالفة مقتضى اليمين بل يجب إذا كان المحلوف عليه معصية ، ولا مؤاخذة في الأيمان التي تجري عفوا على اللسان دون قصد اليمين ، مثل : لا والله وبلى والله لتأكل أو تشرب أو تجلس أو تزورنا ، وإنما المؤاخذة الشرعية على الأيمان المتعمدة التي يقصدها الحالف مريدا التزامها ، فإذا ندم عليها ، فإن الشّرع يسّر عليه الأمر ، ورخّص له عند الحنث بيمينه إخراج ما يسمى بكفارة اليمين.

قال الله تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٨٩)) (١) (٢) [المائدة : ٥ / ٨٩].

__________________

(١) ما يجري على لسان الحالف دون قصد اليمين أو الحلف على ما يعتقد صدقه وهو بخلافه.

(٢) قصدتم الحلف.

٤٩٢

روى ابن جرير الطبري عن ابن عباس قال : لما نزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) [المائدة : ٥ / ٨٧] في القوم الذين كانوا حرّموا النساء واللحم على أنفسهم قالوا : يا رسول الله ، كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها ، فأنزل الله تعالى ذكره : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ ..) الآية. علّق الطبري على ذلك بقوله : فهذا يدلّ على ما قلنا من أن القوم كانوا حرّموا ما حرّموا على أنفسهم بأيمان حلفوا بها ، فنزلت هذه الآية بسببهم.

والمعنى : لا مؤخذة بالأيمان التي تحلف بلا قصد ، ولا يتعلّق بها حكم ، وهي اليمين اللغو : وهي التي تسبق على لسان الحالف من غير قصد ، قالت عائشة : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «هو كلام الرجل في بيته : لا والله ، وبلى والله».

ولكن المؤاخذة باليمين المنعقدة : وهي التي يحدث الحلف فيها على أمر في المستقبل بتصميم وقصد أن يفعله أو لا يفعله. وتكون بالحلف فيها بالله أو بصفة من صفاته ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما رواه الجماعة عن ابن عمر : «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت». ولا تنعقد اليمين بغير الله من المخلوقات كنبي أو ولي ، بل إنه حرام.

ونوع المؤاخذة في اليمين المنعقدة : هو إيجاب الكفارة عند الحنث باليمين أي عدم البر ومخالفة مقتضى اليمين ، وعلى الحانث الكفارة سواء كان عامدا أو ساهيا أو ناسيا أو مخطئا ، أو نائما ومغمى عليه ومجنونا أو مكرها.

والكفارة على الموسر مخيّر فيها بين ثلاث خصال : إطعام عشرة مساكين مدّ طعام (قمح) أي ٦٧٥ غم من النوع المتوسط الغالب أكله على أهل البلد ، ليس بالأجود الأعلى ولا بالأردإ الأدنى ، وهو أكلة واحدة : خبز ولحم ، وتقدير المدّ بالقيمة حوالي ٢٥ أو ٣٠ ل. س في عصرنا. هذه خصلة.

٤٩٣

والخصلة الثانية : كسوة المساكين بحسب اختلاف البلاد والأزمنة كالطعام ، يعطى لكل فقير رداء متوسط كالجلابية والسروال ونحوهما.

والخصلة الثالثة : عتق رقبة حين كان الرّق موجودا ، بشرط أن تكون الرقبة مؤمنة عند جمهور العلماء ، مثل كفارة القتل الخطأ أو الظهار ، ولم يشترط فقهاء الحنفية كون الرقبة مؤمنة ، فيجزئ إعتاق الكافرة ، عملا بإطلاق النّص القرآني أي (رَقَبَةٍ). هذه كفارة الموسر الذي يملك ما يزيد على إطعام أهله يوما وليلة.

أما كفارة المعسر الذي لم يستطع إطعاما أو كسوة أو عتق رقبة ، فعليه صيام ثلاثة أيام متتابعة في رأي الحنفية والحنابلة ، ولا يشترط التتابع عند غيرهم.

ولا وقت للكفارة ، وإنما يستحب تعجيلها ، فإن مرض صام عند القدرة ، وإن استمرّ العجز يرجى له عفو الله ورحمته ، وللوارث أن يتبرع بالكفارة.

