التفسير الوسيط للقرآن الكريم - ج ١

الدكتور محمد سيد طنطاوي

التفسير الوسيط للقرآن الكريم - ج ١

المؤلف:

الدكتور محمد سيد طنطاوي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
ISBN: 977-14-0523-3
الصفحات: ٦٧١

أحكام اليمين بالله تعالى

وحكم الإيلاء

تعظيم الله تعالى واجب ، والقسم بالله سبحانه تقديس وتعظيم ، فعلى المسلم أن يحترم مقتضى يمينه ، ويبرّ بما حلف ، ولا ينقض ما أكّد به إرادته وعزمه بالحنث باليمين ومخالفة ما أقسم عليه. ولكن قد يتسرع الإنسان فيحلف أنه لا يفعل كذا من زيارة فلان أو الكلام معه ، أو التصدق بشيء من ماله أو الصلح بين الناس ، أو يفعل شيئا هو شر عليه ، وضرر في دينه وأخلاقه ، والله أرشدنا إلى ما هو خير لنا ، ونهانا أن نجعل اسمه الكريم مانعا من الخير ، أو داعيا إلى الشر ، فمن حلف ألا يفعل خيرا ، أو يفعل شرا ، فليحنث في يمينه ، وليكفّر عنها ، قال الله تعالى : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٤)) (١). [البقرة : ٢ / ٢٢٤]. وورد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما يوضح معنى هذه الآية ، فقال فيما رواه أحمد ومسلم والترمذي : «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ، فليأت الذي هو خير ، وليكفّر عن يمينه». وجاءت آية أخرى تؤكد ذلك ، قال الله تعالى : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) (٢) (أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا) [النور : ٢٤ / ٢٢].

وفسر بعضهم آية (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) بالمنع من كثرة الحلف ، تقديسا لاسم الله ، ومنعا من ابتذال اليمين والتهاون بترداد اسم الجلالة على الألسن ؛ لأن الحلاف (الكثير الحلف) مجترئ على الله ، غير معظم له ، كما قال تعالى : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠)) [القلم : ٦٨ / ١٠].

__________________

(١) أي مانعا معترضا من البر والتقوى والإصلاح بين الناس إذا حلفتم.

(٢) أي لا يحلفوا أن لا يؤتوا ذوي القرابة والمساكين شيئا من أموالهم.

١٢١

وليس كل يمين يجب الوفاء بها ، وإنما الوفاء واجب في اليمين المنعقدة : وهي أن يحلف المسلم على أمر في المستقبل ممكن حصوله ، فعلا أو تركا ، أما اليمين الغموس وهي اليمين الكاذبة قصدا ، والتي تغمس صاحبها في النار ، فهذه تستوجب العقاب في الآخرة في نار جهنم ، ولا كفارة لها في رأي أغلب العلماء ، لأن حالفها يقتطع بها مال امرئ مسلم ، هو فيها كاذب.

وأما اليمين اللغو : وهي التي تجري على اللسان عفوا دون قصد اليمين ، ولا تخرج عمدا من القلب ، مثل لا والله وبلى والله ، فهذه لا حنث فيها ولا كفارة ، كما لا كفارة على من حلف على شيء يظنه حصل ، فبان خلافه ، فلا شيء عليه. قال الله تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ (١) فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ (٢) وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٢٥)) [البقرة : ٢ / ٢٢٥]. أي أن المؤاخذة في الأيمان هي بعقوبة الآخرة في اليمين الغموس الكاذبة ، وبعقوبة الدنيا في إلزام الكفارة في رأي بعض الفقهاء.

وسبب نزول آية (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) هو أن عبد الله بن رواحة حلف على قطيعة ختنة (صهره زوج بنته) بأن لا يدخل عليه أبدا ، ولا يكلمه ، ولا يصلح بينه وبين امرأته ، ويقول : قد حلفت بالله أن لا أفعل ، ولا يحل إلا أن أبرّ في يميني ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٤)) [البقرة : ٢ / ٢٢٤].

ثم ذكر الله تعالى حكم الإيلاء بقوله : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ (٣) مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ (٤) فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧)) [البقرة : ٢ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧]. للذين يحلفون ألا يطؤوا نساءهم انتظار أربعة أشهر ، فإن رجعوا عن يمين الإيلاء

__________________

(١) فسره بعضهم كالحنفية : بأن يحلف على الشيء ظانا صدقه أو حصوله ، وهو بخلافه.

(٢) قصدت وتعمدت حلفه.

(٣) يحلفون على ترك الوقاع لزوجاتهم مدة أربعة أشهر فأكثر.

(٤) انتظار.

١٢٢

المذكورة ـ فإن رجعوا عن يمينهم في المدة عما حلفوا عليه ، والفيء : الجماع لمن لا عذر له ـ فإن الله كثير المغفرة للزوج عما حلف بقصد الإضرار ، رحيم بالتائبين. أخرج مسلم : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم آلى وطلق ، وسبب إيلائه : سؤال نسائه إياه من النفقة ما ليس عنده. وقال ابن عباس : كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك ، فوقّت الله أربعة أشهر.

