مواهب الرحمن في تفسير القرآن - ج ٢

آية الله السيّد عبد الأعلى السبزواري

مواهب الرحمن في تفسير القرآن - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيّد عبد الأعلى السبزواري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة أهل البيت (ع)
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٦

السورة أهمها امور :

الأول : أنّ الواحد هو المتفرد بالذات ، والأحد أعم منه.

الثاني : أنّ الواحد يطلق على ذوي العقول وغيرهم ، والأحد لا يطلق إلّا على الأول ، وقد يطلق على غيره.

الثالث : أنّ الواحد يدخل في الضرب في العدد دون الأحد كما مر.

وإنّما اطلق سبحانه لفظ الواحد ليفيد العموم فيشمل الوحدة في الذات فلا جزء له ، والوحدة في الألوهية والعبادة فلا شريك له ، والوحدة في الصفات ، والوحدة في الأفعال فينتفي بذلك أنواع الشرك فهو واحد من جميع الجهات ليس كمثله شيء.

وكرر لفظ الإله لإفادة أن استحقاق العبادة والمعبودية إنما هو الوحدة في الألوهية فهو متقوم بها ، فلو قال تعالى : «وإلهكم واحد» لما أفاد هذا المعنى.

ثم إنّ الألوهية إما أن تكون واقعية حقيقية ، وأما أن تكون اعتقادية ، وما هو متقوم بالوحدة إنما هي الأولى دون الثانية ، فإنها تحصل من التكثرات وتتنافى مع الوحدة ، قال تعالى : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) [سورة ص ، الآية : ٥] ، وقد حصل لهم التعجب ، لأنها اعتقادية خيالية تابعة لأهوائهم. قال تعالى : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) [سورة الفرقان ، الآية : ٤٣]. والآيات والروايات والأدلة العقلية تدل على كثرة هذا الإله وتعدده بحيث لا حصر له ولا عد.

قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ). هذه العبارة من أوضح العبارات الدالة على وجود الله وتوحيده ونفي ما عداه ، وهي كلمة نابعة من ينبوع الفطرة المستقيمة.

قوله تعالى : (الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ). تقدم تفسيرهما في بسملة الفاتحة ، وذكر هما في المقام لتقوم الربوبية العظمى بهما.

ثم إنّ ما ورد في هذه الاية الشريفة من البيّنات الواضحة الدالة على وجود الله تعالى ووحدانيته وبديع صنعه الناشئ من رحمته التي وسعت كل

٢٢١

شيء ، ومضمونها من أقرب الأشياء إلى الفطرة ، وأوضح الأمور التي يقبلها العقل السليم ولا يحتاج إلى البرهان ، لكنه تبارك وتعالى بعظيم لطفه وسابق منّه شاء أن يرشد الإنسان إلى ذلك بإقامة الحجة القيمة ليستفيد منها العالم وغيره كل بحسب استعداده ، وليكون العلم بذلك بالبرهان المتين ، فذكر جلّت آلاؤه بعض الآيات من خليقته وظواهر الكون الدالة على وحدانيته ورحمته.

قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). مادة خلق تأتي لمعان منها : إبداع الشيء من غير مثال ، كقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [سورة الأنعام ، الآية : ٧٣] ، فهو مثل البديع ، قال تعالى : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [سورة البقرة ، الآية : ١١٧] ، وفاطر قال تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [سورة الفاطر ، الآية : ١] وهذا مما يختص به تعالى ، قال عزوجل : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [سورة النحل ، الآية : ١٧].

ومنها : إيجاد شيء من شيء ، قال تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ) [سورة النحل ، الآية : ٤] ، وقال تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ) [سورة الرحمن ، الآية : ١٤] ، وقال تعالى : (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) [سورة الرحمن ، الآية : ١٥] ، وبهذا المعنى يصح استعماله في غيره تعالى ، قال عزوجل : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي) [سورة المائدة ، الآية : ١١٠].

ومنها : التقدير ، ويصح استعماله في غيره تعالى أيضا ، لأن التقدير من مبادئ كل إرادة نفسانية ، ولعل منه قوله تعالى : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) [سورة المؤمنون ، الآية : ١٤] ، وربما يكون المراد منه الخالق الاعتقادي لا الواقعي كقوله تعالى : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً) [سورة ص ، الآية : ٥]. وقد ثبت في محله امتناع تعدد الآلهة الواقعية.

والسموات هي الأفلاك العلوية بجميع أجرامها وكواكبها المختلفة ومنظوماتها المتعددة ـ التي منها منظومتنا الشمسية ـ المختلفة في أعدادها

٢٢٢

وأبعادها وأوزانها والمؤتلفة بينها بنظام دقيق ، وهو قانون الجاذبية في الأفلاك السابحة في الفضاء الفسيح غير المتناهي بسير منتظم وفقا لقواعد فلكية ، المؤثرة في حياتنا الأرضية بنحو من التأثير وغير ذلك مما فيه آيات بينات دالة على وحدة صانعها وحكمته البالغة ، يبهر المتأمل في ظواهرها فكيف بمن اطلع على عجائبها.

وقد ورد لفظ السموات في القرآن الكريم بصيغة الجمع في ما يقرب من مأتي مورد ، أو بصيغة المفرد أكثر من مائة مورد ، والجميع مقرون بما يدل على جلالة الصانع وبداعة صنعه وكمال الخلق ولم يرد لفظ السماء في القرآن بلفظ التثنية.

