بحوث في علم الأصول - ج ٥

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر

بحوث في علم الأصول - ج ٥

المؤلف:

آية الله السيّد محمّد باقر الصدر


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: الدار الإسلاميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٣٣

المتأخر ، وإلّا للزم الترتب من الجانبين ، وهو يعني المساواة بين الواجبين في الأهمية ، وهو خلاف الفتوى المفروغ عنها.

بينما فرض كلا منا الترتب من جانب واحد ، حيث يكون خطاب القصر مطلقا حدوثا ، ومقيّدا بقاء ، بمعنى أنّ وجوب القصر حدوثا ، ليس مشروطا بعدم الصلاة تماما ، بل هو وجوب مجعول على كل حال ، لكن هذا الوجوب غير المشروط يستمر إلى حين الصلاة تماما ، وأمّا بعد الصلاة تماما ، يرتفع ذلك الوجوب ، وعليه فلا يرد الإشكال.

* ١٠ ـ الجهة العاشرة : وهي خاتمة الجهات التي تبحث في الترتب ، ويبحث فيها عن لزوم الترتب وعدمه ، في الواجبين المتزاحمين ، مع فرض كون أحدهما واجبا موسعا يزاحم الآخر في جزء من الوقت.

فالبحث هنا ليس في إمكان الترتب ، بل البحث هنا في أنّه هل يمكن توجه أمرين عرضيين إلى المكلف : أحدهما يتعلق بالجامع بين أفراد الصلاة المزاحمة وغير المزاحمة ، والثاني يتعلق بالإزالة مثلا ، أو إنّ ذلك لا يمكن؟ ، بل لا بدّ من فرض الترتب بين الأمرين بحيث يكون هناك أمر بالإزالة فعلا ، وأمر آخر بالجامع بين الفرد المزاحم من الصلاة وغير المزاحم ، وهذا الأمر منوط بعدم الإزالة.

وأكثر جهات هذا البحث ، وإن كانت قد تقدمت في تصوير ثمرة الضد ، إلّا أنّ في تكرارها مزيد فائدة ، لا سيّما مع كونها مناسبة لبحث التزاحم.

وعليه نقول ، إنّه قد نقل عن المحقق الثاني «قده» (١) القول بإمكان تصوير أمرين عرضيين : أحدهما متعلق بالإزالة ، والثاني متعلق بالجامع بين أفراد الصلاة المزاحمة وغيرها ، من دون حاجة إلى الترتب.

والوجه في ذلك ، أنّه لا محذور في هذين الأمرين العرضيين وفعليّتهما ،

__________________

(١) جامع المقاصد : المحقق الثاني : ج ٥ ص ١٣ ـ ١٤ طبعة حديثة.

٥٢١

لكونهما مقدورين ، لأنّ الجامع المذكور مقدور ، ولو بالقدرة على أفراده غير المزاحمة ، فيكون المكلف قادرا على الإزالة ، وعلى الجامع بواسطة أفراده غير المزاحمة. إذن فلا محذور.

وهنا أراني مستحسنا نقل عبارة المحقق في «جامع المقاصد» في الجزء الخامس من كتاب الدين ، حيث يقول في أسفل الصفحة المرقمة (١).

فإن قيل : وجوب القضاء على الفور ينافي وجوب الصلاة ، في الوقت الموسع ، لأنه حين وجوب الصلاة إذا تحقق وجوب القضاء على الفور ، يلزم تكليف ما لا يطاق ، وهو باطل ، وإنّ لم يبق ، خرج الواجب عمّا ثبت له من صفة الوجوب الفوري.

قلنا ـ والكلام للمحقق ـ لا نسلّم لزوم تكليف ما لا يطاق ، إذ لا يمتنع أن يقول الشارع : أوجبت عليك كلا من الأمرين ، لكن أحدهما مضيّق والآخر موسّع ، فإن قدّمت المضيّق فقد امتثلت وسلمت من الإثم ، وإن قدّمت الموسّع فقد امتثلت وأثمت بالمخالفة في التقديم (انتهى شاهد محل الكلام من كلامه رفع مقامه).