وإن صمموا على الطلاق ، فالله سميع لأقوالهم ، عليم بمقاصدهم.

حقوق النساء وواجباتهن الزوجية

نظّم الإسلام الحنيف العلاقة بين الزوجين بما يكفل دوام العشرة الزوجية ويحقق سعادة الطرفين ، ويرعى الأسرة في بدايتها وأثناء وجودها وبعد انتهاء الرابطة الزوجية.

ومن أهم حقوق الزوج : الحفاظ على النسب ، وحقه في نسبة الولد إليه ، فإذا انتهت الزوجية ، وجب على المرأة شرعا ما يسمى بالعدة ، وعدة الطلاق ثلاث حيضات ، وعدة الحامل بوضع الحمل ، وعدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام ، وذلك تقديرا لنعمة الزواج ، وإظهارا للأسى والحزن على الفراق ، وللتعرف على براءة الرحم من الولد ، حتى لا تختلط الأنساب.

ولا يحل للمرأة أن تكتم شيئا مما في رحمها من حمل أو حيض إن كانت مؤمنة بالله واليوم الآخر إيمانا صادقا ، وفي ذلك إبطال لعادة النساء في الجاهلية ، قال قتادة : كانت عادتهن في الجاهلية أن يكتمن الحمل ليلحقن الولد بالزوج الجديد ، ففي ذلك نزلت الآية الكريمة : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ (١)

__________________

(١) أي حيضات أو أطهار.

١٢٣

ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ (١) بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (٢) وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨)) [البقرة : ٢ / ٢٢٨]. أي إن أزواجهن في الطلاق الرجعي أحق برد الزوجات وإرجاعهن إلى بيت الزوجية ، لأن الشرع الحكيم حريص على بقاء رباط الزوجية ، وليس أبغض عند الله من الطلاق ، وإن يكن حقا حلالا للزوج في حال الضرورة أو الحاجة ، وعلى الزوجة أن تستجيب لطلب الزوج بشرط أن يكون المقصود بالرجعة الإصلاح والخير للزوجين ، أما إذا كان المراد الإضرار والانتقام فليس من الدين في شيء أن يعطل الزوج مطلقته ، ويلحق بها الضرر.

وتتمة الآية السابقة هي في بيان الحقوق والواجبات المشتركة بين الزوجين ، فقال الله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨)) [البقرة : ٢ / ٢٢٨]. فللنساء حقوق وعليهن واجبات ، مثل الرجال ، لهم حقوق وعليهم واجبات ، لأن لكل مخلوق شخصيته وحريته وكرامته ، وتفكيره ورغباته ، وواجبات المرأة تتفق مع طبيعتها ، فعليها شؤون البيت ، وواجبات الرجل الكفاح والعمل والإنفاق على الأسرة ، وهذا حكم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين علي وفاطمة رضي الله عنهما ، إذ جعل فاطمة في البيت تديره وترعاه ، وعليا خارج البيت ، عليه الجهاد والعمل والبحث عن الرزق.

وليس في هذا إهمال للمرأة أو إنقاص من أهليتها أو الطعن في كفايتها وعقلها وعلمها ، وإنما قسمة الواجبات كما فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتفق مع طبيعة وفطرة وقدرة كل من الرجل والمرأة ، بل إن الإسلام في هذا أراد صون المرأة والحفاظ على كرامتها وعدم تعريضها للأذى والسوء ، والدرجة الزائدة للرجل هي درجة القوامة ،

__________________

(١) أزواجهن.

(٢) منزلة وفضيلة بقوتهم وإنفاقهم.

١٢٤

والقوامة ليست استبدادا أو تعسفا أو تسلطا وترفعا ، وإنما هي تكليف بالإدارة والرعاية والولاية والنفقة. وهذا التكليف عبء على الرجال أكثر من النساء ، قال الله تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) [النساء : ٤ / ٣٤].

أحكام الطلاق

ـ ١ ـ

أوجب الإسلام على الرجال المعاشرة الطيبة للنساء دون إساءة ولا تنفير ، كما أوجب التزام حدود الله وأحكامه في أثناء الحياة الزوجية ، أو عند الإقدام على أبغض الحلال إلى الله وهو الطلاق ، فلا يجوز بحال من الأحوال التلاعب بعواطف المرأة أو بالطلاق ؛ لأن الطلاق يقع على المرأة سواء في حال الجد أو في حال الهزل أو في حال المزاح ، ولا يجوز أيضا أن يستخدم حق الرجعة بعد الطلاق بقصد الإضرار والإيذاء ، لما كان العرب يفعلون في الجاهلية.