والأرض هي هذا الكوكب العظيم الذي نعيش عليه ونموت فيه ونحيا منه ، وهي مبدأ الحياة بجميع أقسامها ، المشتملة على آيات باهرات ، الدالة على بديع صنعه تعالى ، قال عزوجل : (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ) [سورة الذاريات ، الآية : ٢٠]. ولم يرد لفظ الأرض في القرآن الكريم إلّا مفردا ، ولعل السر فيه أن السماء أنواع مختلفة وأجرام متفرقة ومجاميع متفاوتة ، والأرض نوع واحد ذات أجزاء مختلفة. او لإيقاع التآلف بين بني آدم وإرشادهم إلى نبذ الاختلاف والفرقة واعلامهم بأنهم من شيء واحد وفي عالم واحد.

وأما قوله تعالى : (خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) [سورة الطلاق ، الآية : ١٢] فسيأتي المراد منه عند تفسير الآية الشريفة في موضعها إن شاء الله تعالى.

قوله تعالى : (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ). أي كون أحدهما خلف الآخر ، وتعاقبهما في المجيء والذهاب مما يوجب دخول أحدهما في الآخر ، كما في قوله تعالى : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) [سورة لقمان ، الآية : ٢٩] ، وذلك على حساب دقيق مستمر في جميع أيام السنة وفي جميع أقطار الأرض حسب مواقعها في الطول والعرض واختلاف الفصول.

٢٢٣

والليل اسم جنس واحده ليلة ، كتمر وتمرة ، والنهار اسم جنس أيضا ويقع على القليل والكثير على حد سواء ، ولم يسمع له جمع في الاستعمالات الفصيحة.

واختلاف الليل والنهار كذلك فيه من الحكم والمصالح الدالة على حكمته البالغة وعظيم صنعه ، وفيه من المنافع للنّاس مما يدل على عظيم لطفه ، وقد أشار سبحانه إلى بعض تلك المنافع في آيات أخرى فقال تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) [سورة الإسراء ، الآية : ١٢] ، وقال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً) [سورة الفرقان ، الآية : ٦٢] ، وقال تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة القصص ، الآية : ٧٣].

قوله تعالى : (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ). الفلك ـ بضم الأول وسكون الثاني ـ السفينة ومفردها كجمعها ويفرق بينهما بالقرائن ، قال تعالى : (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ) [سورة النحل ، الآية : ١٤] وقال تعالى : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) [سورة هود ، الآية : ٣٧]. فإن الأول جمع والأخير مفرد ، وقد ورد هذا اللفظ في القرآن الكريم في ما يزيد على عشرين موردا ، وأما الفلك ـ بفتح الأول والثاني ـ فهو مجرى الكواكب.

وجريان الفلك في البحر وانتفاع الناس بها في نيل مقاصدهم في التجارة وحمل الأثقال والأسفار البعيدة ، كل ذلك من آيات الله تعالى الدالة على وجوده ووحدانيته وحكمته البالغة ، لأن جريانها في البحر لم يكن إلّا نتيجة قواعد علمية ثابتة ، منها القواعد المعروفة في ثقل الأجسام ؛ أو المتعلقة بجريان الريح قال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [سورة

٢٢٤

الشورى ، الآية : ٢٣]. ومنها القواعد المتعلقة بالبخار والكهرباء الذين تجري بهما الفلك في هذه الأعصار ، وغيرها من القواعد والقوانين التي هي من نعم الله تعالى على الإنسان قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [سورة لقمان ، الآية : ٣١].

قوله تعالى : (وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ). فإنّ في نزول المطر وارتواء الأرض وحياتها بعد موتها آية من الآيات الدالة على رحمته العامة وحكمته البالغة. ولم يبين سبحانه في هذه الآية كيفية تكوين المطر إلّا أن آيات أخرى تبين ذلك ، وسيأتي في قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) [سورة الروم ، الآية : ٤٨] إثبات أن مضمون هذه الآية هو الذي أثبته العلم الحديث بعد قرون عديدة.

قوله تعالى : (فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ). البث التفريق ، والدابة من الدبيب ، وهي كل ما يدب في الأرض وإن اشتهرت في العرف بما يركب.

والمراد من حياة الأرض بعد موتها هو جميع أنواع الحياة النباتية والحيوانية والإنسانية وخروجها من الجدب إلى الارتواء وقابلية إنماء النبات وقوة الإنبات ، فان من نزول المطر ترتوي الأرض فتستعد لحياة النبات عليها ، وبه يعيش الحيوان والإنسان ، قال تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [سورة الحج ، الآية : ٥]. والأرض القاحلة الخالية عن الماء لا يعيش فيها نبات ولا حيوان فهي ميتة من هذه الجهة ، وان المطر يخرجها الى الحياة ، ومن ذلك يعرف أن الماء سبب في حياة الأرض والنبات والحيوان ، ونزوله بحسب حكمته البالغة يدل على عظيم لطفه وواسع رحمته.

قوله تعالى : (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ). التصريف : النقل والتغيير. والرياح الهواء المتحرك وإذا استعمل اللفظ في القرآن الكريم جمعا يكون

٢٢٥

للرحمة ، ومفردا يكون للعذاب في ما إذا كان من فعله ، قال تعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) [سورة فصلت ، الآية : ١٦].

وتصريف الرياح تغييرها وتبديلها وتوجيهها بإرادة الله تعالى ، فإن في ذلك دخلا في بقاء النبات والحيوان بل في حياة الإنسان من حيث المرض والصحة ، وكدورة النفس وصحوتها ، كما أثبته العلم الحديث.

