الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٥٩

(الْمَصِيرُ) المرجع.

٤٣ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) :

(أَلَمْ تَرَ) ألم تعلم.

(يُزْجِي سَحاباً) يسوقه الى حيث يشاء.

(ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) ثم يجمعه عند انتشائه ليقوى ويتصل ويكثف.

(ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً) أي مجتمعا ركب بعضه بعضا.

(فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) أي البرق. وقيل : المطر.

(مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ) أي ينزل من جبال البرد بردا ، فالمفعول محذوف.

وقيل : من ، فى قوله (مِنْ جِبالٍ) و (مِنْ بَرَدٍ) زائدة ، والجبال والبرد فى موضع نصب ، أي ينزل من السماء بردا يكون كالجبال.

(فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ) إصابته نقمة ، وصرفه نعمة.

(يَكادُ سَنا بَرْقِهِ) أي ضوء ذلك البرق الذي فى السحاب.

(يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) من شدة بريقه وضوئه.

٤٤ ـ (يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ) :

(يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) يأتى بأحدهما بعد الآخر. وقيل : تقليبهما : نقصهما وزيادتهما.

(إِنَّ فِي ذلِكَ) أي فى الذي ذكرنا من تقلب الليل والنهار ، وأحوال المطر.

(لَعِبْرَةً) أي اعتبارا.

٤٠١

(لِأُولِي الْأَبْصارِ) أي لأهل البصائر من خلقى.

٤٥ ـ (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) :

(مِنْ ماءٍ) أي من نطفة.

(عَلى بَطْنِهِ) للزواحف.

(عَلى رِجْلَيْنِ) للإنسان والطير.

(عَلى أَرْبَعٍ) لسائر الحيوان.

(يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ) مما يريد خلقه.

٤٦ ـ (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) :

(لَقَدْ أَنْزَلْنا) بالوحى.

(آياتٍ مُبَيِّناتٍ) تبين الأحكام وتضرب الأمثال.

٤٧ ـ (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) :

(وَيَقُولُونَ) يعنى المنافقين.

(ثُمَّ يَتَوَلَّى) ينأى ويعرض.

(وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) إشارة الى الفريق المتولى. وقد يكون إشارة الى القائلين آمنا وأطعنا ويكون إعلاما من الله بأن جميعهم منتف عنهم الإيمان ، لا الفريق المتولى وحده.

٤٨ ـ (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) :

أي إذا طلبوا الى التحاكم أمام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمقتضى ما أنزل الله رفضوا التحاكم لعلمهم أنهم المدينون.

٤٠٢

٤٩ ـ (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) :

(مُذْعِنِينَ) خاضعين مستسلمين.

٥٠ ـ (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) :

(أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي منافقون ليسوا على إيمان صحيح.

(أَمِ ارْتابُوا) أم هم فى شك من نبوته.

(أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ) أن يميل فى قضائه.

(بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لأنفسهم ولغيرهم بسبب كفرهم ونفاقهم وعدولهم عن الحق.

٥١ ـ (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) :

(أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) أي يذعنوا ويطيعوا.

(وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أهل فلاح فى دنياهم وأخراهم.

٥٢ ـ (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) :

(وَيَخْشَ اللهَ) ويخاف الله فيما يعمل.

(وَيَتَّقْهِ) يحذر عقابه.

(هُمُ الْفائِزُونَ) برضا الله ومحبته.

٥٣ ـ (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) :

(جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) أي بالغوا فى الأيمان والحلف.

(طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) خبر مبتدأ أي أمركم والذي يطلب منكم طاعة معروفة ، أو مبتدأ محذوف الخبر أي طاعتكم طاعة معروفة.

٤٠٣

٥٤ ـ (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) :

(فَإِنْ تَوَلَّوْا) عن الدعوة.

(فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ) من أمر التبليغ وليس مكلفا بهدايتهم.

(وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) أي ما حملكم الله من التكليف.

(وَإِنْ تُطِيعُوهُ) أي الرسول فيما يأمركم به من الدين.

(وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) أي سوى التبليغ الواضح.

٥٥ ـ (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) :

(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) الخطاب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولمن معه.

(لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) أن يورثهم الأرض ويجعلهم فيها خلفاء.

(كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من بنى إسرائيل.

(وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ) دين الإسلام. وتمكينه : تثبيته وتوطيده.

(وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) وأن يؤمن سربهم ويزيل عنهم الخوف الذي كانوا عليه ، وذلك أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه مكثوا بمكة عشر سنين خائفين ، ولما هاجروا كانوا فى المدينة يصبحون فى السلاح ويمسون فيه.

(وَمَنْ كَفَرَ) يريد كفران النعمة.

(فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) الذين غمطوا تلك النعمة حقها وخرجوا عن المألوف المعهود.

٤٠٤

٥٦ ـ (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) :

(وَأَقِيمُوا) معطوف على قوله (أَطِيعُوا).

٥٧ ـ (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) :

(لا تَحْسَبَنَ) الخطاب للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) أي يعجزون الله فى الأرض.

(وَمَأْواهُمُ النَّارُ) أي ومستقرهم الذي ينتهون اليه النار.

(وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي وبئس النار مرجعا.

٥٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) :

(الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) العبيد والإماء.

(وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ) والأطفال الذين لم يحتلموا من الأحرار.

(ثَلاثَ مَرَّاتٍ) فى اليوم والليلة.

(مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ) لأنه وقت القيام من المضاجع وطرح ما ينام فيه من الثياب ولبس ثياب اليقظة.

(وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ) أي وضع الثياب وطرحها للقائلة.

(وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم.

٤٠٥

(ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ) سمى كل واحدة من هذه الأحوال عورة لأن الناس يختل تسترهم وتحفظهم فيها. والعورة : الخلل.

(جُناحٌ) حرج.

(بَعْدَهُنَ) بعد هذه الثلاث.

(طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) أي إن بكم وبهم حاجة الى المحافظة والمداخلة ، يطوفون عليكم للخدمة ، وتطوفون عليهم للاستخدام.

٥٩ ـ (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) :

(مِنْكُمُ) من الأحرار دون المماليك.

(الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الذين بلغوا الحلم ، وهم الرجال ، أو الذين ذكروا من قبلهم فى قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا).

٦٠ ـ (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) :

(وَالْقَواعِدُ) اللاتي قعدن عن الحيض والولد لكبرهن.

(لا يَرْجُونَ نِكاحاً) لا يطمعن فيه.

(فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ) حرج أو إثم.

(أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَ) الظاهرة كالملحفة والجلباب الذي فوق الخمار.

(غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) غير مظهرات زينة.

(وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ) من وضع الثياب.

٦١ ـ (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ

٤٠٦

أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) :

(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) فى القعود عن الغزو.

(وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ) ولا عليكم أن تأكلوا من البيوت المذكورة.

(أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) يعنى أموال الرجل إذا كان له عليها قيم ووكيل يحفظها له.

(أَوْ صَدِيقِكُمْ) أي : أو بيوت أصدقائكم. والصديق يكون واحدا وجمعا.

(جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) مجتمعين أو متفرقين.

(فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً) من هذه البيوت لتأكلوا.

(فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) أي فابدءوا بالسلام على أهلها الذين هم منكم دينا وقرابة.

(تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي ثابتة بأمره مشروعة من لدنه.

(مُبارَكَةً طَيِّبَةً) وصفها بالبركة والطيب لأنها دعوة مؤمن لمؤمن يرجى بها من الله زيادة الخير وطيب الرزق.

٦٢ ـ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) :

(عَلى أَمْرٍ جامِعٍ) الذي يجمع له الناس ، فوصف الأمر بالجمع على سبيل المجاز.

٤٠٧

(لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) ويأذن لهم.

فجعل ترك ذهابهم حتى يستأذنوه ثالث الإيمان بالله والإيمان برسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٦٣ ـ (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) :

(لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) لا تقيسوا دعاءه إياكم على دعاء بعضكم بعضا. أو لا تجعلوا تسميته ونداءه بينكم كما يسمى بعضكم بعضا ويناديه باسمه الذي سماه به أبواه ، ولا تقولوا : يا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولكن : يا نبى الله ، ويا رسول الله.