كان الرجل إذا طلّق امرأته ، ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها ، كان ذلك له ، وإن طلقها ألف مرة ، فعمد رجل إلى امرأة له ، فطلّقها ثم أمهلها ، حتى إذا شارفت انقضاء عدتها ارتجعها ، ثم طلقها ، وقال : والله لا آويك إلي ولا تحلين أبدا ، أي أنه يتلاعب بالطلاق والرجعة ، فلا يجعل المرأة مستقرة على حال واحدة ، فلا هي زوجة مستمرة في زواجها ، ولا هي مطلقة تستطيع أن تتزوج بزوج آخر بعد انقضاء عدتها ، فأنزل الله عزوجل مبينا العدد المسموح به في الطلاق والرجعة : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ (١) وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ

__________________

(١) طلاق مع أداء الحقوق وترك الإضرار.

١٢٥

يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩) فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠)) (١) [البقرة : ٢ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠].

ألا فليتق الله الرجال الذين تتكرر منهم ألفاظ الطلاق في أوقات متعددة ، لتهديد المرأة ، وحملها على فعل شيء أو ترك شيء ، فإن العلاقة بينه وبين امرأته تعتمد على مبدأ أساسي وهو الحل والحرمة ، فإذا كانت العلاقة حراما ، حرم كل شيء ، وكان الأولاد أولاد زنا ، إن تشريع الطلاق إنما هو للضرورة أو الحاجة الشديدة إذا استعصت الحلول الطيبة ، ووقع النشوز والنفور أو الانحراف ، ولم يعد هناك مجال للصلح والاستقامة ، وأصبحت الحياة الزوجية جحيما لا يطاق ، وحينئذ يجوز الإقدام بعد التروي والتعقل على طلاق واحد ، له حق الرجعة بعده ، وله طلاق آخر يراجع امرأته في العدة بعده ، فإن وقع الطلاق الثلاث ، بانت المرأة بينونة كبري ، لا تحل له إذا إلا بعد زوجية ثانية جديدة دائمة ، ثم إذا تصدعت زوجيته الجديدة بشكل طبيعي ، فيمكن حينئذ للزوج الأول تجديد عقد الزواج على هذه المرأة بعد انقضاء عدتها ، أما التحليل المؤقت فحرام وهو زنا وتلاعب بشرف الرابطة الزوجية ، وليذكر الرجل دائما قول الله تعالى : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).

__________________

(١) أحكامه.

١٢٦

آداب الطلاق

ـ ٢ ـ

لا يبيح الإسلام إلحاق الضرر والأذى بأحد من الناس ، سواء أكان مسلما أم غير مسلم ، جارا أم غير جار ، قريبا أم بعيدا ، زوجة أم زوجا ؛ لأن الإضرار اعتداء وظلم وبغي ، والظلم مرتعه وخيم ، والعدوان أو الاعتداء شر مستطير ، لا يورّث خيرا ، بل يكون سببا للقضاء على الظالم نفسه.

لهذا أمر الله تعالى في العلاقات الزوجية الإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان ، والإمساك بالمعروف : هو ارتجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى أو الثانية إلى حسن المعاملة والعشرة ، والتزام حقوق الزوجية ، وإزالة أسباب الكراهية أو الخصومة ، والتسريح بإحسان : ترك المرأة المطلقة تتم عدتها بعد الطلقة الثانية ، وتكون أملك لنفسها ، فلا يراجعها زوجها بقصد الإيذاء وجعلها معلقة ، لا زوجة ولا مطلقة ، ومن التسريح بإحسان : تطليق المرأة طلاقا ثالثا ، فيسرحها الرجل بذلك ، وقد أكد القرآن الكريم على هذه الأحكام ، فقال سبحانه : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ (١) فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ (٢) نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١)) [البقرة : ٢ / ٢٣١].

هذا نهي للرجل أن يطوّل العدة على المرأة ، مضارّة منه لها ، بأن يرتجعها قرب انقضاء عدتها ، ثم يطلقها بعد ذلك ، فهذا إضرار واضح بإطالة العدة ، وجعل المرأة

__________________

(١) مضارة لهن.

(٢) استهزاء بالتهاون في الحفاظ عليها.

١٢٧

مضطربة قلقة ، لا في حال زواج ولا في حال طلاق ، فلا يحل للرجل أن يمسك المرأة ويراجعها ضرارا.

ولا يجوز أيضا لولي المرأة المطلقة أن يمنعها من الرجوع إلى زوجها السابق ، إذا انتهت عدتها ، أو يمنعها من الزواج بزوج آخر ، إذا حصل التراضي بينهما والتوافق ، قال الله : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ (١) فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (٢) ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ (٣) لا تَعْلَمُونَ (٢٣٢)) [البقرة : ٢ / ٢٣٢].

