كنز الفوائد - ج ١

أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي الطرابلسي

كنز الفوائد - ج ١

المؤلف:

أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي الطرابلسي


المحقق: الشيخ عبدالله نعمه
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الأضواء
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩١
الجزء ١ الجزء ٢

فإذا تزوجها أخو القائل لأمه وهو جائز لأنه لا قرابة بينها فأولدها غلاما فالغلام عم القائل لأنه يصير أخا لأبيه ويكون القائل أيضا عما للغلام من الأم وكانت إخوة القائل من أبيه وأمه أعماما للغلام.

فصل في ذكر الدنيا

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

من أحب دنياه أضر بآخرته.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام :

الدنيا دول فاطلب حظك منها بإجمال الطلب.

وقال عليه السلام من أمن الزمان خانه ومن غالبه هانه

وقال :

الدهر يومان يوم لك ويوم عليك فإن كان لك فلا تبطر وإن كان عليك فاصبر فكلاهما عنك يمضى.

قال بعض الشعراء :

وإن امرأ دنياه أكثر همه

لمستمسك منها بحبل غرور

وقال بعضهم :

إياك الاغترار بالدنيا والركون إليها فإن أمانتها كاذبة وآمالها خائبة وعيشها نكد وصفوها كدر وأنت منها على خطر إما نعمة زائلة وإما بلية نازلة وإما مصيبة موجعة وإما منية مفجعة.

وقال آخر :

صاحب الدنيا في حرب يكابد الأهواء لتقدح والجهالة لتقمح والأرواع لتندفع والآمال لتنال والمكروه ليزال وبعض ذلك عن بعض

٦١

شاغل والمشغل عنه ضائع فلما رأى الحكماء أنه لا سبيل إلى إحكام ذلك تركوا ما يفنى ليحرزوا ما يبقى

فصل في ذكر الأمل

روي أن الله تعالى قال :

يا ابن آدم يأتي رزقك وأنت تحزن وينقص من عمرك وأنت لا تحزن تطلب ما يطغيك وعندك ما يكفيك.

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

من كان يأمل أن يعيش غدا فإنه يأمل أن يعيش أبدا.

وقال بعضهم :

الآمال لا تنتهي والحي لا يكتفي.

وقيل ما أطاع عبد أمله إلا قصر عمله.

وقال آخر :

لا يلهك الأمل الطويل عن الأجل القصير.

وقال آخر :

من جرى في عنان أمله (١) عثر بأجله.

وقال آخر :

إنك إذا أدركت أملك قربك من أجلك وإذا أدركك أجلك لم تبلغ أملك.

لابن الرومي (٢)

_________________

(١) في الأصل (عمله) وهذه الكلمة للإمام عليّ عليه السلام انظر : نهج البلاغة صلى الله عليه وآله وسلم ٥٦٧ رقم ١ ٨.

(٢) ابن الرومي هو أبو الحسن عليّ بن العباس بن جريح وقيل جرجيس ولد سنة (٢٢١ ه) وتوفي سنة (٢٨٣ أو ٢٨٤ ه) وقيل بل في سنة (٢٧٦ ه). وهو من الشعراء الموهوبين المبدعين وكان يتشيع وقصيدته الجمية في رثاء يحيى العلوي شاهد على ذلك.

والأبيات التي ذكرها المؤلّف هي من قصيدته التي جرى فيها مجرى لزوم ما لا يلزم التي يقول فيها : =

٦٢

خمسون عاما كنت آملها

كانت أمامي ثم خلفتها

كنز حياة لي أنفقته

على تصاريف تطرفتها

لو كان عمري ماية هدني

تذكري أني تسوفتها

فصل في ذكر الموت

روي أنه كان في التوراة مكتوبا :

يا ابن آدم لا تشتهي حتى تموت حتى تتوب وأنت لا تتوب حتى تموت.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام :

من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير.

وقال بعضهم :

لو رأيتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره

وأنشد :

نراع لذكر الموت ساعة ذكره

فتعترض الدنيا فنلهو ونلعب

وقيل :

إن امرأ آخره الموت لحقيق أن يخاف ما بعده.

وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام سمع إنسانا يقول (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) فقال :

قولنا (إِنَّا لِلَّهِ) إقرار منا له بالملك وقولنا (وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) إقرار على أنفسنا بالهلك (١)

_________________

لهفى على الدنيا وهل لهفة

تنصف منها إن تلهفتها

 كم آهة لي قد تأوهتها

فيها ومن أف تأففتها

 أغدو ولا حال تسنمتها

فيها ولا حال تردفتها

(١) هذه الكلمة من كلمات الإمام عليّ عليه السلام المروية في نهج البلاغة من باب المختار من حكمه رقم (٩٩) صلى الله عليه وآله وسلم ٥٨٢ وانظر : تحف العقول صلى الله عليه وآله وسلم ١ ٤٥.