(لِواذاً) ملاوذين ، فلقد كان بعضهم يلوذ بالرجل إذا استأذن فيأذن له فينطلق الذي لم يؤذن له معه.

(الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) الذين يصدون عن أمره ، دون المؤمنين ، وهم المنافقون ، فحذف المفعول ، لأن الغرض ذكر المخالف والمخالف عنه.

والضمير فى (أَمْرِهِ) لله سبحانه ، أو للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعنى عن طاعته ودينه.

(فِتْنَةٌ) محنة فى الدنيا.

(أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) فى الآخرة.

٦٤ ـ (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) :

(قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) قد ، لتأكيد علمه بما هم عليه من المخالفة عن الدين والنفاق ، ويجوز أن يكون (ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) عاما.

٤٠٨

(٢٥)

سورة الفرقان

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) :

(تَبارَكَ الَّذِي) تزايد عن كل شىء وتعالى عنه فى صفاته وأفعاله ، أو تزايد خيره وتكاثر.

(نَزَّلَ الْفُرْقانَ) القرآن ، وسمى فرقانا لفصله بين الحق والباطل ، أو لأنه لم ينزل جملة واحدة ولكن مفروقا مفصولا بين بعضه وبعض فى الإنزال.

(لِيَكُونَ) الضمير للفرقان.

(نَذِيراً) منذرا ومخوفا.

٢ ـ (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) :

(الَّذِي لَهُ) رفع على الابدال من (الَّذِي نَزَّلَ) أو على المدح ، أو نصب على المدح.

(فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) أي : وقدر كل شىء فقدره. والمعنى : أنه أحدث كل شىء إحداثا راعى فيه التقدير والتسوية ، فقدره وهيأه لما يصلح له.

٣ ـ (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً) :

(وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ) أي : لا يستطيعون لأنفسهم.

(ضَرًّا) دفع ضرر عنها.

(وَلا نَفْعاً) ولا جلب نفع لها.

(وَلا نُشُوراً) ولا بعثا.

٤٠٩

٤ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً) :

(إِنْ هَذا) ما هذا ، يعنون القرآن.

(إِفْكٌ) باطل وكذب.

(افْتَراهُ) اختلقه.

(وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ) يعنون اليهود.

(جاؤُ ظُلْماً) أي بظلم ، وظلمهم أن جعلوا العربي يتلقن من العجمي الرومي كلاما عربيا أعجز بفصاحته جميع فصحاء العرب.

(وَزُوراً) أي بهتوه بنسبة ما هو برىء منه اليه.

٥ ـ (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) :

(أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) ما سطره المتقدمون.

(اكْتَتَبَها) أي أراد اكتتابها ، أو كتبت له.

(فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ) أي تلقى عليه وتقرأ.

(بُكْرَةً وَأَصِيلاً) دائما.

٦ ـ (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) :

(الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ) أي يعلم كل سر خفى فى السموات والأرض ، ومن جملته ما تسرونه من الكيد لرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٧ ـ (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) :

(ما لِهذَا الرَّسُولِ) كأنهم قالوا : ما لهذا الزاعم أنه رسول.

(يَأْكُلُ الطَّعامَ) كما نأكل.

(وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) ويتردد فى الأسواق لطلب المعاش كما نتردد.

(لَوْ لا أُنْزِلَ) هلا أنزل.

٤١٠

(فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) يساعده على الإنذار.

٨ ـ (أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) :

(كَنْزٌ) من السماء.

(مَسْحُوراً) سحر تغلب على عقله. أو ذا سحر.

٩ ـ (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) :

(ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) أي قالوا فيك تلك الأقوال واخترعوا لك تلك الصفات.

(فَضَلُّوا) فجانبوا القصد والحق.

(فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) فعميت عليهم السبل ولا يجدون لهم مما ورطوا أنفسهم فيه مخرجا.

١٠ ـ (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) :

(تَبارَكَ الَّذِي) تكاثر خيره.

(جَعَلَ لَكَ) فى الدنيا.

(خَيْراً مِنْ ذلِكَ) مما قالوا.

