الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٥٩

لا مرد له. أو متعلق بقوله (مَرَدَّ) أي لا يرد هو بعد أن يجيء به ، ولا رد له من جهته.

(لا مَرَدَّ لَهُ) لا صارف له.

(يَصَّدَّعُونَ) يتفرقون.

٤٤ ـ (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) :

(فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) أي جزاء كفره.

(فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) أي يسوون لأنفسهم ، ما يسويه لنفسه الذي يمهد فراشه ويوطئه ، لئلا يصيبه فى مضجعه ما ينبّيه عليه وينغص عليه مرقده.

٤٥ ـ (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) :

(لِيَجْزِيَ) متعلق بقوله (يَمْهَدُونَ) تعليل له.

(مِنْ فَضْلِهِ) مما يتفضل عليهم بعد توفية الواجب من الثواب.

٤٦ ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) :

(مُبَشِّراتٍ) بالمطر ، لأنها تتقدمه.

(مِنْ رَحْمَتِهِ) من الغيث والخصب.

(وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ) فى البحر مع هبوبها.

(وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) يعنى الرزق بالتجارة.

(وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) هذه النعم بالتوحيد والطاعة.

٤٧ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) :

٥٢١

(بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات.

(أَجْرَمُوا) أي كفروا.

٤٨ ـ (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) :

(فَيَبْسُطُهُ) متصلا تارة.

(وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً) قطعا تارة.

(فَتَرَى الْوَدْقَ) المطر.

(يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) فى التارتين جميعا.

(بِهِ) أي بالمطر.

٤٩ ـ (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) :

(لَمُبْلِسِينَ) ليائسين من الخير.

٥٠ ـ (فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) :

(إِنَّ ذلِكَ) القادر الذي يحيى الأرض بعد موتها.

(لَمُحْيِ الْمَوْتى) يحيى الناس بعد موتهم.

(وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من المقدورات.

(قَدِيرٌ) قادر.

٥١ ـ (وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) :

(مُصْفَرًّا) غير ممطر.

٥٢ ـ (فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) :

(مُدْبِرِينَ) لا يلوون على شىء.

٥٢٢

٥٣ ـ (وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ) :

(إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) أي لا تسمع مواعظ الله إلا المؤمنين الذين يصغون إلى آياتنا.

٥٤ ـ (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) :

(مِنْ ضَعْفٍ) من نطفة صغيرة ، أو فى حال ضعف ، يعنى حال الطفولة والصغر.

(قُوَّةً) يعنى الشبيه.

(ضَعْفاً) يعنى الهرم.

(وَشَيْبَةً) وشيبا.

(ما يَشاءُ) من قوة وضعف.

(وَهُوَ الْعَلِيمُ) بتدبيره.

(الْقَدِيرُ) على إرادته.

٥٥ ـ (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ) :

(الْمُجْرِمُونَ) المشركون.

(يُؤْفَكُونَ) يكذبون فى الدنيا ، يقال : أفك الرجل ، على البناء للمجهول ، إذا صرف عن الصدق والخير.

٥٦ ـ (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) :

(فِي كِتابِ اللهِ) فى علم الله وقضائه ، أو فيما كتبه ، أي أوجبه بحكمته.

٥٢٣

٥٧ ـ (فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) :

(يُسْتَعْتَبُونَ) يسترضون.

٥٨ ـ (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ) :

(مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) يدلهم على ما يحتاجون اليه وينبههم على التوحيد وصدق الرسل.

(بِآيَةٍ) بمعجزة.

(إِنْ أَنْتُمْ) يا معشر المؤمنين.

(مُبْطِلُونَ) أي تتبعون الباطل والسحر.

٥٩ ـ (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) :

(كَذلِكَ) أي كما طبع الله على قلوبهم حتى لا يفهموا الآيات عن الله فكذلك يطبع.

(لا يَعْلَمُونَ) أدلة التوحيد.

٦٠ ـ (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) :

(لا يَسْتَخِفَّنَّكَ) لا يستفزنك عن دينك.

(لا يُوقِنُونَ) لا يؤمنون بالله ورسوله.