وقد ذكر العلماء أن الرياح على طبايع مختلفة ، منها : الصبا ومحلها من مطلع الشمس ، والجدي عند الاعتدال ، والشمال من الجدي الى مغرب الشمس ، والدبور من سهيل إلى مغربه ، والجنوب من مطلع الشمس إلى مغربها.

ومنها الأعاصير ، والملقحة للنبات ، والعقيمة ، والمتناوحة التي تهب من كل ناحية ، ومنها الإستوائية الدافئة ، والقطبية الباردة ، والموسمية ، والتجارية التي تجري بها السفن ، ومنها الهادئة التي تمنع خطر العواصف.

كل هذه الأقسام تجري وتهب وفق الإرادة الأزلية وبحسب الحكمة والنظام مما يدل على حكمة صانعها ورحمة مدبرها ومنّه على خلقه.

قوله تعالى : (وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) السحاب الغيم ، سواء كان فيه الماء أم لا والفرق يستفاد من القرائن وسمي به إما لجر الريح له ، أو لجريان الماء منه ، أو لانجراره من محل إلى محل آخر بتسخير الله تعالى له ، والتسخير التذليل بأمر المسخر.

وتسخير السحاب فهي الجو واعتراضه بين السماء والأرض وجريانه إنما يكون بحسب قواعد علمية ثابتة قد كشف العلم الحديث بعضا منها ، وتوجيه هذا السحاب وتنظيمه بأحسن نظام فيه الدلالة الواضحة على ربوبيته العظمى ورحمته الواسعة.

قوله تعالى : (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ). الآيات جمع آية وهي العلامة الظاهرة ، أي : أن كل واحد من الأمور السابقة والظواهر الكونية المنتظمة بأحسن نظام والمتحركة وفق الإرادة الأزلية التي اقتضت أن تسير هذه الأمور بحسب قواعد علمية ثابتة متقنة لم يتنبه الإنسان إليها إلّا بعد مرور قرون

٢٢٦

عديدة وقد كشف القرآن الكريم قبل ذلك عن بعض منها ، وفي كل ذلك دلالات واضحة على أنها من صنع الله تعالى القادر المتعال العليم الحكيم الرحيم ، فإن كل مصنوع فيه الدلالة على صانعه ، وإنّ فيها الدلالة على وحده صانعها وأنّه المستحق للعبادة والتعظيم لا يشاركه غيره ، قال تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) [سورة الأنبياء ، الآية : ٢١].

بحوث المقام

بحث دلالي :

تتضمن الآيات المباركة أمورا :

الأول : ذكر سبحانه وتعالى في هذه الآيات من الأسماء الحسنى الوحدة ، والرحمانية ، والرحيمية دون غيرها من الأسماء ، ويمكن أن يكون الوجه فيه هو أن بالوحدة تتم له تعالى جميع أنحاء التوحيد ويتنزه عن جميع أنحاء الشرك فهو فرد في الألوهية والصفات العليا لا يشاركه أحد من مخلوقاته ، فيستحق بذلك الألوهية في الخلق والعبادة ، كما سيأتي مزيد بيان في البحث الفلسفي وبالرحمانية والرحيمية تتم له الربوبية العظمى في مخلوقاته.

الثاني : قد ذكر سبحانه في هذه الآيات أصول الخلق التي تتعلق بالإنسان من حيث حياته ونشأته وبقاؤه وانتفاعه ، فقد ذكر خلق السموات والأرض لأن بهما تتقوم حياة كل حي وذكر اختلاف الليل والنهار من حيث مدخليتهما في نشأة الحيوان والإنسان وبقائهما ، ثم ذكر الماء والنبات ، لأن بقاء كل كائن حي إنما يكون بهما ، وذكر أخيرا تصريف الرياح باعتبار مدخليتها في بقاء كل ذي حياة ، وأما الانتفاع من الرياح والفلك وغيرهما فهو ظاهر.

الثالث : إنما ذكر سبحانه (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ) بعد اختلاف الليل والنهار ، لأن تمامية النفع من الفلك إنما يتحقق بمعرفة الأوقات وساعات الليل والنهار. وذكر السحاب بعد تصريف الرياح ،

٢٢٧

لأن تسخير السحاب لا يكون إلّا بتصريف الرياح وجريانها كما عرفت.

الرابع : إنما قدم عزوجل الليل على النهار في الآيات المشتملة عليهما ، لأن ضوء النهار أمر وجودي متقوم بطلوع الشمس وغروبها وهو مسبوق بالعدم ، فيكون الأصل هو الظلمة وإن كان الليل والنهار متلازمين في التحقق الخارجي ، ويأتي تفصيل ذلك في محله إن شاء الله تعالى.

الخامس : تدل الآيات المباركة وما في سياقها على أن الأشياء في عالم الطبيعة والماديات مطلقا لا تحصل إلّا بأسبابها المقتضية لها ، وعليه جرت سنة الله تعالى في خلقه ، ويدل عليه الدليل العقلي والنقلي ، وفي الحديث : «أبى الله ان يجري الأمور إلّا بأسبابها» ، وقد تقدم في أحد مباحثنا السابقة إثبات ذلك.