٦٣

وقيل :

إن من عجائب الدنيا أنك تبكي على من تدفنه وتطرح التراب على وجه من تكرمه.

قال أبو نواس (١)

غر جهولا أمله

يموت من جا أجله

ومن دنا من يومه

لم تغن عنه حيله

وكيف يبقى آخر

قد مات عنه أوله

لا يصحب الإنسان من

دنياه إلا عمله

قال أبو ذؤيب (٢)

وإذا المنية أنشبت أظفارها

ألفيت كل تميمة لا تنفع

غيره :

ننافس في الدنيا ونحن نعيبها

وقد حذرتناها لعمري خطوبها

وما نحسب الساعات نقطع مدة

على أنها فينا سريع دبيبها

كأني برهطي يحملون جنازتي

إلى حفرة يحثى علي كثيبها

وباكية حرى تنوح وأنني

على غفلة من صوتها لا أجيبها

_________________

(١) هو أبو علي الحسن بن هاني بن عبد الأول بن الصباح الحكمي ، كان جده مولى الجراح بن عبد اللّه الحكمي والي خراسان ، ونسبه إلى مولاه المذكور ، ولد أبو نؤاس سنة ١ ٤١ ه وتوفي سنة ١ ٩٥ أو ١ ٩٧ أو ١ ٩٨ ه ، وهو من مشاهير الشعراء المجيدين وخاصّة في الخمريات والغزل. وهو معدود في شعراء الشيعة وله مدائح في أهل البيت عليهم السلام.

(٢) أبو ذؤيب هو خويلد بن خالد بن محرّث بن مخزوم ينتهي نسبه إلى نزار ، وقد أدرك الجاهلية والإسلام ، وعاش إلى أيّام عثمان بن عفان وخرج غازيا لأفريقية مع عبد اللّه بن أبي سرح ومات في مصر والبيت هو من قصيدة قالها في رثاء أولاده الخمسة الذين هلكوا في عام واحد ، وهي قصيدة جيدة طويلة أولها :

أمن المنون وريبها تتوجع

والدهر ليس بمعتب من يجزع

٦٤

أيا هادم اللذات ما منك مهرب

يحاذر نفسي منك ما سيصيبها

رأيت المنايا قسمت بين أنفس

ونفسي سيأتي بعد ذاك نصيبها

لأبي إسحاق الصابي (١) من قطعة كتبها إلى الشريف الرضي أبي الحسن الموسوي وهو هذا

وإني على عيب الردى في جوانبي

وما كف من خطوي وبطش بناني

وإن لم يدع إلا فؤادا مروعا

به غير باق من الخفقان

تلوم تحت الحجب تنقب حكمة

إلى أذن تصغي لنطق لساني

لأعلم أني ميت عاق دفنه

دماء قليل في غد هو فان

وإن فما للأرض غرثان حائما

يراصد من أكلي حضور أوان

به فترة عم الورى لفجائع

تركن فلانا ثاكلا لفلان

غدا فاغرا يشكو الطوى فهو راتع  

وما تلتقي يوما له شفتان

وكيف وحد القوت منه فناؤنا

وما دون ذاك الحد رد عيان

_________________

(١) هو ابراهيم بن هلال بن هارون الحراني الصابئي ، من ألمع الأدباء المشاهير في المصر العباسي ، ومن الكتاب المهرة البلعاء وقد أطراه كل من عرض لترجمته ونعمته بصفات عالية. وتوفي عام (٣٨٤ ه) وكان صديقاً حميماً للشريف رثاه بعد موته بقصيدة دالية معروفة أولها :

أعلمت من حملوا على الأعواد

أرأيت كيف خبا ضياء النادي

٦٥

إذا عاصيا بالنسك ممن يعوله

فلا أولا منه بمهلك ثان

إلى ذات يوم لا ترى الأرض وارثا

سوى الله من إنس تراه وجان

لغيره :

فكم من صحيح بات للموت آمنا

أتته المنايا رقدة بعد ما هجع

فلم يستطع إذ جاءه الموت بغتة

فرارا ولا منه بحيلة انتفع

فأصبح تبكيه النساء مكفنا

ولا يسمع الداعي إذا صوته رفع

وقرب من لحد فصار مقيله

وفارق ما قد كان بالأمس قد جمع

فصل في ذكر الموت والقتل وما بينهما

اعلم أن الموت غير القتل والذي يدل على أنهما غيران قول الله عزوجل

(فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ) آل عمران (١٤٤)

وقوله تعالى :

(وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ) آل عمران : (١٥٨)

وقوله سبحانه :

(ما ماتُوا وَما قُتِلُوا) آل عمران (١٥٦)

وليس يجوز أن يكون التأكيد والتكرير في اللفظين يرجعان إلى معنى واحد.