هذه كفارة الأيمان إذا حلفتم بالله أو بأحد أسمائه الحسنى أو صفاته العليا ، وحنثتم ، ويطلب منكم حفظ أيمانكم : وهو البر بها وترك الحنث ، أي المخالفة ، ومثل ذلك اليمين يبين الله لكم أحكام شريعته ودينه ، لتقوموا بشكر النعمة فيما يعلّمكم القرآن ، ويسهل عليكم المخرج من إثم الحنث في اليمين. ويحرم الحنث في اليمين إذا كانت على فعل واجب وترك حرام ، ويندب الوفاء ويكره الحنث إذا تم الحلف على فعل مندوب أو مباح ، ويجب الحنث في اليمين والكفارة إذا كانت اليمين على معصية أو حرام.

أما اليمين الغموس : وهي اليمين الكاذبة قصدا ، التي تكون لتضييع حق مسلم أو غش أو خيانة ، فلا كفارة لها في رأي جمهور العلماء ، وإنما فيها الإثم وتغمس صاحبها في النار ، وأجاز الإمام الشافعي رحمه‌الله تفكير هذه اليمين ، وتيسيرا على الناس ، وإنقاذا لهم من الوقوع في نار جهنم ، والله المستعان.

٤٩٤

تحريم الخمر والميسر ونحوهما

إن دائرة الحرام في الإسلام ضيقة ، ودائرة الحلال أوسع منها بكثير ، والمحرّمات في الإسلام هي التي تؤدي إلى الضرر بالنفس أو المال أو الناحية الأدبية ، أو تكون مستقذرة في نفسها ، ومن هذه المحرمات المنكرات بالنص القطعي اليقيني في القرآن الكريم : الخمر والميسر (القمار) ، والأنصاب ، أي الحجارة التي كانت حول الكعبة المشرفة التي يذبحون عندها قرابينهم ، والأزلام : وهي قطع رقيقة من الخشب كالسهم كانوا يستقسمون بها في الجاهلية ، تفاؤلا أو تشاؤما ، وكانت إما عند الكهان وإما عند الأصنام ، قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٩٢) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٩٣)) (١) (٢) (٣) (٤) [المائدة : ٥ / ٩٠ ـ ٩٣].

نزلت هذه الآيات فيما روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة ، وهم يشربون الخمر ، ويأكلون الميسر ، فسألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عنهما ، فأنزل الله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ ..) الآية ، فقال الناس : ما حرّم علينا إنما قال : إثم كبير ، وكانوا يشربون الخمر ، حتى كان يوم من الأيام ، أمّ رجل من المهاجرين أصحابه في المغرب ، فخلط في قراءته ، فأنزل الله آية أشدّ منها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) [النّساء : ٤ / ٤٣].

__________________

(١) الأصنام حول الكعبة.

(٢) قداح الاستقسام في الجاهلية.

(٣) خبيث نجس.

(٤) إثم وحرج.

٤٩٥

ثم نزلت آية أشدّ في ذلك : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) إلى قوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) قالوا : انتهينا ربّنا ، فقال الناس : يا رسول الله ، ناس قتلوا في سبيل الله ، وماتوا على فراشهم ، وكانوا يشربون الخمر ، ويأكلون الميسر ، وقد جعله الله رجسا من عمل الشيطان ، فأنزل الله : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا ..) إلى آخر الآية.

وقال أبو ميسرة : نزلت هذه الآيات بسبب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فإنه ذكر للنّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عيوب الخمر ، وما ينزل بالناس من أجلها ، ودعا إلى الله في تحريمها ، وقال : اللهم بيّن لنا فيها ـ أي في الخمر ـ بيانا شافيا ، فنزلت هذه الآيات فقال عمر : انتهينا انتهينا.

وقد مرّ تحريم الخمر للتّرويض وبالتدريج في مراحل أربع ، وهذه الآيات في سورة المائدة تحرّم تحريما قاطعا الخمر وهو المتّخذ من ماء العنب النّيء ، وتشمل كل شراب مسكر خامر العقل وغطّاه ، وتحرّم أيضا الميسر (القمار) والأنصاب وهي كما تقدم حجارة حول الكعبة كان العرب في الجاهلية يعظّمونها ، ويذبحون القرابين عندها. وتحرّم أيضا الأزلام وهي كما تقدّم أعواد ثلاثة كالسهام ، كتب على أحدها : لا ، وعلى الآخر : نعم ، والثالث : غفل لا شيء مكتوبا عليه ، وقد دلّت الآيات على تحريم هذه الأشياء الأربعة من نواح أربع : وهي أولا وصفت بكونها رجسا أي قذرا ، حسّا ومعنى ، عقلا وشرعا ، ووصفت ثانيا بأنها من عمل الشيطان وذلك غاية القبح ، وأمر الله ثالثا باجتنابها ، والأمر بالاجتناب أشدّ تنفيرا من مجرد النّهي عنها أو القول بأنها حرام ، فهو يفيد الحرمة وزيادة وهو التنفير ورابعا جعل الله اجتنابها سببا للفرح والفوز والنجاة في الآخرة.