ولا فرق في ذلك بين الأمور النوعية ، والصنفية ، والفردية ، وهو يدل على كمال قدرته وإحاطته بمخلوقاته وواسع رحمته ، فلو لا إرادته الأزلية لم يتحقق شيء من الأشياء ، ولو لا الأسباب التي جعلها الله تعالى وسيلة لتحققها لما وجدت أصلا ، فانه يكون من تحقق المعلول بلا علة ، وهو محال ولا ريب في أن لثبوت الحوادث أسبابا ثبوتية واقعية مستندة بنفسها ، وترتب مسبباتها عليها إلى إرادة قاهرة فوق الطبيعة تديرها بجميع شؤونها وجهاتها ، والجميع لا يعزب عن علمه ولا يخرج عن قدرته.

ومن ذلك يعلم أنّ الاقتصار على الأسباب وإرجاع الحوادث كلها إليها فقط مع الغفلة عما وراءها من السبب الواقعي تفريط في الرأي ، وباطل بالأدلة العقلية والنقلية.

كما أنّ إرجاعها إلى الله تعالى مسبب الأسباب ومبدأ الكل ومنشئه من دون نظر إلى الأسباب والعلل إفراط في الكلام ، وقد أبطلته الشرايع الإلهية بل الوجدان والدليل العقلي ينفيه ، والطريق الوسط الذي أمرنا باتباعه هو ما ذكرناه.

السادس : تدل الآيات على وجوب التعقل والتفكر ، وهو مما حكم به

٢٢٨

العقل أيضا ، وقد ورد الأمر به والحث عليه في ما يقرب من خمسين آية بعبارات مختلفة تشمل جميع أصناف خلقه بما فيها العلوم والحرف والصناعات إلّا ما نهى عنه في الشرع كما هو مفصل في الفقه.

السابع : بيّن سبحانه في هذه الآيات ما يحب التأمل والتعقل والتفكر فيه ، وهو خلق الله دون ذاته تعالى ، والسنة متواترة في ذلك فقد ورد عن الأئمة الهداة (عليهم‌السلام) : «تفكروا في آيات الله ولا تتفكروا في الله».

الثامن : إنّ الآيات المتقدمة وما في سياقها في مقام سوق العباد إلى معرفة الخالق والاعتراف بوجوده من خلال صنعه وخلقه ، ومثل هذا الاستدلال على وجود المبدأ ومعرفته أقرب إلى أذهان عامة النّاس قال تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) [سورة الغاشية ، الآية : ١٧]. وقد يستدل سبحانه بالخالق على المخلوق وبالصانع على المصنوع ، قال تعالى : (فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) [سورة الحج ، الآية : ٣٤] ، وقال تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [سورة فصلت ، الآية : ٥٣] وتفصيلهما مذكور في علم الفلسفة والكلام.

التاسع : ذكر سبحانه أنّ ما ذكر في الآيات المتقدمة آيات لقوم يعقلون ولم يبين ما فيه الآية وحذف المتعلق تعميما للفائدة ، فإنها تدل على أصل وجوده تعالى دلالة الصنع على الصانع ، وعلى قدرته وعلمه ، وحكمته التامة البالغة ، ولطفه وعنايته بأمر خلقه ، فتدل السموات والأرض على حدوثها واستناد خلقها إلى خالق قديم ، واختلاف الليل والنهار على التغيير والاستناد إلى مدبّر يدبرهما بالتدبير الحسن ، وجريان الفلك على رأفته وعطفه على خلقه ، وإحياء الأرض بعد موتها على ظهور أنواع الثمار والنبات وظهور منافعها للنّاس ، وعلى لطائف الصنع وبدايع الحكمة ، وبث الدابة على خلق الغرائز المختلفة وغرائب الحكمة وبدائع الصنيعة. وتصريف الرياح على تفريقها في الجهات ، وعلى دفع المضار والأمراض بها وغير ذلك من الآيات الدالة على بديع صنعه وأنها من تقدير العزيز العليم.

٢٢٩

جمالك في كل الحقائق ظاهر

وليس له إلّا جلالك ساتر

تجليت في الأكوان خلف ستورها

فنمّت بما ضمّت عليها الستائر

وقد نسب إلى الحسين بن علي (عليهما‌السلام) في بعض دعواته : «أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتّى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتّى تكون الآثار هي التي توصل إليك».

بحث أدبي :

يدل قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) على الاعتراف والإقرار بوجود الله تعالى وتحققه فعلا ، ونفي الشريك له عزوجل وهذا هو المقصود من دعوة الأنبياء.

لكن قد يقال : إن قدّر خبر «لا» النافية لفظ ممكن أي لا إله ممكن إلّا الله فهو ممكن ويثبت الإمكان بالنسبة إليه تعالى ، وهو أعم من الوجود الفعلي ، إذ لا يلزم أن يكون كل ممكن موجودا.

وان قدر الخبر كلمة «موجود» أي لا إله موجود إلّا الله فهو موجود ، فهو وان دل على فعلية الوجود له تعالى لكن لا يدل على امتناع الشريك عنه عزوجل ، إذ ليس كل معدوم ممتنعا.

والجواب : إنّ كلمة «لا» تامة لا تحتاج إلى الخبر ، كما في ليس التامة فيكون المعنى إنّه لا تحقق للمعبود بالذات إلّا الله تعالى ، فيثبت وجوده وامتناع غيره ، مع أنه يمكن تقدير الخبر لفظ «ممكن» ولا يلزم المحذور لما أثبته الفلاسفة من أن كل ما هو ممكن بالنسبة إليه عزوجل وليس فيه نقص فهو واجب بالنسبة إليه تعالى.

وعن جمع من أكابر الفلاسفة إن كان الوجود بذاته واجبا فيثبت المطلوب وإلّا فيلازم ذلك ثبوت المطلوب وكذلك في الصفات التي لا يلزم النقص من ثبوتها لذات الوجود.