ويدل على ذلك أيضا العلم بأن الله سبحانه ليس بقاتل لمن مات حتف أنفه.

٦٦

ولو قال قائل في ميت إن الله قتله لأعاب العقلاء عليه.

والموت والقتل عرضان وليسا بجسمين.

وقد قال شيخنا المفيد رضي الله عنه (١) :

إن القتل متولد عن الأسباب ومحله محل حياة الأجسام والموت معنى يضاد حياة الفاعل المخلوق ولا يصح حلوله في الأجسام.

قال

وهذا مذهب يختص بي.

والقتل عند جميع أهل العدل من مقدورات العباد والموت لا يقدر عليه أحد إلا الله.

تأويل آية

إن سأل سائل عن قول الله سبحانه

(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ). (٢) التكوير ٨ ـ ٩.

فقال كيف يصح أن يسأل من لا عقل له وأي فائدة في سؤالها عن ذلك ولا ذنب لها وما الموءودة ومن أي اشتقاق هذه اللفظة؟

جواب

قلنا في قوله تعالى (سُئِلَتْ) وجهان :

_________________

(١) هو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي العكبري البغداديّ ، ولد عام (٣٣٦ أو ٣٣٨ ه وتوفي ٤١ ٣ ه). وهو من أعمدة الشيعة في العلم والكلام والفقه والآثار ، وأكبر شخصية شيعية علمية في القرن الرابع الهجري في الكلام والمناظرة.

وشيعه يوم وفاته ثمانون ألفا. وقال عنه ابن حجر العسقلاني : «برع في العلوم حتّى كان يقال : له على كل إمام منة.

ومؤلّفاته قد تجاوزت المأتي كتاب في مختلف المواضيع العلمية ، ولا يزال بعضها حيا إلى اليوم ، وقد طبع شيء منها.

وقد كتبنا عنه دراسة مسهبة في كتابنا «فلاسفة الشيعة» صلى الله عليه وآله وسلم (٤٥٤ = ٤٦٩) فراجع.

(٢) انظر الكلام على هذه الآية في أمالي المرتضى م ٢ صلى الله عليه وآله وسلم ٢٧٩ = ٢٨٢.

٦٧

أحدهما أن يكون المراد أن قاتلها طولب بالحجة في قتلها وسئل عن سبب قتله لها وبأي ذنب قتلها وذلك على سبيل التوبيخ والتعنيف وإقامة الحجة.

فالقتلة هاهنا هم المسئولون على الحقيقة لا المقتولة مسئول عنها.

ومثله قوله تعالى :

(وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) الأسراء : ٣٤

أي مطالبا به ومسئولا عنه.

والوجه الآخر أن يكون السؤال توجه إلى الموءودة على الحقيقة توبيخا لقاتلها وتقريعا له على أنه لا حجة له في قتلها.

ويجري هذا مجرى قوله تعالى لعيسى عليه السلام :

(أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) على طريق التوبيخ لقومه وإقامة الحجة عليهم.

فإن قيل على هذا الوجه كيف يخاطب ويسأل من لا عقل له ولا فهم؟

فالجواب أن في الناس من زعم أن الغرض بهذا القول إذا كان تبكيه القائل وتهجينه وإدخال الغم عليه في ذلك الموقف على طريق العقاب لم يمتنع أن يقع وإن لم يكن من الموءودة فهم لأن الخطاب وإن توجه إليها فالغرض في الحقيقة به غيرها.

وهذا يجري مجرى رجل ضرب ضارب طفلا له من ولده فأقبل الرجل على ولده يقول له لم ضربت وما ذنبك وبأي شيء استحل هذا منك وغرضه تبكيت الظالم لا خطاب الطفل.

وفي الناس من قال :

إن توجه السؤال إلى الموءودة وإن كان الغرض فيه تبكيت القاتل فإنه لا يكون إلا والموءودة قد أكملت لها العقل وجعلت على أفضل الهيئات لأنها في القيامة تعوض عما نالها بالنعيم الدائم فلا بد من إكمال عقولها لتعرف عدل الله

٦٨

تعالى ويحسن التذاذها بما وصل إليها فليس يتوجه السؤال إليها إلا وهذه حالها.