١١ ـ (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً) :

(بَلْ كَذَّبُوا) عطف على ما حكى عنهم. أي : بل أتوا بأعجب من ذلك كله وهو تكذيبهم بالساعة.

(وَأَعْتَدْنا) أي أعددنا.

(سَعِيراً) نارا حامية.

١٢ ـ (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) :

(إِذا رَأَتْهُمْ) أي إذا كانت منهم بمرأى الناظر فى البعد.

٤١١

(سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً) سمعوا صوت غليانها.

(وَزَفِيراً) أي صوت تأججها وما ينبعث عنها من نفثات.

١٣ ـ (وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) :

(وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً) أي ألقاهم فى مكان ضيق يتراصون فيه تراصا.

(مُقَرَّنِينَ) مسلسلين فى السلاسل ، قد قرنت أيديهم الى أعناقهم فى الجوامع.

(دَعَوْا) جأروا وصرخوا.

(هُنالِكَ) فى جهنم.

(ثُبُوراً) قائلين : وا ثبوراه. والثبور : الهلاك.

١٤ ـ (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً) :

(لا تَدْعُوا) يقال لهم ذلك.

(وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً) أي إنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم فيه واحدا ، إنما هو ثبور كثير ، لأن العذاب أنواع وألوان ، كل نوع منها ثبور لشدته وفظاعته.

١٥ ـ (قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً) :

(الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) أي التي وعدها المتقون.

(كانَتْ) لأن ما وعده الله وحده فهو فى تحققه كأنه قد كان.

(جَزاءً) ثوابا.

(وَمَصِيراً) يصيرون اليه.

١٦ ـ (لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً) :

(ما يَشاؤُنَ) من النعيم.

٤١٢

(وَعْداً مَسْؤُلاً) واجبا لك فتسأله.

١٧ ـ (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ) :

(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) يجمعهم فى يوم الحشر.

(أَأَنْتُمْ) الخطاب لما عبدوه من دون الله.

١٨ ـ (قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً) :

(قالُوا) الضمير لما كانوا يعبدون من دون الله.

(سُبْحانَكَ) تعجب منهم ، أي تنزهت وتقدست.

(مِنْ أَوْلِياءَ) نصراء.

أي ما كان يحق لنا أبدا أن نطلب من دونك وليا ينصرنا ويتولى أمرنا ، فكيف مع هذا ندعو أحدا أن يعبدنا دونك.

(بُوراً) مستحقين للهلاك.

١٩ ـ (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً) :

(فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ) الخطاب لمن اتخذوا آلهة من دون الله ، يعنى لقد كذبتكم الآلهة التي عبدتموها فيما زعمتم من اضلالهم إياكم.

(صَرْفاً) للعذاب عنكم.

(وَلا نَصْراً) من أحد يخلصكم.

(وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ) أي ولتعلموا معشر الناس أن من يجور عن الحق والايمان ويكفر.

(نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً) فإنا نعذبه عذابا شديدا.

٢٠ ـ (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) :

٤١٣

(فِتْنَةً) أي يبتلى بعضكم ببعض.

(أَتَصْبِرُونَ) الخطاب للمؤمنين ، أي اصبروا على ما تمتحنون به.

(وَكانَ رَبُّكَ) الخطاب لرسوله.

(بَصِيراً) مطلع على كل شىء ومجاز كلا بما قدم.

٢١ ـ (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً) :

(لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) ينكرون البعث.

(لَوْ لا) هلا.

(أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ) فيخبروا أن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صادقا.

(أَوْ نَرى رَبَّنا) فيخبرنا برسالته.

(لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا) بلغ بهم الكبر مبلغه.

(وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً) جاوزوا الحد فى الطغيان.

٢٢ ـ (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) :

(يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ) يعنى يوم القيامة.

(لا بُشْرى) فليس ثمة بشارة ولكن ثمة ما يسوؤهم.

(يَوْمَئِذٍ) يوم القيامة.

(لِلْمُجْرِمِينَ) لمن أثموا وكفروا.

(وَيَقُولُونَ) أي الملائكة.