كما يصح تقدير الخبر لفظ «الموجود» أيضا ويكون نفي الوجود عن المستحق للعبادة ذاتا مساوقا لامتناعه ، لأنه لو كان ممكنا لتحقق. ولعل لظهور

٢٣٠

هذه الكلمة المباركة في ما ذكرناه اكتفى الأنبياء (عليهم‌السلام) بها في دعوتهم للعباد إلى الاعتراف بوجود الله تعالى ووحدانية ونفي الشريك عنه.

بحث قرآني :

الآيات التي تقدم تفسيرها مجموعة من الآيات الكثيرة في مواضع متعددة من القرآن الكريم التي يأمر الله تعالى فيها الإنسان بالتفكر والتأمل والتعقل في خلقه عزوجل والاعتبار منه ، والغرض من ذلك هو إثبات الإله الواحد الأحد رب العالمين ، ونفي الشريك وطرح الأنداد ، وإعلام الإنسان بأنّ جميع ما سواه مخلوق ومربوب لله تعالى وهو من أهم مقاصد القرآن الكريم بل وجميع الكتب السماوية.

وقد نزل القرآن في ذلك بأسلوب جديد تميز به عن غيره وهو إرجاع الإنسان إلى الوجدان والفطرة عن طريق التفكر والتأمل في بديع صنع الله تعالى وأصناف خلقه.

ولقد اعتنى الحكيم عزوجل به اعتناء بليغا وأكد عليه بأنحاء التأكيدات لما له الأهمية الكبرى وعظيم الأثر في إثبات المطلوب ، وذلك لأنّ في استخدام هذا الأسلوب بعثا للشعور الوجداني الكامن في النفس الإنسانية ، والاعلام للطرف بأن الحجة فيك ولا تتعدى عنك ، وهو أبلغ في الإحتجاج على الغير.

ولوضوح هذا النحو من الإحتجاج استخدمه القرآن الكريم في بيان أهم مقاصده في المبدأ والمعاد في ظروف كانت الوثنية والشرك والجهل المهيمنة على الإنسان الذي رفض استخدام العقل والتعقل في اختيار معتقداته وآرائه واقتصر على المادة لحصول الانس بها ، فسلب بذلك عن نفسه الرؤية الصحيحة للأشياء ، فصار يعيش في خرافات موهومة وبنى عليها حضارات متعددة اتسمت كلها بالجاهلية ، فجلب لنفسه الشقاء ، واستبعدها عن السعادة والكمال.

وكانت السمة المميزة للإنسان الجاهلي هي تعدد الآلهة وخوفه من الطبيعة وعناصرها التي خلقها الله تعالى لنفع الإنسان وخدمته ، فصوّر لكل

٢٣١

عنصر من عناصر الطبيعة إلها استحق منه التعظيم والتقرب إليه بأنواع القرابين ، فجعل السماء إلها ، وللأرض إلها ، وللمطر إلها. وللشجر إلها ، وللحب إلها ، وللشمس إلها وللقمر إلها إلى غير ذلك مما ضبطه التاريخ.

ونسب ما يصيبه من المكاره والمحن إلى هذه الآلهة إما لأجل غضبها على الإنسان ، أو لأجل الصراع المستمر بين الآلهة أنفسها ، حتّى يؤول الأمر إلى الغضب على الطبيعة ، فيلحقها الدمار الشامل كما في قصة الطوفان.

ويمكن تلخيص ما اعتقده الإنسان في عصر التنزيل في الطبيعة والإله فيما يلي :

الأول : تعدد الآلهة والإعتقاد بأن لكل عنصر من عناصر الطبيعة إلها يفعل ما يريد ويحكم ما يشاء في حدود ما ثبتت إلهيته.

الثاني : انه يرى قدم العالم وأزليته بقدم الآلهة وأزليتها.

الثالث : إنّه يعتمد في نظرته للطبيعة وعناصرها أن لها أرواحا تعمل بالإرادة الكاملة وتستحق التعظيم والعبادة ، وأن الإنسان مسيّر تحت ارادتها.

الرابع : إسناد الحوادث كلها إلى هذه العناصر الطبيعية ، فان كانت رخاء ونعمة فهي من تقارب الآلهة كما اعتقد أنّ عمران الأرض بالنبات والأنهار والأمطار كان نتيجة التقارب بين آلهة السماء وآلهة الأرض. وأما إذا كانت الحوادث سوءا ودمارا فهي من غضب الآلهة على الإنسان أو من الصراع المستمر بينها.

الخامس : تأثير العناصر السماوية في العناصر الأرضية.

ولقد نزل القرآن الكريم في هذه الظروف وكان أول همه إرجاع الإنسان إلى وجدانه ووعيه عن طريق التأمل والتفكر في ما حوله من الأشياء وأحكمه بأشد الإحكام ، وذم التقليد والعصبية في الآراء ، وبذلك بيّن الطريق المستقيم الذي يوصل الإنسان إلى الكمال والهداية عن غيره وفي نفس الوقت حدّد علاقة الإنسان بالطبيعة ، وهي بالإله ، وبيّن بوضوح حقيقة الطبيعة وموقف الإله منها بأسلوب بياني رائع يقبله الطبع السليم ، وكان له القول الفصل في ذلك

٢٣٢

بحيث أصبح منارا يحتذي به كل متأله وحكيم ، ومنه استمد كل من كتب في الفلسفة الإلهية والحكمة المتعالية.