وقد روي عن أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله وسلم وعن ابن عباس رضي الله عنه عنهما وعن غيرهما أنهم قرءوا :

إذا الموءودة سألت بفتح السين والهمزة وإسكان التاء بأي ذنب قتلت بإسكان اللام وضم التاء الثانية فكانت الموءودة والقائلة.

وأما الموءودة فهي المقتولة صغيرة.

وكانت العرب في الجاهلية تدفن البنات أحياء وهو قوله :

(أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ) النحل : ٥٩

وهو قوله عزوجل:

(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ) الأنعام ١٤٠

ويقال إنهم كانوا يفعلون ذلك لأمرين :

أحدهما : أنهم كانوا يقولون إن الملائكة بنات الله فألحقوا البنات.

بالله فهو أحق بالبنات والأمر الآخر أنهم كانوا يقتلونهم خشية الإملاق قال الله عزوجل

(لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً)

فصل في معرفة الاسم والصفة

اعلم أن الاسم غير المسمى والصفة غير الموصوف.

والاسم والصفة جميعا لا يكونان إلا قولا (١) من المسمى والوصف أو كتابة يدل على ما يدل عليه القول.

_________________

(١) يعني أن الاسم والصفة هما لفظان مأخوذان اشتقاقا من المسمى والوصف.

٦٩

والاسم في الحقيقة ما دل على المسمى والصفة ما دل على معنى في المسمى.

وفي هذا اللفظ تجوز لأنها تعطي الظرفية والحلول وربما كان الموصوف غير ظرف ولا محل (١).

وأقرب من هذا أن يقال :

إن الصفة ما أفادت أمرا يكون في الموصوف عليه.

وإنما افتقر المتكلم إلى استعمال هذه الألفاظ لضيق العبارات عن استيفاء المعاني فإذا فهم من اللفظ الغرض جاز استعماله.

فالاسم قولنا زيد وعمرو ونحو ذلك مما وسمت به الأشخاص وحصل لها ألقابا تتخصص بها عند الإشارات وليست دالة على معنى في الموصوف ولا مفيدة أمرا هو عليه.

والصفة قولنا قادر وعالم ونحو ذلك مما يدل على أمور يكون الموصوف عليها.

فقولنا قادر يفيد جواز وقوع الفعل منه وقولنا عالم يفيد صحة وقوع الفعل المحكم منه.

فإن انكشف لنا الاعتبار عن خروج الموصوف عن هاتين الصفتين إلى ضدهما حتى يتعذر وقوع الفعل منه ويستحيل حصول الفعل المحكم المتقن منه فما ذاك إلا لأن فيه معنيين حالين وهما القدرة والعلم وبوجودهما صح منه فعل المحكم المتقن وهما عرضان متغايران وضداهما العجز والجهل ولا يكون هذا إلا والموصوف محدث وليس القدرة والعلم صفتين للقادر والعالم وإنما الصفة قول الواصف هذا قادر وهذا عالم أو كتابته الدالة على ذلك.

وكذلك ليس السواد بصفة للأسود وإنما صفته قولنا هذا أسود ومن خالف في هذا فقد غلط.

_________________

(١) كما إذا كانت الصفة صادرة عن الموصوف لا قائمة فيه كالقتل والضرب وسائر الأفعال الصادرة عنه ، ولم يكن محلا لها.

٧٠

إلا أن يقال إن العلم للعالم والسواد للأسود على وجه التوسع في الكلام فذلك جائز.

وإن كشف لنا الاعتبار عن استحالة خروج الموصوف عما وصف به وبطلان وصفه بضده فما ذاك إلا لأنها صفات نفسية ولهذا قلنا إن الله قادر وعالم لنفسه وإنه لا علم ولا قدرة في الحقيقة له لاستحالة خروجه من جواز وقوع الفعل المحكم المتقن منه.

فالمعاني التي دلت الصفات عليها هي ما استفدناه من حال الموصوف. وقد ظنت المجبرة أن الصفة غير الوصف وقالوا إن الصفة معنى قائم بالموصوف والوصف هو قول الواصف وهذا فاسد والصفة هي الوصف وهما مصدران لفعل واحد تقول وصف يصف صفة ووصفا وهذا كالوهب والواهب والهبة والوعد والعدة تقول وهب يهب هبة ووهبا ووعد يعد عدة ووعدا.

أسماء الله وحقيقتها

فصل في معرفة أسماء الله تعالى وحقيقتها.

فأما أسماء الله تعالى كلها فعائدة إلى الصفات لأنها دالة على معان ومتضمنة لفوائد وليس فيها اسم يخلو من ذلك ويجري مجرى اللقب إنما وضع على شخص تقع الإشارة إليه ليفرق بينه وبين ما شاركه في جنسه من الأشخاص المتماثلة.