(حِجْراً مَحْجُوراً) أي حراما محرما أن يدخل الجنة الا من كان مؤمنا بالله وبرسوله.

٢٣ ـ (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) :

(وَقَدِمْنا) أي وقصدنا.

٤١٤

(إِلى ما عَمِلُوا) الضمير لهؤلاء المجرمين.

(مِنْ عَمَلٍ) يحسبون أنه بر.

(هَباءً مَنْثُوراً) لا نفع به. والهباء المنثور : ما يخرج من الكوة فى ضوء الشمس شبيه بالغبار.

٢٤ ـ (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) :

(مَقِيلاً) منزلا ومأوى.

٢٥ ـ (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) :

(بِالْغَمامِ) عن الغمام.

(وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) من السماء الى الأرض لحساب الثقلين.

٢٦ ـ (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً) :

(عَسِيراً) صعبا عصيبا.

٢٧ ـ (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) :

(يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) أسفا وتحسرا.

(اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ) كنت معه على طريقه وما يدعو اليه ولم أخالفه.

٢٨ ـ (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) :

(يا وَيْلَتى) دعاء بالويل والثبور على نفسه.

(فُلاناً) أي من أضله.

٢٩ ـ (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً) :

(لَقَدْ أَضَلَّنِي) صرفنى وأبعدنى.

(عَنِ الذِّكْرِ) أي عما جاء به الرسول.

٤١٥

(خَذُولاً) خاذلا له ومسلمه الى التهلكة.

٣٠ ـ (وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) :

(مَهْجُوراً) أي قالوا فيه غير الحق من أنه سحر وشعر ، أو متروكا.

٣١ ـ (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً) :

(مِنَ الْمُجْرِمِينَ) المكذبين الجاحدين.

(وَكَفى بِرَبِّكَ) وحسبك ربك.

(هادِياً) يثبت أقدامك على طريق الهدى.

(وَنَصِيراً) ينصرك بنصرة دينك.

٣٢ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) :

(لَوْ لا) هلا.

(نُزِّلَ) أنزل.

(جُمْلَةً واحِدَةً) دفعة واحدة فى وقت واحد.

(كَذلِكَ) جواب لهم ، أي كذلك أنزل مفرقا.

(لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ) لنقوى بتفريقه فؤادك حتى تعيه وتحفظه.

(وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) قدرناه آية بعد آية ودفعة عقيب دفعة.

٣٣ ـ (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) :

(وَلا يَأْتُونَكَ) ولا يجيئونك.

(بِمَثَلٍ) بسؤال عجيب من سؤالاتهم الباطلة ، كأنه مثل فى البطلان.

(إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِ) بالجواب الحق الذي لا محيد عنه.

(وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) وبما هو أحسن معنى ، ومؤدى من سؤالهم ، ولما كان التفسير هو التكشيف عما يدل عليه الكلام وضع موضع معناه.

٤١٦

٣٤ ـ (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً) :

(الَّذِينَ يُحْشَرُونَ) يجمعون ويحشدون.

(عَلى وُجُوهِهِمْ) مسحوبين على وجوههم.

(شَرٌّ مَكاناً) شر منزلة ، لأنهم فى جهنم.

(وَأَضَلُّ سَبِيلاً) طريقا ، لأنهم على الكفر.

٣٥ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) :

(الْكِتابَ) التوراة.

(وَزِيراً) يؤازره.

٣٦ ـ (فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) :

(إِلَى الْقَوْمِ) يعنى فرعون وآله.

(الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) جحدوا وكفروا بما حملت إليهم من آياتنا.

(فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) أهلكناهم غرقا.

٣٧ ـ (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً) :

(كَذَّبُوا الرُّسُلَ) نوحا ومن قبله من الرسل.

(أَغْرَقْناهُمْ) بالطوفان.

(لِلنَّاسِ) من بعدهم.

(آيَةً) عبرة وعظة.

(وَأَعْتَدْنا) وأعددنا.

٣٨ ـ (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً) :

(وَأَصْحابَ الرَّسِ) كانوا قوما من عبدة الأصنام أصحاب آبار

٤١٧

ومواش فبعث الله إليهم شعيبا فدعاهم الى الإسلام ، فتمادوا فى طغيانهم وإيذائه ، فبينما هم حول الرس ، وهو البئر غير المطوية ، انهارت بهم فخسف بهم وبديارهم.