ومحصل ما يستفاد من القرآن في ذلك ما يلي :

الأول : أنّ الطبيعة بجميع عناصرها ـ السماوية منها والأرضية ـ كلها حادثة ومخلوقة لله تعالى وهي خاضعة لإرادته يفعل فيها ما يشاء ويحكم ما يريد ، وهي تدل على وحدانيته تعالى وحكمته المتعالية ، قال تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٥٤]. تبين هذه الآية بوضوح كيفية خلق السموات والأرض وأنها حادثة وليست أزلية.

الثاني : أنّها كما لا تكون أزلية ـ أي قديمة ـ لا تكون خالدة وأبدية ، يصيبها الفناء كما يصيب كل مخلوق مسخر ، قال تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) [سورة إبراهيم ، الآية : ٤٨].

الثالث : أنّه خلق السموات والأرض بلا شريك له في الخلق ولا وزير ، قال تعالى : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) [سورة المؤمنون ، الآية : ٩١].

الرابع : أنّه لا تنازع ولا صراع بين أفراد الطبيعة وعناصرها كما زعموه ، بل كلها مسخرات بأمره كما في الآية المتقدمة.

الخامس : أنّها خلقت لأغراض صحيحة وفق نظام محكم وقواعد علمية متقنة ، وإنها تدل على وحدانية وحكمته التامة وربوبيته العظمى قال تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) [سورة ص ، الآية : ٢٧] والآيات في ذلك كثيرة.

٢٣٣

السادس : أنّها ليست شرا بل خلقت لأجل نفع الإنسان إن كان مطيعا لله ، قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٩٦] ، وقال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة الروم ، الآية : ٤٦].

ويتفرع عن كل واحد مما تقدم أمور أخرى يأتي تفصيل الكلام فيها في المواضع المناسبة إن شاء الله تعالى. وبذلك بيّن سبحانه أصول الإعتقاد بالمبدأ والمعاد ونبذ الشرك والأنداد.

كما بيّن أن جميع مخلوقاته آيات وعلامات على وجود المبدأ تبارك وتعالى الذي وصفه القرآن الكريم بأمور :

الأول : أنّه أزلي قديم ، لأنّ كل حادث لا بد له من الانتهاء إلى علة قديمة ، وإلّا يلزم التسلسل الباطل ، وبذلك أثبت الفلاسفة القاعدة المعروفة في الفلسفة الإلهية : «أنّ كل حادث في عالم الإمكان لا بد وأن ينتهي إلى علة قديمة وواجبة وإلّا لاختل النظام». والقاعدة المشهورة : «إنّ كلما بالعرض لا بد وأن ينتهي إلى ما بالذات».

الثاني : أنّه موجود إذ لا يعقل استناد الحوادث إلى المعدوم.

الثالث : امتناع التعدد بالنسبة إليه ، كما يأتي في الآيات المناسبة له.

الرابع : أنّه حي مدرك ، إذ لا يمكن اسناد هذا النظام الحسن إلى غيره.

الخامس : أنّه منعم رحيم رؤوف ، لأنّ الخلق والتقدير إنما هو رحمة ورأفة ونعمة في وجدان كل ذي شعور كما يأتي في الآيات اللاحقة.

السادس : أنّه حكيم عليم بدقائق الأمور كلياتها وجزئياتها ، لما في بدايع صنعه من خصوصيات ودقائق علمية مما تدهش منه العقول ويعترف أهل الفن بالعجز والقصور في درك الحقيقة ويخرّون سجدا لإلهية وحكمته.

٢٣٤

السابع : أنّه لا يعزب عن علمه وتدبيره وكمال قدرته مثقال ذرة في السموات والأرض.

الثامن : أنّ جميع الموجودات مستندة إليه في الحدوث والبقاء وأنّ مناط الحاجة إلى العلة فيها إنما هو الإمكان ، وهو قرين ما سواء حدوثا وبقاء ، ولا ينفك عنه بوجه من الوجوه.

التاسع : أنّه يسير ما سواه تعالى اليه عزوجل سيرا استكماليا ، لما ثبت في الفلسفة والعرفان من أنه محبوب الكل ولا كمال للحبيب إلّا السير إلى محبوبه بكل وجه أمكن.

العاشر : كما أنه مبدأ الكل فهو منتهى الكل أيضا ، لمكان التلازم بينهما.

بحث روائي :

في الكافي عن هشام بن الحكم قال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه‌السلام) : «إنّ الله تبارك وتعالى أكمل للنّاس الحجج بالعقول ونصر النبيين بالبينات ، ودلّهم على ربوبيته بالأدلة ، فقال : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).

أقول : الأخبار في مضمون هذا الحديث متواترة من أنّ العقل يدعو إلى الله تبارك وتعالى ، كما أنّ الأنبياء يدعون إليه إلّا أنّ العقل حجة داخلية والنبي حجة ظاهرية.

وقوله (عليه‌السلام) : «أكمل للناس الحجج بالعقول» أي عرّفهم كيفية الاحتجاج على الشيء بما آتاهم من العقول.

والمراد من البينات البراهين الواضحة ولا ريب في كونها موجبة لنصرة النبيين عند ذوي العقول.