نزلت هذه الآية في معقل بن يسار وأخته ، أو في جابر بن عبد الله ، وذلك أن رجلا طلق أخته ، أو بنت عمه ، وتركها حتى تمت عدتها ، ثم أراد ارتجاعها ، فغار جابر ، وقال : تركتها وأنت أملك بها ، لا زوجتكها أبدا ، فنزلت الآية. وقال معقل : كنت زوّجت أختا لي من رجل ، فطلقها ، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوّجتك وأفرشتك وأكرمتك ، فطلّقتها ، ثم جئت تخطبها ، لا والله ، لا تعود إليك أبدا. قال معقل عن صهره : وكان رجلا لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ ..) فقلت أي معقل : الآن أفعل يا رسول الله ، فزوجتها إياه. فإذا كانت الكفاءة متوافرة بين الزوجين ووجد مهر المثل ، فلا يصح لولي المرأة منعها من الزواج ، ورب فقير كريم الخلق شريف النسب خير من غني سيء الخلق كثير المال.

__________________

(١) أي انتهت عدتهن.

(٢) أي لا تمنعوهن من الزواج بزوج آخر أو تضيقوا عليهن.

(٣) أنفع وأنمى لكم.

١٢٨

أحكام الرضاع

ليس هناك شيء أنفع ماديا ومعنويا للطفل من الرضاع من أمه ، فبلبنها يتكون جسده وتنتقل إليه طباعها ، ويتربى على أخلاقها ومزاجها ، فإذا كانت الأم في عصمة الأب ، فعليها الإرضاع ، عملا بالأعراف السائدة ، وأما إذا كانت مطلّقة ، فيكون الرضاع مندوبا لها على سبيل الاستحباب ، إلا إذا امتنع الطفل عن الرضاع من غيرها ، أو لم يجد الوالد من يرضع لفقر أو لغيره من الأسباب ، فيكون الرضاع واجبا عليها.

ويجب على الوالد أجرة الإرضاع لتلك المرأة المطلقة ، وتقدير الأجرة بحسب ظروف كل من الوالد والوالدة المرضعة ، يسارا وإعسارا غنى أو فقرا.

ويحرم على الوالد إضرار الوالدة بسبب ولدها ، بأن تمنع من الرزق والكسوة ، أو يؤخذ منها ولدها قهرا ، أو تكره على إرضاع ، ولا يضارّ الوالد بأن يطلب منه ما ليس في طاقته من رزق أو كسوة ، أو تستغل الأم عاطفة الأبوة ، فتفرط في شأن الولد وغير ذلك من ألوان الإيذاء والمضايقات ، والمراد ألا يحصل ضرر لواحد من الوالدين بسبب الولد.

وإذا مات الوالد وجب على الوارث النفقة والكسوة ، فإذا لم يكن للوالد مال ، تؤخذ النفقة ممن يرث الطفل لو مات.

ومدة الرضاع الكاملة حولان (سنتان) فإن أراد الوالد والمرضعة فطاما للطفل دون الحولين برضاهما وتشاورهما في مصلحة الطفل ، فلا إثم عليهما في ذلك ، حيث اقتضت المصلحة العامة هذا.

وإذا أراد الوالدان استرضاع الطفل من مرضعة أجنبية (غير قريبة) بسبب حمل أو مرض ، أو عدم إنفاق ، فلا جناح (ولا إثم) عليهما بشرط إعطاء المرضعة أجرها بالمعروف ، فإن ذلك أدعى للعناية والمحافظة على الولد.

١٢٩

ثم أحاط الله تعالى أحكام الرضاع بالأمر بالتقوى ورقابة الله سبحانه في السر والعلن ، لأن الله بصير بكل عمل ، خبير بأي تدبير ، ومجاز كل إنسان على عمله ، وفي هذا وعيد وتحذير كاف لمنع الانحراف. قال الله تعالى مبينا أحكام الرضاع المذكورة : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَها لا (١) تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ (٢) إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)) [البقرة : ٢ / ٢٣٣].

هذه الأحكام المقررة شرعا من أجل حماية الولد ورعايته والحفاظ على وجوده ومستقبله ، وكل انحراف عن هذه الأحكام يستوجب الوقوع في الإثم والمؤاخذة الأخروية ، لأن الإسلام رحمة عامة بجميع العالمين ، صغارهم وكبارهم.

أحكام المرأة المتوفى عنها زوجها

تظل بعض آثار الزواج باقية بعد انتهائه أو انحلاله ، صونا لسمعة المرأة وحماية لشرفها وكرامتها ، وتذكيرا بنعمة الزواج ، وحفاظا على حقوق الزوج من إلحاق نسب الولد الذي قد يولد به ، ومنع خطبتها من رجل آخر خلال فترة زمنية محددة تسمى بالعدة ، وعدم جواز إبرام عقد زواج جديد مع رجل آخر حتى تنتهي العدة.