ولما كان الله تعالى يجل عن المجانسة ويرتفع عن المماثلة استحال أن يكون في أسمائه لقب ووجب أن يكون جميعها مفيدا للمعاني كما تفيد الصفات فأما التسمية له تعالى بالله فإنه يفيد من المعنى وله العباد إليه وتعلق نفوسهم به ورغبتهم عند الشدائد في إزالة المكروه إليه.

وقد روي عن الصادق عليه السلام في هذا المعنى مثل ما ذكرناه في الحقيقة وإن خالفه في بعض اللفظ.

٧١

فروي عنه أنه قال :

الإله يقتضي والها والواله لا بد له من مألوه والاسم غير المسمى. (١)

والأصل في قولنا الله إله ثم دخلت الألف واللام للتعريف فصار الإله فأسقطت الهمزة الثانية تخفيفا وجعلت اللامان لاما واحدة مشددة فقيل الله.

فأما التسمية له بالرحمن الرحيم فهو أن الرحمن مشتق من فعل الرحمة على سبيل المبالغة في الوصف لوقوعها في الفعل على حد لا يصح وقوعها عليه من أحد من الخلق.

وقد روي عن الباقر (٢) عليه السلام صحة ذلك فقال :

الرحمن لسائر الخلق الرحيم بالمؤمنين.

فكان أحد الاسمين مشتق من عموم الرحمة وهو الرحمن والآخر من خصوصها وهو الرحيم.

فأما تسميته باللطيف فيفيد اجتماع الحكمة والرحمة ونفوذ مراده إذا شاء وقوعه على الحتم بلطائفه التي يلطف بها لخلقه على العلم بمصالحهم.

وهذا معروف في اللسان تقول العرب فلان لطيف في أمره وفلان لطيف في صنعته إذا أرادوا وصفه بالحكمة في تدبيره.

وأما الخبير فيفيد علمه بالأشياء على حقائقها وتبينه لها على أوصافها وأما الكريم فهو مشتق من فعل الكرم وهو التفضل بالنعم والصفح عن الذنوب والتطول بالمنن.

_________________

(١) الحديث المروي عن الصادق عليه السلام هكذا بعد أن سأله هشام بن الحكم عن أسماء اللّه واشتقاقاتها قال :

اللّه مشتق من إله ، وإله يقتضي مألوها ، والاسم غير المسمى ، فمن عبد الاسم والمعنى فقد اشرك وعبد الاثنين ، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد. انظر توحيد الصدوق صلى الله عليه وآله وسلم ٢١٩.

(٢) هو الإمام محمّد بن علي الباقر خامس الأئمة من أهل البيت عليهم السلام ولد عام (٥٧ ه) وتوفي عام (١ ١ ٤ ه)

٧٢

وأما الجواد فهو مشتق من الجود وهو التفضل كما ذكرناه في معنى الكرم غير أن لفظه أبلغ في الوصف في معنى الكرم من لفظ كريم.

وأما الغني فيفيد القدرة على ما يريد من غير معين عليه وليس تستحق هذه السمة مع الله عزوجل على الحقيقة غيره ومن وصف بها من المخلوقين فعلى سبيل الاتساع.

وأما السخي فمعناه عند من حقق إطلاقه على الله سبحانه بذل النعم والتفضل بها.

وقد أبت جماعة من أهل التوحيد إطلاق السخاء على الله تعالى لأنه لم ينقطع عذري (١) بكتاب منزل ولا سنة متواترة ولا إجماع ولا أثر مستفيض جاء عن الصادقين عليه السلام في تسمية الله تعالى بالسخاء وليس له معنى تدل عليه العقول.

وقد ذكر بعض أهل التوحيد العارفين باللغة أنه مأخوذ من السخاوة وهي الأرض الرخوة.

وقد ثبت أن الأسماء لا تؤخذ إلا سماعا فلهذا وقفت ولم أقدم.

وأما قولنا رب مأخوذ من التربية ثم نقل إلى الملك.

وقولنا مالك مشتق من الملك.

وجميع ما سوى هذا مما سمى الله تعالى به نفسه فصفات مفيدة لمعان يفهم ذلك من تأمله.

فصل في تمييز صفات الله تعالى

اعلم أن جميع ما يوصف به على حقيقة والمراد به معنى الوصف.

وقسم يوصف به مجازا واتساعا والمراد به غير حقيقة ذلك الوصف.

وصفات الحقائق تنقسم أيضا قسمين :

_________________

(١) هكذا وردت في الأصل ، ولعلّ الأصوب (عذرهم)

٧٣

فقسم صفات ذاتية وهي التي لم يزل عليها ولا يزول عن استحقاقها.