٢٣٥

والمراد بالأدلة كلما يمكن أن يستدل به على الربوبية وهي كثيرة ويمكن حصر أنواعها في ثلاثة : دلالة الذات على الذات ، كما قال (عليه‌السلام) : «يا من دل على ذاته بذاته». ودلالة المخلوقات عليه ، كما هو المتعارف في القرآن الكريم كما مر والسنة الشريفة ، والأدلة العقلية الدالة على إثبات العلة بمعلولها. ودلالة المعاد وجزاء الأعمال عليه تبارك وتعالى لما مر مكررا من إثبات الملازمة بين المبدأ والمعاد. وسيأتي الكلام فيها في المباحث الآتية إن شاء الله تعالى.

في الخصال والمعاني والتوحيد عن شريح بن هاني قال : «إنّ أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين (عليه‌السلام) فقال : يا أمير المؤمنين أتقول : ان الله واحد؟ قال : فحمل النّاس عليه وقالوا : يا أعرابي ما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسيم القلب؟ فقال أمير المؤمنين : دعوه فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم ؛ ثم قال : يا أعرابي إن القول في ان الله واحد على أربعة أقسام : فوجهان منها لا يجوزان على الله عزوجل ، ووجهان يثبتان فيه. فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل : واحد يقصد به باب الأعداد ، فهذا ما لا يجوز ، لأن من لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد ، أما ترى أنه كفر من قال ثالث ثلاثة. وقول القائل الواحد من الناس يريد به النوع من الجنس ، فهذا ما لا يجوز عليه لأنّه تشبيه جلّ ربنا عن ذلك وتعالى. وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل : هو واحد ليس له في الأشياء شبه ، كذلك ربنا. وقول القائل : إنه ربنا أحدي المعاني ، يعني به إنه لا ينقسم في وجوده ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا عزوجل».

أقول : هذا الحديث مما يدل على أن اطلاق الصفات عليه تعالى وعلى غيره ليس بالاشتراك المفهومي كما فصلناه قبل ذلك ويأتي إن شاء الله تعالى.

في الكافي عن أبي هاشم الجعفري عن أبي جعفر الثاني (عليه‌السلام) في معنى الواحد قال (عليه‌السلام) : «إجماع الألسن عليه بالوحدانية كقوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ)».

أقول : روى مثله ابن بابويه والمراد من الحديث اتفاق الأنبياء ومن

٢٣٦

تبعهم على وحدانيته ، مضافا إلى حكم الفطرة بذلك.

وعن ابن عباس انه قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في الآيات ـ المتقدمة ـ «ويل لمن سمع هذه الآيات فمج فيها».

أقول : المراد من المجّ هنا عدم التعقل والتفكر فيها.

بحث فلسفي :

أثبت جمع من الفلاسفة اشتراك مفهوم الوجود وما يتبعه من العلم والقدرة والحياة بينه تعالى وما سواه ممن يتصف بالعلم والقدرة والحياة واستدلوا على ذلك بأمور كثيرة مذكورة في محلها لا تخلو عن النقض والإبرام كما ستأتي في محالّها إن شاء الله تعالى.

إلّا أنّ اطلاق الواحد عليه تبارك وتعالى في القرآن الكريم ينفي ذلك ، فان المراد بالواحد كونه واحدا من جميع الجهات ، وفي كل شيء لا يدانيه أحد ولا يشبهه في ذلك شيء ، وهذا ما يستفاد من اطلاق الواحد على شيء عرفا خصوصا إذا قرن ب «القهار» كما في قوله تعالى : (الْواحِدُ الْقَهَّارُ) فهو متفرد متوحد في كل ما يطلق عليه عزوجل فتكون هذه الآيات وما في سياقها أدلة لمن قال بالاختلاف والمغايرة كما هو مذهب جمع آخر من الفلاسفة والمتكلمين ، وتشهد لها السنة المقدسة فعن علي (عليه‌السلام) : «باين عن خلقه بينونة صفة لا بينونة عزلة». وتدل على ذلك الأخبار الكثيرة الواردة في تفسير صفات الباري عزوجل بالمعنى العدمي فإذا قيل : الله سميع. أي : لا تخفى عليه المسموعات ، وبصير. أي : لا تخفى عليه المبصرات ، وقدير. أي : لا يعجزه شيء ، حذرا من تحقق الاشتراك واللوازم الفاسدة المترتبة عليه. والبحث يحتاج إلى مزيد من البيان لا يسعه المقام ، ومن ذلك يظهر أنّ قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) بيان لقوله تعالى : (إِلهٌ واحِدٌ)»

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ

٢٣٧

اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ (١٦٥) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦) وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧))

بعد أن ذكر سبحانه جملة من مصنوعاته التي في كل واحدة منها آيات دالة على توحيد الخالق ، وقدرته ، ورحمته ، وعلمه وحكمته التامة البالغة ، ورغب الناس إلى التفكر والتأمل فيها ، عقبها بهذه الآيات للإشارة إلى أنه مع وجود هذا الإله القادر المحيط الحكيم وبعد تلك الآيات الباهرات لا موضوع لاتخاذ الند من دونه ومن فعل ذلك فليس إلّا من نهاية غفلته وسيأتي يوم يتبرّأ أحدهم من الآخر ويستحقون الخلود في النّار.