وشرعت العدة في الإسلام الحنيف لمعرفة براءة الرحم ، وللحداد على الزوج ، وتقتضي العدة فقط الامتناع عن الزينة ولبس الثياب المصبوغة الجميلة ، والطيب

__________________

(١) طاقتها.

(٢) فطاما للولد قبل الحولين.

١٣٠

ونحوه من شؤون التجميل ولبس الحلي ، والتزام المبيت في المسكن الذي كانت فيه المرأة وقت وفاة الزوج وهو مسكن الزوج إلا لعذر يتطلب الانتقال إلى بيت آخر هو بيت الأهل مثلا.

ومدة عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام ، فإذا انتهت العدة فلا تمنع المرأة من الزينة ، والخروج من البيت والتعرض لخطبة الرجال بالمعروف شرعا ، أي من غير مخالفة للشرع ، والله عليم وخبير وبصير بما يعمل النساء والرجال ، فالجميع مؤاخذون على الانحراف والتهتك والتبرج. قال الله تعالى مبينا هذه الأحكام : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٣٤)) [البقرة : ٢ / ٢٣٤].

وأباح الشرع الشريف للرجل في العدة التعريض بخطبة المرأة المتوفى عنها زوجها أو المطلقة طلاقا بائنا ، كأن يمدح الرجل نفسه ، ويذكر مآثره على جهة التعريض بالزواج ، أو أن يقدم هدية إلى المعتدة ، أو يصفها بأنها أهل وكفء للزواج وتكوين أسرة جديدة ، ولكن دون مواعدة سرا ، أو تواطؤ أو اتفاقات سرية غير معلنة ، فهذا مما يضر ، ولا يليق أدبا وذوقا في حال من الأحوال ، إلا القول المعروف غير المنكر شرعا : وهو ما يعهد مثله بين الناس المهذبين من القول العف والإشارة الخفيفة ، كما فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع أم سلمة بعد وفاة زوجها ، حيث ذكر لها منزلته عند الله تعالى.

ولا يجوز بحال إبرام عقد زواج على أي معتدة في أثناء العدة ، وإنما يجوز ذلك بعد انقضاء العدة ، وعلى الناس مراقبة الله والحذر منه والخوف من عقابه ، فإنه تعالى يعلم ما في النفوس من السر وأخفى ، والله غفور رحيم لما يقع من الذنوب خطأ ،

١٣١

حليم لا يعجل بالعقوبة ، قال الله تعالى : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ (١) وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا (٢) عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ (٣) أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥)) [البقرة : ٢ / ٢٣٥]. والخلاصة : يحرم التصريح بخطبة المعتدة ، ويحرم قطعا العقد على المعتدة قبل انقضاء العدة ، مراعاة لحقوق الزوجية ، ولطهارة الرحم وبراءته ومنع اختلاط الأنساب.

متعة الطلاق ومهر غير المدخول بها

لم يهمل الإسلام جانبا من جوانب الحياة الزوجية ، وإنما قرر لها أحكاما شرعية معينة ، سواء في حال التفاهم والتوادد أم في حال النفرة والتباعد ، إبقاء على المودة والمحبة بين الناس ، وتخفيفا لأثر الفرقة والخصام ، فالحب ينبغي أن يكون معتدلا متزنا لا طيش فيه ، ولا تهور ، والكراهية أو البغضاء يلزم أن تكون مؤقتة غير منفرة ، وفيها تسامح وتساهل ، لا تشديد ولا تنفير ، ولا تقاطع ولا تدابر.

وفي هذا الجو من الاعتدال في الحب والفراق ، قرر الشرع ما يسمى بمتعة الطلاق أي الهدية التي يقدمها الرجل لامرأته بعد طلاقها ، وكانت تقدر بثلاثة دنانير أو بثلاثين درهما ، وهي عبارة عن كسوة كاملة : قميص داخلي ـ وخمار رأس وملحفة أي الثوب الظاهري ، ويمتّع كل إنسان على قدره وبحسب ثرائه أو يساره وتوسطه وإعساره ، هذا بثوب ، وهذا بنفقة ، وقد متّع الحسن بن علي رضي الله عنهما بعشرين

__________________

(١) كلام بالتعريض والإشارة لا التصريح.

(٢) أسررتم وأخفيتم.

(٣) المفروض من العدة.

١٣٢

ألفا وزقاق من عسل ، ومتّع شريح القاضي التابعي بخمس مائة درهم ، فهي إذن تتم باتفاق الزوجين على حسب قدرتهما ، فإن اختلفا قدّرها القاضي ، وتكون المتعة تطييبا لنفس المرأة المطلقة ، وجبرا لخاطرها.

وتستحب المتعة لسائر المطلقات بالوجه الذي يحسن في الشرع والمروءة ، وهذا الحق على الذين يحسنون المعاملة ، وينظرون إلى المستقبل لتحسين السمعة والعلاقة ، قال الله تعالى : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١)) [البقرة : ٢ / ٢٤١].