وقسم صفات أفعال وهي التي تجددت عند فعله الأفعال ولا يصح أن يقال إنه عليها فيما لم يزل.

بيان صفات الذات والدليل عليها :

وهي قولنا :

حي باق وقادر وعالم وكذلك موجود وقديم.

فهذه الصفات استحقها لنفسه لا لمعنى آخر.

والدليل على ذلك أنه لو كان حيا بحياة وباقيا ببقاء وقادرا بقدرة وعالما بعلم كان حياته وبقاؤه وقدرته وعلمه لا يخلو عن حالين :

إما أن تكون معاني قديمة معه وإما أن تكون حادثة.

فلو كانت قديمة لشاركته في أخص صفاته وماثلته فيبطل التوحيد.

وقد تقدمت الأدلة (١) على صحته. وأيضا فلو ماثلت الصفة الموصوف لم تكن صفة له بأولى من أن يكون هو صفة لها.

وإن كانت هذه المعاني الموصوف بها أعني الحياة والبقاء والقدرة والعلم حادثة وجب أن يكون قبل حدوثها غير مستحق للوصف بها.

وقد ثبت الأدلة على أنه سبحانه لم يزل حيا باقيا قادرا عالما.

ولو كانت أيضا حادثة لم يكن لها غناء عن محدث أحدثها.

ولا يصح أن يكون محدثا غيره تعالى لأنه الفاعل الأول والقديم الذي لم يزل فكيف يفعل الحياة لنفسه من ليس بحي أو يحدث القدرة من ليس بقادر.

والعاقل يعلم أن هذا مستحيل باطل.

_________________

(١) الأولى ثبت بالأدلة بزيادة الباء

٧٤

فعلم أنه حي وباق وقادر وعالم لنفسه لا لمعان غيره.

وربما أطلق اللفظ اتساعا بأن له قدرة وعلما قال (١) الله سبحانه كذا والمعنى أنزله وهو عالم به ويقول المتكلمون قدرة الله عظيمة والمعنى التعظيم لمقدوره وأنه لا يعجزه شيء أراده.

فأما عند التحقيق فهو قادر عالم لنفسه.

وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في كلام له :

وجد الله تعالى وليس بينه وبين معلومه علم غيره به كان عالما بمعلومه.

وهذا القول عنه عليه السلام (٢) إنه تعالى عالم لنفسه وذاته وإنه لا علم في الحقيقة له تعالى الله الذي (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).

وقد ذهب المجبرة إلى أن الله تعالى موصوف بصفات قديمة معه وأنها ليست غيره ولا بعضها غير بعض.

وهذا خروج عما يعقل ويفهم لأن العقول شاهدة بأن الأشياء التي يقع عليها العدد ويشملها الوجود ويختص كل منها بدليل لا تكون إلا غيارا (٣) بعضها سوى بعض.

وقد قال لهم أهل العدل.

إذا كانت لله تعالى صفات قديمة وليست غيره بقولها إنها أو هي هو فإن العقل يقضي بأنه لا بد لكم في إثباتكم من أحد هذه الثلاثة الأقسام.

قالت المجبرة :

كل واحد من هذه الثلاثة الأقسام قد ثبت الدليل على بطلانه فلا سبيل إلى قوله.

ولكنا نقول ليست الصفات عين الموصوف ولا غيره ولا بعضه.

_________________

(١) ربما سقطت من الناسخ كلمة وقيل : فيصح الكلام هكذا وقيل قال اللّه ...

(٢) في الأصل تكرير أنّه ويحتمل سقوط كلمة (يعني) أو ما يماثلها.

(٣) يعني بها المغايرة.

٧٥

فقال لهم أهل العدل :

وقد هربتم من أن تقولوا بأحد هذه الأقسام لبطلانه وصرتم إلى ادعاء ما لا تتصور العقول صحته بل يشهد بفساده وبطلانه فأخبرونا ما الفرق بينكم في قولكم إن صفاته لا هي هو ولا غيره ولا بعضه.

قالت المجبرة هذا القول مناقضة.

قالت العدلية :

وقولكم في التناقض مثله وأي شيء أردتموه في إبطال ما عارضناكم به فقولكم يبطل بمثله.

وقد قالت المجبرة أيضا في نصرة مذهبها :

إنا لم نر عالما إلا وله علم ولا قادرا إلا وله قدرة فلما كان الله عالما قادرا وجب أن يكون له علم وقدرة.

قال لها أهل العدل :

إنكم إنما عولتم في ذلك على الشاهد فقولوا إن علم الله تعالى غيره وكذلك قدرته غيره لأنكم لم تروا في الشاهد عالما وقادرا إلا وهذا حكمه وقولوا أيضا إن علم الله تعالى محدث وكذلك قدرته وجميع صفاته لأنكم لم تروا ذات صفات إلا وصفاته محدثة فاحتالوا في الخلاص مما لزمكم على سنن قياسكم.