ثم بيّن الله تعالى مضارّ الخمر والقمار المعنوية : الشخصية والاجتماعية ، فهما سبب إيقاع الناس في العداوة والبغضاء ، وسبب الصّدّ والإعراض عن ذكر الله وعن

٤٩٦

أداء الصلاة ، ثم حرّض الله تعالى على الانتهاء عن الخمر والميسر بقوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) هذا فضلا عن أن الخمر والميسر يؤدّيان إلى إتلاف الأموال وتبديدها في الوجوه الضارّة غير النافعة ، ولهما مخاطر مؤكدة على أعصاب الإنسان وإيقاعه في القلق والاضطراب.

ثم أمر الله سبحانه بطاعته وبطاعة رسوله ، وحذّر من مخالفتهما ، فإن أعرضتم أيها الناس ، فإن رسولنا عليه مجرد الإبلاغ الواضح ، ومن أنذر فقد أعذر. ثم أوضح الله تعالى حكم الذين شربوا الخمر وماتوا قبل تحريمها ، وهو أنه لا حرج ولا إثم عليهم ما داموا قد آمنوا واتّقوا عذاب النار وعملوا صالح الأعمال التي أمر الله بها ، ثم داوموا على التزام جانب التقوى والإيمان ، ثم لازموا التقوى وأحسنوا أعمالهم ، والله يثيب المحسنين المتقنين أعمالهم ، ويرضى عنهم ، ويتجاوز عن سيئاتهم السابقة فضلا منه ورحمة ، والله مع المحسنين المتّقين بالعون والرضوان.

وتكرار كلمة (اتَّقَوْا) في الآية يقتضي في كل واحدة زيادة على التي قبلها ، وفي ذلك مبالغة في هذه الصفات لهم.

حكم الصّيد في حال الإحرام

الإنسان العربي ميّال بطبعه إلى الصيد ، ومحتاج إليه بحكم قلة موارد الحياة في الماضي ، وهو لا يكاد يستغني عن الاصطياد في كل زمان ومكان ؛ لأن الصيد طعام لذيذ ، إلا أن الشّرع تجاوب مع هذا الميل الطبيعي للصيد ، فأباح منه صيد البحر في حال الإحرام بحج أو عمرة ، وحرّم منه صيد البر في تلك الحالة أو الآونة. وأوجب الشّرع على الحاج أو المعتمر المخالف هذا التحريم فدية مماثلة للحيوان المصيد ، أو إطعام مساكين ، أو صياما معادلا أو مساويا للمصيد حجما أو قيمة.

٤٩٧

قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٩٥) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩٦)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) (٦) [المائدة : ٥ / ٩٤ ـ ٩٦].

أخرج ابن أبي حاتم في سبب نزول هذه الآية عن مقاتل : أنها نزلت في عمرة الحديبية ، حيث ابتلاهم الله بالصيد ، وهم محرمون ، فكانت الوحوش تغشاهم في رحالهم ، وكانوا متمكنين من صيدها ، أخذا بأيديهم ، وطعنا برماحهم ، وذلك قوله تعالى : (تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ) فهمّوا بأخذها ، فنزلت هذه الآية.

والمعنى : يا من اتّصفتم بالإيمان ، وصدّقتم بالله ورسوله ، وآمنتم بالقرآن ، ليختبرنكم الله بإرسال كثير من الصيد ، تأخذونه بالأيدي أو تصطادونه بالرماح ، وسبب الاختبار لإظهار ما علمه الله أزلا من أهل طاعته ومعصيته أنه حاصل منهم في حال الحياة ، فيعلم الله علم ظهور وانكشاف من يخافه بالغيب حيث لا يراه الناس ، ومن يخافه أمام الناس فقط ، فمن اعتدى ، أي تجاوز حدود الله بعد هذا البيان الشافي في الصيد ، فله عذاب شديد الألم في الآخرة ؛ لأنه لم يبال باختبار الله له في الدنيا.

ثم حرّم الله تعالى صيد البر حال الإحرام بحج أو عمرة ، سواء في داخل الحرم المكي وخارجه ، ليتفرّغ النّسّاك والعبّاد للعبادة ، فإن قتل المحرم عمدا أو خطأ شيئا

__________________

(١) ليختبرنكم.

(٢) محرمون بحج أو عمرة.

(٣) واصل الحرم لذبحه فيه.

(٤) معادله.

(٥) سوء عاقبة ذنبه.