وتجب المتعة للمرأة التي لم يسم لها شيء من الصداق (المهر) فتحل المتعة محلّ ما كان ينبغي تحديده وتسميته للمرأة التي طلقت قبل الدخول ، وقد أجمع العلماء على أن التي لم يفرض لها مهر ولم يدخل بها ، لا شيء لها غير المتعة ، قال الله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً (١) وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ (٢) حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦)) [البقرة : ٢ / ٢٣٦].

نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار تزوج امرأة ، ولم يسم لها صداقا ، ثم طلقها قبل أن يمسها ، فقال له صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «متعها ولو بقلنسوتك». وسبب المتعة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى عن التزوج لمعنى الذوق وتحقيق مآرب النفس ، فقال فيما يرويه الطبراني عن أبي موسى : «تزوجوا ولا تطلقوا ، فإن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات». وأمر النبي بالتزوج لطلب العفة والعصمة ، والتماس ثواب الله ، وقصد دوام الصحبة ، فظن صلحاء المؤمنين أن الطلاق موقع في الإثم ، فنزلت هذه الآية ترفع الحرج عن المطلّق قبل الدخول.

أما المرأة التي سمي لها مهر في عقد الزواج ، وقد طلقت قبل الدخول ، فالواجب لها نصف المهر ، تأخذه في كل حال ، إلا إذا عفت المرأة المطلقة عن ذلك وأسقطت

__________________

(١) قدر إمكانه.

(٢) الفقير الحال.

١٣٣

حقها ، أو عفا وليها الذي بيده عقدة النكاح عن هذا الواجب ، والعفو أقرب للتقوى ، وعلى الرجل والمرأة إحسان المعاملة ، وهما مندوبان إلى المجاملة ، فلا ينسى الناس الفضل بينهم بالإحسان والعفو ، قال مجاهد : الفضل إتمام الزوج الصداق كله ، أو ترك المرأة النصف الذي لها ، والله بصير بأعمال العباد ، فيجازي كلا على حسب نيته وعمله ، قال الله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٧)) [البقرة : ٢ / ٢٣٧].

الحفاظ على الصلاة

والإيصاء بالعدة والأمر بمتعة الطلاق

الصلاة عماد الدين ، وأساس العمل الصالح ، فهي أول عمل يحاسب عليه العبد يوم القيامة ، وهي الركن العملي الذي يتكرر في اليوم والليلة خمس مرات ، لما لها من الأثر الفعال في تطهير النفس ، وغسل الخطايا ، فهي كالنهر أو البئر الذي يغتسل به الإنسان خمس مرات في اليوم والليلة ، فلا يبقى عليه شيء من الدرن أو الوسخ.

والصلاة صلة بين العبد وربه ، وسبب للفوز برضا الله تعالى ، وطريق لتفريج الكروب والهموم ، فقد كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.

والصلاة تهذّب النفس ، وتعلّم الأخلاق ، وتنهى عن الفحشاء والمنكر ، وتقوّم الاعوجاج والانحراف ، وتذكّر بالواجبات ، وتؤدي إلى راحة النفس والفكر ، من الهموم والقلاقل والاضطرابات ، وتزرع في النفس الطمأنينة ، وتحقق السعادة ، وتملأ القلب خشية لله تعالى.

١٣٤

لكل هذا تكررت أوامر الله في قرآنه بإقامة الصلاة ، والأمر يدل على وجوب المأمور به ، وجاء الأمر الإلهي الصريح بالمحافظة على إقامة الصلوات في أوقاتها ، بجميع أركانها وشروطها ، واتباع الآداب والسنن المشروعة فيها.

قال الله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩)) (١) (٢) (٣) [البقرة : ٢ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩].

والصلاة الوسطى في رأي جماهير الناس : هي صلاة العصر ، لتوسطها بين صلاتين قبلها وصلاتين بعدها ، ولانشغال الناس في آخر اليوم لإنهاء أعمالهم والفراغ من واجباتهم ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الصلاة الوسطى : صلاة العصر». وتواتر الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال يوم وقعة الأحزاب (الخندق): «شغلونا عن الصلاة الوسطى ، صلاة العصر ، ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا». والقنوت في الصلاة (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) معناه طول الركوع والسجود ، والخشوع ، وغض البصر ، وخفض الجناح (التواضع) وإحضار الخشية والتفكير في الوقوف بين يدي الله تعالى.

ودلت الآية السابقة على خطورة الصلاة وأهميتها ، فأبانت أنه لا عذر لأحد في ترك الصلاة ، مقيما أو مسافرا ، صحيحا أو مريضا ، حتى في حال الخوف على النفس أو المال أو العرض ، فيستطيع المصلي أن يصلي على أي كيفية كانت ، راكبا أو ماشيا ، سائرا أو وافقا على أي وضع كان ، احتراما لوقت الصلاة ، فإذا زال الخوف فعلى المؤمنين أن يذكروا الله في الصلاة ويشكروه ، كما علمهم ما لم يكونوا يعلمونه ، من كيفية الصلاة في حال الأمن والخوف ، ففي الحالة الغالبة من الأمن والطمأنينة أمر

__________________

(١) صلاة العصر.