٥٢٤

(٣١)

سورة لقمان

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (الم) :

أي هذا القرآن المعجز من هذه الحروف التي منها كلامكم.

٢ ـ (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) :

(الْحَكِيمِ) ذى الحكمة.

٣ ـ (هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ) :

(لِلْمُحْسِنِينَ) الذين يعملون الحسنات المذكورة بعد.

٤ ـ (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) :

(يُوقِنُونَ) يؤمنون أقوى الايمان.

٥ ـ (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) :

(عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) متمكنين من الهدى الذي جاء من ربهم.

٦ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) :

(لَهْوَ الْحَدِيثِ) السمر بالأساطير والأحاديث التي لا أصل لها.

٧ ـ (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) :

(وَقْراً) صمما.

٨ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ) :

٥٢٥

(جَنَّاتُ النَّعِيمِ) ينعمون فيها.

٩ ـ (خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) :

(وَعْدَ اللهِ حَقًّا) مصدران مؤكدان ، الأول مؤكد لنفسه ، والثاني مؤكد لغيره ، لأن قوله (لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ) فى معنى وعدهم الله جنات النعيم ، فأكد معنى الوعد بالوعد ، وأما (حَقًّا) فدال على معنى الثبات ، أكد به معنى : الوعد.

(الْعَزِيزُ) الذي لا يغلبه شىء ولا يعجزه.

(الْحَكِيمُ) لا يشاء الا ما توجبه الحكمة والعدل.

١٠ ـ (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) :

(تَرَوْنَها) الضمير للسماوات.

(رَواسِيَ) جبالا راسية.

(أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) أي لئلا تميد بكم وتضطرب.

(وَبَثَ) ونشر.

(فِيها) أي فى الأرض.

(مِنْ كُلِّ دابَّةٍ) من كل الحيوانات التي تدب وتتحرك.

١١ ـ (هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) :

(الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) آلهتهم.

١٢ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) :

(أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) أن ، مفسرة بمعنى (أي) أي قلنا له : اشكر.

(يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) أي يعمل لنفسه ، لأن نفع الثواب عائد عليه.

٥٢٦

(وَمَنْ كَفَرَ) بالنعم.

(غَنِيٌ) عن عبادة خلقه ، أو غير محتاج الى الشكر.

(حَمِيدٌ) محمود عند الخلق ، أو حقيق بأن يحمد وان لم يحمده أحد.

١٣ ـ (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) :

(لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) لأن التسوية بين من لا نعمة الا هى منه ، وبين من لا نعمة منه البتة ، لا يتصور أن تكن منه ، ظلم لا يكتنه عظمته.

١٤ ـ (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) :

(وَهْناً عَلى وَهْنٍ) تضعف ضعفا فوق ضعف ، أي يتزايد ضعفها ويتضاعف.

(وَفِصالُهُ) عن أمه رضاعة ثم يفطم.

(أَنِ اشْكُرْ لِي) أن ، مفسرة ، أي قلنا له أن اشكر لى ولوالديك.

١٥ ـ (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) :

(مَعْرُوفاً) صحابا ، أو مصاحبا ، معروفا حسنا بخلق جميل وحلم.

واحتمال وبر وصلة.

(مَنْ أَنابَ إِلَيَ) من رجع إلى بالتوحيد والإخلاص.

١٦ ـ (يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) :

(مِثْقالَ حَبَّةٍ) من الإساءة أو الإحسان.

(فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ) فى العالم العلوي أو السفلى.

٥٢٧

(يَأْتِ بِهَا اللهُ) يوم القيامة فيحاسب بها عاملها.

(لَطِيفٌ) يتوصل علمه الى كل خفى.

(خَبِيرٌ) عالم بكنهه.

١٧ ـ (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) :

(إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) أي مما عزمه الله من الأمور ، أي قطعه قطع إيجاب وإلزام.

١٨ ـ (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) :

(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ) لا تمله تكبرا.

(مَرَحاً) أشرا وبطرا.

١٩ ـ (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) :

(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) اعدل فيه حتى يكون مشيا بين مشيين ، لا تدب دبيب المتماوتين ولا تثب وثيب الشطار.

(وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) وانقص منه وأقصر.

(إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ) أوحشها.