وقد علّق على كلام المحقق «قده» بعدة تعليقات مختلفة مبنائيا ، حيث ترجع كلها إلى التفصيل في صحة هذا الكلام ، بحسب المباني.

١ ـ التعليق الأول : هو ما أفاده الميرزا «قده» (٢) وحاصله : هو إنّ ما ذكره المحقق «قده» ، يتم بناء على كون القدرة شرطا في التكليف ، من باب حكم العقل ، إذ لا محذور عقلا من جعل أمرين عرضيين كما ذكر.

ولكن بناء على اعتبار القدرة من باب اقتضاء طبع التكليف ، لذلك ، ، فلا يتم ما ذكره المحقق «قده» ، لأنّ التكليف إنّما هو بداعي المحركيّة والباعثية

__________________

(١) جامع المقاصد : الكركي ج ٥ ص ١٣ ـ ١٤.

(٢) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ١٩٩ ـ ٢١٦ ـ ٢٢٤.

٥٢٢

لاقتضاء طبع التكليف ، ذلك ، وهو لا يعقل نحو ما لا يمكن التحريك نحوه ، أي : غير المقدور.

ومن الواضح أن الفرد المزاحم من الصلاة ، لا يمكن التحريك نحوه ، لأنه غير مقدور شرعا ، وعليه فيقيّد الواجب الموسّع بغير الفرد المزاحم ، إذ لا يمكن الأمر به حال المزاحمة إلّا بنحو الترتب لعدم القدرة عليهما شرعا.

وقد أجاب السيد الخوئي «قده» (١) عمّا ذكره الميرزا «قده» بأنّ التكليف هو مجرد اعتبار نفساني للفعل على ذمة المكلف ، والاعتبار سهل المئونة لا يقتضي كون متعلقه مقدورا ، لأنّ اشتراط القدرة إنّما هو بحكم العقل في مرحلة التنجيز والطاعة.

ولكن هذا الجواب من السيد الخوئي «قده» ، لا يدفع ما ذكره الميرزا «قده».

وذلك لأنّ التكليف ، سواء أكان عبارة عن الاعتبار ، أو غيره من المدلولات التصورية للأمر ، وصياغتها العقلائية ، إذ ليس الكلام في المدلول التصوري للأمر ، بل البحث ثبوتا في الظهور التصديقي للخطاب ، والذي لا يكون إلّا بداعي البعث والتحريك ، مهما كان المدلول التصوري والصياغتي للأمر.

وممّا لا إشكال فيه ثبوتا هو ظهور الخطابات الشرعية كلها في أنها تكون بداعي البعث والتحريك ، مهما كان مدلول الأمر وصياغته العقلائية التصورية ، وهذا الظهور التصديقي الكاشف عن داعي البعث والتحريك ، يمنع من ثبوت التكليف لغير القادر ، لأنّ التحريك نحو العاجز ، تكليف بغير المقدور ، وهو غير معقول.

__________________

(١) محاضرات فياض : ج ٣ ص ١٨٢ ـ ١٨٤.

أجود التقديرات الخوئي : ج ٣ هامش ص ٣١٤.

٥٢٣

وعليه ، فما ذكره الميرزا «قده» ، لا يدفع بما ذكره السيد الخوئي «قده».

والصحيح في دفع ما ذكره الميرزا «قده» هو أن يقال : إنّ كون التكليف بداعي المحركيّة ، لا يقتضي إلّا كون متعلقه قابلا للمحركيّة ، وهذا متحقق في المقام ، لأنّ التحرك نحو الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور ، ولو بالقدرة على أفراده غير المزاحمة ، دون أن يقتضي التقييد بالحصة المقدورة. وعليه ، فيعقل تعلّق الأمر بالجامع ، ويكون ذلك في عرض الأمر بالإزالة.