وقيل : الرس : قرية بفلج اليمامة قتلوا نبيهم فهلكوا ، وهم بقية ثمود قوم صالح.

(بَيْنَ ذلِكَ) المذكور.

٣٩ ـ (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) :

(ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ) بينا له القصص العجيبة من قصص الأولين ، ووصفنا لهم ما نالهم من تكذيب الأنبياء وما جرى عليهم من عذاب الله وتدبيره.

(وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) أهلكناهم بالعذاب. والتتبير : التفتيت والتكسير.

٤٠ ـ (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً) :

(عَلَى الْقَرْيَةِ) هى سدوم ، من قرى قوم لوط.

(مَطَرَ السَّوْءِ) الحجارة التي أمطروا بها.

(أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها) يعنى قريشا ، فلقد كانوا يمرون بها كثيرا فى تجارتهم الى الشام.

(بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً) بل كانوا قوما كفرة بالبعث لا يتوقعون أن ينشروا من قبورهم ، فوضع الرجاء موضع التوقع.

٤١ ـ (وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) :

(إِنْ) نافية.

(يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) يستهزءون بك.

(أَهذَا) استصغار لشأنه.

٤١٨

٤٢ ـ (إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً) :

(إِنْ) مخففة من الثقيلة.

(كادَ لَيُضِلُّنا) أي شارفوا أن يتركوا دينهم.

(لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها) أي لو لا استمساكنا بعبادتها.

(وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) وعيد.

(مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً) كالجواب عن قولهم (إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا) أي من أضل دينا ، أهم أم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟

٤٣ ـ (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) :

(مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) من كان فى طاعة الهوى فى دينه يتبعه فى كل ما يأتى ويذر لا يتبصر فهو عابد هواه وجاعله إلهه.

(أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) أتتوكل عليه وتجبره على الإسلام.

٤٤ ـ (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) :

(أَمْ تَحْسَبُ) أم ، منقطعة ، أي بل أتحسب.

(كَالْأَنْعامِ) لا إرادة لهم ولا رأى رائد ينقذهم من التخبط.

(بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) بل أضل من الأنعام فى الاهتداء الى الطريق.

٤٥ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) :

(أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ) ألم تنظر الى صنع ربك وقدرته.

(كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) كيف جعله يمتد وينبسط فتنتفع به الناس.

(وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً) أي لاصقا بأصل كل مظل لا ينبسط.

(ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) أي ان الناس يستدلون بالشمس وبأحوالها فى مسيرها على أحوال الظل.

٤١٩

٤٦ ـ (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) :

(ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا) أي ينسخه بضح الشمس.

(يَسِيراً) على مهل.

٤٧ ـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) :

(لِباساً) شبه ما يستر من ظلال الليل باللباس الساتر.

(سُباتاً) راحة لأبدانكم.

(نُشُوراً) من الانتشار للمعاش.

٤٨ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) :

(بُشْراً) تبشيرا.

(بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي قدام المطر الذي هو رحمة للناس.

(طَهُوراً) بليغا فى طهارته.

٤٩ ـ (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً) :

(مَيْتاً) على التذكير ، لأن البلدة فى معنى البلد.

(وَأَناسِيَّ كَثِيراً) أي بشرا كثيرا.

٥٠ ـ (وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) :

(وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ) أي ولقد بينا هذا القول ـ وهو ذكر إنشاء السحاب وإنزال المطر ـ بين الناس فى القرآن وفى سائر الكتب والصحف التي أنزلت على الرسل عليهم‌السلام.

(لِيَذَّكَّرُوا) ليفكروا ويعتبروا ويعرفوا حق النعمة فيه ويشكروا.

(فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) أي فأبى أكثرهم الا كفران النعمة وجحودها.

٥١ ـ (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً) :

يقول للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ولو شئنا لخففنا عنك أعباء نذارة جميع القرى وبعثنا فى كل قرية نبيا ينذرها.

٤٢٠