٢٠ ـ (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) :

(وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ) عمكم بها.

(ظاهِرَةً) مما يعلم بالمشاهدة.

(وَباطِنَةً) مما لا يعلم الا بدليل ، أو لا يعلم أصلا.

٥٢٨

٢١ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) :

(أَوَلَوْ) أي أيتبعونهم ولو كان الشيطان يدعوهم ، أي فى حال دعاء الشيطان إياهم الى العذاب.

٢٢ ـ (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) :

(وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ) أي ومن جعل وجهه ، وهو ذاته ونفسه ، سالما لله ، أي خالصا له. والمراد التوكل عليه والتفويض اليه.

(وَهُوَ مُحْسِنٌ) أي وهو عامر قلبه بالايمان.

(فَقَدِ اسْتَمْسَكَ) أي مثله فى ذلك مثل من استمسك بأوثق عروة ، من حبل متين مأمون انقطاعه.

(وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) أي صائر اليه فمجاز عليها.

٢٣ ـ (وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) :

(عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) يعلم ما فى صدور عباده ، فيفعل بهم على حسبه.

٢٤ ـ (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) :

(قَلِيلاً) زمانا قليلا بدنياهم.

(ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ) جعل إلزامهم التعذيب كاضطرار المضطر الى الشيء لا يقدر على الانفكاك منه.

(غَلِيظٍ) أي شديد ثقيل على المعذب.

٢٥ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) :

(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) الزام لهم على إقرارهم بأن الذي خلق السموات

٥٢٩

والأرض هو الله وحده وأنه يجب أن يكون له الحمد والشكر ، وألا يعبد معه غيره.

(لا يَعْلَمُونَ) أن ذلك يلزمهم ، وإذا نبهوا اليه لم ينتهوا.

٢٦ ـ (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) :

(الْغَنِيُ) عن حمد الحامدين.

(الْحَمِيدُ) المستحق للحمد وان لم يحمدوه.

٢٧ ـ (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) :

(ما نَفِدَتْ) ما فنيت.

(عَزِيزٌ) لا يعجزه شىء.

(حَكِيمٌ) لا يخرج من علمه وحكمته شىء.

٢٨ ـ (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) :

(إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) الا كخلقها وبعثها ، أي سواء فى قدرته القليل والكثير ، والواحد والجمع لا يتفاوت.

(سَمِيعٌ بَصِيرٌ) يسمع كل صوت ، ويبصر كل مبصر فى حالة واحدة ، لا يشغله ادراك بعضها عن ادراك بعض ، فكذلك الخلق والبعث.

٢٩ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) :

(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) يجعلهما متعاقبين.

(كُلٌّ يَجْرِي) فى فلكه.

(إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) الى يوم القيامة.

٥٣٠

٣٠ ـ (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) :

(ذلِكَ) الذي وصف من عجائب قدرته وحكمته التي يعجز عنها الأحياء القادرون العالمون فكيف بالجماد الذي تدعونه من دون الله.

(بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) انما هو بسبب أنه الحق الثابت إلاهيته ، وأن من دونه باطل الإلهية.

(الْعَلِيُ) الشأن.

(الْكَبِيرُ) السلطان.

٣١ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) :

(صَبَّارٍ) على بلائه.

(شَكُورٍ) لنعمائه.

٣٢ ـ (وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) :

(كَالظُّلَلِ) جمع ظلة ، وهى ما أظلك من جبل أو سحاب أو غيرهما.

(فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) متوسط فى الكفر والظلم ، أو مقتصد فى الإخلاص الذي كان عليه فى البحر. يعنى أن ذلك الإخلاص الحادث عند الخوف لا يبقى لأحد قط ، والمقتصد قليل نادر.

(خَتَّارٍ) شديد الغدر.

٣٣ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) :

(لا يَجْزِي) لا يقضى عنه شيئا.

٥٣١

(الْغَرُورُ) الشيطان.

٣٤ ـ (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) :

(عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) متى تقوم.

(وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) يمطركم من السماء مطرا به حياتكم.

(وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) أذكر أم أنثى ، أتام أم ناقص ، وما غير هذا من الأحوال.

(ما ذا تَكْسِبُ غَداً) من خير أو شر.