نعم تقدم مفصّلا أنّ داعي المحركية والباعثية ، يقتضي تقييد المكلّف بالمكلّف القادر بالخصوص.

فإنّ قيل : إنّ الأمر المتعلق بالجامع في فترة المزاحمة ، لا يعقل كونه محركا ، لأنّه إن لم يك موجودا في هذه الفترة ، إذن فهو المطلوب وهو كون الأمر بالجامع في عرض الأمر بالإزالة ، وهو ممّا لا يمكن التحريك نحوه ، لكونه غير مقدور.

وإن كان موجودا ، فقد فرضنا كونه غير قابل للمحركيّة في هذه الفترة ، إذن فيلزم محذور الميرزا «قده» ، وهو وجود أمر بداعي المحركية ، مع أنّه غير قابل للتحريك.

قلت : إنّ الخطاب الشرعي ، إنّما يقتضي المحركية في مجموع الوقت وعلى خط الزمان ، لا أنه يكون محركا في كل آن من الزمان ، وإلّا لزم تكرار الفعل ما دام الزمان موجودا ، وهذا لازم باطل.

بل اقتضاء المحركيّة ، إنّما هو على خط الزمان ، وفي مجموع آناته ، وهذا متحقق بالنسبة للأمر بالجامع ، ومعقول حتى بلحاظ آن المزاحمة ، وإن لم يك محركا في كل آن فإطلاق الخطاب لا محذور فيه إذن.

وبهذا يندفع هذا الإشكال ، فما ذكره الميرزا «قده» من التكليف غير تام.

٥٢٤

٢ ـ التعليق الثاني : وهو ما أفاده السيد الخوئي «قده» (١) ، وحاصله : هو أنّ الأمر بخصوص الفرد المزاحم من الصلاة ، غير معقول ، لاستحالة التكليف بالضدين ، فإذا بنينا على أنّ استحالة التقييد توجب استحالة الإطلاق ، كما هو مبنى الميرزا «قده» ، فحينئذ يستحيل شمول الأمر بإطلاقه للفرد المزاحم ، أي : إنّه لا يمكن الأمر بالواجب الموسع هنا بنحو مطلق يشمل الفرد المزاحم ، لأنّ التقييد بالفرد المزاحم ، مستحيل ، فالإطلاق له يصبح مستحيلا أيضا.

وجوابه هو : إنّ مسلك الميرزا «قده» ، في استحالة الإطلاق لاستحالة التقييد ، مبني على كون التقابل بين الإطلاق والتقييد من تقابل العدم والملكة ، وقد تقدم عدم صحته ، وعرفت أنّ التقابل بينهما هو تقابل السلب والإيجاب هذا أولا. وثانيا : لو قطعنا النظر عن ذلك ، وقلنا : بأنّ التقابل بينهما هو تقابل العدم والملكة ، إلّا أنه في المقام عندنا تقييدان ، وفي مقابل كل منهما إطلاق :

أحدهما : التقييد بالفرد المزاحم ، وهذا غير معقول ، ويقابله الإطلاق ، بمعنى عدم التقييد بالفرد المزاحم ، فيكون هذا غير معقول.

التقييد الثاني : هو تقييده بغير المزاحم ، وهذا معقول ، ويقابل هذا التقييد الإطلاق بمعنى عدم التقييد بغير المزاحم ، فيكون هذا الإطلاق معقولا.

والمقصود من الإطلاق هو الإطلاق الثاني ، لأنه هو الذي يفيد شمول الأمر للفرد المزاحم.

وقد عرفت أن هذا الإطلاق معقول.

وعليه ، فلا مانع من شمول الأمر لغير المزاحم ، وذلك بأن يتعلق الأمر بالجامع بين المزاحم وغيره.

__________________

(١) محاضرات فياض : ج ٣ ص ١٨٣.