بيان صفات الأفعال

اعلم أن صفة الفعل هي كل صفة داخلة في باب المضاف ومعنى ذلك أن يكون يقتضي وجود غير الموصوف كقولنا إله ورب ومالك وفاعل وجواد ورزاق وراحم ومتكلم وصادق ونحو ذلك.

لأنا قد بينا أن الإله واله والواله لا يكون إلا موجودا والرب يقتضي مربوبا وكذلك مالك يقتضي وجود المملوك لأنه لا يقال قد ملك المعدوم وفاعل صفة لا شبهة في أنها لا تصح إلا إذا وجد المفعول نعوذ بالله من القول

٧٦

بأن القديم لم يزل فاعلا لأن ذلك يقتضي أنه لم يتقدم أفعاله فيصير الفاعل قديما وجميع صفات الأفعال جارية هذا المجرى لمن تأملها.

ألا ترى لو قلنا إنه جواد فيما لم يزل اقتضى ذلك فعله للجود فيما لم يزل ووجود من يجود عليه أيضا فيما لم يزل.

وكذلك قولنا متكلم يقتضي وجود كلام إذا تكلم فكلام الله تعالى أحد أفعاله كما أن رزقه أحد أفعاله وهو موجود قبل كلامه.

فأما صادق فلا يصح إلا بعد صحة التكلم والجميع صفات أفعال على ما تبين.

فصل في فروق صفة الذات وصفة الفعل

الفروق بينهما كثيرة :

فمنها أن تنظر الصفة التي تصف الله تعالى بها فإن كانت داخلة في باب المضاف فهي نفسية كقولنا موجود وقديم وباق وحي.

وكذلك إن كانت تقتضي إضافته إلى أمر غير موجود كقولنا قادر فالقادر لا يكون إلا على مقدور ولكن المقدور غير موجود.

ويجري مجرى ذلك قولك عالم لأنه لا يكون عالما إلا بمعلوم وقد يصح أن يكون المعلوم معدوما غير موجود.

فأما ما سوى ذلك من الصفات الداخلة في باب المضاف المقتضية إثبات غير الموصوف مما يكون موجودا غير معدوم فكلها صفات أفعال.

فرق آخر

ومنها أن كل صفة تصف الله تعالى بها ولا يجوز أن يدخلها التخصيص فتثبتها له في حال وتنفيها منه في أخرى فهي صفة نفسية كقولك موجود وحي وقادر وعالم فإنه لا يجوز أن ينتفي عنه ولا يتخصص شيء من ذلك.

وكل صفة تصفه بها ويجوز التخصيص فيها فتثبتها في حال وتنفيها عنه

٧٧

في غيرها فهي صفة فعل كقولك فاعل وراحم ورازق ومتكلم فإنك تقول إنه سبحانه يفعل الخير ولا يفعل الشر ويرحم المؤمن ولا يرحم الكافر ويرزق زيدا ولا يرزق عمرا وكلم الله موسى ولم يكلم فرعون فيكون فيها صفات أفعال صح فيها التخصيص وهذا واضح.

فرق آخر :

وهو أن كل ما استحال أن يوصف بالقدرة عليه وعلى ضده فهو من صفات ذاته.

ألا ترى أنه يستحيل قولك يقدر أن يحيا ويقدر على الإحياء ويقدر على أن لا يقدر.

ويقدر على أن يعلم ويقدر على أن لا يعلم فهذه صفات ذاته.

فأما إن كان ما يوصف به يصح أن يوصف بالقدرة عليه وعلى ضده فهو من صفات الأفعال.

ألا ترى أنك تقول يقدر أن يفعل ويقدر أن لا يفعل ويقدر أن يرحم ويرزق ويقدر أن لا يرحم ولا يرزق ويقدر أن يتكلم ويقدر أن لا يتكلم فهذه كلها صفات أفعال فافهم ذلك.

بيان صفات المجاز

فأما الذي يوصف الله تعالى به ومرادنا به غير حقيقة الوصف في نفسه فهو كثير فمنه مريد وكاره وغضبان وراض ومحب ومبغض وسميع وبصير وراء ومدرك فهذه صفات لا تدل على وجوب صفة يتصف بها وإنما نحن متبعون للسمع الوارد بها ولم يرد السمع إلا على مجاز اللغة واتساعاتها والمراد بكل صفة منها غير حقيقتها.