٥٣٢

(٣٢) سورة السجدة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (الم) :

أي هذه الحروف التي منها كلامكم هى التي صيغ منها القرآن المعجز.

٢ ـ (تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) :

(تَنْزِيلُ الْكِتابِ) مبتدأ ، خبره (لا رَيْبَ فِيهِ) والكتاب ، يعنى القرآن الكريم ، وقيل : خبره (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ). وقوله (لا رَيْبَ فِيهِ) اعتراض.

(لا رَيْبَ فِيهِ) الضمير فى (فِيهِ) راجع إلى مضمون الجملة ، كأنه قيل : لا ريب فى ذلك ، أي فى كونه منزلا من رب العالمين. والريب :

الشك.

٣ ـ (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) :

(افْتَراهُ) اختلقه.

(مِنْ قَبْلِكَ) وذلك أن قريشا لم يبعث الله إليهم رسولا قبل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٤ ـ (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) :

(مِنْ وَلِيٍ) ناصر ينصركم.

(وَلا شَفِيعٍ) يشفع لكم.

٥ ـ (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) :

(الْأَمْرَ) المأمور به من الطاعات والأعمال الصالحة ينزله مدبرا.

٥٣٣

(ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) ثم يصير اليه ويثبت عنده.

(فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) يوم القيامة.

٦ ـ (ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) :

(الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي ما غاب عن الخلق وما حضرهم.

٧ ـ (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) :

(أَحْسَنَ) أتقن وأحكم.

(بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) يعنى آدم عليه‌السلام.

٨ ـ (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) :

(مَهِينٍ) ضعيف.

٩ ـ (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) :

(ثُمَّ سَوَّاهُ) أي سوى خلق آدم.

[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٠ الى ١١]

(وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١))

١٠ ـ (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) :

(ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) أي هلكنا وبطلنا وصرنا ترابا.

(أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) أي نخلق بعد ذلك خلقا جديدا.

(بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) أي ليس لهم جحود قدرة الله تعالى عن الاعادة ، لأنهم يعترفون بقدرته ، ولكنهم اعتقدوا أن لا حساب عليهم ، وأنهم لا يلقون الله تعالى.

١١ ـ (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) :

(يَتَوَفَّاكُمْ) يستوفى أرواحكم ثم يقبضها.

(مَلَكُ الْمَوْتِ) عزرائيل.

٥٣٤

(وُكِّلَ بِكُمْ) بقبض أرواحكم.

١٢ ـ (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) :

(وَلَوْ تَرى) يا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) من الندم والخزي والحزن والذل والغم.

(عِنْدَ رَبِّهِمْ) عند محاسبة ربهم لهم.

(رَبَّنا) أي يقولون ربنا.

(أَبْصَرْنا) صدق وعدك ، أو أبصرنا ما كنا نكذب.

(وَسَمِعْنا) ما كنا ننكر ، أو تصديق رسلك.

(مُوقِنُونَ) مصدقون بالبعث.

١٣ ـ (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) :

(وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي) أي حق القول منى لأعذبن من عصانى بنار جهنم.

١٤ ـ (فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) :

(بِما نَسِيتُمْ) أي بترككم الايمان بالبعث فى هذا اليوم.

(نَسِيناكُمْ) تركناكم من الخير. أو تركناكم فى العذاب.

(بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فى الدنيا من المعاصي.

١٥ ـ (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) :

(إِذا ذُكِّرُوا بِها) وعظوا بها.

(خَرُّوا سُجَّداً) وقعوا على الأرض ساجدين تواضعا لله وخشوعا.

٥٣٥

(وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) وأثنوا عليه حامدين له.

(وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) كما يفعل من يتولى عنادا كأن لم يسمعها.

١٦ ـ (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) :

(تَتَجافى) ترتفع وتتنحى.

(عَنِ الْمَضاجِعِ) عن الفرش ومواضع النوم.

(يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) داعين ربهم عابدين له.

(خَوْفاً) من سخطه.

(وَطَمَعاً) فى رحمته.

١٧ ـ (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) :

(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ) أي : لا تعلم النفوس كلهن.