٥٢٥

أو فقل : إنّ التقييد بالفرد غير المزاحم ، ممكن في المقام ، فيكون عدم التقييد المستلزم لشمول الحكم للفرد المزاحم ، ممكنا أيضا.

٣ ـ التعليق الثالث : هو أن يقال : بأن كلام المحقق الثاني «قده» ، إنّما يتم بناء على إمكان الواجب المعلّق ، ولا يتم بناء على استحالته ، وذلك لأنّ الأمر إذا تعلق بالجامع ، وكانت المزاحمة أول الوقت ، ففي أول الوقت يكون الوجوب فعليا ، مع أنّ القدرة على الواجب أول الوقت غير فعلية ، أي : إنّ الواجب في أول الوقت لا يكون مقدورا لفرض المزاحمة ، وإنّما يصبح مقدورا بعد ذلك الزمان ، وحينئذ يلزم تقدم زمان الوجوب على زمان الواجب ، وهذا هو مشكل الواجب المعلّق ، وهذا معناه.

وعليه ، فيبتني إمكان تعلق الأمر بالجامع الذي ذكره المحقق الثاني «قده» على إمكان الواجب المعلّق ، فإن قيل باستحالته ، كان الأمر بالجامع مستحيلا أيضا في المقام.

والتحقيق ، هو : إنّ هذا التعليق إنّما يتم بناء على بعض المسالك في امتناع الواجب المعلق ، دون بعضها الآخر ، وذلك ، لأنّ استحالة المعلق لها مسلكان وكلاهما باطل ، كما تقدم وعرفت في محله ، إلّا أننا نتكلم بناء على تماميتهما لنرى أنهما هل يؤثران في بطلان ما ذكره المحقق الثاني «قده» أو لا يؤثران :

١ ـ المسلك الأول : وقد أفاده المحقق الأصفهاني (١) وحاصله ، هو : إنّ الحكم يستبطن داعي البعث بالإمكان ، إذن فهو باعث بالإمكان ، ومتى ما كان هناك باعث بالإمكان ، فلا بدّ أن يكون هناك انبعاث بالإمكان ، بمقتضى التضايق بين الباعثية والانبعاث ، وبناء على ذلك ، فيستحيل الواجب المعلق ، لأنّ الوجوب فيه فعلي ، ومعنى ذلك أنّ الباعث بالإمكان فعلي ، مع أنّ

__________________

(١) نهاية الدراية : الأصفهاني : ج ٢ ص ٥٤ ـ ٥٥.

٥٢٦

الانبعاث خارجا فعل غير معقول ، ذلك لأنّ الخطاب يشمل العاصين أيضا ، ولا انبعاث لهم.

وعليه ، فيكون المقصود من كون الحكم مستبطنا للباعثية ، هو كونه كاشفا عن داعي البعث ، بمعنى إيجاد ما يمكن أن يكون باعثا ، وحينئذ يقال : بأنّ إمكانية البعث تلازم إمكانية الانبعاث ، وفي مورد الواجب المعلق ، لا توجد إمكانية الانبعاث ، إذن فلا يكون البعث ممكنا.

إذن فيستحيل المعلّق ، وعليه ، فيستحيل ما ذكره المحقق الثاني «قده» ، من تعلّق الأمر بالجامع ، لأنّ هذا يرجع إلى الواجب المعلّق.

وهنا تقريبان لبيان كون الحكم يستبطن داعي الباعثية :

١ ـ التقريب الأول : هو أنّ استبطان الحكم لداعي الباعثية ، إنّما هو بسبب الظهور السياقي لخطاب المولى ، إذ يستظهر منه أنّ المولى في مقام البعث والجد لا الهزل ، فإذا كان هذا هو ملاك استبطان الحكم للباعثية ، حينئذ يقال : بأنّه لا بدّ من أن تقرّر الباعثية بقدر ما يدل عليه هذا الظهور السياقي ، وقد عرفت أنّ غاية ما يدل عليه الظهور هو الباعثية على خط الزمان ، وفي مجموعه ، لا في جميعه ، ولا في كل آن من آناته ، وعليه فلا يبقى وجه لامتناع المعلّق ، لأنّ المعلّق بلحاظ عمود الزمان ، باعث بالإمكان.