(٦) للمسافرين.

٤٩٨

من الصيد البري ، فعليه جزاء من الأنعام ، يماثل ما قتله في الهيئة والصورة إن وجد ، وإن لم يوجد المثيل ، فتجب القيمة.

فمن قتل نعامة مثلا فعليه بدنة (جمل أو ناقة) ، ومن قتل حمارا وحشيّا فعليه بقرة ، ومن قتل ظبيا فعليه شاة ، ومن قتل طائرا ، فعليه قيمته إلا حمام مكة ففيه شاة.

ويتم تقدير الجزاء من قبل شخصين مؤمنين عدلين. ويذبح الشيء المماثل في حرم مكة دون سواه ، ويوزع لحمه على مساكين الحرم ، لقوله تعالى : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ).

ويخير قاتل الأنعام (الإبل والبقر والغنم ونحوها) بين تقديم مماثل من النّعم ، وبين إخراج كفارة : هي طعام مساكين لكل مسكين مدّ (٦٧٥ غم) بقدر قيمة الصيد ، بأن يقوّم الصيد الذي أصابه ، وينظر كم ثمنه من الطعام (الحنطة) فيطعم لكل مسكين مدّا ، أو يصوم مكان كل مدّ يوما. والسبب في تشريع الجزاء على قتل الصيد : أن يذوق القاتل وبال أمره ، أي ثقل فعله ، وسوء عاقبة أمره ، وهتكه لحرمة الإحرام. وأما الماضي قبل هذا التحريم فهو معفو عنه ، لقوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ) أي لا إثم فيما وقع منكم في زمن الجاهلية ، أو قبل هذا التحريم من قتل الصيد في حال الإحرام ، ولم يؤاخذكم عليه. ومن عاد إلى قتل الصيد البري وهو محرم بعد هذا النهي والتحريم ، فإن الله ينتقم منه في الآخرة لإصراره على المخالفة والذنب ، والله عزيز ، أي قوي غالب على أمره فلا يغلبه العاصي ، والله جبّار منتقم بحق وعدل ، يعاقب من اقترف الذنب بعد النهي عنه.

والآية دليل واضح على أن الجزاء الدنيوي يمنع عقاب الآخرة إذا لم يتكرر الذنب ، فإن تكرر استحق المذنب جزاء الدنيا (الكفارة) وجزاء الآخرة وهو نار جهنم.

٤٩٩

وأباح الله للمحرم بحج أو عمرة اصطياد البحر ، وطعامه الذي يلقيه البحر ، فيجوز للمحرم تناول ما صيد من البحر ، سواء كان حيّا أو ميتا ، قذفه البحر أو طفا على وجه الماء ، أو انحسر عنه الماء ، وحكمة إباحة صيد البحر : هي أن ينتفع به المؤمنون المقيمون والمسافرون على السواء ، لقوله تعالى : (مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ).

وأما صيد البحر من الوحش والطير : وهو ما يكون توالده ومثواه في البر ، فيحرم تناوله من المحرم بحج أو عمرة إذا صاده بنفسه ، ولا مانع ما صاده غير المحرم ، أو اصطاده الشخص في غير الإحرام ، واتّقوا الله أيها الناس فيما نهاكم عنه من الصيد أو الخمر والميسر ونحوهما ، فإنكم ستعرضون عليه يوم الحشر ، ومصيركم ومرجعكم إليه ، فيحاسبكم حسابا عسيرا على القليل والكثير ، يعاقب العاصي ، ويثيب الطائع.

مكانة البيت الحرام والشهر الحرام

للبيت الحرام ، أي الكعبة المشرفة مكانة عظيمة عند الله تعالى في شريعة إبراهيم الخليل عليه‌السلام ، وفي شريعة الإسلام ، لاعتبارات معنوية سامية ، ولكونها مقرّا لتوحيد الله تعالى من قبل جميع الناس ، وكذلك عظّم الله الشهر الحرام كالمحرّم ورجب ، وكل ما يهدى لأهل الكعبة من أنعام أو مواش ، وعظّم الله ذوات القلائد من الهدي ، وهي الأنعام التي كانوا يضعون القلادة على أعناقها إذا ساقوها هديا مقدّما لذبحه وتوزيعه على فقراء الحرم. قال الله تعالى : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٩٧)) (١) (٢) (٣) (٤) [المائدة : ٥ / ٩٧].

__________________

(١) الكعبة ، والمراد جميع الحرم.

(٢) قواما لمصالحهم الدينية والدنيوية.

(٣) ما يهدى من الأنعام للحرم.

(٤) ما يقلد به الهدي علامة له.

٥٠٠