(ما أُخْفِيَ لَهُمْ) ما ، بمعنى الذي ، أو بمعنى : أي شىء ، أي لا تعلم النفوس ما ادخر لها من عظيم الثواب ، أخفاه الله من جميع خلائقه ، لا يعلمه الا هو.

(قُرَّةِ أَعْيُنٍ) مما تقر به عيونهم.

١٨ ـ (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) :

(مُؤْمِناً) محمول على لفظ من.

(فاسِقاً) محمول على لفظ من.

(لا يَسْتَوُونَ) محمول على معنى من.

١٩ ـ (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) :

(نُزُلاً) عطاء.

٥٣٦

(بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) بأعمالهم.

٢٠ ـ (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) :

(فَسَقُوا) خرجوا عن الإيمان الى الكفر.

(فَمَأْواهُمُ) أي ملجؤهم ومنزلهم.

٢١ ـ (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) :

(مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى) عذاب الدنيا.

(الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) عذاب الآخرة.

أي نذيقهم عذاب الدنيا قبل أن يصلوا الى عذاب الآخرة.

(لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي يتوبون عن الكفر.

٢٢ ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) :

(ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها) ثم ، للاستبعاد ، أي ان الاعراض عن آيات الله بعد وضوحها والتذكير بها مستبعد عقلا وعدلا.

٢٣ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) :

أي إنا آتينا موسى عليه‌السلام مثل ما آتيناك من الكتاب ، ولقيناه مثل ما لقيناك من الوحى ، فلا تكن فى شك من أنك لقيت مثله ولقيت نظيره.

٢٤ ـ (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) :

(يَهْدُونَ) الناس ويدعونهم إلى ما فى التوراة من دين الله وشرائعه.

(لَمَّا صَبَرُوا) لصبرهم.

٥٣٧

(وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) وإيقانهم بالآيات.

٢٥ ـ (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) :

(يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ) يقضى بينهم.

(فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) فيميز المحق من المبطل.

٢٦ ـ (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ) :

(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) أي : أو لم يهد الله ويبين.

(الْقُرُونِ) عاد وثمود وقوم لوط.

(يَمْشُونَ) الضمير لأهل مكة.

(فِي مَساكِنِهِمْ) أي مساكن المهلكين ، أي يمرون على ديارهم.

٢٧ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ) :

(الْجُرُزِ) لا نبات فيها.

(مِنْهُ) من الزرع.

(أَنْعامُهُمْ) من عصفه.

(وَأَنْفُسُهُمْ) من حبه.

٢٨ ـ (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) :

(الْفَتْحُ) النصر ، أو الفصل بالحكومة.

(صادِقِينَ) فى أنه كائن.

٢٩ ـ (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) :

٥٣٨

(يَوْمَ الْفَتْحِ) يوم القيامة ، وهو يوم الفصل بين المؤمنين وأعدائهم ، ويوم ينصرهم عليهم.

(يُنْظَرُونَ) يمهلون.

٣٠ ـ (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) :

(وَانْتَظِرْ) النصرة عليهم وهلاكهم.

(إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) الغلبة عليكم وهلاككم.

٥٣٩

(٣٣)

سورة الأحزاب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) :

(اتَّقِ اللهَ) فى نبذ الموادعة ، فقد روى أن أبا سفيان بن حرب وجماعة معه قدموا عليه فى الموادعة التي كانت بينه وبينهم ، وقالوا للنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تعب آلهتنا ونحن ندعك وربك. فشق ذلك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى المؤمنين وهموا بقتلهم. فنزلت هذه الآية.

(عَلِيماً) بالصواب من الخطأ.

(حَكِيماً) لا يفعل شيئا ولا يأمر به الا بداعي الحكمة.

٢ ـ (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) :

(وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) فى ترك طاعة الكافرين والمنافقين ومن إليهم.

(إِنَّ اللهَ) الذي يوحى إليك.

(كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) خبير بما تعملون ، نوح إليك ما يصلح به أعمالكم.

٣ ـ (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) :

(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) وأسند أمرك اليه وكله الى تدبيره.

(وَكِيلاً) حافظا موكولا اليه كل أمر.

٤ ـ (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) :

(مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) أي ما جمع الله قلبين فى جوف.

٥٤٠