٢ ـ التقريب الثاني : هو أنّ يقال : إنّ الحكم هو إنشاء ، والإنشاء بلا داع غير معقول ، والإنشاء بأيّ داع من الدواعي كان ، يكون مصداقا لذلك الداعي.

فقوله : «ذق» بداعي الاستهزاء ، استهزاء ، وقوله : «أقم الصلاة» ، بداعي البعث ، بعث ، وهكذا.

وحينئذ يقال : إنّ الذي هو الحكم لا يمكن أن يكون بداعي الاستهزاء ، أو التعجيز ، ونحوهما ، وإلّا لصار الاستهزاء أو التعجيز حكما شرعيا ، وهو غير معقول ، وعليه ، فلا بدّ وأن يكون بداعي الباعثية ، لأنّه حينئذ يكون بعثا ، وهذا يناسب الحكم.

٥٢٧

وهذا التقريب هو المناسب لظاهر كلمات المحقق الأصفهاني «قده» (١) حيث أثبت فيه أنّ حقيقة الحكم هي الإنشاء بداعي البعث.

والجواب ، هو : إنّه إذا أمكن لهذا المحقق «قده» أن يثبت بهذا البرهان الثبوتي ، أنّ الحكم متقوّم بكون الإنشاء بداعي البعث في كل آن من آنات الزمان لتم مدّعاه في هذا التعليق ، وثبتت استحالة ما ذكره المحقق الثاني «قده».

إلّا أنّ الصحيح هو أنه حتى لو تمّ هذا البرهان ، فهو لا يمكنه إثبات المدّعى ، وإنّما غاية ما يقتضيه هذا البرهان ، هو كون حقيقة الحكم متقومة بكون الإنشاء بداعي البعث ، وأنه يمكن الانبعاث بلحاظ خط الزمان ، لا في كل آن من آناته ، وهذا كاف في كون الحكم بعثا ، لا استهزاء.

أمّا أن يكون هذا باعثا في كل آن ، أو على جميع آنات الزمان ، فهذا ممّا لا يثبته البرهان المذكور.

نعم إذا أمكن لصاحب هذا البرهان إثبات ذلك ببرهان آخر ، حينئذ يتم تعليقه ، وإلّا فلا يتم لما عرفت.

٢ ـ المسلك الثاني : لبيان استحالة المعلّق هو ما ذكره المحقق النائيني «قده» (٢) ، وحاصله هو : إنّ المعلّق يرجع إلى الشرط المتأخر ، والشرط المتأخر مستحيل ، فيستحيل المعلّق ، كما تقدم تفصيل ذلك في محلّه ، وعليه ، فيستحيل ما ذكره المحقق الثاني «قده» لرجوعه إلى المعلّق الذي هو مستحيل.

وفيه ، إنّك قد عرفت التحقيق في ذلك ، وأن الشرط المتأخر ممكن ، ولكن لو سلّمنا باستحالته كما عند الميرزا «قده» ، إلّا أنه مع ذلك نقول :

إنه يمكن على مبنى الميرزا «قده» ، أن نثبت إمكان تعلّق الأمر بالجامع ،

__________________

(١) نهاية الدراية : الأصفهاني ج ٢ ص ٥٤ ـ ٥٥ ـ ٥٦.

(٢) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ١٠٠ ـ ١٠١ ـ ١٠٢ ـ ١٠٣ ـ ١٠٤ ـ ١٠٥.

٥٢٨

كما ذكر المحقق الثاني «قده» ، وذلك لأنّ الشرط المتأخر إذا أمكن إرجاعه إلى شرط التعقّب ، فيكون حينئذ من الشرط المقارن ، كما عرفت تفصيله في محله.