القول في المريد

اعلم أن المريد في الحقيقة والمعقولة هو القاصد إلى أحد الضدين اللذين خطرا بباله الموجب له بقصده وإيثاره دون غيره.

٧٨

وهذا من صفات المخلوقين التي تستحيل أن يوصف في الحقيقة بها رب العالمين إذ كان سبحانه لا يعترضه الخواطر ولا يفتقر إلى أدنى روية وفكر إذ كان هذا على ما بيناه فإنما معنى قولنا إن الله تعالى مريد لأفعاله أنها وقفت وهو عالم بها غير شاغلة ولا هو موجودا لمسبب وجب من غيره مريدا له فصح إذا أردنا أن نخبر بأن الله تعالى يفعل لا من سهو ولا غفلة ولا بإيجاب من غيره أن تقول هو مريد لفعله ويكون هذا الوصف استعارة لأن حقيقته كما ذكرناه لا يكون إلا في المحدث.

دليل

والذي يدل على صحة قولنا في وصف الله تعالى بالإرادة أنه سبحانه لو كان مريدا في الحقيقة لم يخل الأمر من حالين :

إما أن يكون مريدا لنفسه لوجب أن يكون مريدا للحسن والقبح كما أنه لو كان عالما لنفسه كان عالما بالحسن والقبح وإرادة القبح لا تجوز على الله سبحانه.

والكلام في هذا يأتي محررا على المجبرة في خلق الأفعال.

فإذا ثبت أن الله عزوجل لا يجوز أن يريد المقبحات علم أنه غير مريد لنفسه.

وإن كان مريدا بإرادة لم تخل الإرادة من حالين :

إما أن تكون قديمة أو حادثة.

ويستحيل أن تكون قديمة بما بيناه من أنه لا قديم سواه عزوجل.

والكلام على المجبرة في هذا داخل في باب نفي الصفات التي ادعت المجبرة أنها قديمة مع الله تعالى.

وأيضا فلو كان الله سبحانه مريدا فيما لم يزل إما لنفسه وإما بإرادة قديمة معه لوجب أن يكون مراده فيما لم يزل لأنه لا مانع له مما أراده ولا حائل بينه وبينه ولكان ما يوجده من الأفعال لا تختلف أوقاته ولا يتأخر بعضه عن بعض لأن الإرادة حاصلة موجدة في كل وقت وهذا كله موضح أنه عزوجل ليس بمريد فيما لم يزل لا لنفسه ولا لإرادة قديمة معه.

٧٩

وإذا بطل هذا لم يبق إلا أن يكون مريدا بعد أن لم يكن مريدا بإرادة محدثة وهذا أيضا يستحيل لأن الإرادة لا تكون إلا عرضا والعرض يفتقر إلى محل والله تعالى غير محل للأعراض ولا يجوز أن تكون إرادته حالة في غيره كما لا يجوز أن يكون عالما بعلم يحل في غيره وقادرا بقدرة تحل في غيره. ولا يجوز أيضا أن تكون لا فيه ولا في غيره (١) لأنه عرض والعرض يفتقر إلى محل يحملها ويصح بوجوده وجودها.

ولو جاز أن توجد إرادة لا في مريد بها ولا في غيره لجاز أن توجد حركة لا في متحرك بها ولا في غيره.

فإن قيل إن الحركة هيئة للجسم وليس يجوز أن تكون هيئة غير حالة فيه.

قلنا ولم لا يجوز ذلك؟

فإن قيل لأن تغيير هيئة الجسم مدرك بالحاسة فوجب أن يكون المعنى الذي يتغير به حالا فيه.

قلنا وكذلك المريد للشيء بعد أن لم يكن مريدا له قد يتغير عليه حس نفسه فوجب أن تكون إرادته تحله.

فإن قيل أي شيء من الحواس تحس الإرادة؟

قلنا وبأي شيء يحس الصداع.

فإن قيل إن الإنسان يدرك ألم الصداع في موضعه ضرورة.

قلنا فلم نركم أشرتم إلى حاسة بعينها أدركه بها.

ولنا أن نقول وكذلك المريد في الحقيقة يعلم بتغير حسه ويدرك ذلك من نفسه ضرورة.

_________________

(١) وقد ذهب هشام بن الحكم إلى أن صفات اللّه لبست هي هو ولا غيره تبعا للجهم بن صفوان ، واستدلّ لهذا الرأي بأن حدوث الصفة في ذاته يلزم منه التغير في ذاته وإن يكون محلا للحوادث ، وإن حدثت الصفة في محل فيكون الموصوف بالعلم مثلا هو ذلك المحل لا الباري تعالى وقد شرحنا ذلك في كتابنا «هشام بن الحكم» فراجع

٨٠