التفسير

قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً). الأنداد ، والأكفاء ، والأشباه ، والإشكال ، والأقران ، والنظير بمعنى واحد ، والفرق بينها بالاعتبار ، ففي الاتحاد في الذات يقال : ند ، وفي الاتحاد في الأمور المتعارفة يقال : كفو ، وفي الاتحاد في عرض من الأعراض يقال : شبيه ، وفي الاتحاد في القدر والمساحة يقال : شكل ، وفي الاتحاد في الكيفية يقال : نظير. وربما لا تلاحظ هذه الخصوصيات فيطلق بعضها في محل البعض الآخر ، والمثل أعم من الجميع ، فكل ند مثل ولا عكس ، ومن عبر عن الأنداد بالضد يكون من اشتباه المفهوم بالمصداق ، لأن الضدين أمران وجوديان لا يجتمعان في موضوع واحد ، فمن جهة شمول الوجود لهما يكونان مثلين ، وفي جملة من الدعوات : «وكفرت بكل ند يدعى من دون الله». والأنداد أعم من تأليههم أو اتباعهم في الأفعال والأعمال.

وإنما عبر تعالى بلفظ «الناس» تعميما لجميع أفراد الإنسان من حين نزول الآية المباركة إلى قيام يوم الحشر فانه يكون فيهم أفراد يتخذون من دون الله أندادا في كل زمان ومكان ، ولا يختص ذلك بقوم دون آخرين بل يمكن أن

٢٣٨

يكون الخطاب من قبيل القضايا الطبيعية الشاملة لما قبل نزول الآية أيضا.

وإنما ذكر تعالى لفظ «الله» دون الرحمن الرحيم وأمثالهما من الصفات لبيان إثبات الدليل على بطلان اتخاذ الند من دونه ، فان لفظ «الله» اسم للذات المسلوب عنها جميع النقائص الإمكانية. يعني : أن من كان هكذا يكون أخذ الند في مقابله لغوا عند كل ذي شعور ودراية ويستقبح ذلك.

قوله تعالى : (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ). الحب معروف ، وهو من المفاهيم التي قصرت الألفاظ عن بيان حقيقتها ، والكلمات عن الإحاطة بها ، فإيكاله إلى الوجدان أولى من التعرض له باللفظ والبيان.

وقد وردت مادة (ح ب ب) في القرآن الكريم كثيرا وهو من الله تعالى لخلقه ، قال تعالى : (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٩٥] ، وقال تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [سورة الممتحنة ، الآية : ٨] ، وقال جلّ شأنه : (وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٤٦] وقال تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [سورة التوبة ، الآية : ٤] إلى غير ذلك مما هو كثير ، ومن الخلق لله تعالى قال سبحانه : (يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [سورة المائدة ، الآية : ٥٤]. وبالنسبة إليهما معا قال تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) [سورة ، آل عمران ، الآية : ٣١]. ومن الخلق للخلق قال تعالى : (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا) [سورة يوسف ، الآية : ٣٠].

والحب أصل جميع المقامات والأحوال ؛ فهي إما وسيلة إلى حصوله أو هي ثمرة من ثمراته ، كالتوحيد ، والرجاء ، والخوف ، والتوكل ، وغير ذلك ؛ ولذا اختص بهذا المقام الخطير إمام الأنبياء وسيد المرسلين (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ولعلنا نتعرض لبعض الجوانب في المقامات المناسبة إن شاء الله تعالى.

وأما تفسير المحبة بالإرادة ، كما عن بعض المفسرين فهو خلاف الاستعمالات المتعارفة لأنه يصح أن يقال : «اللهم ومن أرادني بسوء فأرده» ولا يصح ان يقال : اللهم من أحبني بسوء. كما يصح ان يقال : أحببت القرآن

٢٣٩

فقبّلته ، ولا يصح استعمال الإرادة فيه ، ومن اختلاف استعمال كل منهما في مورد الآخر حسنا وقبحا يعلم اختلاف المعنى. نعم يصح جعل الإرادة والشوق من مبادي المحبة.

والمعنى : ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا وأمثالا ونظائر إما في القدم ، فيجعلون الذوات قديمة ، او في الأثر ، كما يجعلون الطبيعة مؤثرة ، أو في الحكمة والبداعة فيجعلونها من مقتضيات الذوات أو في الاختيار والقدرة فيتبعون الرؤساء ويجعلونهم سببا مستقلا في مقابل إرادة الله تعالى ، أو في الأفلاك وكائنات الجو فللناس فيها عقائد ومذاهب باطلة ، ويظهرون العلاقة القلبية بالنسبة إليهم ويعظمونهم ويخضعون لهم على نحو تعظيم الله تعالى وإظهار العلاقة له عزوجل ، لعدم التعقل والتفكر في الواقع وعدم فرقهم بين الحقيقة والمجاز والاقتصار على الظاهر فقط.

والمراد (بحب الله) الحب الظاهري الناشئ من المعاشرة مع المسلمين المحبين لله تعالى ، والحب الادعائي الذي يدعيه المنافقون.

ومقتضى المقابلة بين الآيات السابقة والمقام وسياق المخاطبة أن يقال : ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله لأنهم لا يعقلون. إلّا أن من أدب القرآن ، والحث والترغيب في دخولهم الإسلام والمدارة معهم مهما أمكن أوجب تغيير التعبير ، ولذا نرى أن الآيات المشتملة على جملة : «لا يعقلون» نازلة في أواخر البعثة وبعد استقرار الإسلام ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [سورة الحجرات ، الآية : ٤] ، وقال تعالى : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) [سورة الحشر ، الآية : ١٤] وقال تعالى : (وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [سورة المائدة ، الآية : ١٠٣].

قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ). لاعتقادهم بأنه جامع لجميع الصفات الحسنى ، وانه مرجع الكل ومنتهاه ، وأنه أرحم الراحمين ، وله القدرة والسلطان ، وان عنده مفاتيح الغيب يعطي لمن يشاء ويمنع عمن يريد ، وان

٢٤٠