وهنا يمكن إرجاعه لشرط التعقّب ، وذلك ، بأن يكون الشرط هو الإتيان بما تتعقبه القدرة ، أي : أخذ تعقب القدرة شرطا مقارنا للتكليف ، وبهذا يكون الشرط مقارنا مع الأمر بالجامع ، إذ لو خلّينا وإطلاق الخطاب ، فإنّ القاعدة هو شموله حتى للعاجز ، وإنّما نرفع اليد عن هذا الإطلاق باعتبار قرينة عقلية ، وهذه القرينة تقتضي رفع اليد عن الإطلاق بمقدار يرتفع قبح العقاب ، وهذا القبح يرتفع بالتقييد بالتعقّب ، ولا موجب لتقييده بأكثر من ذلك ، وهو القدرة المتأخرة.

والحاصل : إنّه بناء على هذا المسلك ، لا يتم التعليق الثالث.

٤ ـ التعليق الرابع : هو إنّ الأمر المتعلق بالجامع بين المزاحم وغير المزاحم ، يكون من باب التخيير العقلي ، لأنّ الأمر تعلّق بالطبيعة ، والمكلف مخيّر بتطبيقها على أيّ فرد يختاره منها ، وحينئذ ، فإذا بني على أن التخيير العقلي يرجع إلى التخيير الشرعي ، بمعنى أن الأمر المتعلق بالجامع ينحل لبّا إلى أوامر بعدد الأفراد ، وتكون هذه الأوامر مشروطة بحيث يكون كل أمر مشروط بعدم امتثال غيره ، فبناء على ذلك ، يستحيل تعلّق الأمر بالجامع ، لأنّ هذا سوف يرجع إلى أمر تعييني بالفرد المزاحم ، إذ لم يؤت بالأفراد الأخرى ، وهذا غير معقول ، فلا يتم ما ذكره المحقق الثاني.

وأمّا إذا بني على أن التخيير العقلي ، لا يرجع إلى التخيير الشرعي ، فحينئذ لا مانع من الأمر بالجامع ، لأن الأمر سوف يقف على الجامع ، ولا يسري إلى تلك الأفراد ، ليلزم المحذور المذكور. وبما أن الصحيح هو أنّ التخيير لا يرجع إلى التخيير الشرعي ، كما ستعرف في محله ، فيكون كلام المحقق الثاني قده حينئذ في محله.

٥٢٩

وبتمام الكلام في الجهة العاشرة ، يتم الكلام في الترتب.

وحيث أنّ الترتب مدخل طبيعي إلى بحث التزاحم على أساس ما ذكرناه سابقا ، من أنّ ثمرة القول بإمكان الترتب ، هي نفي التعارض بين الخطابين ، وإقامة باب آخر للتزاحم بين الضدين ، حيث يصبح التزاحم بينهما في مرحلة الامتثال ، بابا مستقلا في قبال باب التعارض.

إذن ، سوف نفتتح المجلد الرابع إن شاء الله ببحث «التزاحم» ليستوعبه ويستوعب مبحث الضد ، وبقية حالات الأمر الخاصة ، وكيفيّات تعلق الأمر بالطبيعة أو الأفراد ، وحقيقة الواجب التخييري ، والكفائي ، والموسع ، والمضيّق ، وتبعية القضاء للأداء.

سائلا المولى سبحانه أن يوفقني لإكمال كتابة كل ما استفدته من مجلس درس السيد الشهيد الصدر «قده» روحي فداه.