(٢) مطيعين لله خاشعين.

(٣) صلوا مشاة.

١٣٥

الله بالقيام له في الصلاة ، بحالة قنوت ، وهو الوقار والسكينة ، وهدوء الجوارح ، وفي حالة الخوف الطارئة كما في ساحة المعركة ، رخص الله لعباده أداء الصلاة مشاة على الأقدام ، أو ركبانا على الخيل والإبل ونحوهما ، بطريق الإيماء والإشارة بالرأس حسبما يتوجه الإنسان.

ثم ذكر الله حكم الوصية بالعدة وحكم متعة الطلاق ، فقال : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٤٠) وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١) كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢٤٢)) (١) (٢) [البقرة : ٢ / ٢٤٠ ـ ٢٤٢].

والذين تحضرهم الوفاة ، ويتركون زوجات ، فليوصوا وصية لأزواجهم بأن يمتعن بعدهم بالنفقة والسكنى سنة كاملة ، من غير إخراج من بيوت الأزواج ، فإن خرجن باختيارهن قبل انتهاء السنة ، فلا إثم على الولي وغيره فيما فعلن بالخروج وترك الحداد على أزواجهن ، وباتباع المعروف في الشرع ، مما يدل على تخيير النساء في سكنى العام (الحول) في العدة ، والله قوي غالب في ملكه ، حكيم في صنعه وتدبير مصالح خلقه ، وهذا الحكم منسوخ بآيات المواريث ، وبإيجاب عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام.

نزلت في رجل من أهل الطائف قدم المدينة ، فمات فيها ، فأعطى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ميراثه لوالديه وأولاده بالمعروف ، وأمرهم بأن ينفقوا على المرأة من تركة زوجها إلى الحول.

وللمطلقات عموما المدخول بهن وغير المدخول بهن متعة واجبة أو مستحبة ، وقيل : المراد نفقة العدة ، بالقدر المستطاع للأزواج ، حقا مقررا على الأتقياء. قال

__________________

(١) ليعطوهن ما يتمتعن به من النفقة والكسوة إلى تمام الحول من موتهم.

(٢) متعة الطلاق في العدة.

١٣٦

ابن زيد : لما نزلت (وَمَتِّعُوهُنَ) [البقرة : ٢ / ٢٣٦] قال رجل : إن أحسنت فعلت ، وإن لم أرد ذلك لم أفعل ، فأنزل الله : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ ..).

حياة الأمم والشعوب

إن عزة الأمم وحياة الشعوب الكريمة تتطلب أمرين مهمين لهما الأثر البالغ في الحياة ، وهما الجهاد والكفاح في سبيل الله والحق ، والإنفاق السخي في سبيل المصلحة العامة للوطن والأمة ، فإذا ضعفت الأمة وتخلفت عن هذين الأمرين ، أصابهما الذل والهوان ، وتغلّب عليها الأعداء ، وعاشت عيشة العبيد ، فلا حرية ولا كرامة ، ولا ملكية لشيء ، وإنما الملك للسيد الظلوم الغاشم الذي تسلط على هؤلاء المتخاذلين الجبناء.

وتصبح الأمة في هذه الحالة أشبه بالأموات ، لأن موت الأمم غالبا له سببان :

الجبن وضعف العزيمة والتخاذل ، والثاني ـ البخل وعدم الإنفاق في سبيل الله والأمة والصالح العام.

وقد أخبر الله تعالى نبيه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم إخبارا في غاية التحذير والتنبيه عن قوم من البشر ، خرجوا من ديارهم فرارا من الموت ، إما بسبب الخوف من العدو ، أو بسبب وباء عام كالطاعون ونحوه ، فأماتهم الله تعالى ، ثم أحياهم ، ليروا هم وكل من خلف بعدهم أن الإماتة إنما هي بيد الله تعالى لا بيد غيره ، فلا معنى لخوف خائف ، ولا لاغترار مغتر ، وأنزل الله تعالى آيات قرآنية تمهد أمره للمؤمنين من أمة محمد بالجهاد والإنفاق في سبيل الله ، حتى لا يكونوا كالأمم الميتة الذين تولوا عن الإنفاق وأعرضوا عن الجهاد وانتحلوا المعاذير الواهية.

قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ

١٣٧

فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٢٤٣) وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥)) (١) (٢) [البقرة : ٢ / ٢٤٣ ـ ٢٤٥]. وكان عدد هذه الألوف كثيرا ، قال ابن عباس : كانوا ثمانية آلاف. ويلاحظ أن الله تعالى أمر المسلمين بالقتال بعد التحذير من خوف الموت ، فالله وحده هو المميت ، وبيده حياة كل إنسان ، فلا بد من القتال في سبيل الله : وهو الذي ينوي به المقاتل أن تكون كلمة الله هي العليا. وسبيل الله : هي سبيل الحق والعدل وتوحيد الله والقيم العليا. والقتال يتطلب إعداد الجيش المقاتل وتدريبه ، ودعمه بأمضى الأسلحة المناسبة لكل عصر وزمان ، والإنفاق المستمر في هذا الدعم الضروري لحياة الأمة ، وقد بادر المؤمنون الأوائل للقيام بواجب الجهاد والإنفاق في سبيل الله ، فهذا صحابي جليل هو أبو الدحداح ، لما نزلت هذه الآية : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ..) قال : يا رسول الله ، أو أن الله يريد منا القرض؟ قال : نعم يا أبا الدحداح ، قال : فإني أقرضت حائطي (بستاني) بيرحاء ، فيه ست مائة نخلة ، ثم جاء الحائط ، وفيه أم الدحداح فقال : اخرجي فإني قد أقرضت ربي حائطي هذا ، فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «كم من عذق رداح (٣) ودار فياح ، لأبي الدحداح».

صموئيل وطالوت

هذه قصة النبي صموئيل والملك طالوت في ختام الكلام عن بني إسرائيل في سورة البقرة ، تبين أن القتال كان مشروعا في الأمم السابقة ، وأن الدفاع عن الحقوق

__________________

(١) يحتسب الأجر عند الله بطيب نفس.

(٢) يضيّق على قوم ، ويوسع على آخرين.

(٣) العذق : النخلة

١٣٨

واجب شرعي ، وأن لقائد الجيش اختبار مدى إخلاص الجنود وتضحياتهم ، وأن إيتاء الملك والسلطة بيد الله تعالى لمن يستحقها من عباده ، كما تعرض الآيات التالية :

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٢٤٦) وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٤٧)) (١) (٢) (٣) (٤) [البقرة : ٢ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧].

ألم تعلم بقصة جماعة من بني إسرائيل هم وجوه القوم وكبراؤهم ، بعد موسى في عصر داود عليهما‌السلام ، حين قالوا لنبيهم (صموئيل) : اختر لنا قائدا للحرب ، وجمع الكلمة ، فقد صممنا على طرد أعدائنا واسترداد حقوقنا المغتصبة. فقال لهم نبيهم بحكم خبرته وتجربته معهم : أتوقع منكم التخلي عن القتال إن فرض عليكم ، فردوا عليه بقولهم : أي شيء يدعونا إلى ترك القتال ، وقد أخرجنا من ديارنا وأوطاننا ، ومنعنا من أبنائنا ، واغتربنا عنهم؟!.

فلما فرض عليهم القتال كما طلبوا ، تخلفوا عنه وجبنوا وأعرضوا إلا جماعة قليلة منهم ، عبروا النهر مع طالوت ، وثبتوا على العهد ، والله عالم بمن نقض العهد ، وظلم نفسه ، فأخلف الوعد.

__________________

(١) أشراف القوم وسادتهم.

(٢) قاربتم.

(٣) كيف أو من أين يكون.

(٤) سعة وفضيلة.

١٣٩

قال لهم نبيهم صموئيل : إن الله أرسل لكم طالوت ملكا ، فعليكم بالطاعة ، والقتال معه ، فاعترضوا عليه قائلين : كيف يكون ملكا علينا ، وهو لا يستحق الملك؟ لأنه ليس من سلالة الملوك ، ولا من سلالة الأنبياء ، ونحن أصحاب السلطة والسيادة أحق بالملك منه؟ وأضافوا أيضا : إنه فقير لم يؤت رزقا واسعا ومالا وفيرا ، يستعين به على إقامة الملك؟ فقال نبيهم : إن الله اختاره لكم ملكا ، وزاده سعة في العلم ، وقوة في الجسد ، فكان قويا في دينه وتدبيره الأمور ، كما كان قويا في بدنه ، ليقاوم الأعداء في الحروب ، والله واسع الفضل والإنعام ، عليم بمن هو أهل للملك وأصلح له ، وبمن هو أقدر على قيادة الجيش وتحقيق الفوز والنصر.

ثم ذكر الله تعالى ما حققه طالوت أثناء ملكه ، فقال :

(وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٤٨) فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٥٠) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ (١) (٢) (٣) (٤) (٥) (٦) (٧) (٨)

__________________

(١) صندوق التوراة.

(٢) فيه طمأنينة لقلوبكم.

(٣) انفصل عن بيت المقدس.

(٤) مختبركم.

(٥) أخذ بيده.

(٦) لا قدرة ولا قوة لنا.

(٧) جماعة.

(٨) ظهروا.

١٤٠