والحمد لله رب العالمين

أولا وآخرا

٥٣٠

فهرست الموضوعات

خطبة الكتاب................................................................... ٣

مقدمة الواجب ـ تحقيق عنوان المسألة................................................ ٧

* الفصل الأول : في تقسيمات المقدمة............................................ ١١

ـ المقام الأول : في تحقيق مجذور الشرط المتأخر للوجوب............................ ١٣

الموقع الأول : المحذور في عالم الجعل.......................................... ١٥

الموقع الثاني : المحذور في عالم المجعول......................................... ١٧

الموقع الثالث : المجذور في عالم الملاك......................................... ١٩

ـ المقام الثاني : في محذور الشرط المتأخر للواجب.................................. ٢٢

ـ الموقع الأول : كون الشرط واقعا قبل مشروطه................................ ٢٢

الموقع الثاني : محذور الشرط المتأخر بلحاظ الملاك.............................. ٢٣

ـ المقام الثالث : في كون محذور تأثير المتأخر في المتقدم يرد في الشرط المتقدم.......... ٣١

* الفصل الثاني : في تقسيمات الواجب........................................... ٣٧

ـ المقام الأول : في امكان الوجوب المشروط عقلا في مقام الثبوت................... ٣٧

ـ المقام الثاني : الإشكال في مقام الإثبات........................................ ٣٧

النظرية الأولى : في تفسير الإرادة المشروطة.................................... ٣٩

٥٣١

النظرية الثانية............................................................. ٤٦

النظرية الثالثة............................................................. ٤٩

ـ الواجب المعلّق والمنجز....................................................... ٧٥

الاعتراض الأول على الواجب المعلق......................................... ٧٨

الاعتراض الثاني........................................................... ٨٣

ـ الواجب النفسي والواجب الغيري............................................ ١٧٣

الجهة الأولى في تعريف الواجب النفسي والغيري.............................. ١٧٣

الجهة الثانية : في تأسيس الأصل اللفظي العملي............................. ١٧٨

الجهة الثالثة : في استحقاق الثواب والعقاب على الاوامر الغيرية................ ١٩٩

الجهة الرابعة : في خصوصية الأمر الغيري................................... ٢١١

الجهة الخامسة : في المقدمة الموصلة......................................... ٢٢٥

ـ صياغة وجوب المقدمة ، ومعنى الموصل المعروض للوجوب الغيري................. ٢٤٩

ثمرة القول بالمقدمة الموصلة................................................ ٢٦٥

الجهة السادسة : ثمرة وجوب المقدمة........................................ ٢٧٧

الجهة السابعة : حكم الشك في وجوب المقدمة.............................. ٢٨٣

الجهة الثامنة : الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته...................... ٣٠٥

خاتمة : في مقدمة المستحب والحرام والمكروه............................... ٣١٧

* مسألة الضد............................................................... ٣٢٠

الفصل الأول : الضد الخاص.............................................. ٣٢١

الفصل الثاني : الضد العام................................................ ٣٦٧

٥٣٢

الفصل الثالث : ثمرة بحث الضد........................................... ٣٧٥

الفصل الرابع : مبحث الترتب............................................. ٤٠١

الجهة الأولى : في التوصل إلى إثبات الأمر بالمهم في موارد التزاحم............... ٤٠١

الجهة الثانية : في أقسام الحكمين الشرعيين.................................. ٤١٢

الجهة الثالثة : استدلال القائلين بإمكان الترتب.............................. ٤٢٤

الجهة الرابعة : إمكان الترتب بالطولية والاختلاف بالمرتبة...................... ٤٣٠

الجهة الخامسة : إشكالات بحث الترتب.................................... ٤٤٠

الجهة السادسة : في تحقيق مقدمات المحقق النائيني «قده»..................... ٤٦٠

الجهة السابعة : تحقيق فذلكة القول بإمكان الترتب.......................... ٤٩٨

الجهة الثامنة : إمكان الترتب من كلا الجانبين............................... ٥٠٧

الجهة التاسعة : تطبيق بعض الفروع الفقهية على أساس الترتب................ ٥١٣

الجهة العاشرة : الترتب وعدمه في الواجبين المتزاحمين.......................... ٥٢١

التعليق الأول...................................................................

التعليق الثاني....................................................................

التعليق الثالث..................................................................

المسلك الأول في استحالة المعلق...................................................

المسلك الثاني...................................................................

التعليق الرابع....................................................................

٥٣٣